تونس.. ذبح راع يؤجج مشاعرالغبن لدى سكان المناطق النائية
أجج ذبح الراعي مبروك سلطاني في منطقة جبلية نائية وسط غرب تونس على يد جهاديين، شعور سكان دوار سلاطنية ومناطق مماثلة في تونس بالتهميش، في ظل عجز قوات الأمن على فرض القانون والنظام في هذه المناطق.
أجج إقدام جهاديين على ذبح فتى راع بمنطقة جبلية نائية وفقيرة وسط غرب تونس شعور سكان المناطق الريفية في البلاد بالتهميش الاجتماعي والاقتصادي. وفي 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، ذبح جهاديون قرب جبل مغيلة (وسط غرب) مبروك السلطاني (16 عاماً) حين كان يرعى الغنم مع شكري ابن عمه (14 عاما) ووضعوا رأسه في كيس سلموه للأخير وطلبوا منه إيصاله إلى عائلته. وعندما عاد شكري إلى المنزل ومعه الرأس المقطوعة كانت الصدمة كبيرة في "دوار سلاطنية".
وتتبع هذه القرية معتمدية جلمة من ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب) التي انطلقت منها شرارة الثورة التي أطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وندد سكان دوار سلاطنية بتأخر تدخل قوات الأمن والجيش إثر ذبح الراعي مبروك.
غياب قوات الأمن
واضطرت عائلة الراعي المقتول للاحتفاظ برأسه المقطوعة ليلة كاملة في ثلاجة المنزل في انتظار قوات الأمن التي لم تأت إلا في اليوم التالي. وقال محمد (20 عاماً) شقيق مبروك لتلفزيون "نسمة" التونسي الخاص: "اتصلنا بهم (الشرطة) الساعة الخامسة بعد الظهر فقالوا لنا لن نصعد (إلى الجبل). لماذا؟ هل انتم خائفون؟". وأضاف محمد "لأول مرة في التاريخ تبيت رأس إنسان ليلة في الثلاجة وبقية جثته في الجبل (..) أيُعقل هذا؟ أين (قوات) الأمن؟ أين الجيش؟".
وغداة ذبح مبروك السلطاني، جازف أفراد من عائلته بالصعود إلى الجبل بحثاً عن جثته التي وجدوها وكلاب الراعي تحرسها. وأقر رئيس الحكومة الحبيب الصيد بأن تدخل قوات الأمن والجيش كان "متأخراً شيئاً ما". وقال في مقابلة مع تلفزيون "الحوار التونسي" الخاص أن التدخل كان "متأخراً شيئاً ما. هذا صحيح ولا ننكره، لكن (التأخير كان) لأسباب موضوعية وأمنية وتكتيكية".
وفي 11 تشرين الثاني/ نوفمبر، تبنت "كتيبة عقبة بن نافع" المجموعة الجهادية الرئيسية في تونس والمرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، قتل اثنين من رعاة الغنم في منطقة جبلية بولاية القصرين (وسط غرب) الحدودية مع الجزائر.
وقالت الكتيبة إن الراعييْن كانا "يتجسسان على الجهاديين" لحساب قوات الأمن والجيش التي تتعقب الجهاديين. وحذرت المجموعة في شريط فيديو نشرته على الانترنت "الرعاة وحراس الغابات من مغبة التعاون مع الطواغيت (الشرطة والجيش) والتبليغ عن المجاهدين" مهددة بقتل كل "جاسوس (..) يتعاون ويبلّغ عن المجاهدين". وكانت تلك أول مرة تتبنى فيها مجموعة جهادية قتل مدنيين في تونس.
وقال الحبيب الصيد إن الراعي مبروك السلطاني "لم تكن له علاقة بالأمن أو الجيش الوطني" وأن "الإرهابيين" الذين سرقوا بعضاً من رؤوس أغنامه قتلوه لأنه تصدى لهم.
من جانب آخر قُتل الأحد الماضي جندي وثلاثة جهاديين بجبل مغيلة في اشتباكات مسلحة بين الجيش و"الإرهابيين" الذين قتلوا الراعي مبروك السلطاني وفق وزارة الدفاع. وذلك غداة تحول وزير الداخلية ناجم الغرسلي إلى دوار سلاطنية برفقة تعزيزات أمنية وعسكرية في مشهد أغضب الأهالي المستاءين من تأخر تدخل قوات الأمن والجيش. وطلب بعض الأهالي من الوزير تسليحهم حتى يحموا أنفسهم من الجهاديين.
"نعيش خارج التاريخ"
وبعد الإطاحة بنظام بن علي مطلع 2011 تصاعد في تونس عنف جماعات جهادية مسلحة خططت وفق السلطات لإقامة "أول إمارة إسلامية في شمال إفريقيا" بتونس. وحتى اليوم قتلت هذه المجموعات عشرات من عناصر الأمن والجيش.
ففي 2015 قُتل 59 سائحاً أجنبياً في هجومين على متحف باردو الشهير وسط العاصمة تونس، وفندق بولاية سوسة (وسط شرق) تبناهما تنظيم "داعش" المتطرف.
وبعد مضي خمس سنوات على الثورة التي اندلعت للمطالبة بالتشغيل وتحسين ظروف العيش لا تزال البطالة والفقر عند نسب مرتفعة في تونس. وفي هذا السياق قال عماد (32 عاماً)، ابن عم مبروك، لفرانس برس: "نحن نعيش خارج التاريخ".
وفي مقابلة مع تلفزيون نسمة روى نسيم ابن عم مبروك المعاناة اليومية لسكان دوار سلاطنية قائلاً : " نحن نعيش على الحشائش (التي تنبت في الجبل) ونأتي بالماء من الجبل، واليوم في الجبل إرهابيون، من أين سأشرب؟ سأموت إما من العطش أو الجوع أو الإرهاب". وتساءل بمرارة "لماذا مات مبروك؟ لأنه يعيش من الجبل"، مضيفاً بالقول: "نحن مستهدفون في كل لحظة" محذراً من سهولة "شراء" الجهاديين لشباب المنطقة "المهمش والأمي والعاطل" عن العمل.
19.11.2015
.......
(آ ف ب، DW)
أجج ذبح الراعي مبروك سلطاني في منطقة جبلية نائية وسط غرب تونس على يد جهاديين، شعور سكان دوار سلاطنية ومناطق مماثلة في تونس بالتهميش، في ظل عجز قوات الأمن على فرض القانون والنظام في هذه المناطق.
أجج إقدام جهاديين على ذبح فتى راع بمنطقة جبلية نائية وفقيرة وسط غرب تونس شعور سكان المناطق الريفية في البلاد بالتهميش الاجتماعي والاقتصادي. وفي 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، ذبح جهاديون قرب جبل مغيلة (وسط غرب) مبروك السلطاني (16 عاماً) حين كان يرعى الغنم مع شكري ابن عمه (14 عاما) ووضعوا رأسه في كيس سلموه للأخير وطلبوا منه إيصاله إلى عائلته. وعندما عاد شكري إلى المنزل ومعه الرأس المقطوعة كانت الصدمة كبيرة في "دوار سلاطنية".
وتتبع هذه القرية معتمدية جلمة من ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب) التي انطلقت منها شرارة الثورة التي أطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وندد سكان دوار سلاطنية بتأخر تدخل قوات الأمن والجيش إثر ذبح الراعي مبروك.
غياب قوات الأمن
واضطرت عائلة الراعي المقتول للاحتفاظ برأسه المقطوعة ليلة كاملة في ثلاجة المنزل في انتظار قوات الأمن التي لم تأت إلا في اليوم التالي. وقال محمد (20 عاماً) شقيق مبروك لتلفزيون "نسمة" التونسي الخاص: "اتصلنا بهم (الشرطة) الساعة الخامسة بعد الظهر فقالوا لنا لن نصعد (إلى الجبل). لماذا؟ هل انتم خائفون؟". وأضاف محمد "لأول مرة في التاريخ تبيت رأس إنسان ليلة في الثلاجة وبقية جثته في الجبل (..) أيُعقل هذا؟ أين (قوات) الأمن؟ أين الجيش؟".
وغداة ذبح مبروك السلطاني، جازف أفراد من عائلته بالصعود إلى الجبل بحثاً عن جثته التي وجدوها وكلاب الراعي تحرسها. وأقر رئيس الحكومة الحبيب الصيد بأن تدخل قوات الأمن والجيش كان "متأخراً شيئاً ما". وقال في مقابلة مع تلفزيون "الحوار التونسي" الخاص أن التدخل كان "متأخراً شيئاً ما. هذا صحيح ولا ننكره، لكن (التأخير كان) لأسباب موضوعية وأمنية وتكتيكية".
وفي 11 تشرين الثاني/ نوفمبر، تبنت "كتيبة عقبة بن نافع" المجموعة الجهادية الرئيسية في تونس والمرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، قتل اثنين من رعاة الغنم في منطقة جبلية بولاية القصرين (وسط غرب) الحدودية مع الجزائر.
وقالت الكتيبة إن الراعييْن كانا "يتجسسان على الجهاديين" لحساب قوات الأمن والجيش التي تتعقب الجهاديين. وحذرت المجموعة في شريط فيديو نشرته على الانترنت "الرعاة وحراس الغابات من مغبة التعاون مع الطواغيت (الشرطة والجيش) والتبليغ عن المجاهدين" مهددة بقتل كل "جاسوس (..) يتعاون ويبلّغ عن المجاهدين". وكانت تلك أول مرة تتبنى فيها مجموعة جهادية قتل مدنيين في تونس.
وقال الحبيب الصيد إن الراعي مبروك السلطاني "لم تكن له علاقة بالأمن أو الجيش الوطني" وأن "الإرهابيين" الذين سرقوا بعضاً من رؤوس أغنامه قتلوه لأنه تصدى لهم.
من جانب آخر قُتل الأحد الماضي جندي وثلاثة جهاديين بجبل مغيلة في اشتباكات مسلحة بين الجيش و"الإرهابيين" الذين قتلوا الراعي مبروك السلطاني وفق وزارة الدفاع. وذلك غداة تحول وزير الداخلية ناجم الغرسلي إلى دوار سلاطنية برفقة تعزيزات أمنية وعسكرية في مشهد أغضب الأهالي المستاءين من تأخر تدخل قوات الأمن والجيش. وطلب بعض الأهالي من الوزير تسليحهم حتى يحموا أنفسهم من الجهاديين.
"نعيش خارج التاريخ"
وبعد الإطاحة بنظام بن علي مطلع 2011 تصاعد في تونس عنف جماعات جهادية مسلحة خططت وفق السلطات لإقامة "أول إمارة إسلامية في شمال إفريقيا" بتونس. وحتى اليوم قتلت هذه المجموعات عشرات من عناصر الأمن والجيش.
ففي 2015 قُتل 59 سائحاً أجنبياً في هجومين على متحف باردو الشهير وسط العاصمة تونس، وفندق بولاية سوسة (وسط شرق) تبناهما تنظيم "داعش" المتطرف.
وبعد مضي خمس سنوات على الثورة التي اندلعت للمطالبة بالتشغيل وتحسين ظروف العيش لا تزال البطالة والفقر عند نسب مرتفعة في تونس. وفي هذا السياق قال عماد (32 عاماً)، ابن عم مبروك، لفرانس برس: "نحن نعيش خارج التاريخ".
وفي مقابلة مع تلفزيون نسمة روى نسيم ابن عم مبروك المعاناة اليومية لسكان دوار سلاطنية قائلاً : " نحن نعيش على الحشائش (التي تنبت في الجبل) ونأتي بالماء من الجبل، واليوم في الجبل إرهابيون، من أين سأشرب؟ سأموت إما من العطش أو الجوع أو الإرهاب". وتساءل بمرارة "لماذا مات مبروك؟ لأنه يعيش من الجبل"، مضيفاً بالقول: "نحن مستهدفون في كل لحظة" محذراً من سهولة "شراء" الجهاديين لشباب المنطقة "المهمش والأمي والعاطل" عن العمل.
19.11.2015
.......
(آ ف ب، DW)