عادات الشعوب...العرس المغربي متمسك بتقاليده.
باسم حسين الزيدي.
............
تنوعت المعارف البشرية و حضاراتها و موروثها بحسب العديد من الظروف التي ولدت هذا التنوع و تتراوح بين البيئة و القيم و الموروث الاجتماعي...الخ،و التي ولدت بدورها العديد من العادات و التقاليد الخاصة بكل شعب على حده،و قد تناقلت الاجيال هذه التقاليد باعتبارها جزء من تراثها و تاريخها و منظومتها الحضارية ضمن طقوس خاصة،و باتت هذه الطقوس تمارس تبعاً للعادات الجارية في الافراح و الاحزان و الاكل و الشرب و الملبس و غيره،و قد تتشابة او تختلف هذه القيم بين الشعوب بحسب القرب و البعد ومدى التأثير المتبادل بينهم.
و برغم الحداثة و اندماج الحضارات و التقارب الكبير بين الدول بفعل التطور و التقدم الذي شهده العالم و محاولة الاجيال المثقفة من الشباب التملص من اتباع هذه التقاليد و العادات و السعي نحو الجديد و المختلف الا ان التمسك بها مازال موجودا حتى ان الكثير منها اصبح مصدر جذب للسياحة والسائحين للتعرف على عادات الشعوب خصوصاً الغريب منها.
........
العرس المغربي متمسّك بتقاليده.
حيث تحتفل الأسر المغربية بعقد قران أبنائها و بناتها بإقامة أعراس تقليدية تطبعها طقوس موروثة مازالت تحافظ على عراقتها على الرغم من محاولات التجديد و التحديث التي اصبحت تميز حفلات الزفاف في الحواضر،و يبدأ الاستعداد للعرس المغربي منذ اعلان الخطوبة التي غالبا لا يفصلها عن موعد عقد القران وقت طويل يلزم فيه الخطيب مهاداة خطيبته في المناسبات الدينية التي يصادفها الزمن الفاصل "التفكيرة" حيث تجري العادة أن تؤثث عائلة العروس صالون بيت الزوجية،و تلزم التقاليد الموروثة الخاطب المغربي بـ"الدهاز" أي الجهاز و هو كسوة العروس التي تتكون من قماش حريري رفيع و حذاء و بعض الالبسة و زينتها اضافة الى الحلي و هي عبارة عن خاتمي القران و اسورة "النبالة" او عقد او حزام ذهبي او فضي حسب مستوى الانتماء الطبقي للعريسين، و يقدم "الدهاز" الذي تشترط العادة ان يتضمن زوجين من كل نوع و صنف فيه يختلف شكلهما او لونهما في اوان مصنوعة من النحاس الصقيل مقببة بأغطية كأنها العمائم فوق الرؤوس مكللة بتيجان صقيلة من نحاس أو لجين تسمى "الطيافر" و ذلك في موكب الحليب و التمر و السكر و الحناء و الورد و السواك و الشموع و البخور،و تسير به عائلة العريس من النساء فوق رؤوس الرجال أو على متن عربات مكشوفة مجرورة باليد أو الدواب مع أجواق الموسيقى و الغناء الشعبي تجوب به شوارع المدينة و ازقتها الى بيت العروس في يوم "كمال العطية" و هو يوم عقد القران، و تستقبل عائلة العروس موكب "الدهاز" بالتمر و الحليب وفق التقاليد المرعية في هذه المناسبات حيث يكون الحليب باردا محلى منسما بماء الزهر و التمر ذا جودة عالية من نوع "المجهول" و هو ارقى ما تثمره الواحات المغربية محشوا بالجوز أو اللوز و بالزغاريد يحرص على تنظيم و ترتيب هذا الاستقبال في بيت العروس سيدة مختصة تعرف بـ"النكافة"،و هي سيدة تتعاطى المهنة تقديم العروس لمدعوي حفل زفافها و هي التي تسهر على ترتيب كل ما يتعلق بابراز العروس في أبهى الحلل و أجمل مظاهر الزينة و البهاء يوم الحفل بالنهار أو الليل و هي التي ترافقها صحبة صبياتها يسرن خلفها ممسكات بتلابيب الثوب الذي تمشي به العروس وسط المدعوين بزهو و خيلاء يزغردن ويهللن.
و ما يجعل عرسا مغربيا متميزا عن عرس مغربي آخر هو مهارة "النكافة" و امكانياتها بما تتوفر عليه من حلي ذهبي خالص و لباس متنوع راق و تجهيز مبهر و قدرة على تسخير كل ذلك لتتويج العريسين في ليلة زفافهما بالتاج و الصولة و الصولجان،و تظهر العروس في يوم "ابراز" و هو يوم حفل الزفاف الذي تبرز فيه العروس بوجه سافر للمدعوين في أحسن الصور بأجمل زي و أرقى حلي و أغلى قيمة،و يبدأ العرس المغربي بحفل الحناء الذي يتم خلاله تخضيب يدي و قدمي العروس بوشم جميل من رسوم و خطوط رفيعة و أشكال هندسية متنوعة تشمل الاصابع و الانامل و راحة اليد ظاهرها و باطنها حتى المعصم و كذلك القدمين الى الكعبين و هي المرة الأولى التي تمد فيها الفتاة المغربية رجليها للحناء،و تكون العروس في حفل الحناء الذي يحضره على وجه الخصوص قريبات العروس و عائلتها و والدة العريس و جدتاه و أخواته و عماته و خالاته فقط محجبة مستورة الوجه بغطاء شفاف اخضر من لون ثوبه،و يتقدم في هذا الحفل الذي تنظمه عائلة العروس الفتيات في سن الزواج و كذلك الفتيات و الأطفال الصغار للتبرك بهذه الحناء تيمنا ببناء عش الزوجية و بينما يطوي الأطفال كومة حناء بين أصابعهم في أكفهم يخضب الطفلات جزءا من يدهن اليمنى أو اليسرى فيما تكسو النسوة العجائز كامل اليدين بالحناء بدون رسوم،و يسبق يوم حفل الحناء الذي غالبا ما يكون نهار جمعة ذهاب العروس الى "الحمام" في رفقة من بنات عائلتها أو من بعض الجيران لاسيما الفتيات المتطلعات للزواج،اما الشعر فتكون غدائره منعمة بـ"النفقة" و هي خلطة طيبة دوائية وصفتها مسحوق حناء و قرنفل مدقوق و ماء ورد خالص و زعفران حر تظفر بخلطته خصلات العروس "المزوارة" و هي امرأة متزوجة بأمد طويل و مشهود لها بالسعادة في بيت الزوجية،و يوم الحفل الكبير يحضر المدعوون في قمة أناقتهم كل بيده ما استطاع من هدية و قبل أن تحكم الظروف بالاختلاط و المخالطة كان المجتمع المغربي يقيم العرس نهارا للنساء و ليلا للرجال أو يوما للرجال و يوما للنساء،و تخرج العروس على الحضور مكللة بالذهب و خلفها الوصيفات صبيات "النكافة" يهللن بالصلاة على النبي في لازمة يكررنها بالصياح "لا جاه الا جاه سيدنا محمد الله مع الجاه العالي" تتلوهن بزغرودات،و تعتلي العروس عرشها و يأتي عريسها الى جنبها على يمينها و تبدأ مراسم دخولها و خروجها في كل مرة بلباس جديد كعارضة ازياء بينما العريس لا يغير ملابسه الا مرتين أو ثلاثا احداهن يخرج فيها باللباس المغربي القومي التقليدي،و تصل اللحظة الخالدة لدى العرسان المغاربة في حفل الزفاف المغربي الذي يولم المدعوون فيه من أرقى مأدبة المطبخ المغربي اذ تحمل العروس أولا في هودج "العمارية" و هو عبارة عن مائدة يرتقي بها شبان اما من أهلها أو من طاقم "النكافة" فوق رؤوسهم،و يرقصون بها على ايقاعات الطرب الاندلسي ثم العريس الذي يكون وقت حمله في العمارية اقصر من وقت حمل العروس حتى لا يكون له على عروسه غلبة،ان العرس في المغرب يختلف باختلاف العادات و التقاليد من منطقة الى اخرى و إن أكثر الطقوس الاحتفالية تعرضت للانقراض بسبب التكاليف الباهظة التي يتطلبها الوفاء لها اضافة الى عامل الزمن الذي لم يعد يسعف المجتمع على اقامة احتفالات العرس طيلة سبعة ايام،و العرس المغربي يتميز بطابعه الاحتفالي و بتنوع فقراته مبينة انه و على الرغم من ارتفاع تكاليف اقامته ما تزال الاسر المغربية تصر على احيائه وفق النموذج الموروث مع بعض التعديلات التي فرضها العصر.
..................
الكسكس وجبة المغاربة الاولى.
فمن جانبهم يحرص المغاربة على إعداد «الكسكس» يوم الجمعة والاجتماع حول مائدة الطعام لتناول هذا الطبق الذي لا ينافسه أي طعام آخر على موائد المغاربة،و يكاد يكون هذا تقليداً أصيلاً في جميع مناطق المغرب،رغم الاختلاف الحاصل في طريقة تحضير الكسكس و أنواع الخضر التي يحتاجها هذا الطبق بسبب اختلاف تقاليد منطقة عن أخرى،و في فصل الربيع يزداد إقبال المغاربة على إعداد الكسكس حتى الذين استغنوا عن هذه الأكلة بسبب ضيق الوقت و تسارع نمط الحياة لأن إعداد الكسكس يحتاج إلى وقت طويل مقارنة مع الأكلات العصرية الخفيفة،و تحرص أغلبية الأسر على إعداد الكسكس في فصل الربيع،لا سيما مع توافر خضروات موسمية التي لا تتوافر بكثرة في غير هذا الفصل،حيث يسيطر هذا الطبق على أغلبية موائد المغاربة في نزهات الربيع و شم النسيم،إلى ذلك،تقول عائشة الصالحي، خبيرة في الطبخ المغربي،إن وجبة الكسكس هي القاسم المشترك بين جميع مناطق المغرب،و رغم الاختلاف في تقاليد و أسلوب عيش سكان بعض المناطق،إلا أن هذه الوجبة تبقى الأكثر شهرة و إقبالا في جميع الأطباق المغربية خاصة يوم الجمعة،و تضيف «في هذا اليوم تستطيع أن تجزم أن كل الموائد المغربية تزدان بوجبة الكسكس فهو طبق الغذاء الرئيسي دون منازع،و قلما تتخلف أسرة مغربية عن هذا الموعد،كما يتم إعداد الكسكس برأس الخروف في اليوم الثالث من عيد الأضحى،و هو تقليد متوارث منذ مئات السنين،كما يتم تقديم الكسكس في حفلات الزفاف و العقيقة بالأرياف و في الجنائز بالمدن»،و تشير الصالحي إلى أن أصل تسمية «الكسكس» أو «الكسكسي» هو كلمة «سكسو» البربرية و هو قدر التبخير الذي يطهى فيه الكسكس،و تضيف «الكسكس أكلة أمازيغية كانت معروفة في منطقة شمال أفريقيا،و يرجع تاريخها إلى ما قبل الميلاد،ثم أصبحت أكلة شعبية في المغرب في القرن 13 الميلادي في عهد الموحدين و انتقلت هذه الأكلة من بلدان المغرب العربي إلى بلدان جنوب الصحراء الإفريقية و جنوب أوروبا و منها إلى مستعمرات الأوروبيين بأميركا الجنوبية»،و ترى الصالحي أن سر احتفاظ هذا الطبق بشهرته و مكانته يعود بالأساس إلى تكييف هذه الأكلة مع النكهات و الأطباق المكملة،و تعدد طرق تحضيره و انخفاض أسعار المواد التي يحتاجها،إضافة إلى ارتباطه بالهوية الثقافية و بالأعياد و المناسبات.بحسب وكالة الانباء الكويتية.
و تنقسم وجبة الكسكس نفسها إلى عدة أنواع فهناك كسكس «السبع خضار» و الكسكس برأس الخروف و الكسكس بالبرقوق الأسود المعسل،و لكل منها طعم مميز لكن اشهرها هو كسكس السبع خضار،و يحضر بوضع قدر كبير الحجم على النار و بداخله قطع اللحم و البصل و البهارات و الملح و الزيت، و يترك الكل فترة عشر دقائق تم تضاف الطماطم و يترك قليلا ثم نضيف الماء و جميع أنواع الخضار حسب الرغبة،و يترك الجميع حتى ينضج اللحم و الخضار و يقلّ الماء و يتماسك المرق،أما بالنسبة لدقيق الكسكسي فيوضع في صحن كبير و يرش بالقليل من الماء ثم يدهن بالزيت و يوضع في «الكسكاس» (قدر التبخير) فوق قدر المرق و يترك حتى يرتفع البخار و يصب الكسكسي ثانيا في الصحن و يحل باليدين بفرك حباته و إضافة الماء و الملح ثم يرجع مرة ثانية إلى قدر التبخير و هكذا مرة ثالثة و بعدها يصبح ناضجا و جاهزا للتقديم»،بالنسبة لدقيق الكسكس الجاهز،بينما تفضل بعض المغربيات إعداد دقيق الكسكس في المنزل و لا تزال ربات البيوت خاصة في القرى و الأرياف يتمسكن بإعداد الكسكس في البيت،لأن طعمه مميز عن دقيق الكسكس الذي يباع جاهزاً في الأسواق،و يتم إعداد دقيق الكسكس أو كما يطلق عليه المغاربة «الكسكس المعمول» أو «المبروم» بخلط دقيق السميد بطحين القمح و الملح و الماء،و يبدأ التحضير بوضع حفنات من دقيق السميد ثم رشها بالماء المالح،ثم يضاف الطحين و تفرك الحبات براحة اليد،ثم نضيف دقيق السميد من جديد و نرشها بالماء المالح،ثم نضيف دقيق القمح و نحرك الخليط و نفركه إلى أن يتحول إلى حبات صغيرة متساوية الحجم و نفصل عنه الحبات الكبيرة،و في النهاية نضيف القليل من الزيت و نتركه،يطهى بالبخار لمدة نصف ساعة،و يمكن تحضير دقيق الكسكس بهذه الطريقة بكميات كبيرة لما يكفي لأسابيع و تخزينه في مكان جاف،و تكتسي طريقة تقديم الكسكس أهمية بالغة لأن هذه الكمية الكبيرة من دقيق الكسكس و المرق و الخضار تفرض على الطاهي التزام الحرص لتقديم هذا الطبق الضخم بشكل يثير الشهية و يلفت النظر و يبرز كافة مكوناته من أنواع الخضر و في وقت قصير حتى لا يفقد الطبق حرارته و بالتالي يفقد مذاقه.و يفضل أغلبية المغاربة تقديم الكسكس في آنية فخارية كبيرة تسمى «القصعة» حتى يحتفظ الكسكس بحرارته أطول فترة ممكنة،و بعد أن يفرش الكسكس في هذا الصحن الكبير المستدير يسقى بالمرق و توضع فوقه قطع اللحم في الوسط و يزين بالخضار حتى يتخذ شكل هرم تعتليه الخضار و اللحم و يكون الكسكس آنذاك جاهزا للتقديم.
........
شبكة النبأ المعلوماتية-6/حزيران/2011
باسم حسين الزيدي.
............
تنوعت المعارف البشرية و حضاراتها و موروثها بحسب العديد من الظروف التي ولدت هذا التنوع و تتراوح بين البيئة و القيم و الموروث الاجتماعي...الخ،و التي ولدت بدورها العديد من العادات و التقاليد الخاصة بكل شعب على حده،و قد تناقلت الاجيال هذه التقاليد باعتبارها جزء من تراثها و تاريخها و منظومتها الحضارية ضمن طقوس خاصة،و باتت هذه الطقوس تمارس تبعاً للعادات الجارية في الافراح و الاحزان و الاكل و الشرب و الملبس و غيره،و قد تتشابة او تختلف هذه القيم بين الشعوب بحسب القرب و البعد ومدى التأثير المتبادل بينهم.
و برغم الحداثة و اندماج الحضارات و التقارب الكبير بين الدول بفعل التطور و التقدم الذي شهده العالم و محاولة الاجيال المثقفة من الشباب التملص من اتباع هذه التقاليد و العادات و السعي نحو الجديد و المختلف الا ان التمسك بها مازال موجودا حتى ان الكثير منها اصبح مصدر جذب للسياحة والسائحين للتعرف على عادات الشعوب خصوصاً الغريب منها.
........
العرس المغربي متمسّك بتقاليده.
حيث تحتفل الأسر المغربية بعقد قران أبنائها و بناتها بإقامة أعراس تقليدية تطبعها طقوس موروثة مازالت تحافظ على عراقتها على الرغم من محاولات التجديد و التحديث التي اصبحت تميز حفلات الزفاف في الحواضر،و يبدأ الاستعداد للعرس المغربي منذ اعلان الخطوبة التي غالبا لا يفصلها عن موعد عقد القران وقت طويل يلزم فيه الخطيب مهاداة خطيبته في المناسبات الدينية التي يصادفها الزمن الفاصل "التفكيرة" حيث تجري العادة أن تؤثث عائلة العروس صالون بيت الزوجية،و تلزم التقاليد الموروثة الخاطب المغربي بـ"الدهاز" أي الجهاز و هو كسوة العروس التي تتكون من قماش حريري رفيع و حذاء و بعض الالبسة و زينتها اضافة الى الحلي و هي عبارة عن خاتمي القران و اسورة "النبالة" او عقد او حزام ذهبي او فضي حسب مستوى الانتماء الطبقي للعريسين، و يقدم "الدهاز" الذي تشترط العادة ان يتضمن زوجين من كل نوع و صنف فيه يختلف شكلهما او لونهما في اوان مصنوعة من النحاس الصقيل مقببة بأغطية كأنها العمائم فوق الرؤوس مكللة بتيجان صقيلة من نحاس أو لجين تسمى "الطيافر" و ذلك في موكب الحليب و التمر و السكر و الحناء و الورد و السواك و الشموع و البخور،و تسير به عائلة العريس من النساء فوق رؤوس الرجال أو على متن عربات مكشوفة مجرورة باليد أو الدواب مع أجواق الموسيقى و الغناء الشعبي تجوب به شوارع المدينة و ازقتها الى بيت العروس في يوم "كمال العطية" و هو يوم عقد القران، و تستقبل عائلة العروس موكب "الدهاز" بالتمر و الحليب وفق التقاليد المرعية في هذه المناسبات حيث يكون الحليب باردا محلى منسما بماء الزهر و التمر ذا جودة عالية من نوع "المجهول" و هو ارقى ما تثمره الواحات المغربية محشوا بالجوز أو اللوز و بالزغاريد يحرص على تنظيم و ترتيب هذا الاستقبال في بيت العروس سيدة مختصة تعرف بـ"النكافة"،و هي سيدة تتعاطى المهنة تقديم العروس لمدعوي حفل زفافها و هي التي تسهر على ترتيب كل ما يتعلق بابراز العروس في أبهى الحلل و أجمل مظاهر الزينة و البهاء يوم الحفل بالنهار أو الليل و هي التي ترافقها صحبة صبياتها يسرن خلفها ممسكات بتلابيب الثوب الذي تمشي به العروس وسط المدعوين بزهو و خيلاء يزغردن ويهللن.
و ما يجعل عرسا مغربيا متميزا عن عرس مغربي آخر هو مهارة "النكافة" و امكانياتها بما تتوفر عليه من حلي ذهبي خالص و لباس متنوع راق و تجهيز مبهر و قدرة على تسخير كل ذلك لتتويج العريسين في ليلة زفافهما بالتاج و الصولة و الصولجان،و تظهر العروس في يوم "ابراز" و هو يوم حفل الزفاف الذي تبرز فيه العروس بوجه سافر للمدعوين في أحسن الصور بأجمل زي و أرقى حلي و أغلى قيمة،و يبدأ العرس المغربي بحفل الحناء الذي يتم خلاله تخضيب يدي و قدمي العروس بوشم جميل من رسوم و خطوط رفيعة و أشكال هندسية متنوعة تشمل الاصابع و الانامل و راحة اليد ظاهرها و باطنها حتى المعصم و كذلك القدمين الى الكعبين و هي المرة الأولى التي تمد فيها الفتاة المغربية رجليها للحناء،و تكون العروس في حفل الحناء الذي يحضره على وجه الخصوص قريبات العروس و عائلتها و والدة العريس و جدتاه و أخواته و عماته و خالاته فقط محجبة مستورة الوجه بغطاء شفاف اخضر من لون ثوبه،و يتقدم في هذا الحفل الذي تنظمه عائلة العروس الفتيات في سن الزواج و كذلك الفتيات و الأطفال الصغار للتبرك بهذه الحناء تيمنا ببناء عش الزوجية و بينما يطوي الأطفال كومة حناء بين أصابعهم في أكفهم يخضب الطفلات جزءا من يدهن اليمنى أو اليسرى فيما تكسو النسوة العجائز كامل اليدين بالحناء بدون رسوم،و يسبق يوم حفل الحناء الذي غالبا ما يكون نهار جمعة ذهاب العروس الى "الحمام" في رفقة من بنات عائلتها أو من بعض الجيران لاسيما الفتيات المتطلعات للزواج،اما الشعر فتكون غدائره منعمة بـ"النفقة" و هي خلطة طيبة دوائية وصفتها مسحوق حناء و قرنفل مدقوق و ماء ورد خالص و زعفران حر تظفر بخلطته خصلات العروس "المزوارة" و هي امرأة متزوجة بأمد طويل و مشهود لها بالسعادة في بيت الزوجية،و يوم الحفل الكبير يحضر المدعوون في قمة أناقتهم كل بيده ما استطاع من هدية و قبل أن تحكم الظروف بالاختلاط و المخالطة كان المجتمع المغربي يقيم العرس نهارا للنساء و ليلا للرجال أو يوما للرجال و يوما للنساء،و تخرج العروس على الحضور مكللة بالذهب و خلفها الوصيفات صبيات "النكافة" يهللن بالصلاة على النبي في لازمة يكررنها بالصياح "لا جاه الا جاه سيدنا محمد الله مع الجاه العالي" تتلوهن بزغرودات،و تعتلي العروس عرشها و يأتي عريسها الى جنبها على يمينها و تبدأ مراسم دخولها و خروجها في كل مرة بلباس جديد كعارضة ازياء بينما العريس لا يغير ملابسه الا مرتين أو ثلاثا احداهن يخرج فيها باللباس المغربي القومي التقليدي،و تصل اللحظة الخالدة لدى العرسان المغاربة في حفل الزفاف المغربي الذي يولم المدعوون فيه من أرقى مأدبة المطبخ المغربي اذ تحمل العروس أولا في هودج "العمارية" و هو عبارة عن مائدة يرتقي بها شبان اما من أهلها أو من طاقم "النكافة" فوق رؤوسهم،و يرقصون بها على ايقاعات الطرب الاندلسي ثم العريس الذي يكون وقت حمله في العمارية اقصر من وقت حمل العروس حتى لا يكون له على عروسه غلبة،ان العرس في المغرب يختلف باختلاف العادات و التقاليد من منطقة الى اخرى و إن أكثر الطقوس الاحتفالية تعرضت للانقراض بسبب التكاليف الباهظة التي يتطلبها الوفاء لها اضافة الى عامل الزمن الذي لم يعد يسعف المجتمع على اقامة احتفالات العرس طيلة سبعة ايام،و العرس المغربي يتميز بطابعه الاحتفالي و بتنوع فقراته مبينة انه و على الرغم من ارتفاع تكاليف اقامته ما تزال الاسر المغربية تصر على احيائه وفق النموذج الموروث مع بعض التعديلات التي فرضها العصر.
..................
الكسكس وجبة المغاربة الاولى.
فمن جانبهم يحرص المغاربة على إعداد «الكسكس» يوم الجمعة والاجتماع حول مائدة الطعام لتناول هذا الطبق الذي لا ينافسه أي طعام آخر على موائد المغاربة،و يكاد يكون هذا تقليداً أصيلاً في جميع مناطق المغرب،رغم الاختلاف الحاصل في طريقة تحضير الكسكس و أنواع الخضر التي يحتاجها هذا الطبق بسبب اختلاف تقاليد منطقة عن أخرى،و في فصل الربيع يزداد إقبال المغاربة على إعداد الكسكس حتى الذين استغنوا عن هذه الأكلة بسبب ضيق الوقت و تسارع نمط الحياة لأن إعداد الكسكس يحتاج إلى وقت طويل مقارنة مع الأكلات العصرية الخفيفة،و تحرص أغلبية الأسر على إعداد الكسكس في فصل الربيع،لا سيما مع توافر خضروات موسمية التي لا تتوافر بكثرة في غير هذا الفصل،حيث يسيطر هذا الطبق على أغلبية موائد المغاربة في نزهات الربيع و شم النسيم،إلى ذلك،تقول عائشة الصالحي، خبيرة في الطبخ المغربي،إن وجبة الكسكس هي القاسم المشترك بين جميع مناطق المغرب،و رغم الاختلاف في تقاليد و أسلوب عيش سكان بعض المناطق،إلا أن هذه الوجبة تبقى الأكثر شهرة و إقبالا في جميع الأطباق المغربية خاصة يوم الجمعة،و تضيف «في هذا اليوم تستطيع أن تجزم أن كل الموائد المغربية تزدان بوجبة الكسكس فهو طبق الغذاء الرئيسي دون منازع،و قلما تتخلف أسرة مغربية عن هذا الموعد،كما يتم إعداد الكسكس برأس الخروف في اليوم الثالث من عيد الأضحى،و هو تقليد متوارث منذ مئات السنين،كما يتم تقديم الكسكس في حفلات الزفاف و العقيقة بالأرياف و في الجنائز بالمدن»،و تشير الصالحي إلى أن أصل تسمية «الكسكس» أو «الكسكسي» هو كلمة «سكسو» البربرية و هو قدر التبخير الذي يطهى فيه الكسكس،و تضيف «الكسكس أكلة أمازيغية كانت معروفة في منطقة شمال أفريقيا،و يرجع تاريخها إلى ما قبل الميلاد،ثم أصبحت أكلة شعبية في المغرب في القرن 13 الميلادي في عهد الموحدين و انتقلت هذه الأكلة من بلدان المغرب العربي إلى بلدان جنوب الصحراء الإفريقية و جنوب أوروبا و منها إلى مستعمرات الأوروبيين بأميركا الجنوبية»،و ترى الصالحي أن سر احتفاظ هذا الطبق بشهرته و مكانته يعود بالأساس إلى تكييف هذه الأكلة مع النكهات و الأطباق المكملة،و تعدد طرق تحضيره و انخفاض أسعار المواد التي يحتاجها،إضافة إلى ارتباطه بالهوية الثقافية و بالأعياد و المناسبات.بحسب وكالة الانباء الكويتية.
و تنقسم وجبة الكسكس نفسها إلى عدة أنواع فهناك كسكس «السبع خضار» و الكسكس برأس الخروف و الكسكس بالبرقوق الأسود المعسل،و لكل منها طعم مميز لكن اشهرها هو كسكس السبع خضار،و يحضر بوضع قدر كبير الحجم على النار و بداخله قطع اللحم و البصل و البهارات و الملح و الزيت، و يترك الكل فترة عشر دقائق تم تضاف الطماطم و يترك قليلا ثم نضيف الماء و جميع أنواع الخضار حسب الرغبة،و يترك الجميع حتى ينضج اللحم و الخضار و يقلّ الماء و يتماسك المرق،أما بالنسبة لدقيق الكسكسي فيوضع في صحن كبير و يرش بالقليل من الماء ثم يدهن بالزيت و يوضع في «الكسكاس» (قدر التبخير) فوق قدر المرق و يترك حتى يرتفع البخار و يصب الكسكسي ثانيا في الصحن و يحل باليدين بفرك حباته و إضافة الماء و الملح ثم يرجع مرة ثانية إلى قدر التبخير و هكذا مرة ثالثة و بعدها يصبح ناضجا و جاهزا للتقديم»،بالنسبة لدقيق الكسكس الجاهز،بينما تفضل بعض المغربيات إعداد دقيق الكسكس في المنزل و لا تزال ربات البيوت خاصة في القرى و الأرياف يتمسكن بإعداد الكسكس في البيت،لأن طعمه مميز عن دقيق الكسكس الذي يباع جاهزاً في الأسواق،و يتم إعداد دقيق الكسكس أو كما يطلق عليه المغاربة «الكسكس المعمول» أو «المبروم» بخلط دقيق السميد بطحين القمح و الملح و الماء،و يبدأ التحضير بوضع حفنات من دقيق السميد ثم رشها بالماء المالح،ثم يضاف الطحين و تفرك الحبات براحة اليد،ثم نضيف دقيق السميد من جديد و نرشها بالماء المالح،ثم نضيف دقيق القمح و نحرك الخليط و نفركه إلى أن يتحول إلى حبات صغيرة متساوية الحجم و نفصل عنه الحبات الكبيرة،و في النهاية نضيف القليل من الزيت و نتركه،يطهى بالبخار لمدة نصف ساعة،و يمكن تحضير دقيق الكسكس بهذه الطريقة بكميات كبيرة لما يكفي لأسابيع و تخزينه في مكان جاف،و تكتسي طريقة تقديم الكسكس أهمية بالغة لأن هذه الكمية الكبيرة من دقيق الكسكس و المرق و الخضار تفرض على الطاهي التزام الحرص لتقديم هذا الطبق الضخم بشكل يثير الشهية و يلفت النظر و يبرز كافة مكوناته من أنواع الخضر و في وقت قصير حتى لا يفقد الطبق حرارته و بالتالي يفقد مذاقه.و يفضل أغلبية المغاربة تقديم الكسكس في آنية فخارية كبيرة تسمى «القصعة» حتى يحتفظ الكسكس بحرارته أطول فترة ممكنة،و بعد أن يفرش الكسكس في هذا الصحن الكبير المستدير يسقى بالمرق و توضع فوقه قطع اللحم في الوسط و يزين بالخضار حتى يتخذ شكل هرم تعتليه الخضار و اللحم و يكون الكسكس آنذاك جاهزا للتقديم.
........
شبكة النبأ المعلوماتية-6/حزيران/2011