المثقف الحقوقي.
علي حسين عبيد.
........
قد يُفهم من مفردة الحقوقي،الشخص الذي يدرس القانون و يتقنه و يمتهنه أيضا،كأن يكون قاضيا أو محاميا و ما شابه،و مع أن مفردة الحقوقي تشير الى هذا المعنى بالفعل،إلا أنني أعني بالمثقف الحقوقي معنى آخر،يتعلق بمهمة الدفاع عن حقوق الانسان،و هذه هي قضية المثقف التي تتصدر مهامه و مسؤولياته،على العكس من الحقوقي المهني،المحامي مثلا،الذي قد يقلب الحق الى باطل و بالعكس أحيانا،نظرا لطبيعة مهنته القانونية التي تحاول أن تخفف الاجراءات القانونية،بحق مقترفي الجرائم بأنواعها،إضافة الى جوانب الحياة الاخرى.
المثقف الحقوقي،مثقف مبدئي،تتشكل شخصيته وفق معايير انسانية تقف الى جانب حقوق الانسان في جميع الظروف و الاحوال،فهو يدافع عن حق الآخر مثلما يدافع عن حقه و ذويه و اصدقائه و المقربين منه،و هو لا يفتعل هذه المهمة،و لا يقحم هذا الواجب تظاهرا أو تزلفا أو دعاية أو كسبيل لتحصيل الشهرة و المنافع الاخرى،إنه مثقف مؤمن حد النخاع بالدفاع عن حقوق الآخرين،لاسيما السياسية منها،و قد تتعرض حياة المثقف الحقوقي الى الخطر،أو قد يتعرض للتهميش و المحاربة،من لدن الافراد و الجهات التي تتضرر من مواقفه و افكاره و اصراره على إحقاق الحق،و مع ذلك لا يتراجع عن مواقفه و لا عن دوره الذي آمن بضرورة و حتمية القيام به،لا لشيء،إلا لكونه تشكّل فكريا و إنسانيا وفق هذا السلوك،الذي يرى فيه مدعاة لمواصلة حياة شريفة و متوازنة و مقبولة بالنسبة له.
إنه كمثقف حقوقي أصيل،يعرف دوره تماما و يؤمن به،و يعرف أن هذا الدور المناصر للآخرين، لاسيما الضعفاء منهم،أو أولئك الذين يجهلون حقوقهم السياسية و سواها،أو أنهم عاجزون عن تحقيقها لأي سبب كان،يعرف أن هذا الدور ليس شكليا و لا مفروضا عليه،و لا يلتزم به لأسباب مادية بحتة أو لتحقيق منافع لا يستحقها،عند ذاك ستتحول مهنة المثقف من هذا النوع الى (محامي لا ضمير له) يتاجر بحقوق الناس من اجل مصالحه و منافعه المادية و سواها،و هذا النوع ممن يدّعون الانتساب للثقافة و المثقفين،يمكن أن نصادفه في حياتنا،و يمكن له أن يحقق ما يهدف و يسعى إليه من منافع،لكنه سرعان ما يكون مكشوفا للجميع بأسلوبه الذي يدّعي الثقافة و حماية حقوق الناس زورا و بهتانا.
لذا حين يرتضي المثقف أن تُطلق عليه هذه التسمية،و أن يُمنح شرف الانتماء الى المثقفين الحقيقيين، لابد أن يتحلى بمبدئية الدفاع عن حقوق الآخرين مثلما يسعى للدفاع عن نفسه تماما،على أن يستند هذا الدور الى حقيقة شخصية المثقف،و إيمانه الفطري بقضية الدفاع عن حقوق الآخرين، الذين قد يعجزون عن القيام بهذه المهمة لسبب أو لآخر،و ثمة مهمة أخرى ينبغي أن يضطلع بها المثقف الحقوقي،فهو بالاضافة الى دوره الذي ذكرناه آنفا،تقع عليه ايضا مهمة فضح الدخلاء و الطارئين و الانتهازيين،الذي يلجون الوسط الثقافي و يحترفون العمل في هذا الوسط،و هم لا يؤمنون أصلا بالدور الحقوقي للمثقف.
الأمم و الشعوب التي خرجت من عنق زجاجة الاضطهاد و التمييز و الظلم بأنواعه،حصلت على ذلك بمساعدة المثقف و المفكر و المصلح الذي دافع عن حقوق الناس ببسالة،و منهم من قدم نفسه على هذا الطريق الشاق و الخطير في آن،لاسيما في دول و شعوب تحكمها أنظمة سياسية جاهلة،لا تعرف من الحكم سوى الاقتتال على الكراسي و المناصب و المنافع المادية،حتى لو تحولت شعوبها الى رماد.
هذا يؤكد بأننا كعرب و عراقيين و مسلمين،نحتاج الى المثقف الحقوقي في هذه المرحلة بالذات،مرحلة التحولات الخطيرة،بل المصيرية،ليس على الصعيد السياسي فحسب بل على أصعدة و ميادين الحياة كافة،نحتاجه كنموذج نستمد منه شجاعة الموقف،و قوة الروح،و أصالة الايمان،حتى لو كانت الحياة نفسها ثمنا لهذا الموقف أو ذاك.
..........
شبكة النبأ المعلوماتية-28/شباط/2012
علي حسين عبيد.
........
قد يُفهم من مفردة الحقوقي،الشخص الذي يدرس القانون و يتقنه و يمتهنه أيضا،كأن يكون قاضيا أو محاميا و ما شابه،و مع أن مفردة الحقوقي تشير الى هذا المعنى بالفعل،إلا أنني أعني بالمثقف الحقوقي معنى آخر،يتعلق بمهمة الدفاع عن حقوق الانسان،و هذه هي قضية المثقف التي تتصدر مهامه و مسؤولياته،على العكس من الحقوقي المهني،المحامي مثلا،الذي قد يقلب الحق الى باطل و بالعكس أحيانا،نظرا لطبيعة مهنته القانونية التي تحاول أن تخفف الاجراءات القانونية،بحق مقترفي الجرائم بأنواعها،إضافة الى جوانب الحياة الاخرى.
المثقف الحقوقي،مثقف مبدئي،تتشكل شخصيته وفق معايير انسانية تقف الى جانب حقوق الانسان في جميع الظروف و الاحوال،فهو يدافع عن حق الآخر مثلما يدافع عن حقه و ذويه و اصدقائه و المقربين منه،و هو لا يفتعل هذه المهمة،و لا يقحم هذا الواجب تظاهرا أو تزلفا أو دعاية أو كسبيل لتحصيل الشهرة و المنافع الاخرى،إنه مثقف مؤمن حد النخاع بالدفاع عن حقوق الآخرين،لاسيما السياسية منها،و قد تتعرض حياة المثقف الحقوقي الى الخطر،أو قد يتعرض للتهميش و المحاربة،من لدن الافراد و الجهات التي تتضرر من مواقفه و افكاره و اصراره على إحقاق الحق،و مع ذلك لا يتراجع عن مواقفه و لا عن دوره الذي آمن بضرورة و حتمية القيام به،لا لشيء،إلا لكونه تشكّل فكريا و إنسانيا وفق هذا السلوك،الذي يرى فيه مدعاة لمواصلة حياة شريفة و متوازنة و مقبولة بالنسبة له.
إنه كمثقف حقوقي أصيل،يعرف دوره تماما و يؤمن به،و يعرف أن هذا الدور المناصر للآخرين، لاسيما الضعفاء منهم،أو أولئك الذين يجهلون حقوقهم السياسية و سواها،أو أنهم عاجزون عن تحقيقها لأي سبب كان،يعرف أن هذا الدور ليس شكليا و لا مفروضا عليه،و لا يلتزم به لأسباب مادية بحتة أو لتحقيق منافع لا يستحقها،عند ذاك ستتحول مهنة المثقف من هذا النوع الى (محامي لا ضمير له) يتاجر بحقوق الناس من اجل مصالحه و منافعه المادية و سواها،و هذا النوع ممن يدّعون الانتساب للثقافة و المثقفين،يمكن أن نصادفه في حياتنا،و يمكن له أن يحقق ما يهدف و يسعى إليه من منافع،لكنه سرعان ما يكون مكشوفا للجميع بأسلوبه الذي يدّعي الثقافة و حماية حقوق الناس زورا و بهتانا.
لذا حين يرتضي المثقف أن تُطلق عليه هذه التسمية،و أن يُمنح شرف الانتماء الى المثقفين الحقيقيين، لابد أن يتحلى بمبدئية الدفاع عن حقوق الآخرين مثلما يسعى للدفاع عن نفسه تماما،على أن يستند هذا الدور الى حقيقة شخصية المثقف،و إيمانه الفطري بقضية الدفاع عن حقوق الآخرين، الذين قد يعجزون عن القيام بهذه المهمة لسبب أو لآخر،و ثمة مهمة أخرى ينبغي أن يضطلع بها المثقف الحقوقي،فهو بالاضافة الى دوره الذي ذكرناه آنفا،تقع عليه ايضا مهمة فضح الدخلاء و الطارئين و الانتهازيين،الذي يلجون الوسط الثقافي و يحترفون العمل في هذا الوسط،و هم لا يؤمنون أصلا بالدور الحقوقي للمثقف.
الأمم و الشعوب التي خرجت من عنق زجاجة الاضطهاد و التمييز و الظلم بأنواعه،حصلت على ذلك بمساعدة المثقف و المفكر و المصلح الذي دافع عن حقوق الناس ببسالة،و منهم من قدم نفسه على هذا الطريق الشاق و الخطير في آن،لاسيما في دول و شعوب تحكمها أنظمة سياسية جاهلة،لا تعرف من الحكم سوى الاقتتال على الكراسي و المناصب و المنافع المادية،حتى لو تحولت شعوبها الى رماد.
هذا يؤكد بأننا كعرب و عراقيين و مسلمين،نحتاج الى المثقف الحقوقي في هذه المرحلة بالذات،مرحلة التحولات الخطيرة،بل المصيرية،ليس على الصعيد السياسي فحسب بل على أصعدة و ميادين الحياة كافة،نحتاجه كنموذج نستمد منه شجاعة الموقف،و قوة الروح،و أصالة الايمان،حتى لو كانت الحياة نفسها ثمنا لهذا الموقف أو ذاك.
..........
شبكة النبأ المعلوماتية-28/شباط/2012