الخوف و الصمت يسودان في ليبيا..و الانقسامات تزداد عمقا
طرابلس (رويترز) - على السطح تبدو الحياة طبيعية في العاصمة الليبية. فالمقاهي تزخر بالزبائن الذين يحتسون الكابوتشينو بينما تبيع المتاجر المكدسة بالسلع كل شيء من الملابس الداخلية الايطالية إلى الجبن الفرنسي.
غير أنه مثلما كان الحال في أيام حكم معمر القذافي يفضل كثير من سكان طرابلس تحاشي الخوض في السياسة حيث تتولى حكومة السلطة منذ سيطر فصيل مسلح يطلق عليه اسم فجر ليبيا على العاصمة وطرد خصومه منها في أغسطس اب الماضي.
و على الجانب الآخر في شرق ليبيا حيث تعمل الحكومة المعترف بها دوليا و يقاتل ضابط سابق في الجيش برتبة لواء متشددين اسلاميين يشعر كثير من الليبيين بالخوف من أن يؤدي أي انتقاد لوصمهم بالخيانة أو ما هو أسوأ منها.
و أصبحت ليبيا المنتجة للنفط منقسمة فعليا الآن حيث يعمل رئيس الوزراء المعترف به دوليا عبد الله الثني انطلاقا من شرق البلاد منذ فقد السيطرة على طرابلس بينما تسيطر حكومة منافسة على العاصمة و ما حولها.
و تحظى كل من الحكومتين بدعم فصائل من الثوار السابقين الذين اتحدوا للاطاحة بالقذافي عام 2011 لكنهم اختلفوا و تقاتلوا و أصبحت ليبيا تنزلق صوب حرب أهلية أوسع نطاقا.
و تقاتل الفصائل المسلحة بالاسلحة الثقيلة على جبهات مختلفة من أجل السيطرة على مناطق و من أجل التحكم في مواني النفط. و لقي مئات المدنيين حتفهم و نزح 400 ألف عن بيوتهم داخل ليبيا منذ الصيف الماضي وفقا لبيانات الأمم المتحدة.
و مع حالة الاستقطاب التي تشهدها البلاد بين جماعتين متنافستين يتهم كل منهما الآخر بالخيانة و الإرهاب و جرائم الحرب يرى كثيرون أن من الأفضل مثلما كان الحال في عهد القذافي الاقتصاد في الكلام و تجنب المشاكل.
و قال صاحب عمل حر لم يذكر من اسمه سوى محمود "أنا أترك السياسة في البيت." و مثل بقية المقيمين في طرابلس الذين تحدثت إليهم رويترز قال إنه يفضل عدم نشر اسمه بالكامل خوفا من ردود الفعل الانتقامية.
و قال و هو يجلس مع أفراد عائلته في حجرة الاستقبال الفسيحة في بيته في طرابلس "من الأفضل لك ألا تدخل في مشاكل بانتقاد الحكومة أو الجماعات المسلحة. في ليبيا المناخ السياسي الآن هو إما أنك معي أو أنك ضدي."
و قد انسحب أغلب الدبلوماسيين و الشركات الأجنبية من طرابلس منذ الصيف الماضي عندما خاضت قوات فجر ليبيا اشتباكات مع فصائل مسلحة منافسة لها لطردها من المدينة و تسبب اطلاق الصواريخ و القصف بالقذائف في تدمير المطار.
و قالت منظمة العفو الدولية و منظمة هيومن رايتس ووتش إن ناشطين في مجال حقوق الانسان و صحفيين و مؤيدين للثني أو لفصائل مسلحة من الزنتان طردها فصيل فجر ليبيا قد غادروا العاصمة بعد أن تلقوا تهديدات أو تعرضوا لاعتداءات.
و وثقت جماعات حقوقية أيضا حالات مماثلة في شرق البلاد حيث تحالف الثني مع اللواء خليفة حفتر الضابط السابق بالجيش الذي استخدم طائرات حربية في مهاجمة مطارات مدنية في معركته ضد الاسلاميين.
و هرب أنصار فجر ليبيا من بنغازي و غيرها من مدن الشرق حيث يقولون إنهم تعرضوا للاضطهاد إلى طرابلس.
* رسوم الجدران و السياسة
و مع تجنب الناس الحديث عن السياسة تحول النقاش في طرابلس إلى الجدران حيث يهاجم كل فريق الفريق الآخر بالرسوم و هو أسلوب يرجع إلى انتفاضة عام 2011 على حكم القذافي حيث كان السكان يكتبون الشعارات خلال الليل.
و كتب على أحد الجدران "لا للكرامة" في إشارة للحملة التي يشنها حفتر على الاسلاميين ثم كتب شخص آخر كلمة نعم فوق كلمة لا. و جاء ثالث ليضيف فجر ليبيا إلى العبارة.
و تتركز رسوم عملية الكرامة في حي فشلوم بوسط العاصمة و ضاحية تاجوراء و هما من الأحياء التي شهدت تمردا على القذافي في أوائل انتفاضة الربيع العربي.
غير أن الرسوم التي تؤيد فصيل فجر ليبيا أو الجماعات الاسلامية مثل الاخوان المسلمين و أنصار الشريعة التي أضافتها واشنطن لقائمة المنظمات الارهابية ليست بالقليلة.
و يبذل الحكام الجدد في طرابلس جهودا كبيرة لاظهار أن الحياة تسير في مجراها الطبيعي و يدعون الصحفيين الأجانب لزيارة المدينة.
و بقي في المدينة بعض رجال الأعمال من الأجانب لكن النشاط محدود للغاية لأن التحويلات النقدية من ليبيا في غاية الصعوبة. و يسعى البنك المركزي للحفاظ على ما لديه من احتياطيات بالدولار بسبب توقف بعض ايرادات النفط بفعل القتال.
و مما يزيد الاحساس بالعزلة رحيل شركات الطيران الأجنبية كما أن المسارات الخارجية القليلة المتبقية التي تعمل عليها شركات طيران ليبية محجوزة لأسابيع.
و غادر البلاد المزيد من الأجانب الشهر الماضي بعد أن اقتحم مسلحون فندق كورينثيا الفخم و قتلوا تسعة أشخاص من بينهم أمريكي و فرنسي. و كان الفندق مقر الاقامة الرئيسي للوفود التي مازالت تتردد على ليبيا.
أما الفندقان الرئيسيان الآخران و هما ريكسوس و راديسون بلو فقد أغلقا.
و منذ الهجوم أبدت الشرطة نشاطا أكبر في طرابلس لكن كثيرين من السكان يفضلون البقاء في البيوت ليلا و تغلق المتاجر مبكرا و تخلو الشوارع من المارة.
شبكة النبأ المعلوماتية 2015-2-18
طرابلس (رويترز) - على السطح تبدو الحياة طبيعية في العاصمة الليبية. فالمقاهي تزخر بالزبائن الذين يحتسون الكابوتشينو بينما تبيع المتاجر المكدسة بالسلع كل شيء من الملابس الداخلية الايطالية إلى الجبن الفرنسي.
غير أنه مثلما كان الحال في أيام حكم معمر القذافي يفضل كثير من سكان طرابلس تحاشي الخوض في السياسة حيث تتولى حكومة السلطة منذ سيطر فصيل مسلح يطلق عليه اسم فجر ليبيا على العاصمة وطرد خصومه منها في أغسطس اب الماضي.
و على الجانب الآخر في شرق ليبيا حيث تعمل الحكومة المعترف بها دوليا و يقاتل ضابط سابق في الجيش برتبة لواء متشددين اسلاميين يشعر كثير من الليبيين بالخوف من أن يؤدي أي انتقاد لوصمهم بالخيانة أو ما هو أسوأ منها.
و أصبحت ليبيا المنتجة للنفط منقسمة فعليا الآن حيث يعمل رئيس الوزراء المعترف به دوليا عبد الله الثني انطلاقا من شرق البلاد منذ فقد السيطرة على طرابلس بينما تسيطر حكومة منافسة على العاصمة و ما حولها.
و تحظى كل من الحكومتين بدعم فصائل من الثوار السابقين الذين اتحدوا للاطاحة بالقذافي عام 2011 لكنهم اختلفوا و تقاتلوا و أصبحت ليبيا تنزلق صوب حرب أهلية أوسع نطاقا.
و تقاتل الفصائل المسلحة بالاسلحة الثقيلة على جبهات مختلفة من أجل السيطرة على مناطق و من أجل التحكم في مواني النفط. و لقي مئات المدنيين حتفهم و نزح 400 ألف عن بيوتهم داخل ليبيا منذ الصيف الماضي وفقا لبيانات الأمم المتحدة.
و مع حالة الاستقطاب التي تشهدها البلاد بين جماعتين متنافستين يتهم كل منهما الآخر بالخيانة و الإرهاب و جرائم الحرب يرى كثيرون أن من الأفضل مثلما كان الحال في عهد القذافي الاقتصاد في الكلام و تجنب المشاكل.
و قال صاحب عمل حر لم يذكر من اسمه سوى محمود "أنا أترك السياسة في البيت." و مثل بقية المقيمين في طرابلس الذين تحدثت إليهم رويترز قال إنه يفضل عدم نشر اسمه بالكامل خوفا من ردود الفعل الانتقامية.
و قال و هو يجلس مع أفراد عائلته في حجرة الاستقبال الفسيحة في بيته في طرابلس "من الأفضل لك ألا تدخل في مشاكل بانتقاد الحكومة أو الجماعات المسلحة. في ليبيا المناخ السياسي الآن هو إما أنك معي أو أنك ضدي."
و قد انسحب أغلب الدبلوماسيين و الشركات الأجنبية من طرابلس منذ الصيف الماضي عندما خاضت قوات فجر ليبيا اشتباكات مع فصائل مسلحة منافسة لها لطردها من المدينة و تسبب اطلاق الصواريخ و القصف بالقذائف في تدمير المطار.
و قالت منظمة العفو الدولية و منظمة هيومن رايتس ووتش إن ناشطين في مجال حقوق الانسان و صحفيين و مؤيدين للثني أو لفصائل مسلحة من الزنتان طردها فصيل فجر ليبيا قد غادروا العاصمة بعد أن تلقوا تهديدات أو تعرضوا لاعتداءات.
و وثقت جماعات حقوقية أيضا حالات مماثلة في شرق البلاد حيث تحالف الثني مع اللواء خليفة حفتر الضابط السابق بالجيش الذي استخدم طائرات حربية في مهاجمة مطارات مدنية في معركته ضد الاسلاميين.
و هرب أنصار فجر ليبيا من بنغازي و غيرها من مدن الشرق حيث يقولون إنهم تعرضوا للاضطهاد إلى طرابلس.
* رسوم الجدران و السياسة
و مع تجنب الناس الحديث عن السياسة تحول النقاش في طرابلس إلى الجدران حيث يهاجم كل فريق الفريق الآخر بالرسوم و هو أسلوب يرجع إلى انتفاضة عام 2011 على حكم القذافي حيث كان السكان يكتبون الشعارات خلال الليل.
و كتب على أحد الجدران "لا للكرامة" في إشارة للحملة التي يشنها حفتر على الاسلاميين ثم كتب شخص آخر كلمة نعم فوق كلمة لا. و جاء ثالث ليضيف فجر ليبيا إلى العبارة.
و تتركز رسوم عملية الكرامة في حي فشلوم بوسط العاصمة و ضاحية تاجوراء و هما من الأحياء التي شهدت تمردا على القذافي في أوائل انتفاضة الربيع العربي.
غير أن الرسوم التي تؤيد فصيل فجر ليبيا أو الجماعات الاسلامية مثل الاخوان المسلمين و أنصار الشريعة التي أضافتها واشنطن لقائمة المنظمات الارهابية ليست بالقليلة.
و يبذل الحكام الجدد في طرابلس جهودا كبيرة لاظهار أن الحياة تسير في مجراها الطبيعي و يدعون الصحفيين الأجانب لزيارة المدينة.
و بقي في المدينة بعض رجال الأعمال من الأجانب لكن النشاط محدود للغاية لأن التحويلات النقدية من ليبيا في غاية الصعوبة. و يسعى البنك المركزي للحفاظ على ما لديه من احتياطيات بالدولار بسبب توقف بعض ايرادات النفط بفعل القتال.
و مما يزيد الاحساس بالعزلة رحيل شركات الطيران الأجنبية كما أن المسارات الخارجية القليلة المتبقية التي تعمل عليها شركات طيران ليبية محجوزة لأسابيع.
و غادر البلاد المزيد من الأجانب الشهر الماضي بعد أن اقتحم مسلحون فندق كورينثيا الفخم و قتلوا تسعة أشخاص من بينهم أمريكي و فرنسي. و كان الفندق مقر الاقامة الرئيسي للوفود التي مازالت تتردد على ليبيا.
أما الفندقان الرئيسيان الآخران و هما ريكسوس و راديسون بلو فقد أغلقا.
و منذ الهجوم أبدت الشرطة نشاطا أكبر في طرابلس لكن كثيرين من السكان يفضلون البقاء في البيوت ليلا و تغلق المتاجر مبكرا و تخلو الشوارع من المارة.
شبكة النبأ المعلوماتية 2015-2-18