المطبخ محور البيت وغرفة عملياته. فيه تمضي ربَّة البيت معظم وقتها، وحول طاولته يجتمع أفراد الأسرة مرتين وثلاثاً في اليوم. فيه تطهو الأُم طعاماً لعائلتها. وفيه تعود العائلة خليّة واحدة، ترمي عنها أعباء النهار ويلتقون معاً في جلسة حميمة.
هذا المطبخ الذي يُعدُّ قلب البيت النابض، الكل يجد له فيه مكاناً ويسعَى إلى إيجاد وظيفة، ولكن وحدها الأُم هي التي تتحكّم في مقاليد القيادة فيه، وتُسيِّر دفته وفقاً لقوانينها.
وكي تكون القيادة سهلة وآمنة، نُقدِّم للأُم كل ما يمكنه أن يُسهِّل عملها في المطبخ، ويُخفِّف عنها أعباء أعماله الكثيرة، لتكون في مأمن من أي مخاطر.
- مساحة واحدة لوظائف متعددة:
في المطبخ، تقسم المساحة إلى خمس وظائف أساسية:
- مساحة العمل، وهي اللوحات المسطحة التي تؤمِّن مساحة كافية للقيام بمختلف العمليات المساعِدة في إعداد الطعام.
- مساحة الغسل، وهي المجلَى ومحيطه المباشر.
- مساحة الطهو، وتتألف من صفيحة الطهو (الطباخ ذي العيون السطحية) والفرن.
- مساحات الترتيب أي الخزائن والرفوف.
- مساحة تناول الطعام، التي قد تكون على شكل طاولة منفصلة، أو على شكل لوحة ثابتة متصلة بالجدار أو بلوحة العمل ومجموعة مقاعد.
وينبغي أن تتوافر في كل واحدة من هذه المساحات، عناصر الأمان والراحة والعملية إلى جانب الجمالية والمتانة.
- مساحة العمل:
هي مركز الحركة في المطبخ، وعليها تمضي ربَّة البيت القسم الأكبر من وقتها. من هنا اهتمي بأن تكون واسعة بما فيه الكفاية، حتى تتيح عملاً مريحاً. وكلما ازدادت مساحات العمل في المطبخ، اعتُبر ذلك مكسباً لربَّة البيت. كما يجب أن يكون ارتفاعها ملائماً بشكل عام للسيدة التي تستخدمها. فإذا كانت منخفضة فستسبب آلاماً في الظهر، نتيجة اضطرار السيدة إلى الإنحناء، وإذا كانت مرتفعة ستضطر إلى التطاول لبلوغها، وفي الحالتين يقع ضرر صحي. أمّا الإرتفاع المناسب، فيجعل السيدة تنجز أعمالها بسرعة وسهولة، وهو يتراوح بين 90 و95 سنتيمتراً، ليلائم كل مستويات الطول. كما ينبغي أن تكون هذه المساحة متينة ومقاومة، لأنّها مُعرّضة باستمرار للصدمات والخدوش، والحرارة والبرودة، وتقطيع الأطعمة والماء. وأفضل المواد المستخدمة هي الحاجز الطبيعي، الخشب، السيراميك، الميلامين أو المعدن الـ"ستانلس ستيل". وكلها مواد سهلة الصيانة والتنظيف ومقاومة للبخار والدهون والماء.
- نصيحة:
إذا كانت مساحة العمل عالية، ضعي مسطبة خشبية صغيرة، قفي عليها لتصبحي في مستواها، بحيث يكون ظهرك وقدماك مستقيمة. أمّا إذا كانت منخفضة، فاجلسي على مقعد متحرِّك تثبتين ارتفاعه بما يتلاءم مع ارتفاع مساحة العمل عندك.
- مساحة الغسل:
المجلَى هو ثاني أكثر الأماكن استخداماً في المطبخ. ومن الضروري أن يكون الحوض واسعاً وعملياً، نظراً إلى ظروف حياتنا العربية التي تفرض كمية كبيرة من أواني الطهو والطعام، التي تحتاج إلى غسل بعد كل وجبة. كما يجب أن يكون عميقاً بما يكفي لاستيعاب أواني الطبخ الكبيرة ولغسل الفاكهة والخضار، وعريضاً بحيث لا يصل رذاذ الماء المتدفق نحوه إلى الخارج. ويجب أن يكون مصنوعاً من مواد مقاومة للخدوش والصدمات والتآكل. ويمكن أن يكون المجلَى مستطيلاً أو مربعاً أو بيضاوياً حسب المساحة والإمدادات المتصلة به.
المجلَى جزء من محيطه، يجب أن يكون منسجماً معه، وليس نافراً وسطه، لا في اللون ولا المواد أو الشكل، كما يجب تفادي بروز حروفه تجنباً لتراكم الأوساخ فيها وتسرُّب المياه عبرها، والأهم دائماً يبقى إعداد الإمدادات الصحيحة التي تتيح استعمالاً مريحاً وعملياً للمجلَى، خالياً من المشاكل وإضاءة ملائمة طبيعية وصناعية تُمكِّن من العمل في مختلف الأجواء. ويمكن إضافة الكثير من الاكسسوارات إلى المجلى، وهي تلعب دوراً عملياً وآخر جمالياً. من هذه الاكسسوارات السِّلال، المصافي، المشابك المتنوعة، فلتر الماء، موزّع الصابون، الأحواض البلاستيكية، والحنفيّة المزوَّدة بـ"نبريش" يمكن سحبه، وغيرها من الإضافات الحديثة.
- مساحة الطهو:
السائد الآن هو جعل صفيحة الطهو مكونة ضمن مساحة العمل، والفرن منفصلاً في مساحة مهمّة في المطبخ، نظراً إلى فائدة هذا الأمر من جهة، ودرءاً للمخاطر الكثيرة من جهة ثانية. في ما مضى، كانت صفيحة الطهو متصلة بالفرن في جهاز مثبت في مكان آخر عادة ضمن خزائن المطبخ. المهم تأمين التهوية والشفط الجيدين في محيط مساحة الطهو، لإبعاد الأبخرة والروائح من داخل المطبخ. كما يجب أن تكون المساحة المحيطة بصفيحة الطهو مقاومة للنيران، لا يمكن أن تشتعل إذا تسرّبت إليها لسبب أو لآخر. كما ينبغي أن تكون مقاومة للحرارة، حيث تحتمل وضع أواني الطهو الساخنة عليها. ومن المستحسن إبعاد مسارب الكهرباء كذلك عن محيط الطهو والتأكيد قبل كل شيء من متانة إمدادات الغاز وإجراء فحص دوري عليها. أمّا الشفاط المستعمل فوق صفيحة الطهو، فينبغي أن يكون قوياً ومزوّداً بمحرِّك "توربو"، ليقوم بسحب فعّال للروائح والأبخرة. ويصبح لهذا الأمر أولوية في حال كان المطبخ مفتوحاً على مساحة أخرى، مثل الصالون أو غرفة الطعام.
أمّا الفرن المنفصل في الخزائن، فأوّل ما ينبغي أخذه في الإعتبار عند تركيبه، هو كون المساحة من حوله مزوّدة بمسارب للهواء حتى لا يؤدِّي حصره إلى انفجاره في حال لم يكن مثبتاً بشكل مدروس. كما يجب أن يكون علوه مدروساً، ليتمكّن أهل البيت من استعماله من دون الحاجة إلى الإنحناء أو التطاول، وأن يكون منسجماً في الشكل واللون مع محيطه.
- نصيحة:
إذا كنتِ تعانين آلاماً في الظهر، اختاري الفرن المنفصل، واسعي إلى تثبيته على علوِّ مُوازٍ لوسط جسمك، بهذا تتجنبين الإنحناء المستمر عند استعمال الفرن، لاسيَّما وأنت تحملين أغراضاً ثقيلة لوضعها داخلها أو تنحنين مراراً لمراقبة عملية الطهو.
- مساحة التوضيب:
ونعني بها خزائن المطبخ والرفوف، وهذه المساحة تستوعب القسم الأكبر من الأدوات المطبخية، وهي عادة مقسومة إلى قسمين، الخزائن العليا والخزائن السفلَى، وشرطها الأساسي أن يتمكّن كل مَن يستعملها من تناول الأغراض منها بسهولة، ومن دون عناء. لذا يجب أن تكون الخزائن العليا مدروسة الإرتفاع، بحيث تستطيع ربَّة البيت أن تفتحها من دون الحاجة إلى التطاول أو القفز نحوها، وكذلك أن تصل على الأقل إلى الرفوف الوسطى فيها، من دون الحاجة إلى استخدام السلَّم الصغير. ويمكن أن يتراوح ارتفاع الخزائن ما بين 95 سنتيمتراً و160 سنتيمتراً. ويمكن اعتماد خزائن بمستويات ارتفاع مختلفة مع جوارير وسكك يمكن سحبها إلى الخارج، لتتيح الوصول إلى كل الأغراض حتى تلك المحفوظة في عمق الخزانة. ويجب أن نذكرها هنا، أنّ الخزائن السفلى عامّة أسهل. وبالتالي الأغراض ذات الحجم الكبير تَوضَع عادة في الخزائن السفلى. أمّا الأغراض كثيرة الإستعمال، فمن الأفضل توضيبها على الرفوف السفلى للخزائن العليَا، لتكون في متناول اليد من دون عناء. وبالنسبة إلى أدوات المائدة، ينصح بوضعها في الخزانة الأقرب إلى زاوية الطعام. أمّا أواني الطبخ فقرب مساحة الطهو.
حالياً، ثَمَّة مواد مُصنَّعة وتركيبية تُصنَع منها واجهات الخزائن، لتكون شديدة المتانة والمقاومة للمياه والأبخرة، ولتكون في الوقت ذاته سهلة التنظيف، من دون أن تتأثر ألوانها، لأن خزائن المطبخ حالياً، تأتي إضافة إلى ألوان الخشب الطبيعية، بألوان قوية مختلفة من الكثير من الاكسسوارات التزيينية، مثل الدّرف الزجاجية، والمسكات المعدنية بأكثر من لون. أمّا من الداخل، فثمَّة إضافات كثيرة تأتي لتُسهِّل عملية التوضيب وتنظّمها بشكل مريح، منها: السِّلال المعدنية، الصواني الدوّارة، القواطع البلاستيكية داخل الأدراج، والسكك التي تسحب نحو الخارج. وصار في الإمكان استغلال كل المساحات، حتى الزوايا التي صارت تُجهَّز برفوف وصوانٍ خاصة متحركة، تُسهِّل الوصول إلى عُمق الزاوية.
أمّا بالنسبة إلى الرفوف، فهي تلعب دوراً تجميلياً وعملياً في المطبخ، إذ يمكن إستعمالها لوضع القطع التزيينية، التي لا تُستعمل للطعام، نظراً إلى تعرّضها الدائم للغبار والأبخرة، أو الأواني الزجاجية محكمة الإقفال، التي تحوي بعض أصناف المؤونة.
ويمن اعتبار أجهزة التبريد من ضمن مساحات التوضيب. فالبرّاد أو الثلاجة، يستعملان لحفظ وتوضيب الأطعمة في مكان بارد. ومن هنا، أهمية اختيارهما بالحجم الذي يلائم استعمالات البيت، لأنهما بإعداد كميات زائدة من الأطعمة والخضار والفاكهة، وحفظها في البرّاد والثلاجة. كما يجب أن يكونَا بعيدين عن المجلَى حتى لا يسبِّب رذاذ المياه إصابتهما بالصدأ.
- نصيحة:
لا تتطاولي أن تمطِّي ظهرك أو تقفزي لتتناولي غَرَضاً من خزانة عالية، حتى لا تسبِّبي أذَى لعمودك الفقري، الأفضل أن تستخدمي سلَّماً لتصعدي بأمان نحو الخزائن العليا، شرط أن يكون السلّم ثابتاً، ولا تضعي أغراضاً ثقيلة الوزن في أماكن عالية، الصعود بها وإنزالها أمر مُؤذٍ لك.
- مساحة تناول الطعام:
باتت طاولة الطعام عنصراً رئيسياً من عناصر المطبخ، يجتمع حولها أفراد العائلة، لتناول الطعام أو تبادل الأحاديث، وأحياناً لشرب القهوة، أو قراءة الصحف، وإنجاز الفروض المدرسية. يمكن أن تكون الطاولة مستقلة مع كراسيها، فتكون مربعة يسهل إلصاقها بالجدار أو مستديرة، يسهل إدخال الكراسي تحتها. أما المستطيلة، فلا تصلح إلّا للمطابخ الواسعة جداً، أو يمكن أن تكون الطاولة امتداداً لإحدى خزائن المطبخ أو لمساحة العمل، أو حتى طاولة مخفيّة يتم سحبها عند الحاجة. المهم أن تكون جلستها مريحة واتِّساعها كافياً للغرض الذي وجدت من أجله وفقاً لعادات البيت، وألّا تحتل مساحة كبيرة من المطبخ، بحيث تُعيق الحركة فيه. ويُستحسن أن يكون هناك مصدر إضاءة مباشرة فوقها، يتيح رؤية جيِّدة لِمَا يتم عليها من أعمال أو مقابل النافذة لتتيح جلسة ممتعة.
يمكن لطاولة الطعام أن تكون كلاسيكية، أي ذات ارتفاع نموذجي أو عالية مع كراسي خاصة، وهذه الأخيرة غالباً ما تكون ضيقة وامتداداً لمساحة العمل أو واجهات الخزائن، كما يمكن أن تكون من الزجاج المقوَّى.
- نصيحة:
استعملي قدر الإمكان أواني السَّكب والطناجر صغيرة الحجم، التي لا تُسبِّب ضغطاً على العمود الفقري، ولا تحملي الأوعية الكبيرة إلى الطاولة، بل احملي الصحن نحو الوعاء، واسكبي فيه الكمية المطلوبة ليبقَى ظهرك وعضلاتك مرتاحة.
المصدر:البلاغ.