الإخوان المسلمون بين الجمود الفكري و الطموح السياسي
في مصر و السعودية يصنفون على أنهم إرهابيون، و في المغرب و تونس شركاءً في السلطة. تجمع فروع الإخوان المسلمين في المشرق و المغرب العربي إيديولوجية مشتركة، لكن مساراتها مختلفة.فما هي أسباب التوجهات المختلفة لحركة واحدة؟
ما بدأ في عام 1928 كحركة دعوية على يد المفكر و الناشط الديني آنذاك حسن البنا و تحت اسم "الإخوان المسلمين" تحول على مر عقود عديدة إلى حركة سياسية كبيرة تفرعت عنها أحزاب سياسية فاعلة في معظم بقاع العالم العربي و التي باتت تحكم أو تشارك في الحكم في عدد غير قليل من الدول العربية عقب مرحلة ما يسمى بالربيع العربي.
لم يكن خط تطور الجماعة مستقيما، بل شهدت حركة جماعة الإخوان عبر الزمن الكثير من المنعطفات الفكرية و التنظيمية. البداية، كما ذكرنا، كانت تمثل انطلاقة عبر التعبئة الدينية الجماهيرية و العمل الاجتماعي "الخيري"، لتتحول، ربما بعد المؤتمر الخامس للجماعة في الثلاثينات من القرن الماضي، إلى العمل السياسي و لتبدأ النزاعات فيما بينها منذ عام 1948.
و في خضم تطور حركة الجماعة من تيار إيديولوجي ديني في مصر إلى قوة سياسية بتسميات مختلفة تهيمن على المشهد السياسي هنا و هناك في العالم العربي، احتفظت الجماعة في مصر بمركزها "الريادي" لعموم الحركة في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا. و كانت ذروة نجاح حركة الإخوان في مصر فوز مرشحها محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية المصرية في عام 2012. و قبل ذلك كانت الجماعة في تونس، المتمثلة بحزب النهضة، قد دخلت في لعبة السلطة عبر مشاركتها في "الترويكا" السياسية الحاكمة لحد الآن.
و في المغرب ظهر نجم الحركة في عالم السياسة تحت اسم "حزب العدالة والتنمية". لكن السباقين من الإخوان إلى السلطة كانوا في العراق و الأردن. ففي العراق شارك الحزب الإسلامي، فرع الإخوان في العراق، في كل الحكومات المتعاقبة بعد 2003. و في الأردن كانت الحركة تحظى بدعم النظام و شاركت في بعض الحكومات. و لكن الأحداث أظهرت أن حركة واحدة و بتسميات مختلفة ذات إيديولوجية مشتركة لم تستخلص استنتاجات موحدة فيما يخص طبيعة نظام الحكم و البرنامج العملي لسلطتها الدنيوية. في مصر انتهت الحركة بطردها من السلطة نزولا على رغبة "الأغلبية "من المواطنين.
و في الأردن تتعرض الحركة إلى مضايقات كبيرة من قبل السلطة. و في دول الخليج أصبحت الحركة في عداد القوى السياسية غير المرغوب فيها من قبل السلطات، بل تعدى ذلك لتتصدر قائمة الإرهابيين. فيما تبقى فروع الحركة في شمال أفريقيا في موقع يحسدهم عليه إخوانهم في مصر و الأردن. فما هي أسباب ذلك؟
التأقلم مع الظروف الوطنية
يعتقد الباحث السياسي الأردني و المختص بشؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية أن تحول جماعة الإخوان إلى حركة سياسية باتت تتأثر كثيرا بالأوضاع المحلية التي نشأت في بلدانها. و يضيف" لهذا شهدنا مسارات مختلفة لهذه الجماعة. ففي الوقت الذي كانت فيه الجماعة تتعرض إلى الإقصاء و التهميش و العزل و الحظر، كما حدث في مصر في فترة حكم عبد الناصر، كانت الجماعة في مناطق أخرى، على سبيل المثال الأردن، تحظى بدعم الأمير المؤسس للمملكة الأردنية، الأمير عبد الله، و الذي افتتح مقرها بنفسه".
كما كانت الجماعة تتعاون مع النظام الأردني في مواجهة المد اليساري في البلاد. و هذا الموقف لاحظناه في دول الخليج آنذاك". و يتابع أبو هنية "أن الجماعة أخذت مسارات مختلفة وفق المعطيات السياسية في البلدان التي تتواجد فيها. و ما تتبناه الجماعة في قُطر ما، قد لا تتبناه في قُطر آخر".
يتفق الباحث السياسي الألماني لوتس روغلير مع هذا الرأي و يشير بدوره إلى تفاوت ظروف حركات الإخوان المسلمين في الدول العربية و يضيف: "ينبغي ألا ننسى أن حركة الإخوان في مصر مثلا ظلت لعقود عديدة محظورة، و حتى عندما بدأ السادات و بعده مبارك بالتعاون معها أو مغازلتها سياسيا، بقيت الحركة ممنوعة عن العمل السياسي رسميا. فيما كانت حركات مماثلة في المغرب العربي تمارس العمل العلني نوعا ما. و هي حقيقة تشير إلى أنه من الصعب تطوير سياسة عملية في ظل ظروف الملاحقة و المطاردة".
مراجعات فكرية في المغرب العربي و جمود في مصر
و يتابع لوتس قائلا:" رغم أن فرع الحركة في تونس المتمثل بحزب النهضة بزعامة الغنوشي كان محظورا أيضا، إلا أن الأخير تمكن منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي من تطوير برنامج سياسي للإخوان في تونس عبر تفسيرات إيديولوجية و مراجعات فكرية لنهج الحركة أسفرت عنها الاعتراف بالنظام الديمقراطي كأساس للحكم و إقرار التعددية السياسية في البلاد".
و يضيف لوتس أن نفس الشيء يقال عن المغرب و الجزائر بهذا الشكل أو ذاك. و يشير لوتس إلى أن حركة الإخوان في مصر لم تٌجري مثل هذه المراجعات الفكرية على نهجها السياسي. و بقيت جامدة في نهجها الفكري. و ربما كلفها ذلك السلطة بعد انتخاب مرسي. في هذا السياق يشير لوتس إلى أن العداء و التنافر السياسيين بين جماعة الإخوان في مصر و القوى السياسية الأخرى، خصوصا القوى الليبرالية كان متجذرا و عميقا حتى قبل استلام مرسي للسلطة.
و يتابع لوتس أن أجهزة الدولة كانت مشبعة بالعداء للإخوان على مر السنين. و هو أمر لم تستطيع الحركة تجاوزه حتى بعد استلامها للسلطة. على عكس ذلك أظهرت فروع الحركة في دول المغرب العربي مرونة كبيرة في التعامل الإيديولوجي، كما لاحظنا ذلك في تونس و المغرب و حتى في الجزائر، كما يقول لوتس. و باتت تلك الحركات تتأقلم مع الظروف المحلية أكثر من نظيراتها في المنطقة.
إذاً الجمود الفكري في مصر و المرونة و المراجعات الفكرية في المغرب العربي حددت مسارات الحركة الواحدة ذات الإيديولوجية المشتركة في اتجاهات مختلفة.
في هذا السياق يقول الباحث أبو هنية إن حركة الإخوان في مصر لم تنجز حتى الآن مراجعات فكرية ضرورية، خصوصا فيما يتعلق بعلاقة الدولة بالدين و المجتمع، و أيضا فيما يتعلق بالإسلام و الحداثة و بمواضيع الديمقراطية و التعددية و الدولة المدنية، فيما خطت فروع الإخوان في تونس و المغرب و الجزائر خطوات حثيثة في هذا المجال، حيث قدمت جماعة الإخوان في المغرب، على سبيل المثال، مقاربة فقهية فكرية اجتهادية في هذه المواضيع.
لكن أبو هنية يشير إلى معضلة الإخوان في مصر و التي تمثلت في الازدواجية التنظيمية، فالحركة أسست حزب العدالة و الحرية و حافظت على هيكلية الجماعة كتنظيم بقيادتها و مرشدها العام. و بدلا من أن يقوم الحزب بوضع برنامج سياسي لعمله، بات نشاط الحزب خاضعا للجماعة تحت إمرة المرشد، ما خلق ازدواجية تنظيمية، و هو أمر يعرقل أي تطور.
الفرق بين الإخوان و السلفيين
لكن معاداة حركة الإخوان في بعض الدول العربية لا يعني بالضرورة معاداة كل حركات الإسلام السياسي عموما. و إذا كانت حركة الإخوان المسلمين تعرضت لانتكاسة سياسية و تنظيمية كبيرة في العديد من الدول العربية المهمة، كمصر و السعودية و الإمارات، فإن حركة السلفيين تجد متسعا من الفضاء السياسي للنشاط على كل الأصعدة ليس في مصر فحسب، بل حتى في كل الدول الخليجية. و يتمتع السلفيون بدعم مالي كبير من بعض دول الخليج و مجتمعاتها تحلم بها الأحزاب الليبرالية المفلسة دوما. فما هو سبب ذلك؟
يقول الباحث أبو هنية: "اعتقد أن النظام السياسي في العالم العربي هو نظام سلطوي و بالتالي كان يناصر جماعات ذات طبيعة سلفية تقليدية، بمعنى أنها تعزز أخلاقيات الطاعة، أي طاعة ولي الأمر، و بذلك فهي لا تمثل السلفية المطلقة".
و يتابع أبو هنية أن هناك نمط من السلفية الإصلاحية التي يتم استبعادها أيضا من قبل النظم الحاكمة. و يوضح أبو هنية أن بعض الأحزاب السلفية التي يعتمد عليها النظام العربي تعطي الحاكم نوعا من الشرعية. و يشير ابو هنية إلى أن مهما نشطت الأحزاب السلفية سياسيا، لكنها تبقى في نهاية المطاف في إطار طاعة ولي الأمر.
من جانبه، يؤكد لوتس روغلير هذا التوجه و يقول:" إن العنصر الأساسي في الفكر السلفي يتمثل في عدم مهاجمة الحاكم، أي الطاعة الكاملة لولي الأمر".
و يتابع و بذلك لا يشكل السلفيون خطرا حقيقيا على النظام الحاكم. و يوضح لوتس أنه في الوقت الذي كانت فيه حركة الإخوان المسلمين تتعرض للملاحقة و التضييق، كان السلفيون في مصر يعملون بكل حرية. نفس الشيء يقال عن السلفيين في دول الخليج. الحكام هناك لا يرون في السلفيين خطرا عليهم، لذلك يتركون لهم حرية العمل و النشاط بشكل ما.
.......
17.10.2014
صوت ألمانيا
في مصر و السعودية يصنفون على أنهم إرهابيون، و في المغرب و تونس شركاءً في السلطة. تجمع فروع الإخوان المسلمين في المشرق و المغرب العربي إيديولوجية مشتركة، لكن مساراتها مختلفة.فما هي أسباب التوجهات المختلفة لحركة واحدة؟
ما بدأ في عام 1928 كحركة دعوية على يد المفكر و الناشط الديني آنذاك حسن البنا و تحت اسم "الإخوان المسلمين" تحول على مر عقود عديدة إلى حركة سياسية كبيرة تفرعت عنها أحزاب سياسية فاعلة في معظم بقاع العالم العربي و التي باتت تحكم أو تشارك في الحكم في عدد غير قليل من الدول العربية عقب مرحلة ما يسمى بالربيع العربي.
لم يكن خط تطور الجماعة مستقيما، بل شهدت حركة جماعة الإخوان عبر الزمن الكثير من المنعطفات الفكرية و التنظيمية. البداية، كما ذكرنا، كانت تمثل انطلاقة عبر التعبئة الدينية الجماهيرية و العمل الاجتماعي "الخيري"، لتتحول، ربما بعد المؤتمر الخامس للجماعة في الثلاثينات من القرن الماضي، إلى العمل السياسي و لتبدأ النزاعات فيما بينها منذ عام 1948.
و في خضم تطور حركة الجماعة من تيار إيديولوجي ديني في مصر إلى قوة سياسية بتسميات مختلفة تهيمن على المشهد السياسي هنا و هناك في العالم العربي، احتفظت الجماعة في مصر بمركزها "الريادي" لعموم الحركة في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا. و كانت ذروة نجاح حركة الإخوان في مصر فوز مرشحها محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية المصرية في عام 2012. و قبل ذلك كانت الجماعة في تونس، المتمثلة بحزب النهضة، قد دخلت في لعبة السلطة عبر مشاركتها في "الترويكا" السياسية الحاكمة لحد الآن.
و في المغرب ظهر نجم الحركة في عالم السياسة تحت اسم "حزب العدالة والتنمية". لكن السباقين من الإخوان إلى السلطة كانوا في العراق و الأردن. ففي العراق شارك الحزب الإسلامي، فرع الإخوان في العراق، في كل الحكومات المتعاقبة بعد 2003. و في الأردن كانت الحركة تحظى بدعم النظام و شاركت في بعض الحكومات. و لكن الأحداث أظهرت أن حركة واحدة و بتسميات مختلفة ذات إيديولوجية مشتركة لم تستخلص استنتاجات موحدة فيما يخص طبيعة نظام الحكم و البرنامج العملي لسلطتها الدنيوية. في مصر انتهت الحركة بطردها من السلطة نزولا على رغبة "الأغلبية "من المواطنين.
و في الأردن تتعرض الحركة إلى مضايقات كبيرة من قبل السلطة. و في دول الخليج أصبحت الحركة في عداد القوى السياسية غير المرغوب فيها من قبل السلطات، بل تعدى ذلك لتتصدر قائمة الإرهابيين. فيما تبقى فروع الحركة في شمال أفريقيا في موقع يحسدهم عليه إخوانهم في مصر و الأردن. فما هي أسباب ذلك؟
التأقلم مع الظروف الوطنية
يعتقد الباحث السياسي الأردني و المختص بشؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية أن تحول جماعة الإخوان إلى حركة سياسية باتت تتأثر كثيرا بالأوضاع المحلية التي نشأت في بلدانها. و يضيف" لهذا شهدنا مسارات مختلفة لهذه الجماعة. ففي الوقت الذي كانت فيه الجماعة تتعرض إلى الإقصاء و التهميش و العزل و الحظر، كما حدث في مصر في فترة حكم عبد الناصر، كانت الجماعة في مناطق أخرى، على سبيل المثال الأردن، تحظى بدعم الأمير المؤسس للمملكة الأردنية، الأمير عبد الله، و الذي افتتح مقرها بنفسه".
كما كانت الجماعة تتعاون مع النظام الأردني في مواجهة المد اليساري في البلاد. و هذا الموقف لاحظناه في دول الخليج آنذاك". و يتابع أبو هنية "أن الجماعة أخذت مسارات مختلفة وفق المعطيات السياسية في البلدان التي تتواجد فيها. و ما تتبناه الجماعة في قُطر ما، قد لا تتبناه في قُطر آخر".
يتفق الباحث السياسي الألماني لوتس روغلير مع هذا الرأي و يشير بدوره إلى تفاوت ظروف حركات الإخوان المسلمين في الدول العربية و يضيف: "ينبغي ألا ننسى أن حركة الإخوان في مصر مثلا ظلت لعقود عديدة محظورة، و حتى عندما بدأ السادات و بعده مبارك بالتعاون معها أو مغازلتها سياسيا، بقيت الحركة ممنوعة عن العمل السياسي رسميا. فيما كانت حركات مماثلة في المغرب العربي تمارس العمل العلني نوعا ما. و هي حقيقة تشير إلى أنه من الصعب تطوير سياسة عملية في ظل ظروف الملاحقة و المطاردة".
مراجعات فكرية في المغرب العربي و جمود في مصر
و يتابع لوتس قائلا:" رغم أن فرع الحركة في تونس المتمثل بحزب النهضة بزعامة الغنوشي كان محظورا أيضا، إلا أن الأخير تمكن منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي من تطوير برنامج سياسي للإخوان في تونس عبر تفسيرات إيديولوجية و مراجعات فكرية لنهج الحركة أسفرت عنها الاعتراف بالنظام الديمقراطي كأساس للحكم و إقرار التعددية السياسية في البلاد".
و يضيف لوتس أن نفس الشيء يقال عن المغرب و الجزائر بهذا الشكل أو ذاك. و يشير لوتس إلى أن حركة الإخوان في مصر لم تٌجري مثل هذه المراجعات الفكرية على نهجها السياسي. و بقيت جامدة في نهجها الفكري. و ربما كلفها ذلك السلطة بعد انتخاب مرسي. في هذا السياق يشير لوتس إلى أن العداء و التنافر السياسيين بين جماعة الإخوان في مصر و القوى السياسية الأخرى، خصوصا القوى الليبرالية كان متجذرا و عميقا حتى قبل استلام مرسي للسلطة.
و يتابع لوتس أن أجهزة الدولة كانت مشبعة بالعداء للإخوان على مر السنين. و هو أمر لم تستطيع الحركة تجاوزه حتى بعد استلامها للسلطة. على عكس ذلك أظهرت فروع الحركة في دول المغرب العربي مرونة كبيرة في التعامل الإيديولوجي، كما لاحظنا ذلك في تونس و المغرب و حتى في الجزائر، كما يقول لوتس. و باتت تلك الحركات تتأقلم مع الظروف المحلية أكثر من نظيراتها في المنطقة.
إذاً الجمود الفكري في مصر و المرونة و المراجعات الفكرية في المغرب العربي حددت مسارات الحركة الواحدة ذات الإيديولوجية المشتركة في اتجاهات مختلفة.
في هذا السياق يقول الباحث أبو هنية إن حركة الإخوان في مصر لم تنجز حتى الآن مراجعات فكرية ضرورية، خصوصا فيما يتعلق بعلاقة الدولة بالدين و المجتمع، و أيضا فيما يتعلق بالإسلام و الحداثة و بمواضيع الديمقراطية و التعددية و الدولة المدنية، فيما خطت فروع الإخوان في تونس و المغرب و الجزائر خطوات حثيثة في هذا المجال، حيث قدمت جماعة الإخوان في المغرب، على سبيل المثال، مقاربة فقهية فكرية اجتهادية في هذه المواضيع.
لكن أبو هنية يشير إلى معضلة الإخوان في مصر و التي تمثلت في الازدواجية التنظيمية، فالحركة أسست حزب العدالة و الحرية و حافظت على هيكلية الجماعة كتنظيم بقيادتها و مرشدها العام. و بدلا من أن يقوم الحزب بوضع برنامج سياسي لعمله، بات نشاط الحزب خاضعا للجماعة تحت إمرة المرشد، ما خلق ازدواجية تنظيمية، و هو أمر يعرقل أي تطور.
الفرق بين الإخوان و السلفيين
لكن معاداة حركة الإخوان في بعض الدول العربية لا يعني بالضرورة معاداة كل حركات الإسلام السياسي عموما. و إذا كانت حركة الإخوان المسلمين تعرضت لانتكاسة سياسية و تنظيمية كبيرة في العديد من الدول العربية المهمة، كمصر و السعودية و الإمارات، فإن حركة السلفيين تجد متسعا من الفضاء السياسي للنشاط على كل الأصعدة ليس في مصر فحسب، بل حتى في كل الدول الخليجية. و يتمتع السلفيون بدعم مالي كبير من بعض دول الخليج و مجتمعاتها تحلم بها الأحزاب الليبرالية المفلسة دوما. فما هو سبب ذلك؟
يقول الباحث أبو هنية: "اعتقد أن النظام السياسي في العالم العربي هو نظام سلطوي و بالتالي كان يناصر جماعات ذات طبيعة سلفية تقليدية، بمعنى أنها تعزز أخلاقيات الطاعة، أي طاعة ولي الأمر، و بذلك فهي لا تمثل السلفية المطلقة".
و يتابع أبو هنية أن هناك نمط من السلفية الإصلاحية التي يتم استبعادها أيضا من قبل النظم الحاكمة. و يوضح أبو هنية أن بعض الأحزاب السلفية التي يعتمد عليها النظام العربي تعطي الحاكم نوعا من الشرعية. و يشير ابو هنية إلى أن مهما نشطت الأحزاب السلفية سياسيا، لكنها تبقى في نهاية المطاف في إطار طاعة ولي الأمر.
من جانبه، يؤكد لوتس روغلير هذا التوجه و يقول:" إن العنصر الأساسي في الفكر السلفي يتمثل في عدم مهاجمة الحاكم، أي الطاعة الكاملة لولي الأمر".
و يتابع و بذلك لا يشكل السلفيون خطرا حقيقيا على النظام الحاكم. و يوضح لوتس أنه في الوقت الذي كانت فيه حركة الإخوان المسلمين تتعرض للملاحقة و التضييق، كان السلفيون في مصر يعملون بكل حرية. نفس الشيء يقال عن السلفيين في دول الخليج. الحكام هناك لا يرون في السلفيين خطرا عليهم، لذلك يتركون لهم حرية العمل و النشاط بشكل ما.
.......
17.10.2014
صوت ألمانيا