سيناء - أهالي و حقوقيون يرفضون قرار تهجير السكان
بدأت الأجهزة المعنية بمحافظة شمال سيناء عملية إخلاء منطقة الشريط الحدودي لمدينة رفح المصرية من السكان. فما هي المواقف من تهجير المئات من العائلات في المنطقة؟ و هل تؤدي مثل هذه الإجراءات الأمنية إلى القضاء على الإرهاب؟.
تأتي عملية إخلاء المنطقة الحدودية لرفح من السكان ضمن عدة إجراءات منها فرض حالة الطوارئ في المحافظة لمدة 3 أشهر، بعد مقتل 33 جنديا على الأقل في هجومين في محافظة شمال سيناء المضطربة والمتاخمة لإسرائيل وقطاع غزة يوم الجمعة الماضي، وبعد حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي السبت عن "إجراءات ستتخذ على الشريط الحدودي مع قطاع غزة"، حيث وصف الحرب بين الحكومة والإسلاميين المتشدين بأنها "معركة وجود".
وكان الجيش المصري قد شن منذ أكثر من عامين حملة على إسلاميين متشددين ينشطون في محافظة شمال سيناء، أبرزهم من جماعة "أنصار بيت المقدس".
وقد أصدر السيسي في اليوم التالي قانون "حماية المنشآت العامة" والذي يوسع اختصاصات القضاء العسكري لتشمل محاكمة المتهمين المدنيين في قضايا العنف والإتلاف وقطع الطرق ومهاجمة المرافق العامة.
وقد أدى هذا الإجراء إلى غضب بعض أهالي سيناء وإلى تضامن بعض النشطاء معهم فدشنوا هاشتاج على موقع تويتر تحت عنوان "التهجير مش حل".
"السيناوي يدفع فواتير التهميش المتعمد"
وتوضح منى برهوم من سكان رفح ما حدث هناك في لقاء مع DW وتقول: "تم إخبار الأسر الموجودة في نطاق الـ300 متر أمس الثلاثاء بأخلاء بيوتهم في صباح اليوم التالي على أن يطول التهجير نطاق 500 متر، خلال اليوم القادمين"، مشيرة أنه بالفعل تم إخلاء المنطقة من السكان، "وحاليا يتم تدمير المنازل الموجودة هناك" كما تقول، غير أنها تضيف "للأسف، اليوم يقوم المواطن على الحدود بدفع فواتير التهميش و العزلة و تجاهل التنمية بشكل متعمد".
ووصف الصحفي السيناوي مصطفى سنجر ما يحدث في رفح حاليا بـ"الارتباك التام في المنطقة"، وأن "المهجرين يعيشون معاناة البحث عن أماكن بديلة".
و كشف سنجر في حديثه مع DW عن اجتماع للمسئولين مع مشايخ رفح قبل 3 أسابيع "أي قبل الحادث بنحو أسبوعين" وأطلعوهم على خطة إقامة منطقة عازلة واتفقوا على مقابل مادي للأرض "1200 جنيها مقابل كل متر مربع (125 يورو تقريبا)، فضلا عن 300 جنيها لمدة 3 أشهر لتأجير مكان بديل ( 32 يورو)". وأشار إلى أن المشكلة تجلت في إبلاغ الأهالي فجأة بالإخلاء الفوري خلال 24 ساعة فقط، وبدون أن يحصلوا على التعويضات المتفق عليها حتى الآن.
ولاحظ سنجر أن الدولة كانت قد أصدرت أول مخطط عمرانى لمدينة رفح الحدودية، صممه مكتب استشارى بتكليف من مجلس الوزراء فى عام 2008، بتكلفة 450 ألف جنيه، وظل المخطط حبيس الأدراج دون تطبيق حتى الآن.
واعتبر استنادا على أقوال خبراء، أنه لو تم تنفيذ المخطط فى ذلك الوقت “لكان قد حقق لرفح نقلة نوعية فى مجال التنمية الشاملة، بعيدا عن الاقتصاد غير المنظم، الذى نشأ بسبب أنشطة التهريب عبر الأنفاق مع قطاع غزة".
أما الدكتور نعيم جبر وهو احد مشايخ قبيلة السواركة و يسكن في منطقة "الشيخ زويد" أي نحو 50 كيلو من منطقة رفح فقال "أي شخص عاقل لا يتقبل هذا الوضع. هذا كلام لا يعقل. الأرض التي يرتبط بها السيناوي لايمكن تعويضها ، و حتى التعويضات لم يصرف منها شيء حتى الآن ".
و أضاف لـDW :"الأمن القومي هو وجود الناس في مكان و ليس إخلاؤه. و هل ينتهي الإرهاب عندما يتم تهجير الناس؟ الإرهاب كما هو موجود في سيناء و في المحافظات الأخرى".
و أضاف الدكتور جبر أن بعض الأهالي سيتقدمون بقضايا ضد التهجير ومن الممكن أن تصل إلى قضايا دولية.
حقوقي: "التهجير مخالف للدستور"
ويهاجم المحامي والحقوقي جمال عيد القرار قائلا "إن القرار مخالف للدستور، لأن المادة 63 من دستور 2014 تنص على أنه "يحظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم".
ويوضح الحقوقي عيد لـDW أن المادة القانونية واضحة وصريحة في موضوع حظر التهجير، حتى لو رفض شخص واحد فقط، كما أن المادة لم تتحدث تماما عن التعويض، وبالتالي فإن القرار لا يقل جرما عن الإرهاب".
وأضاف أنه "يجب احترام الدستور، فالقضاء على الإرهاب يكون بالقانون وتقديم نموذج احترام القانون وليس بإهداره، والدستور ليس قابلا للتلاعب والعبث مهما كان الأمر، لأن عدم احترامه يعطي رسالة للمواطنين بعدم احترامه أيضا.
خبير استراتيجي: "الدستور ليس قرآنا و الأمن القومي أهم"
من جهته اعتبر الخبير الاستراتيجي اللواء حسام سويلم أن "هذا ليس تهجيرا قسريا لأنه يتم بالاتفاق مع أهالي سيناء و هناك الكثير منهم تقبلوا الأمر. وحتى لو كان مخالفا للدستور فإن الدستور ليس قرآنا والأمن القومي أهم من الدستور"، مشيرا إلى أن هذا الحل سيكشف فتحات مخارج الأنفاق بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية التي يأتي منها الإرهابيون".
و كشف سويلم أن خطة إقامة المنطقة العازلة تمتد بداية على كيلومتر و نصف وبعدها على 3 كيلومترات ثم 5 على كيلومترات لتصل في النهاية إلى 8 كيلومترات. و أشار إلى أن الخطة تشكل جزءا من مشروع متكامل حيث سيتم إقامة مانع هندسي مائي، مثل شق قناة بطول 14 كيلومترا و بعرض 10 أمتار و بعمق 30 مترا بحيث لا يمكن لأعضاء حركة حماس أن يخترقوا الحدود المصرية، و من الممكن في المستقبل أن يتم مد هذا المشروع إلى طابا بالاتفاق مع إسرائيل".
و أشار إلى أن إقامة منطقة عازلة هي جزء من الحل حيث سيتبعه ترحيل 820 عائلة و سيحصلون على تعويضات أو على أرض في المقابل.
من جهته تساءل أحمد إمام المتحدث باسم حزب مصر القوية قائلا: " ما نتيجة التفويض الذي مر عليه 16 شهرا إذا كان لا يستطيع إيقاف الإرهاب. قبل أن نتحدث عن فكرة تهجير أهالي سيناء، يجب أولا محاسبة المسئولين وأولهم وزير الدفاع، ثم علينا أن نتساءل عما قدمته الحلول الأمنية".
وانتقد المتحدث باسم حزب مصر القوية بشكل حاد وزير الداخلية قائلا "كل مرة يخرج علينا وزير الداخلية يعلن عن القبض على خلايا إرهابية والجيش في سيناء يعلن من حين لآخر عن نجاح عملياته وقتله لعدد من التكفيريين والإرهابيين. من حقنا أن نتساءل عن الذين يقتلون أولادنا في سيناء وما الذي قدمناه أصلا لأهالي سيناء. فهل نعاقبهم بتهجيرهم بعد كل عمليات القتل وهدم البيوت التي قام بها الجيش؟"
.......
30.10.2014
صوت ألمانيا
بدأت الأجهزة المعنية بمحافظة شمال سيناء عملية إخلاء منطقة الشريط الحدودي لمدينة رفح المصرية من السكان. فما هي المواقف من تهجير المئات من العائلات في المنطقة؟ و هل تؤدي مثل هذه الإجراءات الأمنية إلى القضاء على الإرهاب؟.
تأتي عملية إخلاء المنطقة الحدودية لرفح من السكان ضمن عدة إجراءات منها فرض حالة الطوارئ في المحافظة لمدة 3 أشهر، بعد مقتل 33 جنديا على الأقل في هجومين في محافظة شمال سيناء المضطربة والمتاخمة لإسرائيل وقطاع غزة يوم الجمعة الماضي، وبعد حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي السبت عن "إجراءات ستتخذ على الشريط الحدودي مع قطاع غزة"، حيث وصف الحرب بين الحكومة والإسلاميين المتشدين بأنها "معركة وجود".
وكان الجيش المصري قد شن منذ أكثر من عامين حملة على إسلاميين متشددين ينشطون في محافظة شمال سيناء، أبرزهم من جماعة "أنصار بيت المقدس".
وقد أصدر السيسي في اليوم التالي قانون "حماية المنشآت العامة" والذي يوسع اختصاصات القضاء العسكري لتشمل محاكمة المتهمين المدنيين في قضايا العنف والإتلاف وقطع الطرق ومهاجمة المرافق العامة.
وقد أدى هذا الإجراء إلى غضب بعض أهالي سيناء وإلى تضامن بعض النشطاء معهم فدشنوا هاشتاج على موقع تويتر تحت عنوان "التهجير مش حل".
"السيناوي يدفع فواتير التهميش المتعمد"
وتوضح منى برهوم من سكان رفح ما حدث هناك في لقاء مع DW وتقول: "تم إخبار الأسر الموجودة في نطاق الـ300 متر أمس الثلاثاء بأخلاء بيوتهم في صباح اليوم التالي على أن يطول التهجير نطاق 500 متر، خلال اليوم القادمين"، مشيرة أنه بالفعل تم إخلاء المنطقة من السكان، "وحاليا يتم تدمير المنازل الموجودة هناك" كما تقول، غير أنها تضيف "للأسف، اليوم يقوم المواطن على الحدود بدفع فواتير التهميش و العزلة و تجاهل التنمية بشكل متعمد".
ووصف الصحفي السيناوي مصطفى سنجر ما يحدث في رفح حاليا بـ"الارتباك التام في المنطقة"، وأن "المهجرين يعيشون معاناة البحث عن أماكن بديلة".
و كشف سنجر في حديثه مع DW عن اجتماع للمسئولين مع مشايخ رفح قبل 3 أسابيع "أي قبل الحادث بنحو أسبوعين" وأطلعوهم على خطة إقامة منطقة عازلة واتفقوا على مقابل مادي للأرض "1200 جنيها مقابل كل متر مربع (125 يورو تقريبا)، فضلا عن 300 جنيها لمدة 3 أشهر لتأجير مكان بديل ( 32 يورو)". وأشار إلى أن المشكلة تجلت في إبلاغ الأهالي فجأة بالإخلاء الفوري خلال 24 ساعة فقط، وبدون أن يحصلوا على التعويضات المتفق عليها حتى الآن.
ولاحظ سنجر أن الدولة كانت قد أصدرت أول مخطط عمرانى لمدينة رفح الحدودية، صممه مكتب استشارى بتكليف من مجلس الوزراء فى عام 2008، بتكلفة 450 ألف جنيه، وظل المخطط حبيس الأدراج دون تطبيق حتى الآن.
واعتبر استنادا على أقوال خبراء، أنه لو تم تنفيذ المخطط فى ذلك الوقت “لكان قد حقق لرفح نقلة نوعية فى مجال التنمية الشاملة، بعيدا عن الاقتصاد غير المنظم، الذى نشأ بسبب أنشطة التهريب عبر الأنفاق مع قطاع غزة".
أما الدكتور نعيم جبر وهو احد مشايخ قبيلة السواركة و يسكن في منطقة "الشيخ زويد" أي نحو 50 كيلو من منطقة رفح فقال "أي شخص عاقل لا يتقبل هذا الوضع. هذا كلام لا يعقل. الأرض التي يرتبط بها السيناوي لايمكن تعويضها ، و حتى التعويضات لم يصرف منها شيء حتى الآن ".
و أضاف لـDW :"الأمن القومي هو وجود الناس في مكان و ليس إخلاؤه. و هل ينتهي الإرهاب عندما يتم تهجير الناس؟ الإرهاب كما هو موجود في سيناء و في المحافظات الأخرى".
و أضاف الدكتور جبر أن بعض الأهالي سيتقدمون بقضايا ضد التهجير ومن الممكن أن تصل إلى قضايا دولية.
حقوقي: "التهجير مخالف للدستور"
ويهاجم المحامي والحقوقي جمال عيد القرار قائلا "إن القرار مخالف للدستور، لأن المادة 63 من دستور 2014 تنص على أنه "يحظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم".
ويوضح الحقوقي عيد لـDW أن المادة القانونية واضحة وصريحة في موضوع حظر التهجير، حتى لو رفض شخص واحد فقط، كما أن المادة لم تتحدث تماما عن التعويض، وبالتالي فإن القرار لا يقل جرما عن الإرهاب".
وأضاف أنه "يجب احترام الدستور، فالقضاء على الإرهاب يكون بالقانون وتقديم نموذج احترام القانون وليس بإهداره، والدستور ليس قابلا للتلاعب والعبث مهما كان الأمر، لأن عدم احترامه يعطي رسالة للمواطنين بعدم احترامه أيضا.
خبير استراتيجي: "الدستور ليس قرآنا و الأمن القومي أهم"
من جهته اعتبر الخبير الاستراتيجي اللواء حسام سويلم أن "هذا ليس تهجيرا قسريا لأنه يتم بالاتفاق مع أهالي سيناء و هناك الكثير منهم تقبلوا الأمر. وحتى لو كان مخالفا للدستور فإن الدستور ليس قرآنا والأمن القومي أهم من الدستور"، مشيرا إلى أن هذا الحل سيكشف فتحات مخارج الأنفاق بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية التي يأتي منها الإرهابيون".
و كشف سويلم أن خطة إقامة المنطقة العازلة تمتد بداية على كيلومتر و نصف وبعدها على 3 كيلومترات ثم 5 على كيلومترات لتصل في النهاية إلى 8 كيلومترات. و أشار إلى أن الخطة تشكل جزءا من مشروع متكامل حيث سيتم إقامة مانع هندسي مائي، مثل شق قناة بطول 14 كيلومترا و بعرض 10 أمتار و بعمق 30 مترا بحيث لا يمكن لأعضاء حركة حماس أن يخترقوا الحدود المصرية، و من الممكن في المستقبل أن يتم مد هذا المشروع إلى طابا بالاتفاق مع إسرائيل".
و أشار إلى أن إقامة منطقة عازلة هي جزء من الحل حيث سيتبعه ترحيل 820 عائلة و سيحصلون على تعويضات أو على أرض في المقابل.
من جهته تساءل أحمد إمام المتحدث باسم حزب مصر القوية قائلا: " ما نتيجة التفويض الذي مر عليه 16 شهرا إذا كان لا يستطيع إيقاف الإرهاب. قبل أن نتحدث عن فكرة تهجير أهالي سيناء، يجب أولا محاسبة المسئولين وأولهم وزير الدفاع، ثم علينا أن نتساءل عما قدمته الحلول الأمنية".
وانتقد المتحدث باسم حزب مصر القوية بشكل حاد وزير الداخلية قائلا "كل مرة يخرج علينا وزير الداخلية يعلن عن القبض على خلايا إرهابية والجيش في سيناء يعلن من حين لآخر عن نجاح عملياته وقتله لعدد من التكفيريين والإرهابيين. من حقنا أن نتساءل عن الذين يقتلون أولادنا في سيناء وما الذي قدمناه أصلا لأهالي سيناء. فهل نعاقبهم بتهجيرهم بعد كل عمليات القتل وهدم البيوت التي قام بها الجيش؟"
.......
30.10.2014
صوت ألمانيا