بسم الله الرحمن الرحيم
- قضى غرقا و هو لم يتجاوز العقد الرابع من عمره، كما ترجح أكثر المصادر ، ولو عمر أكثر لكان الأشعر في عصره،كما قال الهيثم بن أحمد في سياق الترجمة له و الحديث عنه :
ذاك هو الشاعر إبراهيم بن سهل الأندلسي الإشبيلي، الذي يطالعنا في بعض جوانبه بسمة السموأل بن عاديا في جاهلية العرب ، فهو كمثله إسرائيلي يهودي، وله- على غراره - ديوان شعر يحتل منزلة خاصة في التراث العربي ، فهما - مع بعد الشقة بينهما - يحملان طابعا واحدا من طوابع العربية في كثير من سماتها البيانية و الأسلوبية، و أطرها من الأصالة أو الكلاسيكية ، و لعل أهم الفوارق بين هذين الشاعرين العربيين ، أن السموأل مات على يهوديته و أن إبن سهل كان يهوديا فأسلم ، و قد حسن إسلامه ، و مدح النبي صلى الله عليه و سلم بقصيدة بديعة.
-إن ابن سهل الأندلسي الشاعر جدير بالدراسة المنهجية ذات المنحى الأطروحي الأكثر شمولا و استقصاء، و أخيرا فإن ابن سهل يحتل رقعة أثيرة في الشعر العربي لم يلتفت إليها النقاد كثيرا ...
قال ابن سهل الأندلسي :
أعيا البسالة و الحذار حبائل....سيان فيها الأسد و الآرام.
البسالة :الجرأة و الإقدام.
الحذار: الحذر.
الحبائل: المصايد و المكايد.
سيان: أو سواء ، الآرام:الضباء.
-فواجع الموت قدر يصيب الخلق جميعا ،لا فرق في ذلك بين الأقوياء و الضعفاء ، و رمز إلى ذلك بالأسد و الآرام.
-أطعت هوى طرفي لحتفي لو أنني....غضضت جفوني ما عضضت بناني.
-يقول ابن سهل أنه لو عصى هوى طرفه، لما واجه حتفه ، و لما عض بنانه ندما ، فنظرة عينه إلى حسن محبوبه هي التي جنت عليه.
-الا أن صرف الدهر بحر نوائب....و كل الورى غرقاه و القبر ساحله.
نوائب: جمع نائبة و هي البلية و المصيبة أو النازلة ، الورى: الناس.
-يقول ابن سهل الأندلسي إن صرف الدهر بحر طام من النوازل، و الناس كلهم لابد غارقون فيه ، والقبر هو شاطئ هذا البحر الطامي أي نهاية من يغرق فيه.
-ودعتها فجنيت من مر النوى....حلو الوداع منعما و معذبا
شمل تجمع حين حان شتاته....ويزيد إشراق السراج إذا خبا.
النوى: البعد.
-يقول إن وداعها كان حلوا و مرا، فحلاوته ما في الوداع من حنان و قرب، و مرارته فيما يعقب ذلك القرب من الحنين و الحرمان، صور ما في الوداع من قرب يليه بعده بجمع الشمل و شتاته ، و شبه فأجاد ذلك كله بومضة نور السراج قبل أن يخبو و ينطفئ.
-و يقول أيضا:
إن الغليظ من الرقاب إذا عتا....لم ينهه إلا الرقاق من الظبى.
-إن الرقاب الغليظة أي رقاب الجاحدين إذا عتوا لا ينهاها عن عتوها إلا الرقيق من الظبى جمع ظبة و هي حد السيف.
-المدح في شعر ابن سهل الأندلسي:
-حليف جلاد ليس تكسى سيوفه....و ثوب طراد ليس تعرى صواهله.
الجلاد: الصبر و القوة و الصلابة.
ليس تكسى سيوفه: أي تظل سيوفه مسلولة غير مغمدة ، الصواهل : الخيل.
-أعطى و هش فما لنشوة جوده....صحو و لا لسمائه إصحاء.
هش: تبسم ، مدحه بالجود و العطاء ، و قرن عطاءه بالهشاشة أي الإبتسام، فهو يعطي فرحا و صادقا و النشوة تملأ نفسه ، وقوله فما لنشوة جوده صحو، براعة في الثناء على كرم ممدوحه فهو يؤثر أن يظل في سكر دائم من نشوة العطاء فكأن سماء جوده لا ينقطع وابلها.
- إن يحسدوك أبا العباس فهو لكم....ذكر جميل و للحساد أشجان.
-قوله إن يحسدوك....فهو لكم ذكر جميل إنما ينظر قول الشاعر الكبير أبي تمام :
إذا أراد الله نشر فضيلة....طويت أتاح لها لسان حسود
فالحسد يشيع الذكر الجميل و الفضائل المطوية ، الأشجان : جمع شجن و هو هوى النفس و الهم و الحزن.
-ضمان على عينيك أني عان....صرفت إلى أيدي العناء عناني.
عان : العاني أي الأسير ، أي هو أسير عيني المحبوب ، العناء : المعاناة ، و العنان : الزمام و العنان سير اللجام.
-الهوى عندي إيمان فلا....بد منه في فؤاد و لسان.
يقول ابن سهل أن الحب كما يقال إيمان معقود في القلب ، و هو كذلك إقرار باللسان.
-و يقول أيضا:
و أرى الغيوث تطيل عندك لبثها....لتبين أنك تربها المودود
و لربما تندى اقتصاد مخفف....فترى علوك بالندى فتزيد.
-يقول إن الغيوث عندما ترى غلوك بالندى أي فيض جودك ، تحاول أن تحاكيك فتزيد في عطائها .
-و يقول أيضا:
خلفت نداك فأكثرت في حلفها....و لقد يكون من الجبان وعيد.
يقول إن الغيوث تحاول أن تباري ممدوحه في مكارمه.
-راعي الليالي بأطراف الخطوب كما....أجاد دفع الخطوب السود بالخطب.
راعي : و في رواية راع أي أخاف ، الخطوب : جمع خطب و هو كل أمر خطير ، و الخطب أيضا المصيبة ، دفع الخطوب : درؤها أو رد أذاها، و قد جانس ببراعة بين الخطوب و الخطب.
منقول
ديوان ابن سهل الأندلسي ، د.عمر فاروق الطباع ،شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم للطباعة و النشر و التو زيع، بيروت- لبنان الطبعة الأولى 1419 ه-1998م
[/size][/size]ذاك هو الشاعر إبراهيم بن سهل الأندلسي الإشبيلي، الذي يطالعنا في بعض جوانبه بسمة السموأل بن عاديا في جاهلية العرب ، فهو كمثله إسرائيلي يهودي، وله- على غراره - ديوان شعر يحتل منزلة خاصة في التراث العربي ، فهما - مع بعد الشقة بينهما - يحملان طابعا واحدا من طوابع العربية في كثير من سماتها البيانية و الأسلوبية، و أطرها من الأصالة أو الكلاسيكية ، و لعل أهم الفوارق بين هذين الشاعرين العربيين ، أن السموأل مات على يهوديته و أن إبن سهل كان يهوديا فأسلم ، و قد حسن إسلامه ، و مدح النبي صلى الله عليه و سلم بقصيدة بديعة.
-إن ابن سهل الأندلسي الشاعر جدير بالدراسة المنهجية ذات المنحى الأطروحي الأكثر شمولا و استقصاء، و أخيرا فإن ابن سهل يحتل رقعة أثيرة في الشعر العربي لم يلتفت إليها النقاد كثيرا ...
قال ابن سهل الأندلسي :
أعيا البسالة و الحذار حبائل....سيان فيها الأسد و الآرام.
البسالة :الجرأة و الإقدام.
الحذار: الحذر.
الحبائل: المصايد و المكايد.
سيان: أو سواء ، الآرام:الضباء.
-فواجع الموت قدر يصيب الخلق جميعا ،لا فرق في ذلك بين الأقوياء و الضعفاء ، و رمز إلى ذلك بالأسد و الآرام.
-أطعت هوى طرفي لحتفي لو أنني....غضضت جفوني ما عضضت بناني.
-يقول ابن سهل أنه لو عصى هوى طرفه، لما واجه حتفه ، و لما عض بنانه ندما ، فنظرة عينه إلى حسن محبوبه هي التي جنت عليه.
-الا أن صرف الدهر بحر نوائب....و كل الورى غرقاه و القبر ساحله.
نوائب: جمع نائبة و هي البلية و المصيبة أو النازلة ، الورى: الناس.
-يقول ابن سهل الأندلسي إن صرف الدهر بحر طام من النوازل، و الناس كلهم لابد غارقون فيه ، والقبر هو شاطئ هذا البحر الطامي أي نهاية من يغرق فيه.
-ودعتها فجنيت من مر النوى....حلو الوداع منعما و معذبا
شمل تجمع حين حان شتاته....ويزيد إشراق السراج إذا خبا.
النوى: البعد.
-يقول إن وداعها كان حلوا و مرا، فحلاوته ما في الوداع من حنان و قرب، و مرارته فيما يعقب ذلك القرب من الحنين و الحرمان، صور ما في الوداع من قرب يليه بعده بجمع الشمل و شتاته ، و شبه فأجاد ذلك كله بومضة نور السراج قبل أن يخبو و ينطفئ.
-و يقول أيضا:
إن الغليظ من الرقاب إذا عتا....لم ينهه إلا الرقاق من الظبى.
-إن الرقاب الغليظة أي رقاب الجاحدين إذا عتوا لا ينهاها عن عتوها إلا الرقيق من الظبى جمع ظبة و هي حد السيف.
-المدح في شعر ابن سهل الأندلسي:
-حليف جلاد ليس تكسى سيوفه....و ثوب طراد ليس تعرى صواهله.
الجلاد: الصبر و القوة و الصلابة.
ليس تكسى سيوفه: أي تظل سيوفه مسلولة غير مغمدة ، الصواهل : الخيل.
-أعطى و هش فما لنشوة جوده....صحو و لا لسمائه إصحاء.
هش: تبسم ، مدحه بالجود و العطاء ، و قرن عطاءه بالهشاشة أي الإبتسام، فهو يعطي فرحا و صادقا و النشوة تملأ نفسه ، وقوله فما لنشوة جوده صحو، براعة في الثناء على كرم ممدوحه فهو يؤثر أن يظل في سكر دائم من نشوة العطاء فكأن سماء جوده لا ينقطع وابلها.
- إن يحسدوك أبا العباس فهو لكم....ذكر جميل و للحساد أشجان.
-قوله إن يحسدوك....فهو لكم ذكر جميل إنما ينظر قول الشاعر الكبير أبي تمام :
إذا أراد الله نشر فضيلة....طويت أتاح لها لسان حسود
فالحسد يشيع الذكر الجميل و الفضائل المطوية ، الأشجان : جمع شجن و هو هوى النفس و الهم و الحزن.
-ضمان على عينيك أني عان....صرفت إلى أيدي العناء عناني.
عان : العاني أي الأسير ، أي هو أسير عيني المحبوب ، العناء : المعاناة ، و العنان : الزمام و العنان سير اللجام.
-الهوى عندي إيمان فلا....بد منه في فؤاد و لسان.
يقول ابن سهل أن الحب كما يقال إيمان معقود في القلب ، و هو كذلك إقرار باللسان.
-و يقول أيضا:
و أرى الغيوث تطيل عندك لبثها....لتبين أنك تربها المودود
و لربما تندى اقتصاد مخفف....فترى علوك بالندى فتزيد.
-يقول إن الغيوث عندما ترى غلوك بالندى أي فيض جودك ، تحاول أن تحاكيك فتزيد في عطائها .
-و يقول أيضا:
خلفت نداك فأكثرت في حلفها....و لقد يكون من الجبان وعيد.
يقول إن الغيوث تحاول أن تباري ممدوحه في مكارمه.
-راعي الليالي بأطراف الخطوب كما....أجاد دفع الخطوب السود بالخطب.
راعي : و في رواية راع أي أخاف ، الخطوب : جمع خطب و هو كل أمر خطير ، و الخطب أيضا المصيبة ، دفع الخطوب : درؤها أو رد أذاها، و قد جانس ببراعة بين الخطوب و الخطب.
منقول
ديوان ابن سهل الأندلسي ، د.عمر فاروق الطباع ،شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم للطباعة و النشر و التو زيع، بيروت- لبنان الطبعة الأولى 1419 ه-1998م