الإصلاح في شمال أفريقيا واستراتيجيات عبر الأطلسي.
......................
شبكة النبأ: بعد انهيار حكم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في أعقاب انتفاضة شعبية، استجابت دول يرشحها المحللون للانضمام الى قائمة البلدان التي تهددها اضطرابات شبيهة بما حدث في تونس، مثل الأردن وليبيا، بخطوات للحد من ارتفاع الاسعار.
هذه الدراسة المقتضبة تبحث التطورات الاقتصادية والسياسية في أربع دول شمال أفريقية هي المغرب والجزائر وليبيا وتونس، والآليات التي سعى بموجبها مجتمع عبر الأطلسي توجيه التغييرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في هذه الدول -- جيدة كانت أم سيئة.
كما تقدم الدراسة توصيات لتعزيز مشاركة الولايات المتحدة مع أوروبا للمساعدة في تأمين اتجاهات إيجابية في الشؤون الاقتصادية والحوكمة". بحسب معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
...................................................
سباق مع الزمن.
منذ أواخر التسعينيات، سلكت كل دولة في المنطقة -- حتى ليبيا التي خرجت من عزلتها في 2003-2004 -- طريق الإصلاح الاقتصادي، باعتباره استراتيجية للحفاظ على النظام بصفة أساسية.
بيد أن التقاعس، بل وإخفاق الإصلاحات في زيادة إحساس المواطن المتوسط العادي بالرفاهية قد أضافت إلى التحديات الديموغرافية، مما زاد من الضغوط الداخلية على الأنظمة الحاكمة. وبدون إصلاح سياسي أكثر عمقاً في المغرب وتونس، قد تتعرض الإصلاحات الاقتصادية لانتكاسة.
أما في ليبيا والجزائر، حيث تتسم الرؤية السياسية بالندرة، فإن غياب اتجاه سياسي واضح ينذر بحدوث دمار في الإصلاح الهيكلي قبل أن يثبت على طريقه.
............................
ليبيا الدولة الإنتقالية.
انقطع سكان ليبيا ذوو الأعداد المنخفضة وأصحاب المؤهلات التعليمية عن باقي دول العالم مع مرور الوقت خلال فترة حكم العقيد معمر القذافي. وحل محل النمو المذهل في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، تقلص حاد في الثمانينيات والتسعينيات. إن توجه البلاد الاشتراكي كان يعني أن الحكومة تهيمن على كافة قطاعات الاقتصاد التي كانت ولا تزال تعتمد بكثافة على قطاع النفط.
ومنذ أن قررت ليبيا اللحاق بالمجتمع الدولي في عام 2003 وما تلى ذلك من رفع لعقوبات الأمم المتحدة، شرعت ليبيا في برنامج طموح -- وإن كان مفككاً -- للإصلاح الاقتصادي، لا سيما في القطاع المالي. وأثناء المشاورات الأخيرة التي أجراها "صندوق النقد الدولي" مع طربلس، رحّب "الصندوق" على وجه الخصوص بالتحديث المستمر الذي يحصل [في أعمال] البنك المركزي، والتقدم المحقق في إنجاز خصخصة البنوك، وتعيين شركة لإدارة الأصول من أجل التعامل مع القروض المعدومة.
لقد كان إصلاح القطاع المالي، على الأقل، يمضي جيداً بشكل معقول. كما نجحت ليبيا في بدء عملية تنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد على النفط. ولا تزال الإيرادات المحققة من النفط والغاز تشكّل نحو 60 بالمائة من "الناتج المحلي الإجمالي" في ليبيا، بيد بقي نمو القطاع غير النفطي قوياً. ومع ذلك، لا تزال الصادرات من القطاع غير النفطي صغيرة جداً على نحو يثير الشفقة مقارنة بصادرات النفط، إذ شكّلت 2 بالمائة فقط من الصادرات في عام 2008.
وطالما بقيت أسعار النفط قوية نسبياً، فإن احتمالات ليبيا المتوسطة الأجل فيما يتعلق بالاستقرار الاقتصادي المستمر تظل قوية. ومنذ عام 2005 بلغ متوسط معدلات النمو 6.5 بالمائة سنوياً، ورغم الركود العالمي من المتوقع أن تشهد ليبيا نمواً في عام 2009. وفضلاً عن ذلك، يعمل فائضها المالي القوي (بواقع 25 بالمائة من "الناتج المحلي الإجمالي") على طمأنة النظام بأن بوسعه مواصلة الوفاء بالاحتياجات الأساسية لشعبه في حين أن تدفق التكنولوجيا الغربية لتحديث وزيادة إنتاج النفط سوف يضمن الإيرادات في العام القادم.
ومع ذلك، ستلعب الحوكمة دوراً هاماً بشكل متزايد في الفترة القادمة. فنظم الإدارة المالية العامة لليبيا، على سبيل المثال، لا تزال ضعيفة للغاية وبحاجة إلى الكثير من الإصلاحات الضرورية. وقد تراجعت ليبيا في عام 2009 أربعة مراكز لتصل إلى المرتبة 130 من بين 180 دولة في ترتبيب مقياس "منظمة الشفافية الدولية" الخاص بالفساد المدرك.
ولا تزال الرشوة واقعة من وقائع الحياة بالنسبة للشركات الأجنبية فضلاً عن المواطن العادي الذي يسعى للحصول على الخدمات.
...................................
تونس الدولة المحررة.
من الناحية الاقتصادية، تمثل تونس نقيضاً مذهلاً للجماهيرية الليبية. فمنذ أزمة ميزان المدفوعات في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، سلك هذا الاقتصاد -- الذي كان موجهاً من قَبْل من قبِل الدولة -- طريق الإصلاح الهيكلي. واليوم، لا تعد تونس صاحبة الاقتصاد الأكثر صحة [وثباتاً] في شمال أفريقيا فحسب، بل تُصنف أيضاً قبل إيطاليا من حيث القدرة التنافسية الشاملة. ونظراً لهذه الإصلاحات، يتوقع "صندوق النقد الدولي" أن تتحمل تونس التباطؤ الاقتصادي الحالي بصورة أفضل من جميع الدول الأخرى في شمال أفريقيا.
وتنبع قوة تونس الاقتصادية النسبية إلى حد كبير من التزامها طويل الأجل بإصلاح الاقتصاد الكلي الذي بدأ في أواخر الثمانينيات وشمل، من بين أمور أخرى، تعزيز القطاع المالي وتنويع اقتصادها والتزامها بالتجارة الحرة، لا سيما مع أوروبا. ورغم أنه لا يزال 20 بالمائة من السكان يعملون في القطاع الزراعي منخفض الإنتاج، إلا أن تونس طورت صناعات السياحة والنسيج والكيمياويات وتصنيع السيارات التي جذبت الكثير من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وأثبتت مرونة بشكل لافت للنظر. بيد، ترتبط نقاط القوة في هذه القطاعات ارتباطاً وثيقاً بدورة الأعمال التجارية في أوروبا، لا سيما باقتصاديات فرنسا وإيطاليا، وهما أكبر شريكين لها. إن افتقار تونس للقدرة على تكرير النفط يعني أيضاً أنها لا تزال تعتمد على النفط المكرر لتغذية اقتصادها، مما يزيد من تكاليف الواردات. ومع ذلك، لا يزال مركز تونس المالي الكُلي قوياً.
ووفقاً لتقديرات "صندوق النقد الدولي"، فاعتباراً من مايو/أيار 2009 بلغ احتياطي البلاد نحو 9 مليارات دولار، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل 3.3 بالمائة في عام 2009، بل وبمعدل أكثر قوة في عام 2010.
كما تشهد معدلات الفقر في البلاد انخفاضات على مدى عقود وتتوقع الأمم المتحدة أن تفي تونس بتحدي الألفية الذي وضعته هدفاً لها من خلال خفض معدلات الفقر بشكل إضافي إلى 1.5 بالمائة بحلول عام 2015.
ويضع "البنك الدولي" تونس في المرتبة الثامنة في دراسة "ممارسة الأعمال التجارية" من بين 19 بلداً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما أن "مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية" يضع تونس في المرتبة الثمانين من بين 182 دولة في مجال الالتحاق بالتعليم.
وعلاوة على ذلك، فإن "مؤشر الازدهار" الأكثر دقة لـ "معهد ليجاتوم" يصنف تونس في المرتبة الخمسين من بين 104 دول في مجال التعليم، وهي المرتبة الأعلى من بين جميع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد الإمارات العربية المتحدة والكويت.
ومع ذلك، هناك عدداً من التحديات الكامنة. فقد وصلت البطالة بصفة رسمية إلى 14.2 بالمائة على الصعيد الوطني، مما يخفي معدلات البطالة الأعلى في بعض أنحاء البلاد، ولا يأخذ في عين الاعتبار البطالة الجزئية. وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال الدولة تخصص موارد كثيرة جداً، لا سيما في قطاع السياحة. وفي الوقت نفسه، لا يزال الفساد الرسمي يمثل مشكلة، لكنها ليست كبيرة كما في بلدان أخرى في المنطقة.
وصنّفت "منظمة الشفافية الدولية" تونس في المرتبة 65 على مستوى العالم عام 2009 والمرتبة الثامنة بين نظرائها التسعة عشر في الشرق الأوسط. إلا أن الإصلاحات الاقتصادية في تونس بشكل إجمالي قد أمّنت مستقبلاً مزدهراً نسبياً لغالبية السكان، بما في ذلك النساء.
ومع ذلك، فكما ذُكر سابقاً -- بصفة خاصة في "مؤشر الازدهار" لـ "معهد ليجاتوم" -- فإن العيب المنفرد في سجل الإصلاحات الجدير بالاحترام في تونس، لا يزال يتمثل في التصور المتعمق لشعبها بأنهم يفتقرون إلى الحريات السياسية والمدنية ووسائل التأثير على حكومتهم.
......................
شبكة النبأ: بعد انهيار حكم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في أعقاب انتفاضة شعبية، استجابت دول يرشحها المحللون للانضمام الى قائمة البلدان التي تهددها اضطرابات شبيهة بما حدث في تونس، مثل الأردن وليبيا، بخطوات للحد من ارتفاع الاسعار.
هذه الدراسة المقتضبة تبحث التطورات الاقتصادية والسياسية في أربع دول شمال أفريقية هي المغرب والجزائر وليبيا وتونس، والآليات التي سعى بموجبها مجتمع عبر الأطلسي توجيه التغييرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في هذه الدول -- جيدة كانت أم سيئة.
كما تقدم الدراسة توصيات لتعزيز مشاركة الولايات المتحدة مع أوروبا للمساعدة في تأمين اتجاهات إيجابية في الشؤون الاقتصادية والحوكمة". بحسب معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
...................................................
سباق مع الزمن.
منذ أواخر التسعينيات، سلكت كل دولة في المنطقة -- حتى ليبيا التي خرجت من عزلتها في 2003-2004 -- طريق الإصلاح الاقتصادي، باعتباره استراتيجية للحفاظ على النظام بصفة أساسية.
بيد أن التقاعس، بل وإخفاق الإصلاحات في زيادة إحساس المواطن المتوسط العادي بالرفاهية قد أضافت إلى التحديات الديموغرافية، مما زاد من الضغوط الداخلية على الأنظمة الحاكمة. وبدون إصلاح سياسي أكثر عمقاً في المغرب وتونس، قد تتعرض الإصلاحات الاقتصادية لانتكاسة.
أما في ليبيا والجزائر، حيث تتسم الرؤية السياسية بالندرة، فإن غياب اتجاه سياسي واضح ينذر بحدوث دمار في الإصلاح الهيكلي قبل أن يثبت على طريقه.
............................
ليبيا الدولة الإنتقالية.
انقطع سكان ليبيا ذوو الأعداد المنخفضة وأصحاب المؤهلات التعليمية عن باقي دول العالم مع مرور الوقت خلال فترة حكم العقيد معمر القذافي. وحل محل النمو المذهل في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، تقلص حاد في الثمانينيات والتسعينيات. إن توجه البلاد الاشتراكي كان يعني أن الحكومة تهيمن على كافة قطاعات الاقتصاد التي كانت ولا تزال تعتمد بكثافة على قطاع النفط.
ومنذ أن قررت ليبيا اللحاق بالمجتمع الدولي في عام 2003 وما تلى ذلك من رفع لعقوبات الأمم المتحدة، شرعت ليبيا في برنامج طموح -- وإن كان مفككاً -- للإصلاح الاقتصادي، لا سيما في القطاع المالي. وأثناء المشاورات الأخيرة التي أجراها "صندوق النقد الدولي" مع طربلس، رحّب "الصندوق" على وجه الخصوص بالتحديث المستمر الذي يحصل [في أعمال] البنك المركزي، والتقدم المحقق في إنجاز خصخصة البنوك، وتعيين شركة لإدارة الأصول من أجل التعامل مع القروض المعدومة.
لقد كان إصلاح القطاع المالي، على الأقل، يمضي جيداً بشكل معقول. كما نجحت ليبيا في بدء عملية تنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد على النفط. ولا تزال الإيرادات المحققة من النفط والغاز تشكّل نحو 60 بالمائة من "الناتج المحلي الإجمالي" في ليبيا، بيد بقي نمو القطاع غير النفطي قوياً. ومع ذلك، لا تزال الصادرات من القطاع غير النفطي صغيرة جداً على نحو يثير الشفقة مقارنة بصادرات النفط، إذ شكّلت 2 بالمائة فقط من الصادرات في عام 2008.
وطالما بقيت أسعار النفط قوية نسبياً، فإن احتمالات ليبيا المتوسطة الأجل فيما يتعلق بالاستقرار الاقتصادي المستمر تظل قوية. ومنذ عام 2005 بلغ متوسط معدلات النمو 6.5 بالمائة سنوياً، ورغم الركود العالمي من المتوقع أن تشهد ليبيا نمواً في عام 2009. وفضلاً عن ذلك، يعمل فائضها المالي القوي (بواقع 25 بالمائة من "الناتج المحلي الإجمالي") على طمأنة النظام بأن بوسعه مواصلة الوفاء بالاحتياجات الأساسية لشعبه في حين أن تدفق التكنولوجيا الغربية لتحديث وزيادة إنتاج النفط سوف يضمن الإيرادات في العام القادم.
ومع ذلك، ستلعب الحوكمة دوراً هاماً بشكل متزايد في الفترة القادمة. فنظم الإدارة المالية العامة لليبيا، على سبيل المثال، لا تزال ضعيفة للغاية وبحاجة إلى الكثير من الإصلاحات الضرورية. وقد تراجعت ليبيا في عام 2009 أربعة مراكز لتصل إلى المرتبة 130 من بين 180 دولة في ترتبيب مقياس "منظمة الشفافية الدولية" الخاص بالفساد المدرك.
ولا تزال الرشوة واقعة من وقائع الحياة بالنسبة للشركات الأجنبية فضلاً عن المواطن العادي الذي يسعى للحصول على الخدمات.
...................................
تونس الدولة المحررة.
من الناحية الاقتصادية، تمثل تونس نقيضاً مذهلاً للجماهيرية الليبية. فمنذ أزمة ميزان المدفوعات في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، سلك هذا الاقتصاد -- الذي كان موجهاً من قَبْل من قبِل الدولة -- طريق الإصلاح الهيكلي. واليوم، لا تعد تونس صاحبة الاقتصاد الأكثر صحة [وثباتاً] في شمال أفريقيا فحسب، بل تُصنف أيضاً قبل إيطاليا من حيث القدرة التنافسية الشاملة. ونظراً لهذه الإصلاحات، يتوقع "صندوق النقد الدولي" أن تتحمل تونس التباطؤ الاقتصادي الحالي بصورة أفضل من جميع الدول الأخرى في شمال أفريقيا.
وتنبع قوة تونس الاقتصادية النسبية إلى حد كبير من التزامها طويل الأجل بإصلاح الاقتصاد الكلي الذي بدأ في أواخر الثمانينيات وشمل، من بين أمور أخرى، تعزيز القطاع المالي وتنويع اقتصادها والتزامها بالتجارة الحرة، لا سيما مع أوروبا. ورغم أنه لا يزال 20 بالمائة من السكان يعملون في القطاع الزراعي منخفض الإنتاج، إلا أن تونس طورت صناعات السياحة والنسيج والكيمياويات وتصنيع السيارات التي جذبت الكثير من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وأثبتت مرونة بشكل لافت للنظر. بيد، ترتبط نقاط القوة في هذه القطاعات ارتباطاً وثيقاً بدورة الأعمال التجارية في أوروبا، لا سيما باقتصاديات فرنسا وإيطاليا، وهما أكبر شريكين لها. إن افتقار تونس للقدرة على تكرير النفط يعني أيضاً أنها لا تزال تعتمد على النفط المكرر لتغذية اقتصادها، مما يزيد من تكاليف الواردات. ومع ذلك، لا يزال مركز تونس المالي الكُلي قوياً.
ووفقاً لتقديرات "صندوق النقد الدولي"، فاعتباراً من مايو/أيار 2009 بلغ احتياطي البلاد نحو 9 مليارات دولار، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل 3.3 بالمائة في عام 2009، بل وبمعدل أكثر قوة في عام 2010.
كما تشهد معدلات الفقر في البلاد انخفاضات على مدى عقود وتتوقع الأمم المتحدة أن تفي تونس بتحدي الألفية الذي وضعته هدفاً لها من خلال خفض معدلات الفقر بشكل إضافي إلى 1.5 بالمائة بحلول عام 2015.
ويضع "البنك الدولي" تونس في المرتبة الثامنة في دراسة "ممارسة الأعمال التجارية" من بين 19 بلداً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما أن "مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية" يضع تونس في المرتبة الثمانين من بين 182 دولة في مجال الالتحاق بالتعليم.
وعلاوة على ذلك، فإن "مؤشر الازدهار" الأكثر دقة لـ "معهد ليجاتوم" يصنف تونس في المرتبة الخمسين من بين 104 دول في مجال التعليم، وهي المرتبة الأعلى من بين جميع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد الإمارات العربية المتحدة والكويت.
ومع ذلك، هناك عدداً من التحديات الكامنة. فقد وصلت البطالة بصفة رسمية إلى 14.2 بالمائة على الصعيد الوطني، مما يخفي معدلات البطالة الأعلى في بعض أنحاء البلاد، ولا يأخذ في عين الاعتبار البطالة الجزئية. وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال الدولة تخصص موارد كثيرة جداً، لا سيما في قطاع السياحة. وفي الوقت نفسه، لا يزال الفساد الرسمي يمثل مشكلة، لكنها ليست كبيرة كما في بلدان أخرى في المنطقة.
وصنّفت "منظمة الشفافية الدولية" تونس في المرتبة 65 على مستوى العالم عام 2009 والمرتبة الثامنة بين نظرائها التسعة عشر في الشرق الأوسط. إلا أن الإصلاحات الاقتصادية في تونس بشكل إجمالي قد أمّنت مستقبلاً مزدهراً نسبياً لغالبية السكان، بما في ذلك النساء.
ومع ذلك، فكما ذُكر سابقاً -- بصفة خاصة في "مؤشر الازدهار" لـ "معهد ليجاتوم" -- فإن العيب المنفرد في سجل الإصلاحات الجدير بالاحترام في تونس، لا يزال يتمثل في التصور المتعمق لشعبها بأنهم يفتقرون إلى الحريات السياسية والمدنية ووسائل التأثير على حكومتهم.