"الدولة الإسلامية" - خطر وجودي للسعودية؟
حتى قبل فترة وجيزة كانت السعودية ترى في إيران، خصمها اللدود، أكبر خطر عليها في المنطقة. لكن، و منذ ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي أصبح يسيطر على مناطق واسعة متاخمة لحدودها الشمالية، تغيرت أولويات المملكة.
تزداد مخاوف السعودية مع تنامي نفوذ تنظيم "الدولة الإسلامية" في كل من العراق و سوريا. فقد أصبح التنظيم يعتبر خطرا حقيقيا على الأمن السعودي في ظل وجود مقاتلين سعوديين انضموا إلى التنظيم في العراق و سوريا يُخشى من عودتهم إلى السعودية، عدا بعض المتعاطفين مع التنظيم المتطرف داخل السعودية.
و تتعدد الأسباب التي تجعل السعوديين حذرين و يقظين على حدودهم الممتدة مع العراق بالنظر إلى أن داعش تحوز على أعداد كبيرة من المقاتلين و لازالت تستقطب الكثيرين و تقوم بتجنيدهم، بالإضافة إلى امتلاكها أسلحة متطورة. فهل أصبح خطر داعش يفوق خطر إيران بالنسبة للسعودية؟
قلق كبير في السعودية
تجد السعودية نفسها في أقصى درجات التأهب تحسبا لأي استهداف من تنظيم "الدولة الإسلامية" خاصة و أن المتطرفين باتوا بالقرب من الحدود الشمالية و الشرقية للمملكة. يأتي ذلك في الوقت الذي تتقوى فيه داعش و تبني هياكل "دولتها".
و تشير تقارير إعلامية إلى أن 12 ألف سعوديا انضموا إلى جبهات القتال في سوريا خلال السنوات الماضية و عدد القتلى بينهم هو الأعلى بين قتلى الحرب الأجانب هناك.
و يقول الخبير السياسي السعودي و مدير قناة العرب الإخبارية جمال خاشقجي إن السعودية تنظر بمنتهى القلق إلى تنامي نفوذ داعش في المنطقة.
و يوضح في حديث مع DWعربية قائلا: "هذا القلق نابع من خطرين: الأول خارجي: و هو كون داعش الآن قوة تتحكم بمناطق المحاذية لشمال السعودية و هناك لديها حرية تامة في التحرك و التخطيط و التآمر و تجنيد عناصر إرهابية. و الثاني خطر داخلي يتمثل في أن لها أنصارا داخل المملكة، فهناك طائفة من الشباب تستجيب لخطاباتها".
أما حسن أبو هنية، الخبير الأردني في قضايا الإرهاب، فيرى أن السعودية ترى حاليا في داعش و جماعة الإخوان المسلمين خطرا أكبر من إيران، خصمها التقليدي.
و يضيف بهذا الخصوص في حوار أجرته معه DWعربية "السعودية كانت وضعت داعش و الإخوان على قائمة الإرهاب. و بالنسبة لها حاليا فخطر هذين التنظيمين يفوق خطر إيران. صحيح أن الأخيرة كانت أكبر عدو للسعودية، لكن الأمر تغيّر منذ صعود الإخوان إلى الحكم و تمكن داعش من فرض سيطرتها في (مناطق واسعة من) العراق وسوريا".
داعش - الخطر الأكبر
و رغم أن السعودية قد لا تشكل أولولية في الوقت الراهن بالنسبة لقادة "الدولة الإسلامية" الذين يسعون إلى تأسيس دولة خلافة إسلامية في المنطقة، إلا أن المملكة تعيش استنفارا أمنيا على حدودها تحسبا لأي هجمات، إذ نشرت آلاف الجنود السعوديين على الحدود مع العراق لتأمينها. و هو ما فسره مراقبون على أن تنظيم "الدولة الإسلامية" تحوّل إلى العدو الأكبر للسعودية حاليا.
و يضيف أبو هنية في هذا السياق "كل من إيران و داعش يشكل خطرا حقيقيا (بالنسبة للسعودية). لكن في التعريف السعودي الجديد، فإن الحركات الجهادية الجديدة تشكل خطرا أكبر. قد تحدث تفاهمات أو تحالفات في الإطار الدبلوماسي مستقبلا بين السعودية و إيران، و لكن ذلك لا يمكن حدوثه مع هذه التنظيمات. لهذا، فهي تشكل خطرا أكبر على شرعية النظام السعودي و وجوده".
رأي يشاطره فيه الخبير السعودي خاشقجي، إذ يعتبر أن الخطر الأكبر يكمن في داعش. و يوضح بأن "نقاط الخلاف مع إيران قد تتغير مع الوقت، و هي تحديدا سياساتها الخارجية و مخططاتها التوسعية في المنطقة." فيما تخطط داعش لإسقاط النظام السعودي، و هو مخطط لن يتغير باعتقاده.
هل تدفع السعودية ثمن دعمها للإسلاميين؟
مع ذلك يستبعد خاشقجي أن تتمكن داعش من شن هجومات في السعودية أو حتى في الأردن. و يقول: "داعش بسطت نفوذها في بلدان خربت و انهارت فيها السلطة السياسية و معالم الدولة، و إلاّ لما تمكنت من التوسع فيها بسهولة. لكنها قد تخطط لخلق انشقاقات مذهبية طائفية داخل مجتمعات أخرى. و هنا يكمن الخطر، و ليس في إمكانية شنها حربا تقليدية".
و كانت أصابع الاتهام وُجّهت إلى السعودية و دول أخرى بخصوص الوقوف وراء تمويل "الدولة الإسلامية" بعدما تمكن التنظيم في وقت قياسي من فرض سيطرته على مناطق واسعة في العراق. و يقول أبو هنية إن السعودية تدفع الآن ثمن دعمها و تمويلها لتنظيمات إسلامية في سوريا تعادي نظام بشار الأسد. "لدينا مثلا جماعة الإخوان التي كانت تدعمها السعودية و الآن أصبحت تعاديها لأنها تشكل خطرا عليها".
لكن خاشقجي له وجهة نظر أخرى، بحيث يقول: "الاتهامات متكررة و لا أدلة عليها. المشكلة هي أن هناك قوى و مصالح متداخلة في العراق و سوريا. داعش و السعودية تحاربان الأسد، الثانية تدعم قوى إسلامية معتدلة ضد الأسد و داعش. و كما تحارب الأسد، فهي تحارب قوى أخرى. قد يحدث أن ترغم داعش قوى معتدلة على تقديم الولاء لها أو تستولي على سلاحها الذي هو من السعودية، فيبدو الأمر كأن السعودية تمول داعش و هو أمر غير صحيح."
.......
19.11.2014
موقع صوت ألمانيا
حتى قبل فترة وجيزة كانت السعودية ترى في إيران، خصمها اللدود، أكبر خطر عليها في المنطقة. لكن، و منذ ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي أصبح يسيطر على مناطق واسعة متاخمة لحدودها الشمالية، تغيرت أولويات المملكة.
تزداد مخاوف السعودية مع تنامي نفوذ تنظيم "الدولة الإسلامية" في كل من العراق و سوريا. فقد أصبح التنظيم يعتبر خطرا حقيقيا على الأمن السعودي في ظل وجود مقاتلين سعوديين انضموا إلى التنظيم في العراق و سوريا يُخشى من عودتهم إلى السعودية، عدا بعض المتعاطفين مع التنظيم المتطرف داخل السعودية.
و تتعدد الأسباب التي تجعل السعوديين حذرين و يقظين على حدودهم الممتدة مع العراق بالنظر إلى أن داعش تحوز على أعداد كبيرة من المقاتلين و لازالت تستقطب الكثيرين و تقوم بتجنيدهم، بالإضافة إلى امتلاكها أسلحة متطورة. فهل أصبح خطر داعش يفوق خطر إيران بالنسبة للسعودية؟
قلق كبير في السعودية
تجد السعودية نفسها في أقصى درجات التأهب تحسبا لأي استهداف من تنظيم "الدولة الإسلامية" خاصة و أن المتطرفين باتوا بالقرب من الحدود الشمالية و الشرقية للمملكة. يأتي ذلك في الوقت الذي تتقوى فيه داعش و تبني هياكل "دولتها".
و تشير تقارير إعلامية إلى أن 12 ألف سعوديا انضموا إلى جبهات القتال في سوريا خلال السنوات الماضية و عدد القتلى بينهم هو الأعلى بين قتلى الحرب الأجانب هناك.
و يقول الخبير السياسي السعودي و مدير قناة العرب الإخبارية جمال خاشقجي إن السعودية تنظر بمنتهى القلق إلى تنامي نفوذ داعش في المنطقة.
و يوضح في حديث مع DWعربية قائلا: "هذا القلق نابع من خطرين: الأول خارجي: و هو كون داعش الآن قوة تتحكم بمناطق المحاذية لشمال السعودية و هناك لديها حرية تامة في التحرك و التخطيط و التآمر و تجنيد عناصر إرهابية. و الثاني خطر داخلي يتمثل في أن لها أنصارا داخل المملكة، فهناك طائفة من الشباب تستجيب لخطاباتها".
أما حسن أبو هنية، الخبير الأردني في قضايا الإرهاب، فيرى أن السعودية ترى حاليا في داعش و جماعة الإخوان المسلمين خطرا أكبر من إيران، خصمها التقليدي.
و يضيف بهذا الخصوص في حوار أجرته معه DWعربية "السعودية كانت وضعت داعش و الإخوان على قائمة الإرهاب. و بالنسبة لها حاليا فخطر هذين التنظيمين يفوق خطر إيران. صحيح أن الأخيرة كانت أكبر عدو للسعودية، لكن الأمر تغيّر منذ صعود الإخوان إلى الحكم و تمكن داعش من فرض سيطرتها في (مناطق واسعة من) العراق وسوريا".
داعش - الخطر الأكبر
و رغم أن السعودية قد لا تشكل أولولية في الوقت الراهن بالنسبة لقادة "الدولة الإسلامية" الذين يسعون إلى تأسيس دولة خلافة إسلامية في المنطقة، إلا أن المملكة تعيش استنفارا أمنيا على حدودها تحسبا لأي هجمات، إذ نشرت آلاف الجنود السعوديين على الحدود مع العراق لتأمينها. و هو ما فسره مراقبون على أن تنظيم "الدولة الإسلامية" تحوّل إلى العدو الأكبر للسعودية حاليا.
و يضيف أبو هنية في هذا السياق "كل من إيران و داعش يشكل خطرا حقيقيا (بالنسبة للسعودية). لكن في التعريف السعودي الجديد، فإن الحركات الجهادية الجديدة تشكل خطرا أكبر. قد تحدث تفاهمات أو تحالفات في الإطار الدبلوماسي مستقبلا بين السعودية و إيران، و لكن ذلك لا يمكن حدوثه مع هذه التنظيمات. لهذا، فهي تشكل خطرا أكبر على شرعية النظام السعودي و وجوده".
رأي يشاطره فيه الخبير السعودي خاشقجي، إذ يعتبر أن الخطر الأكبر يكمن في داعش. و يوضح بأن "نقاط الخلاف مع إيران قد تتغير مع الوقت، و هي تحديدا سياساتها الخارجية و مخططاتها التوسعية في المنطقة." فيما تخطط داعش لإسقاط النظام السعودي، و هو مخطط لن يتغير باعتقاده.
هل تدفع السعودية ثمن دعمها للإسلاميين؟
مع ذلك يستبعد خاشقجي أن تتمكن داعش من شن هجومات في السعودية أو حتى في الأردن. و يقول: "داعش بسطت نفوذها في بلدان خربت و انهارت فيها السلطة السياسية و معالم الدولة، و إلاّ لما تمكنت من التوسع فيها بسهولة. لكنها قد تخطط لخلق انشقاقات مذهبية طائفية داخل مجتمعات أخرى. و هنا يكمن الخطر، و ليس في إمكانية شنها حربا تقليدية".
و كانت أصابع الاتهام وُجّهت إلى السعودية و دول أخرى بخصوص الوقوف وراء تمويل "الدولة الإسلامية" بعدما تمكن التنظيم في وقت قياسي من فرض سيطرته على مناطق واسعة في العراق. و يقول أبو هنية إن السعودية تدفع الآن ثمن دعمها و تمويلها لتنظيمات إسلامية في سوريا تعادي نظام بشار الأسد. "لدينا مثلا جماعة الإخوان التي كانت تدعمها السعودية و الآن أصبحت تعاديها لأنها تشكل خطرا عليها".
لكن خاشقجي له وجهة نظر أخرى، بحيث يقول: "الاتهامات متكررة و لا أدلة عليها. المشكلة هي أن هناك قوى و مصالح متداخلة في العراق و سوريا. داعش و السعودية تحاربان الأسد، الثانية تدعم قوى إسلامية معتدلة ضد الأسد و داعش. و كما تحارب الأسد، فهي تحارب قوى أخرى. قد يحدث أن ترغم داعش قوى معتدلة على تقديم الولاء لها أو تستولي على سلاحها الذي هو من السعودية، فيبدو الأمر كأن السعودية تمول داعش و هو أمر غير صحيح."
.......
19.11.2014
موقع صوت ألمانيا