الشباب طاقة التنمية فمَن يؤهلهم؟
علي حسين عبيد.
...................
من استشار الرجال شاركهم في عقولهم، هذا المثل المعروف يقودنا الى أهمية الاستفادة من تجارب الآخرين وأفكارهم وخططهم على مستوى التنظير والعمل، ولاينحصر بالافراد بل يتعداهم الى الشعوب والامم، بكلمة أخرى ليس هناك ضير في الاطلاع على تجارب الامم والشعوب لكي نأخذ منها ما يدعم أفكارنا وينمّي مصالحنا ويطور حياتنا، وهنا نطرح التساؤلات التالية على من يهمه الامر من الرسميين والأهليين:
هل حصلت شريحة الشباب على ما تستحقه من الاهتمام والرعاية والتوجية؟
وهل تمت الاستفادة من طاقاتهم كما ينبغي؟
وهل مددنا لهم يد العون في اكتشاف وتنمية مواهبهم ومهاراتهم وعالجنا آفة الفراغ التي تسحق طاقاتهم وتحولها الى عبء عليهم وعلى المجتمع عموما؟
إنها تساؤلات غالبا ما نسمعها في الشارع وفي المقهى وفي حافلة نقل الركاب والمقاهي وغيرها يطرحها الشباب انفسهم وغيرهم، ولكن لا أحد يقدم لهم جوابا شافيا وليس هناك من يفتح لهم آفاق العلاج الناجع، وحينما ينحرف الشاب الفلاني او غيره، تقوم الدنيا ولا تقعد، وتبدأ الجهات المسؤولة وغيرها بإشهار البطاقة الحمراء ضد هذا الشاب فتجرّمه على هذا العمل او ذاك كونه يحدث خارج الضوابط الاخلاقية والاجتماعية متناسين تماما أنهم أول من ساهم وشارك في إيصال الشاب الى هذه النتيجة؟!! وحري بالجهات المختصة أن تقاضي المسؤولين عن تردي حياة وأوضاع الشباب قبل أن تقاضي هذا الشاب او ذاك لانه أخطأ في هذا السلوك او غيره.
ولعلنا لا نأتي بجديد حين نقول بأن الشباب في الشعوب والامم المتقدمة هم ثروتهم الكبرى التي لا يفرطون بها او يغضون الطرف عنها، نعم إن شبابنا هم ثروتنا فيما لو أحسنّا التعامل معهم، ولنا في التجارب التي قامت بها بعض الحكومات الأخرى أمثلة رائعة في استغلال طاقات الشباب بالصورة المثلى وتحويلها الى رافد مهم وركيزة قوية بل أساسية يرتكز عليها الاقتصاد الوطني لتلك البلدان، ولنأخذ تجربة الهند كمثال قريب في هذا المجال حيث بادرت الحكومة الهندية الى توظيف طاقات الشباب بما يصب في صالح عموم شرائح المجتمع الذي تجاوز المليار بمئات الملايين !!، فتحولت الشبيبة الهندية بدعم وتخطيط حكومي الى قوة اقتصادية كبيرة نهضت بالاقتصاد الهندي الى مصاف القوى الاقتصادية الدولية الكبرى من جانب وامتصت طاقات الشباب ووظفتها بالطريقة المثلى من جانب آخر، وكذا الحال مع التجربة الأيرلندية أو الصينية التي أصبح اقتصادها من أقوى المنظومات الاقتصادية في العالم مع ان نسبة تعدادها تقارب ربع سكان العالم وهي آخذة في النمو البشري والاقتصادي بوتيرة متصاعدة.
لقد أخفق المسؤولون العراقيون في معالجة مشكلة البطالة بصورة جذرية، وبقيت نسبة كبيرة من الشباب تقتل طاقاتها على مفترقات الطرق او في الساحات الخاوية، او المقاهي القاتلة للطاقات، او الكازينوهات الجاذبة للشباب العاطلين فيجتمعون فيها ويتحولون الى لصوص او يتعلمون الانحراف الاخلاقي من بعضهم البعض كي يفرغوا طاقاتهم في هذه الاتجاهات الضارة والمعيبة بدلا من تحويلها الى طاقات خلاقة منتجة تسهم في بناء البنى الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع.
ولو بحثنا في اسباب ذلك فإنها كثيرة وقد تبدو غير قابلة للتشخيص او الحصر، لذلك قلنا ان هناك امكانية للاستفادة من التجارب العالمية الاخرى في التعامل مع هذه الشريحة الحيوية الكبرى، فلقد أقامت تلك الحكومات المتنورة بتشييد المعاهد الخاصة بالشباب بمختلف انواعها وشرعت هذه المعاهد بتقديم خدماتها العلمية والعملية لعموم الشباب، فساعدتهم على تنمية وتطوير قدراتهم ومواهبهم في الحقول العملية والعلمية أيضا.
فمنها معاهد تخصصت بالتطوير الزراعي وأخرى تخصصت بالتطوير الصناعي وثالثة تخصصت بالتطوير الطبي، وغيرها تخصصت بالابداع والفنون المنتجة، فتحولت هذه الشريحة من حالة العبء الثقيل على الاقتصاد الوطني الى رافد كبير ودائم يصب في تنمية الاقتصاد الوطني وتطويره ناهيك عن الاستغلال الامثل للطاقات الشبابية المتنوعة، فتحركت مفاصل الاقتصاد كافة وتحركت عموم شرائح المجتمع تماما كما تتحرك الدورة الدموية في جسد الإنسان.
حيث سيقود الحراك الشبابي الحيوي الى حراك إجتماعي عملي ذي طابع شمولي يضم في منظومته عموم الشرائح الأخرى لنصل في نهاية المطاف الى حركة اقتصادية متناسقة ومنتجة بصورة متواصلة، وبهذه الطريقة لا غيرها تحول الاقتصاد الصيني الى ما هو عليه الآن.
وكذا الامر مع الاقتصاد الهندي الذي كان مشلولا تماما قبل أقل من نصف قرن مضى، لكن بفعل النوايا والافعال الغيورة للمسؤولين والاخلاص الفريد للعقول الوطنية التي خططت ونفذت حملاتها المتواصلة لتوظيف طاقات الشباب بالصورة المثلى، إستطاعت أن تقفز ببلدانها الى ما هي عليه الآن من تطور إقتصادي شامل غالبا ما تُحسد عليه من قبل الشعوب المتلكئة.
لذلك يبدو القصور الرسمي واضحا في هذا المجال من حيث التخطيط والتنفيذ الذي يحوّل الشباب من قوة ساحبة الى الخلف الى قوة دافعة للاقتصاد الوطني، ولو توافرت العقول والارادات الصادقة لأمكننا أن نرتفع بشبابنا وأنفسنا عبر خطوات اجرائية منها:
-العمل فورا على إنشاء المعاهد المهنية المتخصصة لتنمية مهارات وقدرات الشباب في حقول الزراعة والصناعة والتجارة وعامة المهن المنتجة، على أن تخصص لذلك ميزانية مالية كبيرة وكوادر تدريس قادرة على تحويل الشباب فعلا من طاقة كامنة الى طاقة فاعلة ومنتجة.
-أن تنظر الحكومة الى معالجة مشكلة الشباب بمستوى الاهمية التي تنظر فيها الى الجانب الامني الذي استنفذ أموالا طائلة من خزينة الدولة.
-أن تُرسل وفود متخصصة لدراسة بعض التجارب الدولية التي نجحت في معالجة مشكلة الشباب في ما يتعلق بالبطالة وما شابه كما اشرنا للتجربة الهندية والصينية وغيرها وكيفية الاستفادة القصوى منها .
-أن تُستثمر الاراضي الواسعة للزراعة بموازاة تنمية المهارات التي تقدمها المعاهد المتخصصة للشباب، وكذا الحال فيما يخص الصناعة وغيرها من مجالات العمل الأخرى.
-أن تتضافر الجهود الرسمية والمنظمات الأهلية في قطاعيّ الزراعة والصناعة للتركيز على مكافحة بطالة الشباب وتوظيف طاقاتهم للصالح العام.
شبكة النبأ المعلوماتية.
علي حسين عبيد.
...................
من استشار الرجال شاركهم في عقولهم، هذا المثل المعروف يقودنا الى أهمية الاستفادة من تجارب الآخرين وأفكارهم وخططهم على مستوى التنظير والعمل، ولاينحصر بالافراد بل يتعداهم الى الشعوب والامم، بكلمة أخرى ليس هناك ضير في الاطلاع على تجارب الامم والشعوب لكي نأخذ منها ما يدعم أفكارنا وينمّي مصالحنا ويطور حياتنا، وهنا نطرح التساؤلات التالية على من يهمه الامر من الرسميين والأهليين:
هل حصلت شريحة الشباب على ما تستحقه من الاهتمام والرعاية والتوجية؟
وهل تمت الاستفادة من طاقاتهم كما ينبغي؟
وهل مددنا لهم يد العون في اكتشاف وتنمية مواهبهم ومهاراتهم وعالجنا آفة الفراغ التي تسحق طاقاتهم وتحولها الى عبء عليهم وعلى المجتمع عموما؟
إنها تساؤلات غالبا ما نسمعها في الشارع وفي المقهى وفي حافلة نقل الركاب والمقاهي وغيرها يطرحها الشباب انفسهم وغيرهم، ولكن لا أحد يقدم لهم جوابا شافيا وليس هناك من يفتح لهم آفاق العلاج الناجع، وحينما ينحرف الشاب الفلاني او غيره، تقوم الدنيا ولا تقعد، وتبدأ الجهات المسؤولة وغيرها بإشهار البطاقة الحمراء ضد هذا الشاب فتجرّمه على هذا العمل او ذاك كونه يحدث خارج الضوابط الاخلاقية والاجتماعية متناسين تماما أنهم أول من ساهم وشارك في إيصال الشاب الى هذه النتيجة؟!! وحري بالجهات المختصة أن تقاضي المسؤولين عن تردي حياة وأوضاع الشباب قبل أن تقاضي هذا الشاب او ذاك لانه أخطأ في هذا السلوك او غيره.
ولعلنا لا نأتي بجديد حين نقول بأن الشباب في الشعوب والامم المتقدمة هم ثروتهم الكبرى التي لا يفرطون بها او يغضون الطرف عنها، نعم إن شبابنا هم ثروتنا فيما لو أحسنّا التعامل معهم، ولنا في التجارب التي قامت بها بعض الحكومات الأخرى أمثلة رائعة في استغلال طاقات الشباب بالصورة المثلى وتحويلها الى رافد مهم وركيزة قوية بل أساسية يرتكز عليها الاقتصاد الوطني لتلك البلدان، ولنأخذ تجربة الهند كمثال قريب في هذا المجال حيث بادرت الحكومة الهندية الى توظيف طاقات الشباب بما يصب في صالح عموم شرائح المجتمع الذي تجاوز المليار بمئات الملايين !!، فتحولت الشبيبة الهندية بدعم وتخطيط حكومي الى قوة اقتصادية كبيرة نهضت بالاقتصاد الهندي الى مصاف القوى الاقتصادية الدولية الكبرى من جانب وامتصت طاقات الشباب ووظفتها بالطريقة المثلى من جانب آخر، وكذا الحال مع التجربة الأيرلندية أو الصينية التي أصبح اقتصادها من أقوى المنظومات الاقتصادية في العالم مع ان نسبة تعدادها تقارب ربع سكان العالم وهي آخذة في النمو البشري والاقتصادي بوتيرة متصاعدة.
لقد أخفق المسؤولون العراقيون في معالجة مشكلة البطالة بصورة جذرية، وبقيت نسبة كبيرة من الشباب تقتل طاقاتها على مفترقات الطرق او في الساحات الخاوية، او المقاهي القاتلة للطاقات، او الكازينوهات الجاذبة للشباب العاطلين فيجتمعون فيها ويتحولون الى لصوص او يتعلمون الانحراف الاخلاقي من بعضهم البعض كي يفرغوا طاقاتهم في هذه الاتجاهات الضارة والمعيبة بدلا من تحويلها الى طاقات خلاقة منتجة تسهم في بناء البنى الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع.
ولو بحثنا في اسباب ذلك فإنها كثيرة وقد تبدو غير قابلة للتشخيص او الحصر، لذلك قلنا ان هناك امكانية للاستفادة من التجارب العالمية الاخرى في التعامل مع هذه الشريحة الحيوية الكبرى، فلقد أقامت تلك الحكومات المتنورة بتشييد المعاهد الخاصة بالشباب بمختلف انواعها وشرعت هذه المعاهد بتقديم خدماتها العلمية والعملية لعموم الشباب، فساعدتهم على تنمية وتطوير قدراتهم ومواهبهم في الحقول العملية والعلمية أيضا.
فمنها معاهد تخصصت بالتطوير الزراعي وأخرى تخصصت بالتطوير الصناعي وثالثة تخصصت بالتطوير الطبي، وغيرها تخصصت بالابداع والفنون المنتجة، فتحولت هذه الشريحة من حالة العبء الثقيل على الاقتصاد الوطني الى رافد كبير ودائم يصب في تنمية الاقتصاد الوطني وتطويره ناهيك عن الاستغلال الامثل للطاقات الشبابية المتنوعة، فتحركت مفاصل الاقتصاد كافة وتحركت عموم شرائح المجتمع تماما كما تتحرك الدورة الدموية في جسد الإنسان.
حيث سيقود الحراك الشبابي الحيوي الى حراك إجتماعي عملي ذي طابع شمولي يضم في منظومته عموم الشرائح الأخرى لنصل في نهاية المطاف الى حركة اقتصادية متناسقة ومنتجة بصورة متواصلة، وبهذه الطريقة لا غيرها تحول الاقتصاد الصيني الى ما هو عليه الآن.
وكذا الامر مع الاقتصاد الهندي الذي كان مشلولا تماما قبل أقل من نصف قرن مضى، لكن بفعل النوايا والافعال الغيورة للمسؤولين والاخلاص الفريد للعقول الوطنية التي خططت ونفذت حملاتها المتواصلة لتوظيف طاقات الشباب بالصورة المثلى، إستطاعت أن تقفز ببلدانها الى ما هي عليه الآن من تطور إقتصادي شامل غالبا ما تُحسد عليه من قبل الشعوب المتلكئة.
لذلك يبدو القصور الرسمي واضحا في هذا المجال من حيث التخطيط والتنفيذ الذي يحوّل الشباب من قوة ساحبة الى الخلف الى قوة دافعة للاقتصاد الوطني، ولو توافرت العقول والارادات الصادقة لأمكننا أن نرتفع بشبابنا وأنفسنا عبر خطوات اجرائية منها:
-العمل فورا على إنشاء المعاهد المهنية المتخصصة لتنمية مهارات وقدرات الشباب في حقول الزراعة والصناعة والتجارة وعامة المهن المنتجة، على أن تخصص لذلك ميزانية مالية كبيرة وكوادر تدريس قادرة على تحويل الشباب فعلا من طاقة كامنة الى طاقة فاعلة ومنتجة.
-أن تنظر الحكومة الى معالجة مشكلة الشباب بمستوى الاهمية التي تنظر فيها الى الجانب الامني الذي استنفذ أموالا طائلة من خزينة الدولة.
-أن تُرسل وفود متخصصة لدراسة بعض التجارب الدولية التي نجحت في معالجة مشكلة الشباب في ما يتعلق بالبطالة وما شابه كما اشرنا للتجربة الهندية والصينية وغيرها وكيفية الاستفادة القصوى منها .
-أن تُستثمر الاراضي الواسعة للزراعة بموازاة تنمية المهارات التي تقدمها المعاهد المتخصصة للشباب، وكذا الحال فيما يخص الصناعة وغيرها من مجالات العمل الأخرى.
-أن تتضافر الجهود الرسمية والمنظمات الأهلية في قطاعيّ الزراعة والصناعة للتركيز على مكافحة بطالة الشباب وتوظيف طاقاتهم للصالح العام.
شبكة النبأ المعلوماتية.