ناسك الزمن
للشاعر محمود حسن إسماعيل
أضيفٌ أنت حلَّ على الأنامِ
وأقسم أن يحيّا بالصيامِ
قطعْتَ الدهر جواباً وفياً
يعود مزاره في كلّ عامِ
تُخيّم لا يحدّ حماكَ ركنٌ
فكلّ الأرض مهدٌ للخيام
نسخْتَ شعائر الضيفانِ لمّا
قنعْتَ من الضيافةِ بالُمقامِ
ورحت تسنُّ للأجواد شرْعَا
من الإحسانِ عُلوىّ النظامِ
بأن الجود حرمانٌ وزهدٌ
أعزّ من الشرابِ أو الطعام
****
أشهرٌ أنت أم رُؤيا متاب
تألّق طيفُها مثل الشهابِ؟
تمرّغ في ظلالك كلُّ عاصٍ
وكلُّ مُرَجّسٍ دنسِ الإهابِ
فأنت مُحيّر الأثام....تجري
فتلحقها بأحلام العذاب
تراك شفيع توْبتها,فتَخزى
وتوأدُ تحت أجنحةِ الشبابِ
وأنت منارة الغفرانِ يأوي
إليك اليائسون من المتابِ
وعند الله سؤْلك مُستجابٌ
ولو حُمّلت أوزار الترابِ
****
وقفْتَ خطاك عند البائسينا
فكنت لليلهم فلقاً مُبينا
تساق إليك أمواج التحايا
فتدفعها لبابِ الُمعوزينا
فكم آهات محرومٍ حداها
إليك البؤس,فانقلبت رنينا
فأنت مُفزّع البُخّال..تجري
خطاك على حجارتهم مَعينا
وأنتَ مُلقّن الأيدي نداها
ومُكْسبها التراحمَ والحنينا
يخافك كل قارونٍ شحيحٍ
فيخجل أن يردّ السائلينا
****
ومنذ تهلُّ ترهبُك الذنوبُ
وتختشع السرائرُ والقلوبُ
وتفزعُ أن تُقابلك المعاصي
فتهرعُ, أو تقنعُ ,أو تذوبُ
ويجُفل أن يراك أخو هواها
ولو قتلت مشاعره العيوبُ
كأنك فارس الأيام, تبدو
فيصعقّها مُهنّدك الغضوبُ
كأن بكفك البيضاء سراً
من النجوى,تكتَّمه الغيوب
تجُابه كلّ غيّانٍ عنيدٍ
فيكتتمُ الغوايةَ أو يتوبُ
****
جعلْتَ الناس في وقت المغيبِ
عبيد ندائك العاتى الرهيبِ
كم ارتقبوا الأذان كأنّ جُرحا
يعذبـهم تَلَـفّت للـطبيـبِ
وأتلعت الرقاب بهم, فلاحوا
كركبانٍ على بلدٍ غريبِ
عتاة الإنس أنت نسخت منهم
تَذَلُّل أوجه وضنَى جُنوبِ
فيا...من لقمةٍ وحفيف ماءٍ
يُقلّب روحه فوق اللهيبِ
علام البغى والطغيان؟إنى
كفْرتُ بمنطق الدنيا العجيبِ
****
تلفّتْ للمآذن حالياتِ
كحوريات خلد سافراتِ
تَفوحُ مباخر النُسّاك منها
فتحسبُها غصوناً عاطراتِ
تلألأ حولها أطواقُ نورٍ
سَعَيْنَ لعطره مُتجملاتِ
كأنك حاملٌ وحياً إليها
وقفْنَ لسحره متلهفاتِ
إذا صاح الأذانُ بها أَرنّت
بإلهام كموج البحر عاتِ
يُذكر بالهداية كلّ ناسٍ
ويُوقظُ كلّ غافٍ في الحياةِ
****
وهذا الُمعجزُ العالي الرخيمُ
أذانُ الله, والذكرُ الحكيمُ
تلاه في سكون الليل تالٍ
فكاد لهوله تهوى النجومُ
نداءٌ تَفزعُ الأفلاك منه
ويخشع في مساريه السّديم
على سمع الهداة يضوعُ عطراً
وتُقذف منه للغاوي رجومُ
أصاخ الكون مسحورا إليه
وخرّ لبأسه الأزل القديُم
تنـزّل فوق صدرك من عُلاهُ
بشيُر الوحى, والدين القويم
****
سلاماً ناسك الزمن القوىِّ
من القلب الحزين الشاعرىِّ
حملْتُ إليك أشواقي وسرْي
لتحملها إلى الأفقِ العلىِّ
تمائمي التعبُّد بالأغانى
على نغمات قِيْثَارً شقىٍّ
أَمرّ به على زمني غريباً
كطير تاه في زمن العشىِّ
وأعزفُ للصبائحِ والأماسي
فينتفضُ الغناءُ لكلّ حىِّ
كأني ما ذرفتُ أسى زمانى
ولا أفضى صداي بأي شىِّ
****
طلعْتَ منوراً فوقَ العبادِ
فأيقظ من تشبَّث بالرقادِ
وقل للشرق إن الكون يمشي
على سُبُلٍ مُغيَبة الرشادِ
فَخُذ لزمانك الزاد المُرجّى
من الخُلق القويم والإتحادِ
ولا يُوقفك في التيارِ هولٌ
فنارُ الهول نورٌ للجهادِ
لقد ملّتْ تقلبنا الليالي
على وضَرِ التنعم والفسادِ
شدا لك بالأذان خميلُ مصر
فقُم وانشر صداهُ على البوادي
من روائع محمود حسن إسماعيل.
للشاعر محمود حسن إسماعيل
أضيفٌ أنت حلَّ على الأنامِ
وأقسم أن يحيّا بالصيامِ
قطعْتَ الدهر جواباً وفياً
يعود مزاره في كلّ عامِ
تُخيّم لا يحدّ حماكَ ركنٌ
فكلّ الأرض مهدٌ للخيام
نسخْتَ شعائر الضيفانِ لمّا
قنعْتَ من الضيافةِ بالُمقامِ
ورحت تسنُّ للأجواد شرْعَا
من الإحسانِ عُلوىّ النظامِ
بأن الجود حرمانٌ وزهدٌ
أعزّ من الشرابِ أو الطعام
****
أشهرٌ أنت أم رُؤيا متاب
تألّق طيفُها مثل الشهابِ؟
تمرّغ في ظلالك كلُّ عاصٍ
وكلُّ مُرَجّسٍ دنسِ الإهابِ
فأنت مُحيّر الأثام....تجري
فتلحقها بأحلام العذاب
تراك شفيع توْبتها,فتَخزى
وتوأدُ تحت أجنحةِ الشبابِ
وأنت منارة الغفرانِ يأوي
إليك اليائسون من المتابِ
وعند الله سؤْلك مُستجابٌ
ولو حُمّلت أوزار الترابِ
****
وقفْتَ خطاك عند البائسينا
فكنت لليلهم فلقاً مُبينا
تساق إليك أمواج التحايا
فتدفعها لبابِ الُمعوزينا
فكم آهات محرومٍ حداها
إليك البؤس,فانقلبت رنينا
فأنت مُفزّع البُخّال..تجري
خطاك على حجارتهم مَعينا
وأنتَ مُلقّن الأيدي نداها
ومُكْسبها التراحمَ والحنينا
يخافك كل قارونٍ شحيحٍ
فيخجل أن يردّ السائلينا
****
ومنذ تهلُّ ترهبُك الذنوبُ
وتختشع السرائرُ والقلوبُ
وتفزعُ أن تُقابلك المعاصي
فتهرعُ, أو تقنعُ ,أو تذوبُ
ويجُفل أن يراك أخو هواها
ولو قتلت مشاعره العيوبُ
كأنك فارس الأيام, تبدو
فيصعقّها مُهنّدك الغضوبُ
كأن بكفك البيضاء سراً
من النجوى,تكتَّمه الغيوب
تجُابه كلّ غيّانٍ عنيدٍ
فيكتتمُ الغوايةَ أو يتوبُ
****
جعلْتَ الناس في وقت المغيبِ
عبيد ندائك العاتى الرهيبِ
كم ارتقبوا الأذان كأنّ جُرحا
يعذبـهم تَلَـفّت للـطبيـبِ
وأتلعت الرقاب بهم, فلاحوا
كركبانٍ على بلدٍ غريبِ
عتاة الإنس أنت نسخت منهم
تَذَلُّل أوجه وضنَى جُنوبِ
فيا...من لقمةٍ وحفيف ماءٍ
يُقلّب روحه فوق اللهيبِ
علام البغى والطغيان؟إنى
كفْرتُ بمنطق الدنيا العجيبِ
****
تلفّتْ للمآذن حالياتِ
كحوريات خلد سافراتِ
تَفوحُ مباخر النُسّاك منها
فتحسبُها غصوناً عاطراتِ
تلألأ حولها أطواقُ نورٍ
سَعَيْنَ لعطره مُتجملاتِ
كأنك حاملٌ وحياً إليها
وقفْنَ لسحره متلهفاتِ
إذا صاح الأذانُ بها أَرنّت
بإلهام كموج البحر عاتِ
يُذكر بالهداية كلّ ناسٍ
ويُوقظُ كلّ غافٍ في الحياةِ
****
وهذا الُمعجزُ العالي الرخيمُ
أذانُ الله, والذكرُ الحكيمُ
تلاه في سكون الليل تالٍ
فكاد لهوله تهوى النجومُ
نداءٌ تَفزعُ الأفلاك منه
ويخشع في مساريه السّديم
على سمع الهداة يضوعُ عطراً
وتُقذف منه للغاوي رجومُ
أصاخ الكون مسحورا إليه
وخرّ لبأسه الأزل القديُم
تنـزّل فوق صدرك من عُلاهُ
بشيُر الوحى, والدين القويم
****
سلاماً ناسك الزمن القوىِّ
من القلب الحزين الشاعرىِّ
حملْتُ إليك أشواقي وسرْي
لتحملها إلى الأفقِ العلىِّ
تمائمي التعبُّد بالأغانى
على نغمات قِيْثَارً شقىٍّ
أَمرّ به على زمني غريباً
كطير تاه في زمن العشىِّ
وأعزفُ للصبائحِ والأماسي
فينتفضُ الغناءُ لكلّ حىِّ
كأني ما ذرفتُ أسى زمانى
ولا أفضى صداي بأي شىِّ
****
طلعْتَ منوراً فوقَ العبادِ
فأيقظ من تشبَّث بالرقادِ
وقل للشرق إن الكون يمشي
على سُبُلٍ مُغيَبة الرشادِ
فَخُذ لزمانك الزاد المُرجّى
من الخُلق القويم والإتحادِ
ولا يُوقفك في التيارِ هولٌ
فنارُ الهول نورٌ للجهادِ
لقد ملّتْ تقلبنا الليالي
على وضَرِ التنعم والفسادِ
شدا لك بالأذان خميلُ مصر
فقُم وانشر صداهُ على البوادي
من روائع محمود حسن إسماعيل.