كيف تصبح أبا ناجحا؟؟
للإجابة على سؤال كهذا نجد أنفسنا في حاجة إلى الوقوف عند عدة محاور هامة
كالتالي:
أولاً: الفعل قبل القول..
إن الفعل أبلغ من القول، وفعل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل في رجل،
فالقول والعمل أهم من القول المجرد.. وكثير من يتكلم ولكن قليل من يفعل
يقول في منهج التربية الإسلامية: " القدوة الصالحة من أعظم المعينات على
تكوين العادات الطيبة حتى إنها لتيسر معظم الجهد في كثير من الحالات ذلك أن
الابن يحب المحاكاة من تلقاء نفسه وأطفال المسلمين يحاكون أبويهم في
الصلاة حتى قبل أن يتعلموا النطق ويصبح تعويدهم عليها أمراً سهلاً في
الموعد المحدد"
والأبناء في استقائهم الخلق وتشربهم بالسلوك لا يقنعون بالظاهر منها فحسب،
بل يتعدون ذلك إلى مستويات أعمق بكثير مما يظن الآباء..
فالأب يعيش في بيته على طبيعته بغير تكلف، وهو الأمر الذي يجعله يتصرف بما
وقر في حقيقته وداخليته والولد يقلد أباه فيما رآه منه على الحقيقة لا على
التكلف والأبناء يلحظون الصغير الدقيق من السلوك والأخلاق كما يلحظون
كبيرها وتؤثر فيهم صغائر الأحوال كما تؤثر فيهم كبائر الوقائع.
ثانياً: رحمة الأب تولد الاستقرار النفسي لدى الابن:
الأب الناجح هو الأب الرحيم العطوف بأبنائه وأسرته الذي يمنحهم الحب والعطف
والحنان ويشملهم برعايته ويحتويهم بقلبه الكبير ويشعرون معه بالسعادة
والآمان
والأب القاسي هو المتسبب الأول في الأمراض النفسية لدى أبنائه والمشجع
الأول على الأمراض القلبية لهم من غل وحقد وحسد وحب ذات وغيره .
ومن الآباء من لا يراعى الرحمة مع أبنائه ولا الرقة في معاملتهم فيكون أشد
عليهم من الغرباء فيترك في أنفسهم جروحاً غائرة لا تزول ولا بمرور السنين.
ثالثاً: ومن يك حازماً فليقسُ أحياناً على من يرحم..
ولكن ليس معنى الرفق والحب والرحمة أن يتهاون الأب مع أولاده في مواطن
الحزم فوضع السيف موضع الندى مضر كوضع الندى موضع السيف، والحكمة فعل ما
ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي، ولا يمكن أن
يرى الأب ابنه يفعل السيئات أو المخالفات وبدعوى الحكمة و الرحمة والرفق
يتركه أو يقره على ما هو عليه، ولكن الحزم والحكمة تستدعي من كل أب أن يقف
مع ولده وقفة حازمة قوية يضع له فيها الحدود ويبين له القواعد التي ينبغي
ألا يحيد عنها وليعلم كل أبد أن وقفاته مع ولده لا تنسى ولكنها تحفر في ذهن
الولد فإن وجد فيما يستقبل من عمره قدوة صالحة من أبيه زاد ترسخها وصارت
خلقا ثابتا فيه وصفة أكيدة من صفاته..
رابعاً: توجيهات ومحاذير للآباء في معاملة أبنائهم:
1- ليعلم الأب أنه في بيته قائد لمدرسة تربوية لها منهج ووسائل كما أن
لها
محددات وأطر؛ فعليه أن يضع منهجها وفق السنة النبوية ويحدد أطرها مثلما
حددها الشرع الإسلامي العظيم، ولكن مع ذلك فلا ينبغي الجمود التشنج في
تطبيق ضوابط تلك المدرسة، فهي مدرسة محببة للولد تسعد البيت وتنشئ الأسرة
السعيدة .
2- يجب على الآباء تثقيف أنفسهم وتعليمها فن التربية وأساليبها ومداومة
سؤال المربين والخبراء والعلماء في ذلك، كما يستحب لهم متابعة الإصدارات
التربوية الحديثة والوقوف على ما ينفع منها.
3- تعلم الصبر على الأولاد من المهارات الأبوية الهامة، وقد حذر المربون
من
كثرة معاملة الأولاد بالغضب خصوصاً إذا كانت طبيعة الأب عصبية أو سرعة
الغضب، وليحذر الآباء من ضرب أولادهم في لحظات الغضب فإن ذلك من الأخطاء
الخطيرة التي لا تؤدى إلى تعليم ولا توجيه ولكنها عبارة عن إنفاذ غيظ
فحسب..
4- ليعلم كل أب أن أبناءه يتعلمون بالحب قبل أن يتعلموا بالأمر والشدة،
فاحرص أيها الأب على توليد المحبة بينك وبين أبنائك..
5- كل أب بحاجة إلى أن يخلو بولده كل مدة قريبة ليمازحه ويكلمه ويسأله
ويتقرب منه ويسأله عما يحزنه أو يؤرقه أو لا يعجبه ويسأله عن آماله وأحلامه
وطموحاته فلقاءات المصالحة والمصارحة هي تفريغ نفسي وجداني هام للغاية في
تربية الأولاد، ولئن اشتكى معظم الآباء من عدم قدرتهم على التقرب من
أولادهم فلأنهم قد قصروا في لقاءات المصارحة تلك في الصغر فصعب عليهم ذلك
في الكبر وبنيت الجدران بينهم وبين أولادهم!!
6- هناك علاقة قوية جداً بين كون الأب ناجحاً وبين كونه زوجاً ناجحاً،
فالزوج الناجح هو الذي يهيئ لأولاده البيئة الأسرية الخالية من المشكلات
والمؤرقات والمنغصات والمؤثرات النفسية السلبية وهو الذي يعين زوجته
ويساعدها على إتمام العملية التربوية بنجاح وإنجاز.
البلاغ