لماذا الصراع بين الجديد والقديم؟؟
البلاغ
................
لماذا الصراع بين "الجديد" و"القديم"؟
ألم يكن "القديم" في حينه "جديدا"؟
هل الزمن هو المتحكم أو المعيار الوحيد في جدة شيء وقدمه؟
هل كل قديم مرفوض ومنبوذ ولم يعد ساري المفعول كبضاعة فسدت وانتهت مدة صلاحيتها؟
فكل ما يفعله نغمة "القديم" المرفوض جملة وتفصيلا وبلا نقاش..نغمة متجنية..غير عاقلة ولا حكيمة ولا متزنة، فلا يزال الكثير من القديم صالحا للإستعمال على الصعيدين المادي والمعنوي، بل إن الكثير من القديم المرفوض لمجرد أن عجلات الزمن مرت عليه، كامن في الجديد بنحو أو بآخر.. هو أصله وجذوره..هناك ترابط جدلي أو تداخلي بين القديم والجديد.
قد تستغرب إذا قلنا لك أنه ليس هناك جديد بالمعنى المطلق للجدة والحداثة، اللاحقون هو أنهم يضيفوا ويحسنوا ما فعله وصنعه السابقون.. القديم متضمن في الجديد بصورة جنينية، كما تؤكد الدراسات الخاصة بالتجديد.
إقرأ تاريخ المصريين القدماء قبل خمسة آلاف سنة، ستجد إنهم عرفوا الكثير من الأشياء الحضارية التي مكنتهم من إدارة الحياة إدارة تصل أحيانا إلى درجة الدهشة..أتعلم مثلا أن الفلاحين المصريين القدامى قد عرفوا المشرف أو المرشد الزراعي، حيث يقوم موظف مسؤول هو (كاتب الحبوب) بالإشراف على عملية البذر.. وهل تعلم أن عقود الزواج كانت عندهم موثقة ومكتوبة، وإنهم قاموا بتجارب لمعرفة نوع الجنين قبل ولادته قبل (الإيكو) وأجهزة الإختبار الأخرى بآلاف السنين؟! هل تعلم أنهم اعتمدوا النظام الفدرالي في إدارة الولايات المصرية، حيث كان لكل ولاية حاكم يتمتع بسلطات واسعة ويدين بالولاء والطاعة للسلطة المركزية؟! ولو وسعنا المجال لغفرنا فم دهشتك أكثر وأكثر.
عد إلى وثائق الحضارة السومرية باعتبارها أقدم الحضارات وأعرقها والتي سادت في بلاد ما بين النهرين (العراق)، فقد تعجب إذا عرفت أن اختراعاتهم للتقويم الدولاب والمحراث وشق الترع وصناعة الآجر والكتابة المسمارية وتقسيم الساعة إلى ستين دقيقة، والدقيقة إلى ستين ثانية، والدائرة إلى 360 درجة والقضاء على ظاهرة التصحر بنقل الفائض من مياه دجلة والفرات إلى المناطق العطش وإحالة الصحارى إلى جنان خضراء، وإنهم كانت لديهم (برلمانات) مجالس شعبية، وإن (شريعة حمورابي) في الحضارة البالية والمتضمنة لـ(285) مادة قانونية نظمت شؤون البلاد والعباد مختلف القضايا، وإن (شريعة أورنامو) أسبق وأقدم منها بثلاثة قرون ولعل تلك صدى لهذه.
حول عمران السومريين يقول المؤرخان (سكراموزا) و(منكدريك) في كتاهما (التأريخ القديم): "إنهم جديرون بأن تتبوأ أسماؤهم مكان الصدارة في سجل أسماء المهندسين العالميين".
ويقول الخبراء في تقييمهم للمحراث الذي ابتكره السومريون أنه يعتمد نفس المبدأ المطبق اليوم في المحاريث الآلية الحديثة.
وقد لا ينقضي عجبك إذا عرفت إنهم برعوا أيضا في الكيمياء وتركيب الأدوية وتقير العطور، فقد عثر على لوحة تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد وضعها طبيب سومري سجل فيها أكثر من إثني عشر وصفة لمعالجة الأمراض المختلفة، وفي ذلك يقول المؤرخ (كرايمر): إن علم الكيمياء عند تدوين اللوحة في أواخر القرن الثالث قبل الميلاد، كان قد سار شوطا بعيدا في التقدم والتطور.. فتصور وتدبر!!
هنا، ترتسم وترتفع علامة الإستفهام التالية:
ألم تكن بعض مساحات التاريخ ومقاطعه شهدت حضارات غاية في الرقي والتطور؟
قرآنيا يمكن أن نستدل على ذلك ببعض الشواهد:
حين خلق الله آدم (عليه السلام) علمه الأسماء كلها..علمه علما لم يكن الملائكة يعلمونه.. آدم الذي نبأهم به.. وقيل في مضمون هذا العلم أنه علمه كل الأشياء التي تحيط به بما يمكنه من التعامل والتعاطي معها إيجابا أو سلبا، ولابد أن تكون عملية تعليم الأسماء مرافقة لمداليل وأغراض تلك الأسماء، وإلا تكون كمن يزودوك بقاموس للكلمات التي لا معنى لها!
وحين يحدثنا القرآن عن (إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد) [الفجر/ 7- 8]، (وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها) [الروم/ 9].. نعرف أن حركة التأريخ موجية فعلا.. فيها ارتفاعات وفيها انخفاضات.. مد وجزر.
هل لك أن تتصور ملك سليمان وكيفية النقل الأسرع من السريع: (قبل أن تقوم من مقامك) [النمل/ 39].. (قبل أن يريد إليك طرفك) (النمل/ 40].. كيف كانت الريح بساطا يسابق أحدث طائرات العصر فيسبقها..
ألا يحق لنا بازاء ذلك أن نتساءل:
هل توجد فكرية يمكن أن يقال عنها أنها (بكر) فعلا؟
الإكتشافات على عظمتها وجلالة ما قدمته من خدمة للإنسانية، تقول لنا: كنت موجودة قبل اكتشافي وراء ستار.. ما قام به المكتشفون هو إزاحة الستار فقط!
ذات يوم قام رسام يوناني برسم ستارة ودعا رساما ينافسه ليراها ويحكم على عمله.
قال الرسام الثاني: "طيب.أزح الستارة ودعني أرى اللوحة؟!".
قال الفنان صاحب اللوحة: "الستارة هي اللوحة.. ستارة الجبال والأشجار والمحيطات والبشر.."!
الجاذبية كانت موجودة منذ أن كانت الأرض ولكن (نيوتن) كشف عنها، وربما هناك من كشفها قبله ولم ينقل لنا التاريخ الطبيعي إسمه..والإراحة موجودة منذ أن خلق الله الماء والسفن..ولكن (أرخميدس) التفت إليها..والعالم الجديد كان موجودا منذ أن خلقه الله في الطبيعة، وكان البحارة المغاربة يعرفونه؛ لكنهم لم يجرؤا جرأة كريستوف كولمبس..والشريعة موجودة والفقهاء يستنبطون أحكامها..ولا زال في الكون المليء بالأسرار والعجائب الكثير من الأسرار والعجائب التي تنتظر من يلتفت إليها ليزيح الستارة.
هل ناقضنا أنفسنا بين قولين: أن ليس هناك فكرة بكرا، وإن مقولة لا جديد تحت الشمس خطأ، أبدا، فقد يصاغ القديم بقالب جديد، وإضافات جديدة، وتحسينات تدخل عليه بين الحين والآخر لتطور من أدائه.
وحتى على صعيد الأفكار والحكم والأمثال الرؤى والنظرات..إقرأ كتب الفلاسفة اليونان والرومان والفرس والهند لترى أن الكثير مما تضمنته كتبهم جاء في الرسالات السماوية، مما يعني أن العقل كان مبدعا منذ أن خلقه الله ومتأملا ومتبصرا ومتبحرا في آيات الكون والإنسان.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
البلاغ
................
لماذا الصراع بين "الجديد" و"القديم"؟
ألم يكن "القديم" في حينه "جديدا"؟
هل الزمن هو المتحكم أو المعيار الوحيد في جدة شيء وقدمه؟
هل كل قديم مرفوض ومنبوذ ولم يعد ساري المفعول كبضاعة فسدت وانتهت مدة صلاحيتها؟
فكل ما يفعله نغمة "القديم" المرفوض جملة وتفصيلا وبلا نقاش..نغمة متجنية..غير عاقلة ولا حكيمة ولا متزنة، فلا يزال الكثير من القديم صالحا للإستعمال على الصعيدين المادي والمعنوي، بل إن الكثير من القديم المرفوض لمجرد أن عجلات الزمن مرت عليه، كامن في الجديد بنحو أو بآخر.. هو أصله وجذوره..هناك ترابط جدلي أو تداخلي بين القديم والجديد.
قد تستغرب إذا قلنا لك أنه ليس هناك جديد بالمعنى المطلق للجدة والحداثة، اللاحقون هو أنهم يضيفوا ويحسنوا ما فعله وصنعه السابقون.. القديم متضمن في الجديد بصورة جنينية، كما تؤكد الدراسات الخاصة بالتجديد.
إقرأ تاريخ المصريين القدماء قبل خمسة آلاف سنة، ستجد إنهم عرفوا الكثير من الأشياء الحضارية التي مكنتهم من إدارة الحياة إدارة تصل أحيانا إلى درجة الدهشة..أتعلم مثلا أن الفلاحين المصريين القدامى قد عرفوا المشرف أو المرشد الزراعي، حيث يقوم موظف مسؤول هو (كاتب الحبوب) بالإشراف على عملية البذر.. وهل تعلم أن عقود الزواج كانت عندهم موثقة ومكتوبة، وإنهم قاموا بتجارب لمعرفة نوع الجنين قبل ولادته قبل (الإيكو) وأجهزة الإختبار الأخرى بآلاف السنين؟! هل تعلم أنهم اعتمدوا النظام الفدرالي في إدارة الولايات المصرية، حيث كان لكل ولاية حاكم يتمتع بسلطات واسعة ويدين بالولاء والطاعة للسلطة المركزية؟! ولو وسعنا المجال لغفرنا فم دهشتك أكثر وأكثر.
عد إلى وثائق الحضارة السومرية باعتبارها أقدم الحضارات وأعرقها والتي سادت في بلاد ما بين النهرين (العراق)، فقد تعجب إذا عرفت أن اختراعاتهم للتقويم الدولاب والمحراث وشق الترع وصناعة الآجر والكتابة المسمارية وتقسيم الساعة إلى ستين دقيقة، والدقيقة إلى ستين ثانية، والدائرة إلى 360 درجة والقضاء على ظاهرة التصحر بنقل الفائض من مياه دجلة والفرات إلى المناطق العطش وإحالة الصحارى إلى جنان خضراء، وإنهم كانت لديهم (برلمانات) مجالس شعبية، وإن (شريعة حمورابي) في الحضارة البالية والمتضمنة لـ(285) مادة قانونية نظمت شؤون البلاد والعباد مختلف القضايا، وإن (شريعة أورنامو) أسبق وأقدم منها بثلاثة قرون ولعل تلك صدى لهذه.
حول عمران السومريين يقول المؤرخان (سكراموزا) و(منكدريك) في كتاهما (التأريخ القديم): "إنهم جديرون بأن تتبوأ أسماؤهم مكان الصدارة في سجل أسماء المهندسين العالميين".
ويقول الخبراء في تقييمهم للمحراث الذي ابتكره السومريون أنه يعتمد نفس المبدأ المطبق اليوم في المحاريث الآلية الحديثة.
وقد لا ينقضي عجبك إذا عرفت إنهم برعوا أيضا في الكيمياء وتركيب الأدوية وتقير العطور، فقد عثر على لوحة تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد وضعها طبيب سومري سجل فيها أكثر من إثني عشر وصفة لمعالجة الأمراض المختلفة، وفي ذلك يقول المؤرخ (كرايمر): إن علم الكيمياء عند تدوين اللوحة في أواخر القرن الثالث قبل الميلاد، كان قد سار شوطا بعيدا في التقدم والتطور.. فتصور وتدبر!!
هنا، ترتسم وترتفع علامة الإستفهام التالية:
ألم تكن بعض مساحات التاريخ ومقاطعه شهدت حضارات غاية في الرقي والتطور؟
قرآنيا يمكن أن نستدل على ذلك ببعض الشواهد:
حين خلق الله آدم (عليه السلام) علمه الأسماء كلها..علمه علما لم يكن الملائكة يعلمونه.. آدم الذي نبأهم به.. وقيل في مضمون هذا العلم أنه علمه كل الأشياء التي تحيط به بما يمكنه من التعامل والتعاطي معها إيجابا أو سلبا، ولابد أن تكون عملية تعليم الأسماء مرافقة لمداليل وأغراض تلك الأسماء، وإلا تكون كمن يزودوك بقاموس للكلمات التي لا معنى لها!
وحين يحدثنا القرآن عن (إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد) [الفجر/ 7- 8]، (وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها) [الروم/ 9].. نعرف أن حركة التأريخ موجية فعلا.. فيها ارتفاعات وفيها انخفاضات.. مد وجزر.
هل لك أن تتصور ملك سليمان وكيفية النقل الأسرع من السريع: (قبل أن تقوم من مقامك) [النمل/ 39].. (قبل أن يريد إليك طرفك) (النمل/ 40].. كيف كانت الريح بساطا يسابق أحدث طائرات العصر فيسبقها..
ألا يحق لنا بازاء ذلك أن نتساءل:
هل توجد فكرية يمكن أن يقال عنها أنها (بكر) فعلا؟
الإكتشافات على عظمتها وجلالة ما قدمته من خدمة للإنسانية، تقول لنا: كنت موجودة قبل اكتشافي وراء ستار.. ما قام به المكتشفون هو إزاحة الستار فقط!
ذات يوم قام رسام يوناني برسم ستارة ودعا رساما ينافسه ليراها ويحكم على عمله.
قال الرسام الثاني: "طيب.أزح الستارة ودعني أرى اللوحة؟!".
قال الفنان صاحب اللوحة: "الستارة هي اللوحة.. ستارة الجبال والأشجار والمحيطات والبشر.."!
الجاذبية كانت موجودة منذ أن كانت الأرض ولكن (نيوتن) كشف عنها، وربما هناك من كشفها قبله ولم ينقل لنا التاريخ الطبيعي إسمه..والإراحة موجودة منذ أن خلق الله الماء والسفن..ولكن (أرخميدس) التفت إليها..والعالم الجديد كان موجودا منذ أن خلقه الله في الطبيعة، وكان البحارة المغاربة يعرفونه؛ لكنهم لم يجرؤا جرأة كريستوف كولمبس..والشريعة موجودة والفقهاء يستنبطون أحكامها..ولا زال في الكون المليء بالأسرار والعجائب الكثير من الأسرار والعجائب التي تنتظر من يلتفت إليها ليزيح الستارة.
هل ناقضنا أنفسنا بين قولين: أن ليس هناك فكرة بكرا، وإن مقولة لا جديد تحت الشمس خطأ، أبدا، فقد يصاغ القديم بقالب جديد، وإضافات جديدة، وتحسينات تدخل عليه بين الحين والآخر لتطور من أدائه.
وحتى على صعيد الأفكار والحكم والأمثال الرؤى والنظرات..إقرأ كتب الفلاسفة اليونان والرومان والفرس والهند لترى أن الكثير مما تضمنته كتبهم جاء في الرسالات السماوية، مما يعني أن العقل كان مبدعا منذ أن خلقه الله ومتأملا ومتبصرا ومتبحرا في آيات الكون والإنسان.
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]