حساء ساخن لأوقات باردة
اسامة السيد
اسامة السيد
الحساء كلمة عربية الأصل، أطلقها العرب على كل ما يحتسيه الإنسان ويتناوله على شكل سائل. وكلمة حساء، لم تكن قديماً تطلق فقط على الحساء (الشوربة) بالمفهوم الحديث، وإنما كانت تطلق على أي شيء سائل، حتى رشفة الماء كانت تسمى حساء.
وإذا تدّرجنا بالكلمة، حساء، بعيداً عن المفهوم اللغوي وجدنا لها امتداداً هائلاً في المجتمعات العربية منذ القدم، فكانت رمزاً للكرم والضيافة. ذلك أن العرب كانوا إذا أتاهم ضَيف أكرموه فقدَموا له مرق اللحم لثلاثة أيام، وكان الغريب إذا رأى ناراً موقدة عن بعد، يتأكد من أن هناك حساءً يطهى، فيسير إلى حيث النار والحساء، ويستقبَل على الرحب والسعة.
وللشعوب الأخرى قديماً حكايات مع الحساء، نذكر على سبيل المثال سكان منطقة جنوب شرقي آسيا. فالحساء في الصين مثلاً كان رمزاً للثراء، وقد تعدّى مفهوم الحساء الأكل والشرب فدخل مجال الأدب والفن، خصوصاً في اليابان، فأبدع المصورون القدامى في رسم أطباق الحساء الساخن مع الأبخرة المتصاعدة منها، وكانت لها دلالات فنية متعددة يفهمها التشكيليون فقط وقتذاك.
وفي مجال العادات والتقاليد والموروثات الشعبية، نجد للحساء حضوره المتميز، فقد كان ولا يزال رمزاً للنماء والخصوبة، فقديماً كانت القبائل الأفريقية تعدّ الحساء كدليل على خصوبة النساء وقدرتهن على الإنجاب وبعض هذه القبائل كان يسكب الحساء سكباً أمام بيت العروس ليلة زفافها كرمز لإتمام الزواج.
واختلف مفهوم تقديم الحساء باختلاف العصور. ففي عصرنا السريع، يمكن تناوله بدلاً من قدح الشاي أو القهوة داخل المكتب أو أثناء قيادة السيارة وفي مواقع العمل، وذلك عن طريق العبوات الجاهزة.
وسيظل الحساء دوماً رمزاً لحفاوة واهتمام ربة البيت بأسرتها ومدعوّيها، فلم لا يتصدر الحساء موائدنا.. لنزداد دفئاً؟!
www.balagh.com
__________________