كيف يتميز الانسان في صراع الحياة؟
مئة كلمة و كلمة في قواعد الحياة.
...........
الحياة قاعة امتحان!، و هي ايضا طريق عبور الى حياة اخرى،أرقى و أهم و أكثر اتساعا و عمقا و آفاقا،من حياتنا هذه،من يفشل في هذه الحياة،او في هذا الامتحان،لا يمكنه قطع الطريق بنجاح الى الدار الاخرى،لذلك ينبغي على الانسان أن يتحصّل على صفات و ملكات تساعده على قطع الطريق الصعب و الشاق بنجاح مضمون.
في كتاب نهج البلاغة للامام علي بن ابي طالب،نجد ضالتنا،و نحصل على الادوات و الخطوات و النصائح الاكيدة التي تساعدنا على امتلاك الصفات و الدوافع التي تدفعنا الى الأمام،من اجل تحقيق الضمان الاكيد للعبور،من حياتنا الاولى الشاقة،الى الحياة الاخرى،لكي يضمن الانسان له فرصة الوجود و العبور الى الحياة الاخرى.
.......
صفات و مَلَكات الفوز.
ورد في كتاب نهج البلاغة أن (الْعَجْزُ آفَةٌ وَ الصَّبْرُ شَجَاعَةٌ وَ الزُّهْدُ ثَرْوَةٌ وَ الْوَرَعُ جُنَّةٌ وَ نِعْمَ الْقَرِينُ الرِّضَى).
عندما نلاحظ هذا القول سنكتشف صفات لها معاني مختلفة،فالعجز يمكن ان يصيب الانسان في حالات معينة،و هذا يعني عواقب وخيمة عليه،تجعله في المرتبة الاسفل او في قعر الحياة،فضلا عن فشله الاكيد في تحقيق درجة العبور الى العالم الاخر بنجاح،أي ان العجز سوف يؤدي بالانسان الى فشل اكيد في الامتحان الذي تفرضه عليه الحياة الاولى،و تستدعي منه أن يتجاوزه بنجاح،لذلك يصفه الامام علي بوصف دقيق و خطير عندما يقول عن العجز بأنه (آفة)،لأن الآفة تأكل الاخضر و اليابس معا،بمعنى ادق حتى لو كانت هناك محاسن معينة عند الانسان فالعجز كفيل بأن يسحقها و يدمرها بصورة كلية،و يبقى الانسان العاجز صفرا على الشمال بلا أدنى قيمة تذكر.
لذلك يأتي في قول آخر للامام في نهج البلاغة ايضا: (أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الْإِخْوَانِ وَ أَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ).
و هذا يؤكد لنا ان العجز لا يتعلق بالعمل فقط و لا الجهد العضلي او الفكري،بل يتعلق بطريقة حياة الانسان برمتها،و تعامله مع الاخرين،و مدى قدرته على النجاح في كسب قلوبهم او العكس.
و هناك الصبر الذي يختلف تماما عن العجز،و لذلك وصفه الامام بأرقى الصفات الانسانية و هي الشجاعة،نعم ان الانسان الصبور شجاع قطعا،و هو مختلف تماما عن الانسان العاجز، لذلك نجد ان الانسان القادر على تحمل الصابر في حالة فوز دائم على الصعاب،و هو عابر لا محالة الى الدار الاخرى بنجاح،كونه يمتلك اهم الصفات التي تعينه على تحقيق النجاح المطلوب،ألا و هو الصبر.
كذلك ترد في قول امير المؤمنين صفة الزهد،و هي قد تكون ملكة ايضا،و لكن الزهد انواع و درجات ايضا،و أفضل الزهد هو الذي يعيشه الانسان و يتمسك به من دون أن يعلنه على الملأ،او يتبجح به،او يحاول من خلاله التباهي و الترفع و ما شابه،إذ يرد في قول للامام ((أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ).
لذا فإن الانسان الذي يجعل من الزهد طريقا غير معلن لحياته هو الافضل من غيره.
و اذا رافقها الورع،أي مخافة الله و التمسك بثوابت الدين و تعاليمه السمحاء، فإن النجاح في الحياة الاولى يصبح امرا لا جدال فيه قط.
.....
التوافق مع الذات.
لاشك أن تركيبة الانسان النفسية و التكوينية بشكل عام،تنطوي على درجات متباينة من التوافق و المصالحة مع الذات،بل هناك اناس يرفضون الصلح بشكل تام مع ذواتهم،الامر الذي يجعل الانسان في حالة صراع دائم مع الذات،و هذا يجعل حياته في قمة البؤس و القلق،لذلك مطلوب أن نرضى عن انفسنا و نتوافق مع ذواتنا،و نتعلم كيف نحقق هذا الهدف من خلال السعي و الصبر و البحث الدائم عن سبل و وسائل الرضى.
و يتطلب التصالح مع الذات نوعا من تحقيق الاهداف الجيدة التي يسعى الى تحقيقها الانسان وفق سبل مشروعة و مقبولة شرعيا و عرفيا و اخلاقيا،و هذا بدوره يتطلب شخصية قوية صادقة لها همّة عالية و مروءة و شجاعة،قادرة على ان تمنع النفس من السقوط في وحل الرغائب و اهواء النفس و غرائزها الضاغطة.
لذلك يقول أمير المؤمنين في نهج البلاغة حول هذا الموضوع: (قَدْرُ الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ وَ صِدْقُهُ عَلَى قَدْرِ مُرُوءَتِهِ وَ شَجَاعَتُهُ عَلَى قَدْرِ أَنَفَتِهِ وَ عِفَّتُهُ عَلَى قَدْرِ غَيْرَتِهِ).
و بهذا يتساوى قدر او قيمة الانسان مع قدر همته،أما صدقه فهو يتسق مع مروءته،فيما تكون درجة شجاعته متسقة و متوافقة مع قدر أنفته و ترفعه على الصغائر التي تطيح بالنفوس الضعيفة في الغالب،و يؤكد الامام على ان عفّة الانسان تأتي على قدر غيرته.
و هكذا نلاحظ ان ثمة جملة من الصفات و الملكات،تتيح للانسان ان يتميز على غيره في حياته الاولى،و قدرته على تحقيق النجاح فيها،و عبوره الى الدار الاخرى بنجاح مضمون،و لك عليه أن يكون اهلا لهذا النجاح الصعب الذي لا يتمكن من تحقيقه،إلا من هو حاصل على السمات و الصفات و الملكات التي تؤهله فعلا و تمكنه من تحقيق النجاح المطلوب.
الخلاصة ينبغي على الانسان أن يسعى الى التوافق مع الذات،و الى السير في حياته وفق سبل و مبادئ واضحة،تساعده على المضيّ فيها،عناصر و صفات،عليه أن يحققها و يبنيها في ذاته اولا،بصبر و صدق و شجاعة و زهد و رضى..بعيدا عن العجز و التكاسل.
........
شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/حزيران/2013
مئة كلمة و كلمة في قواعد الحياة.
...........
الحياة قاعة امتحان!، و هي ايضا طريق عبور الى حياة اخرى،أرقى و أهم و أكثر اتساعا و عمقا و آفاقا،من حياتنا هذه،من يفشل في هذه الحياة،او في هذا الامتحان،لا يمكنه قطع الطريق بنجاح الى الدار الاخرى،لذلك ينبغي على الانسان أن يتحصّل على صفات و ملكات تساعده على قطع الطريق الصعب و الشاق بنجاح مضمون.
في كتاب نهج البلاغة للامام علي بن ابي طالب،نجد ضالتنا،و نحصل على الادوات و الخطوات و النصائح الاكيدة التي تساعدنا على امتلاك الصفات و الدوافع التي تدفعنا الى الأمام،من اجل تحقيق الضمان الاكيد للعبور،من حياتنا الاولى الشاقة،الى الحياة الاخرى،لكي يضمن الانسان له فرصة الوجود و العبور الى الحياة الاخرى.
.......
صفات و مَلَكات الفوز.
ورد في كتاب نهج البلاغة أن (الْعَجْزُ آفَةٌ وَ الصَّبْرُ شَجَاعَةٌ وَ الزُّهْدُ ثَرْوَةٌ وَ الْوَرَعُ جُنَّةٌ وَ نِعْمَ الْقَرِينُ الرِّضَى).
عندما نلاحظ هذا القول سنكتشف صفات لها معاني مختلفة،فالعجز يمكن ان يصيب الانسان في حالات معينة،و هذا يعني عواقب وخيمة عليه،تجعله في المرتبة الاسفل او في قعر الحياة،فضلا عن فشله الاكيد في تحقيق درجة العبور الى العالم الاخر بنجاح،أي ان العجز سوف يؤدي بالانسان الى فشل اكيد في الامتحان الذي تفرضه عليه الحياة الاولى،و تستدعي منه أن يتجاوزه بنجاح،لذلك يصفه الامام علي بوصف دقيق و خطير عندما يقول عن العجز بأنه (آفة)،لأن الآفة تأكل الاخضر و اليابس معا،بمعنى ادق حتى لو كانت هناك محاسن معينة عند الانسان فالعجز كفيل بأن يسحقها و يدمرها بصورة كلية،و يبقى الانسان العاجز صفرا على الشمال بلا أدنى قيمة تذكر.
لذلك يأتي في قول آخر للامام في نهج البلاغة ايضا: (أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الْإِخْوَانِ وَ أَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ).
و هذا يؤكد لنا ان العجز لا يتعلق بالعمل فقط و لا الجهد العضلي او الفكري،بل يتعلق بطريقة حياة الانسان برمتها،و تعامله مع الاخرين،و مدى قدرته على النجاح في كسب قلوبهم او العكس.
و هناك الصبر الذي يختلف تماما عن العجز،و لذلك وصفه الامام بأرقى الصفات الانسانية و هي الشجاعة،نعم ان الانسان الصبور شجاع قطعا،و هو مختلف تماما عن الانسان العاجز، لذلك نجد ان الانسان القادر على تحمل الصابر في حالة فوز دائم على الصعاب،و هو عابر لا محالة الى الدار الاخرى بنجاح،كونه يمتلك اهم الصفات التي تعينه على تحقيق النجاح المطلوب،ألا و هو الصبر.
كذلك ترد في قول امير المؤمنين صفة الزهد،و هي قد تكون ملكة ايضا،و لكن الزهد انواع و درجات ايضا،و أفضل الزهد هو الذي يعيشه الانسان و يتمسك به من دون أن يعلنه على الملأ،او يتبجح به،او يحاول من خلاله التباهي و الترفع و ما شابه،إذ يرد في قول للامام ((أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ).
لذا فإن الانسان الذي يجعل من الزهد طريقا غير معلن لحياته هو الافضل من غيره.
و اذا رافقها الورع،أي مخافة الله و التمسك بثوابت الدين و تعاليمه السمحاء، فإن النجاح في الحياة الاولى يصبح امرا لا جدال فيه قط.
.....
التوافق مع الذات.
لاشك أن تركيبة الانسان النفسية و التكوينية بشكل عام،تنطوي على درجات متباينة من التوافق و المصالحة مع الذات،بل هناك اناس يرفضون الصلح بشكل تام مع ذواتهم،الامر الذي يجعل الانسان في حالة صراع دائم مع الذات،و هذا يجعل حياته في قمة البؤس و القلق،لذلك مطلوب أن نرضى عن انفسنا و نتوافق مع ذواتنا،و نتعلم كيف نحقق هذا الهدف من خلال السعي و الصبر و البحث الدائم عن سبل و وسائل الرضى.
و يتطلب التصالح مع الذات نوعا من تحقيق الاهداف الجيدة التي يسعى الى تحقيقها الانسان وفق سبل مشروعة و مقبولة شرعيا و عرفيا و اخلاقيا،و هذا بدوره يتطلب شخصية قوية صادقة لها همّة عالية و مروءة و شجاعة،قادرة على ان تمنع النفس من السقوط في وحل الرغائب و اهواء النفس و غرائزها الضاغطة.
لذلك يقول أمير المؤمنين في نهج البلاغة حول هذا الموضوع: (قَدْرُ الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ وَ صِدْقُهُ عَلَى قَدْرِ مُرُوءَتِهِ وَ شَجَاعَتُهُ عَلَى قَدْرِ أَنَفَتِهِ وَ عِفَّتُهُ عَلَى قَدْرِ غَيْرَتِهِ).
و بهذا يتساوى قدر او قيمة الانسان مع قدر همته،أما صدقه فهو يتسق مع مروءته،فيما تكون درجة شجاعته متسقة و متوافقة مع قدر أنفته و ترفعه على الصغائر التي تطيح بالنفوس الضعيفة في الغالب،و يؤكد الامام على ان عفّة الانسان تأتي على قدر غيرته.
و هكذا نلاحظ ان ثمة جملة من الصفات و الملكات،تتيح للانسان ان يتميز على غيره في حياته الاولى،و قدرته على تحقيق النجاح فيها،و عبوره الى الدار الاخرى بنجاح مضمون،و لك عليه أن يكون اهلا لهذا النجاح الصعب الذي لا يتمكن من تحقيقه،إلا من هو حاصل على السمات و الصفات و الملكات التي تؤهله فعلا و تمكنه من تحقيق النجاح المطلوب.
الخلاصة ينبغي على الانسان أن يسعى الى التوافق مع الذات،و الى السير في حياته وفق سبل و مبادئ واضحة،تساعده على المضيّ فيها،عناصر و صفات،عليه أن يحققها و يبنيها في ذاته اولا،بصبر و صدق و شجاعة و زهد و رضى..بعيدا عن العجز و التكاسل.
........
شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/حزيران/2013