كيف طلب القرآن أن نتعامل معه؟
.....
إنّ من لطف الله تعالى و رحمته بالمسلمين أن عرّفهم كيف يتعاملون مع كتابهم الأوّل،فلقد وردت عدّة آيات تحدِّثنا عن ذلك،منها:
1- تدبّر: و ذلك هو قوله تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمّد/ 24).
قلوب مقفلة..مثل بيوت أو دكاكين أو صناديق مقفلة..أبواب موصدة،و نوافذ مغلقة،و ستائر مسدلة..هل يمكن أن يدخل نور أو هواء أي شيء آخر؟
إنّ القلوب المقفلة التي لا تستقبل شعاعةً من نور،و لا نسمة من هواء،هي أشبه بقبر تسكنه الوحشة و الديدان.
و القلب الذي لا يدخله نور القرآن و لا تحرِّكه نسائم القرآن،قلب فسد الهواء في داخله و غمرته العتمة حتى عاد كالخربة أو المكان المهجور.
و لا يتسلل نور القرآن إلّا إلى أذن وعت القرآن و قلب تدبّر القرآن،و نفسٍ كالوادي العميق استقبلت أمطار القرآن.
......
2- التذكّر: و ذلك قوله تعالى: (وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (القمر/ 17).
فالقرآن واضح بيِّن و سهل الفهم،في قصصه و عبره و مفاهيمه و تعاليمه.
فكلّ ما فيه تعليمات ربّانية للخروج من دائرة الغفلة و اللّامبالاة إلى رحاب الوعي و التذكّر و اليقظة.
و إنّ ممّا يساعدنا على قراءة القرآن بـ(تدبّر) و (تفكّر) أمور منها:
- قراءة ما تيسّر منه،أي الممكن الذي تسمح به ظروفنا و أوقاتنا.و ذلك هو قوله تعالى: (فاقرأوا ما تيسّر مِن الْقُرْآن) (المزمل/ 20).
أي ليس هناك تحديد إلزامي بعدد الآيات التي يُستحسن أن نقرأها،فالمجال متروك لنا في قراءة القدر المستطاع منه.
فالمهم ليس كثرة القراءة و إنّما نوع القراءة،و هذا ينسجم مع التدبّر و التفكّر في القرآن.
- القراءة على مهل،و هو قوله تعالى: (وَ قُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ) (الإسراء/ 106).
حتى يتعلّم المسلمون القرآن شيئاً فشيئاً،و لذلك ورد في السيرة أنّ النبيّ (صلى الله عليه و سلم) كان يعلّم المسلمين عشر آيات حتّى إذا تعلّموها علّمهم العشرة الأخرى،و التعليم لم يكن بحفظ الكلمات و معرفة المعاني،و إنّما بالعمل بها أيضاً.
....
3- الإستعاذة قبل القراءة: وهو قوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (النحل/ 98).
فمن شأن الشيطان أن يصرفنا عن كلّ عمل خيِّر و صالح نريد أن نتقرّب به إلى الله سبحانه و تعالى،و ذلك قوله بلسانه: (لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) (الأعراف/ 16).
فحتّى ندخل عالم القرآن الكريم بلا حجاب حاجز،علينا أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
فالله خيرٌ حافظاً،و هو خير محام و دافع للشيطان عنّا،(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِن الجنّة والنّاس) (الناس/ 1-6).
و ذلك لئلّا تقرأ الحروف و لا تتدبّر المعاني فتنتهي من السورة و لم يعلق في وجدانك منها شيء،و بهذا يصدق على القراءة من هذا النوع أنّها قراءة هذر،أي لا فائدة فيها.
......
4- الإستماع و الإنصات: و ذلك هو قوله تعالى: (وَ إِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأعراف/ 204).
فمستمع القرآن قد يتلقّى القرآن في لحظات الصفاء و الإصغاء بغير ما يتلقّاه و هو ساهٍ.
فربّ آيات قرأناها مراراً لكنّها لم تترك في نفوسنا الأثر المطلوب،كما يتركه ترتيل شجيّ حزين،يجسّد الآيات تجسيداً،فكأنّنا نرى المشاهد المخيفة و السارّة بأمّ اعيننا،كما في مشاهد القيامة و الجنّة و النّار،أو يحبّب إلينا أعمال البرّ و الإحسان و يبغّض إلينا أعمال الشرّ و الشرك و الإثم و العدوان.
و لقد استمع جماعة من الجنّ إلى القرآن..فاتّبعوه.
و استمع إليه جماعة من مشركي قريش..فاتّبعوه.
و استمع إليه جماعة من غير المسلمين..فاتّبعوه.
و ما يدريك فربّ آية غيّرت مجرى حياة.
........
5- إعتماد الترتيل: كطريقة في تحسين الصوت بقراءة القرآن ليبلغ أثره في النفوس.
و ذلك قوله تعالى: (و رتِّل القُرْآن تَرْتِيلا) (المزمل/ 4).
و الترتيل له إيقاع أجمل من التلاوة،و لذلك قال النبي (صلى الله عليه و سلم): "لكلّ شيء حلية و حلية القرآن الصوت الحسن".
.....
6- الرجوع إلى أهل الذكر: و هم أهل العلم بالقرآن،بأن نرجع إليهم في معرفة معاني الآيات و مداليلها،و ذلك قوله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل/ 43).
و قوله: (وَ مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (آل عمران/ 7).
و قد اختلف المفسِّرون في مَنْ هم هؤلاء،لكنّ الأقرب إلى القبول هم الأئمّة من آل بيت النبي (صلى الله عليه و سلم) الذي أخذوا علم الكتاب من عين صافية،من رسول الله (صلى الله عليه و سلم)،و يمكن أن يستفاد في ذلك الآن من علماء الأُمّة الذين تلقّوا فهمهم للقرآن بطرق صحيحة معتبرة،و خلت تفاسيرهم من التوهين أو المغالاة.
........
موقع البلاغ.
www.balagh.com
.....
إنّ من لطف الله تعالى و رحمته بالمسلمين أن عرّفهم كيف يتعاملون مع كتابهم الأوّل،فلقد وردت عدّة آيات تحدِّثنا عن ذلك،منها:
1- تدبّر: و ذلك هو قوله تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمّد/ 24).
قلوب مقفلة..مثل بيوت أو دكاكين أو صناديق مقفلة..أبواب موصدة،و نوافذ مغلقة،و ستائر مسدلة..هل يمكن أن يدخل نور أو هواء أي شيء آخر؟
إنّ القلوب المقفلة التي لا تستقبل شعاعةً من نور،و لا نسمة من هواء،هي أشبه بقبر تسكنه الوحشة و الديدان.
و القلب الذي لا يدخله نور القرآن و لا تحرِّكه نسائم القرآن،قلب فسد الهواء في داخله و غمرته العتمة حتى عاد كالخربة أو المكان المهجور.
و لا يتسلل نور القرآن إلّا إلى أذن وعت القرآن و قلب تدبّر القرآن،و نفسٍ كالوادي العميق استقبلت أمطار القرآن.
......
2- التذكّر: و ذلك قوله تعالى: (وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (القمر/ 17).
فالقرآن واضح بيِّن و سهل الفهم،في قصصه و عبره و مفاهيمه و تعاليمه.
فكلّ ما فيه تعليمات ربّانية للخروج من دائرة الغفلة و اللّامبالاة إلى رحاب الوعي و التذكّر و اليقظة.
و إنّ ممّا يساعدنا على قراءة القرآن بـ(تدبّر) و (تفكّر) أمور منها:
- قراءة ما تيسّر منه،أي الممكن الذي تسمح به ظروفنا و أوقاتنا.و ذلك هو قوله تعالى: (فاقرأوا ما تيسّر مِن الْقُرْآن) (المزمل/ 20).
أي ليس هناك تحديد إلزامي بعدد الآيات التي يُستحسن أن نقرأها،فالمجال متروك لنا في قراءة القدر المستطاع منه.
فالمهم ليس كثرة القراءة و إنّما نوع القراءة،و هذا ينسجم مع التدبّر و التفكّر في القرآن.
- القراءة على مهل،و هو قوله تعالى: (وَ قُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ) (الإسراء/ 106).
حتى يتعلّم المسلمون القرآن شيئاً فشيئاً،و لذلك ورد في السيرة أنّ النبيّ (صلى الله عليه و سلم) كان يعلّم المسلمين عشر آيات حتّى إذا تعلّموها علّمهم العشرة الأخرى،و التعليم لم يكن بحفظ الكلمات و معرفة المعاني،و إنّما بالعمل بها أيضاً.
....
3- الإستعاذة قبل القراءة: وهو قوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (النحل/ 98).
فمن شأن الشيطان أن يصرفنا عن كلّ عمل خيِّر و صالح نريد أن نتقرّب به إلى الله سبحانه و تعالى،و ذلك قوله بلسانه: (لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) (الأعراف/ 16).
فحتّى ندخل عالم القرآن الكريم بلا حجاب حاجز،علينا أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
فالله خيرٌ حافظاً،و هو خير محام و دافع للشيطان عنّا،(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِن الجنّة والنّاس) (الناس/ 1-6).
و ذلك لئلّا تقرأ الحروف و لا تتدبّر المعاني فتنتهي من السورة و لم يعلق في وجدانك منها شيء،و بهذا يصدق على القراءة من هذا النوع أنّها قراءة هذر،أي لا فائدة فيها.
......
4- الإستماع و الإنصات: و ذلك هو قوله تعالى: (وَ إِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأعراف/ 204).
فمستمع القرآن قد يتلقّى القرآن في لحظات الصفاء و الإصغاء بغير ما يتلقّاه و هو ساهٍ.
فربّ آيات قرأناها مراراً لكنّها لم تترك في نفوسنا الأثر المطلوب،كما يتركه ترتيل شجيّ حزين،يجسّد الآيات تجسيداً،فكأنّنا نرى المشاهد المخيفة و السارّة بأمّ اعيننا،كما في مشاهد القيامة و الجنّة و النّار،أو يحبّب إلينا أعمال البرّ و الإحسان و يبغّض إلينا أعمال الشرّ و الشرك و الإثم و العدوان.
و لقد استمع جماعة من الجنّ إلى القرآن..فاتّبعوه.
و استمع إليه جماعة من مشركي قريش..فاتّبعوه.
و استمع إليه جماعة من غير المسلمين..فاتّبعوه.
و ما يدريك فربّ آية غيّرت مجرى حياة.
........
5- إعتماد الترتيل: كطريقة في تحسين الصوت بقراءة القرآن ليبلغ أثره في النفوس.
و ذلك قوله تعالى: (و رتِّل القُرْآن تَرْتِيلا) (المزمل/ 4).
و الترتيل له إيقاع أجمل من التلاوة،و لذلك قال النبي (صلى الله عليه و سلم): "لكلّ شيء حلية و حلية القرآن الصوت الحسن".
.....
6- الرجوع إلى أهل الذكر: و هم أهل العلم بالقرآن،بأن نرجع إليهم في معرفة معاني الآيات و مداليلها،و ذلك قوله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل/ 43).
و قوله: (وَ مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (آل عمران/ 7).
و قد اختلف المفسِّرون في مَنْ هم هؤلاء،لكنّ الأقرب إلى القبول هم الأئمّة من آل بيت النبي (صلى الله عليه و سلم) الذي أخذوا علم الكتاب من عين صافية،من رسول الله (صلى الله عليه و سلم)،و يمكن أن يستفاد في ذلك الآن من علماء الأُمّة الذين تلقّوا فهمهم للقرآن بطرق صحيحة معتبرة،و خلت تفاسيرهم من التوهين أو المغالاة.
........
موقع البلاغ.
www.balagh.com