تلوث البيئة..مشكلة تبحث عن حلول.
د. حسان شمسي باشا.
.......
1- التلوث البيئي و دور الإنسان فيه:
لقد صدق من قال: "إنّ الإنسان بدأ حياته على الأرض و هو يحاول أن يحمي نفسه من غوائل الطبيعة،و انتهى به الأمر بعد آلاف السنين و هو يحاول أن يحمي الطبيعة من نفسه!".
و التلوث البيئي أحد أكثر المشاكل خطورة على البشرية،و على أشكال الحياة الأخرى التي تدب حالياً على كوكبنا،و أصبحت خطراً يهدد الجنس البشري بالزوال،بل يهدد حياة كل الكائنات الحية و النباتات.
و قد برزت هذه المشكلة نتيجة للتقدم التكنولوجي و الصناعي للإنسان؛فالإنسان هو السبب الرئيسي و الأساسي في إحداث عملية التلوث في البيئة و ظهور جميع الملوثات بأنواع مختلفة!.
و يشمل تلوث البيئة كلاً من البر و البحر و طبقة الهواء التي فوقها،و هو ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى:(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم/ 41).
فأصبحت الكرة الأرضية اليوم مشغولة بهمومها،فالدفء ألهب ظهرها،و تغيرات المناخ تهدد جوّها، و المبيدات الحشرية قد أفسدت أرضها.
و لقد حذر الله سبحانه في مواضع متعددة من كتابه الكريم من الفساد في الأرض..و الفساد البيئي جزء من هذا الفساد في الأرض،بل هو أوّل ما يتبادر إلى الذهن في هذا المقام؛فقد قال عزّ من قائل:(كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ) (البقرة/ 60).
بل قد خصص الله بالذكر ذلك النوع من الفساد الذي يستأصل النبات و الحيوان؛فقال:
(وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ يُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَ إِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ) (البقرة/ 204-205).
و قد حرص النبي (صلى الله عليه و على آله و صحبه) على تشجيع الزراعة بما يزيد الثروة النباتية و يضيف إلى البيئة الصالحة،
و يشهد معظم الناس تلوث البيئة في صورة مكان مكشوف للنفايات،أو في صورة دخان أسود ينبعث من أحد المصانع!.
و قد يكون التلوث غير منظور ومن غير رائحة أو طعم،و لكنه كفيل بإضعاف متعة الحياة عند الناس و الكائنات الحية الأخرى؛فالضجيج المنبعث من حركة المرور و الآلات مثلاً يمكن اعتباره شكلاً من أشكال التلوث.
و لا شك أنّ التلوث البيئي قد أصبح من أخطر المشاكل الصحية،إذ تشير الإحصائيات العالمية إلى ازدياد مطرد في نسبة الإصابة بالسرطان نتيجة التوسع في دائرة استخدام المبيدات الحشرية و الأسمدة الكيماوية،و مكسبات الطعم و اللون،بالإضافة إلى سوء تخزين المواد الغذائية،و خاصة الحبوب،و الذي ينتج عنه بعض السموم الفطرية،و يصطلح على تسمية هذه السموم بالمسببات السرطانية.
2- تعريف البيئة:
هي إجمالي الأشياء التي تحيط بنا و تؤثر على وجود الكائنات الحية على سطح الأرض،متضمنة الماء و الهواء و التربة و المعادن و المناخ و الكائنات نفسها.
فالبيئة هي المجال المحيط بالكائنات الحية تؤثر فيه و يتأثر بها،لذلك يجب تجنب حدوث أي خلل في هذه المنظومة البيئية؛لأنّ هذا الخلل ينعكس بشكل أو بآخر على الكائنات التي تحيا بها.
3- تعريف التلوث البيئي:
يختلف علماء البيئة و المناخ على تعريف دقيق و محدد للمفهوم العلمي للتلوث البيئي.و ربما كان أشمل تعريف هو: "إحداث تغير في البيئة التي تحيط بالكائنات الحية بفعل الإنسان و أنشطته اليومية،مما يؤدي إلى ظهور بعض المواد التي لا تتلاءم مع المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي، و تؤدي إلى اختلاله".
فالتلوث البيئي هو:
أي تغير كمي أو نوعي يطرأ على تركيب عناصر النظام البيئي،و يؤدي لإحداث خلل فيه،و يعمل على إضافة عنصر غير موجود في النظام البيئي،أو يزيد أو يقلل وجود أحد العناصر.
4- مستويات التلوث:
أ- التلوث غير الخطير: و هو التلوث المتجول الذي يستطيع الإنسان أن يتعايش معه دون أن يتعرض للضرر أو المخاطر،كما أنّه لا يخلّ بالتوازن البيئي بين عناصر هذا لتوازن.
ب- التلوث الخطر: و هو التلوث الذي تظهر له آثار سلبية تؤثر على الإنسان و على البيئة التي يعيش فيها،و يرتبط بالنشاط الصناعي بكافة أشكاله.
و خطورته تكمن في ضرورة اتِّخاذ الإجراءات الوقائية السريعة التي تحمي الإنسان من هذا التلوث.
ج- التلوث المدمر: و هو التلوث الذي يحدث فيه انهيار للبيئة و الإنسان معاً،و يقضي على كافة أشكال التوازن البيئي،و هو متصل بالتطور التكنولوجي الذي يظن الإنسان أنه يبدع فيه يوماً بعد يوم..و يحتاج إصلاح هذا الخطأ لسنوات طويلة و نفقات باهظة.
.........
- ثانياً: أنواع التلوث البيئي:
1- التلوث المائي (Water Pollution):
يحدث تلوث الماء نتيجة لإلقاء الإنسان للمخلفات في المياه،فمن أكثر المصادر التي تتسبب في تلويث مياه المجاري المائية هي مخلفات المصانع السائلة الناتجة من الصناعات المختلفة.
و يعتبر النفط الملوث الأساسي للبيئة البحرية نتيجة لعمليات التنقيب و استخراج النفط و الغاز الطبيعي في المناطق البحرية أو المحاذية لها،كما أن حوادث ناقلات النفط العملاقة قد تؤدي إلى تلوث الغلاف المائي.
و يشمل تلوث المياه على:
تلوث المياه العذبة.
تلوث البيئة البحرية.
أ- المياه العذبة و أثره على صحة الإنسان:
المياه العذبة هي المياه التي يتعامل معها الإنسان بشكل مباشر،لأنّه يشربها و يستخدمها في طعامه الذي يتناوله.
و قد عانت مصادر المياه العذبة من تدهور كبير في الآونة الأخيرة لعدم توجيه قدر وافر من الاهتمام بها.
و يمكن حصر العوامل التي تتسبب في حدوث مثل هذه الظاهرة:
* استخدام خزانات المياه في حالة عدم وصول المياه للأدوار العليا و التي لا يتم تنظيفها بصفة دورية،و هو أمر يعد في غاية الخطورة.
* قصور خدمات الصرف الصحي و التخلُّص من مخلفاته.
* التخلص من مخلفات الصناعة بدون معالجتها،و إن عولجت فيتم ذلك بشكل جزئي.
أمّا بالنسبة للمياه الجوفية،ففي بعض المناطق نجد تسرب بعض المعادن إليها من الحديد و المنغنيز،إلى جانب المبيدات الحشرية المستخدمة في الأراضي الزراعية.
و من أهم انعكاسات تلوث المياه العذبة على صحة الإنسان: أنّه يدمر صحة الإنسان من خلال إصابته بالأمراض المعوية؛و منها:
* الكوليرا.
* التيفود.
* الدوسنتاريا بكافة أنواعها.
* الالتهاب الكبدي الوبائي.
* الملاريا.
* البلهارسيا.
و لا يخفى أن تلويث موارد المياه بالبراز و ما يشتمل عليه من جراثيم،عامل أساسي في نقل الأمراض،بصورة مباشرة من خلال الماء الملوث،أو غير مباشرة من خلال تلوث الخضراوات و الثمرات التي تسقى بهذا الماء.
و هذا النهي عن تلويث الموارد و الطرق،جزء من توجيهات الإسلام للحفاظ على صحة البيئة.
و يقابل ذلك أمر إيجابي بتنظيفها؛فقد قال(صلى الله عليه و على آله و صحبه): "إماطة – أي: إزالة – الأذى عن الطريق صدقة".
و لا يقتصر ضرره على الإنسان،و إنما يمتد ليشمل الحياة في مياه الأنهار و البحيرات،حيث إن الأسمدة و مخلفات الزراعة في مياه الصرف تساعد على نمو الطحالب و غيرها،كما أنها تساعد على تكاثر الحشرات مثل البعوض و القواقع التي تسبب مرض البلهارسيا على سبيل المثال.
ب- تلوث البيئة البحرية:
و يحدث ذلك إما بسبب النفط الناتج عن حوادث السفن،أو الناقلات،أو نتيجة للصرف الصحي و الصناعي.
ج- الإسراف في استهلاك المياه و خطورته:
الماء شريان الحياة وسر من أسرار وجودها،جعله الله حياة و معاشاً،و به تستمر الحياة على وجه الأرض.
و لأنّه نعمة عظيمة من نعم الله التي لا تعد و لا تحصى على بني الإنسان،فقد أولاه ديننا الإسلامي الحنيف اهتماماً خاصّاً،و نبّه إلى أهميته:(وَ جَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّا) (الأنبياء/ 30).
و حثّنا على عدم الإسراف أو التبذير في استخدامه،و مع ذلك فإننا ما زلنا نسرف في أنفس و أغلى الموارد التي منحها الله لنا رغم التحذيرات المستمرة من خطورة التعامل الجائر مع هذا المورد النفيس.
نقول ذلك في ظل الاستهلاك غير الرشيد للمياه في العديد من الدول العربية،و الذي ظهرت آثاره السلبية خلال السنوات الأخيرة،حيث زاد معدل استهلاك المياه عن المتوسط العالمي،و أصبحنا مستهلكين شرهين للمياه مع أننا في أمسّ الحاجة إلى هذه المياه المهدرة لافتقارنا إلى المخزون المائي الكافي.
و لا شكّ أن ترشيد استهلاك المياه يعكس الالتزام بالمبادئ السامية لديننا الإسلامي الحنيف،التي تنبهنا دوماً إلى عدم الإسراف،كما أنّ الترشيد يعد مؤشراً على المواطنة الصالحة،و رمزاً للتحضُّر، و إسهاماً حقيقيّاً في حماية البيئة.
و يكفي أن نعلم أنّ الدول التي تمتلك عدداً وفيراً من الأنهار و البحيرات العذبة،و لا تعاني من شح الموارد المائية،تنتهج سياسة رشيدة في استهلاك المياه،لقناعتها بأنّ الماء مورد نفيس يجب المحافظة عليه من الهدر.
و قد أصبح موضوع المياه يستحوذ على اهتمام الساسة و الخبراء،في ظل ارتفاع حرارة الأرض و تصحرها،و جفاف كثير من ينابيع الأنهار و مصادر المياه..و ربما يصبح موضوع المياه مرشحاً لإشعال الحروب في المستقبل!.
و قد دعا الإسلام إلى الاعتدال في استخدام الماء،و من ذلك استخدامه للوضوء،فالنبي (صلى الله عليه و على آله و صحبه) نهى عن الإسراف في الماء و لو كان استعمالهُ في عبادة فضلاً عن غيرها.
.......
موقع البلاغ.
د. حسان شمسي باشا.
.......
1- التلوث البيئي و دور الإنسان فيه:
لقد صدق من قال: "إنّ الإنسان بدأ حياته على الأرض و هو يحاول أن يحمي نفسه من غوائل الطبيعة،و انتهى به الأمر بعد آلاف السنين و هو يحاول أن يحمي الطبيعة من نفسه!".
و التلوث البيئي أحد أكثر المشاكل خطورة على البشرية،و على أشكال الحياة الأخرى التي تدب حالياً على كوكبنا،و أصبحت خطراً يهدد الجنس البشري بالزوال،بل يهدد حياة كل الكائنات الحية و النباتات.
و قد برزت هذه المشكلة نتيجة للتقدم التكنولوجي و الصناعي للإنسان؛فالإنسان هو السبب الرئيسي و الأساسي في إحداث عملية التلوث في البيئة و ظهور جميع الملوثات بأنواع مختلفة!.
و يشمل تلوث البيئة كلاً من البر و البحر و طبقة الهواء التي فوقها،و هو ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى:(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم/ 41).
فأصبحت الكرة الأرضية اليوم مشغولة بهمومها،فالدفء ألهب ظهرها،و تغيرات المناخ تهدد جوّها، و المبيدات الحشرية قد أفسدت أرضها.
و لقد حذر الله سبحانه في مواضع متعددة من كتابه الكريم من الفساد في الأرض..و الفساد البيئي جزء من هذا الفساد في الأرض،بل هو أوّل ما يتبادر إلى الذهن في هذا المقام؛فقد قال عزّ من قائل:(كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ) (البقرة/ 60).
بل قد خصص الله بالذكر ذلك النوع من الفساد الذي يستأصل النبات و الحيوان؛فقال:
(وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ يُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَ إِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ) (البقرة/ 204-205).
و قد حرص النبي (صلى الله عليه و على آله و صحبه) على تشجيع الزراعة بما يزيد الثروة النباتية و يضيف إلى البيئة الصالحة،
و يشهد معظم الناس تلوث البيئة في صورة مكان مكشوف للنفايات،أو في صورة دخان أسود ينبعث من أحد المصانع!.
و قد يكون التلوث غير منظور ومن غير رائحة أو طعم،و لكنه كفيل بإضعاف متعة الحياة عند الناس و الكائنات الحية الأخرى؛فالضجيج المنبعث من حركة المرور و الآلات مثلاً يمكن اعتباره شكلاً من أشكال التلوث.
و لا شك أنّ التلوث البيئي قد أصبح من أخطر المشاكل الصحية،إذ تشير الإحصائيات العالمية إلى ازدياد مطرد في نسبة الإصابة بالسرطان نتيجة التوسع في دائرة استخدام المبيدات الحشرية و الأسمدة الكيماوية،و مكسبات الطعم و اللون،بالإضافة إلى سوء تخزين المواد الغذائية،و خاصة الحبوب،و الذي ينتج عنه بعض السموم الفطرية،و يصطلح على تسمية هذه السموم بالمسببات السرطانية.
2- تعريف البيئة:
هي إجمالي الأشياء التي تحيط بنا و تؤثر على وجود الكائنات الحية على سطح الأرض،متضمنة الماء و الهواء و التربة و المعادن و المناخ و الكائنات نفسها.
فالبيئة هي المجال المحيط بالكائنات الحية تؤثر فيه و يتأثر بها،لذلك يجب تجنب حدوث أي خلل في هذه المنظومة البيئية؛لأنّ هذا الخلل ينعكس بشكل أو بآخر على الكائنات التي تحيا بها.
3- تعريف التلوث البيئي:
يختلف علماء البيئة و المناخ على تعريف دقيق و محدد للمفهوم العلمي للتلوث البيئي.و ربما كان أشمل تعريف هو: "إحداث تغير في البيئة التي تحيط بالكائنات الحية بفعل الإنسان و أنشطته اليومية،مما يؤدي إلى ظهور بعض المواد التي لا تتلاءم مع المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي، و تؤدي إلى اختلاله".
فالتلوث البيئي هو:
أي تغير كمي أو نوعي يطرأ على تركيب عناصر النظام البيئي،و يؤدي لإحداث خلل فيه،و يعمل على إضافة عنصر غير موجود في النظام البيئي،أو يزيد أو يقلل وجود أحد العناصر.
4- مستويات التلوث:
أ- التلوث غير الخطير: و هو التلوث المتجول الذي يستطيع الإنسان أن يتعايش معه دون أن يتعرض للضرر أو المخاطر،كما أنّه لا يخلّ بالتوازن البيئي بين عناصر هذا لتوازن.
ب- التلوث الخطر: و هو التلوث الذي تظهر له آثار سلبية تؤثر على الإنسان و على البيئة التي يعيش فيها،و يرتبط بالنشاط الصناعي بكافة أشكاله.
و خطورته تكمن في ضرورة اتِّخاذ الإجراءات الوقائية السريعة التي تحمي الإنسان من هذا التلوث.
ج- التلوث المدمر: و هو التلوث الذي يحدث فيه انهيار للبيئة و الإنسان معاً،و يقضي على كافة أشكال التوازن البيئي،و هو متصل بالتطور التكنولوجي الذي يظن الإنسان أنه يبدع فيه يوماً بعد يوم..و يحتاج إصلاح هذا الخطأ لسنوات طويلة و نفقات باهظة.
.........
- ثانياً: أنواع التلوث البيئي:
1- التلوث المائي (Water Pollution):
يحدث تلوث الماء نتيجة لإلقاء الإنسان للمخلفات في المياه،فمن أكثر المصادر التي تتسبب في تلويث مياه المجاري المائية هي مخلفات المصانع السائلة الناتجة من الصناعات المختلفة.
و يعتبر النفط الملوث الأساسي للبيئة البحرية نتيجة لعمليات التنقيب و استخراج النفط و الغاز الطبيعي في المناطق البحرية أو المحاذية لها،كما أن حوادث ناقلات النفط العملاقة قد تؤدي إلى تلوث الغلاف المائي.
و يشمل تلوث المياه على:
تلوث المياه العذبة.
تلوث البيئة البحرية.
أ- المياه العذبة و أثره على صحة الإنسان:
المياه العذبة هي المياه التي يتعامل معها الإنسان بشكل مباشر،لأنّه يشربها و يستخدمها في طعامه الذي يتناوله.
و قد عانت مصادر المياه العذبة من تدهور كبير في الآونة الأخيرة لعدم توجيه قدر وافر من الاهتمام بها.
و يمكن حصر العوامل التي تتسبب في حدوث مثل هذه الظاهرة:
* استخدام خزانات المياه في حالة عدم وصول المياه للأدوار العليا و التي لا يتم تنظيفها بصفة دورية،و هو أمر يعد في غاية الخطورة.
* قصور خدمات الصرف الصحي و التخلُّص من مخلفاته.
* التخلص من مخلفات الصناعة بدون معالجتها،و إن عولجت فيتم ذلك بشكل جزئي.
أمّا بالنسبة للمياه الجوفية،ففي بعض المناطق نجد تسرب بعض المعادن إليها من الحديد و المنغنيز،إلى جانب المبيدات الحشرية المستخدمة في الأراضي الزراعية.
و من أهم انعكاسات تلوث المياه العذبة على صحة الإنسان: أنّه يدمر صحة الإنسان من خلال إصابته بالأمراض المعوية؛و منها:
* الكوليرا.
* التيفود.
* الدوسنتاريا بكافة أنواعها.
* الالتهاب الكبدي الوبائي.
* الملاريا.
* البلهارسيا.
و لا يخفى أن تلويث موارد المياه بالبراز و ما يشتمل عليه من جراثيم،عامل أساسي في نقل الأمراض،بصورة مباشرة من خلال الماء الملوث،أو غير مباشرة من خلال تلوث الخضراوات و الثمرات التي تسقى بهذا الماء.
و هذا النهي عن تلويث الموارد و الطرق،جزء من توجيهات الإسلام للحفاظ على صحة البيئة.
و يقابل ذلك أمر إيجابي بتنظيفها؛فقد قال(صلى الله عليه و على آله و صحبه): "إماطة – أي: إزالة – الأذى عن الطريق صدقة".
و لا يقتصر ضرره على الإنسان،و إنما يمتد ليشمل الحياة في مياه الأنهار و البحيرات،حيث إن الأسمدة و مخلفات الزراعة في مياه الصرف تساعد على نمو الطحالب و غيرها،كما أنها تساعد على تكاثر الحشرات مثل البعوض و القواقع التي تسبب مرض البلهارسيا على سبيل المثال.
ب- تلوث البيئة البحرية:
و يحدث ذلك إما بسبب النفط الناتج عن حوادث السفن،أو الناقلات،أو نتيجة للصرف الصحي و الصناعي.
ج- الإسراف في استهلاك المياه و خطورته:
الماء شريان الحياة وسر من أسرار وجودها،جعله الله حياة و معاشاً،و به تستمر الحياة على وجه الأرض.
و لأنّه نعمة عظيمة من نعم الله التي لا تعد و لا تحصى على بني الإنسان،فقد أولاه ديننا الإسلامي الحنيف اهتماماً خاصّاً،و نبّه إلى أهميته:(وَ جَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّا) (الأنبياء/ 30).
و حثّنا على عدم الإسراف أو التبذير في استخدامه،و مع ذلك فإننا ما زلنا نسرف في أنفس و أغلى الموارد التي منحها الله لنا رغم التحذيرات المستمرة من خطورة التعامل الجائر مع هذا المورد النفيس.
نقول ذلك في ظل الاستهلاك غير الرشيد للمياه في العديد من الدول العربية،و الذي ظهرت آثاره السلبية خلال السنوات الأخيرة،حيث زاد معدل استهلاك المياه عن المتوسط العالمي،و أصبحنا مستهلكين شرهين للمياه مع أننا في أمسّ الحاجة إلى هذه المياه المهدرة لافتقارنا إلى المخزون المائي الكافي.
و لا شكّ أن ترشيد استهلاك المياه يعكس الالتزام بالمبادئ السامية لديننا الإسلامي الحنيف،التي تنبهنا دوماً إلى عدم الإسراف،كما أنّ الترشيد يعد مؤشراً على المواطنة الصالحة،و رمزاً للتحضُّر، و إسهاماً حقيقيّاً في حماية البيئة.
و يكفي أن نعلم أنّ الدول التي تمتلك عدداً وفيراً من الأنهار و البحيرات العذبة،و لا تعاني من شح الموارد المائية،تنتهج سياسة رشيدة في استهلاك المياه،لقناعتها بأنّ الماء مورد نفيس يجب المحافظة عليه من الهدر.
و قد أصبح موضوع المياه يستحوذ على اهتمام الساسة و الخبراء،في ظل ارتفاع حرارة الأرض و تصحرها،و جفاف كثير من ينابيع الأنهار و مصادر المياه..و ربما يصبح موضوع المياه مرشحاً لإشعال الحروب في المستقبل!.
و قد دعا الإسلام إلى الاعتدال في استخدام الماء،و من ذلك استخدامه للوضوء،فالنبي (صلى الله عليه و على آله و صحبه) نهى عن الإسراف في الماء و لو كان استعمالهُ في عبادة فضلاً عن غيرها.
.......
موقع البلاغ.