المغرب...قبضة الملكية تخنق المعارضة.
........
بعد عام على فوز الاسلاميين بالانتخابات المغربية في سياق الربيع العربي،ما زالت التحديات المطروحة امام حكومة الإسلاميين في المغرب كبيرة على الأصعدة كافة.
اذ يهدد الوضع الاقتصادي و تنامي السخط الاجتماعي،شعبية العدالة و التنمية الذي يقود التحالف الحكومي،و في بلد يحكمه نظام ملكي مطلق،لابد من ان يكون الملك أقوى الشخصيات في البلاد،و بالتالي تصبح الحكومة تحت طوع الحاكم الأوحد،و على الرغم من أن حكومة العدالة و التنمية لا تلاقي هوى لدى ليبراليي المغرب،من المستبعد أن يحول هذا الحزب الإسلامي مملكة المغرب التي يعود تاريخها لقرون مضت إلى دولة أصولية،و من جهة أخرى يرى المحللون انه على الرغم مما شهدت المغرب احتجاجات شعبية طالبت بتعديل الدستور و حل أزمات حقوقية عالقة و إشكاليات اقتصادية متجذرة،لا يمكن ان تشهد المغرب ثورة،كون سلطة ملكية تملك قبضة حديدية تضمن ديمومتها.
.........
المؤسسة الملكية.
فقد قالت جماعة المعارضة الرئيسية في المغرب إن الإصلاحات التي ثبطت همة احتجاجات الربيع العربي في المغرب العام الماضي تبين انها جوفاء و ان السلطة الحققية لا تزال في ايدي الملك محمد السادس و مستشاريه.
و عين العاهل المغربي إسلاميا في منصب رئيس الوزراء العام الماضي بعد انتخابات مبكرة و أجرى اصلاحات دستورية قلصت في ظاهرها سيطرة الملك على الجيش و الشؤون الأمنية و الدينية.
و قال فتح الله أرسلان العضو البارز في جماعة العدل و الإحسان التي تعارض حكم العائلة العلوية في المغرب إن الجولة التي قام بها العاهل المغربي لدول الخليج العربية في الآونة الاخيرة كشفت اين تكمن السلطة الحقيقية.
و قال أرسلان "الآن بدأوا يعتقدون ان الإجراءات التي اتخذت في المغرب هي شكلية و هي نفس الطريقة التي كان يعمل بها النظام كلما تعرض لضغط.و الأصل هو استمرار تحكم النظام في القرارات و الحكم و عدم السماح لأي أحد بالتدخل".
و زار العاهل المغربي الخليج على رأس وفد كبير في اكتوبر تشرين الأول سعيا للحصول على مساعدات مالية بعد تراجع السياحة و التحويلات المالية للمغاربة المقيمين في الخارج،و بدون المساعدات الخارجية ستضطر الحكومة إلى وقف الدعم الحكومي الذي يساعد المواطنين على شراء السلع الضرورية الأمر الذي يزيد من مخاطر اندلاع موجة جديدة من الاحتجاجات.
و يبدو ان الملك و مستشاريه يهيمنون على مجريات الامور مما يؤكد وجهة نظر الكثيرين بأن الحكومة التي يقودها عبد الآله بنكيران و حزبه الإسلامي العدالة و التنمية تراجعت إلى الدور الثانوي الذي شغلته حكومات سابقة.
و قال أرسلان -و هو عضو بمجلس الارشاد بجماعة العدل و الاحسان- "المؤسسة الملكية هي المتحكمة و لعل جولة الخليج كانت واضحة.مستشارو الملك كانوا في الصف الأول و الوزراء في الصفوف الثانية".
و يرغب حكام الخليج في دعم العاهل المغربي بعد ان اسقطت ثورات الربيع العربي زعماء اربع جمهوريات عربية هي تونس و مصر و ليبيا و اليمن في العامين الماضيين.بحسب رويترز.
و قال أرسلان "دول الخليج هي ملكيات.الأنظمة مثل الدومينو اذا سقط واحد وقع الآخر و هناك تماسك في هذه الأنظمة حتى لا يقع اي نظام فإذا الدعم الخليجي للمغرب هو دعم لهذه الأنظمة نفسها".
و يتقبل حزب العدالة و التنمية النظام الملكي لكن جماعة العدل و الإحسان و زعيمها المسن عبد السلام ياسين يرفضان الاعتراف بوصف الملك بلقب "أمير المؤمنين".
أما حزب العدالة و التنمية فهو قريب من الناحية الفكرية من جماعات اسلامية عربية مثل الإخوان المسلمين.
و صعدت هذه الجماعات إلى سدة الحكم في مصر و تونس بعد انتفاضتين شعبيتين في حين ظل حزب العدالة و التنمية في تحالف مضطرب مع القصر الذي وجد انه من المناسب السماح له بالانضمام إلى الحكومة. و تلاشت بشكل كبير حركة الربيع العربي المغربية المعروفة باسم "20 فبراير" بعد انسحاب جماعة العدل و الإحسان منها بسبب خلافات مع العلمانيين.
و يحتل المغرب المركز 130 من بين 187 دولة على مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية و تبلغ نسبة الأمية بين البالغين 56 في المئة من عدد سكانه البالغ 33 مليون نسمة و تعاني مدنه من العشوائيات.
و قال أرسلان "بنكيران و حزبه (العدالة و التنمية) حسبوا حسابات ربما قناعاتهم الأهداف التي خططوا لها هي اهداف بسيطة هم يقتنعون بشيء ما يسمونه بالتدرج و نحن نقتنع انه حتى بهذا المنطق كان يجب ان يسود هذا قبل الربيع العربي.الآن يجب ان تكون تغييرات حقيقية هذا ما يجب ان يقع في المغرب".
و أضاف ان الفقر و العملية الديمقراطية في اماكن اخرى بشمال افريقيا ستظل تضغط على الملك، و تابع "المغرب عمل دائما على التظاهر بأنه بلد متحرر منفتح لكن الآن هذه الدول تجاوزت المغرب بكثير و هذا شيء محرج للمغرب."
........
تحديات الاسلاميين.
في سياق متصل تمكن حزب العدالة و التنمية الاسلامي الذي ظل متخندقا لسنوات في صفوف المعارضة، فوزا تاريخيا في الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2011،بعد التصويت على دستور جديد مطلع تموز/يوليو من السنة نفسها،من التأقلم مع رياح الربيع العربي،و مكن هذا الدستور الذي اقترحه الملك للاستفتاء و حصل على أكثر من 98% من الأصوات حسب النتائج الرسمية،عبد الإله ابن كيران،عند تعيينه في كانون الثاني/يناير الماضي رئيسا للحكومة المغربية،من سلطات أكبر ممن سبقوه،و سنة واحدة بعد انتصاره في الانتخابات و قيادته للحكومة، يواجه حزب العدالة و التنمية مع حلفائه الثلاثة اليوم (حزب الاستقلال المحافظ،و الحركة الشعبية اليميني،و التقدم و الاشتراكية الشيوعي)،ظروفا اقتصادية صعبة،فبعد تحقيق المغرب طيلة سنوات لنسبة نمو مريحة تراوحت ما بين 4 و5 بالمئة،سيحقق خلال سنة 2012 سوى نسبة نمو لن تزيد على 3 بالمئة حسب الارقام الرسمية.
و سيؤثر هذا التباطؤ في النمو على الحسابات العامة للدولة،في وقت تجاوز فيه العجز 6 بالمئة العام الماضي،و يعود سبب هذا التباطؤ في النمو في جزء كبير منه الى أزمة منطقة اليورو التي يرتبط بها اقتصاد المغرب تقليديا منذ عقود،إضافة سنة فلاحية أثر عليها الجفاف خلال 2011.
..........
التحديات كبيرة جدا.
و يؤكد ادريس بنعلي الخبير الاقتصادي المغربي ان "التحديات كبيرة جدا"،و الحكومة لم تسلم من الانتقادات نظرا لافتقارها،حسب منتقديه،للاجابات الكافية عن أزمة المغرب الحالية.
و كانت أكثر الانتقادات حدة تلك الصادرة عن رئاسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب الممثل لرجال الأعمال،بخصوص مشروع قانون موازنة 2013،الذي يعرف نقاش ساخنا اليوم في البرلمان،و بالنسبة للخبير الاقتصادي نجيب اقصبي فان "البرنامج الانتخابي للعدالة و التنمية وعد بإصلاحات"،لكن "الأمور توقفت عند إعلان النوايا" دون تحقيقها.
من جهته يشير بنعلي الى "غياب المشروع" و "القيادة ذات الرؤية"،أما فيما يخص الحكومة،فيعتبر مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة ان "القرارات المتخذة على المستوى الاقتصادي واضحة".
و هدف الحكومة كما يؤكد الخلفي،هو خفض نسبة العجز الى 5 بالمئة مع نهاية 2012.
أما على المستوى الاجتماعي فالانجازات كما يشرح الناطق الرسمي باسم الحكومة "عديدة،و ميزتها ان لها أثرا مباشرا على حياة المغاربة".
و من بين أهم ورش الإصلاح التي تراهن الحكومة المغربية على انجازها "صندوق المقاصة" المخصص لدعم الفارق في اسعار المواد الاستهلاكية الأساسية،في المقدمة،و إضافة الى ذلك يأتي شعار محاربة الفساد الذي كان بمثابة حصان طروادة بالنسبة لحزب ابن كيران ليفوز بالانتخابات بينما تحذر تقارير عدة مؤسسات من تفشي الظاهرة أكثر،لكن الأمر بالنسبة لرئيس الحكومة يتطلب "وقتا أكبر".
و بخصوص الانتقادات اللاذعة "غير المسبوقة" التي تواجها الحكومة،يعتبر بودوان دوبري مدير مركز جاك بيرك للدراسات،ان الأمر مرتبط ب "طبيعة تشكيلة و مهام الحكومة الحالية"،التي صارت تمتلك سلطات و هوامش تحرك أكثر،ما يفسر بالنسبة لبودوان "الدرجة العالية" في الانتقادات.
و بالنسبة لمحمد مدني،المحلل السياسي المغربي فإن "هناك الكثير من الانتظارات التي لم تتم تلبيتها" اذ ان أنصار حزب العدالة و التنمية أنفسهم بدأوا في توجيه الانتقادات للحكومة و الحزب،و رغم ذلك،كما يقول مدني،ما زال حزب العدالة و التنمية "يحتفظ نسبيا بشعبيته".
أما في الشارع فمظاهرات الخريجين العاطلين عن العمل شبه يومية يتم تفريقها بالقوة،في بلد تصل فيه نسبة بطالة الشباب الى 30 بالمئة،وفق أرقام البنك الدولي الذي حذر من قبل من استمرار هذا الوضع. بحسب فرانس برس.
..........
المستوى الحقوقي.
و على المستوى الحقوقي يستمر عدم الرضا،رغم التقدم الذي أشار إليه الاتحاد الأوروبي،و زيارة عدد من مقرري الأمم المتحدة للملكة بناء على دعوة رسمية منها،و رغم ان "بعض الأمور أدرجت في الدستور الجديد"،حسب مسؤول في منظمة حقوقية مغربية،"لكنها بالتأكيد غير كافية للحديث عن دولة القانون".
مستدلا بذلك على سجن عدد كبير من نشطاء حركة 20 فبراير،التي تطالب بمزيد من الديمقراطية و العدالة الاجتماعية،و ما زالت السلطات تمنع بالقوة بعضا من مسيرات و وقفات حركة 20 فبراير، خاصة تلك المرتبطة بالمؤسسة الملكية و المطالبة بالغاء طقوس حفل الولاء أو تلك المطالبة بتخفيظ ميزانية البلاط في ظل الأزمة الاقتصادية.
و لا تستثنى مسألة تقاسم السلطات بين رئيس الحكومة و الملك خلال مراحل تأويل فصول الدستور الجديد،من المناقشات،فقد عبر مؤخرا الأمير هشام ابن عم الملك الملقب ب"الأمير الأحمر"،خلال حوار تلفزيوني عن أسفه لقبول حزب العدالة و التنمية ب "الاكتفاء بمهام ادارية بسيطة" لا تتناسب مع السلطات الممنوحة له،لكن بالنسبة لرئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران فالديموقراطية في المغرب تتقدم ب "خطوات صغيرة" لكنها "ثابتة".
..........
عاهل المغرب.
على الصعيد نفسه لم يواجه الملك محمد السادس عاهل المغرب مثل غيره من الحكام العرب تحديا في الشوارع أوائل العام الماضي و سارع الى إصلاح الدستور المغربي و أجرى انتخابات و سمح لحزب إسلامي بقيادة الحكومة،و احتوى رد فعله الاحتقان الشعبي و قوبل بالإشادة من الغرب و بدا أنه وضع المغرب على طريق اكثر ديمقراطية و لكن رغم مرور 20 شهرا على هذا لم يتضح بعد مقدار السلطة التي انتقلت من يد العاهل المغربي.
و قال وزير الاتصال مصطفى الخلفي "المغرب استثناء في المنطقة."
و أضاف "نجحنا في الوصول الى طريق ثالث بين الثورة و نظام الحكم القديم الا و هو الإصلاح في إطار من الاستقرار و الوحدة".
و في إطار الدستور الجديد يحتفظ الملك محمد السادس الذي تتعزز شرعيته بمصوغاته الاسلامية "كأمير للمؤمنين" بسيطرته على الجيش و المؤسسات الأمنية و الشؤون الدينية بينما يسن البرلمان القوانين و تدير الحكومة شؤون البلاد.
و قال دبلوماسي غربي عن الإصلاحات "بدأت الحياة تدب في المؤسسات الرئيسية المنصوص عليها في الدستور.نطاق الجدل يتغير.الشعب يشعر بأنه جزء من العملية".
و لكن بعد 20 عاما من الإصلاحات المتقطعة التي بدأت في عهد والده الراحل الملك الحسن الثاني لا يعتقد كل المغاربة بأن القصر خفف من سيطرته كثيرا.
و قال المؤرخ المغربي معاطي منجب "النظام الملكي يتمتع بغريزة قوية لحب البقاء...التكتيك الرسمي هو فرق تسد و جرى هذا بشكل ممنهج لنحو 400 عام".
و أضاف انه بعد الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي العام الماضي اكتسبت الحكومة التي تولى حزب العدالة و التنمية رئاستها في يناير كانون الثاني قدرا من النفوذ الحقيقي.
و لكن في أغسطس آب شعر الملك و مستشاروه بالجرأة الكافية لاستعادة بعض من "صلاحياتهم التقليدية غير الدستورية".
و ربما يجازف حزب العدالة و التنمية بمصداقيته وسط قاعدته الإسلامية بتوليه الحكم ليجد أن السلطة الحقيقية ليست في يده و هو ما حدث مع الحزب الاشتراكي المعارض في التسعينات.
و قال الاقتصادي نجيب الكسبي "لم يمر عليهم عام في الحكم بعد لكن ما أعلنوه ليس مشجعا."
و أضاف "علقوا مع النظام.التاريخ يعيد نفسه".
و رد الخلفي و هو ايضا المتحدث باسم الحكومة قائلا إن من الطبيعي أن تخسر الأحزاب التي تتولى الحكم قدرا من شعبيتها و إن حزب العدالة و التنمية كان يدعم النظام الملكي حتى حين كان في صفوف المعارضة".
و أضاف "نحن نؤمن بالدور التاريخي المهم للنظام الملكي في الدفاع عن الوحدة و الاستقرار و قيادة الإصلاحات الضرورية".
و ربما يكون احتمال اندلاع انتفاضة وشيكة قد انحسر لكن التوترات الاجتماعية و الاقتصادية متأججة في دولة تعاني تفاوتا كبيرا في الدخول الى جانب ما وصفه الخلفي بعقود من الفساد،و عدد مشاكل المغرب الأخرى مثل البطالة و الفقر و الصحة و الأمية و هي كلها أمور تحتاج الى الاستثمارات و الحكم الرشيد. بحسب رويترز.
و عانى الاقتصاد المغربي الذي يعتمد على واردات الوقود و القمح من الكساد في اوروبا الذي أضر بقطاع السياحة و تحويلات المغاربة الذين يعملون بالخارج و كثير منهم في اسبانيا.
"و يحتل المغرب المرتبة 130 من جملة 187 دولة على مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية و تبلغ نسبة الأمية بين البالغين 56 في المئة من عدد سكانه البالغ 32 مليون نسمة.
و يستنزف الدعم على الغذاء و الوقود نحو 54 مليار درهم (ستة مليارات دولار) في العام او ستة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي".
و يرى كثيرون أن الدعم يمثل إهدارا و يفيد ميسوري الحال أكثر من المعوزين لكن إلغاءه قضية سياسية ساخنة و يمكن أن يواجه رفضا شعبيا واسع النطاق بين الفقراء المتشككين في الوعود بصرف مبالغ نقدية تعويضا عن الدعم و أفراد الطبقة المتوسطة الذين سيدفعون مزيدا من الاموال الى جانب الشركات التي كونت ثرواتها من وراء السكر و دقيق القمح و الطاقة التي تحصل عليها بأسعار بخسة.
.........
شبكة النبأ المعلوماتية-الأحد 16/كانون الأول/2012
الملك محمد السادس أدخل سلسلة من الاصلاحات منذ توليه العرش سنة 1999
........
بعد عام على فوز الاسلاميين بالانتخابات المغربية في سياق الربيع العربي،ما زالت التحديات المطروحة امام حكومة الإسلاميين في المغرب كبيرة على الأصعدة كافة.
اذ يهدد الوضع الاقتصادي و تنامي السخط الاجتماعي،شعبية العدالة و التنمية الذي يقود التحالف الحكومي،و في بلد يحكمه نظام ملكي مطلق،لابد من ان يكون الملك أقوى الشخصيات في البلاد،و بالتالي تصبح الحكومة تحت طوع الحاكم الأوحد،و على الرغم من أن حكومة العدالة و التنمية لا تلاقي هوى لدى ليبراليي المغرب،من المستبعد أن يحول هذا الحزب الإسلامي مملكة المغرب التي يعود تاريخها لقرون مضت إلى دولة أصولية،و من جهة أخرى يرى المحللون انه على الرغم مما شهدت المغرب احتجاجات شعبية طالبت بتعديل الدستور و حل أزمات حقوقية عالقة و إشكاليات اقتصادية متجذرة،لا يمكن ان تشهد المغرب ثورة،كون سلطة ملكية تملك قبضة حديدية تضمن ديمومتها.
.........
المؤسسة الملكية.
فقد قالت جماعة المعارضة الرئيسية في المغرب إن الإصلاحات التي ثبطت همة احتجاجات الربيع العربي في المغرب العام الماضي تبين انها جوفاء و ان السلطة الحققية لا تزال في ايدي الملك محمد السادس و مستشاريه.
و عين العاهل المغربي إسلاميا في منصب رئيس الوزراء العام الماضي بعد انتخابات مبكرة و أجرى اصلاحات دستورية قلصت في ظاهرها سيطرة الملك على الجيش و الشؤون الأمنية و الدينية.
و قال فتح الله أرسلان العضو البارز في جماعة العدل و الإحسان التي تعارض حكم العائلة العلوية في المغرب إن الجولة التي قام بها العاهل المغربي لدول الخليج العربية في الآونة الاخيرة كشفت اين تكمن السلطة الحقيقية.
و قال أرسلان "الآن بدأوا يعتقدون ان الإجراءات التي اتخذت في المغرب هي شكلية و هي نفس الطريقة التي كان يعمل بها النظام كلما تعرض لضغط.و الأصل هو استمرار تحكم النظام في القرارات و الحكم و عدم السماح لأي أحد بالتدخل".
و زار العاهل المغربي الخليج على رأس وفد كبير في اكتوبر تشرين الأول سعيا للحصول على مساعدات مالية بعد تراجع السياحة و التحويلات المالية للمغاربة المقيمين في الخارج،و بدون المساعدات الخارجية ستضطر الحكومة إلى وقف الدعم الحكومي الذي يساعد المواطنين على شراء السلع الضرورية الأمر الذي يزيد من مخاطر اندلاع موجة جديدة من الاحتجاجات.
و يبدو ان الملك و مستشاريه يهيمنون على مجريات الامور مما يؤكد وجهة نظر الكثيرين بأن الحكومة التي يقودها عبد الآله بنكيران و حزبه الإسلامي العدالة و التنمية تراجعت إلى الدور الثانوي الذي شغلته حكومات سابقة.
و قال أرسلان -و هو عضو بمجلس الارشاد بجماعة العدل و الاحسان- "المؤسسة الملكية هي المتحكمة و لعل جولة الخليج كانت واضحة.مستشارو الملك كانوا في الصف الأول و الوزراء في الصفوف الثانية".
و يرغب حكام الخليج في دعم العاهل المغربي بعد ان اسقطت ثورات الربيع العربي زعماء اربع جمهوريات عربية هي تونس و مصر و ليبيا و اليمن في العامين الماضيين.بحسب رويترز.
و قال أرسلان "دول الخليج هي ملكيات.الأنظمة مثل الدومينو اذا سقط واحد وقع الآخر و هناك تماسك في هذه الأنظمة حتى لا يقع اي نظام فإذا الدعم الخليجي للمغرب هو دعم لهذه الأنظمة نفسها".
و يتقبل حزب العدالة و التنمية النظام الملكي لكن جماعة العدل و الإحسان و زعيمها المسن عبد السلام ياسين يرفضان الاعتراف بوصف الملك بلقب "أمير المؤمنين".
أما حزب العدالة و التنمية فهو قريب من الناحية الفكرية من جماعات اسلامية عربية مثل الإخوان المسلمين.
و صعدت هذه الجماعات إلى سدة الحكم في مصر و تونس بعد انتفاضتين شعبيتين في حين ظل حزب العدالة و التنمية في تحالف مضطرب مع القصر الذي وجد انه من المناسب السماح له بالانضمام إلى الحكومة. و تلاشت بشكل كبير حركة الربيع العربي المغربية المعروفة باسم "20 فبراير" بعد انسحاب جماعة العدل و الإحسان منها بسبب خلافات مع العلمانيين.
و يحتل المغرب المركز 130 من بين 187 دولة على مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية و تبلغ نسبة الأمية بين البالغين 56 في المئة من عدد سكانه البالغ 33 مليون نسمة و تعاني مدنه من العشوائيات.
و قال أرسلان "بنكيران و حزبه (العدالة و التنمية) حسبوا حسابات ربما قناعاتهم الأهداف التي خططوا لها هي اهداف بسيطة هم يقتنعون بشيء ما يسمونه بالتدرج و نحن نقتنع انه حتى بهذا المنطق كان يجب ان يسود هذا قبل الربيع العربي.الآن يجب ان تكون تغييرات حقيقية هذا ما يجب ان يقع في المغرب".
و أضاف ان الفقر و العملية الديمقراطية في اماكن اخرى بشمال افريقيا ستظل تضغط على الملك، و تابع "المغرب عمل دائما على التظاهر بأنه بلد متحرر منفتح لكن الآن هذه الدول تجاوزت المغرب بكثير و هذا شيء محرج للمغرب."
........
تحديات الاسلاميين.
في سياق متصل تمكن حزب العدالة و التنمية الاسلامي الذي ظل متخندقا لسنوات في صفوف المعارضة، فوزا تاريخيا في الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2011،بعد التصويت على دستور جديد مطلع تموز/يوليو من السنة نفسها،من التأقلم مع رياح الربيع العربي،و مكن هذا الدستور الذي اقترحه الملك للاستفتاء و حصل على أكثر من 98% من الأصوات حسب النتائج الرسمية،عبد الإله ابن كيران،عند تعيينه في كانون الثاني/يناير الماضي رئيسا للحكومة المغربية،من سلطات أكبر ممن سبقوه،و سنة واحدة بعد انتصاره في الانتخابات و قيادته للحكومة، يواجه حزب العدالة و التنمية مع حلفائه الثلاثة اليوم (حزب الاستقلال المحافظ،و الحركة الشعبية اليميني،و التقدم و الاشتراكية الشيوعي)،ظروفا اقتصادية صعبة،فبعد تحقيق المغرب طيلة سنوات لنسبة نمو مريحة تراوحت ما بين 4 و5 بالمئة،سيحقق خلال سنة 2012 سوى نسبة نمو لن تزيد على 3 بالمئة حسب الارقام الرسمية.
و سيؤثر هذا التباطؤ في النمو على الحسابات العامة للدولة،في وقت تجاوز فيه العجز 6 بالمئة العام الماضي،و يعود سبب هذا التباطؤ في النمو في جزء كبير منه الى أزمة منطقة اليورو التي يرتبط بها اقتصاد المغرب تقليديا منذ عقود،إضافة سنة فلاحية أثر عليها الجفاف خلال 2011.
..........
التحديات كبيرة جدا.
و يؤكد ادريس بنعلي الخبير الاقتصادي المغربي ان "التحديات كبيرة جدا"،و الحكومة لم تسلم من الانتقادات نظرا لافتقارها،حسب منتقديه،للاجابات الكافية عن أزمة المغرب الحالية.
و كانت أكثر الانتقادات حدة تلك الصادرة عن رئاسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب الممثل لرجال الأعمال،بخصوص مشروع قانون موازنة 2013،الذي يعرف نقاش ساخنا اليوم في البرلمان،و بالنسبة للخبير الاقتصادي نجيب اقصبي فان "البرنامج الانتخابي للعدالة و التنمية وعد بإصلاحات"،لكن "الأمور توقفت عند إعلان النوايا" دون تحقيقها.
من جهته يشير بنعلي الى "غياب المشروع" و "القيادة ذات الرؤية"،أما فيما يخص الحكومة،فيعتبر مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة ان "القرارات المتخذة على المستوى الاقتصادي واضحة".
و هدف الحكومة كما يؤكد الخلفي،هو خفض نسبة العجز الى 5 بالمئة مع نهاية 2012.
أما على المستوى الاجتماعي فالانجازات كما يشرح الناطق الرسمي باسم الحكومة "عديدة،و ميزتها ان لها أثرا مباشرا على حياة المغاربة".
و من بين أهم ورش الإصلاح التي تراهن الحكومة المغربية على انجازها "صندوق المقاصة" المخصص لدعم الفارق في اسعار المواد الاستهلاكية الأساسية،في المقدمة،و إضافة الى ذلك يأتي شعار محاربة الفساد الذي كان بمثابة حصان طروادة بالنسبة لحزب ابن كيران ليفوز بالانتخابات بينما تحذر تقارير عدة مؤسسات من تفشي الظاهرة أكثر،لكن الأمر بالنسبة لرئيس الحكومة يتطلب "وقتا أكبر".
و بخصوص الانتقادات اللاذعة "غير المسبوقة" التي تواجها الحكومة،يعتبر بودوان دوبري مدير مركز جاك بيرك للدراسات،ان الأمر مرتبط ب "طبيعة تشكيلة و مهام الحكومة الحالية"،التي صارت تمتلك سلطات و هوامش تحرك أكثر،ما يفسر بالنسبة لبودوان "الدرجة العالية" في الانتقادات.
و بالنسبة لمحمد مدني،المحلل السياسي المغربي فإن "هناك الكثير من الانتظارات التي لم تتم تلبيتها" اذ ان أنصار حزب العدالة و التنمية أنفسهم بدأوا في توجيه الانتقادات للحكومة و الحزب،و رغم ذلك،كما يقول مدني،ما زال حزب العدالة و التنمية "يحتفظ نسبيا بشعبيته".
أما في الشارع فمظاهرات الخريجين العاطلين عن العمل شبه يومية يتم تفريقها بالقوة،في بلد تصل فيه نسبة بطالة الشباب الى 30 بالمئة،وفق أرقام البنك الدولي الذي حذر من قبل من استمرار هذا الوضع. بحسب فرانس برس.
..........
المستوى الحقوقي.
و على المستوى الحقوقي يستمر عدم الرضا،رغم التقدم الذي أشار إليه الاتحاد الأوروبي،و زيارة عدد من مقرري الأمم المتحدة للملكة بناء على دعوة رسمية منها،و رغم ان "بعض الأمور أدرجت في الدستور الجديد"،حسب مسؤول في منظمة حقوقية مغربية،"لكنها بالتأكيد غير كافية للحديث عن دولة القانون".
مستدلا بذلك على سجن عدد كبير من نشطاء حركة 20 فبراير،التي تطالب بمزيد من الديمقراطية و العدالة الاجتماعية،و ما زالت السلطات تمنع بالقوة بعضا من مسيرات و وقفات حركة 20 فبراير، خاصة تلك المرتبطة بالمؤسسة الملكية و المطالبة بالغاء طقوس حفل الولاء أو تلك المطالبة بتخفيظ ميزانية البلاط في ظل الأزمة الاقتصادية.
و لا تستثنى مسألة تقاسم السلطات بين رئيس الحكومة و الملك خلال مراحل تأويل فصول الدستور الجديد،من المناقشات،فقد عبر مؤخرا الأمير هشام ابن عم الملك الملقب ب"الأمير الأحمر"،خلال حوار تلفزيوني عن أسفه لقبول حزب العدالة و التنمية ب "الاكتفاء بمهام ادارية بسيطة" لا تتناسب مع السلطات الممنوحة له،لكن بالنسبة لرئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران فالديموقراطية في المغرب تتقدم ب "خطوات صغيرة" لكنها "ثابتة".
..........
عاهل المغرب.
على الصعيد نفسه لم يواجه الملك محمد السادس عاهل المغرب مثل غيره من الحكام العرب تحديا في الشوارع أوائل العام الماضي و سارع الى إصلاح الدستور المغربي و أجرى انتخابات و سمح لحزب إسلامي بقيادة الحكومة،و احتوى رد فعله الاحتقان الشعبي و قوبل بالإشادة من الغرب و بدا أنه وضع المغرب على طريق اكثر ديمقراطية و لكن رغم مرور 20 شهرا على هذا لم يتضح بعد مقدار السلطة التي انتقلت من يد العاهل المغربي.
و قال وزير الاتصال مصطفى الخلفي "المغرب استثناء في المنطقة."
و أضاف "نجحنا في الوصول الى طريق ثالث بين الثورة و نظام الحكم القديم الا و هو الإصلاح في إطار من الاستقرار و الوحدة".
و في إطار الدستور الجديد يحتفظ الملك محمد السادس الذي تتعزز شرعيته بمصوغاته الاسلامية "كأمير للمؤمنين" بسيطرته على الجيش و المؤسسات الأمنية و الشؤون الدينية بينما يسن البرلمان القوانين و تدير الحكومة شؤون البلاد.
و قال دبلوماسي غربي عن الإصلاحات "بدأت الحياة تدب في المؤسسات الرئيسية المنصوص عليها في الدستور.نطاق الجدل يتغير.الشعب يشعر بأنه جزء من العملية".
و لكن بعد 20 عاما من الإصلاحات المتقطعة التي بدأت في عهد والده الراحل الملك الحسن الثاني لا يعتقد كل المغاربة بأن القصر خفف من سيطرته كثيرا.
و قال المؤرخ المغربي معاطي منجب "النظام الملكي يتمتع بغريزة قوية لحب البقاء...التكتيك الرسمي هو فرق تسد و جرى هذا بشكل ممنهج لنحو 400 عام".
و أضاف انه بعد الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي العام الماضي اكتسبت الحكومة التي تولى حزب العدالة و التنمية رئاستها في يناير كانون الثاني قدرا من النفوذ الحقيقي.
و لكن في أغسطس آب شعر الملك و مستشاروه بالجرأة الكافية لاستعادة بعض من "صلاحياتهم التقليدية غير الدستورية".
و ربما يجازف حزب العدالة و التنمية بمصداقيته وسط قاعدته الإسلامية بتوليه الحكم ليجد أن السلطة الحقيقية ليست في يده و هو ما حدث مع الحزب الاشتراكي المعارض في التسعينات.
و قال الاقتصادي نجيب الكسبي "لم يمر عليهم عام في الحكم بعد لكن ما أعلنوه ليس مشجعا."
و أضاف "علقوا مع النظام.التاريخ يعيد نفسه".
و رد الخلفي و هو ايضا المتحدث باسم الحكومة قائلا إن من الطبيعي أن تخسر الأحزاب التي تتولى الحكم قدرا من شعبيتها و إن حزب العدالة و التنمية كان يدعم النظام الملكي حتى حين كان في صفوف المعارضة".
و أضاف "نحن نؤمن بالدور التاريخي المهم للنظام الملكي في الدفاع عن الوحدة و الاستقرار و قيادة الإصلاحات الضرورية".
و ربما يكون احتمال اندلاع انتفاضة وشيكة قد انحسر لكن التوترات الاجتماعية و الاقتصادية متأججة في دولة تعاني تفاوتا كبيرا في الدخول الى جانب ما وصفه الخلفي بعقود من الفساد،و عدد مشاكل المغرب الأخرى مثل البطالة و الفقر و الصحة و الأمية و هي كلها أمور تحتاج الى الاستثمارات و الحكم الرشيد. بحسب رويترز.
و عانى الاقتصاد المغربي الذي يعتمد على واردات الوقود و القمح من الكساد في اوروبا الذي أضر بقطاع السياحة و تحويلات المغاربة الذين يعملون بالخارج و كثير منهم في اسبانيا.
"و يحتل المغرب المرتبة 130 من جملة 187 دولة على مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية و تبلغ نسبة الأمية بين البالغين 56 في المئة من عدد سكانه البالغ 32 مليون نسمة.
و يستنزف الدعم على الغذاء و الوقود نحو 54 مليار درهم (ستة مليارات دولار) في العام او ستة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي".
و يرى كثيرون أن الدعم يمثل إهدارا و يفيد ميسوري الحال أكثر من المعوزين لكن إلغاءه قضية سياسية ساخنة و يمكن أن يواجه رفضا شعبيا واسع النطاق بين الفقراء المتشككين في الوعود بصرف مبالغ نقدية تعويضا عن الدعم و أفراد الطبقة المتوسطة الذين سيدفعون مزيدا من الاموال الى جانب الشركات التي كونت ثرواتها من وراء السكر و دقيق القمح و الطاقة التي تحصل عليها بأسعار بخسة.
.........
شبكة النبأ المعلوماتية-الأحد 16/كانون الأول/2012
الملك محمد السادس أدخل سلسلة من الاصلاحات منذ توليه العرش سنة 1999