التغيير الذاتي ومعايير النجاح..قبسات من فكر المرجع الشيرازي.
..........................
مفردة التغيير غالبا ما يُقصَد بها، التجديد، أو تحويل مسار الحياة نحو الافضل، توافقا مع الطبيعة البشرية التي تبحث عن الأفضلية دائما، لذا ينصح العلماء والمصلحون والمفكرون المختصون بتحسين الحياة، من خلال التغيير نحو الافضل، عبر انتهاج سبل وطرائق نفسية وعملية تساعد الانسان على أن يكون ناجحا ومقبولا لدى الجميع، بسبب احترامه لحقوق الآخرين وقبوله بالمكاسب التي تتحقق له، وعدم حزنه على الخسائر والتضحيات التي قد يتعرض لها، فالحياة كما يقول العارفون أخذ وعطاء، ولا يمكن أن تسير بوتيرة واحدة، لذا على الانسان أن يكون مهيّئا نفسيا لقبول الربح والخسارة في الوقت نفسه، على أن يبقى هاجس التغيير نحو الافضل موجودا في ذاته، وفقا للمعايير والضوابط الانسانية المستمدة من الدين والعرف السائد بين الجميع.
............
تربية الذات وكبح جموحها.
يتطلب هذا الهدف (التغيير) كبحاً لميول النفس، حثّا متواصلا للتمسك بالمبادئ السليمة، وعدم الانجرار وراء ميول النفس، فهي غالبا ما تدفع صاحبها الى ما يريحها وفقا للغرائز البشرية المعروفة، لذا لابد أن ينتهج الانسان لتحقيق التغيير، مسارا واضحا يتمثل بتبسيط الحياة، ومن وسائل تحقيق ذلك، الزهد وعدم الفرح بالمكاسب أو الحزن على الخسائر، وما الى ذلك من معايير تنحو الى اليسر والبساطة، لأن الحياة يمكن تسميتها برحلة الخسائر والارباح، لذا على الانسان أن يروض نفسه على ذلك، طالما أن الامر له علاقة بالارادة الإلهية.
يقول سماحة المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي في احدى محاضراته القيمة حول هذا الموضوع: (ليس الزهد أن تمتنع عن الطعام والشراب أو التملك أو النكاح، بل حقيقة الزهد أن لا تأسى ولا تحزن على ما فاتك من ثروات وقدرات مهما كان نوعها، ولا تفرح بما أوتيت مثل ذلك. وهذه منزلة لا يبلغها المرء بسهولة بل لابدّ له أوّلاً من تمرين متواصل وترويض مستمرّ).
والتغيير هنا ليس معنيا بطبائع الانسان المتجذرة في ذاته، لأنها ليست قابلة للتغيير، ولكن هناك درجات يمكن التحكم بها ذاتيا، من خلال إرادة الانسان نفسها، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي بهذا الخصوص:
(ليس المقصود تغيير جذور الطبيعة والعنصر الثابت فيها، بل المقصود درجات الشدّة والضعف والآثار واللوازم التي تترتّب عليها. فنفوس الناس ميالة في الغالب للدعة والراحة، ولا رغبة لها في الأعمال التي تتطلّب جهداً مضاعفاً كطلب العلم مثلاً، ولكنّا نرى بعضهم يتغيّر بفعل الضغوط المختلفة سواء من ذاته أو من الآخرين، فيشمّر عن ساعد الجدّ ويصبح عنده شوق إلى الدراسة بحيث يتحمّل سهر الليالي وشظف العيش من أجل الوصول إلى هدفه).
............
إنتهاج الطرائق الانسانية للنجاح.
وهكذا فإن قضية التغيير تتعلق بالذات أولا واستعداد الانسان للنجاح والعمل الدؤوب من اجل تحقيق الهدف المطلوب، ولكن ينبغي أن يتم ذلك بالطرائق الانسانية المتفق عليها، أي من دون الاضرار بحقوق ومصالح الآخرين، خاصة اذا عرفنا أن النجاحات والخسائر لا تتعلق بذات الانسان وحده ولا ينبغي له أن يفرح او يحزن كثيرا بهذا الخصوص، علما أن الاستعداد لتغيير الذات من حال الى حال يختلف من شخص الى آخر كما يقول سماحة المرجع الشيرازي:
(أجل، يختلف الناس في سرعة التغيّر وشدّته. فبعض الطباع تتغيّر بسرعة فيما بعضها الآخر يتغيّر ببطء. وكلما استحضر الإنسان المنافع التي سيجنيها والمضارّ التي سيدفعها من التغيير، زاد من سرعة تغيّره. وكما تختلف النفوس، فكذلك تختلف الغرائز والطباع في قوّتها وضعفها).
وفي التركيبة النفسية للانسان تتجذر الطبائع التي تنطوي على أضرار بحقوق الآخرين من اجل تحقيق المصالح الذاتية، هنا لابد للانسان أن يعتمد المعايير الصحيحة للتغير متمثلة بالتعاليم الدينية والاعراف الايجابية المتفق عليها، إن حب السلطة والجاه من الطبائع المتأصلة في ذات الانسان، ولكن هذا لايعني عدم القدرة على احداث التغيير المطلوب نحو الافضل، لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: (إنّ حب الجاه من الطبائع الأصيلة والقويّة عند الإنسان. وكذلك قد تختلف الأجواء والظروف وعوامل الوراثة والبيئة والتربية وغيرها. إلاّ أنّ الأمر المسلّم أنّ أصل التغيير ممكن).
...........
ما يملكه الانسان أمانة في عنقه.
إن أساس الاخطاء التي يرتكبها الانسان تجاه الآخرين، هو حبه لذاته، وعدم سيطرته عليها، وبحثه وسعيه الدؤوب لتحقيق النجاحات، حتى لو تمّتْ باسلوب التجاوز على الآخرين، لذا لابد أن يتجاوز الانسان عقبة (الفرح بالنجاح والحزن من الخسارة)، وعليه أن يتعلم ويؤمن بأن كل ما يملكه هو أمانة في عنقه، ولتحقيق هذا الهدف يقول سماحة المرجع الشيرازي:
(كيف يستطيع الإنسان أن يكيّف نفسه لكيلا تأسى على ما فاتها ولا تفرح بما أوتيت؟ للإجابة أقول: هناك طريق واحد، حيث كلّ الطرق ترجع إليه، وهو ما افتتحنا به الحديث، بأن يتذكّر الإنسان دائماً أنّ كلّ شيء أمانة في رقبته وعارية لديه، وأنّ الأمانة لابدّ من إرجاعها يوماً إلى صاحبها ومالكها الحقيقي. فالمال أمانة والعلم أمانة والجاه أمانة وكذا الصحّة والأولاد والأهل والزوجة والعقار وجسمه وروحه وكلّ شيء عنده هو أمانة، حتى السفر مثلاً لو كانت وسائله مهيّأة له ولكنه لأسباب لم يتحقق لا ينبغي له أن يحزن لأنّه كان أمانة! وإذا استطاع الإنسان أن يركّز على هذا الأمر فستخفّ الوطأة عنده شيئاً فشيئاً حتى يبلغ مرتبة يصدق عليه أنّه لا ييأس على ما فاته ولا يفرح بما أتاه).
لذا يتطلب بلوغ هذه المرتبة نوعا من تربية الذات وتغييرها، وهو أمر يتحقق بالتربية السلوكية والنفسية للانسان، لهذا يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الصدد:(إنّ تألّم الإنسان لفقدان بعض الأشياء ـ كالصحّة مثلاً ـ أمر فطريّ، ولكن التربية تخفّف الوطأة على الإنسان وتزيل الألم المضاعف. فتارة يتألم الإنسان بدنيّاً بسبب مرض ألمّ به، وتارة يتألم نفسياً نتيجة الشعور بفقدان الصحة، وهذا أيضاً شيء طبيعي، ولكن التركيز على الألم النفسي والتحسّر وما أشبه هي الأمور التي تنهض التربية بإزالتها كلّما تذكّر الإنسان أنّ كلّ ما يملكه حتى صحّته وبدنه وروحه أمانة وليس هو مالكها الحقيقي).
إذن قضية التغيير الذاتي تتطلب استعدادا لكبح رغائب النفس، والكف عن الفرح بتحقيق نجاحات قد يكون مصدرها مصائب الآخرين، والكف عن الحزن الذي ربما يجعل حياة الانسان أكثر توازنا وبساطة بل وسعادة، لذا على الانسان أن يتحلى بإيمان قاطع بأن الامور كلها تعود الى الله تعالى، يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الموضوع:(المطلوب من كلّ إنسان أن لا يفرح أو يأسى على شيء ما يحبه ويهواه، وعليه أن يتذكّر دائماً أنّ كلّ النعم التي عنده هي من الله عزّ وجلّ، فإن تجدّدت فهي نعمة أخرى ينبغي الشكر عليها، وإن زالت فهذا شأن الدنيا ونعيمها، فكلّها أمانة عند الإنسان لابدّ أن يفارقها يوماً تأخّر أو تقدّم).
........
شبكة النبأ المعلوماتية.
..........................
مفردة التغيير غالبا ما يُقصَد بها، التجديد، أو تحويل مسار الحياة نحو الافضل، توافقا مع الطبيعة البشرية التي تبحث عن الأفضلية دائما، لذا ينصح العلماء والمصلحون والمفكرون المختصون بتحسين الحياة، من خلال التغيير نحو الافضل، عبر انتهاج سبل وطرائق نفسية وعملية تساعد الانسان على أن يكون ناجحا ومقبولا لدى الجميع، بسبب احترامه لحقوق الآخرين وقبوله بالمكاسب التي تتحقق له، وعدم حزنه على الخسائر والتضحيات التي قد يتعرض لها، فالحياة كما يقول العارفون أخذ وعطاء، ولا يمكن أن تسير بوتيرة واحدة، لذا على الانسان أن يكون مهيّئا نفسيا لقبول الربح والخسارة في الوقت نفسه، على أن يبقى هاجس التغيير نحو الافضل موجودا في ذاته، وفقا للمعايير والضوابط الانسانية المستمدة من الدين والعرف السائد بين الجميع.
............
تربية الذات وكبح جموحها.
يتطلب هذا الهدف (التغيير) كبحاً لميول النفس، حثّا متواصلا للتمسك بالمبادئ السليمة، وعدم الانجرار وراء ميول النفس، فهي غالبا ما تدفع صاحبها الى ما يريحها وفقا للغرائز البشرية المعروفة، لذا لابد أن ينتهج الانسان لتحقيق التغيير، مسارا واضحا يتمثل بتبسيط الحياة، ومن وسائل تحقيق ذلك، الزهد وعدم الفرح بالمكاسب أو الحزن على الخسائر، وما الى ذلك من معايير تنحو الى اليسر والبساطة، لأن الحياة يمكن تسميتها برحلة الخسائر والارباح، لذا على الانسان أن يروض نفسه على ذلك، طالما أن الامر له علاقة بالارادة الإلهية.
يقول سماحة المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي في احدى محاضراته القيمة حول هذا الموضوع: (ليس الزهد أن تمتنع عن الطعام والشراب أو التملك أو النكاح، بل حقيقة الزهد أن لا تأسى ولا تحزن على ما فاتك من ثروات وقدرات مهما كان نوعها، ولا تفرح بما أوتيت مثل ذلك. وهذه منزلة لا يبلغها المرء بسهولة بل لابدّ له أوّلاً من تمرين متواصل وترويض مستمرّ).
والتغيير هنا ليس معنيا بطبائع الانسان المتجذرة في ذاته، لأنها ليست قابلة للتغيير، ولكن هناك درجات يمكن التحكم بها ذاتيا، من خلال إرادة الانسان نفسها، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي بهذا الخصوص:
(ليس المقصود تغيير جذور الطبيعة والعنصر الثابت فيها، بل المقصود درجات الشدّة والضعف والآثار واللوازم التي تترتّب عليها. فنفوس الناس ميالة في الغالب للدعة والراحة، ولا رغبة لها في الأعمال التي تتطلّب جهداً مضاعفاً كطلب العلم مثلاً، ولكنّا نرى بعضهم يتغيّر بفعل الضغوط المختلفة سواء من ذاته أو من الآخرين، فيشمّر عن ساعد الجدّ ويصبح عنده شوق إلى الدراسة بحيث يتحمّل سهر الليالي وشظف العيش من أجل الوصول إلى هدفه).
............
إنتهاج الطرائق الانسانية للنجاح.
وهكذا فإن قضية التغيير تتعلق بالذات أولا واستعداد الانسان للنجاح والعمل الدؤوب من اجل تحقيق الهدف المطلوب، ولكن ينبغي أن يتم ذلك بالطرائق الانسانية المتفق عليها، أي من دون الاضرار بحقوق ومصالح الآخرين، خاصة اذا عرفنا أن النجاحات والخسائر لا تتعلق بذات الانسان وحده ولا ينبغي له أن يفرح او يحزن كثيرا بهذا الخصوص، علما أن الاستعداد لتغيير الذات من حال الى حال يختلف من شخص الى آخر كما يقول سماحة المرجع الشيرازي:
(أجل، يختلف الناس في سرعة التغيّر وشدّته. فبعض الطباع تتغيّر بسرعة فيما بعضها الآخر يتغيّر ببطء. وكلما استحضر الإنسان المنافع التي سيجنيها والمضارّ التي سيدفعها من التغيير، زاد من سرعة تغيّره. وكما تختلف النفوس، فكذلك تختلف الغرائز والطباع في قوّتها وضعفها).
وفي التركيبة النفسية للانسان تتجذر الطبائع التي تنطوي على أضرار بحقوق الآخرين من اجل تحقيق المصالح الذاتية، هنا لابد للانسان أن يعتمد المعايير الصحيحة للتغير متمثلة بالتعاليم الدينية والاعراف الايجابية المتفق عليها، إن حب السلطة والجاه من الطبائع المتأصلة في ذات الانسان، ولكن هذا لايعني عدم القدرة على احداث التغيير المطلوب نحو الافضل، لذا يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا المجال: (إنّ حب الجاه من الطبائع الأصيلة والقويّة عند الإنسان. وكذلك قد تختلف الأجواء والظروف وعوامل الوراثة والبيئة والتربية وغيرها. إلاّ أنّ الأمر المسلّم أنّ أصل التغيير ممكن).
...........
ما يملكه الانسان أمانة في عنقه.
إن أساس الاخطاء التي يرتكبها الانسان تجاه الآخرين، هو حبه لذاته، وعدم سيطرته عليها، وبحثه وسعيه الدؤوب لتحقيق النجاحات، حتى لو تمّتْ باسلوب التجاوز على الآخرين، لذا لابد أن يتجاوز الانسان عقبة (الفرح بالنجاح والحزن من الخسارة)، وعليه أن يتعلم ويؤمن بأن كل ما يملكه هو أمانة في عنقه، ولتحقيق هذا الهدف يقول سماحة المرجع الشيرازي:
(كيف يستطيع الإنسان أن يكيّف نفسه لكيلا تأسى على ما فاتها ولا تفرح بما أوتيت؟ للإجابة أقول: هناك طريق واحد، حيث كلّ الطرق ترجع إليه، وهو ما افتتحنا به الحديث، بأن يتذكّر الإنسان دائماً أنّ كلّ شيء أمانة في رقبته وعارية لديه، وأنّ الأمانة لابدّ من إرجاعها يوماً إلى صاحبها ومالكها الحقيقي. فالمال أمانة والعلم أمانة والجاه أمانة وكذا الصحّة والأولاد والأهل والزوجة والعقار وجسمه وروحه وكلّ شيء عنده هو أمانة، حتى السفر مثلاً لو كانت وسائله مهيّأة له ولكنه لأسباب لم يتحقق لا ينبغي له أن يحزن لأنّه كان أمانة! وإذا استطاع الإنسان أن يركّز على هذا الأمر فستخفّ الوطأة عنده شيئاً فشيئاً حتى يبلغ مرتبة يصدق عليه أنّه لا ييأس على ما فاته ولا يفرح بما أتاه).
لذا يتطلب بلوغ هذه المرتبة نوعا من تربية الذات وتغييرها، وهو أمر يتحقق بالتربية السلوكية والنفسية للانسان، لهذا يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الصدد:(إنّ تألّم الإنسان لفقدان بعض الأشياء ـ كالصحّة مثلاً ـ أمر فطريّ، ولكن التربية تخفّف الوطأة على الإنسان وتزيل الألم المضاعف. فتارة يتألم الإنسان بدنيّاً بسبب مرض ألمّ به، وتارة يتألم نفسياً نتيجة الشعور بفقدان الصحة، وهذا أيضاً شيء طبيعي، ولكن التركيز على الألم النفسي والتحسّر وما أشبه هي الأمور التي تنهض التربية بإزالتها كلّما تذكّر الإنسان أنّ كلّ ما يملكه حتى صحّته وبدنه وروحه أمانة وليس هو مالكها الحقيقي).
إذن قضية التغيير الذاتي تتطلب استعدادا لكبح رغائب النفس، والكف عن الفرح بتحقيق نجاحات قد يكون مصدرها مصائب الآخرين، والكف عن الحزن الذي ربما يجعل حياة الانسان أكثر توازنا وبساطة بل وسعادة، لذا على الانسان أن يتحلى بإيمان قاطع بأن الامور كلها تعود الى الله تعالى، يقول سماحة المرجع الشيرازي حول هذا الموضوع:(المطلوب من كلّ إنسان أن لا يفرح أو يأسى على شيء ما يحبه ويهواه، وعليه أن يتذكّر دائماً أنّ كلّ النعم التي عنده هي من الله عزّ وجلّ، فإن تجدّدت فهي نعمة أخرى ينبغي الشكر عليها، وإن زالت فهذا شأن الدنيا ونعيمها، فكلّها أمانة عند الإنسان لابدّ أن يفارقها يوماً تأخّر أو تقدّم).
........
شبكة النبأ المعلوماتية.