ايران و السعودية...عداء أكبر من جهود روحاني.
..........
"نسأل الله أن يقينا شرهم"..هكذا نقلت برقية من السفارة الأمريكية في الرياض سربها موقع ويكيليكس عن العاهل السعودي الملك عبد الله قوله لمسؤولين أمريكيين في إشارة لإيران.و في برقية أخرى قال لدبلوماسيين سعوديين إنه يريد أن تقطع واشنطن "رأس الأفعى".
و على الجانب الآخر من الخليج يظهر أيضا ازدراء إيران للسعودية من خلال تقرير نقله موقع مشرق الالكتروني المتشدد و جاء به أن الأسرة الحاكمة بالسعودية "غارقة في الفساد و العهر."
و وسط هذه الأجواء المسممة يأتي الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني و يعد بتحسين علاقة قد تكون هي الأسوأ بين بلدين في الشرق الأوسط برمته.
و البغضاء بين السعودية و إيران -و التي أججت عنفا دام عشر سنوات في المنطقة- من القوة بحيث يصعب إضفاء أي مبالغة عليها.
في سوريا و العراق و لبنان و اليمن تدعم الدولتان قوى بالوكالة في صراعات إما مستترة أو علنية يروح ضحيتها الالاف شهريا.
ففي سوريا تتبادل السعودية و إيران الاتهامات بالمسؤولية عن حمام الدم حيث تدعم إيران الرئيس السوري بشار الأسد و تمول السعودية مقاتلي المعارضة الساعين للاطاحة به.
و في العراق وصل العنف الطائفي إلى أسوأ مستوياته منذ عام 2008.
و تتهم السعودية إيران بتأجيج الاضطرابات في البحرين بل و فيها هي نفسها بينما تتهم طهران الرياض بالتآمر مع واشنطن على تدميرها.
لكن روحاني -و هو من المعتدلين نسبيا بعد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد- يقول إنه يريد أن يقيم علاقة ودية مع السعودية.و مما يبعث على الامل في حدوث ذلك خبرة الرئيس الإيراني الجديد في التفاوض مع الرياض.
قال روحاني في مؤتمر صحفي في يونيو حزيران "أتمنى أن تكون لنا إن شاء الله خلال فترة الحكم القادمة علاقات جيدة جدا مع الجيران و خصوصا السعودية."
لكن لا يرى كثيرون أن بمقدور روحاني أن ينزع السم من الخصومة القائمة بين الدولتين الواقعتين في قلب منطقة الشرق الأوسط.
.....
- كوكاكولا و بيبسي
من مصلحة السعودية و إيران التحدث إلى بعضهما البعض فالسعودية تريد أن تتوقف إيران عما تصفه بالتدخل في شؤون الدول العربية بدعم الشيعة أو حلفائهم في سوريا و العراق و لبنان و البحرين و اليمن و في السعودية نفسها.
و في المقابل تريد طهران أن تكف الرياض عن الحث على شن عمل عسكري على المواقع الذرية الإيرانية و عن تعزيز العقوبات الغربية من خلال زيادة الامدادات النفطية لتعويض النقص الناجم عن حظر الخام الإيراني.
و أبدى روحاني و الملك عبد الله استعدادا في الماضي لتحقيق السلام.و عندما كان روحاني رئيسا للمجلس الأعلى للأمن القومي في إيران في عام 1998 قضى ليلة بأكملها في التفاوض مع الأمير نايف وزير الداخلية السعودي الراحل بشأن اتفاقية أمنية مع المملكة بعد توتر دام سنوات.
و بتوقيع هذه الاتفاقية تغاضى الملك عبد الله عن شكوك سعودية و أمريكية في مسؤولية إيران عن تفجير ثكنات أمريكية بمدينة الخبر السعودية عام 1996. كما نحت إيران جانبا ذكريات ما حدث في موسم الحج عام 1987 عندما قتل المئات من حجاجها في اشتباكات مع قوات الأمن السعودية.
قال روبرت جوردان سفير الولايات المتحدة في الرياض من عام 2001 إلى 2003 "الملك عبد الله يعرف روحاني منذ فترة.أعتقد أن علاقتهما طيبة و أفضل بكثير من علاقته بأحمدي نجاد.يمتلك الاثنان قدرة على التواصل بقدر من الاحترام."
لكن رغم أن التاريخ قد يبشر بانفتاح في الجانبين إزاء فكرة التعاون يرى محللون و مسؤولون و دبلوماسيون أن فرصة التقارب محدودة.
فالظروف ساءت بكثير عما كانت عليه عند توقيع الاتفاق الأمني قبل 15 عاما مع كثرة الحروب الأهلية و الانتفاضات بالمنطقة.
و في مارس اذار 2009 زار وزير الخارجية الإيراني السابق منوشهر متكي الرياض في محاولة لتهدئة التوتر بين الدولتين لكن اجتماعه بالملك عبد الله لم يسر على ما يرام.
و بعد ذلك بأيام أبلغ الملك عبد الله المستشار الأمريكي لمكافحة الارهاب جون برينان أنه قال للوزير الإيراني "ليس من شأنكم أيها الفرس التدخل في أمور العرب."
و نقل برينان عن العاهل السعودي قوله "هدف إيران هو إثارة المشاكل..هناك بلا شك خلل ما لديهم...نسأل الله أن يقينا شرهم."
و يرسم الزعيم الإيراني الاعلى آية الله علي خامنئي السياسة الخارجية أكثر مما يرسمها رئيس البلاد مما يعني أن انتخاب روحاني للرئاسة لن يغير على الأرجح مواقف طهران تغييرا جذريا.
و قال علي أكبر صالحي وزير الخارجية الايراني المنتهية ولايته في مقابلة مع وكالة مهر للأنباء "هل يمكن أن يفعل أو يقول أحد شيئا دون رأي الزعيم الأعلى؟" و أضاف أنه منع من زيارة الرياض.
و لا تعقد السعودية آمالا.و شبه عبد الله العسكر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى السعودي الفارق بين روحاني و أحمدي نجاد بالفارق بين "كوكاكولا و بيبسي."
و قال "لا أعتقد أنه سيفعل مثلما فعل أحمدي نجاد و يتحدث بغلظة...لكن عندما يصل الأمر إلى الملفات الرئيسية أعتقد أنه سيعمل داخل إطار يرسمه خامنئي."
و قالت صحيفة سعودية جازيت في مقال افتتاحي الاسبوع الماضي "إيران ستعود إلى نفس الحيل القديمة و لكن بساحر مختلف."
..........
- مناصرة الأعداء
أي تحسن في العلاقات سيتوقف بالنسبة للسعودية على وقف دعم إيران للأسد الذي وصف وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل هجومه على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية بأنها إبادة جماعية.
و يرجح أن تكون هذه الخطوة خطا أحمر بالنسبة لزعماء إيران الذين يرون في سوريا حلقة مهمة في قدرتهم على ممارسة النفوذ في الشرق الأوسط وصولا إلى لبنان و حدود إسرائيل.
و مما يغضب إيران أكثر من غضبها من سياسة السعودية تجاه سوريا هو قرار اتخذته الرياض العام الماضي بزيادة صادرات الطاقة لتعويض النفط الذي خرج من السوق بعد حظر النفط الخام الايراني في خطوة تعتبر مشاركة فعلية في العقوبات الأمريكية.
و قال ناصر سوداني نائب رئيس لجنة الطاقة بالبرلمان الايراني في يناير كانون الثاني 2012 تعليقا على زيادة امدادات النفط السعودية "بدلا من أن يهبوا لخدمة المسلمين يناصرون أعداء المسلمين و يقفون بجانبهم."
و تتهم السعودية إيران بمحاولة تأجيج التوتر داخل أقليتها الشيعية و زرع حلقة تجسس على أراضيها كما اتهمتها بمحاولة اغتيال سفيرها في الولايات المتحدة.و تنفي طهران كل هذه الاتهامات.بحسب رويترز.
و يعود تاريخ الخصومة إلى عام 1979 عندما حاولت إيران تصدير ثورتها الاسلامية إلى الشيعة في دول الشرق الأوسط بما فيها السعودية الأمر الذي يخل بتوازن القوى بالمنطقة.
و انحازت السعودية و دول خليجية أخرى إلى ما اعتبرته طهران تحالفا مع الشيطان عندما أخذت جانب صدام حسين الذي غزا إيران عام 1980 حيث مولت حربه لثماني سنوات بينما استخدم هو الأسلحة الكيماوية ضد الجنود و المدنيين الإيرانيين.
و بعد فترة هدوء تدريجية أججت الإطاحة بصدام في عام 2003 صراعا جديدا على النفوذ بين السنة و الشيعة في العراق.و دعمت الرياض السنة بينما ساندت طهران الشيعة.
و علت النبرة الطائفية في الصراع بين الدولتين في السنوات القليلة الماضية و يتبادل رجال الدين فيهما عبارات الازدراء دون مواربة.
و يؤيد الحكام الإيرانيون الشيعة في العالم العربي بما في ذلك الحكومة العراقية و ميليشيات في العراق و حزب الله في لبنان و محتجين في البحرين إضافة إلى الحوثيين في اليمن.و ينتمي الأسد إلى الطائفة العلوية المنبثقة عن الشيعة.
و تؤيد السعوية مهد الاسلام و الفكر الوهابي المتشدد الجانب الاخر في كل من هذه الصراعات.
و ترى الوهابية في التشيع بدعة.و كان الاتباع الأوائل للفكر الوهابي قد هدموا أضرحة للشيعة بالعراق في القرن الثامن العاشر.
و حاول الملك عبد الله التخفيف من الأمر و قال العام الماضي إنه سيؤسس مركزا بالرياض لدراسة الاختلافات بين المذاهب لكن برقية سربها موقع ويكيليكس عام 2006 تسجل له انتقاده الشيعة "لتقديسهم أضرحة و تماثيل و أفرادا."
و على الجانب الاخر يرى الشيعة الوهابية مذهبا خطيرا يؤجج التشدد الطائفي.و أعطت الحرب على الأسد موطيء قدم جديدا لمقاتلي تنظيم القاعدة السنة الذين يستخدمون الدين في تبرير هجمات على العلويين و الشيعة في سوريا و العراق.
و قال المحلل محمد صادق الحسيني في مقابلة أجرتها وكالة فارس الاخبارية الايرانية في يوليو تموز "خلقت السعودية القاعدة الجديدة" في إشارة إلى دعم الرياض للمعارضة السورية.
و يقول دبلوماسيون خليجيون إن الرياض تعمل على الحيلولة دون وصول أسلحتها و أموالها إلى الجماعات الإسلامية المتشددة في ائتلاف المعارضة السورية.
.............
- ضرر غير عادي
و لأنه من غير المرجح أن يعدل روحاني عن السياسات التي تعارضها السعودية بشدة لا يبدو هناك مجال كبير لحدوث تقدم بخلاف وجود نبرة أقل عدائية.
و قال علي أنصاري أستاذ التاريخ الايراني في جامعة سانت اندروز البريطانية "إن مستوى الضرر الذي حدث في فترة الثماني إلى العشر سنوات الماضية غير عادي مما يثير سؤالا عما إذا كان الايرانيون يعتقدون أن بإمكانهم تجميل الأمر و حسب أم أنهم مستعدون لاجراء تغييرات حقيقية."
و مع هذا فإن اتخاذ إيران خطوات مثل استخدام لغة أكثر ميلا للمصالحة في البث الاعلامي المتعلق بالبحرين و دول خليجية أخرى و وقف دعم جماعات يمنية قد تلطف الموقف.
قال جوردان "قد تكون سوريا جسرا بعيدا للغاية لكن من الممكن أن يتوصل الجانبان إلى شكل من أشكال التفاهم المؤقت بشأن وضع الشيعة في البحرين. ولي العهد هناك في موقف يتيح له التفاوض بشكل أفضل و قد يميل إلى المساعدة في التوصل إلى حل."
و لا يتوقع دبلوماسيون في الخليج تحركا يذكر في قضايا هامشية و لا يرون فرصة كبيرة في استجابة الرياض لمبادرات إيران دون حدوث تغيير كبير في السياسة.
لكن هذا التشكك لم يمنع الإصلاحيين الإيرانيين من الضغط حتى يقدم روحاني غصن زيتون للسعودية في إطار سياسة انتهجها قبله الرئيسان السابقان أكبر هاشمي رفسنجاني و محمد خاتمي.
و قال الاصلاحي الايراني سعيد هاجريان في مقابلة صحفية هذا الشهر "أصبح الوضع في سوريا معقدا لدرجة أن العالم الاسلامي انقسم فعليا إلى قسمين.. لدرجة حدوث حرب بالوكالة."
و أضاف "علينا أن نوضح لهم أن هذه ليست حربا بين السنة و الشيعة.و علينا أن نمنع بكل قوتنا الأطراف المختلفة عن التحريض الديني."
.........
شبكة النبأ المعلوماتية-الأحد 18/آب/2013
..........
"نسأل الله أن يقينا شرهم"..هكذا نقلت برقية من السفارة الأمريكية في الرياض سربها موقع ويكيليكس عن العاهل السعودي الملك عبد الله قوله لمسؤولين أمريكيين في إشارة لإيران.و في برقية أخرى قال لدبلوماسيين سعوديين إنه يريد أن تقطع واشنطن "رأس الأفعى".
و على الجانب الآخر من الخليج يظهر أيضا ازدراء إيران للسعودية من خلال تقرير نقله موقع مشرق الالكتروني المتشدد و جاء به أن الأسرة الحاكمة بالسعودية "غارقة في الفساد و العهر."
و وسط هذه الأجواء المسممة يأتي الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني و يعد بتحسين علاقة قد تكون هي الأسوأ بين بلدين في الشرق الأوسط برمته.
و البغضاء بين السعودية و إيران -و التي أججت عنفا دام عشر سنوات في المنطقة- من القوة بحيث يصعب إضفاء أي مبالغة عليها.
في سوريا و العراق و لبنان و اليمن تدعم الدولتان قوى بالوكالة في صراعات إما مستترة أو علنية يروح ضحيتها الالاف شهريا.
ففي سوريا تتبادل السعودية و إيران الاتهامات بالمسؤولية عن حمام الدم حيث تدعم إيران الرئيس السوري بشار الأسد و تمول السعودية مقاتلي المعارضة الساعين للاطاحة به.
و في العراق وصل العنف الطائفي إلى أسوأ مستوياته منذ عام 2008.
و تتهم السعودية إيران بتأجيج الاضطرابات في البحرين بل و فيها هي نفسها بينما تتهم طهران الرياض بالتآمر مع واشنطن على تدميرها.
لكن روحاني -و هو من المعتدلين نسبيا بعد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد- يقول إنه يريد أن يقيم علاقة ودية مع السعودية.و مما يبعث على الامل في حدوث ذلك خبرة الرئيس الإيراني الجديد في التفاوض مع الرياض.
قال روحاني في مؤتمر صحفي في يونيو حزيران "أتمنى أن تكون لنا إن شاء الله خلال فترة الحكم القادمة علاقات جيدة جدا مع الجيران و خصوصا السعودية."
لكن لا يرى كثيرون أن بمقدور روحاني أن ينزع السم من الخصومة القائمة بين الدولتين الواقعتين في قلب منطقة الشرق الأوسط.
.....
- كوكاكولا و بيبسي
من مصلحة السعودية و إيران التحدث إلى بعضهما البعض فالسعودية تريد أن تتوقف إيران عما تصفه بالتدخل في شؤون الدول العربية بدعم الشيعة أو حلفائهم في سوريا و العراق و لبنان و البحرين و اليمن و في السعودية نفسها.
و في المقابل تريد طهران أن تكف الرياض عن الحث على شن عمل عسكري على المواقع الذرية الإيرانية و عن تعزيز العقوبات الغربية من خلال زيادة الامدادات النفطية لتعويض النقص الناجم عن حظر الخام الإيراني.
و أبدى روحاني و الملك عبد الله استعدادا في الماضي لتحقيق السلام.و عندما كان روحاني رئيسا للمجلس الأعلى للأمن القومي في إيران في عام 1998 قضى ليلة بأكملها في التفاوض مع الأمير نايف وزير الداخلية السعودي الراحل بشأن اتفاقية أمنية مع المملكة بعد توتر دام سنوات.
و بتوقيع هذه الاتفاقية تغاضى الملك عبد الله عن شكوك سعودية و أمريكية في مسؤولية إيران عن تفجير ثكنات أمريكية بمدينة الخبر السعودية عام 1996. كما نحت إيران جانبا ذكريات ما حدث في موسم الحج عام 1987 عندما قتل المئات من حجاجها في اشتباكات مع قوات الأمن السعودية.
قال روبرت جوردان سفير الولايات المتحدة في الرياض من عام 2001 إلى 2003 "الملك عبد الله يعرف روحاني منذ فترة.أعتقد أن علاقتهما طيبة و أفضل بكثير من علاقته بأحمدي نجاد.يمتلك الاثنان قدرة على التواصل بقدر من الاحترام."
لكن رغم أن التاريخ قد يبشر بانفتاح في الجانبين إزاء فكرة التعاون يرى محللون و مسؤولون و دبلوماسيون أن فرصة التقارب محدودة.
فالظروف ساءت بكثير عما كانت عليه عند توقيع الاتفاق الأمني قبل 15 عاما مع كثرة الحروب الأهلية و الانتفاضات بالمنطقة.
و في مارس اذار 2009 زار وزير الخارجية الإيراني السابق منوشهر متكي الرياض في محاولة لتهدئة التوتر بين الدولتين لكن اجتماعه بالملك عبد الله لم يسر على ما يرام.
و بعد ذلك بأيام أبلغ الملك عبد الله المستشار الأمريكي لمكافحة الارهاب جون برينان أنه قال للوزير الإيراني "ليس من شأنكم أيها الفرس التدخل في أمور العرب."
و نقل برينان عن العاهل السعودي قوله "هدف إيران هو إثارة المشاكل..هناك بلا شك خلل ما لديهم...نسأل الله أن يقينا شرهم."
و يرسم الزعيم الإيراني الاعلى آية الله علي خامنئي السياسة الخارجية أكثر مما يرسمها رئيس البلاد مما يعني أن انتخاب روحاني للرئاسة لن يغير على الأرجح مواقف طهران تغييرا جذريا.
و قال علي أكبر صالحي وزير الخارجية الايراني المنتهية ولايته في مقابلة مع وكالة مهر للأنباء "هل يمكن أن يفعل أو يقول أحد شيئا دون رأي الزعيم الأعلى؟" و أضاف أنه منع من زيارة الرياض.
و لا تعقد السعودية آمالا.و شبه عبد الله العسكر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى السعودي الفارق بين روحاني و أحمدي نجاد بالفارق بين "كوكاكولا و بيبسي."
و قال "لا أعتقد أنه سيفعل مثلما فعل أحمدي نجاد و يتحدث بغلظة...لكن عندما يصل الأمر إلى الملفات الرئيسية أعتقد أنه سيعمل داخل إطار يرسمه خامنئي."
و قالت صحيفة سعودية جازيت في مقال افتتاحي الاسبوع الماضي "إيران ستعود إلى نفس الحيل القديمة و لكن بساحر مختلف."
..........
- مناصرة الأعداء
أي تحسن في العلاقات سيتوقف بالنسبة للسعودية على وقف دعم إيران للأسد الذي وصف وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل هجومه على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية بأنها إبادة جماعية.
و يرجح أن تكون هذه الخطوة خطا أحمر بالنسبة لزعماء إيران الذين يرون في سوريا حلقة مهمة في قدرتهم على ممارسة النفوذ في الشرق الأوسط وصولا إلى لبنان و حدود إسرائيل.
و مما يغضب إيران أكثر من غضبها من سياسة السعودية تجاه سوريا هو قرار اتخذته الرياض العام الماضي بزيادة صادرات الطاقة لتعويض النفط الذي خرج من السوق بعد حظر النفط الخام الايراني في خطوة تعتبر مشاركة فعلية في العقوبات الأمريكية.
و قال ناصر سوداني نائب رئيس لجنة الطاقة بالبرلمان الايراني في يناير كانون الثاني 2012 تعليقا على زيادة امدادات النفط السعودية "بدلا من أن يهبوا لخدمة المسلمين يناصرون أعداء المسلمين و يقفون بجانبهم."
و تتهم السعودية إيران بمحاولة تأجيج التوتر داخل أقليتها الشيعية و زرع حلقة تجسس على أراضيها كما اتهمتها بمحاولة اغتيال سفيرها في الولايات المتحدة.و تنفي طهران كل هذه الاتهامات.بحسب رويترز.
و يعود تاريخ الخصومة إلى عام 1979 عندما حاولت إيران تصدير ثورتها الاسلامية إلى الشيعة في دول الشرق الأوسط بما فيها السعودية الأمر الذي يخل بتوازن القوى بالمنطقة.
و انحازت السعودية و دول خليجية أخرى إلى ما اعتبرته طهران تحالفا مع الشيطان عندما أخذت جانب صدام حسين الذي غزا إيران عام 1980 حيث مولت حربه لثماني سنوات بينما استخدم هو الأسلحة الكيماوية ضد الجنود و المدنيين الإيرانيين.
و بعد فترة هدوء تدريجية أججت الإطاحة بصدام في عام 2003 صراعا جديدا على النفوذ بين السنة و الشيعة في العراق.و دعمت الرياض السنة بينما ساندت طهران الشيعة.
و علت النبرة الطائفية في الصراع بين الدولتين في السنوات القليلة الماضية و يتبادل رجال الدين فيهما عبارات الازدراء دون مواربة.
و يؤيد الحكام الإيرانيون الشيعة في العالم العربي بما في ذلك الحكومة العراقية و ميليشيات في العراق و حزب الله في لبنان و محتجين في البحرين إضافة إلى الحوثيين في اليمن.و ينتمي الأسد إلى الطائفة العلوية المنبثقة عن الشيعة.
و تؤيد السعوية مهد الاسلام و الفكر الوهابي المتشدد الجانب الاخر في كل من هذه الصراعات.
و ترى الوهابية في التشيع بدعة.و كان الاتباع الأوائل للفكر الوهابي قد هدموا أضرحة للشيعة بالعراق في القرن الثامن العاشر.
و حاول الملك عبد الله التخفيف من الأمر و قال العام الماضي إنه سيؤسس مركزا بالرياض لدراسة الاختلافات بين المذاهب لكن برقية سربها موقع ويكيليكس عام 2006 تسجل له انتقاده الشيعة "لتقديسهم أضرحة و تماثيل و أفرادا."
و على الجانب الاخر يرى الشيعة الوهابية مذهبا خطيرا يؤجج التشدد الطائفي.و أعطت الحرب على الأسد موطيء قدم جديدا لمقاتلي تنظيم القاعدة السنة الذين يستخدمون الدين في تبرير هجمات على العلويين و الشيعة في سوريا و العراق.
و قال المحلل محمد صادق الحسيني في مقابلة أجرتها وكالة فارس الاخبارية الايرانية في يوليو تموز "خلقت السعودية القاعدة الجديدة" في إشارة إلى دعم الرياض للمعارضة السورية.
و يقول دبلوماسيون خليجيون إن الرياض تعمل على الحيلولة دون وصول أسلحتها و أموالها إلى الجماعات الإسلامية المتشددة في ائتلاف المعارضة السورية.
.............
- ضرر غير عادي
و لأنه من غير المرجح أن يعدل روحاني عن السياسات التي تعارضها السعودية بشدة لا يبدو هناك مجال كبير لحدوث تقدم بخلاف وجود نبرة أقل عدائية.
و قال علي أنصاري أستاذ التاريخ الايراني في جامعة سانت اندروز البريطانية "إن مستوى الضرر الذي حدث في فترة الثماني إلى العشر سنوات الماضية غير عادي مما يثير سؤالا عما إذا كان الايرانيون يعتقدون أن بإمكانهم تجميل الأمر و حسب أم أنهم مستعدون لاجراء تغييرات حقيقية."
و مع هذا فإن اتخاذ إيران خطوات مثل استخدام لغة أكثر ميلا للمصالحة في البث الاعلامي المتعلق بالبحرين و دول خليجية أخرى و وقف دعم جماعات يمنية قد تلطف الموقف.
قال جوردان "قد تكون سوريا جسرا بعيدا للغاية لكن من الممكن أن يتوصل الجانبان إلى شكل من أشكال التفاهم المؤقت بشأن وضع الشيعة في البحرين. ولي العهد هناك في موقف يتيح له التفاوض بشكل أفضل و قد يميل إلى المساعدة في التوصل إلى حل."
و لا يتوقع دبلوماسيون في الخليج تحركا يذكر في قضايا هامشية و لا يرون فرصة كبيرة في استجابة الرياض لمبادرات إيران دون حدوث تغيير كبير في السياسة.
لكن هذا التشكك لم يمنع الإصلاحيين الإيرانيين من الضغط حتى يقدم روحاني غصن زيتون للسعودية في إطار سياسة انتهجها قبله الرئيسان السابقان أكبر هاشمي رفسنجاني و محمد خاتمي.
و قال الاصلاحي الايراني سعيد هاجريان في مقابلة صحفية هذا الشهر "أصبح الوضع في سوريا معقدا لدرجة أن العالم الاسلامي انقسم فعليا إلى قسمين.. لدرجة حدوث حرب بالوكالة."
و أضاف "علينا أن نوضح لهم أن هذه ليست حربا بين السنة و الشيعة.و علينا أن نمنع بكل قوتنا الأطراف المختلفة عن التحريض الديني."
.........
شبكة النبأ المعلوماتية-الأحد 18/آب/2013