إيران و دول الخليج - ضفتان متنازعتان رغم علاقات الجوار.
موقع صوت ألمانيا.
...........
مشهد يتكرر: دول الخليج تندد بالتدخل الإيراني في شؤونها الداخلية و تجدد مواقفها الرافضة لاحتلال إيران للجزر الثلاث في مياه الخليج.
و طهران تكرر رفضها لهذه الاتهامات و توجه أخرى مضادة: نزاع عميق في المنطقة رغم الجوار التاريخي.
..........
عندما يتناول الإعلام مشكلة دول الخليج العربية المزمنة مع إيران،فإن الحديث عادة ما يدور حول مشكلة سياسية تتعلق بالخلاف القائم بشأن الحدود و عائدية الجزر الثلاث أبو موسى و طنب الكبرى و طنب الصغرى،التي تعتبرها كل من الإمارات و إيران جزءا من أراضيها.
أما في دول الخليج العربية فإن الحديث يدور حول تدخل سياسي إيراني مستمر في سياساتها و شؤونها الداخلية.
و تعتبر جزيرة أبو موسى أكبر الجزر المتنازع عليها،إذ تبلغ مساحتها 4 أميال مربعة،و يسكنها 2000 من صيادي السمك،يتكلمون الفارسية و العربية منذ ولادتهم.
و قد تصاعد التوتر بشأن الجزر في ظل تنامي الدور الإيراني في سياسات المنطقة و في ظل صفقات الأسلحة التي تشتريها السعودية و الإمارات.
و طبقا لمذكرة موقعة بين إيران و بين إمارة الشارجة عام 1971 فإن الجزيرة و مصادرها المنتجة للطاقة يجب أن تقسّم بين الجانبين.
..........
"إيران طلبت تأجير الجزر،ثم قامت باحتلالها".
و يستعرض الدكتور شملان العيسى،مدير مركز الدراسات الإستراتيجية و المستقبلية في الكويت،في حديث مع DW عربية تاريخ قضية الجزر المتنازع عليها،مشيرا إلى أن الجزر قد جرى احتلالها من قبل حكومة الشاه بعد انسحاب بريطانيا من المنطقة.
و بعد سقوط الشاه طالبت الإمارات إيران بإعادة الجزر،لكن الجمهورية الإسلامية في إيران رفضت ذلك.
و يشير د. العيسى إلى وجود إشكالية في"أن إحدى الجزر كانت تابعة لإمارة الشارجة،فيما كانت الجزر الأخرى تابعة لإمارة أبو ظبي،و الإشكالية تكمن في أن إيران طلبت تأجير الجزر،ثم قامت باحتلالها".
و يرى بعض المختصين في شؤون المنطقة أن اتهامات دول الخليج لإيران بالتدخل في شؤونها الداخلية، هي في الحقيقة اتهامات لشيعة الخليج بأنهم "ذراع إيران في المنطقة"،لكن د. العيسى لا يتفق مع هذا الرأي،مبينا أن "إيران تستغل خلافات الشيعة في بلدان الخليج مع حكومات المنطقة،و تلعب بذلك على الوتر الطائفي".
...........
"بعض شيعة البحرين تحركهم إيران حتما".
و يرى د. العيسى أن سلوك شيعة الخليج قد "تغير" في المرحلة الأخيرة،إذ يقول: "لقد تحولت المطالب الإنسانية البسيطة لشيعة البحرين إلى المطالبة بتغيير نظام الحكم في البحرين و إقامة جمهورية إسلامية فيها".
لكنه أبدى تحفظه تجاه تعميم الحكم بشأن هذا الحراك،مشيرا إلى أن "بعض شيعة البحرين تحركهم إيران حتما".
و يلفت إلى أن "المعارضة البحرينية بدأت شيعية سنية،لكن مطالبها اليوم أصبحت مذهبية دينية طائفية".
و يستبعد د. العيسى أن تكون علاقة دول الخليج القوية بالغرب على مدى عقود من الزمن من أسباب العداء بينها و بين إيران،و يرى أن "تغير ميزان القوى في الخليج منذ قيام الثورة الإيرانية غيّر طرفي المعادلة،لكن حالة العداء بين الضفتين ظلت مستحكمة".
..........
"مجلس الأمن رفض طلب الإمارات بضم الجزر إليها ".
و كانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قد ذكرت في مقال نشرته في نيسان/أبريل الماضي أن دولة الإمارات العربية قد رفعت في عام 1980 مطالبها بحقوق السيادة على الجزر إلى مجلس الأمن الدولي، الذي رفضها،دون ذكر أسباب الرفض.
لكن الصحيفة الأمريكية أفادت أن إيران هي التي زودت الجزيرة بالبنية التحتية ( مثل الطرق و المياه و الطاقة و المدارس) و أن محافظ الجزيرة إيراني الجنسية.
و يبدو أن البعد السياسي للخلاف هو الذي يسود المشهد قد غيب البعد الإنساني للنزاع القائم بين الطرفين،بحيث لا يلتفت أحد إلى تاريخ و جغرافية العلاقات بين إيران و الساحل الغربي لدول الخليج العربية،و لا إلى التركيبة الديموغرافية المشتركة بين الضفتين،و هذا ما يشير إليه د. علي رمضان الأوسي مدير مركز دراسات جنوب العراق في حديثه مع DW عربية.
و يشدد الأوسي على ضرورة عدم تجاهل الحقائق التاريخية و المعطيات السكانية و الاجتماعية، فهناك أناس سكنوا في مناطق على ضفتي الخليج على مدى قرون،و استقروا فيها و تزاوجوا و تناسلوا و استثمروا فيها أموالا كثيرة.
و "اليوم تكمن المشكلة في الأنظمة الحديثة في هذه المنطقة،إذ يتعين عليها العودة إلى الوراء لكي تفهم ظروف المنطقة و تنظر إلى السكان على أساس المساواة"،دون التفرقة بين عربي أو فارسي.
......
و ينظر العديد من المحللين إلى الخلاف الخليجي الإيراني ( العربي الفارسي) باعتباره خلافا طائفيا بامتياز.
و يشيرون إلى مناسبات و وقائع كثيرة تثبت هذا التوجه،كان من أوضحها الحرب العراقية الإيرانية،حين وقفت دول الخليج مع صدام حسين في حربه ضد إيران رغم مخاوفها و هواجسها من طموحات صدام التوسعية،إلى درجة أن تلك الحرب قد وُصفت بأنها حرب بالنيابة (نيابة العراق عن العرب السنة في مواجهة الفرس الشيعة).
لكن د. علي رمضان الأوسي يختلف تماما مع هذا الوصف،مؤكدا أن دولا كبرى تسعى إلى التسلط على ثروات المنطقة و على شعوبها".
و يشدد بالقول: "أعتقد أن الطائفية هي أحد الأسلحة التي استخدمتها أمريكا في المنطقة لتفريقها و تمزيقها".
..........
" إيران تريد أن يتولى أهل الخليج إدارة شؤونهم بأنفسهم".
و يلفت الأوسي إلى "أن عرب الخليج يعيشون في شبهة (التباس)،فصدام هو الذي نكّل بهم،و احتل الكويت و دمرها،و هو الذي هدر أموال الخليج،و هو الذي طعنهم من الخلف،فكيف وقفوا معه في حرب مدمرة ضد إيران طيلة ثماني سنوات".
و يذهب الأوسي إلى القول بأن أن "عرب الخليج يرتكبون خطأ استراتيجيا حين يعادون الشيعة و يعادون إيران"،موضحا أن "إيران تريد أن يتولى أبناء المنطقة – أهل الخليج- إدارة شؤونهم و توجيه مصيرهم بأنفسهم".
..........
05.09.2012
موقع صوت ألمانيا.
موقع صوت ألمانيا.
...........
مشهد يتكرر: دول الخليج تندد بالتدخل الإيراني في شؤونها الداخلية و تجدد مواقفها الرافضة لاحتلال إيران للجزر الثلاث في مياه الخليج.
و طهران تكرر رفضها لهذه الاتهامات و توجه أخرى مضادة: نزاع عميق في المنطقة رغم الجوار التاريخي.
..........
عندما يتناول الإعلام مشكلة دول الخليج العربية المزمنة مع إيران،فإن الحديث عادة ما يدور حول مشكلة سياسية تتعلق بالخلاف القائم بشأن الحدود و عائدية الجزر الثلاث أبو موسى و طنب الكبرى و طنب الصغرى،التي تعتبرها كل من الإمارات و إيران جزءا من أراضيها.
أما في دول الخليج العربية فإن الحديث يدور حول تدخل سياسي إيراني مستمر في سياساتها و شؤونها الداخلية.
و تعتبر جزيرة أبو موسى أكبر الجزر المتنازع عليها،إذ تبلغ مساحتها 4 أميال مربعة،و يسكنها 2000 من صيادي السمك،يتكلمون الفارسية و العربية منذ ولادتهم.
و قد تصاعد التوتر بشأن الجزر في ظل تنامي الدور الإيراني في سياسات المنطقة و في ظل صفقات الأسلحة التي تشتريها السعودية و الإمارات.
و طبقا لمذكرة موقعة بين إيران و بين إمارة الشارجة عام 1971 فإن الجزيرة و مصادرها المنتجة للطاقة يجب أن تقسّم بين الجانبين.
..........
"إيران طلبت تأجير الجزر،ثم قامت باحتلالها".
و يستعرض الدكتور شملان العيسى،مدير مركز الدراسات الإستراتيجية و المستقبلية في الكويت،في حديث مع DW عربية تاريخ قضية الجزر المتنازع عليها،مشيرا إلى أن الجزر قد جرى احتلالها من قبل حكومة الشاه بعد انسحاب بريطانيا من المنطقة.
و بعد سقوط الشاه طالبت الإمارات إيران بإعادة الجزر،لكن الجمهورية الإسلامية في إيران رفضت ذلك.
و يشير د. العيسى إلى وجود إشكالية في"أن إحدى الجزر كانت تابعة لإمارة الشارجة،فيما كانت الجزر الأخرى تابعة لإمارة أبو ظبي،و الإشكالية تكمن في أن إيران طلبت تأجير الجزر،ثم قامت باحتلالها".
و يرى بعض المختصين في شؤون المنطقة أن اتهامات دول الخليج لإيران بالتدخل في شؤونها الداخلية، هي في الحقيقة اتهامات لشيعة الخليج بأنهم "ذراع إيران في المنطقة"،لكن د. العيسى لا يتفق مع هذا الرأي،مبينا أن "إيران تستغل خلافات الشيعة في بلدان الخليج مع حكومات المنطقة،و تلعب بذلك على الوتر الطائفي".
...........
"بعض شيعة البحرين تحركهم إيران حتما".
و يرى د. العيسى أن سلوك شيعة الخليج قد "تغير" في المرحلة الأخيرة،إذ يقول: "لقد تحولت المطالب الإنسانية البسيطة لشيعة البحرين إلى المطالبة بتغيير نظام الحكم في البحرين و إقامة جمهورية إسلامية فيها".
لكنه أبدى تحفظه تجاه تعميم الحكم بشأن هذا الحراك،مشيرا إلى أن "بعض شيعة البحرين تحركهم إيران حتما".
و يلفت إلى أن "المعارضة البحرينية بدأت شيعية سنية،لكن مطالبها اليوم أصبحت مذهبية دينية طائفية".
و يستبعد د. العيسى أن تكون علاقة دول الخليج القوية بالغرب على مدى عقود من الزمن من أسباب العداء بينها و بين إيران،و يرى أن "تغير ميزان القوى في الخليج منذ قيام الثورة الإيرانية غيّر طرفي المعادلة،لكن حالة العداء بين الضفتين ظلت مستحكمة".
..........
"مجلس الأمن رفض طلب الإمارات بضم الجزر إليها ".
و كانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قد ذكرت في مقال نشرته في نيسان/أبريل الماضي أن دولة الإمارات العربية قد رفعت في عام 1980 مطالبها بحقوق السيادة على الجزر إلى مجلس الأمن الدولي، الذي رفضها،دون ذكر أسباب الرفض.
لكن الصحيفة الأمريكية أفادت أن إيران هي التي زودت الجزيرة بالبنية التحتية ( مثل الطرق و المياه و الطاقة و المدارس) و أن محافظ الجزيرة إيراني الجنسية.
و يبدو أن البعد السياسي للخلاف هو الذي يسود المشهد قد غيب البعد الإنساني للنزاع القائم بين الطرفين،بحيث لا يلتفت أحد إلى تاريخ و جغرافية العلاقات بين إيران و الساحل الغربي لدول الخليج العربية،و لا إلى التركيبة الديموغرافية المشتركة بين الضفتين،و هذا ما يشير إليه د. علي رمضان الأوسي مدير مركز دراسات جنوب العراق في حديثه مع DW عربية.
و يشدد الأوسي على ضرورة عدم تجاهل الحقائق التاريخية و المعطيات السكانية و الاجتماعية، فهناك أناس سكنوا في مناطق على ضفتي الخليج على مدى قرون،و استقروا فيها و تزاوجوا و تناسلوا و استثمروا فيها أموالا كثيرة.
و "اليوم تكمن المشكلة في الأنظمة الحديثة في هذه المنطقة،إذ يتعين عليها العودة إلى الوراء لكي تفهم ظروف المنطقة و تنظر إلى السكان على أساس المساواة"،دون التفرقة بين عربي أو فارسي.
......
و ينظر العديد من المحللين إلى الخلاف الخليجي الإيراني ( العربي الفارسي) باعتباره خلافا طائفيا بامتياز.
و يشيرون إلى مناسبات و وقائع كثيرة تثبت هذا التوجه،كان من أوضحها الحرب العراقية الإيرانية،حين وقفت دول الخليج مع صدام حسين في حربه ضد إيران رغم مخاوفها و هواجسها من طموحات صدام التوسعية،إلى درجة أن تلك الحرب قد وُصفت بأنها حرب بالنيابة (نيابة العراق عن العرب السنة في مواجهة الفرس الشيعة).
لكن د. علي رمضان الأوسي يختلف تماما مع هذا الوصف،مؤكدا أن دولا كبرى تسعى إلى التسلط على ثروات المنطقة و على شعوبها".
و يشدد بالقول: "أعتقد أن الطائفية هي أحد الأسلحة التي استخدمتها أمريكا في المنطقة لتفريقها و تمزيقها".
..........
" إيران تريد أن يتولى أهل الخليج إدارة شؤونهم بأنفسهم".
و يلفت الأوسي إلى "أن عرب الخليج يعيشون في شبهة (التباس)،فصدام هو الذي نكّل بهم،و احتل الكويت و دمرها،و هو الذي هدر أموال الخليج،و هو الذي طعنهم من الخلف،فكيف وقفوا معه في حرب مدمرة ضد إيران طيلة ثماني سنوات".
و يذهب الأوسي إلى القول بأن أن "عرب الخليج يرتكبون خطأ استراتيجيا حين يعادون الشيعة و يعادون إيران"،موضحا أن "إيران تريد أن يتولى أبناء المنطقة – أهل الخليج- إدارة شؤونهم و توجيه مصيرهم بأنفسهم".
..........
05.09.2012
موقع صوت ألمانيا.