الساعة الأخيرة/ منى العمد.
.........................
"هناء" و"رنا" صديقتنا حميمتان، مع أنّه لا يبدو للنظار إليهما أن هناك أي عوامل مشتركة بينهما، فـ"هناء" ملتزمة بالحجاب الشرعي، أما "رنا" فملتزمة باتباع آخر خطوط الموضة، في لباسها وزينتها وعطرها.
وإذا قيل لـ"هناء" كيف تماشين "رنا" وهي فتاة غير محتشمة في مظهرها؟ ألا تخشين أن يصيبك منها معرة؟ قالت: إني أرى فيها خيراً كثيراً بالرغم مما ترونه منها.
اتصلت "رنا" بـ"هناء" ذات يوم، وكان موضوع حديثها كالعادة دعوة إلى التسوق، فالمحل الفلاني قد عرض تشكيلة أحذية جديدة ولديه "تخفيضات مغرية".. ضحكت هناء وقالت: أرافقك إلى السوق بإذن الله، ولكني مدعوة إلى محاضرة في المسجد، نحضر المحاضرة معاً ثمّ نذهب إلى حيث تريدين، وافقت "رنا" على إقتراح صديقتها، والتقت الفتاتان في المسجد، واتفق أنّ المحاضرة ذلك اليوم كانت عن الحجاب وأهميته ودوره في حماية المرأة والمجتمع.
ثمّ إنّ المحاضر روى للمستمعات قصة نزول آية الحجاب وسرعة إستجابة الصحابيات لأمر الله تعالى، ثمّ ذكر لهنّ جانباً من معاناة المسلمات في بعض الدول الأوروبية وفي تركيا وغيرها، وكيف يتحايلن على منع الحجاب بارتداء القبعات والشالات، وكيف تضحي بعضهنّ بالدرجة العلمية وبالوظيفة تمسكاً بحجابها.
كانت "رنا" تستمع إلى المحاضرة بقلبها وعقلها ووجدانها.
وكانت قد قالت: لـ"هناء" من قبل ذات يوم: لكن حجابك يحجب جمالك عن الناس، ألا تحبين أن يراك الناس جميلة؟
أجابت: من أجل ذلك أتحجب! ولألفت نظر الناس إلى أني إنسان له كيانه وفكره، ولست مجرد صورة جميلة.. الآن بدأت تدرك هذه المعاني السامية، نعم لست مجرد صورة.
ما أن انتهى المحاضر حتى أخذت "هناء" بيدها تقول: هيا الآن يمكننا أن نذهب.. قالت "رنا": نذهب.. إلى أين؟!
قالت "هناء": إلى السوق، هل نسيت الأحذية والتخفيضات؟
قالت "رنا" باستنكار: أخرج إلى الشارع هكذا وأشارت إلى ملابسها وهي تتابع، ويراني الناس هكذا بهذه الملابس الفاضحة؟
قالت "هناء" مستبشرة: جميل جدّاً ما أسمع، ولكن ما العمل الآن؟
ردت في إصرار: لا، لا يمكنني الخروج هكذا مطلقاً.
قالت "هناء": تخرجين كما دخلت اليوم وغداً يوم آخر.
ردت "رنا": دخلت وأنا غافلة، لكني الآن أفقت، وأضافت في إصرار عجيب: ولن أخرج من هنا أبداً دون حجاب.
سمعت إحدى الحاضرات طرف الحديث فاقتربت مستفهمة، ولما أدركت الموقف، قالت لـ"رنا": بورك فيك يا أختاه وهنيئاً لك هذا الإقبال الصادق، ثمّ أضافت: انتظريني هنا، أنا جارة المسجد سآتيك بجلباب من بيتي، خرجت المرأة وسرعان ما عادت وهي تحمل جلباباً وخماراً وتقدمهما إلى "رنا" في سرور، عانقتها "رنا" شاكرة ولبست حجابها وأخذت الحاضرات يباركن لها عودتها المفاجئة إلى الله، خرجت الفتاتان من المسجد تغمرهما سعادة لا توصف، وأخذتا تمشيان في طريقهما إلى السوق حسب الإتفاق بينهما، وما هي إلا دقائق حتى وقع قربهما حادث سير، وفي سرعة خاطفة اتجهت إحدى السيارتين إلى الرصيف وصدمت "رنا"، فخرت الفتاة مضرجة بدمائها وأخذت تنطق الشهادتين وهي تبتسم في رضا عجيب.
.........
موقع البلاغ
.........................
"هناء" و"رنا" صديقتنا حميمتان، مع أنّه لا يبدو للنظار إليهما أن هناك أي عوامل مشتركة بينهما، فـ"هناء" ملتزمة بالحجاب الشرعي، أما "رنا" فملتزمة باتباع آخر خطوط الموضة، في لباسها وزينتها وعطرها.
وإذا قيل لـ"هناء" كيف تماشين "رنا" وهي فتاة غير محتشمة في مظهرها؟ ألا تخشين أن يصيبك منها معرة؟ قالت: إني أرى فيها خيراً كثيراً بالرغم مما ترونه منها.
اتصلت "رنا" بـ"هناء" ذات يوم، وكان موضوع حديثها كالعادة دعوة إلى التسوق، فالمحل الفلاني قد عرض تشكيلة أحذية جديدة ولديه "تخفيضات مغرية".. ضحكت هناء وقالت: أرافقك إلى السوق بإذن الله، ولكني مدعوة إلى محاضرة في المسجد، نحضر المحاضرة معاً ثمّ نذهب إلى حيث تريدين، وافقت "رنا" على إقتراح صديقتها، والتقت الفتاتان في المسجد، واتفق أنّ المحاضرة ذلك اليوم كانت عن الحجاب وأهميته ودوره في حماية المرأة والمجتمع.
ثمّ إنّ المحاضر روى للمستمعات قصة نزول آية الحجاب وسرعة إستجابة الصحابيات لأمر الله تعالى، ثمّ ذكر لهنّ جانباً من معاناة المسلمات في بعض الدول الأوروبية وفي تركيا وغيرها، وكيف يتحايلن على منع الحجاب بارتداء القبعات والشالات، وكيف تضحي بعضهنّ بالدرجة العلمية وبالوظيفة تمسكاً بحجابها.
كانت "رنا" تستمع إلى المحاضرة بقلبها وعقلها ووجدانها.
وكانت قد قالت: لـ"هناء" من قبل ذات يوم: لكن حجابك يحجب جمالك عن الناس، ألا تحبين أن يراك الناس جميلة؟
أجابت: من أجل ذلك أتحجب! ولألفت نظر الناس إلى أني إنسان له كيانه وفكره، ولست مجرد صورة جميلة.. الآن بدأت تدرك هذه المعاني السامية، نعم لست مجرد صورة.
ما أن انتهى المحاضر حتى أخذت "هناء" بيدها تقول: هيا الآن يمكننا أن نذهب.. قالت "رنا": نذهب.. إلى أين؟!
قالت "هناء": إلى السوق، هل نسيت الأحذية والتخفيضات؟
قالت "رنا" باستنكار: أخرج إلى الشارع هكذا وأشارت إلى ملابسها وهي تتابع، ويراني الناس هكذا بهذه الملابس الفاضحة؟
قالت "هناء" مستبشرة: جميل جدّاً ما أسمع، ولكن ما العمل الآن؟
ردت في إصرار: لا، لا يمكنني الخروج هكذا مطلقاً.
قالت "هناء": تخرجين كما دخلت اليوم وغداً يوم آخر.
ردت "رنا": دخلت وأنا غافلة، لكني الآن أفقت، وأضافت في إصرار عجيب: ولن أخرج من هنا أبداً دون حجاب.
سمعت إحدى الحاضرات طرف الحديث فاقتربت مستفهمة، ولما أدركت الموقف، قالت لـ"رنا": بورك فيك يا أختاه وهنيئاً لك هذا الإقبال الصادق، ثمّ أضافت: انتظريني هنا، أنا جارة المسجد سآتيك بجلباب من بيتي، خرجت المرأة وسرعان ما عادت وهي تحمل جلباباً وخماراً وتقدمهما إلى "رنا" في سرور، عانقتها "رنا" شاكرة ولبست حجابها وأخذت الحاضرات يباركن لها عودتها المفاجئة إلى الله، خرجت الفتاتان من المسجد تغمرهما سعادة لا توصف، وأخذتا تمشيان في طريقهما إلى السوق حسب الإتفاق بينهما، وما هي إلا دقائق حتى وقع قربهما حادث سير، وفي سرعة خاطفة اتجهت إحدى السيارتين إلى الرصيف وصدمت "رنا"، فخرت الفتاة مضرجة بدمائها وأخذت تنطق الشهادتين وهي تبتسم في رضا عجيب.
.........
موقع البلاغ