واتس آب...كاسر الأرقام في جعبة فيس بوك
.......
الصفقة الضخمة و الخيالية التي أبرمتها شركة "فيسبوك" للاستحواذ على تطبيق "واتس آب" للتراسل الفوري لقاء مبلغ 19 مليار دولار مقسمة ما بين أسهم ونقد، لا تزال محط اهتمام الكثير من المستخدمين ووسائل الإعلام وقد تتفاوت الآراء حول الأسباب والدوافع الحقيقة التي دعت فيسبوك للقيام بهذه الخطوة الغريبة التي اعتبرها البعض خطة جديدة من خطط الحرب التنافس القائمة بين الشركات العملاقة المتخصصة في مجال التكنولوجيا والمعلومات، والتي تهدف الى إقصاء الخصوم والسيطرة على الأسواق العالمية من خلال توسيع عملها وشراء المزيد من الشركات الأخرى واستقطاب المزيد من الزبائن.
من جهة أخرى فقد اعتبر بعض الخبراء ان خطوة فيسبوك الأخيرة ربما مجازفة خصوصا وأنها قد دفعت مبلغ ضخم للاستحواذ على شركة ناشئة، هذا بالإضافة الى ان الكثير من مستخدمي التطبيق قد أعربوا عن قلقهم ومخاوفهم على سرية بياناتهم والمحافظة على الخصوصية، وخشيتهم من تحول "واتس آب" إلى "غول" يبتلع بياناتهم ويتتبع كل رسائلهم واماكن تواجدهم كـ"فيس بوك" وهو ما دفهع البعض منهم الى البحث عن خدمات أخرى بديلة.
.......
الهيمنة العالمية
فقد شهدت السنوات الأخيرة تصارعت مجموعة من تطبيقات التراسل الفوري من أجل الهيمنة العالمية وتفاخر بعضها بتقديم مزايا متنوعة إلى جانب الاتصالات مثل التسوق الإلكتروني والألعاب. لكن مارك زوكربرج الرئيس التنفيذي لموقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي قرر دفع 19 مليار دولار لشراء واتس آب الذي قد يكون أبسط تطبيقات التراسل من حيث المزايا والذي يحقق إيرادات لا تذكر. واكتفى واتس آب الذي بلغ عدد مستخدميه 450 مليون مستخدم بوظيفة التراسل الأساسية وكذلك بنموذج أعمال بسيط يعتمد على أخذ رسوم اشتراك من المستخدمين تبلغ دولارا واحدا فقط سنويا.
وقد يتبين في نهاية المطاف أن زوكربرج اتخذ قرارا استراتيجيا ذكيا إذ إنه سيقصي منافسه جوجل عن هذه الظاهرة الناجحة وسيكسب أعدادا هائلة من المستخدمين وبياناتهم في الأسواق الناشئة. ورحبت وول ستريت بالصفقة لكن الشخصيات المطلعة في وادي السليكون وجدت صعوبة في الاقتناع بثمنها الباهظ لاسيما إذا لم يتطور نموذج أعمال واتس آب وخصائص المنتج تحت قيادة فيسبوك.
وقال جوناثان تيو المستثمر في تطبيق سناب تشات للتراسل من خلال الصور وهو منافس لواتس آب "بناء القيمة من ذلك الاستحواذ سيستغرق وقتا وهذا أقل ما يقال." وحتى مع افتراض ظروف مثالية فإن ذلك الثمن يفوق القيمة التقديرية لموقع فيسبوك نفسه بهامش كبير. فتطبيق واتس آب يحقق إيرادات قدرها 20 مليون دولار فقط سنويا بحسب بيانات فوربس.
وبافتراض وصول عدد المستخدمين إلى مليار مستخدم بحلول عام 2016 كما توقع بعض خبراء القطاع والحصول على رسوم قدرها دولار واحد سنويا من كل مستخدم - وهو أمر مستبعد - فإن ثمن الصفقة يعادل 34 ضعف الإيرادات المتوقعة لعام 2016 بزيادة 21 بالمئة عن قيمة فيسبوك التي تعادل 28 ضعف الإيرادات المتوقعة لعام 2016.
وقال براين ويزر المحلل لدى شركة بيفوتال ريسرش "تستطيع أن تبرر شتى الأرقام إذا أردت .. لكن في الطريق إليها تتجاهل مخاطر محتملة. "لا يمكن أن تكتفي بالقول 'إنها إضافة استراتيجية عظيمة .. قضي الأمر'." وتحيط الشكوك بفرص واتس آب في توليد الإيرادات بعد أن استبعد زوكربرج والرئيس التنفيذي لواتس آب جان كوم استخدام الإعلانات كمصدر للإيرادات. وقال كوم إنه يعطي أولوية لتطوير وظيفة التراسل الأساسية بالرغم من أن التطبيقات المنافسة توسعت في مجالات أخرى. وقال إريك سيتون مؤسس تطبيق تانجو المنافس الذي يقدم خدمة التراسل وإلى جانبها الألعاب وإمكانية تبادل الأغاني من خلال خدمة سبوتيفاي "إنهم ثابتون بينما يتغير المشهد."
وفي آسيا على سبيل المثال حقق تطبيق لاين الياباني للتراسل إيرادات قدرها 338 مليون دولار العام الماضي والآن يحقق نحو 60 بالمئة من إجمالي إيراداته من الألعاب. ولاين مملوك لشركة نافر كورب وتسري شائعات عن استعداده لطرح عام أولي في البورصة. وأطلقت الشركة في الفترة الأخيرة أيضا "لاين مول" وهي خدمة للتجارة الإلكترونية. وقال زوكربرج وكوم إنهما سيركزان على زيادة عدد المستخدمين وليس توليد الإيرادات. وقال كوم إنه يريد تحسين الجوانب "غير الجذابة" في واتس آب مثل توصيل الرسائل وثبات التطبيق واستهلاكه للبطارية بدلا من إدخال تعديلات جديدة براقة.
وقال جيم جاتس الشريك في سيكويا كابيتال والعضو الوحيد في مجلس إدارة واتس آب من خارج الشركة إن موقف كوم فيما يتعلق برفض الإعلانات والحفاظ على بساطة التطبيق هو تحديدا ما حقق النمو الهائل في عدد المستخدمين. وقال جاتس في مقابلة "منهجه كان له أثر هائل على تطور الشركة." وأضاف "إنه أكبر تطبيق لاتصالات الهاتف المحمول ولم تنفق الشركة سنتا واحدا على التسويق."
وحتى إذا لم يساهم واتس آب على الفور في تعزيز إيرادات فيسبوك فإنه يضيف قيمة استراتيجية لا تنكر لأكبر شبكة تواصل اجتماعي في العالم. وتحمي الصفقة شركة فيسبوك من المنافسين المحتملين الذين قد يشكلون خطرا عليها بشكل مستقل أو كوحدة تابعة لشركة منافسة مثل جوجل. وتوسع الصفقة أيضا قاعدة فيسبوك إذ إن واتس آب الذي استقطب 450 مليون مستخدم ويضيف مليون مستخدم جديد يوميا يحظى بالانتشار في أوروبا والهند وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وهي أسواق استثمرت فيسبوك فيها في السنوات الأخيرة لتحقيق الانتشار.
وتقول شركة جانا للتسويق والأبحاث إن 55 بالمئة من إجمالي المشاركين في استطلاع في الهند قالوا إن واتس آب هو أكثر تطبيقات التراسل استخداما لديهم في حين تبلغ النسبة 63 بالمئة في البرازيل و 78 بالمئة في المكسيك. وحتى لو ظل واتس آب مجرد خدمة أساسية للتراسل فإن بياناته قد تكون ذات قيمة لفيسبوك لاسيما حين تتضافر مع كنز هائل من بيانات المستخدمين المتاحة على شبكة التواصل الاجتماعي.
فمثلا قد يحظى المستخدم بخيار لدمج حسابيه باستخدام برنامج التصديق "فيسبوك كونكت". ويسمح ذلك بتوفير معلومات عن مكان المستخدم وعاداته في التراسل والأمور التي يبدي إعجابه بها وهي معلومات نفيسة لمسؤولي التسويق. ونظرا لأن واتس آب يتطلب الحصول على رقم هاتف المرسل والمستقبل ويأخذ رسوم اشتراك فإنه يمثل قناة لتوزيع المحتوى مرتبطة بهواتف المستخدمين وكذلك بمحافظ نقودهم.
وقد أطلق أحد أكبر منافسي واتس آب وهو تطبيق وي تشات من شركة تنسنت هولدنجز ميزة تمكن المستخدم من تحويل أموال إلى مستخدم آخر إذا كانت حساباتهما المصرفية متصلة بالتطبيق. ونتيجة لذلك أصبحت شبكة تنسنت متصلة بخمسة ملايين حساب مصرفي جديد خلال يومين فقط. والأهم من ذلك كله أن فيسبوك - الذي طالما سعى لاحتلال موقع بارز لدى مستخدمي الهواتف الذكية من خلال جهود شتى مثل إطلاق برنامج "هوم" الذي لم يحالفه النجاح العام الماضي - أصبح لديه منفذ إلى الاتصالات وهي الوظيفة الأساسية للهواتف الذكية. بحسب رويترز.
وقال كريج ووكر مؤسس شركة جراند سنترال للاتصالات الصوتية عبر الإنترنت التي أصبح اسمها جوجل فويس بعد الاستحواذ عليها إن السيطرة على الاتصالات ستحكم قبضة فيسبوك على مستخدمي الهواتف الذكية حتى لو لم تتمكن من تحقيق إيرادات كبيرة من واتس آب. وقال ووكر "في نظر أي شركة كبيرة تسعى للوصول إلى قلوب المستخدمين وعقولهم .. امتلاك مثل ذلك المنتج أمر شديد الإغراء." وتابع "إنه يعزز الصلة والمشاعر تجاه مزود الخدمة وهذا له قيمة مالية."
.......
جان كوم و براين أكتون
من جانب اخر حتى يوم مضى لم يكن جان كوم مؤسس شركة واتس آب و شريكه براين أكتون، معروفين على نحو كبير، خارج دائرة الأعمال في "وادي السيليكون" قرب سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية. الآن تغير الموقف وأصبح كوم و أكتون مثار اهتمام العالم ومحور النقاشات، كآخر أصحاب المليارات الجدد الذين ظهروا في كاليفورنيا، وذلك بعد استحواذ فيس بوك على شركتهما.
وتتصدر أخبار كوم ، 37 عاما ، وأكتون، 42 عاما، شبكة الانترنت. ويتداول العالم قصة حصولهما على 19 مليار دولار مقابل بيع " اضغط هنا واتس آب"، وهو التطبيق الذي ابتكراه لخدمة رسائل الصور، وبات يشكل أحد أكبر مواقع التواصل الاجتماعي في العالم. والمثير للدهشة أن شركة فيسبوك رفضت طلبهما للعمل بها، قبل أن يتجها للعمل الحر ويؤسسا معا شركتهما الخاصة.
لذلك فإن السؤال الآن، ما الذي نعرفه عن الرجلين اللذين يقفان وراء واتس آب؟ في البداية يجب أن نعرف أن كوم أوكراني الأصل، وهاجر إلى الولايات المتحدة مع والدته وعمره لم يتجاوز 16 عاما، هربا من البيئة السياسية ومعاداة السامية، وفقا لتقرير مجلة فوربس. ولعبت فترة طفولته التي قضاها في أوكرانيا دورا هاما في ابتكار واتس آب، فالخصوصية كانت مفقودة في البلد الشيوعي حيث البوليس السري، لذا كان البحث عن خدمة توفر تلك الخصوصية في تبادل الرسائل. ويقول المستثمر جيم جويتز :"طفولة جان جعلته يهتم بالاتصال الذي لا يمكن التنصت عليه أو تسجيله."
مؤسس واتس آب اتجه لإنشاء شركته الخاصة بعد فشله في الحصول على عمل في فيس بوك وأضاف :"عندما وصل كوم ووالدته إلى الولايات المتحدة عاشا على المساعدات أو(كوبونات الطعام)." ويبدو أن كوم ظل وفيا لجذوره، إذ يقال أن توقيع الصفقة مع فيسبوك والذي سيجعل منه مليونيرا سيتم في مكتبه القديم.
وفي عام 1997 بدأت صداقة كوم وشريكه أكتون، مهندس البرمجيات، حيث كانا يعملان معا في شركة ياهو.
وتبدو الخلفية الاجتماعية التي جاء منها أكتون مختلفة نوعا ما عن كوم، فالرجل الذي تبناه كان يعمل في مجال رياضة الجولف، بينما والدته كانت تدير شركة شحن جوي. لكن بحلول عام 2007 أصيب الصديقان بخيبة أمل من إدارة الشركة، مما أدى لكراهيتهما الشديدة للإعلانات، والتي كانت تمثل العنصر الأساسي في نموذج أعمال ياهو. وقال كوم في مدونة له عام 2012 : "لا أحد يستيقظ من نومه وهو مهتم برؤية المزيد من الإعلانات، ولا يذهب أحد للنوم وهو يفكر في الإعلانات التي سيراها غدا."
وفي النهاية ترك الصديقان العمل في ياهو للراحة وبحثا عن فرص أخرى، وهنا كانت بداية كوم لتأسيس شركة واتس آب عام 2009. وانضم إليه أكتون في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه، بعد الإخفاق في العثور على وظيفة مناسبة، إذ رفضت كلا من فيسبوك وتويتر توظيفه. وكتب تغريده عندها قال فيها:"فيسبوك رفضتني، كانت فرصة عظيمة للاتصال بأناس رائعين، أتطلع إلى المغامرة القادمة في حياتي."
وعلى الرغم من تركيز شركة واتس آب على الرسائل الاجتماعية، إلا أن كوم رفض منذ تأسيسها الكثير من الإتجاهات السائدة في وادي السيليكون، ومنها الدعاية والاعلان. ويقع وادي السيليكون في خليج سان فرانسيسكو في كاليفورنيا، ويضم حاليا العديد من كبرى شركات التكنولوجيا والتقنيات في الولايات المتحدة والعالم. وبدلا من تبني عملية ترويج وتسويق للشركة، وتأسيس نموذج أعمال إعلاني والالتفات إلى تحقيق الربح السريع، اتجه مؤسس واتس آب إلى طريق آخر. بحسب بي بي سي.
وفي تغريدة كتبها في مايو/ أيار 2012 أخرى أضاف: "أصحاب الشركات الذين يعملون للبيع السريع عار على وادي السيليكون." وأضاف في أخرى: "المتعهد التالي الذي سيتصل بي سيتلقى ضربة في وجهه من حارسي الشخصي، أتحدث بجدية." لكن رغم هذا فإن البعض قد يرى أنه بعد خمس سنوات فقط من تأسيس واتس آب فإن وجود 450 مليون مستخدم حول العالم، و50 موظف، فإن الصفقة مع فيسبوك تعد "بيعا متعجلا".
.........
شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/آذار/2014
.......
الصفقة الضخمة و الخيالية التي أبرمتها شركة "فيسبوك" للاستحواذ على تطبيق "واتس آب" للتراسل الفوري لقاء مبلغ 19 مليار دولار مقسمة ما بين أسهم ونقد، لا تزال محط اهتمام الكثير من المستخدمين ووسائل الإعلام وقد تتفاوت الآراء حول الأسباب والدوافع الحقيقة التي دعت فيسبوك للقيام بهذه الخطوة الغريبة التي اعتبرها البعض خطة جديدة من خطط الحرب التنافس القائمة بين الشركات العملاقة المتخصصة في مجال التكنولوجيا والمعلومات، والتي تهدف الى إقصاء الخصوم والسيطرة على الأسواق العالمية من خلال توسيع عملها وشراء المزيد من الشركات الأخرى واستقطاب المزيد من الزبائن.
من جهة أخرى فقد اعتبر بعض الخبراء ان خطوة فيسبوك الأخيرة ربما مجازفة خصوصا وأنها قد دفعت مبلغ ضخم للاستحواذ على شركة ناشئة، هذا بالإضافة الى ان الكثير من مستخدمي التطبيق قد أعربوا عن قلقهم ومخاوفهم على سرية بياناتهم والمحافظة على الخصوصية، وخشيتهم من تحول "واتس آب" إلى "غول" يبتلع بياناتهم ويتتبع كل رسائلهم واماكن تواجدهم كـ"فيس بوك" وهو ما دفهع البعض منهم الى البحث عن خدمات أخرى بديلة.
.......
الهيمنة العالمية
فقد شهدت السنوات الأخيرة تصارعت مجموعة من تطبيقات التراسل الفوري من أجل الهيمنة العالمية وتفاخر بعضها بتقديم مزايا متنوعة إلى جانب الاتصالات مثل التسوق الإلكتروني والألعاب. لكن مارك زوكربرج الرئيس التنفيذي لموقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي قرر دفع 19 مليار دولار لشراء واتس آب الذي قد يكون أبسط تطبيقات التراسل من حيث المزايا والذي يحقق إيرادات لا تذكر. واكتفى واتس آب الذي بلغ عدد مستخدميه 450 مليون مستخدم بوظيفة التراسل الأساسية وكذلك بنموذج أعمال بسيط يعتمد على أخذ رسوم اشتراك من المستخدمين تبلغ دولارا واحدا فقط سنويا.
وقد يتبين في نهاية المطاف أن زوكربرج اتخذ قرارا استراتيجيا ذكيا إذ إنه سيقصي منافسه جوجل عن هذه الظاهرة الناجحة وسيكسب أعدادا هائلة من المستخدمين وبياناتهم في الأسواق الناشئة. ورحبت وول ستريت بالصفقة لكن الشخصيات المطلعة في وادي السليكون وجدت صعوبة في الاقتناع بثمنها الباهظ لاسيما إذا لم يتطور نموذج أعمال واتس آب وخصائص المنتج تحت قيادة فيسبوك.
وقال جوناثان تيو المستثمر في تطبيق سناب تشات للتراسل من خلال الصور وهو منافس لواتس آب "بناء القيمة من ذلك الاستحواذ سيستغرق وقتا وهذا أقل ما يقال." وحتى مع افتراض ظروف مثالية فإن ذلك الثمن يفوق القيمة التقديرية لموقع فيسبوك نفسه بهامش كبير. فتطبيق واتس آب يحقق إيرادات قدرها 20 مليون دولار فقط سنويا بحسب بيانات فوربس.
وبافتراض وصول عدد المستخدمين إلى مليار مستخدم بحلول عام 2016 كما توقع بعض خبراء القطاع والحصول على رسوم قدرها دولار واحد سنويا من كل مستخدم - وهو أمر مستبعد - فإن ثمن الصفقة يعادل 34 ضعف الإيرادات المتوقعة لعام 2016 بزيادة 21 بالمئة عن قيمة فيسبوك التي تعادل 28 ضعف الإيرادات المتوقعة لعام 2016.
وقال براين ويزر المحلل لدى شركة بيفوتال ريسرش "تستطيع أن تبرر شتى الأرقام إذا أردت .. لكن في الطريق إليها تتجاهل مخاطر محتملة. "لا يمكن أن تكتفي بالقول 'إنها إضافة استراتيجية عظيمة .. قضي الأمر'." وتحيط الشكوك بفرص واتس آب في توليد الإيرادات بعد أن استبعد زوكربرج والرئيس التنفيذي لواتس آب جان كوم استخدام الإعلانات كمصدر للإيرادات. وقال كوم إنه يعطي أولوية لتطوير وظيفة التراسل الأساسية بالرغم من أن التطبيقات المنافسة توسعت في مجالات أخرى. وقال إريك سيتون مؤسس تطبيق تانجو المنافس الذي يقدم خدمة التراسل وإلى جانبها الألعاب وإمكانية تبادل الأغاني من خلال خدمة سبوتيفاي "إنهم ثابتون بينما يتغير المشهد."
وفي آسيا على سبيل المثال حقق تطبيق لاين الياباني للتراسل إيرادات قدرها 338 مليون دولار العام الماضي والآن يحقق نحو 60 بالمئة من إجمالي إيراداته من الألعاب. ولاين مملوك لشركة نافر كورب وتسري شائعات عن استعداده لطرح عام أولي في البورصة. وأطلقت الشركة في الفترة الأخيرة أيضا "لاين مول" وهي خدمة للتجارة الإلكترونية. وقال زوكربرج وكوم إنهما سيركزان على زيادة عدد المستخدمين وليس توليد الإيرادات. وقال كوم إنه يريد تحسين الجوانب "غير الجذابة" في واتس آب مثل توصيل الرسائل وثبات التطبيق واستهلاكه للبطارية بدلا من إدخال تعديلات جديدة براقة.
وقال جيم جاتس الشريك في سيكويا كابيتال والعضو الوحيد في مجلس إدارة واتس آب من خارج الشركة إن موقف كوم فيما يتعلق برفض الإعلانات والحفاظ على بساطة التطبيق هو تحديدا ما حقق النمو الهائل في عدد المستخدمين. وقال جاتس في مقابلة "منهجه كان له أثر هائل على تطور الشركة." وأضاف "إنه أكبر تطبيق لاتصالات الهاتف المحمول ولم تنفق الشركة سنتا واحدا على التسويق."
وحتى إذا لم يساهم واتس آب على الفور في تعزيز إيرادات فيسبوك فإنه يضيف قيمة استراتيجية لا تنكر لأكبر شبكة تواصل اجتماعي في العالم. وتحمي الصفقة شركة فيسبوك من المنافسين المحتملين الذين قد يشكلون خطرا عليها بشكل مستقل أو كوحدة تابعة لشركة منافسة مثل جوجل. وتوسع الصفقة أيضا قاعدة فيسبوك إذ إن واتس آب الذي استقطب 450 مليون مستخدم ويضيف مليون مستخدم جديد يوميا يحظى بالانتشار في أوروبا والهند وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وهي أسواق استثمرت فيسبوك فيها في السنوات الأخيرة لتحقيق الانتشار.
وتقول شركة جانا للتسويق والأبحاث إن 55 بالمئة من إجمالي المشاركين في استطلاع في الهند قالوا إن واتس آب هو أكثر تطبيقات التراسل استخداما لديهم في حين تبلغ النسبة 63 بالمئة في البرازيل و 78 بالمئة في المكسيك. وحتى لو ظل واتس آب مجرد خدمة أساسية للتراسل فإن بياناته قد تكون ذات قيمة لفيسبوك لاسيما حين تتضافر مع كنز هائل من بيانات المستخدمين المتاحة على شبكة التواصل الاجتماعي.
فمثلا قد يحظى المستخدم بخيار لدمج حسابيه باستخدام برنامج التصديق "فيسبوك كونكت". ويسمح ذلك بتوفير معلومات عن مكان المستخدم وعاداته في التراسل والأمور التي يبدي إعجابه بها وهي معلومات نفيسة لمسؤولي التسويق. ونظرا لأن واتس آب يتطلب الحصول على رقم هاتف المرسل والمستقبل ويأخذ رسوم اشتراك فإنه يمثل قناة لتوزيع المحتوى مرتبطة بهواتف المستخدمين وكذلك بمحافظ نقودهم.
وقد أطلق أحد أكبر منافسي واتس آب وهو تطبيق وي تشات من شركة تنسنت هولدنجز ميزة تمكن المستخدم من تحويل أموال إلى مستخدم آخر إذا كانت حساباتهما المصرفية متصلة بالتطبيق. ونتيجة لذلك أصبحت شبكة تنسنت متصلة بخمسة ملايين حساب مصرفي جديد خلال يومين فقط. والأهم من ذلك كله أن فيسبوك - الذي طالما سعى لاحتلال موقع بارز لدى مستخدمي الهواتف الذكية من خلال جهود شتى مثل إطلاق برنامج "هوم" الذي لم يحالفه النجاح العام الماضي - أصبح لديه منفذ إلى الاتصالات وهي الوظيفة الأساسية للهواتف الذكية. بحسب رويترز.
وقال كريج ووكر مؤسس شركة جراند سنترال للاتصالات الصوتية عبر الإنترنت التي أصبح اسمها جوجل فويس بعد الاستحواذ عليها إن السيطرة على الاتصالات ستحكم قبضة فيسبوك على مستخدمي الهواتف الذكية حتى لو لم تتمكن من تحقيق إيرادات كبيرة من واتس آب. وقال ووكر "في نظر أي شركة كبيرة تسعى للوصول إلى قلوب المستخدمين وعقولهم .. امتلاك مثل ذلك المنتج أمر شديد الإغراء." وتابع "إنه يعزز الصلة والمشاعر تجاه مزود الخدمة وهذا له قيمة مالية."
.......
جان كوم و براين أكتون
من جانب اخر حتى يوم مضى لم يكن جان كوم مؤسس شركة واتس آب و شريكه براين أكتون، معروفين على نحو كبير، خارج دائرة الأعمال في "وادي السيليكون" قرب سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية. الآن تغير الموقف وأصبح كوم و أكتون مثار اهتمام العالم ومحور النقاشات، كآخر أصحاب المليارات الجدد الذين ظهروا في كاليفورنيا، وذلك بعد استحواذ فيس بوك على شركتهما.
وتتصدر أخبار كوم ، 37 عاما ، وأكتون، 42 عاما، شبكة الانترنت. ويتداول العالم قصة حصولهما على 19 مليار دولار مقابل بيع " اضغط هنا واتس آب"، وهو التطبيق الذي ابتكراه لخدمة رسائل الصور، وبات يشكل أحد أكبر مواقع التواصل الاجتماعي في العالم. والمثير للدهشة أن شركة فيسبوك رفضت طلبهما للعمل بها، قبل أن يتجها للعمل الحر ويؤسسا معا شركتهما الخاصة.
لذلك فإن السؤال الآن، ما الذي نعرفه عن الرجلين اللذين يقفان وراء واتس آب؟ في البداية يجب أن نعرف أن كوم أوكراني الأصل، وهاجر إلى الولايات المتحدة مع والدته وعمره لم يتجاوز 16 عاما، هربا من البيئة السياسية ومعاداة السامية، وفقا لتقرير مجلة فوربس. ولعبت فترة طفولته التي قضاها في أوكرانيا دورا هاما في ابتكار واتس آب، فالخصوصية كانت مفقودة في البلد الشيوعي حيث البوليس السري، لذا كان البحث عن خدمة توفر تلك الخصوصية في تبادل الرسائل. ويقول المستثمر جيم جويتز :"طفولة جان جعلته يهتم بالاتصال الذي لا يمكن التنصت عليه أو تسجيله."
مؤسس واتس آب اتجه لإنشاء شركته الخاصة بعد فشله في الحصول على عمل في فيس بوك وأضاف :"عندما وصل كوم ووالدته إلى الولايات المتحدة عاشا على المساعدات أو(كوبونات الطعام)." ويبدو أن كوم ظل وفيا لجذوره، إذ يقال أن توقيع الصفقة مع فيسبوك والذي سيجعل منه مليونيرا سيتم في مكتبه القديم.
وفي عام 1997 بدأت صداقة كوم وشريكه أكتون، مهندس البرمجيات، حيث كانا يعملان معا في شركة ياهو.
وتبدو الخلفية الاجتماعية التي جاء منها أكتون مختلفة نوعا ما عن كوم، فالرجل الذي تبناه كان يعمل في مجال رياضة الجولف، بينما والدته كانت تدير شركة شحن جوي. لكن بحلول عام 2007 أصيب الصديقان بخيبة أمل من إدارة الشركة، مما أدى لكراهيتهما الشديدة للإعلانات، والتي كانت تمثل العنصر الأساسي في نموذج أعمال ياهو. وقال كوم في مدونة له عام 2012 : "لا أحد يستيقظ من نومه وهو مهتم برؤية المزيد من الإعلانات، ولا يذهب أحد للنوم وهو يفكر في الإعلانات التي سيراها غدا."
وفي النهاية ترك الصديقان العمل في ياهو للراحة وبحثا عن فرص أخرى، وهنا كانت بداية كوم لتأسيس شركة واتس آب عام 2009. وانضم إليه أكتون في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه، بعد الإخفاق في العثور على وظيفة مناسبة، إذ رفضت كلا من فيسبوك وتويتر توظيفه. وكتب تغريده عندها قال فيها:"فيسبوك رفضتني، كانت فرصة عظيمة للاتصال بأناس رائعين، أتطلع إلى المغامرة القادمة في حياتي."
وعلى الرغم من تركيز شركة واتس آب على الرسائل الاجتماعية، إلا أن كوم رفض منذ تأسيسها الكثير من الإتجاهات السائدة في وادي السيليكون، ومنها الدعاية والاعلان. ويقع وادي السيليكون في خليج سان فرانسيسكو في كاليفورنيا، ويضم حاليا العديد من كبرى شركات التكنولوجيا والتقنيات في الولايات المتحدة والعالم. وبدلا من تبني عملية ترويج وتسويق للشركة، وتأسيس نموذج أعمال إعلاني والالتفات إلى تحقيق الربح السريع، اتجه مؤسس واتس آب إلى طريق آخر. بحسب بي بي سي.
وفي تغريدة كتبها في مايو/ أيار 2012 أخرى أضاف: "أصحاب الشركات الذين يعملون للبيع السريع عار على وادي السيليكون." وأضاف في أخرى: "المتعهد التالي الذي سيتصل بي سيتلقى ضربة في وجهه من حارسي الشخصي، أتحدث بجدية." لكن رغم هذا فإن البعض قد يرى أنه بعد خمس سنوات فقط من تأسيس واتس آب فإن وجود 450 مليون مستخدم حول العالم، و50 موظف، فإن الصفقة مع فيسبوك تعد "بيعا متعجلا".
.........
شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/آذار/2014