يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ.البقرة269.
إخوتي الكرام
أعضاء و زوار منتديات حوهرة تيسمسيلت.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أوقاتكم بكل خير
..........................
البلاغ:عبس وتولى
محمد هادي معرفة
ومما جعله أهل التبشير المسيحي ذريعة للحط من كرامة القرآن – بزعم وجود التناقص فيه – ماعاتب الله به نبيه ( صلى الله عليه و سلم ) بشأن عبوسه في وجه ابن أم مكتوم المكفوف,جاء ليتعلم منه ملحاً على مسألته,وهو لايعلم أنه منشغل بالكلام مع شرفاء قريش.
فساء النبي إلحاحه ذلك فأعرض بوجهه عنه كالحاً متكشراً.
الأمر الذي يتنافى وخلقه العظيم الذي وصفه الله به في وقت مبكر!
جاء قوله تعالى : " وإنك لعلى خلق عظيم " في سورة القلم,ثانية السور النازلة بمكة.
أما سورة عبس فهي الرابعة والعشرون.
جاء في أسباب النزول : أن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) كان يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب وابياً وامية ابني خلف يدعوهم الى الله ويرجو إسلامهم .
وفي هذه الحال جاءه عبد الله ابن أم مكتوم ونادى: يارسول الله,أقرئني وعلمني مما علمك الله,فجعل يناديه ويكرر النداء,ولايعلم أنه مشغول ومقبل على غيره,حتى ظهرت آثار الكراهة على وجه رسول الله,لقطعه كلامه!
قالوا: وقال في نفسه : يقول هؤلاء الصناديد : إنما أتباعه العميان والعبيد,فأعرض عنه وأقبل على القوم الذين كان يكلمهم,فنزلت الآيات.وكان رسول الله بعد ذلك يكرمه ويقول إذا رآه : مرحباً بمن عاتبني فيه ربي.واستخلفه على المدينة مرتين.
ليس في ظاهر الآية دلالة على توجهها الى النبي (صلى الله عليه و سلم) بل هو خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه,وفيها ما يدل على أن المعني بها غيره,لأن العبوس ليس من صفات النبي مع الأعداء المنابذين فضلاً عن المؤمنين المسترشدين.
ثم الوصف بأنه يتصدى للأغنياء ويتلهى عن الفقراء لا يشبه اخلاقه الكريمة.
وقد قال تعالى في وصفه : " وإنك لعلى خلق عظيم " .وقال : " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " .
فالظاهر أن قوله " عبس وتولى " المراد به غيره .
وهكذا ورد قوله تعالى : " واخفض جناحك للمؤمنين ".
وقوله :" واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين".
وغيرهما من آيات مكية جاء الدستور فيها بالخفض واللين والرأفة مع المؤمنين ,فكيف يا ترى يتغافل النبي عن خلق كريم هي وظيفته بالذات,ولاسيما مع السابقين الأولين من المؤمنين,وبالأخص مع من ينتمي الى زوجه الوفية خديجة الكبرى أم المؤمنين.
النبي (صلى الله عليه و سلم) قد أجل الله قدره عن هذه الصفات,وكيف يصفه بالعبوس والتقطيب وقد وصفه بالخلق العظيم واللين وأنه ليس بفظ غليظ القلب؟!
وكيف يعرض النبي عن مسلم ثابت على إيمانه جاء ليتعلم منه,وقد قال تعالى : " ولاتطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه "!؟
ومن عرف النبي وحسن أخلاقه وما خصه الله تعالى به من مكارم الأخلاق وحسن الصحبة.
فمن هذه صفته كيف يقطب وجهه في وجه أعمى جاء يطلب زيادة الإيمان.
على أن الأنبياء ( عليهم السلام ) منزهون عن مثل هذه الأخلاق وعما دونها,لما في ذلك من التنفير عن قبول دعوتهم والإصغاء الى كلامهم.
ولايجوز مثل هذا على الأنبياء من عرف مقدارهم وتبين نعتهم.
نعم,قال قوم : إن هذه الآيات نزلت في رجل من بني امية كان واقفاً الى جنب النبي,فلما اقبل ابن أم مكتوم تقذر وجمع نفسه وعبس وتولى ,فحكى الله ذلك وأنكره معاتباً له.
فيكون قد عاتب الله سبحانه نبيه بذلك,لياخذه بأوفر محاسن الأخلاق,وينبهه على عظيم حال المؤمن المسترشد,ويعرفه أن تأليف المؤمن ليقيم على إيمانه أولى من تأليف المشرك طمعاً في إيمانه.
و قال الجبائي: في هذا دلالة على أن الفعل إنما يكون معصية فيما بعد لا في الماضي,فلا يدل على أنه كان معصية قبل النهي عنه,ولم ينهه
( صلى الله عليه و سلم ) إلا في هذا الوقت.
وقيل : إن ما فعله الأعمى كان نوعاً من سوء الأدب.
فحسن تأديبه بالإعراض عنه.
إلا أنه كان يجوز أن يتوهم أنه أعرض عنه لفقره,وأقبل عليهم لرياستهم تعظيماً لهم.فعاتبه الله على ذلك.
قال :
فضلاً عن أن سياق السورة يابى إرادة النبي في توجيه الملامة إليه.
ذلك : أن التعابير الواردة في السورة ثلاثة "عبس" ,"تولى" ,"تلهى" الأولان بصيغة الغياب والأخيرة خطاب.
على أن الأولين ( عبس وتولى ) فعلان قصديان ( يصدران عن صقد وإرادة وعن توجه من النفس ) .والأخير (تلهى) فعل غير قصدي ( صادر لا عن إرادة ولا عن توجه من النفس) .فإن الإنسان إذا توجه بكليته الى جانب فإنه ملته عن الجانب الآخر,على ما تقتضيه طبيعة النفس الإنسانية المحدودة,لايمكنه التوجه الى جوانب عديدة في لحظة واحدة!إنما هو الله,لايشغله شأن عن شأن!
وها الفعل الأخير كان قد توجه الخطاب – عتاباً – الى النبي,لانشغاله بالنجوى مع القوم وقد ألهاه ذلك عن الإصغاء لمسألة هذا الوارد,من غير أن يشعر به.
فهذا مما يجوز توجيه الملامة إليه ( صلى الله عليه و سلم ) : كيف يصرف بكل همه نحو قوم هم ألداء ,بحيث يصرفه عمن يأتيه بين حين وآخر,وهو نبي بعث الى كافة الناس.
وهو عتاب رقيق لطيف يناسب شأن نبي هو "بالمؤمنين رؤوف رحيم " .
أما الفعلان الأولان فقد صدرا عن قصد وإرادة,كانا قبيحين الى حد بعيد,الأمر الذي يتناسب مع ذلك الأموي المترفع بأنفه المعتز بثروته وترفه في الحياة.وكان معروفاً بذلك.
وعليه فلا يمكن أن يكون المعني بالفعل الثالث
( غير العمدي ) هو المعنى بالفعلين الأولين
( العمديين ) .
المصدر " شبهات وردود حول القرآن الكريم.
......................
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب.هود88.
إخوتي الكرام
أعضاء و زوار منتديات حوهرة تيسمسيلت.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أوقاتكم بكل خير
..........................
البلاغ:عبس وتولى
محمد هادي معرفة
ومما جعله أهل التبشير المسيحي ذريعة للحط من كرامة القرآن – بزعم وجود التناقص فيه – ماعاتب الله به نبيه ( صلى الله عليه و سلم ) بشأن عبوسه في وجه ابن أم مكتوم المكفوف,جاء ليتعلم منه ملحاً على مسألته,وهو لايعلم أنه منشغل بالكلام مع شرفاء قريش.
فساء النبي إلحاحه ذلك فأعرض بوجهه عنه كالحاً متكشراً.
الأمر الذي يتنافى وخلقه العظيم الذي وصفه الله به في وقت مبكر!
جاء قوله تعالى : " وإنك لعلى خلق عظيم " في سورة القلم,ثانية السور النازلة بمكة.
أما سورة عبس فهي الرابعة والعشرون.
جاء في أسباب النزول : أن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) كان يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب وابياً وامية ابني خلف يدعوهم الى الله ويرجو إسلامهم .
وفي هذه الحال جاءه عبد الله ابن أم مكتوم ونادى: يارسول الله,أقرئني وعلمني مما علمك الله,فجعل يناديه ويكرر النداء,ولايعلم أنه مشغول ومقبل على غيره,حتى ظهرت آثار الكراهة على وجه رسول الله,لقطعه كلامه!
قالوا: وقال في نفسه : يقول هؤلاء الصناديد : إنما أتباعه العميان والعبيد,فأعرض عنه وأقبل على القوم الذين كان يكلمهم,فنزلت الآيات.وكان رسول الله بعد ذلك يكرمه ويقول إذا رآه : مرحباً بمن عاتبني فيه ربي.واستخلفه على المدينة مرتين.
ليس في ظاهر الآية دلالة على توجهها الى النبي (صلى الله عليه و سلم) بل هو خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه,وفيها ما يدل على أن المعني بها غيره,لأن العبوس ليس من صفات النبي مع الأعداء المنابذين فضلاً عن المؤمنين المسترشدين.
ثم الوصف بأنه يتصدى للأغنياء ويتلهى عن الفقراء لا يشبه اخلاقه الكريمة.
وقد قال تعالى في وصفه : " وإنك لعلى خلق عظيم " .وقال : " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " .
فالظاهر أن قوله " عبس وتولى " المراد به غيره .
وهكذا ورد قوله تعالى : " واخفض جناحك للمؤمنين ".
وقوله :" واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين".
وغيرهما من آيات مكية جاء الدستور فيها بالخفض واللين والرأفة مع المؤمنين ,فكيف يا ترى يتغافل النبي عن خلق كريم هي وظيفته بالذات,ولاسيما مع السابقين الأولين من المؤمنين,وبالأخص مع من ينتمي الى زوجه الوفية خديجة الكبرى أم المؤمنين.
النبي (صلى الله عليه و سلم) قد أجل الله قدره عن هذه الصفات,وكيف يصفه بالعبوس والتقطيب وقد وصفه بالخلق العظيم واللين وأنه ليس بفظ غليظ القلب؟!
وكيف يعرض النبي عن مسلم ثابت على إيمانه جاء ليتعلم منه,وقد قال تعالى : " ولاتطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه "!؟
ومن عرف النبي وحسن أخلاقه وما خصه الله تعالى به من مكارم الأخلاق وحسن الصحبة.
فمن هذه صفته كيف يقطب وجهه في وجه أعمى جاء يطلب زيادة الإيمان.
على أن الأنبياء ( عليهم السلام ) منزهون عن مثل هذه الأخلاق وعما دونها,لما في ذلك من التنفير عن قبول دعوتهم والإصغاء الى كلامهم.
ولايجوز مثل هذا على الأنبياء من عرف مقدارهم وتبين نعتهم.
نعم,قال قوم : إن هذه الآيات نزلت في رجل من بني امية كان واقفاً الى جنب النبي,فلما اقبل ابن أم مكتوم تقذر وجمع نفسه وعبس وتولى ,فحكى الله ذلك وأنكره معاتباً له.
فيكون قد عاتب الله سبحانه نبيه بذلك,لياخذه بأوفر محاسن الأخلاق,وينبهه على عظيم حال المؤمن المسترشد,ويعرفه أن تأليف المؤمن ليقيم على إيمانه أولى من تأليف المشرك طمعاً في إيمانه.
و قال الجبائي: في هذا دلالة على أن الفعل إنما يكون معصية فيما بعد لا في الماضي,فلا يدل على أنه كان معصية قبل النهي عنه,ولم ينهه
( صلى الله عليه و سلم ) إلا في هذا الوقت.
وقيل : إن ما فعله الأعمى كان نوعاً من سوء الأدب.
فحسن تأديبه بالإعراض عنه.
إلا أنه كان يجوز أن يتوهم أنه أعرض عنه لفقره,وأقبل عليهم لرياستهم تعظيماً لهم.فعاتبه الله على ذلك.
قال :
فضلاً عن أن سياق السورة يابى إرادة النبي في توجيه الملامة إليه.
ذلك : أن التعابير الواردة في السورة ثلاثة "عبس" ,"تولى" ,"تلهى" الأولان بصيغة الغياب والأخيرة خطاب.
على أن الأولين ( عبس وتولى ) فعلان قصديان ( يصدران عن صقد وإرادة وعن توجه من النفس ) .والأخير (تلهى) فعل غير قصدي ( صادر لا عن إرادة ولا عن توجه من النفس) .فإن الإنسان إذا توجه بكليته الى جانب فإنه ملته عن الجانب الآخر,على ما تقتضيه طبيعة النفس الإنسانية المحدودة,لايمكنه التوجه الى جوانب عديدة في لحظة واحدة!إنما هو الله,لايشغله شأن عن شأن!
وها الفعل الأخير كان قد توجه الخطاب – عتاباً – الى النبي,لانشغاله بالنجوى مع القوم وقد ألهاه ذلك عن الإصغاء لمسألة هذا الوارد,من غير أن يشعر به.
فهذا مما يجوز توجيه الملامة إليه ( صلى الله عليه و سلم ) : كيف يصرف بكل همه نحو قوم هم ألداء ,بحيث يصرفه عمن يأتيه بين حين وآخر,وهو نبي بعث الى كافة الناس.
وهو عتاب رقيق لطيف يناسب شأن نبي هو "بالمؤمنين رؤوف رحيم " .
أما الفعلان الأولان فقد صدرا عن قصد وإرادة,كانا قبيحين الى حد بعيد,الأمر الذي يتناسب مع ذلك الأموي المترفع بأنفه المعتز بثروته وترفه في الحياة.وكان معروفاً بذلك.
وعليه فلا يمكن أن يكون المعني بالفعل الثالث
( غير العمدي ) هو المعنى بالفعلين الأولين
( العمديين ) .
المصدر " شبهات وردود حول القرآن الكريم.
......................
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب.هود88.
عدل سابقا من قبل أن تعرف أكثر في الثلاثاء فبراير 15, 2011 3:09 pm عدل 1 مرات