المسلسلات التركية وتأثيرها على العادات والتقاليد العراقية.
شبكة النبأ: في وقت صارت المسلسلات التركية التي تبثها الفضائيات العربية تشكل المساحة الأكبر في مشاهدات الفرد العراقي، يرى متابعون انها تحولت الى مصدر لنقل العادات والثقافة التركية الى المجتمع العراقي حيث يحاول الشباب تقليد أبطالها، فيما يحذر مختصون من تأثيراتها السلبية.
طرق الحياة وبعض الرؤى التي تجسدها المسلسلات التركية وان كانت بعيدة عن الواقع العراقي إلا أنها تلاقي الكثير من القبول عند الشباب والشابات، بحسب مواطنين يرون أن الكثير من أبناء الجيل الجديد يقلدون أبطال تلك المسلسلات في تصرفاتهم فضلا عن تقليد حركات بعض نجوم تلك المسلسلات ومظهرهم الخارجي.
يقول علي فاضل (27 عاما) الذي يملك كافتيريا في بغداد صممها على الطريقة التركية، “سافرت الى تركيا بعد مشاهدتي للتراث التركي من خلال مسلسل سنوات الضياع، وأحسست من خلاله ان التراث التركي قريب من العراقي مع اختلاف بسيط، حيث لمست أن الاتراك محتفظون بتراثهم الى جانب التواصل مع الحداثة بحكم اختلاطهم مع اوروبا”.
واضاف “أنشأت بعد عودتي كافيتريا على الطريقة التركية، وهي نسخة طبق الأصل لكافيتريا اسمها طوب خانة، رايتها في مدينة اسطنبول، وطوب تعني بالتركية مدفع وخانة هي المكان، وكانت تستخدم كمنطقة لاطلاق المدافع ابان الحرب العالمية الثانية، والحمد لله لاقت هذه الفكرة رضا واستحسان الشباب العراقي فالاقبال على الكافيتريا جيد”.
وهذا يؤكد ما يذهب اليه الكثيرون من أن المسلسلات التركية تشكل مصدرا للجذب السياحي حتى صار السفر بقصد السياحة الى تركيا الوجهة المفضلة للكثير من العوائل ذات الدخل المناسب، والتي تتوجه الى هناك منجذبة بما تعرضه تلك المسلسلات من لقطات للطبيعة التركية، خاصة مع التخفيضات في الاسعار التي توفرها شركات السياحة.
عمر محمد (29 عاما) أحد الذين زار تركيا بعد مشاهدته لعدة مسلسلات عرضتها القنوات العربية بعد دبلجتها، يقول “بعد مشاهداتي للمسلسلات التركية وجدت أن هناك مناطق جميلة تستحق الزيارة، كانت لدي قبلها فكرة جيدة عن تركيا لكن تلك المسلسلات وضحتها وغرزت في داخلي حب زيارتها خاصة انه بلد مجاور للعراق ومفتوح امام العراقيين دون صعوبة في الحصول على تأشيرة الدخول بالإضافة إلى استئناف رحلات القطارات بين العراق وتركيا عن طريق الموصل والى مدينة غازي عنتاب وبأسعار رخيصة”.
وتابع “زرت تركيا التي صارت مقصدا للسواح العراقيين، خاصة أن الأسعار معقولة وكل شيء جميل، وطبعا تأثرت بطريقة حياتهم فهم ينقلون عبر مسلسلاتهم تقاليد شرقية لكنها مطعمة بالحداثة الغربية”. بحسب وكالة اصوات العراق.
وتنقل المسلسلات التركية التي تمتد حلقاتها الى اكثر من 100 حلقة تفاصيل كثيرة عن حياة الاتراك وتقاليدهم وصراعهم على لقمة العيش فضلا عن الجوانب الاجتماعية والعلاقات العاطفية التي تركز عليها الى جانب قضايا الاثارة السياسية، وتنقل عدد كبير من المحطات العربية تلك المسلسلات مدبلجة الى العربية باللهجة السورية لما لاقته من رواج.
انعام علي (23 عاما) طالبة جامعية تقول، رغم أن “المسلسلات التركية طويلة جدا ومبالغ في مواضيعها، الا ان لها تأثيرا كبيرا على الشباب العراقي من ناحية الملبس وتقليد تسريحات الشعر وحتى حركات واسلوب كلام الشخصيات البارزة في تلك المسلسلات، مثل شخصية عمار كوسوفي او يحيى”.
وتضيف “عرفنا من خلال تلك المسلسلات جوانب عديد عن الثقافة التركية، وعن جمال تركيا وهي صارت نافذة للاطلاع على مجتمعات شرقية قريبة من المجتمع العراقي لكنها تحاكي الغرب في الكثير من تفاصيل حياتها”.
ويقول كرار علي رحمة (28 عاما) “أنا من المتابعين الشغوفين بالمسلسلات، ولعدة أسباب أهمها وقت الفراغ الكبير الذي املكه لعدم امتلاكي وظيفة او عمل، وثانيا للأحداث الجميلة والتفاصيل الصغيرة التي تحتويها هذه المسلسلات والتي تتجدد باستمرار، ولا اخفيك سراً ان قلت لك اني بدأت أقلد الشخصيات المهمة في ملبسي وتسريحة شعري، كما ان الفتيات يقلدن بطلات تلك المسلالات التي صارت ملابسهن مقاييس للموديلات الدارجة، فضلا عم تقليد تجهيز بعض الأطعمة التركية”.
ويضيف “كما ان تلك المسلسلات فتحت عيني على ما هو موجود وراء الحدود فلدي اليوم رغبة كبيرة للسفر وخاصة الى تركيا”.
أما سهاد عامر (20 عاما) طالبة جامعية، فتقول “منذ إنطلاق بث المسلسلات التركية بعرض مسلسل (نور) صرت أحرص على متابعة بعضها، وحالياً أتابع خمسة مسلسلات متنوعة في اليوم بينها مسلسلات تركية”.
وتضيف “أشاهد هذه المسلسلات بسبب وقف الفراغ الطويل وكوني طالبة لا استطيع الخروج من البيت مع عدم توفر أماكن مناسبة للخروج وسط الاجواء التي نعيشها في العراق، وما يميز المسلسل التركي هو وجود جرعة زائدة من الرومانسية فيها فضلا عن جمال الممثلات التركيات”.
وتابعت “أعتقد أن المسلسلات العربية أفضل، خاصة السورية، لأن قصصها أقوى وتعبر عن واقعنا بشكل أدق”، لافتة الى انها تشاهد المسلسلات وحدها “أما إذا كنت أشاهدها بحضور صديقاتي فإننا نتناقش حول أحداثها”.
لكن تقول انتصار جبار (28 عاما) ترى ان موجة المسلسلات التركية “موضة وستنتهي شأنها شأن المسلسلات المكسيكية”، وتقول “انا لا انجذب الى المسلسلات التركية بشكل كبير، واعتقد ان السبب وراء متابعتها بشكل كبير يعود الى انها تنقل نمط جديد من الحياة، فنحن منذ سنوات لا نشاهد إلا مسلسلات خليجية وسورية ومصرية، وعندما عرضت هذه المسلسلات أوجدت تغييراً والنفس البشرية تحب التغيير، كما أن الرومانسية في هذه المسلسلات تلعب دوراً في جذب عدد كبير من المشاهدين،فضلا عن المناظر الجميلة”.
وعن دور تلك المسلسلات في الترويج لتركيا ثقافيا وسياحيا تقول “بصراحة لها دور كبير وأنا تراودني فكرة الذهاب إلى تركيا، ليس بسبب طبيعة المجتمع التركي ولكن لزيارة تلك البلاد، لما تتميز به من طبيعة خلابة”.
من جهته، دعا استاذ بجامعة بغداد ومختصون في مجال الاجتماع الى متابعة ظاهرة انتشار بث المسلسلات التركية لما قد تحمله من نتائج سلبية على المجتمع العراقي، خاصة بما تحققه بعض تلك المسلسلات من شهرة واستقطاب جماهيري كبير.
ويقول الاستاذ بكلية الأعلام بجامعة بغداد الدكتور حسين علي نور الموسوي، ان “تقديم القنوات الفضائية العربية لمسلسلات تركية صارت ظاهرة ملفتة، ورغم ان تلك المسلسلات من الناحية الفنية لا تحمل ما يثير القلق فعملية الانتاج والاخراج معدة على اعلى المستويات الفنية ويتم توظيف كل عناصر جذب المشاهد فيها، الا انها من ناحية المضمون تثير الشك”.
ويضيف “من ناحية المضمون تحمل تلك المسلسلات في طياتها الكثير من السلبيات ومنها عدم تطابقها مع الواقع المعاش في تركيا وكأن هذه المسلسلات انتجت في مكان وصدرت الى مكان آخر، فالكثير منها بعيدة من ناحية العادات والتقاليد ومن ناحية طرح الافكار عن الواقع، لذا نجد هنالك فجوة كبيرة ما بين ما يعرض للمشاهد وبين واقعه”.
ويتابع “استطاعت بعض تلك المسلسلات ان تسرب الكثير من الأفكار والمعلومات والقضايا الى المجتمعات العربية والاسلامية التي قد تكون سلبية، ناهيك عن المضامين السياسية التي تحملها بعضها وان لم تكن مثارة بشكل كبير، لأن الجانب العاطفي كان هو الطاغي”.
ويوضح “الجوانب السياسية الموجودة لا يستطيع ان يدركها او يحللها الا أصحاب الشأن والمتخصصون، وفيما انتبهت اليها اسرائيل، كما هو الحال في القضية التي اثيرت بين تركيا واسرائيل بسبب لقطة في احدى المسلسلات ووصل الأمر الى حد قطع العلاقات بين الدولتين لأن الاسرائيليين اعتبروا ان هذه المسلسلات اقتربت من الخطوط الحمراء لمجتمعهم، أما عندنا فهكذا قضايا تمر في مجتمعاتنا مرور الكرام ودون رقيب حتى وان كانت تحمل في طياتها الكثير من الأمور المسيئة لمجتمعاتنا، فربما الغرض منها تمرير مجموعة من الأفكار والرؤى الاجتماعية والثقافية والسياسية لإظهار تركيا كمجتمع منفتح ومتطور، وحتى الاقتصادية من خلال جذب السياح العرب الى تركيا، وتشير الارقام هنا الى ان السياحة الشرق الوسطية الى تركيا ارتفعت بنسبة 70 بالمائة بعد عرض تلك المسلسلات”.
من جانبه، يعتقد الإعلامي في قناة بلادي عقيل باقر أن “بعض المحطات التلفزيونية في المنطقة تحولت إلى أجهزة دعائية مجانية للثقافة والسياحة التركية من خلال المسلسلات التي تقدمها على شاشاتها”.
ويعزي باقر سبب الانتشار القوي للدراما التركية “الى ترجمتها للهجة السورية القريبة من اللهجة العراقية”، مبينا أن “تأثيرات الثقافة التركية تظل محدودة ولن يتأثر المجتمع العراقي بشكل كبير بها باعتبار انه مجتمع محافظ يضم طبقات عشائرية ودينية لا تسمح بتقليد كل ما هو قادم وتقبله”.
لكن الاختصاصية في علم الاجتماع امال عبد الرزاق، ترى أن “رواج المسلسلات التركية وإقبال نسب كبيرة من الشبان والشابات على مشاهدتها دليل على أنها تتناول أشياء تتجاوب مع مشكلاتهم الحياتية وتطلعاتهم المستقبلية”.
وتقول “في النهاية هذا أمر مقبول ومفهوم نظراً لتقارب الرؤية في المجتمعات الشرقية حيث لا توجد تقاطعات كبيرة”.
وتضيف “المهم دائماً هو أن يتحدث الأهل إلى أبنائهم ويناقشوهم فيما يرونه ويهتموا باهتماماتهم لأنها تعكس الكثير مما يدور في نفوسهم وهي مفتاح ملائم للدخول إلى عوالم الشباب في كثير من الأحيان”.
وأيد الرأي الأخير الموظف المتقاعد ناظم جاسم، الذي قال “استقطاب المسلسلات التركية للكثير من المشاهدين العراقيين دليل انها قدمت شيئا جديدا أثار انتباههم وسواء كان ذلك الشيء هو الصورة الجميلة او الطبيعة الساحرة لتركيا او التقاليد القريبة من المجتمع العراقي او حتى طريقة التعامل داخل العائلة التركية ونقل التفاصيل البسيطة فكلها بمجموعها تعني ان هناك تطلع لدى الفرد العراقي لحياة مختلفة”.
ويضيف “انا لست خائفا على تقليد ماهو سلبي في الثقافة التركية، فكل المسلسلات فيها جوانب سلبية سواء كانت عربية او اجنبية او تركية، لكن فيها جوانب ايجابية ايضا، وتظل المسلسلات التركية اقرب الينا من غيرها خاصة انها دخلت في مجالات لم تناقشها وتعرضها المسلسلات العربية، لذلك فهي تستقطب ليس الشباب وحدهم بل طبقات كبار السن وبشكل كبير أيضا”.
وأعرب جاسم عن أمله في ان “يستفيد العراق من تجربة تركيا الاقتصادية والسياسية والسياحية، فضلا عن تجربتها في الحفاظ على تراثها المعماري والثقافي مع التوجه الى الحداثة، وان يستفيد المواطن العراقي من كفاح المواطن التركي البسيط في ضمان حياة كريمة له ولعائلته”.
شبكة النبأ: في وقت صارت المسلسلات التركية التي تبثها الفضائيات العربية تشكل المساحة الأكبر في مشاهدات الفرد العراقي، يرى متابعون انها تحولت الى مصدر لنقل العادات والثقافة التركية الى المجتمع العراقي حيث يحاول الشباب تقليد أبطالها، فيما يحذر مختصون من تأثيراتها السلبية.
طرق الحياة وبعض الرؤى التي تجسدها المسلسلات التركية وان كانت بعيدة عن الواقع العراقي إلا أنها تلاقي الكثير من القبول عند الشباب والشابات، بحسب مواطنين يرون أن الكثير من أبناء الجيل الجديد يقلدون أبطال تلك المسلسلات في تصرفاتهم فضلا عن تقليد حركات بعض نجوم تلك المسلسلات ومظهرهم الخارجي.
يقول علي فاضل (27 عاما) الذي يملك كافتيريا في بغداد صممها على الطريقة التركية، “سافرت الى تركيا بعد مشاهدتي للتراث التركي من خلال مسلسل سنوات الضياع، وأحسست من خلاله ان التراث التركي قريب من العراقي مع اختلاف بسيط، حيث لمست أن الاتراك محتفظون بتراثهم الى جانب التواصل مع الحداثة بحكم اختلاطهم مع اوروبا”.
واضاف “أنشأت بعد عودتي كافيتريا على الطريقة التركية، وهي نسخة طبق الأصل لكافيتريا اسمها طوب خانة، رايتها في مدينة اسطنبول، وطوب تعني بالتركية مدفع وخانة هي المكان، وكانت تستخدم كمنطقة لاطلاق المدافع ابان الحرب العالمية الثانية، والحمد لله لاقت هذه الفكرة رضا واستحسان الشباب العراقي فالاقبال على الكافيتريا جيد”.
وهذا يؤكد ما يذهب اليه الكثيرون من أن المسلسلات التركية تشكل مصدرا للجذب السياحي حتى صار السفر بقصد السياحة الى تركيا الوجهة المفضلة للكثير من العوائل ذات الدخل المناسب، والتي تتوجه الى هناك منجذبة بما تعرضه تلك المسلسلات من لقطات للطبيعة التركية، خاصة مع التخفيضات في الاسعار التي توفرها شركات السياحة.
عمر محمد (29 عاما) أحد الذين زار تركيا بعد مشاهدته لعدة مسلسلات عرضتها القنوات العربية بعد دبلجتها، يقول “بعد مشاهداتي للمسلسلات التركية وجدت أن هناك مناطق جميلة تستحق الزيارة، كانت لدي قبلها فكرة جيدة عن تركيا لكن تلك المسلسلات وضحتها وغرزت في داخلي حب زيارتها خاصة انه بلد مجاور للعراق ومفتوح امام العراقيين دون صعوبة في الحصول على تأشيرة الدخول بالإضافة إلى استئناف رحلات القطارات بين العراق وتركيا عن طريق الموصل والى مدينة غازي عنتاب وبأسعار رخيصة”.
وتابع “زرت تركيا التي صارت مقصدا للسواح العراقيين، خاصة أن الأسعار معقولة وكل شيء جميل، وطبعا تأثرت بطريقة حياتهم فهم ينقلون عبر مسلسلاتهم تقاليد شرقية لكنها مطعمة بالحداثة الغربية”. بحسب وكالة اصوات العراق.
وتنقل المسلسلات التركية التي تمتد حلقاتها الى اكثر من 100 حلقة تفاصيل كثيرة عن حياة الاتراك وتقاليدهم وصراعهم على لقمة العيش فضلا عن الجوانب الاجتماعية والعلاقات العاطفية التي تركز عليها الى جانب قضايا الاثارة السياسية، وتنقل عدد كبير من المحطات العربية تلك المسلسلات مدبلجة الى العربية باللهجة السورية لما لاقته من رواج.
انعام علي (23 عاما) طالبة جامعية تقول، رغم أن “المسلسلات التركية طويلة جدا ومبالغ في مواضيعها، الا ان لها تأثيرا كبيرا على الشباب العراقي من ناحية الملبس وتقليد تسريحات الشعر وحتى حركات واسلوب كلام الشخصيات البارزة في تلك المسلسلات، مثل شخصية عمار كوسوفي او يحيى”.
وتضيف “عرفنا من خلال تلك المسلسلات جوانب عديد عن الثقافة التركية، وعن جمال تركيا وهي صارت نافذة للاطلاع على مجتمعات شرقية قريبة من المجتمع العراقي لكنها تحاكي الغرب في الكثير من تفاصيل حياتها”.
ويقول كرار علي رحمة (28 عاما) “أنا من المتابعين الشغوفين بالمسلسلات، ولعدة أسباب أهمها وقت الفراغ الكبير الذي املكه لعدم امتلاكي وظيفة او عمل، وثانيا للأحداث الجميلة والتفاصيل الصغيرة التي تحتويها هذه المسلسلات والتي تتجدد باستمرار، ولا اخفيك سراً ان قلت لك اني بدأت أقلد الشخصيات المهمة في ملبسي وتسريحة شعري، كما ان الفتيات يقلدن بطلات تلك المسلالات التي صارت ملابسهن مقاييس للموديلات الدارجة، فضلا عم تقليد تجهيز بعض الأطعمة التركية”.
ويضيف “كما ان تلك المسلسلات فتحت عيني على ما هو موجود وراء الحدود فلدي اليوم رغبة كبيرة للسفر وخاصة الى تركيا”.
أما سهاد عامر (20 عاما) طالبة جامعية، فتقول “منذ إنطلاق بث المسلسلات التركية بعرض مسلسل (نور) صرت أحرص على متابعة بعضها، وحالياً أتابع خمسة مسلسلات متنوعة في اليوم بينها مسلسلات تركية”.
وتضيف “أشاهد هذه المسلسلات بسبب وقف الفراغ الطويل وكوني طالبة لا استطيع الخروج من البيت مع عدم توفر أماكن مناسبة للخروج وسط الاجواء التي نعيشها في العراق، وما يميز المسلسل التركي هو وجود جرعة زائدة من الرومانسية فيها فضلا عن جمال الممثلات التركيات”.
وتابعت “أعتقد أن المسلسلات العربية أفضل، خاصة السورية، لأن قصصها أقوى وتعبر عن واقعنا بشكل أدق”، لافتة الى انها تشاهد المسلسلات وحدها “أما إذا كنت أشاهدها بحضور صديقاتي فإننا نتناقش حول أحداثها”.
لكن تقول انتصار جبار (28 عاما) ترى ان موجة المسلسلات التركية “موضة وستنتهي شأنها شأن المسلسلات المكسيكية”، وتقول “انا لا انجذب الى المسلسلات التركية بشكل كبير، واعتقد ان السبب وراء متابعتها بشكل كبير يعود الى انها تنقل نمط جديد من الحياة، فنحن منذ سنوات لا نشاهد إلا مسلسلات خليجية وسورية ومصرية، وعندما عرضت هذه المسلسلات أوجدت تغييراً والنفس البشرية تحب التغيير، كما أن الرومانسية في هذه المسلسلات تلعب دوراً في جذب عدد كبير من المشاهدين،فضلا عن المناظر الجميلة”.
وعن دور تلك المسلسلات في الترويج لتركيا ثقافيا وسياحيا تقول “بصراحة لها دور كبير وأنا تراودني فكرة الذهاب إلى تركيا، ليس بسبب طبيعة المجتمع التركي ولكن لزيارة تلك البلاد، لما تتميز به من طبيعة خلابة”.
من جهته، دعا استاذ بجامعة بغداد ومختصون في مجال الاجتماع الى متابعة ظاهرة انتشار بث المسلسلات التركية لما قد تحمله من نتائج سلبية على المجتمع العراقي، خاصة بما تحققه بعض تلك المسلسلات من شهرة واستقطاب جماهيري كبير.
ويقول الاستاذ بكلية الأعلام بجامعة بغداد الدكتور حسين علي نور الموسوي، ان “تقديم القنوات الفضائية العربية لمسلسلات تركية صارت ظاهرة ملفتة، ورغم ان تلك المسلسلات من الناحية الفنية لا تحمل ما يثير القلق فعملية الانتاج والاخراج معدة على اعلى المستويات الفنية ويتم توظيف كل عناصر جذب المشاهد فيها، الا انها من ناحية المضمون تثير الشك”.
ويضيف “من ناحية المضمون تحمل تلك المسلسلات في طياتها الكثير من السلبيات ومنها عدم تطابقها مع الواقع المعاش في تركيا وكأن هذه المسلسلات انتجت في مكان وصدرت الى مكان آخر، فالكثير منها بعيدة من ناحية العادات والتقاليد ومن ناحية طرح الافكار عن الواقع، لذا نجد هنالك فجوة كبيرة ما بين ما يعرض للمشاهد وبين واقعه”.
ويتابع “استطاعت بعض تلك المسلسلات ان تسرب الكثير من الأفكار والمعلومات والقضايا الى المجتمعات العربية والاسلامية التي قد تكون سلبية، ناهيك عن المضامين السياسية التي تحملها بعضها وان لم تكن مثارة بشكل كبير، لأن الجانب العاطفي كان هو الطاغي”.
ويوضح “الجوانب السياسية الموجودة لا يستطيع ان يدركها او يحللها الا أصحاب الشأن والمتخصصون، وفيما انتبهت اليها اسرائيل، كما هو الحال في القضية التي اثيرت بين تركيا واسرائيل بسبب لقطة في احدى المسلسلات ووصل الأمر الى حد قطع العلاقات بين الدولتين لأن الاسرائيليين اعتبروا ان هذه المسلسلات اقتربت من الخطوط الحمراء لمجتمعهم، أما عندنا فهكذا قضايا تمر في مجتمعاتنا مرور الكرام ودون رقيب حتى وان كانت تحمل في طياتها الكثير من الأمور المسيئة لمجتمعاتنا، فربما الغرض منها تمرير مجموعة من الأفكار والرؤى الاجتماعية والثقافية والسياسية لإظهار تركيا كمجتمع منفتح ومتطور، وحتى الاقتصادية من خلال جذب السياح العرب الى تركيا، وتشير الارقام هنا الى ان السياحة الشرق الوسطية الى تركيا ارتفعت بنسبة 70 بالمائة بعد عرض تلك المسلسلات”.
من جانبه، يعتقد الإعلامي في قناة بلادي عقيل باقر أن “بعض المحطات التلفزيونية في المنطقة تحولت إلى أجهزة دعائية مجانية للثقافة والسياحة التركية من خلال المسلسلات التي تقدمها على شاشاتها”.
ويعزي باقر سبب الانتشار القوي للدراما التركية “الى ترجمتها للهجة السورية القريبة من اللهجة العراقية”، مبينا أن “تأثيرات الثقافة التركية تظل محدودة ولن يتأثر المجتمع العراقي بشكل كبير بها باعتبار انه مجتمع محافظ يضم طبقات عشائرية ودينية لا تسمح بتقليد كل ما هو قادم وتقبله”.
لكن الاختصاصية في علم الاجتماع امال عبد الرزاق، ترى أن “رواج المسلسلات التركية وإقبال نسب كبيرة من الشبان والشابات على مشاهدتها دليل على أنها تتناول أشياء تتجاوب مع مشكلاتهم الحياتية وتطلعاتهم المستقبلية”.
وتقول “في النهاية هذا أمر مقبول ومفهوم نظراً لتقارب الرؤية في المجتمعات الشرقية حيث لا توجد تقاطعات كبيرة”.
وتضيف “المهم دائماً هو أن يتحدث الأهل إلى أبنائهم ويناقشوهم فيما يرونه ويهتموا باهتماماتهم لأنها تعكس الكثير مما يدور في نفوسهم وهي مفتاح ملائم للدخول إلى عوالم الشباب في كثير من الأحيان”.
وأيد الرأي الأخير الموظف المتقاعد ناظم جاسم، الذي قال “استقطاب المسلسلات التركية للكثير من المشاهدين العراقيين دليل انها قدمت شيئا جديدا أثار انتباههم وسواء كان ذلك الشيء هو الصورة الجميلة او الطبيعة الساحرة لتركيا او التقاليد القريبة من المجتمع العراقي او حتى طريقة التعامل داخل العائلة التركية ونقل التفاصيل البسيطة فكلها بمجموعها تعني ان هناك تطلع لدى الفرد العراقي لحياة مختلفة”.
ويضيف “انا لست خائفا على تقليد ماهو سلبي في الثقافة التركية، فكل المسلسلات فيها جوانب سلبية سواء كانت عربية او اجنبية او تركية، لكن فيها جوانب ايجابية ايضا، وتظل المسلسلات التركية اقرب الينا من غيرها خاصة انها دخلت في مجالات لم تناقشها وتعرضها المسلسلات العربية، لذلك فهي تستقطب ليس الشباب وحدهم بل طبقات كبار السن وبشكل كبير أيضا”.
وأعرب جاسم عن أمله في ان “يستفيد العراق من تجربة تركيا الاقتصادية والسياسية والسياحية، فضلا عن تجربتها في الحفاظ على تراثها المعماري والثقافي مع التوجه الى الحداثة، وان يستفيد المواطن العراقي من كفاح المواطن التركي البسيط في ضمان حياة كريمة له ولعائلته”.