أبل و سامسونج..صداقة لدودة و عداء حميمي.
.......
كانت هذه أسوأ كوابيس الراحل ستيف جوبز..مصنع آسيوي كبير مثل سامسونج الكترونيكس يستخدم نظام تشغيل اندرويد من انتاج جوجل لتصنيع هواتف ذكية و أجهزة لوحية تشبه إلى حد كبير أجهزة آي.فون و آي.باد.
ثم تبدأ سامسونج في الاستحواذ على حصة بالسوق و تضر بهوامش أرباح أبل و سعر سهمها و تهدد موقعها على قمة عرش صناعة الأجهزة الالكترونية الاستهلاكية التي تحظى بشعبية كبيرة.
.......
كان لدى جوبز بالطبع الرد على كل هذا و هي حرب قانونية "لا تبقي و لا تذر" تحول دون وصول الأجهزة التي تستنسخ خصائص أجهزة أبل إلى السوق.
لكن بعد نحو عامين من أول دعوى قضائية رفعتها أبل على سامسونج تتهمها بانتهاك حقوق الملكية الفكرية و ستة أشهر من تحقيق الشركة الأمريكية انتصارا قضائيا كبيرا على منافستها الكورية فإن فرص أبل تتضاءل في حظر بيع منتجات سامسونج.بحسب رويترز.
و الواقع أن سلسلة من الدعاوى القضائية في الآونة الأخيرة تشير إلى أن حروب الملكية الفكرية للهواتف الذكية ستدخل في حالة جمود حيث تعجز أبل عن اثبات أن مبيعاتها تضررت بشدة بسبب تقليد المنافسين و لاسيما سامسونج لمنتجاتها،و هذا بدوره قد يكون إيذانا بدخول مرحلة جديدة من العلاقة المعقدة بين الشركتين المهيمنتين على أنشطة الحوسبة المحمولة المتنامية.
كان تيم كوك الذي خلف جوبز كرئيس تنفيذي لأبل ضد فكرة مقاضاة سامسونج في المقام الأول وفقا لما قالته مصادر مطلعة على الأمر و يرجع ذلك بنسبة كبيرة إلى الدور الحيوي الذي تقوم به سامسونج كمورد لمكونات آي.فون و آي.باد. و اشترت أبل مكونات من سامسونج بنحو ثمانية مليارات دولار العام الماضي حسب تقديرات المحللين.
و في الوقت نفسه استفادت سامسونج كثيرا في فهم السوق من خلال علاقتها بأبل و من انتاج هواتف ذكية و أجهزة لوحية تشبه أجهزة أبل إلى حد كبير، و في حين تتنافس الشركتان بقوة في أنشطة الهواتف الذكية الفاخرة -حيث تسيطران معا على نصف المبيعات و كل الأرباح تقريبا - فإن نقاط ضعف و قوة كل منهما تتكامل مع الأخرى من عدة نواح.
و أبلغ جيف وليامز مدير العمليات في أبل رويترز الشهر الماضي أن سامسونج شريك مهم و أن العلاقة بين الشركتين قوية على جانب التوريد لكنه لم يخض في تفاصيل.
.......
و مع انحسار حدة المعركة القانونية بين الشركتين بدا من الواضح بدرجة متزايدة أن أبل و سامسونج لديهما كثير من المصالح المشتركة إذ تعمل كل منهما لصد منافسين محتملين مثل بلاكبيري أو مايكروسوفت.
و التناقض صارخ بين نزاع هذين العملاقين و أي خصومات سابقة شهدها عالم صناعة التكنولوجيا. فحينما اتهمت أبل مايكروسوفت في الثمانينيات بسرقة ماكنتوش لانتاج نظام التشغيل ويندوز كان مستقبل أبل كله في خطر.
و خسرت أبل المعركة فأصبح ماكنتوش منتجا محدود الانتشار و شارفت الشركة على الانهيار قبل أن يعود جوبز لها في أواخر 1996 و ينقذها بأجهزة آي.بود و آي.فون.
و توفي جوبز في أكتوبر تشرين الأول 2011،و بالمثل فإن حروب متصفح الانترنت في أواخر التسعينيات التي خاضتها مايكروسوفت و نتسكيب انتهت بأن بيعت نتسكيب كقطعة من الخردة و لم يعد أحد يستخدم منتجها الرئيسي.
في المقابل فإن أبل و سامسونج ليستا في حرب تنتهي بفناء إحداهما و إنما في علاقة متعددة المستويات تدور بين الود و المنافسة الحادة.
.........
ثنائي يصعب التغلب عليه.
و بالنسبة لمنافسين مثل نوكيا و بلاكبيري و سوني و اتش.تي.سي و حتى جوجل -الذي من المتوقع أن تطلق وحدته موتورولا هاتفا ذكيا جديدا هذا العام- فإن الشركتين تشكلان معا ثنائيا يصعب التغلب عليه.
و ترجع علاقة الشراكة بين أبل و سامسونج إلى 2005 حينما كانت الشركة الأمريكية العملاقة تبحث عن مورد مستقر للذاكرة فلاش.
و كانت أبل قد قررت عدم وضع قرص صلب في أجهزة آي.بود شافل و آي.بود نانو وآي.فون فيما بعد و لذا كانت بحاجة لكميات هائلة من رقائق الذاكرة من نوع فلاش كوسيط للتخزين على تلك الأجهزة.
و كانت سوق رقائق الذاكرة غير مستقرة إلى حد كبير في 2005 و قالت مصادر مطلعة على العلاقة بين الشركتين إن أبل أرادت الاتفاق مع مورد مستقر ماليا.
و كانت سامسونج تستحوذ على نحو 50 بالمئة من سوق رقائق الذاكرة ناند في ذلك الحين،و نقل مصدر مطلع عن جوبز قوله في ذلك الحين إن "من يسيطر على سوق الذاكرة فلاش سيسيطر على هذا القطاع من المنتجات الالكترونية الاستهلاكية."
و أفضى نجاح تلك الصفقة إلى أن أصبحت سامسونج تورد أيضا معالجات التطبيقات لأجهزة آي.فون و آي.باد و هي مكون حيوي.
و في بادئ الأمر قامت الشركتان بالتطوير المشترك للمعالجات بناء على تصميم من ايه.آر.إم هولدنجز لكن أبل سيطرت تدريجيا بالكامل على تطوير الرقائق.
و الآن تنتج سامسونج المكونات فحسب في مصنع بتكساس،و أسست الشركتان علاقة وثيقة امتدت لأعلى المستويات.
و في 2005 قام جاي لي الذي أسس جده مجموعة سامسونج بزيارة منزل جوبز في بالو ألتو بكاليفورنيا بعدما وقع الاثنان صفقة الذاكرة فلاش،و منحت الشراكة كلا من أبل و سامسونج القدرة على الاطلاع على استراتيجية الشركة الأخرى و عملياتها.
و بفضل وضعها كمورد وحيد لمعالجات أبل حصلت سامسونج على معلومات قيمة عن المدى الذي كانت تعتقد أبل أن سوق الهواتف الذكية ستصل إليه.
و قال هوراس ديدو المحلل السابق في نوكيا "أنا متأكد من أن كونها موردا لأبل ساعد المجموعة كلها على معرفة إلى أين تسير الأمور".
و أضاف "معرفة أين تضع رأسمالك ميزة مهمة للغاية في هذا النشاط"،و أحجمت سامسونج عن التعليق على علاقتها مع عميل بعينه،و بالنسبة لأبل فقد جنت الشركة فائدة استثمارات سامسونج الكبيرة في البحوث و التطوير و المعدات و منشآت الانتاج.
و بلغ الانفاق الرأسمالي لسامسونج 21 مليار دولار (23 تريليون وون) في 2012 وحدها و تعتزم الشركة انفاق مبلغ مماثل هذا العام،و بالمقارنة أنفقت انتل كورب نحو 11 مليار دولار في 2012 و تتوقع تايوان لصناعة أشباه الموصلات (تي.اس.إم.سي) انفاق تسعة مليارات في 2013.
لكن الخبرة في صناعة المكونات و توفر السيولة و الخبرة الجيدة بالسوق لم تضمن النجاح لسامسونج في غزوتها الأولى لسوق الهواتف الذكية.
فقد بلغ الأمر ببعض العملاء أن هشم علنا هاتفها أومنيا -الذي يعمل بنظام ويندوز و طرح في 2009- إظهارا لعدم الرضا.
و في الوقت نفسه كانت سامسونج تهون في العلن من نجاح آي.فون،و في يناير كانون الثاني 2010 قال جي.اس تشوي رئيس سامسونج في ذلك الحين للصحفيين "شعبية آي.فون ليست سوى نتيجة الاثارة التي سببها بعض المهووسين (بأبل)،"إلا أن سامسونج كانت لديها خطط أخرى خلف الأبواب المغلقة،و أظهرت رسالة الكترونية داخلية جرى تقديمها ضمن وثائق بمحكمة أمريكية أن جيه.كيه شين رئيس أنشطة الأجهزة المحمولة في سامسونج قال لموظفيه في مطلع2010 "بزوغ آي.فون يعني أن الوقت قد حان لأن نغير طريقتنا."
و في وقت لاحق من ذلك العام أطلقت سامسونج هاتفها جالاكسي اس الذي يعمل بنظام اندرويد و يشبه في مظهره و ملمسه آي.فون إلى حد كبير،و شكا جوبز و كوك بشأن ذلك لمسؤولين تنفيذيين كبار في سامسونج خلال زيارتهم لمقر الشركة الأمريكية.
و قالت مصادر مطلعة إن أبل توقعت أن تعدل سامسونج تصميمها استجابة للمخاوف لكنها لم تكن محقة في ذلك،و تأكدت أسوأ مخاوف أبل في مطلع 2011 مع طرح أجهزة جالاكسي تاب التي اعتبرها جوبز و آخرون سرقة صريحة لجهاز آي.باد.
و عارض كوك الذي كان قلقا بشأن علاقة التوريد الحيوية مقاضاة سامسونج.
لكن جوبز كان قد نفد صبره و ارتاب في أن سامسونج تعول على علاقتها كمورد لأبل في حمايتها من العقاب،و رفعت أبل دعوى في ابريل نيسان 2011 و امتد النزاع سريعا إلى محاكم في أوروبا و آسيا و أستراليا.
و عندما فازت أبل بحكم لجنة محلفين بتعويض بعدة مليارات من الدولارات في أغسطس اب الماضي بدا أنها قد تتمكن من الحصول على قرار بحظر تام لبيع المنتجات التي تثير حفيظتها و هو ما كان من شأنه أن يقلب الأوضاع تماما في صناعة الهواتف الذكية.
لكن أبل لم تفلح في اقناع القضاة الأمريكيين بتطبيق هذا الحظر المهم على المبيعات و هو ما يرجع بنسبة كبيرة إلى أن الربحية غير العادية و القوة السوقية لهواتف آي.فون جعلت من المستحيل على أبل أن تثبت تكبدها أضرارا لا يمكن تعويضها.
و كتبت القاضية الأمريكية لوسي كوه "ربما تكون سامسونج قد قلصت إلى حد ما قاعدة عملاء أبل لكن لا يوجد ما يشير إلى أن سامسونج ستستولي على كل قاعدة عملاء أبل أو تجبر الشركة على الخروج من نشاط انتاج الهواتف الذكية".
في الوقت نفسه تعرضت سامسونج للضغط من جانب سلطات مكافحة الاحتكار و تراجعت عن محاولة وقف بيع منتجات أبل في أوروبا بسبب نزاع بشأن حقوق الملكية الفكرية،و رفضت محكمة استئناف أمريكية في الآونة الأخيرة طلبا من أبل بتسريع اجراءات قضيتها و هو ما يعني أن آمال الشركة في حظر المبيعات تواجه الآن طعونا قد تستغرق شهورا يمكن خلالها لسامسونج أن تطرح الاصدار التالي من هاتفها جالاكسي الذي يلقى رواجا.
غير أن التأثير السلبي للمعارك القضائية على العلاقة بين الشركتين أقل مما توحي به المعارك الكلامية،و قال أحد المحامين تابع تصريحات المسؤولين التنفيذيين من الشركتين "يبرز الناس هذه الأمور لأنها تنطوي على قدر من الدراما لكن الواقع العملي هو أن الخلاف ليس بتلك السخونة". إلا أن الأعمال العدائية أثرت على العلاقة بعض الشيء فيما يبدو.
و قال محللون في جولدمان ساكس و سانفورد بيرنشتاين و شركات أخرى إن من المرجح أن تنتقل أبل للتعامل مع تي.اس.إم.سي في صناعة معالجات التطبيقات.
لكن محللين في كوريا انفستمنت اند سيكيوريتيز واتش.إم.سي سيكيوريتيز يقولون إن أبل لن تتمكن من التوقف عن شراء رقائق الذاكرة فلاش من سامسونج لأنها مازالت المنتج المهيمن على الرقائق الحيوية،و أحجمت أبل عن التعليق على تفاصيل علاقتها مع أي مورد بعينه.
......
استراتيجيات مقتبسة.
و تنتهج كل من الشركتين استراتيجيات مقتبسة من الأخرى في محاولة للحفاظ على الفارق بينهما و بين الاخرين،و طرحت سامسونج إعلانا تلفزيونيا لا ينسى يسخر من عملاء أبل و كثفت انفاقها بقوة على التسويق و الاعلان و هو عنصر رئيسي في نجاح ابل.
و وفقا لكانتار ميديا فقد قفز الانفاق الاعلاني على جالاكسي وحده في الولايات المتحدة لنحو 202 مليون دولار في التسعة شهور الأولى من 2012 مقارنة مع 66.6 مليون دولار في 2011،و من جانبها تستثمر أبل في التصنيع من خلال مساعدة مورديها على شراء الآلات اللازمة لبناء مصانع كبيرة مخصصة حصريا للشركة.
و بلغ الانفاق الرأسمالي لأبل نحو عشرة مليارات دولار في السنة المالية 2012 و تتوقع الشركة انفاق عشرة مليارات أخرى هذا العام.
و كانت الشركة أنفقت 4.6 مليار فقط في السنة المالية 2011 و2.6 مليار في السنة المالية 2010.
لكن كلا من أبل و سامسونج تتبع استراتيجية مختلفة تماما حيث أن أبل لديها هاتف ذكي واحد فقط و أربع خطوط انتاج إجمالا و تسعى للحد قدر الامكان من التنوع و تركز على الشريحة العليا من السوق.
و في المقابل تنتج سامسونج بحسب ميراي اسيت سيكيوريتيز 37 هاتفا تقوم بتعديلها حسب المنطقة التي تطرحها فيها و تتنوع بين الرخيص للغاية و باهظ الثمن.
و تنتج الشركة أيضا الرقائق و التلفزيونات و الأجهزة المنزلية و مجموعة من المنتجات الأخرى كما أن الشركات الشقيقة في مجموعة سامسونج تبيع كل شيء من السفن إلى وثائق التأمين،أجهزة أبل لها شعبية كبيرة في الولايات المتحدة في حين تتفوق سامسونج في الدول النامية مثل الهند و الصين.
و عدد موظفي أبل ليس كبيرا فهي لديها 60 ألف موظف فقط في شتى أنحاء العالم و تعتمد على الشركاء في التصنيع و المهام الأخرى.
أما سامسونج الكترونيكس فهي جزء من مجموعة مترامية تشمل نحو 80 شركة يعمل بها 369 ألف موظف حول العالم و هي أكثر تكاملا بكثير على المستوى الرأسي،و هذه الاختلافات إلى جانب القوة الهائلة التي تمثلها الشركتان بالسوق هي التي قد تجعل التعاون الهادئ استراتيجية أفضل من الحرب الشاملة لبعض الوقت.
و قال سيد براد سلفربرج و هو مسؤول تنفيذي سابق في مايكروسوفت كان طرفا في الحروب بين ماكنتوش و ويندوز "تعلمت أبل دروسا كثيرة من تلك الأيام."
.......
شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 14/شباط/2013
.......
كانت هذه أسوأ كوابيس الراحل ستيف جوبز..مصنع آسيوي كبير مثل سامسونج الكترونيكس يستخدم نظام تشغيل اندرويد من انتاج جوجل لتصنيع هواتف ذكية و أجهزة لوحية تشبه إلى حد كبير أجهزة آي.فون و آي.باد.
ثم تبدأ سامسونج في الاستحواذ على حصة بالسوق و تضر بهوامش أرباح أبل و سعر سهمها و تهدد موقعها على قمة عرش صناعة الأجهزة الالكترونية الاستهلاكية التي تحظى بشعبية كبيرة.
.......
كان لدى جوبز بالطبع الرد على كل هذا و هي حرب قانونية "لا تبقي و لا تذر" تحول دون وصول الأجهزة التي تستنسخ خصائص أجهزة أبل إلى السوق.
لكن بعد نحو عامين من أول دعوى قضائية رفعتها أبل على سامسونج تتهمها بانتهاك حقوق الملكية الفكرية و ستة أشهر من تحقيق الشركة الأمريكية انتصارا قضائيا كبيرا على منافستها الكورية فإن فرص أبل تتضاءل في حظر بيع منتجات سامسونج.بحسب رويترز.
و الواقع أن سلسلة من الدعاوى القضائية في الآونة الأخيرة تشير إلى أن حروب الملكية الفكرية للهواتف الذكية ستدخل في حالة جمود حيث تعجز أبل عن اثبات أن مبيعاتها تضررت بشدة بسبب تقليد المنافسين و لاسيما سامسونج لمنتجاتها،و هذا بدوره قد يكون إيذانا بدخول مرحلة جديدة من العلاقة المعقدة بين الشركتين المهيمنتين على أنشطة الحوسبة المحمولة المتنامية.
كان تيم كوك الذي خلف جوبز كرئيس تنفيذي لأبل ضد فكرة مقاضاة سامسونج في المقام الأول وفقا لما قالته مصادر مطلعة على الأمر و يرجع ذلك بنسبة كبيرة إلى الدور الحيوي الذي تقوم به سامسونج كمورد لمكونات آي.فون و آي.باد. و اشترت أبل مكونات من سامسونج بنحو ثمانية مليارات دولار العام الماضي حسب تقديرات المحللين.
و في الوقت نفسه استفادت سامسونج كثيرا في فهم السوق من خلال علاقتها بأبل و من انتاج هواتف ذكية و أجهزة لوحية تشبه أجهزة أبل إلى حد كبير، و في حين تتنافس الشركتان بقوة في أنشطة الهواتف الذكية الفاخرة -حيث تسيطران معا على نصف المبيعات و كل الأرباح تقريبا - فإن نقاط ضعف و قوة كل منهما تتكامل مع الأخرى من عدة نواح.
و أبلغ جيف وليامز مدير العمليات في أبل رويترز الشهر الماضي أن سامسونج شريك مهم و أن العلاقة بين الشركتين قوية على جانب التوريد لكنه لم يخض في تفاصيل.
.......
و مع انحسار حدة المعركة القانونية بين الشركتين بدا من الواضح بدرجة متزايدة أن أبل و سامسونج لديهما كثير من المصالح المشتركة إذ تعمل كل منهما لصد منافسين محتملين مثل بلاكبيري أو مايكروسوفت.
و التناقض صارخ بين نزاع هذين العملاقين و أي خصومات سابقة شهدها عالم صناعة التكنولوجيا. فحينما اتهمت أبل مايكروسوفت في الثمانينيات بسرقة ماكنتوش لانتاج نظام التشغيل ويندوز كان مستقبل أبل كله في خطر.
و خسرت أبل المعركة فأصبح ماكنتوش منتجا محدود الانتشار و شارفت الشركة على الانهيار قبل أن يعود جوبز لها في أواخر 1996 و ينقذها بأجهزة آي.بود و آي.فون.
و توفي جوبز في أكتوبر تشرين الأول 2011،و بالمثل فإن حروب متصفح الانترنت في أواخر التسعينيات التي خاضتها مايكروسوفت و نتسكيب انتهت بأن بيعت نتسكيب كقطعة من الخردة و لم يعد أحد يستخدم منتجها الرئيسي.
في المقابل فإن أبل و سامسونج ليستا في حرب تنتهي بفناء إحداهما و إنما في علاقة متعددة المستويات تدور بين الود و المنافسة الحادة.
.........
ثنائي يصعب التغلب عليه.
و بالنسبة لمنافسين مثل نوكيا و بلاكبيري و سوني و اتش.تي.سي و حتى جوجل -الذي من المتوقع أن تطلق وحدته موتورولا هاتفا ذكيا جديدا هذا العام- فإن الشركتين تشكلان معا ثنائيا يصعب التغلب عليه.
و ترجع علاقة الشراكة بين أبل و سامسونج إلى 2005 حينما كانت الشركة الأمريكية العملاقة تبحث عن مورد مستقر للذاكرة فلاش.
و كانت أبل قد قررت عدم وضع قرص صلب في أجهزة آي.بود شافل و آي.بود نانو وآي.فون فيما بعد و لذا كانت بحاجة لكميات هائلة من رقائق الذاكرة من نوع فلاش كوسيط للتخزين على تلك الأجهزة.
و كانت سوق رقائق الذاكرة غير مستقرة إلى حد كبير في 2005 و قالت مصادر مطلعة على العلاقة بين الشركتين إن أبل أرادت الاتفاق مع مورد مستقر ماليا.
و كانت سامسونج تستحوذ على نحو 50 بالمئة من سوق رقائق الذاكرة ناند في ذلك الحين،و نقل مصدر مطلع عن جوبز قوله في ذلك الحين إن "من يسيطر على سوق الذاكرة فلاش سيسيطر على هذا القطاع من المنتجات الالكترونية الاستهلاكية."
و أفضى نجاح تلك الصفقة إلى أن أصبحت سامسونج تورد أيضا معالجات التطبيقات لأجهزة آي.فون و آي.باد و هي مكون حيوي.
و في بادئ الأمر قامت الشركتان بالتطوير المشترك للمعالجات بناء على تصميم من ايه.آر.إم هولدنجز لكن أبل سيطرت تدريجيا بالكامل على تطوير الرقائق.
و الآن تنتج سامسونج المكونات فحسب في مصنع بتكساس،و أسست الشركتان علاقة وثيقة امتدت لأعلى المستويات.
و في 2005 قام جاي لي الذي أسس جده مجموعة سامسونج بزيارة منزل جوبز في بالو ألتو بكاليفورنيا بعدما وقع الاثنان صفقة الذاكرة فلاش،و منحت الشراكة كلا من أبل و سامسونج القدرة على الاطلاع على استراتيجية الشركة الأخرى و عملياتها.
و بفضل وضعها كمورد وحيد لمعالجات أبل حصلت سامسونج على معلومات قيمة عن المدى الذي كانت تعتقد أبل أن سوق الهواتف الذكية ستصل إليه.
و قال هوراس ديدو المحلل السابق في نوكيا "أنا متأكد من أن كونها موردا لأبل ساعد المجموعة كلها على معرفة إلى أين تسير الأمور".
و أضاف "معرفة أين تضع رأسمالك ميزة مهمة للغاية في هذا النشاط"،و أحجمت سامسونج عن التعليق على علاقتها مع عميل بعينه،و بالنسبة لأبل فقد جنت الشركة فائدة استثمارات سامسونج الكبيرة في البحوث و التطوير و المعدات و منشآت الانتاج.
و بلغ الانفاق الرأسمالي لسامسونج 21 مليار دولار (23 تريليون وون) في 2012 وحدها و تعتزم الشركة انفاق مبلغ مماثل هذا العام،و بالمقارنة أنفقت انتل كورب نحو 11 مليار دولار في 2012 و تتوقع تايوان لصناعة أشباه الموصلات (تي.اس.إم.سي) انفاق تسعة مليارات في 2013.
لكن الخبرة في صناعة المكونات و توفر السيولة و الخبرة الجيدة بالسوق لم تضمن النجاح لسامسونج في غزوتها الأولى لسوق الهواتف الذكية.
فقد بلغ الأمر ببعض العملاء أن هشم علنا هاتفها أومنيا -الذي يعمل بنظام ويندوز و طرح في 2009- إظهارا لعدم الرضا.
و في الوقت نفسه كانت سامسونج تهون في العلن من نجاح آي.فون،و في يناير كانون الثاني 2010 قال جي.اس تشوي رئيس سامسونج في ذلك الحين للصحفيين "شعبية آي.فون ليست سوى نتيجة الاثارة التي سببها بعض المهووسين (بأبل)،"إلا أن سامسونج كانت لديها خطط أخرى خلف الأبواب المغلقة،و أظهرت رسالة الكترونية داخلية جرى تقديمها ضمن وثائق بمحكمة أمريكية أن جيه.كيه شين رئيس أنشطة الأجهزة المحمولة في سامسونج قال لموظفيه في مطلع2010 "بزوغ آي.فون يعني أن الوقت قد حان لأن نغير طريقتنا."
و في وقت لاحق من ذلك العام أطلقت سامسونج هاتفها جالاكسي اس الذي يعمل بنظام اندرويد و يشبه في مظهره و ملمسه آي.فون إلى حد كبير،و شكا جوبز و كوك بشأن ذلك لمسؤولين تنفيذيين كبار في سامسونج خلال زيارتهم لمقر الشركة الأمريكية.
و قالت مصادر مطلعة إن أبل توقعت أن تعدل سامسونج تصميمها استجابة للمخاوف لكنها لم تكن محقة في ذلك،و تأكدت أسوأ مخاوف أبل في مطلع 2011 مع طرح أجهزة جالاكسي تاب التي اعتبرها جوبز و آخرون سرقة صريحة لجهاز آي.باد.
و عارض كوك الذي كان قلقا بشأن علاقة التوريد الحيوية مقاضاة سامسونج.
لكن جوبز كان قد نفد صبره و ارتاب في أن سامسونج تعول على علاقتها كمورد لأبل في حمايتها من العقاب،و رفعت أبل دعوى في ابريل نيسان 2011 و امتد النزاع سريعا إلى محاكم في أوروبا و آسيا و أستراليا.
و عندما فازت أبل بحكم لجنة محلفين بتعويض بعدة مليارات من الدولارات في أغسطس اب الماضي بدا أنها قد تتمكن من الحصول على قرار بحظر تام لبيع المنتجات التي تثير حفيظتها و هو ما كان من شأنه أن يقلب الأوضاع تماما في صناعة الهواتف الذكية.
لكن أبل لم تفلح في اقناع القضاة الأمريكيين بتطبيق هذا الحظر المهم على المبيعات و هو ما يرجع بنسبة كبيرة إلى أن الربحية غير العادية و القوة السوقية لهواتف آي.فون جعلت من المستحيل على أبل أن تثبت تكبدها أضرارا لا يمكن تعويضها.
و كتبت القاضية الأمريكية لوسي كوه "ربما تكون سامسونج قد قلصت إلى حد ما قاعدة عملاء أبل لكن لا يوجد ما يشير إلى أن سامسونج ستستولي على كل قاعدة عملاء أبل أو تجبر الشركة على الخروج من نشاط انتاج الهواتف الذكية".
في الوقت نفسه تعرضت سامسونج للضغط من جانب سلطات مكافحة الاحتكار و تراجعت عن محاولة وقف بيع منتجات أبل في أوروبا بسبب نزاع بشأن حقوق الملكية الفكرية،و رفضت محكمة استئناف أمريكية في الآونة الأخيرة طلبا من أبل بتسريع اجراءات قضيتها و هو ما يعني أن آمال الشركة في حظر المبيعات تواجه الآن طعونا قد تستغرق شهورا يمكن خلالها لسامسونج أن تطرح الاصدار التالي من هاتفها جالاكسي الذي يلقى رواجا.
غير أن التأثير السلبي للمعارك القضائية على العلاقة بين الشركتين أقل مما توحي به المعارك الكلامية،و قال أحد المحامين تابع تصريحات المسؤولين التنفيذيين من الشركتين "يبرز الناس هذه الأمور لأنها تنطوي على قدر من الدراما لكن الواقع العملي هو أن الخلاف ليس بتلك السخونة". إلا أن الأعمال العدائية أثرت على العلاقة بعض الشيء فيما يبدو.
و قال محللون في جولدمان ساكس و سانفورد بيرنشتاين و شركات أخرى إن من المرجح أن تنتقل أبل للتعامل مع تي.اس.إم.سي في صناعة معالجات التطبيقات.
لكن محللين في كوريا انفستمنت اند سيكيوريتيز واتش.إم.سي سيكيوريتيز يقولون إن أبل لن تتمكن من التوقف عن شراء رقائق الذاكرة فلاش من سامسونج لأنها مازالت المنتج المهيمن على الرقائق الحيوية،و أحجمت أبل عن التعليق على تفاصيل علاقتها مع أي مورد بعينه.
......
استراتيجيات مقتبسة.
و تنتهج كل من الشركتين استراتيجيات مقتبسة من الأخرى في محاولة للحفاظ على الفارق بينهما و بين الاخرين،و طرحت سامسونج إعلانا تلفزيونيا لا ينسى يسخر من عملاء أبل و كثفت انفاقها بقوة على التسويق و الاعلان و هو عنصر رئيسي في نجاح ابل.
و وفقا لكانتار ميديا فقد قفز الانفاق الاعلاني على جالاكسي وحده في الولايات المتحدة لنحو 202 مليون دولار في التسعة شهور الأولى من 2012 مقارنة مع 66.6 مليون دولار في 2011،و من جانبها تستثمر أبل في التصنيع من خلال مساعدة مورديها على شراء الآلات اللازمة لبناء مصانع كبيرة مخصصة حصريا للشركة.
و بلغ الانفاق الرأسمالي لأبل نحو عشرة مليارات دولار في السنة المالية 2012 و تتوقع الشركة انفاق عشرة مليارات أخرى هذا العام.
و كانت الشركة أنفقت 4.6 مليار فقط في السنة المالية 2011 و2.6 مليار في السنة المالية 2010.
لكن كلا من أبل و سامسونج تتبع استراتيجية مختلفة تماما حيث أن أبل لديها هاتف ذكي واحد فقط و أربع خطوط انتاج إجمالا و تسعى للحد قدر الامكان من التنوع و تركز على الشريحة العليا من السوق.
و في المقابل تنتج سامسونج بحسب ميراي اسيت سيكيوريتيز 37 هاتفا تقوم بتعديلها حسب المنطقة التي تطرحها فيها و تتنوع بين الرخيص للغاية و باهظ الثمن.
و تنتج الشركة أيضا الرقائق و التلفزيونات و الأجهزة المنزلية و مجموعة من المنتجات الأخرى كما أن الشركات الشقيقة في مجموعة سامسونج تبيع كل شيء من السفن إلى وثائق التأمين،أجهزة أبل لها شعبية كبيرة في الولايات المتحدة في حين تتفوق سامسونج في الدول النامية مثل الهند و الصين.
و عدد موظفي أبل ليس كبيرا فهي لديها 60 ألف موظف فقط في شتى أنحاء العالم و تعتمد على الشركاء في التصنيع و المهام الأخرى.
أما سامسونج الكترونيكس فهي جزء من مجموعة مترامية تشمل نحو 80 شركة يعمل بها 369 ألف موظف حول العالم و هي أكثر تكاملا بكثير على المستوى الرأسي،و هذه الاختلافات إلى جانب القوة الهائلة التي تمثلها الشركتان بالسوق هي التي قد تجعل التعاون الهادئ استراتيجية أفضل من الحرب الشاملة لبعض الوقت.
و قال سيد براد سلفربرج و هو مسؤول تنفيذي سابق في مايكروسوفت كان طرفا في الحروب بين ماكنتوش و ويندوز "تعلمت أبل دروسا كثيرة من تلك الأيام."
.......
شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 14/شباط/2013