قيادة السيارة...فن و ذوق و أخلاق.
.......
من دلائل التغيير لمرحلة ما بعد نيسان 2003 في العراق،تدفق أعداد هائلة من السيارات الحديثة التي كان يفتقد لها المواطن العادي،الى الشوارع،حيث كانت حكرا على المسؤولين السياسيين و المقربين منهم،لهذا تزايدت أعداد السيارات السريعة،مع مرور الوقت،في حين بقيت سعة الشوارع كما هي،في معظم المدن و القرى العراقية التي غزتها السيارات الجديدة،تبعا للقدرات المالية، إضافة الى التسهيلات التي توافرات في مجال الاقتناء،مرورا بغياب الضريبة،و كثرة المناشئ،و ما الى ذلك من عوامل ساعدت على كثرة السيارات،حتى بلغ الزحام مبلغا لم يصل إليه في السابق.
يتزامن مع هذه الاعداد المتزايدة تناقص في الضوابط المرورية،منها مثلا عدم محاسبة السائقين على إجازة السوق أو رخصة السياقة،حيث من المتعارف في كل بلدان العالم،أن إجازة السوق من أهم الضوابط التي تمنع او تسمح بقيادة السيارة،و لكن نظرا للظروف التي مر بها العراقيون،تم غض الطرف عن شرط حيازة اجازة السوق،مما سمح للجميع بقيادة السيارة،بغض النظر عن القدرة على السياقة الصحيحة،أو شرط العمر و ما شابه.
هذه العوامل مجتمعة و غيرها،أفرزت ظواهر غريبة في الشارع العراقي،خاصة ما يتعلق بقيادة السيارة و الضوابط التي تحكم هذا الفعل،فقد سمعنا كثيرا بالقول أو الحكمة التي تؤكد على أن (السياقة فن و ذوق و أخلاق) فإذا لم تجتمع هذه العناصر الثلاثة في شخصية السائق،فإنه سوف يربك السير،و سوف يشكل خطرا على نفسه و على غيره في الوقت نفسه،و غالبا ما تكون الاسباب عدم إتقان السياقة لاسباب منها صغر السن،فنلاحظ شبابا أو حتى مراهقين في أعمار صغيرة يقودون سيارات حديثة بالغة السرعة،و طالما أن الشاب أو المراهق لم يحصل على اجازة سوق تؤكد اجتيازه شروط القيادة السليمة،فإن مثل هذا الشاب يشكل خطرا وشيكا و قائما على الجميع و في أية لحظة،بمعنى يمكن وصف السيارة التي تُساق من قبل شاب أو مراهق أو حتى رجل كبير متزن،و لكنه لا يملك اجازة السوق و لا يتقن فن السياقة فإن مثل هذه السيارة لا تقل خطرا عن القنبلة الموقوتة، إذ يمكن أن تتسبب في حوادث دهس و اصطدام في أية لحظة.
و لا يتوقف الامر عند اجازة السوق وحدها،حيث تمثل الجانب القانوني لشروط قيادة السيارة،إذ هناك جوانب مهمة اخرى ينبغي أن تتوافر في شخصية السائق،حيث أكدت دراسات متخصصة على أن طريقة قيادة السيارة يمكن لها أن تكشف لنا طبيعة شخصية سائقها،أي أنك يمكن ان تعرف مواصفات شخصية الانسان من طريقة قيادته للسيارة،هذا الامر يرتبط في جانب منه بالجانب الاخلاقي،فالاخلاق تعد من عناصر القيادة السليمة للسيارة او الحافلة او سواها،و من يتصف بالاخلاق سوف يراعي الآخرين أثناء قيادته و يحاول بأقصى ما يتمكن أن يجنبهم الاذى،كالدهس و الاصطدام مثلا،و من تنعدم لديه الاخلاق،فإنه لا يتورع عن إلحاق الاذى بالآخرين،و لا يتوقف الامر عند الاذى المادي او الجسدي،بل يتعداه الى الاذى النفسي،كالشتيمة أو السب أو التلفظ بألفاظ بذيئة لا تليق بالانسان بغض النظر عن عمره او مكانته،هذا الجانب يمكن للسائق أن يتحصن ضده بأخلاقه الرصينة،المبنية على احترام الآخر،و عدم التجاوز على شخصه معنويا،او التجاوز على سيارته بالاحتكاك و التصادم و ما شابه.
الفن له دور في قيادة السيارة ايضا،فهناك من يقود سيارته و هو يعرف و يؤمن بأن الشارع ليس ملكه وحده،إنما يتشارك مع الآخرين في استخدام الشارع،لذا لابد أن يتحلى بفن السياقة الصحيح،لا أن يقود سيارته في الشوارع و كأنه في ساحة سباق،هذه العجالة غير المبررة و التزاحم و التسابق،تعطي طابعا مؤسفا عن شخصية السائق،و تؤكد أنه لا يتصف بالفن،ناهيك عن افتقاره للجانب الاخلاقي.
و يأتي الذوق السليم ليصب في صالح السائق المتزن،الذي يراعي شروط السياقة،فيمنح الآخرين حقوقهم المعروفة،من خلال ذوقه الرائع و السليم في استخدام السيارة،و الشارع بما لا يشكل خطرا او تجاوزا على الآخرين.
من الملاحظ أن استخدام الشوارع في المدن العراقية يعطي للمراقب انطباعا بعدم توافر عناصر السياقة الثلاثة لدى البعض و هي (الفن،الذوق،الاخلاق) فإذا حضرت الاخلاق و غاب الذوق،سيُساء إستخدام الشارع،و اذا حضر الذوق،و غاب الفن يحدث الشيء نفسه،و اذا حضر الفن و غابت الاخلاق،ستكون قيادة السيارة عبءا على الآخرين،المطلوب من الجميع أن يتحلوا بهذه العناصر الثلاثة،خاصة في المناسبات التي تزدحم فيها الشوارع كالاعياد و الزيارات و ما شابه.
و طالما أننا لا نستطيع الاستغناء عن السيارة،و لا نملك القدرة السريعة و الفورية على توسيع الشوارع بما يوازي كثرة السيارات،فإننا لابد أن نستعين بوسائل و سبل أخرى،و من أهمها في الوقت الراهن مراعاة الآخرين أثناء قيادة السيارة،و التذكّر دائما،بأن الاخلاق سيدة الانسان، و أن الفن و الذوق دليل وعي الانسان،و أن مراعاة الآخرين إستجابة للفطرة الانسانية السليمة،التي تحثنا نحو الخير و عدم إيذاء الآخرين مهما كانت المبررات و الاسباب.
........
شبكة النبأ المعلوماتية-13/تشرين الثاني/2011
.......
من دلائل التغيير لمرحلة ما بعد نيسان 2003 في العراق،تدفق أعداد هائلة من السيارات الحديثة التي كان يفتقد لها المواطن العادي،الى الشوارع،حيث كانت حكرا على المسؤولين السياسيين و المقربين منهم،لهذا تزايدت أعداد السيارات السريعة،مع مرور الوقت،في حين بقيت سعة الشوارع كما هي،في معظم المدن و القرى العراقية التي غزتها السيارات الجديدة،تبعا للقدرات المالية، إضافة الى التسهيلات التي توافرات في مجال الاقتناء،مرورا بغياب الضريبة،و كثرة المناشئ،و ما الى ذلك من عوامل ساعدت على كثرة السيارات،حتى بلغ الزحام مبلغا لم يصل إليه في السابق.
يتزامن مع هذه الاعداد المتزايدة تناقص في الضوابط المرورية،منها مثلا عدم محاسبة السائقين على إجازة السوق أو رخصة السياقة،حيث من المتعارف في كل بلدان العالم،أن إجازة السوق من أهم الضوابط التي تمنع او تسمح بقيادة السيارة،و لكن نظرا للظروف التي مر بها العراقيون،تم غض الطرف عن شرط حيازة اجازة السوق،مما سمح للجميع بقيادة السيارة،بغض النظر عن القدرة على السياقة الصحيحة،أو شرط العمر و ما شابه.
هذه العوامل مجتمعة و غيرها،أفرزت ظواهر غريبة في الشارع العراقي،خاصة ما يتعلق بقيادة السيارة و الضوابط التي تحكم هذا الفعل،فقد سمعنا كثيرا بالقول أو الحكمة التي تؤكد على أن (السياقة فن و ذوق و أخلاق) فإذا لم تجتمع هذه العناصر الثلاثة في شخصية السائق،فإنه سوف يربك السير،و سوف يشكل خطرا على نفسه و على غيره في الوقت نفسه،و غالبا ما تكون الاسباب عدم إتقان السياقة لاسباب منها صغر السن،فنلاحظ شبابا أو حتى مراهقين في أعمار صغيرة يقودون سيارات حديثة بالغة السرعة،و طالما أن الشاب أو المراهق لم يحصل على اجازة سوق تؤكد اجتيازه شروط القيادة السليمة،فإن مثل هذا الشاب يشكل خطرا وشيكا و قائما على الجميع و في أية لحظة،بمعنى يمكن وصف السيارة التي تُساق من قبل شاب أو مراهق أو حتى رجل كبير متزن،و لكنه لا يملك اجازة السوق و لا يتقن فن السياقة فإن مثل هذه السيارة لا تقل خطرا عن القنبلة الموقوتة، إذ يمكن أن تتسبب في حوادث دهس و اصطدام في أية لحظة.
و لا يتوقف الامر عند اجازة السوق وحدها،حيث تمثل الجانب القانوني لشروط قيادة السيارة،إذ هناك جوانب مهمة اخرى ينبغي أن تتوافر في شخصية السائق،حيث أكدت دراسات متخصصة على أن طريقة قيادة السيارة يمكن لها أن تكشف لنا طبيعة شخصية سائقها،أي أنك يمكن ان تعرف مواصفات شخصية الانسان من طريقة قيادته للسيارة،هذا الامر يرتبط في جانب منه بالجانب الاخلاقي،فالاخلاق تعد من عناصر القيادة السليمة للسيارة او الحافلة او سواها،و من يتصف بالاخلاق سوف يراعي الآخرين أثناء قيادته و يحاول بأقصى ما يتمكن أن يجنبهم الاذى،كالدهس و الاصطدام مثلا،و من تنعدم لديه الاخلاق،فإنه لا يتورع عن إلحاق الاذى بالآخرين،و لا يتوقف الامر عند الاذى المادي او الجسدي،بل يتعداه الى الاذى النفسي،كالشتيمة أو السب أو التلفظ بألفاظ بذيئة لا تليق بالانسان بغض النظر عن عمره او مكانته،هذا الجانب يمكن للسائق أن يتحصن ضده بأخلاقه الرصينة،المبنية على احترام الآخر،و عدم التجاوز على شخصه معنويا،او التجاوز على سيارته بالاحتكاك و التصادم و ما شابه.
الفن له دور في قيادة السيارة ايضا،فهناك من يقود سيارته و هو يعرف و يؤمن بأن الشارع ليس ملكه وحده،إنما يتشارك مع الآخرين في استخدام الشارع،لذا لابد أن يتحلى بفن السياقة الصحيح،لا أن يقود سيارته في الشوارع و كأنه في ساحة سباق،هذه العجالة غير المبررة و التزاحم و التسابق،تعطي طابعا مؤسفا عن شخصية السائق،و تؤكد أنه لا يتصف بالفن،ناهيك عن افتقاره للجانب الاخلاقي.
و يأتي الذوق السليم ليصب في صالح السائق المتزن،الذي يراعي شروط السياقة،فيمنح الآخرين حقوقهم المعروفة،من خلال ذوقه الرائع و السليم في استخدام السيارة،و الشارع بما لا يشكل خطرا او تجاوزا على الآخرين.
من الملاحظ أن استخدام الشوارع في المدن العراقية يعطي للمراقب انطباعا بعدم توافر عناصر السياقة الثلاثة لدى البعض و هي (الفن،الذوق،الاخلاق) فإذا حضرت الاخلاق و غاب الذوق،سيُساء إستخدام الشارع،و اذا حضر الذوق،و غاب الفن يحدث الشيء نفسه،و اذا حضر الفن و غابت الاخلاق،ستكون قيادة السيارة عبءا على الآخرين،المطلوب من الجميع أن يتحلوا بهذه العناصر الثلاثة،خاصة في المناسبات التي تزدحم فيها الشوارع كالاعياد و الزيارات و ما شابه.
و طالما أننا لا نستطيع الاستغناء عن السيارة،و لا نملك القدرة السريعة و الفورية على توسيع الشوارع بما يوازي كثرة السيارات،فإننا لابد أن نستعين بوسائل و سبل أخرى،و من أهمها في الوقت الراهن مراعاة الآخرين أثناء قيادة السيارة،و التذكّر دائما،بأن الاخلاق سيدة الانسان، و أن الفن و الذوق دليل وعي الانسان،و أن مراعاة الآخرين إستجابة للفطرة الانسانية السليمة،التي تحثنا نحو الخير و عدم إيذاء الآخرين مهما كانت المبررات و الاسباب.
........
شبكة النبأ المعلوماتية-13/تشرين الثاني/2011