الأخلاق..ضرورة عصرية
* د. أسعد السحمراني
تتردّى المجتمعات المعاصرة، خاصة في أوروبا الغربية والشرقية وأمريكا، في واقع اجتماعي مأساوي، فمن العلاقات الجنسية الشاذة، إلى الإباحية المفرطة في هذا المجال وصولاً إلى الإدمان على الكحول الذي بات معضلة تشلّ طاقات الكثيرين، مما دفع بالحكومات لان تسعى جادة من أجل إيجاد الحلول لهذه المعضلات. هذا عدا التفكّك الأسروي، وتناقص عدد السكان، وذلك الفراغ الروحي الهائل الذي يعيشه إنسان مجتمعاتهم، حيث لا يجد من يواسيه إذا أصيب بمصيبة، ولا مَن يشاركه وجدانه إذا كان في حالة سرور أو ألم، مما ولَّد قلقاً وتشاؤماً يلّفّ حياة الأفراد في مجتمعاتهم.
ومع أن الإنسان في مجتمعاتهم "حاول القضاء على هذا الشعور الأليم بالوحدة عن طريق روتين الحياة البيروقراطية الآلية، كما حاول التغلّب على يأسه اللاشعوري بروتين التسلية والاستهلاك السلبي للأصوات والمشاهد التي تقدّمها له صناعة التسلية فضلاً عن التجائه إلى لذّات شراء الأشياء الجديدة ثم استبدالها بغيرها...إلخ، ولكن هذه الأساليب المصطنعة في القضاء على شعور الفرد باغترابه عن ذاته لم تستطع أن تحقّق له الشعور بالأمن أو الإحساس بالطمأنينة".
إن مدنية الكمّ والمقدار استطاعت أن تحقّق تقدماً تقنياً شمل مختلف مجالات التصنيع، ولكنها لم ولن تستطيع إشباع الجانب الروحي للإنسان، فإذا بالتقدم التقني الهائل ينعكس تدهوراً هائلاً في سمات إنسانية الإنسان، وحياته الآدمية مما انعكس انحرافاً أخلاقياً جعل من مجتمعات أوروبا وأمريكا جحيماً لا يطاق.
والحلّ ليس في فلسفات ينظّر فيها فلان أو فلان، وإنما إنقاذهم في العودة إلى رحاب الإيمان، لأن قيم الأخلاق الفاسدة التي أدّت إلى انحطاط مجتمعاتهم ما هي إلّا انعكاس لتلك الفلسفات الوضعية التي ادّعوا أنها عقلانية، والتي سادت كل مجالات حياتهم، فإذا بتناقض الفلسفات ينعكس تناقضاً بين الإنسان وغيره، وبينه وبين نفسه أحياناً. وإذا بالتفسيرات المادّية والرقمية للأمور تحوّلهم إلى دين جديد يعبدون فيه المادة، واللذّة الحسّية.
إن نمط حياتهم، رغم كل التقدّم الآلي، جعل منها حياة تفتقر إلى أبسط المقوّمات الإنسانية، وأنتج خللاً في علاقات الناس ببعضهم فإذا بالحرّية الفردية المفرطة دون سقف من القيم والمثل العليا تضبطها، تتحوّل إلى حيوانية اين منها أساليب عيش القطعان.
إنهم يفتقرون إلى أمر أساسي هو إيقاظ القيم، وتجديد تحديد المثل العليا النابعة من الدين وليس من تفلسف الأفراد، على أن يكون منهاج يقظة القيم الأخلاقية هو ذلك السلوك الواعي المستند إلى منهاج إسلامي قاعدته وضابطه ما جاء في قول الله تعالى:(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (القصص/ 77).
المصدر: كتاب الأخلاق في الإسلام والفلسفة القديمة.
البلاغ
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب.هود88.
* د. أسعد السحمراني
تتردّى المجتمعات المعاصرة، خاصة في أوروبا الغربية والشرقية وأمريكا، في واقع اجتماعي مأساوي، فمن العلاقات الجنسية الشاذة، إلى الإباحية المفرطة في هذا المجال وصولاً إلى الإدمان على الكحول الذي بات معضلة تشلّ طاقات الكثيرين، مما دفع بالحكومات لان تسعى جادة من أجل إيجاد الحلول لهذه المعضلات. هذا عدا التفكّك الأسروي، وتناقص عدد السكان، وذلك الفراغ الروحي الهائل الذي يعيشه إنسان مجتمعاتهم، حيث لا يجد من يواسيه إذا أصيب بمصيبة، ولا مَن يشاركه وجدانه إذا كان في حالة سرور أو ألم، مما ولَّد قلقاً وتشاؤماً يلّفّ حياة الأفراد في مجتمعاتهم.
ومع أن الإنسان في مجتمعاتهم "حاول القضاء على هذا الشعور الأليم بالوحدة عن طريق روتين الحياة البيروقراطية الآلية، كما حاول التغلّب على يأسه اللاشعوري بروتين التسلية والاستهلاك السلبي للأصوات والمشاهد التي تقدّمها له صناعة التسلية فضلاً عن التجائه إلى لذّات شراء الأشياء الجديدة ثم استبدالها بغيرها...إلخ، ولكن هذه الأساليب المصطنعة في القضاء على شعور الفرد باغترابه عن ذاته لم تستطع أن تحقّق له الشعور بالأمن أو الإحساس بالطمأنينة".
إن مدنية الكمّ والمقدار استطاعت أن تحقّق تقدماً تقنياً شمل مختلف مجالات التصنيع، ولكنها لم ولن تستطيع إشباع الجانب الروحي للإنسان، فإذا بالتقدم التقني الهائل ينعكس تدهوراً هائلاً في سمات إنسانية الإنسان، وحياته الآدمية مما انعكس انحرافاً أخلاقياً جعل من مجتمعات أوروبا وأمريكا جحيماً لا يطاق.
والحلّ ليس في فلسفات ينظّر فيها فلان أو فلان، وإنما إنقاذهم في العودة إلى رحاب الإيمان، لأن قيم الأخلاق الفاسدة التي أدّت إلى انحطاط مجتمعاتهم ما هي إلّا انعكاس لتلك الفلسفات الوضعية التي ادّعوا أنها عقلانية، والتي سادت كل مجالات حياتهم، فإذا بتناقض الفلسفات ينعكس تناقضاً بين الإنسان وغيره، وبينه وبين نفسه أحياناً. وإذا بالتفسيرات المادّية والرقمية للأمور تحوّلهم إلى دين جديد يعبدون فيه المادة، واللذّة الحسّية.
إن نمط حياتهم، رغم كل التقدّم الآلي، جعل منها حياة تفتقر إلى أبسط المقوّمات الإنسانية، وأنتج خللاً في علاقات الناس ببعضهم فإذا بالحرّية الفردية المفرطة دون سقف من القيم والمثل العليا تضبطها، تتحوّل إلى حيوانية اين منها أساليب عيش القطعان.
إنهم يفتقرون إلى أمر أساسي هو إيقاظ القيم، وتجديد تحديد المثل العليا النابعة من الدين وليس من تفلسف الأفراد، على أن يكون منهاج يقظة القيم الأخلاقية هو ذلك السلوك الواعي المستند إلى منهاج إسلامي قاعدته وضابطه ما جاء في قول الله تعالى:(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (القصص/ 77).
المصدر: كتاب الأخلاق في الإسلام والفلسفة القديمة.
البلاغ
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب.هود88.
عدل سابقا من قبل أن تعرف أكثر في الجمعة يناير 28, 2011 11:46 pm عدل 1 مرات