لماذا ننتظر الحلول من الآخر؟!
علي حسين عبيد
...............
شبكة النبأ: في العلاقات والأنشطة الحياتية المختلفة لابد أن تنشأ مشكلات عديدة تواجه الانسان سواء في العمل او التفكير او نمط العيش وما شابه، وطالما يكون الانسان في حركة وانتاج متواصلين لابد أنه يتعرض لمشكلات كثيرة، أما الانسان الذي لا تقف في طريقه المشكلات فلابد أن يكون خارج المحيط العلاقاتي المتحرك، بمعنى أنه ساكن منعزل وبالتالي فهو كائن بشري غير منتج.
إن أغلبية الناس يرفضون أن يكونوا منعزلين ساكنين وغير منتجين، فطبيعة الحياة والعيش تحتم على الانسان أن يكون منتجا، أما من يشذ عن هذه القاعدة فهو خارج المعتاد والمتوقع أيضا، لذا غالبا ما تكون مشاكلنا كثيرة ومتجددة نتيجة حراكنا المتواصل، وهذا ما يفرض علينا إيجاد الحلول الملائمة كي نتجنب انعكاسات المشكلات المتوقعة، بمعنى ينبغي أن نسعى بجهد متواصل لايجاد الحلول بأنفسنا.
بيد أن واقع الحال في المجتمع العراقي يشير الى غير ذلك، حيث ينتظر الناس حلول المشكلات من غيرهم، وهذا نمط إتكالي مرفوض تماما كونه ينم عن ضعف وتقصير في استخدام القدرات الجسمية والفكرية التي يتمتع بها الانسان ناهيك عن إشاعة ونشر نوع من اللامبالاة بين النسيج الاجتماعي ككل.
ولذا نلاحظ شيوع حالة اللامبالاة كنمط وسلوك عيش قائم في حياتنا، وهو أمر لايمكن نكرانه، بل أننا في حالة غض الطرف عنه فإننا نرتكب خطأ آخر يفوق اللامبالاة نفسها، وبهذا يمكن ملاحظة وجود حالة الاعتماد على الآخر كسلوك شائع بين أفراد المجتمع، حيث تكون البداية في المحيط العائلي إذ ينشأ الطفل في ظل أجواء لا تعتني بالاعتماد على النفس ولا تطور مهارات الطفل الذي يراقب من يكبره في العائلة ويكتسب منهم صفاته ومزاياه، وطالما أن افراد عائلته قد نشأوا في ظل لا مبالاة راسخة ومنتشرة في سلوكهم فهو سيكون كذلك أيضا، وسوف ينتظر الحلول من غيره أيضا.
ومن المعروف لنا ولغيرنا أن المجتمعات الناجحة تتجنب حالة الاتكال على الغير وتنمي المواهب البشرية ابتداء من المراحل العمرية الاولى ولا يقتصر هذا الجهد على المحيط العائلي بل يتعداه الى الجهات الحكومية والمنظمات الاهلية التي تُعنى بجوانب السلوك وتطوير مواهب الطفل والانسان عموما.
أما في المجتمعات المتخلفة عن الركب فإن النقص والتقصير واضح للعيان بشأن الاهتمام الحكومي او الأهلي بمسألة تطوير القدرات البشرية وإشاعة نمط من السلوك يعتمد المزايا الذاتية أولا ولايتعارض مع قضية التعاون والتكافل الجماعي، بمعنى على الفرد أن لا يتكل على غيره في حل ما يعترض طريقه من معضلات، فيبدأ أولا بالتصدي الفردي لها ثم لا بأس من طلب المعاونة المناسبة من الآخرين للمساعدة في حل مشكلاته، لكن هذا لايعني أن يرمي الفرد بكل تبعات مشكلاته ويتكل في حلها على الآخرين، لأن ذلك يعني تهربه من دوره الذي يجب أن يتصدر عموم الادوار في معالجة العقبات والاشكالات التي تعترض نشاطه الفكري والانتاجي عموما.
إن القول بوجود ظاهرة غيرة جيدة في المجتمع لايعني رسوخها الى الأبد، فكثير من المجتمعات التي كانت تعتبر متخلفة حتى وقت قريب (كالصين والهند مثلا) إستطاعت أن تتغلب على الكثير من سلوكيات العيش المتردية وتصحيحها الى ما هو أفضل حتى أصبحت من الشعوب والمجتمعات الناجحة في جوانب كثيرة إجتماعية واقتصادية ايضا، وهذا يدل على أن الفرصة لمعالجة الاخطاء والسلوكيات الخاطئة متاحة لنا دائما.
بمعنى أننا بحاجة الى تطوير منظومة سلوك جديدة تعتمد تصحيح العادات والسلوكيات السيئة كحالة الاتكال على الآخر والتعامل مع شؤون الحياة بلا مبالاة، وهو أمر ممكن في حالة تعاضد الجهود الرسمية والاهلية، ولنا في المجتمعات والشعوب التي سبق ذكرها دليل ودافع نحو التغيير الى ما هو أفضل.
لذا علينا عدم انتظار الحلول من الآخر ليس لأنها فقط من اختصاصنا اولا، بل أحيانا ربما يأتي حل الآخر ليس في صالحنا وربما يعمّق أخطاءنا، فليس كل ما يناسب الآخر ويراه صحيحا يناسبا ويكون صحيحا بالنسبة لنا، وهذا ما يتطلب سعينا الذاتي باتجاه البحث عن الحلول اولا ولا بأس من الاستفادة من الآخر بما يلائمنا في السلوك والتفكير معا.
باختصار، نحن بحاجة الى نبذ اللامبالاة وحالة الاتكالية الشائعة بيننا كنمط سلوك، وعلينا أن نتعاون جميعا من أجل القضاء على ظاهرة انتظار الحلول من الآخرين وتشغيل ملكاتنا وابداعنا لتحقيق ما نربو له في هذا المجال العلاقاتي الحيوي.
علي حسين عبيد
...............
شبكة النبأ: في العلاقات والأنشطة الحياتية المختلفة لابد أن تنشأ مشكلات عديدة تواجه الانسان سواء في العمل او التفكير او نمط العيش وما شابه، وطالما يكون الانسان في حركة وانتاج متواصلين لابد أنه يتعرض لمشكلات كثيرة، أما الانسان الذي لا تقف في طريقه المشكلات فلابد أن يكون خارج المحيط العلاقاتي المتحرك، بمعنى أنه ساكن منعزل وبالتالي فهو كائن بشري غير منتج.
إن أغلبية الناس يرفضون أن يكونوا منعزلين ساكنين وغير منتجين، فطبيعة الحياة والعيش تحتم على الانسان أن يكون منتجا، أما من يشذ عن هذه القاعدة فهو خارج المعتاد والمتوقع أيضا، لذا غالبا ما تكون مشاكلنا كثيرة ومتجددة نتيجة حراكنا المتواصل، وهذا ما يفرض علينا إيجاد الحلول الملائمة كي نتجنب انعكاسات المشكلات المتوقعة، بمعنى ينبغي أن نسعى بجهد متواصل لايجاد الحلول بأنفسنا.
بيد أن واقع الحال في المجتمع العراقي يشير الى غير ذلك، حيث ينتظر الناس حلول المشكلات من غيرهم، وهذا نمط إتكالي مرفوض تماما كونه ينم عن ضعف وتقصير في استخدام القدرات الجسمية والفكرية التي يتمتع بها الانسان ناهيك عن إشاعة ونشر نوع من اللامبالاة بين النسيج الاجتماعي ككل.
ولذا نلاحظ شيوع حالة اللامبالاة كنمط وسلوك عيش قائم في حياتنا، وهو أمر لايمكن نكرانه، بل أننا في حالة غض الطرف عنه فإننا نرتكب خطأ آخر يفوق اللامبالاة نفسها، وبهذا يمكن ملاحظة وجود حالة الاعتماد على الآخر كسلوك شائع بين أفراد المجتمع، حيث تكون البداية في المحيط العائلي إذ ينشأ الطفل في ظل أجواء لا تعتني بالاعتماد على النفس ولا تطور مهارات الطفل الذي يراقب من يكبره في العائلة ويكتسب منهم صفاته ومزاياه، وطالما أن افراد عائلته قد نشأوا في ظل لا مبالاة راسخة ومنتشرة في سلوكهم فهو سيكون كذلك أيضا، وسوف ينتظر الحلول من غيره أيضا.
ومن المعروف لنا ولغيرنا أن المجتمعات الناجحة تتجنب حالة الاتكال على الغير وتنمي المواهب البشرية ابتداء من المراحل العمرية الاولى ولا يقتصر هذا الجهد على المحيط العائلي بل يتعداه الى الجهات الحكومية والمنظمات الاهلية التي تُعنى بجوانب السلوك وتطوير مواهب الطفل والانسان عموما.
أما في المجتمعات المتخلفة عن الركب فإن النقص والتقصير واضح للعيان بشأن الاهتمام الحكومي او الأهلي بمسألة تطوير القدرات البشرية وإشاعة نمط من السلوك يعتمد المزايا الذاتية أولا ولايتعارض مع قضية التعاون والتكافل الجماعي، بمعنى على الفرد أن لا يتكل على غيره في حل ما يعترض طريقه من معضلات، فيبدأ أولا بالتصدي الفردي لها ثم لا بأس من طلب المعاونة المناسبة من الآخرين للمساعدة في حل مشكلاته، لكن هذا لايعني أن يرمي الفرد بكل تبعات مشكلاته ويتكل في حلها على الآخرين، لأن ذلك يعني تهربه من دوره الذي يجب أن يتصدر عموم الادوار في معالجة العقبات والاشكالات التي تعترض نشاطه الفكري والانتاجي عموما.
إن القول بوجود ظاهرة غيرة جيدة في المجتمع لايعني رسوخها الى الأبد، فكثير من المجتمعات التي كانت تعتبر متخلفة حتى وقت قريب (كالصين والهند مثلا) إستطاعت أن تتغلب على الكثير من سلوكيات العيش المتردية وتصحيحها الى ما هو أفضل حتى أصبحت من الشعوب والمجتمعات الناجحة في جوانب كثيرة إجتماعية واقتصادية ايضا، وهذا يدل على أن الفرصة لمعالجة الاخطاء والسلوكيات الخاطئة متاحة لنا دائما.
بمعنى أننا بحاجة الى تطوير منظومة سلوك جديدة تعتمد تصحيح العادات والسلوكيات السيئة كحالة الاتكال على الآخر والتعامل مع شؤون الحياة بلا مبالاة، وهو أمر ممكن في حالة تعاضد الجهود الرسمية والاهلية، ولنا في المجتمعات والشعوب التي سبق ذكرها دليل ودافع نحو التغيير الى ما هو أفضل.
لذا علينا عدم انتظار الحلول من الآخر ليس لأنها فقط من اختصاصنا اولا، بل أحيانا ربما يأتي حل الآخر ليس في صالحنا وربما يعمّق أخطاءنا، فليس كل ما يناسب الآخر ويراه صحيحا يناسبا ويكون صحيحا بالنسبة لنا، وهذا ما يتطلب سعينا الذاتي باتجاه البحث عن الحلول اولا ولا بأس من الاستفادة من الآخر بما يلائمنا في السلوك والتفكير معا.
باختصار، نحن بحاجة الى نبذ اللامبالاة وحالة الاتكالية الشائعة بيننا كنمط سلوك، وعلينا أن نتعاون جميعا من أجل القضاء على ظاهرة انتظار الحلول من الآخرين وتشغيل ملكاتنا وابداعنا لتحقيق ما نربو له في هذا المجال العلاقاتي الحيوي.