نقيضان في الجزائر: واردات نفطية ضخمة و شعب يعاني الفقر و الحرمان
..........
كما هو الحال في معظم بلدان المغرب العربي يعاني الجزائريون من نقص الخدمات وتدني المستوى المعاشي للفرد رغم ان الدولة تعتبر من اهم مصدّري النفط والغاز في العالم، والسبب كما هو واضح عدم فسح المجال امام مشاريع تنمية استراتيجية تحقق الرفاهية والازدهار وتبنّي نظام اقتصادي ضيق الافق يعتمد بالاساس على الصادرات النفطية ولا يحوي جوانب اقتصادية متعددة تضمن استمرار التطور ومواكبة البناء.
وتشير الاحصائيات الى ان اكثر من ربع سكان الجزائر تحت مستوى خط الفقر مع ان فائض ميزانية الدولة في تزايد مستمر خلال السنوات الاخيرة التي شهدت ارتفاعا غير مسبوق باسعار النفط حتى وصل الى 75 مليار دولار كأحتياطي وطني نهاية عام 2006.
وتتفاقم حالة الفقر لدى الشعب الجزائري، على الرغم من الأرباح الكبيرة التي تجنيها الدولة من خلال الارتفاع المتواصل لأسعار النفط. وهو ما يجعل الكثير من الجزائريين يتساءلون عمَّا يحصل في الواقع بالدولارات النفطية، حسب تقرير نشره موقع الـ قنطرة نت.
وتتدفق الدولارات النفطية بازدياد على الجزائر التي تعتبر من أهم الدول المنتجة للنفط وثاني أكبر مصدِّر للغاز الطبيعي إلى أوروبا بعد روسيا. منذ بداية أزمة النفط وارتفاع الاسعار في العام 2003.
وبلغت احتياطيات الجزائر النقدية 32 مليار دولار في العام 2004، و75 مليار دولار مع نهاية عام 2006 ومن المتوقَّع أن تبلغ 160 مليارا في العام 2010.
وتبدو العاصمة الجزائر في هذه الأيَّام مثل ورشة بناء، ففي كلِّ مكان تُبنى عمارات مكتبية ومراكز تجارية وجسور. ويتمّ الآن تنفيذ مشروع مترو الأنفاق، الذي يعتبر بمثابة حلم كبير طالما ارادت تحقيقه السلطات الجزائرية منذ استقلال البلاد في العام 1962.
ومع ذلك تنبِّه التفاصيل القاسية إلى ان هذه التغييرات والواردات الهائلة لا تعود بالربح على كل الجزائريين، فهناك اعداد لا تحصى من المتسوِّلين من رجال ونساء وأطفال يسكنون في العاصمة هربًا من المناطق الريفية الفقيرة التي لم تمسها نعمة الدولارات النفطية على الإطلاق في مشاريع عمل وخدمات أو بنى تحتية.
وتبين هذه الحقيقة بوضوح تساءل الكثير من الجزائريين، عن كيفية ادارة العوائد السنوية الضخمة من تصدير النفط والغاز.
ويقول الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، أصبحت الجزائر اليوم لا تعاني من مشكلة إيجاد المال، بل من مشكلة عدم تبذير الأموال أو اختلاسها، مثلما كانت عليه الحال في الماضي.
ويضيف بو تفليقة، "لم تمرّ الجزائر من قبل بمثل هذه الأحوال المالية الجيدة كما هو الحال اليوم، لقد استفاد الجزائريون من الفرصة الذهبية، لكي يخرجوا بلادهم من فترة الظلام".
بيد أن الناس في بلدة عين دفلة الواقعة الى الجنوب من العاصمة، لا يشعرون بأي شيء على ارض الواقع من تصريحات بوتفليقة الرائعة، حيث تعاني هذه البلدة كما الحال في كثير من المناطق بالجزائر من الجفاف والعزلة.
لقد تضررت هذه المنطقة كثيرًا من الإرهاب أثناء الحرب الأهلية في التسعينيات، حيث هرب اشخاص كثيرون منذ ذلك الحين إلى المدينة، بيد ان العديد من المواطنين لا يريدون مغادرة بلدتهم وهم لا يزالون يحاولون البقاء هناك.
لقد اصيبت البلاد في بداية التسعينيات بصدمة نفسية من خلال الحرب الأهلية التي اندلعت إثر الفوز الساحق الذي حققته جبهة الانقاذ الإسلامي في الانتخابات.
إذ جرى شن حرب عصابات ضد قوات الأمن ومعاونيها، أودت بحياة اكثر من مائة وخمسين الف شخص، معظمهم من المدنيين الابرياء.
وكان الظلم الاجتماعي وسوء توزيع الدولارات النفطية في تلك الفترة من أهم العوامل التي أدّت إلى فوز الـجبهة الإسلامية بالانتخابات.
وحاليًا يعتبر البنك الدولي وبعض المنظمات الدولية الاخرى 25% من الشعب الجزائري من بين الفقراء. امّا الحكومة الجزائرية فهي ترفض مثل هذه الاحصاءات ولا تقرها.
ولا يظهر التناقض ما بين الخطاب الرسمي وبين الواقع فقط في الأرياف، إذ يحلم الكثير من الشباب ايضا في المدن بالهجرة الى الخارج هربًا من الفقر المنتشر في البلاد.
وينتقد رئيس الوزراء الجزائري الاسبق أحمد بن بيتور هذه التطورات بشدة قائلا: "تكمن المشكلة التي نعاني منها هذه الايام في عجز كل المؤسسات التابعة للاحزاب السياسية والمجتمع المدني والدولة والبرلمان واعتقد ان لدينا حكومة لا تريد ان تفهم انه يجب عليها أن تدع المؤسسات تقوم بوظيفتها، نحن نخضع اليوم لما يريد فعله رئيس الدولة فقط".
ويذكر ان الجزائر استفادت من فائض الميزانية السنوية في تسديد ديونها الخارجية قبل حلول ميعاد سدادها، حيث انخفضت مديونية الدولة خلال اربعة أعوام من 23 مليار دولار إلى خمسة مليارات دولار وهو ما يجعل الكثير من المنتقدين يقولون إن الحكومة الجزائرية لم تعد تعرف ما يجب عليها ان تفعل بالاموال الكثيرة، على الرغم من ان هناك قسمًا كبيرًا من الشعب يعاني من نقص في المواد الضرورية للحياة والمشاريع الخدمية في انحاء الدولة.
وفي المقابل يرى الخبراء ان بناء اقتصاد جزائري متعدد الجوانب ضروري اكثر من أي شيء، إذ تتجسد إحدى ملامح الاقتصاد المنغلق في اعتماد البلاد الكلي على النفط.
ولا يزال بوسع الجزائر ان تتعلم من اخطاء الماضي، من اجل بناء اقتصاد لا يعتمد فقط على الثروة النفطية، وهكذا فقط يمكن لهذه الدولة المغاربية ان تكسب من جديد ثقة شعبها.
...........
شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 26 آذار/2007
..........
كما هو الحال في معظم بلدان المغرب العربي يعاني الجزائريون من نقص الخدمات وتدني المستوى المعاشي للفرد رغم ان الدولة تعتبر من اهم مصدّري النفط والغاز في العالم، والسبب كما هو واضح عدم فسح المجال امام مشاريع تنمية استراتيجية تحقق الرفاهية والازدهار وتبنّي نظام اقتصادي ضيق الافق يعتمد بالاساس على الصادرات النفطية ولا يحوي جوانب اقتصادية متعددة تضمن استمرار التطور ومواكبة البناء.
وتشير الاحصائيات الى ان اكثر من ربع سكان الجزائر تحت مستوى خط الفقر مع ان فائض ميزانية الدولة في تزايد مستمر خلال السنوات الاخيرة التي شهدت ارتفاعا غير مسبوق باسعار النفط حتى وصل الى 75 مليار دولار كأحتياطي وطني نهاية عام 2006.
وتتفاقم حالة الفقر لدى الشعب الجزائري، على الرغم من الأرباح الكبيرة التي تجنيها الدولة من خلال الارتفاع المتواصل لأسعار النفط. وهو ما يجعل الكثير من الجزائريين يتساءلون عمَّا يحصل في الواقع بالدولارات النفطية، حسب تقرير نشره موقع الـ قنطرة نت.
وتتدفق الدولارات النفطية بازدياد على الجزائر التي تعتبر من أهم الدول المنتجة للنفط وثاني أكبر مصدِّر للغاز الطبيعي إلى أوروبا بعد روسيا. منذ بداية أزمة النفط وارتفاع الاسعار في العام 2003.
وبلغت احتياطيات الجزائر النقدية 32 مليار دولار في العام 2004، و75 مليار دولار مع نهاية عام 2006 ومن المتوقَّع أن تبلغ 160 مليارا في العام 2010.
وتبدو العاصمة الجزائر في هذه الأيَّام مثل ورشة بناء، ففي كلِّ مكان تُبنى عمارات مكتبية ومراكز تجارية وجسور. ويتمّ الآن تنفيذ مشروع مترو الأنفاق، الذي يعتبر بمثابة حلم كبير طالما ارادت تحقيقه السلطات الجزائرية منذ استقلال البلاد في العام 1962.
ومع ذلك تنبِّه التفاصيل القاسية إلى ان هذه التغييرات والواردات الهائلة لا تعود بالربح على كل الجزائريين، فهناك اعداد لا تحصى من المتسوِّلين من رجال ونساء وأطفال يسكنون في العاصمة هربًا من المناطق الريفية الفقيرة التي لم تمسها نعمة الدولارات النفطية على الإطلاق في مشاريع عمل وخدمات أو بنى تحتية.
وتبين هذه الحقيقة بوضوح تساءل الكثير من الجزائريين، عن كيفية ادارة العوائد السنوية الضخمة من تصدير النفط والغاز.
ويقول الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، أصبحت الجزائر اليوم لا تعاني من مشكلة إيجاد المال، بل من مشكلة عدم تبذير الأموال أو اختلاسها، مثلما كانت عليه الحال في الماضي.
ويضيف بو تفليقة، "لم تمرّ الجزائر من قبل بمثل هذه الأحوال المالية الجيدة كما هو الحال اليوم، لقد استفاد الجزائريون من الفرصة الذهبية، لكي يخرجوا بلادهم من فترة الظلام".
بيد أن الناس في بلدة عين دفلة الواقعة الى الجنوب من العاصمة، لا يشعرون بأي شيء على ارض الواقع من تصريحات بوتفليقة الرائعة، حيث تعاني هذه البلدة كما الحال في كثير من المناطق بالجزائر من الجفاف والعزلة.
لقد تضررت هذه المنطقة كثيرًا من الإرهاب أثناء الحرب الأهلية في التسعينيات، حيث هرب اشخاص كثيرون منذ ذلك الحين إلى المدينة، بيد ان العديد من المواطنين لا يريدون مغادرة بلدتهم وهم لا يزالون يحاولون البقاء هناك.
لقد اصيبت البلاد في بداية التسعينيات بصدمة نفسية من خلال الحرب الأهلية التي اندلعت إثر الفوز الساحق الذي حققته جبهة الانقاذ الإسلامي في الانتخابات.
إذ جرى شن حرب عصابات ضد قوات الأمن ومعاونيها، أودت بحياة اكثر من مائة وخمسين الف شخص، معظمهم من المدنيين الابرياء.
وكان الظلم الاجتماعي وسوء توزيع الدولارات النفطية في تلك الفترة من أهم العوامل التي أدّت إلى فوز الـجبهة الإسلامية بالانتخابات.
وحاليًا يعتبر البنك الدولي وبعض المنظمات الدولية الاخرى 25% من الشعب الجزائري من بين الفقراء. امّا الحكومة الجزائرية فهي ترفض مثل هذه الاحصاءات ولا تقرها.
ولا يظهر التناقض ما بين الخطاب الرسمي وبين الواقع فقط في الأرياف، إذ يحلم الكثير من الشباب ايضا في المدن بالهجرة الى الخارج هربًا من الفقر المنتشر في البلاد.
وينتقد رئيس الوزراء الجزائري الاسبق أحمد بن بيتور هذه التطورات بشدة قائلا: "تكمن المشكلة التي نعاني منها هذه الايام في عجز كل المؤسسات التابعة للاحزاب السياسية والمجتمع المدني والدولة والبرلمان واعتقد ان لدينا حكومة لا تريد ان تفهم انه يجب عليها أن تدع المؤسسات تقوم بوظيفتها، نحن نخضع اليوم لما يريد فعله رئيس الدولة فقط".
ويذكر ان الجزائر استفادت من فائض الميزانية السنوية في تسديد ديونها الخارجية قبل حلول ميعاد سدادها، حيث انخفضت مديونية الدولة خلال اربعة أعوام من 23 مليار دولار إلى خمسة مليارات دولار وهو ما يجعل الكثير من المنتقدين يقولون إن الحكومة الجزائرية لم تعد تعرف ما يجب عليها ان تفعل بالاموال الكثيرة، على الرغم من ان هناك قسمًا كبيرًا من الشعب يعاني من نقص في المواد الضرورية للحياة والمشاريع الخدمية في انحاء الدولة.
وفي المقابل يرى الخبراء ان بناء اقتصاد جزائري متعدد الجوانب ضروري اكثر من أي شيء، إذ تتجسد إحدى ملامح الاقتصاد المنغلق في اعتماد البلاد الكلي على النفط.
ولا يزال بوسع الجزائر ان تتعلم من اخطاء الماضي، من اجل بناء اقتصاد لا يعتمد فقط على الثروة النفطية، وهكذا فقط يمكن لهذه الدولة المغاربية ان تكسب من جديد ثقة شعبها.
...........
شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 26 آذار/2007