ألمانيا تعد بالسماح بالختان وسط جدل واسع حول الحريات الدينية.
موقع إذاعة صوت ألمانيا.
13.07.2012
..........
أثار حظر محكمة ألمانية لختان الأطفال تنديد هيئات إسلامية و يهودية و مسيحية في مظهر نادر للوحدة ضد ما اعتبرته مسا بالحرية الدينية.
جدل حرك و بشكل غير مسبوق خيوطا حساسة تشابكت فيها أبعاد دينية،سياسية،قانونية و طبية.
...
في آخر تطور للجدل الدائر حول الختان في ألمانيا،وعد شتيفن زايبرت المتحدث باسم المستشارة أنغيلا ميركل المسلمين و اليهود بالسماح لهم بإجراء عمليات الختان،رغم حكم قضائي يحظر هذا الفعل.
و أضاف أن الحكومة تعتزم تقنين الختان الديني للذكور،مضيفا "إننا نعلم أن هناك ضرورة لحل سريع لهذا الأمر.ينبغي تحصين ختان الذكور من العقوبة الجنائية في ألمانيا".
و تأتي هذه التطمينات للطائفتين اليهودية و المسلمة وسط موجة من ردود الفعل المتباينة حول موضوع بالغ الحساسية.
و قد بدأت القصة حين أصدرت محكمة كولونيا يوم (الثلاثاء 26 يونيو/ حزيران 2012) حكما يمنع ختان الأطفال،إثر إخطار تلقته الشرطة من طبيب كان يعالج صبيا مسلما من نزيف أصابه بعد أن خضع لعملية ختان.
و شددت المحكمة على أنها لا تحظر الختان،و لكنها تريد من الأسر الانتظار حتى يكبر أبناؤها حفاظا على سلامتهم الجسدية.
فيما اعتبر معارضون للقرار أن قرار المحكمة يمس ركيزة أساسية في الطقوس الدينية لدى اليهود و المسلمين على حد سواء،و رأوا فيه مساسا بالحريات الدينية كما يضمنها الدستور الألماني.
و ذهب بعض الحاخامات إلى اعتبار حظر الختان تهديدا لـ"وجود الديانة اليهودية في ألمانيا".
..........
"سلامة الطفل فوق كل اعتبار".
و يستند الحكم الذي أصدرته محكمة كولونيا إلى قاعدة قدسية السلامة الجسدية للفرد التي يضمنها القانون الأساسي.
و حسب هذا المنطق اعتبر قضاة المحكمة أن الختان يسبب "أضرارا بدنية خطيرة لأشخاص (الأطفال) لم يوافقوا عليها".
و أضافت أن "الصبية الذين يختارون الختان بإرادتهم الواعية يمكن إجراء الجراحة لهم فيما بعد". و لم تعلن المحكمة أي حدود عمرية للموافقة و لا أي تفاصيل محددة أخرى.
و أضافت في حكمها أن "الحق الأصيل للطفل في السلامة الجسدية يفوق الحقوق الأصلية للوالدين".
و اعتبرت أن "الختان يغير جسم الطفل بصورة دائمة و بطريقة لا يمكن تصليحها"،و ان "هذا التغيير مخالف لمصلحة الطفل الذي سيقرر لاحقا انتماءه الديني".
و يضمن القانون الألماني حرية ممارسة الأديان بمختلف أنواعها،غير أن هذه الحرية لا تعلو مبدئيا فوق القانون،و إنما تجد حدودها حينما تنتهك حقوق أساسية أخرى،كـ"حق السلامة الجسدية".
و في هذا الصدد،يرى الخبير القانوني هولم لبوتسكه البروفسور في جامعة باساو في حديث لـ DW أن اعتبار الختان "طقسا رمزيا يؤسس لانضمام الطفل إلى جماعته الدينية" و اعتبار أن هذه العملية في "صالح الطفل" هي "حجة غير مقنعة".
و يرى لبوتسكة،إلى جانب خبراء آخرين،أن على الطقوس و العادات الدينية و الثقافية أن تحتك مع المفاهيم القانونية الحديثة و أن تتأقلم معها.
و وصف الخبير القانوني الألماني،قرار محكمة كولونيا بأنه "حكم رائد و شجاع".
أما الدكتور بيان فاتح مقدم من جامعة مونستر فله في الختان وجهة نظر أخرى و يرى فيه مجرد "تدخل جراحي خفيف نسبيا و متدني المخاطر،و له فوق ذلك فوائد طبية معترف بها".
و أضاف أن موافقة الوالدين ليست بالتالي انتهاكا لحقوق الطفل.
و في نفس السياق حذر عدد من الأطباء من إمكانية زيادة المخاطر الصحية بإجبار الناس على إجراء الختان سرا في حالة استمرار المنع،غير أن ما يثير قلق الأطباء الألمان أكثر هو الغموض و الضبابية القانونية التي تخص هذا الموضوع.
.............
"انتهاك للحرية الدينية؟"
المبررات القانونية و الطبية لم تقنع كثيرا ممثلي الجاليات الدينية،إذ وصف المجلس المركزي لليهود في ألمانيا الحكم بأنه "تعد سافر لم يسبق له مثيل" على الحق في الحرية الدينية و تصرف "مشين يفتقر إلى المراعاة"،بل و اعتبره البعض "أشد هجوم على الحياة اليهودية داخل ألمانيا منذ المحرقة النازية".
و يعمل ممثلو الديانة اليهودية على التنسيق مع زعماء المسلمين و المسيحيين بشأن كيفية محاربة الحظر معا.
كما اجتمع زعماء الديانات الثلاث مع مسؤولين في البرلمان الأوروبي في بروكسل هذا الأسبوع للشكوى مما اعتبروه "إهانة للحقوق الأساسية الدينية و الإنسانية".
و ذهب اجتماع للحاخامات الأوروبيين في برلين إلى اعتبار حظر الختان تهديدا لوجود الطائفة اليهودية في ألمانيا.
غير أن وزيرة العدل الألمانية سابينه لويتهويسر شنارنبيرغر استبعدت إيجاد مخرج قانوني بصورة عاجلة لهذه القضية.
و قالت "إن من مقتضيات دولة القانون ألا يتم إزالة القضايا موضع الشك قانونا عن طريق أحكام فردية تصدرها بعض المحاكم بين ليلة و ضحاها".
و أكدت الوزيرة أن حكم محكمة كولونيا يعد "خروجا على التفسيرات القانونية الموجودة في ألمانيا بشأن هذه المسألة"،مركزة على أن "حياة اليهود و المسلمين و ممارساتهم لأديانهم في ألمانيا ستظل برغم ذلك أمرا ممكنا بطبيعة الحال".
و في حوار مع DW انتقد علي كازلكايا المتحدث باسم مجلس التنسيق لمسلمي ألمانيا قرار محكمة كولونيا و قال "إنه تدخل صارخ في حرية المعتقد.و قد تلقينا قرار المحكمة بحزن و قلق بالغين،و الغريب أن يتم حظر ممارسة أحد الطقوس الدينية التي مورست لمئات السنين في هذا البلد".
و أثار هذا الجدل استعراضا للوحدة بين اليهود و المسلمين و المسيحيين الذين يرون فيه تهديدا للحرية الدينية.
و يذكر أن حوالي عشرين جمعية مسلمة ألمانية وجهت الأربعاء نداء إلى البرلمان لإنهاء ما أسمته "انعدام الأمان القضائي" الذي ولده قرار محكمة كولونيا.
و قال كازلكايا "أتمنى و أعتقد أن المشرع الألماني سيسعى إلى تحقيق العدالة و إرجاع الأمور إلى نصابها".
و احتجت الكنيستان الكاثوليكية و البروتستانتية في ألمانيا و حزب الخضر أيضا.
و ذهب وزير الخارجية غيدو فيسترفيله في نفس الاتجاه و قال "يتعين توضيح أن حرية ممارسة العقيدة مكفولة في ألمانيا،و من بينها احترام العادات الدينية".
و حذر من عواقب هذا الحكم على ما أسماه "صورة ألمانيا في العالم و خاصة على الحياة اليهودية و الإسلامية في البلاد".
و يرى المراقبون أن محاولة الحكومة الألمانية طمأنة الأطياف الدينية ربما يساهم في إطفاء فتيل هذا الجدل ريثما يتم ايجاد مصوغات قانونية جديدة تزيل الغموض القائم.
.........
(ح.ز/DW / د.ب.أ / روترز).
مراجعة: منصف السليمي
.......
رئيس اتحاد الأحبار اليهود الحبر بنشاس جولدشميت: "إذا تم تطبيق هذا الحكم لا أرى لليهود مستقبلا في ألمانيا".
موقع إذاعة صوت ألمانيا.
13.07.2012
..........
أثار حظر محكمة ألمانية لختان الأطفال تنديد هيئات إسلامية و يهودية و مسيحية في مظهر نادر للوحدة ضد ما اعتبرته مسا بالحرية الدينية.
جدل حرك و بشكل غير مسبوق خيوطا حساسة تشابكت فيها أبعاد دينية،سياسية،قانونية و طبية.
...
في آخر تطور للجدل الدائر حول الختان في ألمانيا،وعد شتيفن زايبرت المتحدث باسم المستشارة أنغيلا ميركل المسلمين و اليهود بالسماح لهم بإجراء عمليات الختان،رغم حكم قضائي يحظر هذا الفعل.
و أضاف أن الحكومة تعتزم تقنين الختان الديني للذكور،مضيفا "إننا نعلم أن هناك ضرورة لحل سريع لهذا الأمر.ينبغي تحصين ختان الذكور من العقوبة الجنائية في ألمانيا".
و تأتي هذه التطمينات للطائفتين اليهودية و المسلمة وسط موجة من ردود الفعل المتباينة حول موضوع بالغ الحساسية.
و قد بدأت القصة حين أصدرت محكمة كولونيا يوم (الثلاثاء 26 يونيو/ حزيران 2012) حكما يمنع ختان الأطفال،إثر إخطار تلقته الشرطة من طبيب كان يعالج صبيا مسلما من نزيف أصابه بعد أن خضع لعملية ختان.
و شددت المحكمة على أنها لا تحظر الختان،و لكنها تريد من الأسر الانتظار حتى يكبر أبناؤها حفاظا على سلامتهم الجسدية.
فيما اعتبر معارضون للقرار أن قرار المحكمة يمس ركيزة أساسية في الطقوس الدينية لدى اليهود و المسلمين على حد سواء،و رأوا فيه مساسا بالحريات الدينية كما يضمنها الدستور الألماني.
و ذهب بعض الحاخامات إلى اعتبار حظر الختان تهديدا لـ"وجود الديانة اليهودية في ألمانيا".
..........
"سلامة الطفل فوق كل اعتبار".
و يستند الحكم الذي أصدرته محكمة كولونيا إلى قاعدة قدسية السلامة الجسدية للفرد التي يضمنها القانون الأساسي.
و حسب هذا المنطق اعتبر قضاة المحكمة أن الختان يسبب "أضرارا بدنية خطيرة لأشخاص (الأطفال) لم يوافقوا عليها".
و أضافت أن "الصبية الذين يختارون الختان بإرادتهم الواعية يمكن إجراء الجراحة لهم فيما بعد". و لم تعلن المحكمة أي حدود عمرية للموافقة و لا أي تفاصيل محددة أخرى.
و أضافت في حكمها أن "الحق الأصيل للطفل في السلامة الجسدية يفوق الحقوق الأصلية للوالدين".
و اعتبرت أن "الختان يغير جسم الطفل بصورة دائمة و بطريقة لا يمكن تصليحها"،و ان "هذا التغيير مخالف لمصلحة الطفل الذي سيقرر لاحقا انتماءه الديني".
و يضمن القانون الألماني حرية ممارسة الأديان بمختلف أنواعها،غير أن هذه الحرية لا تعلو مبدئيا فوق القانون،و إنما تجد حدودها حينما تنتهك حقوق أساسية أخرى،كـ"حق السلامة الجسدية".
و في هذا الصدد،يرى الخبير القانوني هولم لبوتسكه البروفسور في جامعة باساو في حديث لـ DW أن اعتبار الختان "طقسا رمزيا يؤسس لانضمام الطفل إلى جماعته الدينية" و اعتبار أن هذه العملية في "صالح الطفل" هي "حجة غير مقنعة".
و يرى لبوتسكة،إلى جانب خبراء آخرين،أن على الطقوس و العادات الدينية و الثقافية أن تحتك مع المفاهيم القانونية الحديثة و أن تتأقلم معها.
و وصف الخبير القانوني الألماني،قرار محكمة كولونيا بأنه "حكم رائد و شجاع".
أما الدكتور بيان فاتح مقدم من جامعة مونستر فله في الختان وجهة نظر أخرى و يرى فيه مجرد "تدخل جراحي خفيف نسبيا و متدني المخاطر،و له فوق ذلك فوائد طبية معترف بها".
و أضاف أن موافقة الوالدين ليست بالتالي انتهاكا لحقوق الطفل.
و في نفس السياق حذر عدد من الأطباء من إمكانية زيادة المخاطر الصحية بإجبار الناس على إجراء الختان سرا في حالة استمرار المنع،غير أن ما يثير قلق الأطباء الألمان أكثر هو الغموض و الضبابية القانونية التي تخص هذا الموضوع.
.............
"انتهاك للحرية الدينية؟"
المبررات القانونية و الطبية لم تقنع كثيرا ممثلي الجاليات الدينية،إذ وصف المجلس المركزي لليهود في ألمانيا الحكم بأنه "تعد سافر لم يسبق له مثيل" على الحق في الحرية الدينية و تصرف "مشين يفتقر إلى المراعاة"،بل و اعتبره البعض "أشد هجوم على الحياة اليهودية داخل ألمانيا منذ المحرقة النازية".
و يعمل ممثلو الديانة اليهودية على التنسيق مع زعماء المسلمين و المسيحيين بشأن كيفية محاربة الحظر معا.
كما اجتمع زعماء الديانات الثلاث مع مسؤولين في البرلمان الأوروبي في بروكسل هذا الأسبوع للشكوى مما اعتبروه "إهانة للحقوق الأساسية الدينية و الإنسانية".
و ذهب اجتماع للحاخامات الأوروبيين في برلين إلى اعتبار حظر الختان تهديدا لوجود الطائفة اليهودية في ألمانيا.
غير أن وزيرة العدل الألمانية سابينه لويتهويسر شنارنبيرغر استبعدت إيجاد مخرج قانوني بصورة عاجلة لهذه القضية.
و قالت "إن من مقتضيات دولة القانون ألا يتم إزالة القضايا موضع الشك قانونا عن طريق أحكام فردية تصدرها بعض المحاكم بين ليلة و ضحاها".
و أكدت الوزيرة أن حكم محكمة كولونيا يعد "خروجا على التفسيرات القانونية الموجودة في ألمانيا بشأن هذه المسألة"،مركزة على أن "حياة اليهود و المسلمين و ممارساتهم لأديانهم في ألمانيا ستظل برغم ذلك أمرا ممكنا بطبيعة الحال".
و في حوار مع DW انتقد علي كازلكايا المتحدث باسم مجلس التنسيق لمسلمي ألمانيا قرار محكمة كولونيا و قال "إنه تدخل صارخ في حرية المعتقد.و قد تلقينا قرار المحكمة بحزن و قلق بالغين،و الغريب أن يتم حظر ممارسة أحد الطقوس الدينية التي مورست لمئات السنين في هذا البلد".
و أثار هذا الجدل استعراضا للوحدة بين اليهود و المسلمين و المسيحيين الذين يرون فيه تهديدا للحرية الدينية.
و يذكر أن حوالي عشرين جمعية مسلمة ألمانية وجهت الأربعاء نداء إلى البرلمان لإنهاء ما أسمته "انعدام الأمان القضائي" الذي ولده قرار محكمة كولونيا.
و قال كازلكايا "أتمنى و أعتقد أن المشرع الألماني سيسعى إلى تحقيق العدالة و إرجاع الأمور إلى نصابها".
و احتجت الكنيستان الكاثوليكية و البروتستانتية في ألمانيا و حزب الخضر أيضا.
و ذهب وزير الخارجية غيدو فيسترفيله في نفس الاتجاه و قال "يتعين توضيح أن حرية ممارسة العقيدة مكفولة في ألمانيا،و من بينها احترام العادات الدينية".
و حذر من عواقب هذا الحكم على ما أسماه "صورة ألمانيا في العالم و خاصة على الحياة اليهودية و الإسلامية في البلاد".
و يرى المراقبون أن محاولة الحكومة الألمانية طمأنة الأطياف الدينية ربما يساهم في إطفاء فتيل هذا الجدل ريثما يتم ايجاد مصوغات قانونية جديدة تزيل الغموض القائم.
.........
(ح.ز/DW / د.ب.أ / روترز).
مراجعة: منصف السليمي
.......
رئيس اتحاد الأحبار اليهود الحبر بنشاس جولدشميت: "إذا تم تطبيق هذا الحكم لا أرى لليهود مستقبلا في ألمانيا".