هل أنتِ مدللة أبيك؟
* إعداد: سناء ثابت
لاشكّ في أنّ الأب هو أوّل رجل في حياة ابنته، هو أوّل رجل تعرفه وتفتح
عينيها عليه، لكنّه ليس أوّل حب في حياتها، فالحب الأوّل في حياة أي مولود
ذكراً كان أم أنثى هو الأُم. ذلك أنّه في غياب الوعي والكلام، تكون الأُم
بدفء حضنها وبرائحتها وبصوتها وبحليب صدرها، أهم إنسان في حياة المولود،
ولا يأخذ الأب مكانها أبداً في السن المبكرة من حياة الطفل الصغير. لا تبدأ
علاقة الطفلة مع أبيها في التطوّر إلا بعد سن ثلاث سنوات، وبدلاً من أن
تدور حياتها كلّها حول قطب واحد هو الأُم، يصبح هناك قطبان في حياتها تعتمد
عليهما هما: الأُم والأب.
- علاقة مميّزة:
تدليل الأب لإبنته وتدليعه لها، يجعلانها تشعر بأنّه يكملها وأنّها لا
تعامل معاملة الأميرات إلا معه. وبالتالي، فهي تبادله الحب بالحب، ولدى بعض
البنات الصغيرات تعتبر الفتاة، من دون أن تعرف ذلك، أن والدها هو فارس
الأحلام الذي يحبها أكثر من أي إنسانة أخرى. وتستمر هذه العلاقة المميّزة
بين البنت والأب حتى بداية مرحلة المراهقة، حيث سرعان ما تدرك أنّه لا يمكن
أن يكون والدها زوجاً لها في يوم من الأيّام، وتبدأ في البحث عن الفارس في
مكان آخر. ويمكن للأب هنا أن يكون حكيماً، بأن يفهم البنت وهي في سن صغيرة
جدّاً بأنّه فارس الأحلام الخاص بالماما، وأن هناك فارساً وسيماً في مكان
ما من أجل هذه الفتاة الصغيرة الجميلة، سيجدها في يوم من الأيّام حين تكبر.
هنا، تبدأ الطفلة الصغيرة في فك الإرتباط بأبيها تدريجياً وتبدأ الطفلة
الصغيرة في فك الإرتباط بأبيها تدريجياً وتبدأ مع بداية فترة المراهقة في
البحث عن رجل ثانٍ يدخل حياتها.
- بداية المراهقة:
عندما يعلم الأب بظهور أوّل دورة شهرية لدى صغيرته، يختلط عليه الأمر
قليلاً فيتساءل: "ما هي الطريقة الأنسب التي ينبغي أن أعامل بها هذه البنت
التي بدأت تبدو غريبة، فلا هي الطفلة التي كنت أحمل على كتفي، ولا هي امرأة
ناضجة مسؤولة؟". لا يعرف الأب هل يقترب من البنت أكثر أم يترك لها حرِّية
أكبر لكي تتعلّم كيف ترسم طريقها في الحياة بنفسها. وبالنسبة إلى الآنسة
الصغيرة أيضاً لا يكون الأمر سهلاً أبداً. فهي، على الرغم من تغيّرها
الجسمي الظاهر، إلا أنّها تظل لسنوات وسنوات متأرجحة ما بين كونها لا تزال
طفلة وكونها أصبحت امرأة، ويصبح هدفها الرئيسي هو أن تبحث عن الإعتراف
بوجودها وبأنوثتها. وأين تبحث عن هذا؟ إنها تبحث عنه في نظرات إعجاب الذكور
بها، وهنا ينبغي أن يكون للأب دور توجيهي مميّز، لأنّ ذلك سينفعها
مستقبلاً في علاقاتها مع الذكور.
مع أوّل علاقة عاطفية أو قصة حب تعيشها الفتاة، على الأب أن يكون متفهماً
لكونه لم يعد وحده أمير حياة ابنته. فهو، وإن كان احتل هذه المكانة لسنوات،
إلا أنّه لا يمكن أن يملأها، لأنّه، هو ذاته، علمها أنّه الأمير والفارس
والحبيب الخاص بأُمّها، وأن عليها أن تجد فارس أحلامها الخاص بها. هنا،
يكون على الأب أن يعرف بحكمته كيف يعطي البنت مجالاً لتجد هذا الأمير
وتحبه، من دون أن تشعر بالذنب، لأنّها تحب أحداً آخر ليس والدها، أي على
الأب أن يخفف من إرتباط ابنته به بأيسر شكل ممكن.
- في العلاقات مع الجنس الآخر:
يقال إنّ الفتاة دائماً تبحث بين الرجال عن شبيه بوالدها. وهذا غير صحيح،
والأصح هو أن نوعية علاقة الفتاة بوالدها تتدخل بشكل كبير في تحديد علاقتها
بالرجال لاحقاً. وعلى سبيل المثال، فإنّ الفتاة التي عاملها والدها بكل حب
ورعاية وشجعها على أن تكون مستقلة وأن تعيش قصة حب، فإنّها غالباً ما تعيش
علاقات عاطفية سعيدة مع الذكور مستقبلاً. مع الإنتباه أيضاً إلى أنّ
الفتاة إذا كانت مدللة بشكل مفرط واعتادت ألا يرفض لها والدها طلباً، وأنّ
والدها أقنعها بأن لا يوجد في الدنيا رجل يستحق ظفرها، فإن هذه الفتاة لن
تعيش في حياتها العاطفية سوى خيبات الأمل، لأنّها تبحث عن رجل كامل أقنعها
والدها مسبقاً بأنّه غير موجود.
وفي المقابل، فإن غياب الأب في حياة البنت أو تخلفه عن لعب دوره الصحيح في
حياتها، يؤثِّر بشكل سيِّئ في علاقة الفتاة بأقرانها من الذكور وفي حياتها
العاطفية عموماً، حيث تبدأ الفتاة في مراكمة التجارب العاطفية غير
المكتملة، لأنّها دائماً تخاف من الإرتباط والدخول في علاقة جادة تنتهي
بالزواج وتكوين أسرة، فهي تخاف من أن يكون زوجها مثل أبيها ويتركها أو يترك
أولادها من دون أب حقيقي في حياتهم.
- البنت الأُم:
عندما تكبر البنت وتتزوج وتصير أُمّاً، ويصبح الأب جدّاً، وتكون البنت
أسرتها الخاصة بها، تصبح البنت بدورها مسؤولة وتتغيّر اهتماماتها. ولابدّ
أنّها في هذه المرحلة تحتاج إلى النصيحة من شخص ذي تجربة في مجال التربية،
ومن غير والدها يمكن أن يساعد؟ كما أنّ الأُم الجديدة تلجأ أيضاً إلى
إسترجاع الطريقة التي تربت بها هي أيضاً، خاصة إذا كانت ناجحة، وتحاول أن
تطبقها على أولادها. وأحياناً، تقارن البنت بين أبيها وزوجها كأب لأولادها.
من ناحيته، غالباً ما يكون الجد الجديد مستمتعاً بالحوارات التي قد تدور
بينه وبين ابنته كجد، وبعض الآباء يستغلون كون ابنتهم أصبحت أُمّاً،
ليستعيدوا مع أحفادهم لحظات الطفولة الجميلة التي عاشوها مع أطفالهم أيام
زمان، أو يعتبرون اللحظات التي يقضونها مع أحفادهم فرصة لكي يعوضوا أنفسهم
عن الأوقات التي كانوا فيها منشغلين عن بناتهم عندما كن طفلات، فيعطون
لأحفادهم ما لم يعطوه لبناتهم من إهتمام ولعب وحنان.
- الأب العجوز:
عندما يكبر الأب ويدخل سن الشيخوخة ويبدأ يشعر بالتعب والوهن وتصبح حركته
قليلة، تنقلب الأدوار ويكون على البنت أن تهتم به كما كان يهتم بها.
وكثيراً ما تفعل البنات ذلك، حتى من دون أن يطلب منهنّ، يقتربن من الوالد
العجوز أكثر، ويحاولن أن يقضين معه أطول وقت ممكن وأن يقوين العلاقة معه.
تهتم البنت بوالدها المسن وتراقب صحته وتهتم بها ومع ذلك لا تشعر أبداً
بأنّها وفته حقه عليها.
البلاغ
* إعداد: سناء ثابت
لاشكّ في أنّ الأب هو أوّل رجل في حياة ابنته، هو أوّل رجل تعرفه وتفتح
عينيها عليه، لكنّه ليس أوّل حب في حياتها، فالحب الأوّل في حياة أي مولود
ذكراً كان أم أنثى هو الأُم. ذلك أنّه في غياب الوعي والكلام، تكون الأُم
بدفء حضنها وبرائحتها وبصوتها وبحليب صدرها، أهم إنسان في حياة المولود،
ولا يأخذ الأب مكانها أبداً في السن المبكرة من حياة الطفل الصغير. لا تبدأ
علاقة الطفلة مع أبيها في التطوّر إلا بعد سن ثلاث سنوات، وبدلاً من أن
تدور حياتها كلّها حول قطب واحد هو الأُم، يصبح هناك قطبان في حياتها تعتمد
عليهما هما: الأُم والأب.
- علاقة مميّزة:
تدليل الأب لإبنته وتدليعه لها، يجعلانها تشعر بأنّه يكملها وأنّها لا
تعامل معاملة الأميرات إلا معه. وبالتالي، فهي تبادله الحب بالحب، ولدى بعض
البنات الصغيرات تعتبر الفتاة، من دون أن تعرف ذلك، أن والدها هو فارس
الأحلام الذي يحبها أكثر من أي إنسانة أخرى. وتستمر هذه العلاقة المميّزة
بين البنت والأب حتى بداية مرحلة المراهقة، حيث سرعان ما تدرك أنّه لا يمكن
أن يكون والدها زوجاً لها في يوم من الأيّام، وتبدأ في البحث عن الفارس في
مكان آخر. ويمكن للأب هنا أن يكون حكيماً، بأن يفهم البنت وهي في سن صغيرة
جدّاً بأنّه فارس الأحلام الخاص بالماما، وأن هناك فارساً وسيماً في مكان
ما من أجل هذه الفتاة الصغيرة الجميلة، سيجدها في يوم من الأيّام حين تكبر.
هنا، تبدأ الطفلة الصغيرة في فك الإرتباط بأبيها تدريجياً وتبدأ الطفلة
الصغيرة في فك الإرتباط بأبيها تدريجياً وتبدأ مع بداية فترة المراهقة في
البحث عن رجل ثانٍ يدخل حياتها.
- بداية المراهقة:
عندما يعلم الأب بظهور أوّل دورة شهرية لدى صغيرته، يختلط عليه الأمر
قليلاً فيتساءل: "ما هي الطريقة الأنسب التي ينبغي أن أعامل بها هذه البنت
التي بدأت تبدو غريبة، فلا هي الطفلة التي كنت أحمل على كتفي، ولا هي امرأة
ناضجة مسؤولة؟". لا يعرف الأب هل يقترب من البنت أكثر أم يترك لها حرِّية
أكبر لكي تتعلّم كيف ترسم طريقها في الحياة بنفسها. وبالنسبة إلى الآنسة
الصغيرة أيضاً لا يكون الأمر سهلاً أبداً. فهي، على الرغم من تغيّرها
الجسمي الظاهر، إلا أنّها تظل لسنوات وسنوات متأرجحة ما بين كونها لا تزال
طفلة وكونها أصبحت امرأة، ويصبح هدفها الرئيسي هو أن تبحث عن الإعتراف
بوجودها وبأنوثتها. وأين تبحث عن هذا؟ إنها تبحث عنه في نظرات إعجاب الذكور
بها، وهنا ينبغي أن يكون للأب دور توجيهي مميّز، لأنّ ذلك سينفعها
مستقبلاً في علاقاتها مع الذكور.
مع أوّل علاقة عاطفية أو قصة حب تعيشها الفتاة، على الأب أن يكون متفهماً
لكونه لم يعد وحده أمير حياة ابنته. فهو، وإن كان احتل هذه المكانة لسنوات،
إلا أنّه لا يمكن أن يملأها، لأنّه، هو ذاته، علمها أنّه الأمير والفارس
والحبيب الخاص بأُمّها، وأن عليها أن تجد فارس أحلامها الخاص بها. هنا،
يكون على الأب أن يعرف بحكمته كيف يعطي البنت مجالاً لتجد هذا الأمير
وتحبه، من دون أن تشعر بالذنب، لأنّها تحب أحداً آخر ليس والدها، أي على
الأب أن يخفف من إرتباط ابنته به بأيسر شكل ممكن.
- في العلاقات مع الجنس الآخر:
يقال إنّ الفتاة دائماً تبحث بين الرجال عن شبيه بوالدها. وهذا غير صحيح،
والأصح هو أن نوعية علاقة الفتاة بوالدها تتدخل بشكل كبير في تحديد علاقتها
بالرجال لاحقاً. وعلى سبيل المثال، فإنّ الفتاة التي عاملها والدها بكل حب
ورعاية وشجعها على أن تكون مستقلة وأن تعيش قصة حب، فإنّها غالباً ما تعيش
علاقات عاطفية سعيدة مع الذكور مستقبلاً. مع الإنتباه أيضاً إلى أنّ
الفتاة إذا كانت مدللة بشكل مفرط واعتادت ألا يرفض لها والدها طلباً، وأنّ
والدها أقنعها بأن لا يوجد في الدنيا رجل يستحق ظفرها، فإن هذه الفتاة لن
تعيش في حياتها العاطفية سوى خيبات الأمل، لأنّها تبحث عن رجل كامل أقنعها
والدها مسبقاً بأنّه غير موجود.
وفي المقابل، فإن غياب الأب في حياة البنت أو تخلفه عن لعب دوره الصحيح في
حياتها، يؤثِّر بشكل سيِّئ في علاقة الفتاة بأقرانها من الذكور وفي حياتها
العاطفية عموماً، حيث تبدأ الفتاة في مراكمة التجارب العاطفية غير
المكتملة، لأنّها دائماً تخاف من الإرتباط والدخول في علاقة جادة تنتهي
بالزواج وتكوين أسرة، فهي تخاف من أن يكون زوجها مثل أبيها ويتركها أو يترك
أولادها من دون أب حقيقي في حياتهم.
- البنت الأُم:
عندما تكبر البنت وتتزوج وتصير أُمّاً، ويصبح الأب جدّاً، وتكون البنت
أسرتها الخاصة بها، تصبح البنت بدورها مسؤولة وتتغيّر اهتماماتها. ولابدّ
أنّها في هذه المرحلة تحتاج إلى النصيحة من شخص ذي تجربة في مجال التربية،
ومن غير والدها يمكن أن يساعد؟ كما أنّ الأُم الجديدة تلجأ أيضاً إلى
إسترجاع الطريقة التي تربت بها هي أيضاً، خاصة إذا كانت ناجحة، وتحاول أن
تطبقها على أولادها. وأحياناً، تقارن البنت بين أبيها وزوجها كأب لأولادها.
من ناحيته، غالباً ما يكون الجد الجديد مستمتعاً بالحوارات التي قد تدور
بينه وبين ابنته كجد، وبعض الآباء يستغلون كون ابنتهم أصبحت أُمّاً،
ليستعيدوا مع أحفادهم لحظات الطفولة الجميلة التي عاشوها مع أطفالهم أيام
زمان، أو يعتبرون اللحظات التي يقضونها مع أحفادهم فرصة لكي يعوضوا أنفسهم
عن الأوقات التي كانوا فيها منشغلين عن بناتهم عندما كن طفلات، فيعطون
لأحفادهم ما لم يعطوه لبناتهم من إهتمام ولعب وحنان.
- الأب العجوز:
عندما يكبر الأب ويدخل سن الشيخوخة ويبدأ يشعر بالتعب والوهن وتصبح حركته
قليلة، تنقلب الأدوار ويكون على البنت أن تهتم به كما كان يهتم بها.
وكثيراً ما تفعل البنات ذلك، حتى من دون أن يطلب منهنّ، يقتربن من الوالد
العجوز أكثر، ويحاولن أن يقضين معه أطول وقت ممكن وأن يقوين العلاقة معه.
تهتم البنت بوالدها المسن وتراقب صحته وتهتم بها ومع ذلك لا تشعر أبداً
بأنّها وفته حقه عليها.
البلاغ