احترام الشارع و البناء المجتمعي.
.........
الشارع مكان عام،يتشارك في ملكه الجميع،و يتحركون من خلاله لقضاء أعمالهم المختلفة،و نتيجة لذلك،يحدث الاحتكاك،بين هؤلاء الناس الذين يتمتعون بمستويات ثقافية و ذهنية متفاوتة،فتظهر الى العلن،أذواقهم و أخلاقهم و كلماتهم،بمعنى أدق تظهر شخصياتهم بوضوح للآخرين،على شكل سلوك و كلمات،منها ما يبدي الاحترام للشارع،و منها العكس تماما.
لذلك تكونت مجموعة من القيم و الاخلاقيات التي تنظّم تواجد الناس في الشارع و استخدامهم له، لأن الجميع يحتاج الى الشارع رواحا و مجيئا،يقول احد الكتاب (فى الزمن الجميل كنا نسمع كلمات افتقدناها هذه الأيام،كان الرجل يقول إذا طلب شيئا أو استفسر عنه «من فضلك» أو «بعد إذنك» و عند النداء يقرنه بما يفيد التوقير و الاحترام مثل «يا أخى» «يا أستاذ» «يا أختى» و لمن يكبره سنا «يا عمى» «يا خالة» و إذا أخطأ يقول «آسف» «سامحنى لم أقصد».
و إذا سألت عن مكان شارع أو بيت تجد من يقوم بتوصيلك و إذا لم يعرف يعاونك فى سؤال الآخرين. و فى وسائل المواصلات نجد الصغير يترك مكانه للشيخ العجوز و المرأة و المريض)،هذه القيم دليل على تحضّر و تمدّن المجتمع،و هي شبكة او منظومة متشعبة،لم تنبنِ في يوم و ليلة،إنها تراكم قيمي تطلّب من شرائح و مكونات المجتمع قرونا متعاقبة،لكي تترسخ هذه القيم و تنظّم استخدام الشارع بالصورة الصحيحة،و يقول الكاتب نفسه (كان المنديل القطنى جزءا لا يتجزأ من شخصية الإنسان،يستعين به إذا أراد أن يبصق،بدلاً من البصق فى الشارع و الطرقات،و كان الاهتمام بالخضرة و الورود و غرس الأشجار فى الشوارع و النوافذ و فوق الأسطح باديا،و الآن صارت تلال القمامة تملأ كل شبر فى بلدنا).
و قد أثبت علم الاجتماع أن سلوك الانسان في الشارع العام،يعكس دواخله و طبيعة شخصيته،لذا فمن يحترم الشارع و يستخدمه بصورة محترمة،فهو بذلك يحترم نفسه أولا،و هذا دليل قاطع على رصانة شخصيته و توازنها،ناهيك عن تحليه بمستوى عال من الوعي و الثقافة و الانسانية،و قد أظهرت - مثلا- كثير من الدراسات المعنية بالسلوك الفردي،علاقة وثيقة بين شخصية الانسان و طريقة قيادته للسيارة،لذا ظهرت المقولة ذائعة الصيت (السياقة فن و ذوق و أخلاق)،كذلك هناك قيم اجتماعية على بساطتها،لكنها تبدي الاحترام التام للانسان الآخر و الشارع معا،ناهيك عن الاحترام الذي نبديه لأساتذتنا و معلمينا و كبار السن منا،فمنظومة الاحترام شاملة،أي حينما تحترم الشارع لابد أنك تحترم الآخرين،فقد كنا حتى وقت قريب نخجل من أن نمر فى الشارع الذى يسكن فيه أستاذنا،احتراما له،لا لشيء آخر،و ثمة الكثير من القيم التي افتقدناها،فأثّرت سلبا في استخدامنا للشارع،و شاعت مظاهر سلوكية تنم عن الانانية و تفضيل الذات،و حين تغيرت تلك الجماليات و الأخلاق،بدأنا نرمى بالعيب على الزمن،كما يقول الشاعر:
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
و من يرصد ما يجري اليوم في الشارع العراقي،سيلاحظ بوضوح بعض المظاهر المؤسفة،خاصة ما يحدث من اصحاب السيارات الخاصة و سواها،فالكل يريد أن يتقدم على غيره،و كأننا في ساحة سباق،كما أن طريقة إيقاف السيارة في هذا المكان أو ذاك، تدل على عدم التفكير بالآخرين،و هذا ما يمكن ملاحظته يوميا في معظم الشوارع العامة،أما القول بأن رجل المرور يجب أن يضبط السير و الوقوف و ما الى ذلك،فإن الامر لا يتعلق برجل المرور بل بالذات أولا،لأن كل فرد مسؤول عن سلوكه، و عليه أن يصححه و يراقب نفسه دائما،و يفكر بغيره دائما.
لذا مطلوب أن نتعاون لكي نحافظ على قيم الاحترام المعهودة،و منها ما يتعلق باستخدامنا للشارع العام،و تقديم الاحترام على كل شيء،حفاظا على شخصياتنا و انسانيتنا،فمن المهم جدا أن نتحلى بالمسؤولية تجاه الآخر،و نفكر بما يريحه و يساعده على خلق الحياة اليومية المناسبة و السهلة في آن،لأن التفكير بالآخر يعني القضاء على الكثير من المشكلات،و اذا اصبح هذا النوع من السلوك سمة غالبة في المجتمع،فهذا دليل على عمق العلاقات المتبادلة بين الافراد و الجماعات،و من ثم نجاح المجتمع في بلورة تقاليد جيدة تنتشر بين الناس جميعا،منها و ربما أهمها،إحترام الشارع من لدن الجميع.
شبكة النبأ المعلوماتية-29/نيسان/2012 - 7/جمادى الآخر/1433
.........
الشارع مكان عام،يتشارك في ملكه الجميع،و يتحركون من خلاله لقضاء أعمالهم المختلفة،و نتيجة لذلك،يحدث الاحتكاك،بين هؤلاء الناس الذين يتمتعون بمستويات ثقافية و ذهنية متفاوتة،فتظهر الى العلن،أذواقهم و أخلاقهم و كلماتهم،بمعنى أدق تظهر شخصياتهم بوضوح للآخرين،على شكل سلوك و كلمات،منها ما يبدي الاحترام للشارع،و منها العكس تماما.
لذلك تكونت مجموعة من القيم و الاخلاقيات التي تنظّم تواجد الناس في الشارع و استخدامهم له، لأن الجميع يحتاج الى الشارع رواحا و مجيئا،يقول احد الكتاب (فى الزمن الجميل كنا نسمع كلمات افتقدناها هذه الأيام،كان الرجل يقول إذا طلب شيئا أو استفسر عنه «من فضلك» أو «بعد إذنك» و عند النداء يقرنه بما يفيد التوقير و الاحترام مثل «يا أخى» «يا أستاذ» «يا أختى» و لمن يكبره سنا «يا عمى» «يا خالة» و إذا أخطأ يقول «آسف» «سامحنى لم أقصد».
و إذا سألت عن مكان شارع أو بيت تجد من يقوم بتوصيلك و إذا لم يعرف يعاونك فى سؤال الآخرين. و فى وسائل المواصلات نجد الصغير يترك مكانه للشيخ العجوز و المرأة و المريض)،هذه القيم دليل على تحضّر و تمدّن المجتمع،و هي شبكة او منظومة متشعبة،لم تنبنِ في يوم و ليلة،إنها تراكم قيمي تطلّب من شرائح و مكونات المجتمع قرونا متعاقبة،لكي تترسخ هذه القيم و تنظّم استخدام الشارع بالصورة الصحيحة،و يقول الكاتب نفسه (كان المنديل القطنى جزءا لا يتجزأ من شخصية الإنسان،يستعين به إذا أراد أن يبصق،بدلاً من البصق فى الشارع و الطرقات،و كان الاهتمام بالخضرة و الورود و غرس الأشجار فى الشوارع و النوافذ و فوق الأسطح باديا،و الآن صارت تلال القمامة تملأ كل شبر فى بلدنا).
و قد أثبت علم الاجتماع أن سلوك الانسان في الشارع العام،يعكس دواخله و طبيعة شخصيته،لذا فمن يحترم الشارع و يستخدمه بصورة محترمة،فهو بذلك يحترم نفسه أولا،و هذا دليل قاطع على رصانة شخصيته و توازنها،ناهيك عن تحليه بمستوى عال من الوعي و الثقافة و الانسانية،و قد أظهرت - مثلا- كثير من الدراسات المعنية بالسلوك الفردي،علاقة وثيقة بين شخصية الانسان و طريقة قيادته للسيارة،لذا ظهرت المقولة ذائعة الصيت (السياقة فن و ذوق و أخلاق)،كذلك هناك قيم اجتماعية على بساطتها،لكنها تبدي الاحترام التام للانسان الآخر و الشارع معا،ناهيك عن الاحترام الذي نبديه لأساتذتنا و معلمينا و كبار السن منا،فمنظومة الاحترام شاملة،أي حينما تحترم الشارع لابد أنك تحترم الآخرين،فقد كنا حتى وقت قريب نخجل من أن نمر فى الشارع الذى يسكن فيه أستاذنا،احتراما له،لا لشيء آخر،و ثمة الكثير من القيم التي افتقدناها،فأثّرت سلبا في استخدامنا للشارع،و شاعت مظاهر سلوكية تنم عن الانانية و تفضيل الذات،و حين تغيرت تلك الجماليات و الأخلاق،بدأنا نرمى بالعيب على الزمن،كما يقول الشاعر:
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
و من يرصد ما يجري اليوم في الشارع العراقي،سيلاحظ بوضوح بعض المظاهر المؤسفة،خاصة ما يحدث من اصحاب السيارات الخاصة و سواها،فالكل يريد أن يتقدم على غيره،و كأننا في ساحة سباق،كما أن طريقة إيقاف السيارة في هذا المكان أو ذاك، تدل على عدم التفكير بالآخرين،و هذا ما يمكن ملاحظته يوميا في معظم الشوارع العامة،أما القول بأن رجل المرور يجب أن يضبط السير و الوقوف و ما الى ذلك،فإن الامر لا يتعلق برجل المرور بل بالذات أولا،لأن كل فرد مسؤول عن سلوكه، و عليه أن يصححه و يراقب نفسه دائما،و يفكر بغيره دائما.
لذا مطلوب أن نتعاون لكي نحافظ على قيم الاحترام المعهودة،و منها ما يتعلق باستخدامنا للشارع العام،و تقديم الاحترام على كل شيء،حفاظا على شخصياتنا و انسانيتنا،فمن المهم جدا أن نتحلى بالمسؤولية تجاه الآخر،و نفكر بما يريحه و يساعده على خلق الحياة اليومية المناسبة و السهلة في آن،لأن التفكير بالآخر يعني القضاء على الكثير من المشكلات،و اذا اصبح هذا النوع من السلوك سمة غالبة في المجتمع،فهذا دليل على عمق العلاقات المتبادلة بين الافراد و الجماعات،و من ثم نجاح المجتمع في بلورة تقاليد جيدة تنتشر بين الناس جميعا،منها و ربما أهمها،إحترام الشارع من لدن الجميع.
شبكة النبأ المعلوماتية-29/نيسان/2012 - 7/جمادى الآخر/1433