الزواج بين الماضي و الحاضر!
من أهم الاحداث في حياة الكائن البشري الميلاد اولاً، و الموت ثانياً، (و هما بيد الله تعالى)، و الزواج ثالثاً و هذا نابع من إرادة الإنسان، اليوم كثير من الشباب ضعفت فيهم القدرة و الإرادة لتأسيس عائلة صغيرة تبدأ مشوار الحياة الشاق و الطويل، و اصبح هؤلاء الشباب غير قادرين على تحقيق هذه الضرورة الحياتية لأسباب عديدة، منها ارتفاع أثمان المهور و حالة المباهاة بين فتاة و اخرى على (مهرها الغالي)، بل وصل الامر الى العائلات بخصوص التباهي في المهور العالية، و التعجيزية احيانا، على خلاف ما وضعه الاسلام من قواعد واضحة و سهلة لبناء هذه المؤسسة الاجتماعية الصغيرة، بالاضافة الى الخطوات الواضحة و الشفافة التي قرأنا عنها في سيرة آل البيت، و كيف تمت الزيجات بمهور رمزية، لأن الاصل ليس المهر الغالي، بل الأصل هو بناء عائلة ناجحة و سعيدة و مؤمنة.
و ربما يكون هناك حد فاصل بين معقولية المهور و ارتفاعها بصورة تصاعدية كبيرة، هذا الحد الفاصل هو 2003، فبعد التغييرات الكبيرة التي حدثت في المجتمع، لم تسلم قضية الزواج من هذه التغييرات، لذلك اصبحت حالة ارتفاع مهر الزواج ظاهرة اكتسحت المجتمع، و انعكست بصورة مباشرة على عزوف الشباب عن الزواج، بسبب الظروف الصعبة التي يعيشونها لاسيما مشكلة البطالة و صعوبة او استحالة الحصول على عمل او وظيفة تضمن حياة متوسطة التكاليف للزوجين.
و لدينا ايضا تقاليد متوارثة تتعلق بمظاهر البذخ في الافراح و صالات الأعراس غالية الثمن، و بعدها تأتي مشكلة السكن و التدخلات المباشرة لعائلتيّ الزوج و الزوجة، لذا باتت مشكلة صعوبة الزواج من المسلمات و البديهيات لدى معظم الشباب و ذلك بسبب تراجع الدخل الاقتصادي علما أن الزواج بعد أن يتم لا يخلو من المشاكل و الخلافات، فهذه كما يُقال هي التوابل التي تعطي للزواج مذاقه الخاص و لكن التعامل السليم مع هذه المشاكل هو الذي يجعل الزواج يستمر و يدوم و لا يجعل منها عقبة.
هذا و قد استطلعت (شبكة النبأ المعلوماتية) آراء بعض السيدات و الفتيات و بعض المعنيين بخصوص هذا الموضوع:
السيدة مريم من كربلاء (٢٧سنة) تقول: أصبح الزواج الان صعبا جداً من الناحية المادية، فمعظم العائلات تطالب بالبيت المنعزل عن اهل الزوج الشاب، و غالبا ما تكون حالته المادية ضعيفة جداً، لذلك هذا احد الاسباب التي تجعل الشاب يغض النظر عن الزواج.
و لعل ارتفاع نفقات الزواج أحد الاسباب التي دفعت بالشباب لتأجيل مشروع الزواج على الرغم من اعمارهم المتقدمة! كما في حالة (علي هادي من كربلاء، عمره ٣٠ سنة) إذ قال ان كثرة مطالب الفتيات و اشتراط البيت المستقل بالرغم من ازمة السكن و ارتفاع اسعار الإيجارات و فرض شراء المجوهرات و المصاريف الكثيرة على الشاب، كلها اسباب تجعل الشاب يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على الزواج من الفتاة التي يختارها بنفسه.
أحد الآباء (الحاج أبو جعفر) وجهنا له السؤال التالي، لماذا يلاقي الزواج مشاكل كثيرة، و ما الفرق بين الزواج سابقا و لاحقا، فأجاب قائلا:
المشكلة كلها في طلبات الفتاة و اهلها، و احيانا الاهل يصرون على المهر العالي اكثر من العروس، سابقا كانت حيلتنا بسيطة و فيها التفاهم و المحبة و الاحترام، كان الاب سابقا يفكر بالزوج الصالح لابنته، اما اليوم فكثير من الآباء و الامهات يفكرون بالفلوس و الغنى قبل الاخلاق، لذلك كثرت حالات الطلاق، لأن الاموال وحدها لا تبني عائلة سعيدة، ادعو العائلات الاباء و الامهات و الفتيات العودة الى الحكمة، و التحلي بزواج الامام علي و سيدة نساء العالمين فاطمة ، فقد كان الاصل في الزواج التراحم و بناء الاسرة الجيدة و ليس الاموال.
الأم لها دور كبير في تخريب او تقريب إتمام الزيجات الناجحة، و التخريب هنا يكمن في سقف المطالب العالية كما تقول أم محمد (51 سنة)، التي قالت ان اختها خرّبت زواج ثلاث بنات لها بسبب مطالبها غير المعقولة، و الفتيات موجودات في البيت بلا زوج و قد بدأ الشعور باليأس يسيطر على افكارهن، و المشكلة ان الامهات يعرفن خطأ التمسك بالمهور العالية بعد فوات الاوان، فكلما تكبر البنت يقل الشباب الذين يتقدمون لخطبتها، لان العمر يؤثر على جمال البنت.
الباحث الاجتماعي عبد الرزاق رسول.. كان له رأيه الواضح في هذا المجال، فقد اكد على ان المجتمع يواجه مشكلة حقيقية، الشباب يهربون من الزواج، و بلغت العنوسة درجة الخطر، الآباء و الامهات مصرون على المهور الكبيرة، الشباب ليس امامهم سوى تأجيلات متكررة للزواج، الحل قد يكمن في التفكير السليم للآباء و الامهات و الفتيات انفسهن يقع عليهن دور التفكير المتوازن و رفض المهور العالية الثمن حتى لو ضغط الاباء او الامهات في هذا الاتجاه، لأن الحياة ليست اموال فقط، الحياة تفاهم و انسجام و عيش بسلام، و انجاب ذرية صالحة، و بناء عائلة بسيطة و سعيدة، كذلك لدينا المنظمات المهتمة بالمجتمع عليها ان تبادر بحملات توعية، و نطالب بحملات التزويج الجماعي واطئ التكلفة.
و اخيرا هذه بعض الحلول التي لو تم التقيّد بها و تنفيذها، سوف يقبل الشباب على الزواج اكثر، و تقل (ظاهرة العنوسة)، لذلك ينبغي على الزوجين (الشاب و عروسه) أن ينظرا إلى الحياة الزوجية و الخلافات الناجمة عنها نظرة واقعية، بعيداً عن الأحلام و الأماني الوردية، و يحاولا الاستفادة من بعض الخلافات للانطلاق في حوار هادئ و بنّاء يؤسّس لعلاقة وطيدة بين الزوجين؛ ليكشف ما يجهله كلّ منهما عن الآخر، إذ غالباً ما تكون مشاكل كهذه عاملاً مهمّاً لتطوير حياة العائلة.
.......
2015-2-22
شبكة النبأ المعلوماتية
من أهم الاحداث في حياة الكائن البشري الميلاد اولاً، و الموت ثانياً، (و هما بيد الله تعالى)، و الزواج ثالثاً و هذا نابع من إرادة الإنسان، اليوم كثير من الشباب ضعفت فيهم القدرة و الإرادة لتأسيس عائلة صغيرة تبدأ مشوار الحياة الشاق و الطويل، و اصبح هؤلاء الشباب غير قادرين على تحقيق هذه الضرورة الحياتية لأسباب عديدة، منها ارتفاع أثمان المهور و حالة المباهاة بين فتاة و اخرى على (مهرها الغالي)، بل وصل الامر الى العائلات بخصوص التباهي في المهور العالية، و التعجيزية احيانا، على خلاف ما وضعه الاسلام من قواعد واضحة و سهلة لبناء هذه المؤسسة الاجتماعية الصغيرة، بالاضافة الى الخطوات الواضحة و الشفافة التي قرأنا عنها في سيرة آل البيت، و كيف تمت الزيجات بمهور رمزية، لأن الاصل ليس المهر الغالي، بل الأصل هو بناء عائلة ناجحة و سعيدة و مؤمنة.
و ربما يكون هناك حد فاصل بين معقولية المهور و ارتفاعها بصورة تصاعدية كبيرة، هذا الحد الفاصل هو 2003، فبعد التغييرات الكبيرة التي حدثت في المجتمع، لم تسلم قضية الزواج من هذه التغييرات، لذلك اصبحت حالة ارتفاع مهر الزواج ظاهرة اكتسحت المجتمع، و انعكست بصورة مباشرة على عزوف الشباب عن الزواج، بسبب الظروف الصعبة التي يعيشونها لاسيما مشكلة البطالة و صعوبة او استحالة الحصول على عمل او وظيفة تضمن حياة متوسطة التكاليف للزوجين.
و لدينا ايضا تقاليد متوارثة تتعلق بمظاهر البذخ في الافراح و صالات الأعراس غالية الثمن، و بعدها تأتي مشكلة السكن و التدخلات المباشرة لعائلتيّ الزوج و الزوجة، لذا باتت مشكلة صعوبة الزواج من المسلمات و البديهيات لدى معظم الشباب و ذلك بسبب تراجع الدخل الاقتصادي علما أن الزواج بعد أن يتم لا يخلو من المشاكل و الخلافات، فهذه كما يُقال هي التوابل التي تعطي للزواج مذاقه الخاص و لكن التعامل السليم مع هذه المشاكل هو الذي يجعل الزواج يستمر و يدوم و لا يجعل منها عقبة.
هذا و قد استطلعت (شبكة النبأ المعلوماتية) آراء بعض السيدات و الفتيات و بعض المعنيين بخصوص هذا الموضوع:
السيدة مريم من كربلاء (٢٧سنة) تقول: أصبح الزواج الان صعبا جداً من الناحية المادية، فمعظم العائلات تطالب بالبيت المنعزل عن اهل الزوج الشاب، و غالبا ما تكون حالته المادية ضعيفة جداً، لذلك هذا احد الاسباب التي تجعل الشاب يغض النظر عن الزواج.
و لعل ارتفاع نفقات الزواج أحد الاسباب التي دفعت بالشباب لتأجيل مشروع الزواج على الرغم من اعمارهم المتقدمة! كما في حالة (علي هادي من كربلاء، عمره ٣٠ سنة) إذ قال ان كثرة مطالب الفتيات و اشتراط البيت المستقل بالرغم من ازمة السكن و ارتفاع اسعار الإيجارات و فرض شراء المجوهرات و المصاريف الكثيرة على الشاب، كلها اسباب تجعل الشاب يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على الزواج من الفتاة التي يختارها بنفسه.
أحد الآباء (الحاج أبو جعفر) وجهنا له السؤال التالي، لماذا يلاقي الزواج مشاكل كثيرة، و ما الفرق بين الزواج سابقا و لاحقا، فأجاب قائلا:
المشكلة كلها في طلبات الفتاة و اهلها، و احيانا الاهل يصرون على المهر العالي اكثر من العروس، سابقا كانت حيلتنا بسيطة و فيها التفاهم و المحبة و الاحترام، كان الاب سابقا يفكر بالزوج الصالح لابنته، اما اليوم فكثير من الآباء و الامهات يفكرون بالفلوس و الغنى قبل الاخلاق، لذلك كثرت حالات الطلاق، لأن الاموال وحدها لا تبني عائلة سعيدة، ادعو العائلات الاباء و الامهات و الفتيات العودة الى الحكمة، و التحلي بزواج الامام علي و سيدة نساء العالمين فاطمة ، فقد كان الاصل في الزواج التراحم و بناء الاسرة الجيدة و ليس الاموال.
الأم لها دور كبير في تخريب او تقريب إتمام الزيجات الناجحة، و التخريب هنا يكمن في سقف المطالب العالية كما تقول أم محمد (51 سنة)، التي قالت ان اختها خرّبت زواج ثلاث بنات لها بسبب مطالبها غير المعقولة، و الفتيات موجودات في البيت بلا زوج و قد بدأ الشعور باليأس يسيطر على افكارهن، و المشكلة ان الامهات يعرفن خطأ التمسك بالمهور العالية بعد فوات الاوان، فكلما تكبر البنت يقل الشباب الذين يتقدمون لخطبتها، لان العمر يؤثر على جمال البنت.
الباحث الاجتماعي عبد الرزاق رسول.. كان له رأيه الواضح في هذا المجال، فقد اكد على ان المجتمع يواجه مشكلة حقيقية، الشباب يهربون من الزواج، و بلغت العنوسة درجة الخطر، الآباء و الامهات مصرون على المهور الكبيرة، الشباب ليس امامهم سوى تأجيلات متكررة للزواج، الحل قد يكمن في التفكير السليم للآباء و الامهات و الفتيات انفسهن يقع عليهن دور التفكير المتوازن و رفض المهور العالية الثمن حتى لو ضغط الاباء او الامهات في هذا الاتجاه، لأن الحياة ليست اموال فقط، الحياة تفاهم و انسجام و عيش بسلام، و انجاب ذرية صالحة، و بناء عائلة بسيطة و سعيدة، كذلك لدينا المنظمات المهتمة بالمجتمع عليها ان تبادر بحملات توعية، و نطالب بحملات التزويج الجماعي واطئ التكلفة.
و اخيرا هذه بعض الحلول التي لو تم التقيّد بها و تنفيذها، سوف يقبل الشباب على الزواج اكثر، و تقل (ظاهرة العنوسة)، لذلك ينبغي على الزوجين (الشاب و عروسه) أن ينظرا إلى الحياة الزوجية و الخلافات الناجمة عنها نظرة واقعية، بعيداً عن الأحلام و الأماني الوردية، و يحاولا الاستفادة من بعض الخلافات للانطلاق في حوار هادئ و بنّاء يؤسّس لعلاقة وطيدة بين الزوجين؛ ليكشف ما يجهله كلّ منهما عن الآخر، إذ غالباً ما تكون مشاكل كهذه عاملاً مهمّاً لتطوير حياة العائلة.
.......
2015-2-22
شبكة النبأ المعلوماتية