ثقف طفلك بلعبة القراءة.
...............
شبكة النبأ: تتميز مرحلة الطفولة لدى الانسان بالكثير من المميزات الايجابية التي تمهد لمستقبل الطفل النجاح في الكثير من مجالات الحياة، خصوصا انها تساعد على تأهيل الشخصية وتهذيبها.
فيما يرى علماء النفس والاجتماع ان تدريب الطفل على القراءة في سنواته الأولى تكون ذات مردودات مثمرة وسريعة، سيما على صعيد السلوك والتعامل مع بقية أقرانهم.
ويحض المختصون أولياء الأمور على اهمية تدريب الاطفال ومساعدتهم على حب القراءة والاطلاع، عبر وسائل متاحة تسهل لا تخلو عنها اساليب التسلية المناسبة.
بديل لهو الأطفال الصاخب.
فعندما يلعب أطفال صغار عديدون سوياً، فسرعان ما تحفل أجواء اللعب بالإثارة والصخب؛ إذ ينتاب الأطفال حماسة شديدة ويعلو صوتهم. وعن كيفية التصرف في هذا الموقف تقول الحاصلة على دبلومة في علم النفس، والخبيرة لدى المؤتمر الاتحادي للاستشارات التربوية بمدينة فورت جنوب ألمانيا كارين جاكوب، إنه «يجب أن يتعلم الأطفال الصغار أولاً كيف يسيطرون على هذه الحيوية».
ولهذا الغرض، وكإمكانات بديلة للهو، تُعد الأنشطة الهادئة مناسبة للغاية، مثل سرد الحكايات أو القراءة أو الرسم أو إجراء بعض الأعمال اليدوية أو سماع الموسيقى الهادئة أو المداعبة والملاطفة.
ونظراً لأن جولة اللعب المفعمة بالنشاط والطاقة قد تثير أعصاب الآباء، فتؤكد جاكوب حق الآباء أن يقولوا للأطفال «هذا كثير بالنسبة لي؛ فأنا بحاجة إلى بعض الهدوء».
ولإثارة اهتمام الأطفال بالقراءة، ينبغي أن ينصب تركيز الآباء في المقام الأول على أن يقرأوا لهم في مرحلة مبكرة.
وعن أنسب مرحلة للقيام بذلك يقول الخبير بمؤسسة «القراءة» بمدينة ماينتس غرب ألمانيا، كريستوف شيفر: «سن ما قبل المدرسة هي أنسب وقت، إذ يُكون الأطفال في هذه السن ثروتهم اللغوية ويتعرفون إلى البنيات النصية المختلفة وذروات الإثارة فيها»، مشيراً إلى أن «هذين المعيارين يلعبان دوراً حاسماً في ما بعد في صقل مهارات القراءة لدى الأطفال».
ويؤكد الخبير الألماني ضرورة أن تصبح قراءة الآباء للأطفال أحد طقوس الحياة اليومية، مشيراً إلى أن مدة القراءة لا تلعب، على العكس من ذلك، دوراً كبيراً، «يكفي في البداية القراءة لبضع دقائق كل يوم».
وإذا رغب الأطفال دائماً في الاستماع للقصص نفسها، فينبغي أن يلبي الآباء هذه الرغبة. وعلل شيفر ذلك بقوله: «الأطفال يحتاجون إلى التكرار، إذ يساعدهم ذلك على الإلمام بالمضمون، وهذا لا يعني أنه لديهم صعوبات في الاستيعاب»، مشيراً إلى أن مرحلة المدرسة تشكل فترة حرجة «فسرعان ما يتوقف الآباء عن القراءة لطفلهم، اعتقاداً منهم بأن الطفل يتعلم الآن القراءة وأنه لم يعد يتوجب عليهم أن يقرأوا له». ويؤكد الخبير الألماني أهمية الجمع بين منهجين للتدريب على القراءة، ألا وهما أن يقرأ الآباء للأطفال وأن يخطو الطفل أولى خطواتـه على درب القراءة، إذ إن هذين المنهجين يعطيان الطفل «دفعة تحفيزية مميزة».
وكي يتمكن الأطفال من القراءة بطلاقة، يشدد شيفر أهمية المواظبة على التدريب، مشبهاً هذه العملية بممارسة الرياضة، مشيراً إلى أن تخصيص وقت قصير للقراءة كل يوم يأتي بفائدة أكبر مما لو تم التدريب على القراءة مرة واحدة في الأسبوع لثلاثة أرباع ساعة. وينبغي أن يشجع الآباء أطفالهم على أن يقرأوا لهم.
وفي تلك الأثناء يجب ألا يصر الآباء على تصحيح كل كلمة يقرأها الطفل بشكل خاطئ. ومن المهم أن يمنح الآباء الطفل وقتاً عندما يتعثر في بعض الكلمات، إذ ينبغي ألا تفتقر القراءة إلى روح المرح واللهو خصوصاً.
تلافي صعوبات.
ويستطيع الآباء مساعدة أطفالهم الذين يعانون صعوبات في القراءة أو الكتابة الصحيحة بأن يشركوهم عند قيامهم بالقراءة لهم.
وأوضحت الجمعية الألمانية لطب نفس الأطفال والمراهقين والطب «النفسجسدي» والعلاج النفسي بالعاصمة برلين، أنه ينبغي للوالدين والطفل أن يتناوبوا على قراءة أجزاء قصيرة من قصة ما بصوت عال، مؤكدة أهمية مدح الطــــفل بصرف النظر عن مدى إجادته القراءة، مع مـــراعاة ألا تزيد مدة التدريب على الــقراءة على 15 دقيـــقة يومياً، وإلا فقد يفـــقد الطفل الدافع والحـــماسة بسرعة.
تسلـية و قيـــم وعاطفة.
وكثير من القصص داعبت مخيلات كثيرين في مرحلة الطفولة، مثل سندريلا.. وليلى والذئب.. وبياض الثلج، إذ كانت، ولاتزال، الوسيلة غير المباشرة التي يختارها الأهل لغرس القيم الايجابية في نفوس اطفالهم من جهة، وكذلك تسلية الصغار من جهة أخرى. وتساعد الحكايات التي ترويها الأمهات للأطفال، ولا سيما في فترة ما قبل النوم، على تحسين مخيلة الطفل، وتوسيع آفاق معرفته، وكذلك تنمية مهارات الاستماع لديه. كما ينعكس الوقت الذي تقضيه الأم مع طفلها في قراءة القصص على علاقتهما التي تصبح معززة بالجوانب العاطفية.
وقالت اللبنانية رانية كفوري لـ«الإمارات اليوم» «أحرص على القراءة يومياً لابني الذي يبلغ الخامسة من العمر، خصوصاً القصص التي تحتوي على عبر وقيم ومعانٍ مفيدة»، مشيرة الى انها تقضي يومياً ما يقارب الـ 10 دقائق مع ابنها لتقرأ له القصص، ما يشعرها بأنها قريبة منه، وبأنهما يقضيان وقتاً مميزاً معاً. بحسب الوكالة الالمانية للانباء.
وأضافت أنها تحرص على اختيار ما يناسب عمر ابنها، فدائماً تشتري الكتب بحسب المرحلة العمرية. ورأت أن القصص تحسن استيعاب الطفل لما يدور حوله، وتوسع أفق تفكيره، وتساعد الأم على توصيل الرسائل التي تريدها لابنها.
بينما قالت المواطنة حنان محمد «بطبيعة عملي معلمة، أدرك تماماً مدى أهمية القراءة للأطفال، ولاسيما التي تكون مناسبة للعمر»، مشيرة إلى أن قراءة القصص قبل النوم ستكون من الأمور الأساسية التي ستقدمها يومياً لأطفالها في المستقبل، مؤكدة أهمية أن تكون القصص بأسماء عربية، ومناسبة للطفل، وتغرس فيه قيم الشجاعة والوفاء والمحبة.
وقال مدير مركز الاستشارات النفسية الدكتور محمد النحاس، إن قراءة قصص ما قبل النوم على سرير الطفل وفي غرفته ضرورية، مشدداً على حسن اختيار الحكايات، إذ يجب أن تعمل على بناء الشخصية الايجابية لرجل وامرأة الغد. ونبه النحاس الى وجود بعض القصص المعروفة والمتداولة التي تتسم بكونها سيئة، ومنها قصة علي بابا والاربعين حرامي، التي تغرس قيماً سلبية في نفوس الأطفال، ومنها أن السرقة هي التي تصنع المال. ونصح الأمهات ولا سيما العاملات، بالمواظبة على قراءة القصص يومياً للأطفال، لما لها من فوائد ايجابية تنعكس على شخصية الطفل، وكذلك العلاقة معه.
في المقابل ذكرت المواطنة أم هند، أنها تحرص على الغناء لابنتها التي لم تكمل العامين بعد، معتبرة أن الغناء يجعل علاقتها مع ابنتها أفضل، مشيرة الى انه وبعد تخطي طفلتها العامين ستبدأ بالقراءة لها. وقالت إنها تحاول أن تبلغ صغيرتها القصص من خلال التصرفات اليومية، فتشرح لها السلوكيات الجيدة عبر القصص طوال النهار، وهذا يشعرها بالاطمئنان. ولفتت إلى أهمية انتقاء القصص بحسب العمر، مع مساعدة الطفل على فهم القصة.
أما الفلسطينية، ياسمين لولو، فروت أنها تحرص يومياً على تأليف القصص التي تناسب ما يعيشه ابنها يومياً، موضحة «لدينا مزرعة فيها دجاج وأرانب، ويومياً أؤلف لابني القصص عنها، كما أنني أشجعه على قراءة القصص الدينية والتعليمية». ورأت أن العلاقة بين الأم والطفل تصبح أفضل مع القراءة، ولهذا نصحت بعض الأمهات، ولاسيما العاملات بضرورة ايجاد وقت للقراءة للأطفال.
بينما قالت المصرية يسرية شجيع، إنها لا تمتلك الكثير من الوقت للقراءة لأطفالها، إذ تحاول أن تناقشهم يومياً في أثناء القيام بالنشاطات في المنزل. واعتبرت ان التواصل مهم جداً مع الأطفال، ولاسيما حين يصبحون في مرحلة طرح الأسئلة.
الفلسطينية أم عمر، أكدت أنها كانت تحرص على قراءة القصص يومياً لأبنائها قبل النوم، مشيرة الى انها كانت تبدأ بقراءة القصص بعد دخولهم المدرسة، لأن استيعابهم للأحداث والشخصيات والقيم يكون أفضل.
من جهته، قال مدير مركز الاستشارات النفسية الدكتور محمد النحاس «لابد من الالتفات الى إكساب الطفل اللغة في المرحلة الأولى من حياته، وعندما يسمع الصغير الكلام، تتحسن لديه مهارة الاستماع التي تعد المكون الرئيس للقدرات العقلية والوعي والفهم»، مؤكداً أهمية قراءة القصص في حياة الأطفال، كونها تحث على الإبداع والتصور، شريطة أن تكون متماشية مع مراحل النمو والارتقاء العمري للغة.
وشدد النحاس على ضرورة قراءة القصص التي تراعي العمر قبل دخول الطفل المدرسة، كونها تعمل على تنمية الخيال لديه، إذ يبدأ بتأليف أحداث، ما يشير الى قدرات إبداعية عنده، مضيفاً أن «الاستماع للقصص ينشط حاسة السمع التي تحث على الإبداع والابتكار. أما البداية بقراءة القصص، فتكون من السنة الثانية، فبين العامين الثاني والسادس، تكون اللغة في مرحلة اكتمال، ولهذا لابد من قراءة القصص التي تقدم للطفل مفردات وعبارات جديدة».
وينبغي تقديم الشخصيات الخيرة والشريرة للطفل، من خلال القصص، «لنزرع داخل الابناء القيم والعادات الجميلة، كون الطفل يحاكي ويقلد. كما يجب منح الطفل الثقة بنفسه عندما يبدأ بسرد أحداث القصص ومساعدته على انتقاء العبارات لمنحه الاحساس بالاعتماد على الذات».
وتوجد ميزات كثيرة في قراءة القصص، منها مثلاً ـ حسب النحاس ــ النغمة على سبيل المثال، التي تمنح الطفل الوقت للتصور، كي يتقبلها نفسياً، ويعايش أحداثها فلا يشعر بالتعب في تتبعه الأحداث في السرد السريع. أما بعد دخول الطفل المرحلة الابتدائية، فأشار النحاس الى ضرورة تغيير القصص، التي يجب أن تكون عن شخصيات دينية أو تاريخية مثلاً «فنروي للطفل أحداثاً عاشتها احدى الشخصيات من دون ان نذكر انها لرمز ديني أو تاريخي ما، حيث عليه لاحقاً أن يربطها». أما أهم ما يجب توافره في القصص الأحداث والبطل والنتيجة، لأننا نعلم الطفل مهارة حياتية. واعتبر النحاس أن القراءة قبل النوم، تشعر الطفل بالأمن، والقرب النفسي من الأم، لاسيما أن الطفل أحياناً يشعر بثقل توجيهات الأم اليومية، ما يجعل التواصل بالغناء والقصص أفضل.
الأدب الموجّه المُمل.
من جانب آخر اعتبر كتاب ورسامون لقصص أطفال، أن أدب الطفل العربي يواجه مشكلات كثيرة، إذا ما قورن بنظيره العالمي، مشيرين إلى وجود مساحة شاسعة بين مضمون القصص الغربية والعربية، مؤكدين أن معظم القصص العربية يخاطب الأطفال بكثير من السرد الممل والوعظ الذي يهرب منه الأطفال.
وطالبوا خلال ورشة العمل التي نظمتها أخيرا، دار نشر كلمات، في الشارقة تحت عنوان «نصوص ورسوم»، التي ناقشت مستوى قصص الأطفال في العالم العربي، والمشكلات الفعلية التي تواجه تطوير كتاب الطفل، وشارك فيها كتاب ورسامون، طالبوا بكتابة قصص تحاكي اهتمامات الأطفال، وتشبه يومياتهم التي يعيشونها، مؤكدين أن توفير هذه القصص يؤدي الى بناء علاقة متينة بين الطفل والكتاب، ما من شأنه ان ينعكس على شخصية الطفل، وثقته بمحيطه ونفسه، ودعوا إلى ضرورة العمل على تحسين أدب الأطفال في العالم العربي كي يواكب الأدب العالمي، وعدم الاستخفاف بعقل الطفل ووعيه من خلال الرسومات التي يجب ان تستمد من البيئة والتراث وتطور لتصبح أكثر انفتاحاً على الآخر.
وقالت الكاتبة اللبنانية فاطمة شرف الدين لـ«الإمارات اليوم»: إن انطلاقة القصة التي تكتبها للأطفال تكون من المحيط الذي يعيش فيه الطفل ومرتبطة بحياته اليومية، مضيفة «عندما نكتب للطفل، فعلينا ان نفهم مشاعره وأحاسيسه، وانا ككاتبة يجب ان أكون محاطة بالأطفال كي اكتب قصتي»، مستدركة «لم أعد محاطة بالأطفال الصغار، فأولادي أصبحوا كباراً، ولكني عملت مع الأطفال لفترة طويلة، وهذا ما شكل لدي مخزوناً كبيراً من المعلومات حول تطور الطفل، وكيفية تعاطيه مع الأمور التي تزعجه في كل مرحلة عمرية».
وتابعت الكاتبة اللبنانية «من الضروري ان يتمتع كاتب أدب الأطفال بحس طفولي، فيتأرجح ويلعب ويقفز كالأطفال ويختبر المشاعر التي يختبرونها كي يتمكن من كتابتها في قصصه، وشخصياً أقوم بهذه الأشياء».
وذكرت أنها تحتاج الى فترة طويلة كي تتمكن من انجاز القصة، مؤكدة ان البحث عن الفكرة يستمر لأشهر عدة، ولكن كتابتها لا تستغرق اكثر من نصف نهار. وتخضع القصة للتعديلات، بعد ان تقرأها شرف الدين بصوت عال، اذ رأت ان هذه القراءة، تشعرها بوجود ثقل في اللغة. أما البحث والاستقصاء فمهمان جدا قبل ان تبدأ شرف الدين بالقصة، لأن القصص برأيها «وان لم تكن كتباً علمية، الا انها مسؤولية تتوخى تقديم المعلومات الصحيحة، خصوصاً حين تتناول عالم الحيوانات وخصائصهم».
وأضافت شرف الدين عن الموضوعات التي تتناولها في قصصها «أتناول الموضوعات الاجتماعية، وأحيانا أضعها على ألسنة الحيوانات، وهذا يمنحها شيئاً من الخيال، ولكن احرص على انتقاء موضوعات ترتبط بهموم الطفل»، مشيرة إلى أنها عالجت موضوعات ترتبط ببيئة الأطفال، كولادة طفل جديد في المنزل، او طفل ضاعت منه لعبته، او الخوف من الظلام، او المشاجرة مع الأصدقاء في المدرسة، فهي كلها أمور يتعرض لها الطفل كثيراً في حياته اليومية. ونوهت الى ضرورة عرض الشخصية الرئيسة في القصة بطريقة ايجابية ومحببة، كي يتمكن الطفل من التماثل معها.
اما التناسب بين مضمون القصة والفئة العمرية فمهم جداً بالنسبة للكاتبة شرف الدين، إذ أكدت أنها «عندما توجه القصة لأطفال في سن الخامسة، يجب ان يكون أبطال القصة من هذا العمر أيضاً، فهذا يزيد من جذب القصة للأطفال». فيما لم تعد الكاتبة وجود الحكمة في القصة من الأمور الأساسية، معتبرة ان «المتعة في القراءة والتفرج على الصور، هو الدور الأساسي للقصص وليس لإيصال حكمة او درس أخلاقي، فالدرس الأخلاقي يجب ان يقدم بطريقة غير مباشرة لأن الطفل يمل من المواعظ التي يتلقاها في المدرسة والمنزل وفي كل مكان». ونوهت إلى ان الخير لابد من ان ينتصر على الشر في قصص الأطفال، «لتعزيز ثقة الطفل بنفسه وبمحيطه».
ولم تحدد الكاتبة اللبنانية سناً معينة للقراءة، اذ رأت انه يتعين على الأهل البدء بالقراءة للأطفال منذ الولادة، ليتمكنوا من بناء علاقة جيدة بين الطفل والكتاب، فيتمسك الطفل بالكتاب وتصبح الكلمة رمزاً بالنسبة له، لأنه في حال تم تقديم الكتاب للطفل عند تمكنه من القراءة أي عند بلوغه الخامسة من العمر، فيكون قد فات الأوان ونكون تأخرنا. ونصحت الأهل «بقراءة الكتاب وكأنه أغنية، لاسيما ان قصص الأطفال غالباً ما تستخدم الوزن والقافية، فهكذا يتعلق بها الطفل ويتعلم منها».
وأضافت عن مكانة أدب الطفل العربي مقارنة بأدب الأطفال العالمي «علينا مواكبة أدب الأطفال العالمي، لأننا في المجتمع العربي نعاني من نقص في الاختصاصات الخاصة بأدب الطفل العربي، فلا يوجد في الجامعات اختصاص ادب الطفل او الرسم لقصص الأطفال»، مشيرة إلى أنه يوجد كتاب متخصصون في كتابة قصص للكبار، يعمدون إلى كتابة كتب خاصة للصغار، منبهة إلى أنهم يرتكبون خطأ في تقديم قصص مملة ومليئة بالسرد وتشبه النصوص الموجودة في كتب القراءة.
ورأت شرف الدين أن «الكتابة للأطفال أصعب من الكتابة للكبار ، كونها أكثر تعقيداً، فهي تتطلب إيجاد حبكة لقصة متكاملة في 500 كلمة، مع عناية اختيار التفاصيل المذكورة والمفردات المتناسبة مع قاموس الطفل اللغوي»، لافتة إلى ان وجود دخلاء في هذا المجال من شأنه ان يعيق مسيرة تطور كتاب الطفل.
وطالبت الفنانة السورية لجينة الأصيل، باحترام عقل الطفل وعدم الاستخفاف به، معتبرة ذلك من الأمور الأساسية التي يجب مراعاتها حين يتم العمل على الرسم لقصص الأطفال. ورأت أنه «لابد من العودة الى التراث والبيئة المحلية وتطويرها كي تقدم في قالب فيه انفتاح على الآخر، لأن العمل الفني الجيد يحسن من الذائقة الفنية لدى الطفل».
اما الاستعانة بالتراث، ولاسيما التراث الإسلامي فيغني مخيلة الأطفال، على حد قول الأصيل التي أضافت عن دور الأعمال الفنية في حياة الطفل ان «الرسوم تثقف الطفل بصرياً، وتمكنه من التمييز بين الفن الجيد والهابط، فالخبرة في كل الفنون تكتسب، ومن الضروري العمل على بناء ثقافة الطفل، وهو في سن صغيرة». ونوهت الى أنها تحب العمل مع المرحلة العمرية الأولى، كون قصصهم تتطلب ألواناً أكثر من المراحل الأخرى، فالطفل يقرأ الألوان ببصره فقط، وغاية التعبير الفني الوصول الى قلب وعقل الصغير.
ولفتت الفنانة السورية إلى ان تعاملها مع الأطفال، يحتم استخدام الألوان المفرحة، ولكن ليس الزخرفة في الألوان، لأن توضيح الحدث يجب ان يتم بألوان رشيقة، مضيفة أن «لاكتظاظ الألوان جانباً سلبياً يكمن في تشتيت انتباه الطفل».
وأشارت إلى ان جعل القصص على ألسنة الحيوانات. تحفز الطفل على الرسم، وتطلق مخيلته وتحفزه على الإبداع.
اما مشكلات الرسم في العالم العربي، فهي وفقاً للأصيل «تكمن في تبسيط الرسم كونه موجهاً للطفل»، مشددة على وجوب الاهتمام أكثر بأدب الطفل من قبل دور النشر، إذ عالمياً يتطور هذا الفن بشكل سريع بسبب المعارض الدائمة التي تقام والتي هي مهمة للفنانين، في حين ان خطوات المبدعين العرب في ذلك بطيئة.
رفضت الفنانة السورية لجينة الأصيل التمييز بين أنواع مختلفة من الرسم توجه حسب الأعمار، فهي فنانة تشكيلية وترسم لقصص الأطفال، وقالت في هذا الصدد «لا يمكن التمييز بين رسم للكبار او للصغار، واني بصدد تغيير الأسلوب السائد في رسم قصص الأطفال، لأنني أقدم للطفل لوحات مرسومة في الكتاب، وهي لوحات مدروسة بعناية، وذات تقنيات عالية الجودة وتثقف الطفل وتحّسن ذائقته الفنية».
...............
شبكة النبأ: تتميز مرحلة الطفولة لدى الانسان بالكثير من المميزات الايجابية التي تمهد لمستقبل الطفل النجاح في الكثير من مجالات الحياة، خصوصا انها تساعد على تأهيل الشخصية وتهذيبها.
فيما يرى علماء النفس والاجتماع ان تدريب الطفل على القراءة في سنواته الأولى تكون ذات مردودات مثمرة وسريعة، سيما على صعيد السلوك والتعامل مع بقية أقرانهم.
ويحض المختصون أولياء الأمور على اهمية تدريب الاطفال ومساعدتهم على حب القراءة والاطلاع، عبر وسائل متاحة تسهل لا تخلو عنها اساليب التسلية المناسبة.
بديل لهو الأطفال الصاخب.
فعندما يلعب أطفال صغار عديدون سوياً، فسرعان ما تحفل أجواء اللعب بالإثارة والصخب؛ إذ ينتاب الأطفال حماسة شديدة ويعلو صوتهم. وعن كيفية التصرف في هذا الموقف تقول الحاصلة على دبلومة في علم النفس، والخبيرة لدى المؤتمر الاتحادي للاستشارات التربوية بمدينة فورت جنوب ألمانيا كارين جاكوب، إنه «يجب أن يتعلم الأطفال الصغار أولاً كيف يسيطرون على هذه الحيوية».
ولهذا الغرض، وكإمكانات بديلة للهو، تُعد الأنشطة الهادئة مناسبة للغاية، مثل سرد الحكايات أو القراءة أو الرسم أو إجراء بعض الأعمال اليدوية أو سماع الموسيقى الهادئة أو المداعبة والملاطفة.
ونظراً لأن جولة اللعب المفعمة بالنشاط والطاقة قد تثير أعصاب الآباء، فتؤكد جاكوب حق الآباء أن يقولوا للأطفال «هذا كثير بالنسبة لي؛ فأنا بحاجة إلى بعض الهدوء».
ولإثارة اهتمام الأطفال بالقراءة، ينبغي أن ينصب تركيز الآباء في المقام الأول على أن يقرأوا لهم في مرحلة مبكرة.
وعن أنسب مرحلة للقيام بذلك يقول الخبير بمؤسسة «القراءة» بمدينة ماينتس غرب ألمانيا، كريستوف شيفر: «سن ما قبل المدرسة هي أنسب وقت، إذ يُكون الأطفال في هذه السن ثروتهم اللغوية ويتعرفون إلى البنيات النصية المختلفة وذروات الإثارة فيها»، مشيراً إلى أن «هذين المعيارين يلعبان دوراً حاسماً في ما بعد في صقل مهارات القراءة لدى الأطفال».
ويؤكد الخبير الألماني ضرورة أن تصبح قراءة الآباء للأطفال أحد طقوس الحياة اليومية، مشيراً إلى أن مدة القراءة لا تلعب، على العكس من ذلك، دوراً كبيراً، «يكفي في البداية القراءة لبضع دقائق كل يوم».
وإذا رغب الأطفال دائماً في الاستماع للقصص نفسها، فينبغي أن يلبي الآباء هذه الرغبة. وعلل شيفر ذلك بقوله: «الأطفال يحتاجون إلى التكرار، إذ يساعدهم ذلك على الإلمام بالمضمون، وهذا لا يعني أنه لديهم صعوبات في الاستيعاب»، مشيراً إلى أن مرحلة المدرسة تشكل فترة حرجة «فسرعان ما يتوقف الآباء عن القراءة لطفلهم، اعتقاداً منهم بأن الطفل يتعلم الآن القراءة وأنه لم يعد يتوجب عليهم أن يقرأوا له». ويؤكد الخبير الألماني أهمية الجمع بين منهجين للتدريب على القراءة، ألا وهما أن يقرأ الآباء للأطفال وأن يخطو الطفل أولى خطواتـه على درب القراءة، إذ إن هذين المنهجين يعطيان الطفل «دفعة تحفيزية مميزة».
وكي يتمكن الأطفال من القراءة بطلاقة، يشدد شيفر أهمية المواظبة على التدريب، مشبهاً هذه العملية بممارسة الرياضة، مشيراً إلى أن تخصيص وقت قصير للقراءة كل يوم يأتي بفائدة أكبر مما لو تم التدريب على القراءة مرة واحدة في الأسبوع لثلاثة أرباع ساعة. وينبغي أن يشجع الآباء أطفالهم على أن يقرأوا لهم.
وفي تلك الأثناء يجب ألا يصر الآباء على تصحيح كل كلمة يقرأها الطفل بشكل خاطئ. ومن المهم أن يمنح الآباء الطفل وقتاً عندما يتعثر في بعض الكلمات، إذ ينبغي ألا تفتقر القراءة إلى روح المرح واللهو خصوصاً.
تلافي صعوبات.
ويستطيع الآباء مساعدة أطفالهم الذين يعانون صعوبات في القراءة أو الكتابة الصحيحة بأن يشركوهم عند قيامهم بالقراءة لهم.
وأوضحت الجمعية الألمانية لطب نفس الأطفال والمراهقين والطب «النفسجسدي» والعلاج النفسي بالعاصمة برلين، أنه ينبغي للوالدين والطفل أن يتناوبوا على قراءة أجزاء قصيرة من قصة ما بصوت عال، مؤكدة أهمية مدح الطــــفل بصرف النظر عن مدى إجادته القراءة، مع مـــراعاة ألا تزيد مدة التدريب على الــقراءة على 15 دقيـــقة يومياً، وإلا فقد يفـــقد الطفل الدافع والحـــماسة بسرعة.
تسلـية و قيـــم وعاطفة.
وكثير من القصص داعبت مخيلات كثيرين في مرحلة الطفولة، مثل سندريلا.. وليلى والذئب.. وبياض الثلج، إذ كانت، ولاتزال، الوسيلة غير المباشرة التي يختارها الأهل لغرس القيم الايجابية في نفوس اطفالهم من جهة، وكذلك تسلية الصغار من جهة أخرى. وتساعد الحكايات التي ترويها الأمهات للأطفال، ولا سيما في فترة ما قبل النوم، على تحسين مخيلة الطفل، وتوسيع آفاق معرفته، وكذلك تنمية مهارات الاستماع لديه. كما ينعكس الوقت الذي تقضيه الأم مع طفلها في قراءة القصص على علاقتهما التي تصبح معززة بالجوانب العاطفية.
وقالت اللبنانية رانية كفوري لـ«الإمارات اليوم» «أحرص على القراءة يومياً لابني الذي يبلغ الخامسة من العمر، خصوصاً القصص التي تحتوي على عبر وقيم ومعانٍ مفيدة»، مشيرة الى انها تقضي يومياً ما يقارب الـ 10 دقائق مع ابنها لتقرأ له القصص، ما يشعرها بأنها قريبة منه، وبأنهما يقضيان وقتاً مميزاً معاً. بحسب الوكالة الالمانية للانباء.
وأضافت أنها تحرص على اختيار ما يناسب عمر ابنها، فدائماً تشتري الكتب بحسب المرحلة العمرية. ورأت أن القصص تحسن استيعاب الطفل لما يدور حوله، وتوسع أفق تفكيره، وتساعد الأم على توصيل الرسائل التي تريدها لابنها.
بينما قالت المواطنة حنان محمد «بطبيعة عملي معلمة، أدرك تماماً مدى أهمية القراءة للأطفال، ولاسيما التي تكون مناسبة للعمر»، مشيرة إلى أن قراءة القصص قبل النوم ستكون من الأمور الأساسية التي ستقدمها يومياً لأطفالها في المستقبل، مؤكدة أهمية أن تكون القصص بأسماء عربية، ومناسبة للطفل، وتغرس فيه قيم الشجاعة والوفاء والمحبة.
وقال مدير مركز الاستشارات النفسية الدكتور محمد النحاس، إن قراءة قصص ما قبل النوم على سرير الطفل وفي غرفته ضرورية، مشدداً على حسن اختيار الحكايات، إذ يجب أن تعمل على بناء الشخصية الايجابية لرجل وامرأة الغد. ونبه النحاس الى وجود بعض القصص المعروفة والمتداولة التي تتسم بكونها سيئة، ومنها قصة علي بابا والاربعين حرامي، التي تغرس قيماً سلبية في نفوس الأطفال، ومنها أن السرقة هي التي تصنع المال. ونصح الأمهات ولا سيما العاملات، بالمواظبة على قراءة القصص يومياً للأطفال، لما لها من فوائد ايجابية تنعكس على شخصية الطفل، وكذلك العلاقة معه.
في المقابل ذكرت المواطنة أم هند، أنها تحرص على الغناء لابنتها التي لم تكمل العامين بعد، معتبرة أن الغناء يجعل علاقتها مع ابنتها أفضل، مشيرة الى انه وبعد تخطي طفلتها العامين ستبدأ بالقراءة لها. وقالت إنها تحاول أن تبلغ صغيرتها القصص من خلال التصرفات اليومية، فتشرح لها السلوكيات الجيدة عبر القصص طوال النهار، وهذا يشعرها بالاطمئنان. ولفتت إلى أهمية انتقاء القصص بحسب العمر، مع مساعدة الطفل على فهم القصة.
أما الفلسطينية، ياسمين لولو، فروت أنها تحرص يومياً على تأليف القصص التي تناسب ما يعيشه ابنها يومياً، موضحة «لدينا مزرعة فيها دجاج وأرانب، ويومياً أؤلف لابني القصص عنها، كما أنني أشجعه على قراءة القصص الدينية والتعليمية». ورأت أن العلاقة بين الأم والطفل تصبح أفضل مع القراءة، ولهذا نصحت بعض الأمهات، ولاسيما العاملات بضرورة ايجاد وقت للقراءة للأطفال.
بينما قالت المصرية يسرية شجيع، إنها لا تمتلك الكثير من الوقت للقراءة لأطفالها، إذ تحاول أن تناقشهم يومياً في أثناء القيام بالنشاطات في المنزل. واعتبرت ان التواصل مهم جداً مع الأطفال، ولاسيما حين يصبحون في مرحلة طرح الأسئلة.
الفلسطينية أم عمر، أكدت أنها كانت تحرص على قراءة القصص يومياً لأبنائها قبل النوم، مشيرة الى انها كانت تبدأ بقراءة القصص بعد دخولهم المدرسة، لأن استيعابهم للأحداث والشخصيات والقيم يكون أفضل.
من جهته، قال مدير مركز الاستشارات النفسية الدكتور محمد النحاس «لابد من الالتفات الى إكساب الطفل اللغة في المرحلة الأولى من حياته، وعندما يسمع الصغير الكلام، تتحسن لديه مهارة الاستماع التي تعد المكون الرئيس للقدرات العقلية والوعي والفهم»، مؤكداً أهمية قراءة القصص في حياة الأطفال، كونها تحث على الإبداع والتصور، شريطة أن تكون متماشية مع مراحل النمو والارتقاء العمري للغة.
وشدد النحاس على ضرورة قراءة القصص التي تراعي العمر قبل دخول الطفل المدرسة، كونها تعمل على تنمية الخيال لديه، إذ يبدأ بتأليف أحداث، ما يشير الى قدرات إبداعية عنده، مضيفاً أن «الاستماع للقصص ينشط حاسة السمع التي تحث على الإبداع والابتكار. أما البداية بقراءة القصص، فتكون من السنة الثانية، فبين العامين الثاني والسادس، تكون اللغة في مرحلة اكتمال، ولهذا لابد من قراءة القصص التي تقدم للطفل مفردات وعبارات جديدة».
وينبغي تقديم الشخصيات الخيرة والشريرة للطفل، من خلال القصص، «لنزرع داخل الابناء القيم والعادات الجميلة، كون الطفل يحاكي ويقلد. كما يجب منح الطفل الثقة بنفسه عندما يبدأ بسرد أحداث القصص ومساعدته على انتقاء العبارات لمنحه الاحساس بالاعتماد على الذات».
وتوجد ميزات كثيرة في قراءة القصص، منها مثلاً ـ حسب النحاس ــ النغمة على سبيل المثال، التي تمنح الطفل الوقت للتصور، كي يتقبلها نفسياً، ويعايش أحداثها فلا يشعر بالتعب في تتبعه الأحداث في السرد السريع. أما بعد دخول الطفل المرحلة الابتدائية، فأشار النحاس الى ضرورة تغيير القصص، التي يجب أن تكون عن شخصيات دينية أو تاريخية مثلاً «فنروي للطفل أحداثاً عاشتها احدى الشخصيات من دون ان نذكر انها لرمز ديني أو تاريخي ما، حيث عليه لاحقاً أن يربطها». أما أهم ما يجب توافره في القصص الأحداث والبطل والنتيجة، لأننا نعلم الطفل مهارة حياتية. واعتبر النحاس أن القراءة قبل النوم، تشعر الطفل بالأمن، والقرب النفسي من الأم، لاسيما أن الطفل أحياناً يشعر بثقل توجيهات الأم اليومية، ما يجعل التواصل بالغناء والقصص أفضل.
الأدب الموجّه المُمل.
من جانب آخر اعتبر كتاب ورسامون لقصص أطفال، أن أدب الطفل العربي يواجه مشكلات كثيرة، إذا ما قورن بنظيره العالمي، مشيرين إلى وجود مساحة شاسعة بين مضمون القصص الغربية والعربية، مؤكدين أن معظم القصص العربية يخاطب الأطفال بكثير من السرد الممل والوعظ الذي يهرب منه الأطفال.
وطالبوا خلال ورشة العمل التي نظمتها أخيرا، دار نشر كلمات، في الشارقة تحت عنوان «نصوص ورسوم»، التي ناقشت مستوى قصص الأطفال في العالم العربي، والمشكلات الفعلية التي تواجه تطوير كتاب الطفل، وشارك فيها كتاب ورسامون، طالبوا بكتابة قصص تحاكي اهتمامات الأطفال، وتشبه يومياتهم التي يعيشونها، مؤكدين أن توفير هذه القصص يؤدي الى بناء علاقة متينة بين الطفل والكتاب، ما من شأنه ان ينعكس على شخصية الطفل، وثقته بمحيطه ونفسه، ودعوا إلى ضرورة العمل على تحسين أدب الأطفال في العالم العربي كي يواكب الأدب العالمي، وعدم الاستخفاف بعقل الطفل ووعيه من خلال الرسومات التي يجب ان تستمد من البيئة والتراث وتطور لتصبح أكثر انفتاحاً على الآخر.
وقالت الكاتبة اللبنانية فاطمة شرف الدين لـ«الإمارات اليوم»: إن انطلاقة القصة التي تكتبها للأطفال تكون من المحيط الذي يعيش فيه الطفل ومرتبطة بحياته اليومية، مضيفة «عندما نكتب للطفل، فعلينا ان نفهم مشاعره وأحاسيسه، وانا ككاتبة يجب ان أكون محاطة بالأطفال كي اكتب قصتي»، مستدركة «لم أعد محاطة بالأطفال الصغار، فأولادي أصبحوا كباراً، ولكني عملت مع الأطفال لفترة طويلة، وهذا ما شكل لدي مخزوناً كبيراً من المعلومات حول تطور الطفل، وكيفية تعاطيه مع الأمور التي تزعجه في كل مرحلة عمرية».
وتابعت الكاتبة اللبنانية «من الضروري ان يتمتع كاتب أدب الأطفال بحس طفولي، فيتأرجح ويلعب ويقفز كالأطفال ويختبر المشاعر التي يختبرونها كي يتمكن من كتابتها في قصصه، وشخصياً أقوم بهذه الأشياء».
وذكرت أنها تحتاج الى فترة طويلة كي تتمكن من انجاز القصة، مؤكدة ان البحث عن الفكرة يستمر لأشهر عدة، ولكن كتابتها لا تستغرق اكثر من نصف نهار. وتخضع القصة للتعديلات، بعد ان تقرأها شرف الدين بصوت عال، اذ رأت ان هذه القراءة، تشعرها بوجود ثقل في اللغة. أما البحث والاستقصاء فمهمان جدا قبل ان تبدأ شرف الدين بالقصة، لأن القصص برأيها «وان لم تكن كتباً علمية، الا انها مسؤولية تتوخى تقديم المعلومات الصحيحة، خصوصاً حين تتناول عالم الحيوانات وخصائصهم».
وأضافت شرف الدين عن الموضوعات التي تتناولها في قصصها «أتناول الموضوعات الاجتماعية، وأحيانا أضعها على ألسنة الحيوانات، وهذا يمنحها شيئاً من الخيال، ولكن احرص على انتقاء موضوعات ترتبط بهموم الطفل»، مشيرة إلى أنها عالجت موضوعات ترتبط ببيئة الأطفال، كولادة طفل جديد في المنزل، او طفل ضاعت منه لعبته، او الخوف من الظلام، او المشاجرة مع الأصدقاء في المدرسة، فهي كلها أمور يتعرض لها الطفل كثيراً في حياته اليومية. ونوهت الى ضرورة عرض الشخصية الرئيسة في القصة بطريقة ايجابية ومحببة، كي يتمكن الطفل من التماثل معها.
اما التناسب بين مضمون القصة والفئة العمرية فمهم جداً بالنسبة للكاتبة شرف الدين، إذ أكدت أنها «عندما توجه القصة لأطفال في سن الخامسة، يجب ان يكون أبطال القصة من هذا العمر أيضاً، فهذا يزيد من جذب القصة للأطفال». فيما لم تعد الكاتبة وجود الحكمة في القصة من الأمور الأساسية، معتبرة ان «المتعة في القراءة والتفرج على الصور، هو الدور الأساسي للقصص وليس لإيصال حكمة او درس أخلاقي، فالدرس الأخلاقي يجب ان يقدم بطريقة غير مباشرة لأن الطفل يمل من المواعظ التي يتلقاها في المدرسة والمنزل وفي كل مكان». ونوهت إلى ان الخير لابد من ان ينتصر على الشر في قصص الأطفال، «لتعزيز ثقة الطفل بنفسه وبمحيطه».
ولم تحدد الكاتبة اللبنانية سناً معينة للقراءة، اذ رأت انه يتعين على الأهل البدء بالقراءة للأطفال منذ الولادة، ليتمكنوا من بناء علاقة جيدة بين الطفل والكتاب، فيتمسك الطفل بالكتاب وتصبح الكلمة رمزاً بالنسبة له، لأنه في حال تم تقديم الكتاب للطفل عند تمكنه من القراءة أي عند بلوغه الخامسة من العمر، فيكون قد فات الأوان ونكون تأخرنا. ونصحت الأهل «بقراءة الكتاب وكأنه أغنية، لاسيما ان قصص الأطفال غالباً ما تستخدم الوزن والقافية، فهكذا يتعلق بها الطفل ويتعلم منها».
وأضافت عن مكانة أدب الطفل العربي مقارنة بأدب الأطفال العالمي «علينا مواكبة أدب الأطفال العالمي، لأننا في المجتمع العربي نعاني من نقص في الاختصاصات الخاصة بأدب الطفل العربي، فلا يوجد في الجامعات اختصاص ادب الطفل او الرسم لقصص الأطفال»، مشيرة إلى أنه يوجد كتاب متخصصون في كتابة قصص للكبار، يعمدون إلى كتابة كتب خاصة للصغار، منبهة إلى أنهم يرتكبون خطأ في تقديم قصص مملة ومليئة بالسرد وتشبه النصوص الموجودة في كتب القراءة.
ورأت شرف الدين أن «الكتابة للأطفال أصعب من الكتابة للكبار ، كونها أكثر تعقيداً، فهي تتطلب إيجاد حبكة لقصة متكاملة في 500 كلمة، مع عناية اختيار التفاصيل المذكورة والمفردات المتناسبة مع قاموس الطفل اللغوي»، لافتة إلى ان وجود دخلاء في هذا المجال من شأنه ان يعيق مسيرة تطور كتاب الطفل.
وطالبت الفنانة السورية لجينة الأصيل، باحترام عقل الطفل وعدم الاستخفاف به، معتبرة ذلك من الأمور الأساسية التي يجب مراعاتها حين يتم العمل على الرسم لقصص الأطفال. ورأت أنه «لابد من العودة الى التراث والبيئة المحلية وتطويرها كي تقدم في قالب فيه انفتاح على الآخر، لأن العمل الفني الجيد يحسن من الذائقة الفنية لدى الطفل».
اما الاستعانة بالتراث، ولاسيما التراث الإسلامي فيغني مخيلة الأطفال، على حد قول الأصيل التي أضافت عن دور الأعمال الفنية في حياة الطفل ان «الرسوم تثقف الطفل بصرياً، وتمكنه من التمييز بين الفن الجيد والهابط، فالخبرة في كل الفنون تكتسب، ومن الضروري العمل على بناء ثقافة الطفل، وهو في سن صغيرة». ونوهت الى أنها تحب العمل مع المرحلة العمرية الأولى، كون قصصهم تتطلب ألواناً أكثر من المراحل الأخرى، فالطفل يقرأ الألوان ببصره فقط، وغاية التعبير الفني الوصول الى قلب وعقل الصغير.
ولفتت الفنانة السورية إلى ان تعاملها مع الأطفال، يحتم استخدام الألوان المفرحة، ولكن ليس الزخرفة في الألوان، لأن توضيح الحدث يجب ان يتم بألوان رشيقة، مضيفة أن «لاكتظاظ الألوان جانباً سلبياً يكمن في تشتيت انتباه الطفل».
وأشارت إلى ان جعل القصص على ألسنة الحيوانات. تحفز الطفل على الرسم، وتطلق مخيلته وتحفزه على الإبداع.
اما مشكلات الرسم في العالم العربي، فهي وفقاً للأصيل «تكمن في تبسيط الرسم كونه موجهاً للطفل»، مشددة على وجوب الاهتمام أكثر بأدب الطفل من قبل دور النشر، إذ عالمياً يتطور هذا الفن بشكل سريع بسبب المعارض الدائمة التي تقام والتي هي مهمة للفنانين، في حين ان خطوات المبدعين العرب في ذلك بطيئة.
رفضت الفنانة السورية لجينة الأصيل التمييز بين أنواع مختلفة من الرسم توجه حسب الأعمار، فهي فنانة تشكيلية وترسم لقصص الأطفال، وقالت في هذا الصدد «لا يمكن التمييز بين رسم للكبار او للصغار، واني بصدد تغيير الأسلوب السائد في رسم قصص الأطفال، لأنني أقدم للطفل لوحات مرسومة في الكتاب، وهي لوحات مدروسة بعناية، وذات تقنيات عالية الجودة وتثقف الطفل وتحّسن ذائقته الفنية».