مستوى الثقافة يصنع جودة الحياة.
علي حسين عبيد.
شبكة النبأ: هل يصح القول أن الثقافة تصنع الحياة؟ وإذا اتفقنا على ذلك، فلابد من الاتفاق أيضا على أن جودة الثقافة تصنع جودة الحياة، بمعنى أوضح، أن الثقافة القائمة على مرتكزات التوازن والمعاصرة والتحرر في الرؤى والأفكار وتجسيدها على الأرض، ستؤدي بنا الى حياة معاصرة ومتوازنة ومتحررة في آن.
وهذا يعني أن مستوى جودة الحياة يتعلق بمستوى جودة الثقافة في المجتمع، إذن هذه هي أهمية وخطورة الثقافة وتأثيرها الكبير في مسارات الحياة لهذه الأمة أو تلك، وهنا لابد أن يتبادر الى أذهاننا تساؤل يفرض نفسه بقوة مؤدّاه، كيف يمكن أن تُصنع جودة الثقافة لكي نضمن تأثيرها ودورها الذي يقودنا الى صنع جودة الحياة المطلوبة أو الممناة ؟ فلكي نؤسس ونبي حياتنا المعاصرة التي تليق بنا، لابد أن نصل أولا الى جودة ثقافية لها القدرة على إنتاج جودة حياتية معاصرة.
لذا لابد أن يتم البحث في الوسائل والأدوات التي تقودنا الى اكتشاف وتطوير ثقافة جديدة (أو مطوَّرة في الأقل) لكي نصل الى ما نبتغي، والمثقف أو المثقفون هم أول أدوات ووسائل صنع الثقافة ذات الجودة العالية التي يمكنها الإسهام بقوة في صنع الحياة المبتغاة.
ولكن ثمة من يؤكد بأن المثقفين درجات وأنواع - إذا اتفقنا على هذا التعبير- وهنا أعني بوضوح، يوجد المثقف الأصيل والمثقف المستنسخ او المدعي، كما يوجد المثقف الواعي والأقل وعيا، ويوجد المثقف المخلص والأقل إخلاصا، ويوجد المثقف المؤثر والأقل تأثيرا، ويوجد المثقف الشكلي النمطي الصوري، والمثقف الجوهري الفاعل المؤثر الذي لا ينتمي لثقافة الادّعاء بل ينخرط بثقافة الفعل والتأثير في الوسط الذي يتحرك فيه.
ومن بداهة القول أن مثقفي الادّعاء لا يمكن أن يسهموا بصناعة الجودة الثقافية المبتغاة، ولابد من القول هنا، أن مثقفي الجوهر هم الذين يمتلكون القدرة على تأسيس وتطوير الثقافة ذات الجودة العالية، هذا الكلام سيقودنا الى الحديث عن ثقافتنا الراهنة، وسنبدأ بالتساؤل التالي:
هل يمكن أن نصف ثقافتنا الراهنة بالثقافة المؤثرة ؟. وفي الاجابة عن هذا التساؤل:
تؤكد الوقائع المؤثثة لحركة المجتمع العراقي ضعف التأثير الثقافي بل وتدنيه الى مستويات ما كان لها أن تحصل فيما لو توافرت الثقافة التي تتداخل فعليا من المشهد الحياتي العراقي برمته، وهذا دليل قاطع على شكلية الثقافية وقشريتها، وتدل على هذا الاستنتاج معظم الوقائع المرئية والملموسة في الحياة العراقية الراهنة، كما يحدث في مجالات السياسة والادارة والاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها، إذ جميعها تؤكد نمطا حياتيا متراجعا، ما يعني تراجع تأثير الثقافة في عموم هذه المجالات، وهذا التراجع لم يتشكل جزافا، بل حتما يقف وراؤه تردٍّ ونكوص في الثقافة نفسها، كونها لا تمتلك الجودة التي تجعلها قادرة على صنع حياة منظّمة ومنفتحة في آن على آفاق معاصرة تحمل في طياتها ملامح المجتمع القائم على منظومة ثقافية متحررة تتداخل مع الفعل المجسَّد وتؤثر فيه وتصنعه وتمتلك القدرة على توجيه مساراته.
ولا يعني هذا إلقاء المسؤولية كاملة على المثقفين وفشلهم في تقديم نموذج المثقف المؤثر والقادر على نقل الثقافة من مفهومها المجرد الى فعلها المجسَّد في ارض الواقع المجتمعي، بل ثمة جهات أخرى تتحمل جانبا من مسؤولية تراجع الثقافة وتراجع الحياة العراقية على اثرها، ويقف السياسيون في المقدمة من ذلك، فالسياسي الذي لا يعبأ بغير مصالحه ولهاثه خلف مكاسبه المادية او غيرها، يشكل سببا مباشرا لتراجع الثقافة، كما يقع تهميش المثقف من لدن السياسي بالمستوى نفسه من التأثير السلبي على تطوير الثقافة ومضاعفة تأثيرها في مفاصل الحياة كافة.
ولو ممرنا على النخب الأخرى المسئولة عن ترسيخ الثقافة المتحررة ونقلها من مفهومها المجرد الى خانة الفعل المؤثر، لوجدنا أنها لا تقل في مسؤولياتها عن السياسيين او المثقفين أنفسهم، لأن الجميع مطالب بإظهار قدراته وإسهاماته الصحيحة في هذا المجال، ليس كعبءٍ مضاف عليه، بل يقع هذا في صميم واجباته التي تفرض عليه حضورا فعليا شاخصا يعمل على تدعيم الثقافة والإسهام بصنع حياة تليق بالمجتمع.
وهكذا لا يمكن أن نحصر الجهد الثقافي بنخبة معينة، ولكن لابد من الايمان والاقرار بأن المثقف المؤثر ينبغي أن يتصدر الجميع في صنع جودة الثقافة التي تكافئ صنع الحياة اللائقة، على أن تساعده بتحقيق هذا الهدف نخب أخرى، وأولها نخبة القادة السياسيين الذين سيحصدون هم قبل غيرهم نتيجة إسهامهم الفاعل في صناعة جودة الثقافة، لأنهم يصنعون بذلك نخبا اجتماعية واعية ومثقفة تعي جهد السياسي الناجح وتقدّر دوره في تقديم جودة الثقافة وجودة الحياة على مصالحة الخاصة.
علي حسين عبيد.
شبكة النبأ: هل يصح القول أن الثقافة تصنع الحياة؟ وإذا اتفقنا على ذلك، فلابد من الاتفاق أيضا على أن جودة الثقافة تصنع جودة الحياة، بمعنى أوضح، أن الثقافة القائمة على مرتكزات التوازن والمعاصرة والتحرر في الرؤى والأفكار وتجسيدها على الأرض، ستؤدي بنا الى حياة معاصرة ومتوازنة ومتحررة في آن.
وهذا يعني أن مستوى جودة الحياة يتعلق بمستوى جودة الثقافة في المجتمع، إذن هذه هي أهمية وخطورة الثقافة وتأثيرها الكبير في مسارات الحياة لهذه الأمة أو تلك، وهنا لابد أن يتبادر الى أذهاننا تساؤل يفرض نفسه بقوة مؤدّاه، كيف يمكن أن تُصنع جودة الثقافة لكي نضمن تأثيرها ودورها الذي يقودنا الى صنع جودة الحياة المطلوبة أو الممناة ؟ فلكي نؤسس ونبي حياتنا المعاصرة التي تليق بنا، لابد أن نصل أولا الى جودة ثقافية لها القدرة على إنتاج جودة حياتية معاصرة.
لذا لابد أن يتم البحث في الوسائل والأدوات التي تقودنا الى اكتشاف وتطوير ثقافة جديدة (أو مطوَّرة في الأقل) لكي نصل الى ما نبتغي، والمثقف أو المثقفون هم أول أدوات ووسائل صنع الثقافة ذات الجودة العالية التي يمكنها الإسهام بقوة في صنع الحياة المبتغاة.
ولكن ثمة من يؤكد بأن المثقفين درجات وأنواع - إذا اتفقنا على هذا التعبير- وهنا أعني بوضوح، يوجد المثقف الأصيل والمثقف المستنسخ او المدعي، كما يوجد المثقف الواعي والأقل وعيا، ويوجد المثقف المخلص والأقل إخلاصا، ويوجد المثقف المؤثر والأقل تأثيرا، ويوجد المثقف الشكلي النمطي الصوري، والمثقف الجوهري الفاعل المؤثر الذي لا ينتمي لثقافة الادّعاء بل ينخرط بثقافة الفعل والتأثير في الوسط الذي يتحرك فيه.
ومن بداهة القول أن مثقفي الادّعاء لا يمكن أن يسهموا بصناعة الجودة الثقافية المبتغاة، ولابد من القول هنا، أن مثقفي الجوهر هم الذين يمتلكون القدرة على تأسيس وتطوير الثقافة ذات الجودة العالية، هذا الكلام سيقودنا الى الحديث عن ثقافتنا الراهنة، وسنبدأ بالتساؤل التالي:
هل يمكن أن نصف ثقافتنا الراهنة بالثقافة المؤثرة ؟. وفي الاجابة عن هذا التساؤل:
تؤكد الوقائع المؤثثة لحركة المجتمع العراقي ضعف التأثير الثقافي بل وتدنيه الى مستويات ما كان لها أن تحصل فيما لو توافرت الثقافة التي تتداخل فعليا من المشهد الحياتي العراقي برمته، وهذا دليل قاطع على شكلية الثقافية وقشريتها، وتدل على هذا الاستنتاج معظم الوقائع المرئية والملموسة في الحياة العراقية الراهنة، كما يحدث في مجالات السياسة والادارة والاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها، إذ جميعها تؤكد نمطا حياتيا متراجعا، ما يعني تراجع تأثير الثقافة في عموم هذه المجالات، وهذا التراجع لم يتشكل جزافا، بل حتما يقف وراؤه تردٍّ ونكوص في الثقافة نفسها، كونها لا تمتلك الجودة التي تجعلها قادرة على صنع حياة منظّمة ومنفتحة في آن على آفاق معاصرة تحمل في طياتها ملامح المجتمع القائم على منظومة ثقافية متحررة تتداخل مع الفعل المجسَّد وتؤثر فيه وتصنعه وتمتلك القدرة على توجيه مساراته.
ولا يعني هذا إلقاء المسؤولية كاملة على المثقفين وفشلهم في تقديم نموذج المثقف المؤثر والقادر على نقل الثقافة من مفهومها المجرد الى فعلها المجسَّد في ارض الواقع المجتمعي، بل ثمة جهات أخرى تتحمل جانبا من مسؤولية تراجع الثقافة وتراجع الحياة العراقية على اثرها، ويقف السياسيون في المقدمة من ذلك، فالسياسي الذي لا يعبأ بغير مصالحه ولهاثه خلف مكاسبه المادية او غيرها، يشكل سببا مباشرا لتراجع الثقافة، كما يقع تهميش المثقف من لدن السياسي بالمستوى نفسه من التأثير السلبي على تطوير الثقافة ومضاعفة تأثيرها في مفاصل الحياة كافة.
ولو ممرنا على النخب الأخرى المسئولة عن ترسيخ الثقافة المتحررة ونقلها من مفهومها المجرد الى خانة الفعل المؤثر، لوجدنا أنها لا تقل في مسؤولياتها عن السياسيين او المثقفين أنفسهم، لأن الجميع مطالب بإظهار قدراته وإسهاماته الصحيحة في هذا المجال، ليس كعبءٍ مضاف عليه، بل يقع هذا في صميم واجباته التي تفرض عليه حضورا فعليا شاخصا يعمل على تدعيم الثقافة والإسهام بصنع حياة تليق بالمجتمع.
وهكذا لا يمكن أن نحصر الجهد الثقافي بنخبة معينة، ولكن لابد من الايمان والاقرار بأن المثقف المؤثر ينبغي أن يتصدر الجميع في صنع جودة الثقافة التي تكافئ صنع الحياة اللائقة، على أن تساعده بتحقيق هذا الهدف نخب أخرى، وأولها نخبة القادة السياسيين الذين سيحصدون هم قبل غيرهم نتيجة إسهامهم الفاعل في صناعة جودة الثقافة، لأنهم يصنعون بذلك نخبا اجتماعية واعية ومثقفة تعي جهد السياسي الناجح وتقدّر دوره في تقديم جودة الثقافة وجودة الحياة على مصالحة الخاصة.