منظمات المجتمع المدني ودورها في بناء المجتمع.
علي حسين عبيد.
......................................
شبكة النبأ: لم يكن مفهوم أو تسمية منظمات المجتمع المدني معروفة بين الاوساط العراقية السياسية والجماهيرية وغيرها، وكانت تحل محلها قبل أحداث 2003 تسمية او مفهوم (المنظمات الجماهيرية الشعبية)، أما الآن فقد تشكلت المئات من هذه المنظمات لكي تُسهم في بناء المجتمع العراقي الذي يخوض مخاض التجربة الجديدة في الأصعدة السياسية والثقافية والمجتمعية وغيرها.
وقبل البحث في أنشطة وفعاليات هذه المنظمات ودورها الحقيقي في الاوساط الشعبية وغيرها، نقدم لبعض أهداف وواجبات هذه المنظمات حيث تنطوي هذه الواجبات على جوانب تربوية وأخلاقية الى جانب أهدافها ذات المنفعة المؤسساتية لأعضائها ولغيرهم في آن، ولعل الهدف الأكبر من وجود مثل هذه المنظمات هو صنع المجتمع المدني المعاصر من خلال طبيعة العلاقة بين الأنشطة الرقابية والتطويرية لهذه المنظمات وعلاقتها بالدولة او الحكومة التنفيذية.
وثمة شروط تربوية وأخلاقية تُلقى على عاتق هذه المنظمات وعلى الحكومة في آن واحد، لكي تثمر الاهداف المبتغاة من تشكيلها وترتفع بمستويات الناس الثقافية والعلمية والاجتماعية وغيرها، فمن جانب الحكومة وطرائق تعاملها مع منظمات المجتمع المدني ينبغي أن تكون هناك ضوابط لهذه العلاقة تركّز بالدرجة الاولى على عدم تدخل الدولة ممثلة بالجهات التنفيذية في أعمال هذه المنظمات كونها الرقيب الحيادي الذي يرصد ويتابع أنشطة الحكومة ويؤشر مكامن الخطأ فيها ويعمل على تصحيحها من خلال جانبين هما:
الجانب الأول: يتمثل بجميع عوامل الضغط على الحكومة وتفعيلها بما يجعلها ذات دور فعال وقابل للتطبيق بعيدا عن المصالح الفردية .
الجانب الثاني: وينبغي أن يرتبط بصورة مباشرة بالجانب الأول، فالضغط وحده ليس كافيا مهما كان فعالا وكبيرا، بل يجب أن يرافق عمليات الضغط المتنوعة تقديم البدائل والحلول الناجعة والمستقاة من عناصر ذات خبرة في مجال التصحيح لهذا الخطأ او ذاك وفي هذا الجانب او ذاك من حياة المجتمع حكومة وأفرادا.
لذلك فإن عمل هذه المنظمات واهدافها ينبغي أن يكون مدعما بالجانب الاخلاقي أيضا، فكونها ذات طابع رقابي تطويري لا يعطيها الحق بتجاوز هذا الشرط لأن الغرض من تكوين المجتمع المدني والمساعدة في هذا الاتجاه لا يعني التعارض القطعي بين الحكومة وهذه المؤسسات، وقد اورد أحد الكتاب رأيا بهذا الخصوص يؤكد في على أن نقطة البداية في العلاقة بين الطرفين هي قبول وحدات المجتمع المدني للقواعد القانونية وللنظام السائد ولمبدأ العمل في إطاره ومحاولة تغييره سلمياً دون الخروج عليه أو استعمال العنف ضده.
أما إذا حدث العكس بأن تسعى إحدى الجماعات إلى قلب النظام أو الثورة عليه فإن ذلك يخرجها من إطار المجتمع المدني، صحيح أن معارضة الحكومة وتوجيه الانتقادات إلى سياساتها وقراراتها هو من صميم وظيفة محاسبة المجتمع المدني للدولة إلا أن ذلك لا يجوز أن يصل إلى حد السماح لتلك الجماعات بالإطاحة بها أو إسقاطها أو بمحاولة إحلالها بحكومة أخرى.
فالمجتمع المدني يجب أن يسعى إلى الإصلاح وتصحيح الأخطاء الحكومية والمطالبة بتعديل السياسات من خلال التنبيه إلى أوجه القصور ووقف الممارسات التي تتعدى على حقوق الأفراد بالكشف عن الأخطاء ومحاسبة الحكومة عليها، وليس بالثورة أو الانقلاب بهدف هدم النظام القائم وتدميره بشكل جذري.
إذ ينبغي أن تُشاع تربية سلمية جديدة تغذيها هذه المنظمات وترسخها كأساليب للتعامل بين الشعب ونفسه وبين الحكومة والشعب من جانب آخر، ولعلنا نتفق بعد قرون وعقود من العبث والحروب والجهل الذي طال كل مفاصل حياتنا، بأن تطوير الجانب التربوي و الأخلاقي في طرائق التعامل المختلفة سيؤدي بنا الى النتائج المرجوة .
وهذا التفعيل التربوي هو جزء هام من عمل هذه المنظمات او ينبغي أن يكون كذلك، بمعنى ان اعمالها يجب أن لا تنحصر في السياسة وتأشير المثالب الحكومية وما شابة، بل ينبغي أن تنشط في تطوير الجوانب التربوية من خلال فتح الدورات المتخصصة ناهيك عن توجهها بترسيخ الصيغ السلمية في التعامل والعلاقات بين شرائح وافراد المجتمع إضافة الى مؤسساته المختلفة.
ومع أننا لسنا في مجال بحث مدى نجاح هذه التجربة في العراق، نؤكد بأن دور منظمات المجتمع المدني دور فاعل ومهم ومطلوب، ويُستحسن بجميع من يهمه الأمر أن يفعّل هذا الدور من أجل الوصول الى بناء مجتمع مدني معاصر قائم على القيم الانسانية الراقية المتمثلة بالتداول السلمي للسلطة ومبدأ التعايش والتسامح وحق الاختلاف ونبذ العنف بجميع أشكاله بغض النظر عن الأسباب والمبررات.
علي حسين عبيد.
......................................
شبكة النبأ: لم يكن مفهوم أو تسمية منظمات المجتمع المدني معروفة بين الاوساط العراقية السياسية والجماهيرية وغيرها، وكانت تحل محلها قبل أحداث 2003 تسمية او مفهوم (المنظمات الجماهيرية الشعبية)، أما الآن فقد تشكلت المئات من هذه المنظمات لكي تُسهم في بناء المجتمع العراقي الذي يخوض مخاض التجربة الجديدة في الأصعدة السياسية والثقافية والمجتمعية وغيرها.
وقبل البحث في أنشطة وفعاليات هذه المنظمات ودورها الحقيقي في الاوساط الشعبية وغيرها، نقدم لبعض أهداف وواجبات هذه المنظمات حيث تنطوي هذه الواجبات على جوانب تربوية وأخلاقية الى جانب أهدافها ذات المنفعة المؤسساتية لأعضائها ولغيرهم في آن، ولعل الهدف الأكبر من وجود مثل هذه المنظمات هو صنع المجتمع المدني المعاصر من خلال طبيعة العلاقة بين الأنشطة الرقابية والتطويرية لهذه المنظمات وعلاقتها بالدولة او الحكومة التنفيذية.
وثمة شروط تربوية وأخلاقية تُلقى على عاتق هذه المنظمات وعلى الحكومة في آن واحد، لكي تثمر الاهداف المبتغاة من تشكيلها وترتفع بمستويات الناس الثقافية والعلمية والاجتماعية وغيرها، فمن جانب الحكومة وطرائق تعاملها مع منظمات المجتمع المدني ينبغي أن تكون هناك ضوابط لهذه العلاقة تركّز بالدرجة الاولى على عدم تدخل الدولة ممثلة بالجهات التنفيذية في أعمال هذه المنظمات كونها الرقيب الحيادي الذي يرصد ويتابع أنشطة الحكومة ويؤشر مكامن الخطأ فيها ويعمل على تصحيحها من خلال جانبين هما:
الجانب الأول: يتمثل بجميع عوامل الضغط على الحكومة وتفعيلها بما يجعلها ذات دور فعال وقابل للتطبيق بعيدا عن المصالح الفردية .
الجانب الثاني: وينبغي أن يرتبط بصورة مباشرة بالجانب الأول، فالضغط وحده ليس كافيا مهما كان فعالا وكبيرا، بل يجب أن يرافق عمليات الضغط المتنوعة تقديم البدائل والحلول الناجعة والمستقاة من عناصر ذات خبرة في مجال التصحيح لهذا الخطأ او ذاك وفي هذا الجانب او ذاك من حياة المجتمع حكومة وأفرادا.
لذلك فإن عمل هذه المنظمات واهدافها ينبغي أن يكون مدعما بالجانب الاخلاقي أيضا، فكونها ذات طابع رقابي تطويري لا يعطيها الحق بتجاوز هذا الشرط لأن الغرض من تكوين المجتمع المدني والمساعدة في هذا الاتجاه لا يعني التعارض القطعي بين الحكومة وهذه المؤسسات، وقد اورد أحد الكتاب رأيا بهذا الخصوص يؤكد في على أن نقطة البداية في العلاقة بين الطرفين هي قبول وحدات المجتمع المدني للقواعد القانونية وللنظام السائد ولمبدأ العمل في إطاره ومحاولة تغييره سلمياً دون الخروج عليه أو استعمال العنف ضده.
أما إذا حدث العكس بأن تسعى إحدى الجماعات إلى قلب النظام أو الثورة عليه فإن ذلك يخرجها من إطار المجتمع المدني، صحيح أن معارضة الحكومة وتوجيه الانتقادات إلى سياساتها وقراراتها هو من صميم وظيفة محاسبة المجتمع المدني للدولة إلا أن ذلك لا يجوز أن يصل إلى حد السماح لتلك الجماعات بالإطاحة بها أو إسقاطها أو بمحاولة إحلالها بحكومة أخرى.
فالمجتمع المدني يجب أن يسعى إلى الإصلاح وتصحيح الأخطاء الحكومية والمطالبة بتعديل السياسات من خلال التنبيه إلى أوجه القصور ووقف الممارسات التي تتعدى على حقوق الأفراد بالكشف عن الأخطاء ومحاسبة الحكومة عليها، وليس بالثورة أو الانقلاب بهدف هدم النظام القائم وتدميره بشكل جذري.
إذ ينبغي أن تُشاع تربية سلمية جديدة تغذيها هذه المنظمات وترسخها كأساليب للتعامل بين الشعب ونفسه وبين الحكومة والشعب من جانب آخر، ولعلنا نتفق بعد قرون وعقود من العبث والحروب والجهل الذي طال كل مفاصل حياتنا، بأن تطوير الجانب التربوي و الأخلاقي في طرائق التعامل المختلفة سيؤدي بنا الى النتائج المرجوة .
وهذا التفعيل التربوي هو جزء هام من عمل هذه المنظمات او ينبغي أن يكون كذلك، بمعنى ان اعمالها يجب أن لا تنحصر في السياسة وتأشير المثالب الحكومية وما شابة، بل ينبغي أن تنشط في تطوير الجوانب التربوية من خلال فتح الدورات المتخصصة ناهيك عن توجهها بترسيخ الصيغ السلمية في التعامل والعلاقات بين شرائح وافراد المجتمع إضافة الى مؤسساته المختلفة.
ومع أننا لسنا في مجال بحث مدى نجاح هذه التجربة في العراق، نؤكد بأن دور منظمات المجتمع المدني دور فاعل ومهم ومطلوب، ويُستحسن بجميع من يهمه الأمر أن يفعّل هذا الدور من أجل الوصول الى بناء مجتمع مدني معاصر قائم على القيم الانسانية الراقية المتمثلة بالتداول السلمي للسلطة ومبدأ التعايش والتسامح وحق الاختلاف ونبذ العنف بجميع أشكاله بغض النظر عن الأسباب والمبررات.