لماذا تخشى دول الخليج الإتحاد؟
محمد حميد الصواف.
........
بالرغم من المواقف المعلنة لدول الخليج حول موافقتها على المقترح السعودي الاخير التحول الى اتحاد متكامل بدلا عن مجلس التعاون القائم،الا ان الكثير من المراقبين يستبعدون ان يجد ذلك المشروع النور على المدى القصير او حتى البعيد.
فدول الخليج تخفي الكثير من الخلافات المبطنة فيما بينها و على اكثر من صعيد حساس،خصوصا انها تخضع لأنظمة حكم فريدة من نوعها في العالم،تتمحور حول سلطة قبائل كانت حتى عهد قريب تتقاتل فيما بينها،و تفتقد في اغلب الاحوال الى التأييد الشعبي،كونها لا تزال تشكو من غياب الشرعية الوطنية عن احقيتها في الملك او الحكم،مما يثير الكثير من الجدل و الانتقادات المؤثرة احيانا، و أكثر ما يخشاه حكام دول الخليج من بعضهم البعض هو السقوط فريسة سهلة بيد أحدهم الآخر،مما يجعل منهم على الدوام غرماء فيما بينهم و ان اخفوا ذلك.
كما يسعى بعض حكام دول الخليج الى اضفاء نوعا من التوافق فيما بينهم في كل مناسبة يستشعرون فيها خطر خارجي،او تهديدا لمصالحهم،سيما السعودية التي باتت تشعر بوهن شديد بعد خسارتها ابرز حلفائها في المنطقة على اثر ثورات الربيع العربي،غاضة الطرف عن تربص حكام قطر المكشوف بها و محاولتهم الاطاحة بسلطانهم.
ففي محاولة لذر الرماد في العيون،قال وزير الخارجية السعودي في خطاب ألقاه قبل ايام ان دول الخليج العربية القلقة من ايران و الحركات الاحتجاجية التي تجتاح المنطقة تمضي قدما في خطط لاقامة اتحاد سياسي سيشمل سياسات خارجية و دفاعية مشتركة.
فيما قال دبلوماسي غربي مقره في الخليج ان الاقتراح تعززه في الاساس مخاوف سعودية من ان تتمكن الاغلبية الشيعية في البحرين من اسقاط الاسرة الحاكمة السنية هناك.
و أضاف ان اعلانا عن احراز تقدم بشان اقامة اتحاد بين البلدين قد يصدر خلال القمة ايذانا باطلاق الاتحاد بين الدول الخليجية.
و اثارت زيارة قام بها الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد هذا الشهر الى جزيرة ابو موسى المتنازع عليها مع الامارات قلق دول الخليج من النفوذ الايراني في المنطقة المصدرة للنفط.
و قال سعود الفيصل في خطاب القاه نيابة عنه نائبه عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز في مؤتمر شباب دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض "ان التعاون و التنسيق بين دول المجلس بصيغته الحالية قد لا يكفي لمواجهة التحديات القائمة و القادمة مما يستوجب تطوير العمل الخليجي المشترك لصيغة اتحادية مقبولة."
و أضاف "الاتحاد الخليجي في حالة تحققه -باذن الله- سيفضي لمكاسب كبيرة تعود بالنفع على شعوبنا ففي مجال السياسة الخارجية و مع وجود هيئة عليا خليجية تنسق قرارات السياسة الخارجية من شأنه اعادة ترتيب جماعي لاولويات هذه الدول و هو ما يحقق مصالحها الجماعية."
و تشكل مجلس التعاون الخليجي عام 1980 بواسطة السعودية و الامارات و الكويت و قطر و عمان و البحرين و هو تجمع يضم عددا من كبار منتجي النفط و الغاز في العالم.
و جاء تشكيل المجلس في اعقاب الثورة الاسلامية في ايران و اندلاع الحرب بين ايران و العراق.
و تابعت دول الخليج بقلق صعود الشيعة المتحالفين مع ايران للسلطة في العراق بعد غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003 و يخشون من ان يؤدي التقدم الذي احرزته ايران في برنامجها النووي في نهاية المطاف الى امتلاكها قنبلة نووية.
..........
و أشار سعود الى البرنامج النووي الايراني و ثورات الربيع العربي العام الماضي على انها تحديات تتطلب من مجلس التعاون الخليجي اعادة التفكير في علاقاته,و قال ان التكامل الدفاعي سيكون "بديلا عن السياسات الدفاعية المرتكزة على التحالفات الوقتية المبنية على المصالح العابرة اذ تظل تلك التحالفات مرتبطة بهذه المصالح التي بطبيعتها متغيرة."
و تزعزعت ثقة الرياض في واشنطن عندما مارست الولايات المتحدة ضغوطا لتنحي الرئيس المصري السابق عن السلطة خلال انتفاضة العام الماضي.
و أشار وصول قوات سعودية الى البحرين الى أن الرياض عازمة على منع الحركة الاحتجاجية التي يقودها الشيعة من تهديد اي اسرة حاكمة في الخليج.
و قال الدبلوماسي الغربي المقيم في الخليج ان اطارا اتحاديا قد يتيح للرياض نشر قوات بصفة دائمة في البحرين.
.........
و رغم الحديث عن الاتحاد فان الخلافات بين حكام الخليج لها جذور عميقة.و رفضت الامارات الانضمام الى اتحاد مالي مقرر كما أعاقت خلافات حول اراض الكثير من المشاريع الاقتصادية.
و أدت اعتراضات سعودية الى تأجيل خطط لبناء جسر بين قطر و البحرين في حين لم تتمكن البحرين من شراء الغاز الطبيعي من قطر.
و قال عضو بالبرلمان في البحرين انه لا يتوقع الاعلان عن اقامة مثل هذا الاتحاد خلال قمة الرياض المقررة في 14 مايو ايار.
و حذر زعماء المعارضة البحرينية من اقامة اي اتحاد و الذي من المرجح ان يثير احتجاجات.و وصف محتجون تدخل السعودية في البحرين العام الماضي بانه احتلال.
..........
الدرع الصاروخية.
فيما أدت الريبة بين دول الخليج العربية إلى افساد مشروع اقامة درع صاروخية مشتركة طالما دعت واشنطن له باعتباره أفضل سبل الحماية من أي ضربة قد توجهها إيران.
و أنفقت الدول المصدرة للنفط مليارات الدولارات على منصات أمريكية مضادة للصواريخ لكنها لم تصل إلى حد اقامة مظلة واحدة مشتركة و نظام موحد للإنذار المبكر على الرغم من إعلانها اعتزام ذلك.
و يقول محللون إنه على الرغم من انتماء دول الخليج العربية إلى التحالف السياسي و العسكري الموحد و هو مجلس التعاون الخليجي فإنها ما زالت غير متقبلة لفكرة تبادل المعلومات.
كما أن هذه الدول لم تستطع الاتفاق على مقر القيادة المركزية و تجد صعوبة بالغة في التوصل إلى سبل للعمل معا في حالات الطوارئ.
و قال مصطفى العاني و هو محلل دفاع متخصص في الشرق الأوسط "المسألة لا تتعلق بالثقة بين دول الخليج فحسب بل أيضا الثقة في الأمريكيين...ستتحكم دولة قوية (السعودية) و أمريكا في القيادة المركزية و الدول الصغيرة ستجد نفسها محاصرة بينهما."
و من المرجح أن تتنافس الإمارات و السعودية على استضافة المقر.كذلك فإن المملكة العربية السعودية هي مقر درع الجزيرة و هي قوة تابعة لمجلس التعاون الخليجي تشكلت عام 1986 للدفاع عن دول الخليج من أي خطر محتمل.
و تم استدعاء هذه القوة ثلاث مرات منذ تأسيسها -مرة خلال حرب الخليج عام 1990 و خلال الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 و في مارس اذار عام 2011 عندما أرسلت السعودية و الإمارات 1500 جندي إلى البحرين خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة و التي قادها الشيعة.
.........
شبكة النبأ المعلوماتية-6/آيار/2012 - 14/جمادى الآخر/1433
محمد حميد الصواف.
........
بالرغم من المواقف المعلنة لدول الخليج حول موافقتها على المقترح السعودي الاخير التحول الى اتحاد متكامل بدلا عن مجلس التعاون القائم،الا ان الكثير من المراقبين يستبعدون ان يجد ذلك المشروع النور على المدى القصير او حتى البعيد.
فدول الخليج تخفي الكثير من الخلافات المبطنة فيما بينها و على اكثر من صعيد حساس،خصوصا انها تخضع لأنظمة حكم فريدة من نوعها في العالم،تتمحور حول سلطة قبائل كانت حتى عهد قريب تتقاتل فيما بينها،و تفتقد في اغلب الاحوال الى التأييد الشعبي،كونها لا تزال تشكو من غياب الشرعية الوطنية عن احقيتها في الملك او الحكم،مما يثير الكثير من الجدل و الانتقادات المؤثرة احيانا، و أكثر ما يخشاه حكام دول الخليج من بعضهم البعض هو السقوط فريسة سهلة بيد أحدهم الآخر،مما يجعل منهم على الدوام غرماء فيما بينهم و ان اخفوا ذلك.
كما يسعى بعض حكام دول الخليج الى اضفاء نوعا من التوافق فيما بينهم في كل مناسبة يستشعرون فيها خطر خارجي،او تهديدا لمصالحهم،سيما السعودية التي باتت تشعر بوهن شديد بعد خسارتها ابرز حلفائها في المنطقة على اثر ثورات الربيع العربي،غاضة الطرف عن تربص حكام قطر المكشوف بها و محاولتهم الاطاحة بسلطانهم.
ففي محاولة لذر الرماد في العيون،قال وزير الخارجية السعودي في خطاب ألقاه قبل ايام ان دول الخليج العربية القلقة من ايران و الحركات الاحتجاجية التي تجتاح المنطقة تمضي قدما في خطط لاقامة اتحاد سياسي سيشمل سياسات خارجية و دفاعية مشتركة.
فيما قال دبلوماسي غربي مقره في الخليج ان الاقتراح تعززه في الاساس مخاوف سعودية من ان تتمكن الاغلبية الشيعية في البحرين من اسقاط الاسرة الحاكمة السنية هناك.
و أضاف ان اعلانا عن احراز تقدم بشان اقامة اتحاد بين البلدين قد يصدر خلال القمة ايذانا باطلاق الاتحاد بين الدول الخليجية.
و اثارت زيارة قام بها الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد هذا الشهر الى جزيرة ابو موسى المتنازع عليها مع الامارات قلق دول الخليج من النفوذ الايراني في المنطقة المصدرة للنفط.
و قال سعود الفيصل في خطاب القاه نيابة عنه نائبه عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز في مؤتمر شباب دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض "ان التعاون و التنسيق بين دول المجلس بصيغته الحالية قد لا يكفي لمواجهة التحديات القائمة و القادمة مما يستوجب تطوير العمل الخليجي المشترك لصيغة اتحادية مقبولة."
و أضاف "الاتحاد الخليجي في حالة تحققه -باذن الله- سيفضي لمكاسب كبيرة تعود بالنفع على شعوبنا ففي مجال السياسة الخارجية و مع وجود هيئة عليا خليجية تنسق قرارات السياسة الخارجية من شأنه اعادة ترتيب جماعي لاولويات هذه الدول و هو ما يحقق مصالحها الجماعية."
و تشكل مجلس التعاون الخليجي عام 1980 بواسطة السعودية و الامارات و الكويت و قطر و عمان و البحرين و هو تجمع يضم عددا من كبار منتجي النفط و الغاز في العالم.
و جاء تشكيل المجلس في اعقاب الثورة الاسلامية في ايران و اندلاع الحرب بين ايران و العراق.
و تابعت دول الخليج بقلق صعود الشيعة المتحالفين مع ايران للسلطة في العراق بعد غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003 و يخشون من ان يؤدي التقدم الذي احرزته ايران في برنامجها النووي في نهاية المطاف الى امتلاكها قنبلة نووية.
..........
و أشار سعود الى البرنامج النووي الايراني و ثورات الربيع العربي العام الماضي على انها تحديات تتطلب من مجلس التعاون الخليجي اعادة التفكير في علاقاته,و قال ان التكامل الدفاعي سيكون "بديلا عن السياسات الدفاعية المرتكزة على التحالفات الوقتية المبنية على المصالح العابرة اذ تظل تلك التحالفات مرتبطة بهذه المصالح التي بطبيعتها متغيرة."
و تزعزعت ثقة الرياض في واشنطن عندما مارست الولايات المتحدة ضغوطا لتنحي الرئيس المصري السابق عن السلطة خلال انتفاضة العام الماضي.
و أشار وصول قوات سعودية الى البحرين الى أن الرياض عازمة على منع الحركة الاحتجاجية التي يقودها الشيعة من تهديد اي اسرة حاكمة في الخليج.
و قال الدبلوماسي الغربي المقيم في الخليج ان اطارا اتحاديا قد يتيح للرياض نشر قوات بصفة دائمة في البحرين.
.........
و رغم الحديث عن الاتحاد فان الخلافات بين حكام الخليج لها جذور عميقة.و رفضت الامارات الانضمام الى اتحاد مالي مقرر كما أعاقت خلافات حول اراض الكثير من المشاريع الاقتصادية.
و أدت اعتراضات سعودية الى تأجيل خطط لبناء جسر بين قطر و البحرين في حين لم تتمكن البحرين من شراء الغاز الطبيعي من قطر.
و قال عضو بالبرلمان في البحرين انه لا يتوقع الاعلان عن اقامة مثل هذا الاتحاد خلال قمة الرياض المقررة في 14 مايو ايار.
و حذر زعماء المعارضة البحرينية من اقامة اي اتحاد و الذي من المرجح ان يثير احتجاجات.و وصف محتجون تدخل السعودية في البحرين العام الماضي بانه احتلال.
..........
الدرع الصاروخية.
فيما أدت الريبة بين دول الخليج العربية إلى افساد مشروع اقامة درع صاروخية مشتركة طالما دعت واشنطن له باعتباره أفضل سبل الحماية من أي ضربة قد توجهها إيران.
و أنفقت الدول المصدرة للنفط مليارات الدولارات على منصات أمريكية مضادة للصواريخ لكنها لم تصل إلى حد اقامة مظلة واحدة مشتركة و نظام موحد للإنذار المبكر على الرغم من إعلانها اعتزام ذلك.
و يقول محللون إنه على الرغم من انتماء دول الخليج العربية إلى التحالف السياسي و العسكري الموحد و هو مجلس التعاون الخليجي فإنها ما زالت غير متقبلة لفكرة تبادل المعلومات.
كما أن هذه الدول لم تستطع الاتفاق على مقر القيادة المركزية و تجد صعوبة بالغة في التوصل إلى سبل للعمل معا في حالات الطوارئ.
و قال مصطفى العاني و هو محلل دفاع متخصص في الشرق الأوسط "المسألة لا تتعلق بالثقة بين دول الخليج فحسب بل أيضا الثقة في الأمريكيين...ستتحكم دولة قوية (السعودية) و أمريكا في القيادة المركزية و الدول الصغيرة ستجد نفسها محاصرة بينهما."
و من المرجح أن تتنافس الإمارات و السعودية على استضافة المقر.كذلك فإن المملكة العربية السعودية هي مقر درع الجزيرة و هي قوة تابعة لمجلس التعاون الخليجي تشكلت عام 1986 للدفاع عن دول الخليج من أي خطر محتمل.
و تم استدعاء هذه القوة ثلاث مرات منذ تأسيسها -مرة خلال حرب الخليج عام 1990 و خلال الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 و في مارس اذار عام 2011 عندما أرسلت السعودية و الإمارات 1500 جندي إلى البحرين خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة و التي قادها الشيعة.
.........
شبكة النبأ المعلوماتية-6/آيار/2012 - 14/جمادى الآخر/1433
عدل سابقا من قبل In The Zone في الأربعاء ديسمبر 26, 2012 7:07 pm عدل 1 مرات