مدينة سبتة المغربية: مشاكل التهريب و التمزق بين هويتين.
اعداد/صباح جاسم.
.........
مدينة سبتة المغربية الواقعة تحت السيطرة الاسبانية،ذات الـ 75 الف نسمة،تعاني منذ عقود، تناقضات اقتصادية و اجتماعية و سياسية صارخة بين ضفتيها،يساهم في ذلك،اجراءات اسبانية لمحو هويتها المغربية،بالاضافة الى تنامي ظاهرة التهريب بجميع انواعه،خاصة تهريب المخدرات و السلع..و البشر ايضا.
خاف محمد،على مستقبل ابنه أمين،و سارع الى نقله من المدرسة الابتدائية التي كان يدرس بها في سبتة التي تقع في شمال المغرب و تخضع للسيطرة الاسبانية،الى مدرسة أخرى بنفس المدينة عندما سأل معلم اسباني زميلا لأمين "ماذا يتمنى أن يمتهن في المستقبل"،فأجابه بكل تلقائية "تاجر مخدرات"!!.
و يعلق محمد الذي فضل الرمز لاسمه الثاني بحرف (ج) "هذه صورة تعكس واقع المجتمع السبتي المختلط و المتنوع الاديان و الاعراق تعيش مكوناته عموما في تعايش لكن موقع المدينة في منطقة حدودية تعرف تناقضات اقتصادية و اجتماعية و سياسية صارخة بين ضفتيها يساهم في ذلك بشكل كبير.. تنامي ظاهرة التهريب بجميع أنواعه خاصة تهريب المخدرات و السلع و البشر.".
و يبلغ عدد سكان سبتة نحو 75 ألف نسمة 40 في المئة منهم مسلمون من أصل مغربي.
و بالاضافة الى المسيحيين الاسبان الذين يشكلون الاغلبية و بعض البرتغاليين تعيش قلة من اليهود و الهنود في سبتة،و يعتبر عدد من المحللين و سكان سبتة أن جميع هذه الاعراق تعيش في انسجام و تعايش بالرغم من المشاكل التي تحاصرهم على الحدود كمشاكل التهريب.فالمدينة تعيش بالاساس على أنشطة تهريب البضائع.
و تشدد كل من اسبانيا و المغرب من اجراءات المراقبة على الحدود بين سبتة و مليلية التي تقع هي الاخرى في شمال المغرب و تخضع لاسبانيا لملاحقة مهربي المخدرات و البشر كما تتخوف من احتمال تسرب عناصر متطرفة خاصة بعد أن هدد تنظيم وصف بالمقرب من القاعدة منذ نحو عامين بضرب اسبانيا و استرجاع المدينتين.بحسب رويترز.
كما أعلنت السلطات الاسبانية في أواخر عام 2006 عن تفكيك خلية وصفتها بالارهابية و اعتقلت 11 شخصا غالبيتهم مسلمون من أصول مغربية أفرجت عن أكثر من نصفهم لاحقا.
و بالرغم من تشديد مراقبة البلدين على عمليات التهريب عبر حدود المدينة فان الاحصائيات الرسمية تقول ان أنشطة التهريب في تصاعد.
و أفادت مديرية الجمارك المغربية في احصائيات اطلعت رويترز على نسخة منها أن مصالح الجمارك المغربية بباب سبتة ضبطت في عام 2005 أكثر من 660 كيلوجراما من المخدرات لتقفز هذه الكمية الى أكثر من 3000 كيلوجرام في عام 2007 .
و نشرت الصحافة الاسبانية قبل شهرين صورا لمهربين يستعملون مقاعد اعاقاتهم في تهريب المخدرات.
و قالت مسؤولة في مندوبية حكومة سبتة المحلية لرويترز رافضة نشر اسمها و اعطاء صبغة رسمية لتصريحها "ما يمكن قوله ان الوضع مسيطر عليه و جميع أنواع التهريب في انخفاض."
و أعلنت السلطات المغربية مؤخراعن "تفكيك خلية ارهابية" و عرضت أسلحة قالت ان أعضاء الخلية أدخلوها الى المغرب عبر مدينة سبتة.
و تحدثت صحف مغربية عن زيارة وفد أمني مغربي للمدينة للتنسيق مع جهات الامن الاسبانية لزيادة التنسيق و التعاون.
و لا يخاف عدد من (السبتاويين) كما يطلقون على أنفسهم و هم الاسبان المسلمون من أصول مغربية ان يؤدي هذا الاختلاط و التنوع بالاضافة الى الموقع الجغرافي الى طمس ملامح هويتهم الدينية و العرقية.
فهم يعتبرون أنفسهم مسلمين من أصول عربية لكنهم متشبثون بجنسيتهم الاسبانية.
و تقول سميرة. م (28 سنة) و هي عاملة في فندق بالمدينة "صحيح أن أصولي مغربية لكن لا يجمعني بالمغاربة سوى اللغة و الدين.والداي و أجدادي ولدوا في سبتة و أنا أيضا أزور المغرب باستمرار لكن أعتبر نفسي اسبانية سبتاوية و لست مغربية."
و يقول الامام أحمد اليزيد بمسجد محمد المبارك بسبتة "أحببنا أم كرهنا أولادنا أصبحوا جزءا من اسبانيا فكريا و روحيا و ثقافيا..الرابط الوحيد الذي بقى يربطهم باخوانهم المغاربة هو شعلة الاسلام."
غير أن عددا من السبتاويين يشتكون من التمييز ضدهم من طرف مواطنيهم الاسبان اذ يعتبرونهم "اسبان من الدرجة الثانية" أو يطلقون عليهم لقب (مورو) نسبة الى المغرب وعادة ما يستعمل الاسبان هذا الوصف بخلفية قدحية.
ويقول عبد الكريم شابو (22 سنة) "صحيح نحن اسبان لكن لانزال نشعر بالتمييز."و يضيف ضاحكا "بل حتى الاسبان المسيحيين من سكان سبتة يطلق الاسبان عليهم في أحيان لقب (مورو) خاصة عندما تتجه فرقة كرة القدم لمدينة سبتة للعب في اسبانيا."و ترى مدريد أن سبتة و مليلية جزء من اسبانيا رغم تواجدهما فوق اراض افريقية.
و يعود تاريخ التواجد الاسباني في مليلية الى عام 1479 ميلادية أي بعد نحو أربع سنوات من خروج العرب من غرناطة أما التواجد الاسباني في سبتة فيعود الى عام 1580 بعد أن سلمها البرتغاليون للاسبان.
و لم تعترف السلطات المغربية المركزية على مر العصور بسيادة اسبانيا على المدينتين و حاول بعض الملوك استرجاعهما لكن محاولاتهم باءت بالفشل.و يسعى المغرب الان لأن يجد حلا للمشكلة يرضي الطرفين.
و قامت اسبانيا باجراء في التسعينيات من القرن الماضي لتمحي النسب بالنسبة لسكان المدينة من أصل مغربي.
و يقول اليزيد "الاسبان أجبروا سكان سبتة من أصول مغربية مسلمة على التخلي عن النسب نهائيا لكي ينعدم الانتماء الى الجهات المغربية كأن نقول مثلا هذا مراكشي أو تطواني أو طنجي."
و كانت اسبانيا قد أصدرت قانونا في الثمانينيات من القرن الماضي يعتبر سكان سبتة من أصول مغربية مسلمة أجانب و ليسوا اسبانا مما اثار احتجاجات كبيرة خاصة في مدينة مليلية.و بدأت اسبانيا في التسعينيات من القرن الماضي في منح الجنسية لسكان سبتة من أصل مغربي.
و يقول محمد علي،و هو اسباني من أصل مغربي و رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الشعبي المحلي في سبتة "نحن كافحنا من أجل اولادنا ليجدوا الطريق معبدا."
وأضاف "لحد الان لا نزال نكافح هناك مشاكل كثيرة يتخبط فيها السبتاويون من أصول مغربية على رأسها الفشل دراسيا اذ تبلغ نسبته 90 في المئة في أوساط التلاميذ من أصول مغربية."
و يقول خوان،المعلم الاسباني،بمدرسة ابتدائية بسبتة "صحيح التلاميذ من أصول مغربية يعانون أكثر من الفشل الدراسي و ان كانت الظاهرة شبه عامة."
وأضاف "أظن أن السبب هو التناقضات التي يعيشونها في بيوتهم خاصة على مستوى اللغة حيث بينت الدراسات أن اغلبهم لا يتكلمون الاسبانية في البيت كما هناك فوارق اجتماعية واقتصادية بينهم و بين زملائهم الاسبان المسيحيين أو من ديانات أخرى."
و يرد محمد علي "هذه حجة واهية لاننا نعتبر الشخص الذي له لغتان أحسن من الذي له لغة واحدة لكن اعتبر ان الاباء ليس لهم تكوين في المستوى ليراجعوا مع أبنائهم و يساعدونهم بالاضافة الى نقص الامكانيات المادية."
........
شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 2 نيسان/2008
اعداد/صباح جاسم.
.........
مدينة سبتة المغربية الواقعة تحت السيطرة الاسبانية،ذات الـ 75 الف نسمة،تعاني منذ عقود، تناقضات اقتصادية و اجتماعية و سياسية صارخة بين ضفتيها،يساهم في ذلك،اجراءات اسبانية لمحو هويتها المغربية،بالاضافة الى تنامي ظاهرة التهريب بجميع انواعه،خاصة تهريب المخدرات و السلع..و البشر ايضا.
خاف محمد،على مستقبل ابنه أمين،و سارع الى نقله من المدرسة الابتدائية التي كان يدرس بها في سبتة التي تقع في شمال المغرب و تخضع للسيطرة الاسبانية،الى مدرسة أخرى بنفس المدينة عندما سأل معلم اسباني زميلا لأمين "ماذا يتمنى أن يمتهن في المستقبل"،فأجابه بكل تلقائية "تاجر مخدرات"!!.
و يعلق محمد الذي فضل الرمز لاسمه الثاني بحرف (ج) "هذه صورة تعكس واقع المجتمع السبتي المختلط و المتنوع الاديان و الاعراق تعيش مكوناته عموما في تعايش لكن موقع المدينة في منطقة حدودية تعرف تناقضات اقتصادية و اجتماعية و سياسية صارخة بين ضفتيها يساهم في ذلك بشكل كبير.. تنامي ظاهرة التهريب بجميع أنواعه خاصة تهريب المخدرات و السلع و البشر.".
و يبلغ عدد سكان سبتة نحو 75 ألف نسمة 40 في المئة منهم مسلمون من أصل مغربي.
و بالاضافة الى المسيحيين الاسبان الذين يشكلون الاغلبية و بعض البرتغاليين تعيش قلة من اليهود و الهنود في سبتة،و يعتبر عدد من المحللين و سكان سبتة أن جميع هذه الاعراق تعيش في انسجام و تعايش بالرغم من المشاكل التي تحاصرهم على الحدود كمشاكل التهريب.فالمدينة تعيش بالاساس على أنشطة تهريب البضائع.
و تشدد كل من اسبانيا و المغرب من اجراءات المراقبة على الحدود بين سبتة و مليلية التي تقع هي الاخرى في شمال المغرب و تخضع لاسبانيا لملاحقة مهربي المخدرات و البشر كما تتخوف من احتمال تسرب عناصر متطرفة خاصة بعد أن هدد تنظيم وصف بالمقرب من القاعدة منذ نحو عامين بضرب اسبانيا و استرجاع المدينتين.بحسب رويترز.
كما أعلنت السلطات الاسبانية في أواخر عام 2006 عن تفكيك خلية وصفتها بالارهابية و اعتقلت 11 شخصا غالبيتهم مسلمون من أصول مغربية أفرجت عن أكثر من نصفهم لاحقا.
و بالرغم من تشديد مراقبة البلدين على عمليات التهريب عبر حدود المدينة فان الاحصائيات الرسمية تقول ان أنشطة التهريب في تصاعد.
و أفادت مديرية الجمارك المغربية في احصائيات اطلعت رويترز على نسخة منها أن مصالح الجمارك المغربية بباب سبتة ضبطت في عام 2005 أكثر من 660 كيلوجراما من المخدرات لتقفز هذه الكمية الى أكثر من 3000 كيلوجرام في عام 2007 .
و نشرت الصحافة الاسبانية قبل شهرين صورا لمهربين يستعملون مقاعد اعاقاتهم في تهريب المخدرات.
و قالت مسؤولة في مندوبية حكومة سبتة المحلية لرويترز رافضة نشر اسمها و اعطاء صبغة رسمية لتصريحها "ما يمكن قوله ان الوضع مسيطر عليه و جميع أنواع التهريب في انخفاض."
و أعلنت السلطات المغربية مؤخراعن "تفكيك خلية ارهابية" و عرضت أسلحة قالت ان أعضاء الخلية أدخلوها الى المغرب عبر مدينة سبتة.
و تحدثت صحف مغربية عن زيارة وفد أمني مغربي للمدينة للتنسيق مع جهات الامن الاسبانية لزيادة التنسيق و التعاون.
و لا يخاف عدد من (السبتاويين) كما يطلقون على أنفسهم و هم الاسبان المسلمون من أصول مغربية ان يؤدي هذا الاختلاط و التنوع بالاضافة الى الموقع الجغرافي الى طمس ملامح هويتهم الدينية و العرقية.
فهم يعتبرون أنفسهم مسلمين من أصول عربية لكنهم متشبثون بجنسيتهم الاسبانية.
و تقول سميرة. م (28 سنة) و هي عاملة في فندق بالمدينة "صحيح أن أصولي مغربية لكن لا يجمعني بالمغاربة سوى اللغة و الدين.والداي و أجدادي ولدوا في سبتة و أنا أيضا أزور المغرب باستمرار لكن أعتبر نفسي اسبانية سبتاوية و لست مغربية."
و يقول الامام أحمد اليزيد بمسجد محمد المبارك بسبتة "أحببنا أم كرهنا أولادنا أصبحوا جزءا من اسبانيا فكريا و روحيا و ثقافيا..الرابط الوحيد الذي بقى يربطهم باخوانهم المغاربة هو شعلة الاسلام."
غير أن عددا من السبتاويين يشتكون من التمييز ضدهم من طرف مواطنيهم الاسبان اذ يعتبرونهم "اسبان من الدرجة الثانية" أو يطلقون عليهم لقب (مورو) نسبة الى المغرب وعادة ما يستعمل الاسبان هذا الوصف بخلفية قدحية.
ويقول عبد الكريم شابو (22 سنة) "صحيح نحن اسبان لكن لانزال نشعر بالتمييز."و يضيف ضاحكا "بل حتى الاسبان المسيحيين من سكان سبتة يطلق الاسبان عليهم في أحيان لقب (مورو) خاصة عندما تتجه فرقة كرة القدم لمدينة سبتة للعب في اسبانيا."و ترى مدريد أن سبتة و مليلية جزء من اسبانيا رغم تواجدهما فوق اراض افريقية.
و يعود تاريخ التواجد الاسباني في مليلية الى عام 1479 ميلادية أي بعد نحو أربع سنوات من خروج العرب من غرناطة أما التواجد الاسباني في سبتة فيعود الى عام 1580 بعد أن سلمها البرتغاليون للاسبان.
و لم تعترف السلطات المغربية المركزية على مر العصور بسيادة اسبانيا على المدينتين و حاول بعض الملوك استرجاعهما لكن محاولاتهم باءت بالفشل.و يسعى المغرب الان لأن يجد حلا للمشكلة يرضي الطرفين.
و قامت اسبانيا باجراء في التسعينيات من القرن الماضي لتمحي النسب بالنسبة لسكان المدينة من أصل مغربي.
و يقول اليزيد "الاسبان أجبروا سكان سبتة من أصول مغربية مسلمة على التخلي عن النسب نهائيا لكي ينعدم الانتماء الى الجهات المغربية كأن نقول مثلا هذا مراكشي أو تطواني أو طنجي."
و كانت اسبانيا قد أصدرت قانونا في الثمانينيات من القرن الماضي يعتبر سكان سبتة من أصول مغربية مسلمة أجانب و ليسوا اسبانا مما اثار احتجاجات كبيرة خاصة في مدينة مليلية.و بدأت اسبانيا في التسعينيات من القرن الماضي في منح الجنسية لسكان سبتة من أصل مغربي.
و يقول محمد علي،و هو اسباني من أصل مغربي و رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الشعبي المحلي في سبتة "نحن كافحنا من أجل اولادنا ليجدوا الطريق معبدا."
وأضاف "لحد الان لا نزال نكافح هناك مشاكل كثيرة يتخبط فيها السبتاويون من أصول مغربية على رأسها الفشل دراسيا اذ تبلغ نسبته 90 في المئة في أوساط التلاميذ من أصول مغربية."
و يقول خوان،المعلم الاسباني،بمدرسة ابتدائية بسبتة "صحيح التلاميذ من أصول مغربية يعانون أكثر من الفشل الدراسي و ان كانت الظاهرة شبه عامة."
وأضاف "أظن أن السبب هو التناقضات التي يعيشونها في بيوتهم خاصة على مستوى اللغة حيث بينت الدراسات أن اغلبهم لا يتكلمون الاسبانية في البيت كما هناك فوارق اجتماعية واقتصادية بينهم و بين زملائهم الاسبان المسيحيين أو من ديانات أخرى."
و يرد محمد علي "هذه حجة واهية لاننا نعتبر الشخص الذي له لغتان أحسن من الذي له لغة واحدة لكن اعتبر ان الاباء ليس لهم تكوين في المستوى ليراجعوا مع أبنائهم و يساعدونهم بالاضافة الى نقص الامكانيات المادية."
........
شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 2 نيسان/2008