قــصة مؤثــرة !!!
................
باتت أختي شاحبة الوجه نحيلة الجسم..
و لكنها كعادتها تقرأ القرآن الكريم..
تبحث عنها تجدها في مصلاها..
راكعة ساجدة رافعة يديها إلى السماء..
هكذا في الصباح و في المساء و في جوف الليل لا تفتر و لا تمل..
كنت أحرص على قراءة المجلات الفنية و الكتب ذات الطابع القصصي..
أشاهد الفيديو بكثرة لدرجة أنني عرفت به..
و من أكثر من شئ عرف به..
لا أؤدي واجباتي كاملة و لست منضبطا في صلواتي..
بعد أن أغلقت جهاز الفيديو و قد شاهدت أفلاماً متنوعة لمدة ثلاث ساعات متواصلة..
هاهو الأذان يرتفع في المسجد المجاور..
عدت إلى فراشي..
تناديني من مصلاها..اجبت نعم ما ذا تريدين يا اختي ؟.
قالت لي بنبرة حادة لا تنام قبل أن تصلي الفجر..
أوه..بقى ساعة على صلاة الفجر و ما سمعتيه كان الأذان الأول..
بنبرتها الحنونة هكذا هي حتى قبل أن يصيبها المرض الخبيث و تسقط طريحة الفراش..
نادتني..تعال يا اخي بجانبي..
لا أستطيع إطلاقاً رد طلبها..
تشعر بصفائها و صداقتها لا شك طائعاً ستلبي..
ماذا تريدين ؟..
اجلس.
ها قد جلست ماذا لديك..
بصوت عذب رخيم :
" كل نفس ذائقة الموت و إنما توفون أجوركم يوم القيامة ".
سكتت برهة..ثم سألتني..
ألم تؤمن بالموت ؟
بلى مؤمن..
ألم تؤمن بأنك ستحاسب على كل صغيرة و كبيرة ؟.
بلى و لكن الله غفور رحيم..و العمر طويل
يا أخي..ألا تخاف من الموت و بغتته ؟.
انظر فلان أصغر منك و توفى في حادث سيارة..
و فلانة..و فلانة..الموت لا يعرف العمر..و ليس مقاساً له..
أجبتها بصوت الخائف حيث مصلاها المظلم..
إنني أخاف من الظلام وأخفتيني من الموت..كيف أنام الآن ؟.
كنت أظن أنك وافقت للسفر معنا هذه الإجازة..
فجأة..تحشرج صوتها و اهتز قلبي
لعلي هذه السنة أسافر سفراً بعيداً..إلى مكان آخر..
ربما يا اخي..الأعمار بيد الله..و انفجرت بالبكاء..
تفكر في مرضها الخبيث و أن الأطباء أخبروا أبي سراً أن المرض لن يمهلها طويلاً..
و لكن من أخبرها بذلك ؟..أم أنها تتوقع..
مالك تفكر ؟
جاءني صوتها القوي هذه المرة..
هل تعتقد أني أقول هذا لأنني مريضة ؟..
كلا..ربما أكون أطول عمراً من الأصحاء..
و أنت إلى متى ستعيش..
ربما عشرين سنة..
ربما أربعون سنة ثم ماذا ؟..
لمعت يدها في الظلام و هزتها بقوة..
لا فرق بيننا كلنا سنرحل و سنغادر هذه الدنيا إما إلى جنة و إما إلى نار..
ألم تسمع قول الله : " فمن زحزح عن النار و أدخل الجنة فقد فاز ".
تصبحين على خير..
هرولت مسرعا و صوتها يطرق أذني..
هداك الله..
لا تنسى الصلاة..
...........
الثامنة صباحاً..
أسمع طرقاً على الباب..هذا ليس موعد استيقاظي..
بكاء..و أصوات..ماذا جرى..
لقد تردت حالة اختي..و ذهب بها أخي إلى المستشفى..
إنا لله و إنا إليه راجعون..
لا سفر هذه السنة..مكتوب علي هذه السنة في بيتنا..بعد انتظار طويل..
عند الساعة الواحدة ظهراً..
هاتفنا من أخي في المستشفى..
تستطيعون زيارتها هيا بسرعة
أخبرتني أمي أن حديث أخي غير مطمئن و أن صوته متغير..
أين السائق..ركبنا على عجل..
أين الطريق الذي كنت أذهب لأتمشى مع السائق فيه ؟
يبدوا قصيراً..ماله اليوم طويل..و طويل جداُ..
أين ذلك الزحام المحبب إلى نفسي كي ألتفت يمنة و يسرة..
زحام أصبح قاتلاً مملاً..
أمي بجواري تدعوا لها..
إنها بنت صالحة و مطيعة..
لم أرها تضيع وقتها أبداً..
دلفنا من الباب الخارجي للمستشفى..
هذا مريض يتأوه..
و هذا مصاب بحادث سيارة,و ثالث عيناه غائرتان..
لا تدري هل هم من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة !!
منظر عجيب لم أره من قبل..
صعدنا درجات السلم بسرعة..
إنها في غرفة العناية المركزة..و سآخذكم إليها..
ثم واصلت الممرضة إنها بنت طيبة
و طمأنت أمي أنها في تحسن بعد الغيبوبة التي حصلت لها..
ممنوع الدخول لأكثر من شخص واحد..
هذه هي غرفة العناية المركزة..
وسط زحام الأطباء و عبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة
أرى عيني أختي تنظر إلى و أمي واقفة بجوارها..
بعد دقيقتين خرجت أمي التي لم تستطيع إخفاء دموعها..
سمحوا لي بالدخول و السلام عليها بشرط أن لا أتحدث معها كثيراً..
دقيقتين كافية لك..
كيف حالك يااختي..
لقد كنتي بخير مساء البارحة..ما ذا جرى لك ؟
أجابتني بعد أن ضغطت على يدي..
*و أنا الآن و الله الحمد بخير..
*الحمد لله و لكن يدك باردة..
كنت جالس على حافة السرير و لامست ساقها..
أبعدته عني..آسف إذا ضايقتك..
كلا و لكني تفكرت في قوله تعالى :
"و التفت الساق بالساق * إلى ربك يومئذٍ المساق "،
عليك بالدعاء لي فربما أستقبل عن قريب أول أيام الآخرة..
سفري بعيد و زادي قليل..
سقطت دمعة من عيني بعد أن سمعت ما قالت و بكيت..
لم أع أين أنا..
استمرت عيناي في البكاء..
أصبحت أمي خائفه علي أكثر من اختي..
لم يتعودوا هذا البكاء و الانطواء في غرفتي..
مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين..
ساد صمت طويل في بيتنا..
دخل علي ابن خالتي..و ابن خالي
أحداث سريعة
كثر القادمون..
اختلطت الأصوات..
شيء واحد عرفته..
اختي ماتت..
لم أعد أميز من جاء..
و لا أعرف ماذا قالوا..
يا الله ..أين أنا و ماذا يجري ؟
عجزت عن البكاء..
فيما بعد أخبروني أن أخي أخذ بيدي لوداع أختي الوداع الأخير..
و أني قبلتها..
لم أعد أتذكر إلا شيئاً واحداً..
حين نظرت إليها مسجاة على فراش الموت..
تذكر قولها " و التفت الساق بالساق "
عرفت الحقيقة " إلى ربك يومئذٍ المساق " .
لم أعرف أنني عدت إلى مصلاها إلا تلك الليلة..
و حينها تذكرت من قاسمتني رحم أمي فنحن توأمين..
تذكرت من شاركتني همومي..
تذكرت من نفست عن كربتي..
من دعت لي بالهداية..
من ذرفت دموعها ليالي طويلة و هي تحدثني عن الموت و الحساب..
و الله المستعان..
هذه أول ليلة لها في قبرها..
اللهم ارحمها و نور لها قبرها..
هذا هو مصحفها..و هذه سجادتها..و هذا..و هذا..
تذكرتها و بكيت على أيامي الضائعة..
بكيت بكاء متواصلاً..
و دعوت الله أن يرحمني و يتوب عليّ و يعفوا عني..
دعوت الله أن يثبتها في قبرها كما كانت تحب أن تدعو..
فجأة سألت نفسي ماذا لو كان الميت أنا ؟ ما مصيري ؟..
لم أبحث عن الإجابة من الخوف الذي أصابني..بكيت بحرقة..
الله أكبر...الله أكبر..
ها هو أذان الفجر قد ارتفع..
لكن ما أعذبه هذه المرة..
أحسست بطمأنينة و راحة و أنا أردد ما يقوله المؤذن..
و قمت واقفة أصلي صلاة الفجر..
صليت صلاة مودع..كما صلتها أختي من قبل
و كانت آخر صلاة لها..
إذا أصبحت لا أنتظر المساء..
و إذا أمسيت لا أنتظر الصباح..
................
باتت أختي شاحبة الوجه نحيلة الجسم..
و لكنها كعادتها تقرأ القرآن الكريم..
تبحث عنها تجدها في مصلاها..
راكعة ساجدة رافعة يديها إلى السماء..
هكذا في الصباح و في المساء و في جوف الليل لا تفتر و لا تمل..
كنت أحرص على قراءة المجلات الفنية و الكتب ذات الطابع القصصي..
أشاهد الفيديو بكثرة لدرجة أنني عرفت به..
و من أكثر من شئ عرف به..
لا أؤدي واجباتي كاملة و لست منضبطا في صلواتي..
بعد أن أغلقت جهاز الفيديو و قد شاهدت أفلاماً متنوعة لمدة ثلاث ساعات متواصلة..
هاهو الأذان يرتفع في المسجد المجاور..
عدت إلى فراشي..
تناديني من مصلاها..اجبت نعم ما ذا تريدين يا اختي ؟.
قالت لي بنبرة حادة لا تنام قبل أن تصلي الفجر..
أوه..بقى ساعة على صلاة الفجر و ما سمعتيه كان الأذان الأول..
بنبرتها الحنونة هكذا هي حتى قبل أن يصيبها المرض الخبيث و تسقط طريحة الفراش..
نادتني..تعال يا اخي بجانبي..
لا أستطيع إطلاقاً رد طلبها..
تشعر بصفائها و صداقتها لا شك طائعاً ستلبي..
ماذا تريدين ؟..
اجلس.
ها قد جلست ماذا لديك..
بصوت عذب رخيم :
" كل نفس ذائقة الموت و إنما توفون أجوركم يوم القيامة ".
سكتت برهة..ثم سألتني..
ألم تؤمن بالموت ؟
بلى مؤمن..
ألم تؤمن بأنك ستحاسب على كل صغيرة و كبيرة ؟.
بلى و لكن الله غفور رحيم..و العمر طويل
يا أخي..ألا تخاف من الموت و بغتته ؟.
انظر فلان أصغر منك و توفى في حادث سيارة..
و فلانة..و فلانة..الموت لا يعرف العمر..و ليس مقاساً له..
أجبتها بصوت الخائف حيث مصلاها المظلم..
إنني أخاف من الظلام وأخفتيني من الموت..كيف أنام الآن ؟.
كنت أظن أنك وافقت للسفر معنا هذه الإجازة..
فجأة..تحشرج صوتها و اهتز قلبي
لعلي هذه السنة أسافر سفراً بعيداً..إلى مكان آخر..
ربما يا اخي..الأعمار بيد الله..و انفجرت بالبكاء..
تفكر في مرضها الخبيث و أن الأطباء أخبروا أبي سراً أن المرض لن يمهلها طويلاً..
و لكن من أخبرها بذلك ؟..أم أنها تتوقع..
مالك تفكر ؟
جاءني صوتها القوي هذه المرة..
هل تعتقد أني أقول هذا لأنني مريضة ؟..
كلا..ربما أكون أطول عمراً من الأصحاء..
و أنت إلى متى ستعيش..
ربما عشرين سنة..
ربما أربعون سنة ثم ماذا ؟..
لمعت يدها في الظلام و هزتها بقوة..
لا فرق بيننا كلنا سنرحل و سنغادر هذه الدنيا إما إلى جنة و إما إلى نار..
ألم تسمع قول الله : " فمن زحزح عن النار و أدخل الجنة فقد فاز ".
تصبحين على خير..
هرولت مسرعا و صوتها يطرق أذني..
هداك الله..
لا تنسى الصلاة..
...........
الثامنة صباحاً..
أسمع طرقاً على الباب..هذا ليس موعد استيقاظي..
بكاء..و أصوات..ماذا جرى..
لقد تردت حالة اختي..و ذهب بها أخي إلى المستشفى..
إنا لله و إنا إليه راجعون..
لا سفر هذه السنة..مكتوب علي هذه السنة في بيتنا..بعد انتظار طويل..
عند الساعة الواحدة ظهراً..
هاتفنا من أخي في المستشفى..
تستطيعون زيارتها هيا بسرعة
أخبرتني أمي أن حديث أخي غير مطمئن و أن صوته متغير..
أين السائق..ركبنا على عجل..
أين الطريق الذي كنت أذهب لأتمشى مع السائق فيه ؟
يبدوا قصيراً..ماله اليوم طويل..و طويل جداُ..
أين ذلك الزحام المحبب إلى نفسي كي ألتفت يمنة و يسرة..
زحام أصبح قاتلاً مملاً..
أمي بجواري تدعوا لها..
إنها بنت صالحة و مطيعة..
لم أرها تضيع وقتها أبداً..
دلفنا من الباب الخارجي للمستشفى..
هذا مريض يتأوه..
و هذا مصاب بحادث سيارة,و ثالث عيناه غائرتان..
لا تدري هل هم من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة !!
منظر عجيب لم أره من قبل..
صعدنا درجات السلم بسرعة..
إنها في غرفة العناية المركزة..و سآخذكم إليها..
ثم واصلت الممرضة إنها بنت طيبة
و طمأنت أمي أنها في تحسن بعد الغيبوبة التي حصلت لها..
ممنوع الدخول لأكثر من شخص واحد..
هذه هي غرفة العناية المركزة..
وسط زحام الأطباء و عبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة
أرى عيني أختي تنظر إلى و أمي واقفة بجوارها..
بعد دقيقتين خرجت أمي التي لم تستطيع إخفاء دموعها..
سمحوا لي بالدخول و السلام عليها بشرط أن لا أتحدث معها كثيراً..
دقيقتين كافية لك..
كيف حالك يااختي..
لقد كنتي بخير مساء البارحة..ما ذا جرى لك ؟
أجابتني بعد أن ضغطت على يدي..
*و أنا الآن و الله الحمد بخير..
*الحمد لله و لكن يدك باردة..
كنت جالس على حافة السرير و لامست ساقها..
أبعدته عني..آسف إذا ضايقتك..
كلا و لكني تفكرت في قوله تعالى :
"و التفت الساق بالساق * إلى ربك يومئذٍ المساق "،
عليك بالدعاء لي فربما أستقبل عن قريب أول أيام الآخرة..
سفري بعيد و زادي قليل..
سقطت دمعة من عيني بعد أن سمعت ما قالت و بكيت..
لم أع أين أنا..
استمرت عيناي في البكاء..
أصبحت أمي خائفه علي أكثر من اختي..
لم يتعودوا هذا البكاء و الانطواء في غرفتي..
مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين..
ساد صمت طويل في بيتنا..
دخل علي ابن خالتي..و ابن خالي
أحداث سريعة
كثر القادمون..
اختلطت الأصوات..
شيء واحد عرفته..
اختي ماتت..
لم أعد أميز من جاء..
و لا أعرف ماذا قالوا..
يا الله ..أين أنا و ماذا يجري ؟
عجزت عن البكاء..
فيما بعد أخبروني أن أخي أخذ بيدي لوداع أختي الوداع الأخير..
و أني قبلتها..
لم أعد أتذكر إلا شيئاً واحداً..
حين نظرت إليها مسجاة على فراش الموت..
تذكر قولها " و التفت الساق بالساق "
عرفت الحقيقة " إلى ربك يومئذٍ المساق " .
لم أعرف أنني عدت إلى مصلاها إلا تلك الليلة..
و حينها تذكرت من قاسمتني رحم أمي فنحن توأمين..
تذكرت من شاركتني همومي..
تذكرت من نفست عن كربتي..
من دعت لي بالهداية..
من ذرفت دموعها ليالي طويلة و هي تحدثني عن الموت و الحساب..
و الله المستعان..
هذه أول ليلة لها في قبرها..
اللهم ارحمها و نور لها قبرها..
هذا هو مصحفها..و هذه سجادتها..و هذا..و هذا..
تذكرتها و بكيت على أيامي الضائعة..
بكيت بكاء متواصلاً..
و دعوت الله أن يرحمني و يتوب عليّ و يعفوا عني..
دعوت الله أن يثبتها في قبرها كما كانت تحب أن تدعو..
فجأة سألت نفسي ماذا لو كان الميت أنا ؟ ما مصيري ؟..
لم أبحث عن الإجابة من الخوف الذي أصابني..بكيت بحرقة..
الله أكبر...الله أكبر..
ها هو أذان الفجر قد ارتفع..
لكن ما أعذبه هذه المرة..
أحسست بطمأنينة و راحة و أنا أردد ما يقوله المؤذن..
و قمت واقفة أصلي صلاة الفجر..
صليت صلاة مودع..كما صلتها أختي من قبل
و كانت آخر صلاة لها..
إذا أصبحت لا أنتظر المساء..
و إذا أمسيت لا أنتظر الصباح..