هل الإعلام العربي يعكس الواقع؟
د. طارق سيف.
.........
لا أحد ينكر مدى تأثير وسائل الإعلام،خاصة المرئية منها و الإلكترونية،على المتلقي أيّاً كان عمره و مستوى تعليمه و ثقافته و لا يستطيع أحد أن ينكر أيضاً أن للإعلام رسالة مجتمعية بجانب رسالته الترفيهية،حيث يتركز دوره في التثقيف بمفهومه الشامل،و في صياغة الرأي العام تجاه القضايا المهمة سواء الداخلية أو الخارجية،و هذا بالطبع لا ينفي دوره الترفيهي لتخفيف المعاناة اليومية و الظروف المعيشية للمتلقي،فيحافظ بذلك على صفحته "الثقافية- النفسية"، لذلك فإن وسائل الإعلام لا تنفصل عن واقعها و بيئتها و مجتمعها،لأنها تعبر عن هذا الواقع و ذاك المجتمع بصدق و شفافية،رغم الإبداع المطلوب و الخيال اللازمين في بعض الأحيان.
و لكن ليس هناك أدنى شك في أن المشهد الإعلامي الراهن لا يمثل بأي حال الواقع العربي بأوضاعه كلها،السياسية و الاقتصادية و الأمنية و الاجتماعية و الثقافية و التقنية،بعد أن استمرأ الاستنساخ من الإعلام الأجنبي،و قرر التركيز على التسلية و الترفيه بغير وعي أو إدراك لانعكاسات ذلك على المتلقي العربي أو تداعياته المستقبلية.
فالمحتوى الإعلامي في معظم وسائل الإعلام العربية،من مرئية و مسموعة و مقروءة،متخمٌ بأشكال من التسلية الغثة و الرخيصة التي يتعاظم فيها "الإمتاع الحسي" على حساب اكتساب المعرفة و تنمية العقل و بناء الشخصية السوية و حتى في صفحات الرأي أو البرامج الحوارية،بات الهدف هو التسلية أيضاً دون عمق التناول أو واقعية العرض.
و إذ كان البعض يعزو التردي الإعلامي العربي إلى أنه انعكاس طبيعي لما عليه المجتمعات العربية، فهو مخطئ،لأن ما يعانيه المواطن العربي في يومه و ليلته يخالف بصورة كاملة و شاملة ما يراه أو يقرؤه أو يستمع إليه من وسائل الإعلام العربية.
ففي الوقت الذي تعاني فيه معظم المجتمعات العربية فقراً و حرماناً و تدنياً في مستوى المعيشة، فإن معظم وسائل الإعلام العربي تعاني فقراً في مضمون و محتوى المنتج،و فقراً أكبر في القيم و المبادئ،و تدني مستوى الأخلاق.
و بينما يواجه المجتمع العربي انتشار الأمية و ارتفاع نسب البطالة،فإن وسائل الإعلام تعاني "الأمية الإعلامية" من افتقاد القدرة على التعامل مع أدوات العصر و إمكانياته و إدراك ما توفره من أساليب و طرق حديثة في التعامل مع الرأي العام،مما جعل الإعلام العربي يتمسك بالقشور و السطحية ليواكب التطورات في وسائل الإعلام و طرق إدارته،كما تنتشر بطالة مُقنَّعة خاصة في أوساط القائمين على البرامج "الهابطة" و المعتمدين على "الاستنساخ" من وسائل الإعلام الأجنبية،لأن الإعلام في حاجة إلى إبداع،و من يفتقد هذا الإبداع يصبح عالة على الإعلام.
........
و إذا كان المواطن العربي يعاني في بعض الدول ضعف الخدمات المعيشية و الحكومية،فإن وسائل إعلامه تعاني ضعف الأداء و قلة الكفاءات و تدني مستوى الإدارة،و إذا كنا نتهم المجتمع العربي بحقيقة مصادرته لحقوق المرأة فإن وسائل الإعلام العربية تصادر حق المتلقي في التثقيف و الترفيه، و أن يكون لهذه الوسائل دور مؤثر و فعال في حياته،و تعبر بصدق عن واقعه.
و إذا كانت حقوق الإنسان العربي مهدورة في كثير من الدول العربية نتيجة لوجود سقف محدد للحريات تتحطم عنده كثير من هذه الحقوق،فإن لدى وسائل الإعلام العربية قدراً من الحرية يتجاوز كل الأسقف طالما ظلت بعيدة عن "الذات الحكومية"،و نقد الواقع المعايش،و تجنبت التعرض لأصحاب الوسيلة الإعلامية و المساهمين فيها و أقاربهم و أصدقائهم،و كل ما يمتُّ لهم بصلة.
و إذا كان المواطن العربي يتعرض لتسلط سياسي و إداري،من حكومته و رب عمله،و أحياناً أسرته و ذويه،فإن وسائل الإعلام على أنواعها تخضع للتسلط الإعلاني و التجاري،فهي أسيرة الإعلانات و الدعاية لكافة السلع و المنتجات و الخدمات،دون أدنى اهتمام بمدى الاستفزاز الذي تمثله للمتلقي الذي لا يستطيع دخله أن يوفر له الكفاف من الحياة.
و إذا كان الواقع العربي يفتقر إلى المساواة و التنافس الشريف و يعتمد على الوساطة و الرشوة في معظم الظروف،فإن الواقع الإعلامي يعتمد على التنافس في تكرار الموضوعات و البرامج و التسابق في الاستيلاء على أموال المتلقي،خاصة المشاهد "للفضائحيات"،و مواقفه و بث الفرقة بين تركيبة مجتمعه،فهو تنافس يلعب على أوتار آلام و معاناة الشعوب العربية،و يجترح القضايا و الموضوعات التي تزيد منه.
و إذا كان المواطن العربي يجتر مشكلاته نتيجة انتشار الفساد الإداري،فإن وسائل الإعلام تعاني "الفساد الترفيهي" و "فساد الذوق" فيما تتناوله من موضوعات يراد بها التخفيف من معاناة المواطن العربي،بدلاً من أن تفضح الفساد الإداري،و تزيد من الوعي الشعبي لمقاومته.
.........
إتساع الفجوة بين ما تعرضه وسائل الإعلام العربية و واقع المواطن العادي.
لقد اتسعت الفجوة بين ما تعرضه وسائل الإعلام العربية و واقع المواطن العادي،و اقتصر عمل معظم وسائل الإعلام على عرض الجزء المظلم فقط من الصورة الواقعية لبعض الأحداث المأساوية في العراق و فلسطين فقط،من قتل و تدمير و تشريد،و لم تتعد ذلك إلى عرض الصورة الأشمل بشقيها السلبي و الإيجابي،فضلاً عن وضوح تحيز وسائل إعلامية لدول أو جهات أو شخصيات بعينها،مما يفقدها مصداقيتها و شفافيتها.
و يجب ألا نغفل دور الجمهور المتلقي الذي يتسم بالسلبية تجاه ما يشهده من وسائل الإعلام،بل إنه أحياناً يكون مشجعاً على استمرارها في غيها،من خلال إقدامه على تلبية دعوة "الفضائحيات" للمشاركة بالرسائل القصيرة،أو شراء ما تصدره المؤسسات الصحفية الغث منها و الثمين.
لقد أدت الفجوة بين الواقع المعايش و "التسلط الإعلامي" الترفيهي و الثقافي و الإخباري إلى حدوث تداعيات مهمة تؤثر في صميم التركيبة "النفسية - الثقافية" للمتلقي،ليس أقلها "الاغتراب السياسي" أو "المجتمعي"،بل تكمن في تحطيم الهوية الوطنية و إضعاف المواطنة،و تراجع المستوى الثقافي،و تدني التفاعل مع القضايا الوطنية،و تزييف الوعي،و زيادة مساحة الغلو و التطرف، و الدفع في اتجاه الانفصال بين المواطن و واقعه،و بناء "الفرد الاستهلاكي".
..........
إعلام إخباري و ترفيهي.
و إذا كان البعض يفضل تقسيم الإعلام إلى إخباري و ترفيهي،و أن الأول قد تطور بصورة لافتة،و أن الأخير لا يزال يتلمس طريقه في ظل عصر عولمة الإعلام،فإن المأساة تكمن في كلا النوعين،حيث توجد شروخ أفقية و رأسية،و تتمثل الشروخ الأفقية في أنه رغم نجاح وسائل الإعلام العربية في نشر الوعي العابر للحدود،فإنها ركزت على الاستفادة التجارية إلى أقصى حد سواء من خلال الإعلان أو دفع المشاهد إلى المشاركة بالرسالة أو الهاتف،الأمر الذي يعمِّق الفجوة بين المتلقين،و يروِّج لثقافة الاستهلاك،و ابتذال المشاعر الإنسانية.
أما الشروخ الرأسية،فنجد أنه رغم كسر كثير من وسائل الإعلام العربية لبعض أسقف حرية التعبير،و تحطيم "تابوهات" سياسية عدة،فإنها أدت إلى تنامي الشعور باللامبالاة،و عدم الاكتراث العام بالأحداث،فمتابع أي برامج حوارية يجدها تتسم بالزعيق و الإثارة،و أي مقالة للرأي تنضح بالشخصنة و المصالح الخاصة و التحيز التام،و لا تمنح الفرصة لتكوين رأي عام تجاه ما يحدث.
............
لقد بات الإعلام العربي يتعامل مع المتلقي "كزبون" لديه رغبات و طلبات و توجهات تحتاج إلى أن تُشبع،و ما على الوسيلة الإعلامية إلا أن تشبعها دون الالتفات إلى أضرار ذلك على المدى البعيد.
نحن لا نطالب الإعلام العربي بأكثر من طاقته أو بما لا يستطيعه،بل نطالبه بالتوقف عن تسويق الأوهام و بث الشعارات الزائفة،و الكف عن تحويل الثقافة إلى تسلية غير مجدية أو هادفة،و هذا لن يتحقق سوى بتحديد الأولويات و الاتفاق على الهدف من هذه الوسائل،و تحرير الإعلام العربي من قبضة الهواة و الأدعياء.
.......
المصدر:الإتحاد الإماراتية-2-9-2008
مـعـهـد الإمـام الـشـيرازي الـدولي للـدراسـات - واشــنطن.
د. طارق سيف.
.........
لا أحد ينكر مدى تأثير وسائل الإعلام،خاصة المرئية منها و الإلكترونية،على المتلقي أيّاً كان عمره و مستوى تعليمه و ثقافته و لا يستطيع أحد أن ينكر أيضاً أن للإعلام رسالة مجتمعية بجانب رسالته الترفيهية،حيث يتركز دوره في التثقيف بمفهومه الشامل،و في صياغة الرأي العام تجاه القضايا المهمة سواء الداخلية أو الخارجية،و هذا بالطبع لا ينفي دوره الترفيهي لتخفيف المعاناة اليومية و الظروف المعيشية للمتلقي،فيحافظ بذلك على صفحته "الثقافية- النفسية"، لذلك فإن وسائل الإعلام لا تنفصل عن واقعها و بيئتها و مجتمعها،لأنها تعبر عن هذا الواقع و ذاك المجتمع بصدق و شفافية،رغم الإبداع المطلوب و الخيال اللازمين في بعض الأحيان.
و لكن ليس هناك أدنى شك في أن المشهد الإعلامي الراهن لا يمثل بأي حال الواقع العربي بأوضاعه كلها،السياسية و الاقتصادية و الأمنية و الاجتماعية و الثقافية و التقنية،بعد أن استمرأ الاستنساخ من الإعلام الأجنبي،و قرر التركيز على التسلية و الترفيه بغير وعي أو إدراك لانعكاسات ذلك على المتلقي العربي أو تداعياته المستقبلية.
فالمحتوى الإعلامي في معظم وسائل الإعلام العربية،من مرئية و مسموعة و مقروءة،متخمٌ بأشكال من التسلية الغثة و الرخيصة التي يتعاظم فيها "الإمتاع الحسي" على حساب اكتساب المعرفة و تنمية العقل و بناء الشخصية السوية و حتى في صفحات الرأي أو البرامج الحوارية،بات الهدف هو التسلية أيضاً دون عمق التناول أو واقعية العرض.
و إذ كان البعض يعزو التردي الإعلامي العربي إلى أنه انعكاس طبيعي لما عليه المجتمعات العربية، فهو مخطئ،لأن ما يعانيه المواطن العربي في يومه و ليلته يخالف بصورة كاملة و شاملة ما يراه أو يقرؤه أو يستمع إليه من وسائل الإعلام العربية.
ففي الوقت الذي تعاني فيه معظم المجتمعات العربية فقراً و حرماناً و تدنياً في مستوى المعيشة، فإن معظم وسائل الإعلام العربي تعاني فقراً في مضمون و محتوى المنتج،و فقراً أكبر في القيم و المبادئ،و تدني مستوى الأخلاق.
و بينما يواجه المجتمع العربي انتشار الأمية و ارتفاع نسب البطالة،فإن وسائل الإعلام تعاني "الأمية الإعلامية" من افتقاد القدرة على التعامل مع أدوات العصر و إمكانياته و إدراك ما توفره من أساليب و طرق حديثة في التعامل مع الرأي العام،مما جعل الإعلام العربي يتمسك بالقشور و السطحية ليواكب التطورات في وسائل الإعلام و طرق إدارته،كما تنتشر بطالة مُقنَّعة خاصة في أوساط القائمين على البرامج "الهابطة" و المعتمدين على "الاستنساخ" من وسائل الإعلام الأجنبية،لأن الإعلام في حاجة إلى إبداع،و من يفتقد هذا الإبداع يصبح عالة على الإعلام.
........
و إذا كان المواطن العربي يعاني في بعض الدول ضعف الخدمات المعيشية و الحكومية،فإن وسائل إعلامه تعاني ضعف الأداء و قلة الكفاءات و تدني مستوى الإدارة،و إذا كنا نتهم المجتمع العربي بحقيقة مصادرته لحقوق المرأة فإن وسائل الإعلام العربية تصادر حق المتلقي في التثقيف و الترفيه، و أن يكون لهذه الوسائل دور مؤثر و فعال في حياته،و تعبر بصدق عن واقعه.
و إذا كانت حقوق الإنسان العربي مهدورة في كثير من الدول العربية نتيجة لوجود سقف محدد للحريات تتحطم عنده كثير من هذه الحقوق،فإن لدى وسائل الإعلام العربية قدراً من الحرية يتجاوز كل الأسقف طالما ظلت بعيدة عن "الذات الحكومية"،و نقد الواقع المعايش،و تجنبت التعرض لأصحاب الوسيلة الإعلامية و المساهمين فيها و أقاربهم و أصدقائهم،و كل ما يمتُّ لهم بصلة.
و إذا كان المواطن العربي يتعرض لتسلط سياسي و إداري،من حكومته و رب عمله،و أحياناً أسرته و ذويه،فإن وسائل الإعلام على أنواعها تخضع للتسلط الإعلاني و التجاري،فهي أسيرة الإعلانات و الدعاية لكافة السلع و المنتجات و الخدمات،دون أدنى اهتمام بمدى الاستفزاز الذي تمثله للمتلقي الذي لا يستطيع دخله أن يوفر له الكفاف من الحياة.
و إذا كان الواقع العربي يفتقر إلى المساواة و التنافس الشريف و يعتمد على الوساطة و الرشوة في معظم الظروف،فإن الواقع الإعلامي يعتمد على التنافس في تكرار الموضوعات و البرامج و التسابق في الاستيلاء على أموال المتلقي،خاصة المشاهد "للفضائحيات"،و مواقفه و بث الفرقة بين تركيبة مجتمعه،فهو تنافس يلعب على أوتار آلام و معاناة الشعوب العربية،و يجترح القضايا و الموضوعات التي تزيد منه.
و إذا كان المواطن العربي يجتر مشكلاته نتيجة انتشار الفساد الإداري،فإن وسائل الإعلام تعاني "الفساد الترفيهي" و "فساد الذوق" فيما تتناوله من موضوعات يراد بها التخفيف من معاناة المواطن العربي،بدلاً من أن تفضح الفساد الإداري،و تزيد من الوعي الشعبي لمقاومته.
.........
إتساع الفجوة بين ما تعرضه وسائل الإعلام العربية و واقع المواطن العادي.
لقد اتسعت الفجوة بين ما تعرضه وسائل الإعلام العربية و واقع المواطن العادي،و اقتصر عمل معظم وسائل الإعلام على عرض الجزء المظلم فقط من الصورة الواقعية لبعض الأحداث المأساوية في العراق و فلسطين فقط،من قتل و تدمير و تشريد،و لم تتعد ذلك إلى عرض الصورة الأشمل بشقيها السلبي و الإيجابي،فضلاً عن وضوح تحيز وسائل إعلامية لدول أو جهات أو شخصيات بعينها،مما يفقدها مصداقيتها و شفافيتها.
و يجب ألا نغفل دور الجمهور المتلقي الذي يتسم بالسلبية تجاه ما يشهده من وسائل الإعلام،بل إنه أحياناً يكون مشجعاً على استمرارها في غيها،من خلال إقدامه على تلبية دعوة "الفضائحيات" للمشاركة بالرسائل القصيرة،أو شراء ما تصدره المؤسسات الصحفية الغث منها و الثمين.
لقد أدت الفجوة بين الواقع المعايش و "التسلط الإعلامي" الترفيهي و الثقافي و الإخباري إلى حدوث تداعيات مهمة تؤثر في صميم التركيبة "النفسية - الثقافية" للمتلقي،ليس أقلها "الاغتراب السياسي" أو "المجتمعي"،بل تكمن في تحطيم الهوية الوطنية و إضعاف المواطنة،و تراجع المستوى الثقافي،و تدني التفاعل مع القضايا الوطنية،و تزييف الوعي،و زيادة مساحة الغلو و التطرف، و الدفع في اتجاه الانفصال بين المواطن و واقعه،و بناء "الفرد الاستهلاكي".
..........
إعلام إخباري و ترفيهي.
و إذا كان البعض يفضل تقسيم الإعلام إلى إخباري و ترفيهي،و أن الأول قد تطور بصورة لافتة،و أن الأخير لا يزال يتلمس طريقه في ظل عصر عولمة الإعلام،فإن المأساة تكمن في كلا النوعين،حيث توجد شروخ أفقية و رأسية،و تتمثل الشروخ الأفقية في أنه رغم نجاح وسائل الإعلام العربية في نشر الوعي العابر للحدود،فإنها ركزت على الاستفادة التجارية إلى أقصى حد سواء من خلال الإعلان أو دفع المشاهد إلى المشاركة بالرسالة أو الهاتف،الأمر الذي يعمِّق الفجوة بين المتلقين،و يروِّج لثقافة الاستهلاك،و ابتذال المشاعر الإنسانية.
أما الشروخ الرأسية،فنجد أنه رغم كسر كثير من وسائل الإعلام العربية لبعض أسقف حرية التعبير،و تحطيم "تابوهات" سياسية عدة،فإنها أدت إلى تنامي الشعور باللامبالاة،و عدم الاكتراث العام بالأحداث،فمتابع أي برامج حوارية يجدها تتسم بالزعيق و الإثارة،و أي مقالة للرأي تنضح بالشخصنة و المصالح الخاصة و التحيز التام،و لا تمنح الفرصة لتكوين رأي عام تجاه ما يحدث.
............
لقد بات الإعلام العربي يتعامل مع المتلقي "كزبون" لديه رغبات و طلبات و توجهات تحتاج إلى أن تُشبع،و ما على الوسيلة الإعلامية إلا أن تشبعها دون الالتفات إلى أضرار ذلك على المدى البعيد.
نحن لا نطالب الإعلام العربي بأكثر من طاقته أو بما لا يستطيعه،بل نطالبه بالتوقف عن تسويق الأوهام و بث الشعارات الزائفة،و الكف عن تحويل الثقافة إلى تسلية غير مجدية أو هادفة،و هذا لن يتحقق سوى بتحديد الأولويات و الاتفاق على الهدف من هذه الوسائل،و تحرير الإعلام العربي من قبضة الهواة و الأدعياء.
.......
المصدر:الإتحاد الإماراتية-2-9-2008
مـعـهـد الإمـام الـشـيرازي الـدولي للـدراسـات - واشــنطن.