الركن الرابع من أركان الإسلام صيام رمضان.
..............
الشيخ عبد العزيز.
لعله من المناسب أن تتفضلوا بالحديث عن الركن الرابع من أركان الإسلام صيام
رمضان،حدثونا لو تكرمتم عن هذا الركن؟
..............
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و صلى الله و سلم على رسول الله و على آله و أصحابه و من اهتدى بهداه..أما بعد:
فقد ثبت عن رسول الله-عليه الصلاة و السلام-أنه قال:
(بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله,و إقام الصلاة,و إيتاء الزكاة,و صوم رمضان,و حج البيت),فصيام رمضان ركن عظيم من أركان الإسلام الخمسة,فرضه الله على عباده في السنة الثانية من الهجرة,و كان-سبحانه و تعالى- فرضه مخيراً من شاء صام و هو أفضل,و من شاء أطعم عن كل يوم مسكين و أفطر,كما قال-عز و جل-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَ أَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ,فعلى هذه الآية كان المسلمون من شاء أطعم مسكيناً فأكثر و أفطر,و من شاء صام و الصوم أفضل,و لهذا قال: وَ أَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ,ثم فرض عليهم الصيام- سبحانه و تعالى- في قوله: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَ بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَ الْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَ مَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ,فقوله- سبحانه-: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ يعني من حضره صحيحاً مقيماً وجب عليه الصوم و نسخ التخيير,و من كان مريضاً لا يستطيع الصوم يشق عليه الصوم أو على سفر فله الفطر و لهذا قال: فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يعني فأفطر فعليه عدة من أيام أخر,و هذا من فضله- سبحانه- و إحسانه و تيسيره على عباده,و لهذا قال بعده: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَ لِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ يعني بقضاء الأيام وَ لِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ,فإذا صام بعد ذلك فأكمل العدة بعد برئه من مرضه,و بعد رجوعه من سفره,و قال-عليه الصلاة و السلام-: (من صام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه،و من قام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه),و المعنى من صامه إيماناً بشرع الله له,و تصديقاً بذلك,و احتساب الأجر عنده-سبحانه و تعالى- لا مجرد تقليدٍ للناس,و لا رياءً لا بل يصومه احتساباً يرجوا ما عند الله-سبحانه وتعالى-, ويؤمن بأنه فرض عليه شرعه الله له فهذا يكون صومه فيه خير عظيم,و من أسباب المغفرة,و هكذا قيام رمضان عن إيمان و احتساب يكون من أسباب المغفرة,أما من صامه رياءً, أو تقليداً للناس,أو مجاملة أو ما أشبه ذلك فليس له هذا الفضل,ثم الواجب على المؤمن أن يصونه و على المؤمنة كذلك أن يصون هذا الصيام من المعاصي فإن المعاصي تجرحه و تضعف ثوابه,فالواجب على المؤمن و على المؤمنة أن يصون هذا الصيام من سائر المعاصي من الغيبة, و النميمة,و أكل الحرام,و سائر المعاصي كل واحد يحاسب نفسه فيتقي الله في كل شيء حتى يبتعد عما يجرح صومه و ينقص ثوابه,فقد صح عن رسول الله- عليه الصلاة و السلام- أنه قال: (من لم يدع قول الزور و العمل به و الجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه) رواه البخاري في صحيحه،و قال-عليه الصلاة و السلام-: (ليس الصيام من الطعام و الشراب إنما الصيام من اللغو و الرفث),و قال بعض السلف: (إذا صمت فليصم سمعك,و بصرك,و لسانك عن الكذب و المحارم,و دع أذى الجار,و ليكن عليك وقارٌ و سكينة,و لا تجعل يوم صومك و يوم فطرك سواء),فالصائم قد فعل عبادة عظيمة و تلبس بعبادة عظيمة,و هي سر بينه و بين ربه سبحانه و تعالى,فيجب عليه أن يصونها و يحفظها من كل ما يجرحها و ينقص ثوابها حتى يؤديها كاملة,و هكذا يقول - صلى الله عليه و سلم -: (من قام ليلة القدر إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه),فليلة القدر ليلة عظيمة في العشر الأخيرة من رمضان شأنها عظيم,قال فيها الرب -عز وجل-: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَ مَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ.
فهذه الليلة ليلة عظيمة فالعمل فيها و الاجتهاد فيها بأنواع الخير خير من العمل في ألف شهر فيما سواها و هذا فضل عظيم,و قال فيها-سبحانه-: حم * وَ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ,
فهي ليلة عظيمة تقدر في حدود السنة,فينبغي للمؤمن أن يغتنمها أيضاً إذا بلغه العشر الأخيرة,و أن يجتهد في هذه العشر بأنواع العبادة من صلاة,و ذكر و قراءة,و صدقات و غير ذلك حتى يفوز بهذه الليلة,و لا شك أن من قام العشر الأخيرة محتسباً فإنه يدركها و لا بد لأنها واحدة منها,فعلينا جميعاً معشر المسلمين من ذكور و إناث أن نعرف لهذا الشهر قدره,و أن نصون صيامنا و قيامنا عما يجرحه من سائر المعاصي,و أن نستكثر فيه من أنواع الخير,هذا زمن المسابقة,هذا ميدان السباق بالخير,فينبغي للمؤمن أن يسابق و ينافس في هذا الشهر الكريم بأنواع الذكر,و الاستكثار من قراءة القرآن الكريم بالتدبر و التعقل ليلاً و نهاراً,
و الإكثار من الصدقة,و صلة الرحم,و بر الوالدين,و كثرة الاستغفار و الدعاء,و عيادة المريض إلى غير هذا من وجوه الخير رزقنا الله و إياكم للاستقامة و بلغنا و إياكم صيامه و قيامه.
جزاكم الله خيراً
........
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى.
..............
الشيخ عبد العزيز.
لعله من المناسب أن تتفضلوا بالحديث عن الركن الرابع من أركان الإسلام صيام
رمضان،حدثونا لو تكرمتم عن هذا الركن؟
..............
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و صلى الله و سلم على رسول الله و على آله و أصحابه و من اهتدى بهداه..أما بعد:
فقد ثبت عن رسول الله-عليه الصلاة و السلام-أنه قال:
(بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله,و إقام الصلاة,و إيتاء الزكاة,و صوم رمضان,و حج البيت),فصيام رمضان ركن عظيم من أركان الإسلام الخمسة,فرضه الله على عباده في السنة الثانية من الهجرة,و كان-سبحانه و تعالى- فرضه مخيراً من شاء صام و هو أفضل,و من شاء أطعم عن كل يوم مسكين و أفطر,كما قال-عز و جل-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَ أَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ,فعلى هذه الآية كان المسلمون من شاء أطعم مسكيناً فأكثر و أفطر,و من شاء صام و الصوم أفضل,و لهذا قال: وَ أَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ,ثم فرض عليهم الصيام- سبحانه و تعالى- في قوله: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَ بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَ الْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَ مَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ,فقوله- سبحانه-: فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ يعني من حضره صحيحاً مقيماً وجب عليه الصوم و نسخ التخيير,و من كان مريضاً لا يستطيع الصوم يشق عليه الصوم أو على سفر فله الفطر و لهذا قال: فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يعني فأفطر فعليه عدة من أيام أخر,و هذا من فضله- سبحانه- و إحسانه و تيسيره على عباده,و لهذا قال بعده: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَ لِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ يعني بقضاء الأيام وَ لِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ,فإذا صام بعد ذلك فأكمل العدة بعد برئه من مرضه,و بعد رجوعه من سفره,و قال-عليه الصلاة و السلام-: (من صام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه،و من قام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه),و المعنى من صامه إيماناً بشرع الله له,و تصديقاً بذلك,و احتساب الأجر عنده-سبحانه و تعالى- لا مجرد تقليدٍ للناس,و لا رياءً لا بل يصومه احتساباً يرجوا ما عند الله-سبحانه وتعالى-, ويؤمن بأنه فرض عليه شرعه الله له فهذا يكون صومه فيه خير عظيم,و من أسباب المغفرة,و هكذا قيام رمضان عن إيمان و احتساب يكون من أسباب المغفرة,أما من صامه رياءً, أو تقليداً للناس,أو مجاملة أو ما أشبه ذلك فليس له هذا الفضل,ثم الواجب على المؤمن أن يصونه و على المؤمنة كذلك أن يصون هذا الصيام من المعاصي فإن المعاصي تجرحه و تضعف ثوابه,فالواجب على المؤمن و على المؤمنة أن يصون هذا الصيام من سائر المعاصي من الغيبة, و النميمة,و أكل الحرام,و سائر المعاصي كل واحد يحاسب نفسه فيتقي الله في كل شيء حتى يبتعد عما يجرح صومه و ينقص ثوابه,فقد صح عن رسول الله- عليه الصلاة و السلام- أنه قال: (من لم يدع قول الزور و العمل به و الجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه) رواه البخاري في صحيحه،و قال-عليه الصلاة و السلام-: (ليس الصيام من الطعام و الشراب إنما الصيام من اللغو و الرفث),و قال بعض السلف: (إذا صمت فليصم سمعك,و بصرك,و لسانك عن الكذب و المحارم,و دع أذى الجار,و ليكن عليك وقارٌ و سكينة,و لا تجعل يوم صومك و يوم فطرك سواء),فالصائم قد فعل عبادة عظيمة و تلبس بعبادة عظيمة,و هي سر بينه و بين ربه سبحانه و تعالى,فيجب عليه أن يصونها و يحفظها من كل ما يجرحها و ينقص ثوابها حتى يؤديها كاملة,و هكذا يقول - صلى الله عليه و سلم -: (من قام ليلة القدر إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه),فليلة القدر ليلة عظيمة في العشر الأخيرة من رمضان شأنها عظيم,قال فيها الرب -عز وجل-: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَ مَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ.
فهذه الليلة ليلة عظيمة فالعمل فيها و الاجتهاد فيها بأنواع الخير خير من العمل في ألف شهر فيما سواها و هذا فضل عظيم,و قال فيها-سبحانه-: حم * وَ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ,
فهي ليلة عظيمة تقدر في حدود السنة,فينبغي للمؤمن أن يغتنمها أيضاً إذا بلغه العشر الأخيرة,و أن يجتهد في هذه العشر بأنواع العبادة من صلاة,و ذكر و قراءة,و صدقات و غير ذلك حتى يفوز بهذه الليلة,و لا شك أن من قام العشر الأخيرة محتسباً فإنه يدركها و لا بد لأنها واحدة منها,فعلينا جميعاً معشر المسلمين من ذكور و إناث أن نعرف لهذا الشهر قدره,و أن نصون صيامنا و قيامنا عما يجرحه من سائر المعاصي,و أن نستكثر فيه من أنواع الخير,هذا زمن المسابقة,هذا ميدان السباق بالخير,فينبغي للمؤمن أن يسابق و ينافس في هذا الشهر الكريم بأنواع الذكر,و الاستكثار من قراءة القرآن الكريم بالتدبر و التعقل ليلاً و نهاراً,
و الإكثار من الصدقة,و صلة الرحم,و بر الوالدين,و كثرة الاستغفار و الدعاء,و عيادة المريض إلى غير هذا من وجوه الخير رزقنا الله و إياكم للاستقامة و بلغنا و إياكم صيامه و قيامه.
جزاكم الله خيراً
........
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى.