عالقون في الحياة.
اعداد: حيدر الجراح.
.........
لا مهرب من جحيم الارض الا بفردوس السماء...مشاكلك لا تنتهي،تخلت عنك المرأة التي تحبها،فصلك مديرك من العمل،تخرجت و انت الان على ارصفة الانتظار،انتظار فرصة عمل او فرصة للتسكع المتكرر دون هدف او جدوى،انفجرت عبوة ناسفة و خطفت حياة ابنك الوحيد،فشلت في تحقيق النجاح في دراستك و تركك اصدقاؤك وحيدا الا من نفس الكتب تعيد مذاكرتها في سنة جديدة،اصابك المرض و لا تملك ثمن الدواء او العملية الجراحية،مشاكل،مشاكل تحيط بك من كل الجهات و انت عالق في الحياة،لا هي تغادرك و انت لا تملك تغييرها.
..........
لماذا لا اغادرها انا تلك الحياة الكئيبة القاحلة الموحشة؟
لا بصيص من امل،لا ضوء في نهاية الافق،لماذا استمر في العيش هكذا؟
لست مجبرا بعد اليوم على الاستمرار في هذه المشقات المتواصلة،سأضع حدا لحياتي.
.........
عالقون في الحياة.
تلك الافكار كثيرا ما تراود الناس،نساءا و رجالا و في مختلف الاعمار،و بمختلف المستويات التعليمية،فلا فرق بين جاهل او متعلم في ذلك،في طرح التساؤلات و في محاولة وضع الحلول او الحدود لها.
نحن عالقون في الحياة،جميعنا كذلك،لكننا لا نملك الحرية في انهاء تلك الحياة،لانها ببساطة شديدة هبة من الخالق لنا،و نحن جديرون بالحفاظ على تلك الهبة حتى يستردها المانح الاكبر لها.
عالقون في الحياة،و الحياة ليست عادلة،جميعنا نعرف ذلك،لكنها هكذا،دار بلاء و مكابدات و شقاء...و جميع صعوبات الحياة لا تمنحنا مبررا كافيا للتخلص منها و وضع حد لها عن طريق انهائها بايدينا.
الانتحار،سمة نفسية لعصرنا الراهن،عصر القلق و العذابات و الاغتراب و الوحدة و التوحش و الانهيارات الكبرى،انهيارات القيم و الاخلاق و الضمائر.
الانتحار هو التصرف المتعمد من قبل شخص ما لإنهاء حياته.
و يرى آخرون أنه قتل النفس تخلصا من الحياة،و قد اختلفت الآراء حول الانتحار هل يعكس شجاعة الشخص المنتحر أم جبنه و انعكاس لفشله و عدم الحاجة لاستمرار حياته.
بعض الشعوب لديها رمزية خالصة للانتحار كما هو عند اليابانيين.
يحرم الإسلام قتل النفس بأي حال من الأحوال و يشير إلى أن حياة الإنسان ليست ملكا له و بالتالي لا يجوز التحكم بها من قبله.
..........
الإنتحار.
حوالي 35% من حالات الانتحار ترجع إلى أمراض نفسية و عقلية كالاكتئاب و الفصام و الإدمان.و 65% يرجع إلى عوامل متعددة مثل التربية و ثقافة المجتمع و المشاكل الأسرية أو العاطفية و الفشل الدراسي و الآلام و الأمراض الجسمية أو تجنب العار أو الإيمان بفكرة أو مبدأ كالقيام بالعمليات الانتحارية.
حلل فرويد الانتحار بانه عدوان تجاه الداخل ثم قام عالم آخر بتعريف ثلاث ابعاد للانتحار هي رغبة في القتل ثم رغبة في الموت ثم رغبة في أن يتم قتله...و عالم آخر وضح بان الانتحار يختلط به عدد من الأحاسيس منها الانعزال و اليأس و الاكتئاب و يشعر بألم انفعالي لا يطاق و لا يوجد حل سوى الانتحار.
أما المدرسة المعرفية فقد رأت الانتحار برؤيا النفق أو التفكير غير المرن حيث أن الحياة مريعة و لا يوجد حل سوى الانتحار و البعض رأى الانتحار أنه تعبير عن البكاء الرمزي أو للفت الانتباه.
و يوجد للانتحار أسباب عضوية منها الوراثة أو نقص السيروتونين و هناك أسباب اجتماعية فسرها عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم حيث فسر الانتحار بسبب تكسر الروابط الاجتماعية و الانعزال،و قد تؤثر عوامل الضغوط النفسية و عدم القدرة على كبحها و خاصة الفقر و البطالة.
و قد تكون هناك أسباب أخرى مثل ضعف الضمير و عدم القدرة على التكيف مع المجتمع و هنا تظهر فكرة إريك فروم حول الانتحار حيث الصراع بين الداخل و الخارج و عدم الالتفات للعوامل الحضارية الاجتماعية.
و قد تباينت الردود على الانتحار ففي الهند و اليابان يكون الانتحار مصدر شرف عندما تحترق الزوجة بجانب زوجها الميت أو مثل طياري الكاميكازي الانتحاريين و بعض المجتمعات تجعل الانتحار كجريمة و خطيئة لا تغتفر،و عادة ما يشعر أقرباء المنتحر بالذنب و العار و الهجر.
بشكل عملي تختلف رؤية الأشخاص و تقديراتهم لظروفهم الحياتية التي تواجههم..و بعضهم أكثر تكيفاً و احتمالاً للشدائد و الصعاب و بعضهم لا يتحمل درجات منخفضة من الإحباط و الصعوبات. و تلعب التربية و الظروف الأسرية و تاريخ الفرد و تكوينه الشخصي النفسي و الجسمي و الوراثي دوراً هاماً في تحديد قدراته على التكيف و التحمل و إيجاد المخارج و الحلول لمختلف الصعوبات الحياتية.
و لاشك في أن الدلال المفرط و تلبية الرغبات دائماً يجعل الفرد ضعيفاً أمام الإحباطات و الأزمات. كما أن الفردية و الأنانية و النرجسية و التنافس الشديد مع الآخرين يلعب دوراً هاماً في تضخيم الإحباطات و الأزمات.
و كذلك الاستغراق في التفكير المادي بعيداً عن الروحي،و عدم النضج الانفعالي،و الفكري..كل ذلك يجعل الفرد ضعيفاً أمام الأزمات و الإحباطات.
و تدل الدراسات و الإحصائيات على أن الانتحار لا يزال أقل انتشاراً في العالم العربي و الإسلامي مقارنة مع الدول المتقدمة...و لكن الانتحار موجود في مجتمعاتنا و كثيراً مايتم الهروب من تسميته كسبب للوفاة لأسباب اجتماعية و أخلاقية و قانونية.
و هناك الانتحار الصريح الواضح المؤكد و الذي تدل التقارير الصحفية و بعض الإحصائيات على ازدياده،و هناك الانتحار الغامض و غير المباشر،و من ذلك الحوادث المتنوعة (السقوط من أعلى، الحريق،التسممات و غيرها) التي تؤدي إلى الوفاة أو الإصابات الجسمية المتنوعة،و أيضاً حوادث السيارات و قيادتها المتهورة و التي تعتبر شكلاً من أشكال العنف و الأذى تجاه الغير و تجاه الذات أيضاً..و هي نوع من قتل الآخر و قتل الذات،و تؤدي إلى الموت أو إلى عاهات و شلل و إصابات.
و من النواحي النفسية العملية أيضاً،يمكن للضغوط النفسية المتنوعة و الإحباطات و الصدمات أن تؤدي إلى انفعالات سلبية شديدة و حزن و توتر و يأس و غضب،و يمكن للغضب و العنف أن يرتد إلى الذات بدلاً عن المحيط و الآخرين و أن تبرز الأفكار الانتحارية ثم تتحول إلى سلوك انتحاري.
و المعروف أن الإحباط و الضغوط و الانفعالات السلبية تحتاج إلى تفريغ و هضم و دعم معنوي مؤقت أو مستمر،مما يطرح أهمية الإنصات للآخر و لمشكلاته و انفعالاته عند مختلف الأشخاص و في مختلف الفئات العمرية بما فيهم الأطفال و المراهقين،و ذلك من قبل الأهل و المعارف و الأصدقاء و الخبراء و الاختصاصيين.
و هناك نوع من محاولات الانتحار أو إيذاء النفس يهدف أصلاً إلى لفت الانتباه و الحصول على مكاسب فورية..و بعضهم يموتون و لو أنهم غير راغبين بذلك عن طريق الخطأ..حيث يظن بعضهم أن وسيلة إيذاء معينة لن تميتهم و يكون ظنهم غير صحيح.
و في الحالات المرضية الشديدة مثل الاكتئاب الأساسي أو الذهاني أو اضطراب المزاج أو مرض الفصام أو حالات الإدمان المتنوعة لابد من التشخيص الصحيح و العلاج المناسب و المتابعة .
و أيضاً في الحالات التي لديها قصة عائلية في الانتحار،لأن المخاطر تكون أكبر.
و يبقى مرض الاكتئاب المسبب الأساسي للانتحار من خلال سيطرة المزاج الاكتئابي و الأفكار السوداوية اليائسة و أيضاً الأفكار الانتحارية التي تراود المريض باستمرار و تدفعه لأن ينهي حياته بسبب الآلام النفسية التي لا تطاق.
و بعضهم يتخذ قراره بالانتحار بشكل مسبق و يهيئ نفسه و أموره و يكتب رسالة توضيحية لسلوكه.
و بعضهم الآخر يتحدث إلى من حوله من الأهل أو الأصدقاء أو الأطباء حول نيته في إنهاء حياته..و كل ذلك يستدعي التنبه و التصرف المناسب و العمل على علاج المريض و مراقبته و حمايته إلى أن تتحسن حالته.
و عموماً فإن الشخصيات المزاجية و الاندفاعية و العنيفة و المضطربة مهيأة أكثر للسلوك الانتحاري و هي تتصرف عادة وفقاً للحظة دون تقدير و تمحيص للعواقب و تتحكم بسلوكها الانفعالات الشديدة دون التبصر و التأني.
............
الانتحار هو من أسباب الوفاة الرئيسة في العالم.
و قد أظهر تقرير لمنظمة الصحة العالمية أن مليون شخص يموتون سنوياً عن طريق الانتحار،أي أكثر من ضحايا الحروب و جرائم القتل مجتمعة،و المشكلة تتفاقم.
و أشار التقرير إلى 20 مليون محاولة انتحار سنوياً،أي أن عدد محاولات الانتحار أكبر من عدد الوفيات الناجمة عنه،موضحاً أن نحو 5% من سكان العالم يحاولون الانتحار مرة واحدة على الأقل في حياته.
و أعلن الدكتور شيخار ساكسينا في أثناء عرضه التقرير أمام الصحافة في جنيف أن المشكلة تتفاقم،و أن الانتحار «أصبح مشكلة صحية خطرة».
و أضاف أن «الانتحار هو من أسباب الوفاة الرئيسة في العالم.و قد شهد ارتفاعاً في السنوات الأخيرة بنسبة 60% في بعض البلدان».
و يعد الانتحار السبب الثاني للوفاة في العالم في أوساط المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاماً،لكنه يسجل أيضاً نسباً مرتفعة في صفوف الأشخاص الكبار في السن.
و أوضحت منظمة الصحة العالمية في تقريرها أن حالات الانتحار أكثر بثلاث مرات لدى الرجال منها لدى النساء،بغض النظر عن الفئة العمرية و البلد.
و لكن محاولات الانتحار أكثر بثلاث مرات لدى النساء منها لدى الرجال.
و يمكن تفسير هذه المفارقة بأن الرجال يلجؤون إلى وسائل أكثر فتكاً من تلك التي تعتمدها النساء كي يضعوا حداً لحياتهم.
و أشار التقرير إلى أن نسبة الانتحار هي الأكثر ارتفاعاً في بلدان أوروبا الشرقية مثل ليتوانيا و روسيا.
أما النسبة الدنيا فتسجل في أميركا الوسطى و الجنوبية،في بلدان مثل البيرو و المكسيك و البرازيل و كولومبيا.
و تقع الولايات المتحدة و أوروبا و آسيا في وسط السلم،فيما تغيب الإحصاءات في بلدان إفريقية عدة،و في بعض بلدان جنوب شرق آسيا.
..........
شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 10/أيلول/2012
اعداد: حيدر الجراح.
.........
لا مهرب من جحيم الارض الا بفردوس السماء...مشاكلك لا تنتهي،تخلت عنك المرأة التي تحبها،فصلك مديرك من العمل،تخرجت و انت الان على ارصفة الانتظار،انتظار فرصة عمل او فرصة للتسكع المتكرر دون هدف او جدوى،انفجرت عبوة ناسفة و خطفت حياة ابنك الوحيد،فشلت في تحقيق النجاح في دراستك و تركك اصدقاؤك وحيدا الا من نفس الكتب تعيد مذاكرتها في سنة جديدة،اصابك المرض و لا تملك ثمن الدواء او العملية الجراحية،مشاكل،مشاكل تحيط بك من كل الجهات و انت عالق في الحياة،لا هي تغادرك و انت لا تملك تغييرها.
..........
لماذا لا اغادرها انا تلك الحياة الكئيبة القاحلة الموحشة؟
لا بصيص من امل،لا ضوء في نهاية الافق،لماذا استمر في العيش هكذا؟
لست مجبرا بعد اليوم على الاستمرار في هذه المشقات المتواصلة،سأضع حدا لحياتي.
.........
عالقون في الحياة.
تلك الافكار كثيرا ما تراود الناس،نساءا و رجالا و في مختلف الاعمار،و بمختلف المستويات التعليمية،فلا فرق بين جاهل او متعلم في ذلك،في طرح التساؤلات و في محاولة وضع الحلول او الحدود لها.
نحن عالقون في الحياة،جميعنا كذلك،لكننا لا نملك الحرية في انهاء تلك الحياة،لانها ببساطة شديدة هبة من الخالق لنا،و نحن جديرون بالحفاظ على تلك الهبة حتى يستردها المانح الاكبر لها.
عالقون في الحياة،و الحياة ليست عادلة،جميعنا نعرف ذلك،لكنها هكذا،دار بلاء و مكابدات و شقاء...و جميع صعوبات الحياة لا تمنحنا مبررا كافيا للتخلص منها و وضع حد لها عن طريق انهائها بايدينا.
الانتحار،سمة نفسية لعصرنا الراهن،عصر القلق و العذابات و الاغتراب و الوحدة و التوحش و الانهيارات الكبرى،انهيارات القيم و الاخلاق و الضمائر.
الانتحار هو التصرف المتعمد من قبل شخص ما لإنهاء حياته.
و يرى آخرون أنه قتل النفس تخلصا من الحياة،و قد اختلفت الآراء حول الانتحار هل يعكس شجاعة الشخص المنتحر أم جبنه و انعكاس لفشله و عدم الحاجة لاستمرار حياته.
بعض الشعوب لديها رمزية خالصة للانتحار كما هو عند اليابانيين.
يحرم الإسلام قتل النفس بأي حال من الأحوال و يشير إلى أن حياة الإنسان ليست ملكا له و بالتالي لا يجوز التحكم بها من قبله.
..........
الإنتحار.
حوالي 35% من حالات الانتحار ترجع إلى أمراض نفسية و عقلية كالاكتئاب و الفصام و الإدمان.و 65% يرجع إلى عوامل متعددة مثل التربية و ثقافة المجتمع و المشاكل الأسرية أو العاطفية و الفشل الدراسي و الآلام و الأمراض الجسمية أو تجنب العار أو الإيمان بفكرة أو مبدأ كالقيام بالعمليات الانتحارية.
حلل فرويد الانتحار بانه عدوان تجاه الداخل ثم قام عالم آخر بتعريف ثلاث ابعاد للانتحار هي رغبة في القتل ثم رغبة في الموت ثم رغبة في أن يتم قتله...و عالم آخر وضح بان الانتحار يختلط به عدد من الأحاسيس منها الانعزال و اليأس و الاكتئاب و يشعر بألم انفعالي لا يطاق و لا يوجد حل سوى الانتحار.
أما المدرسة المعرفية فقد رأت الانتحار برؤيا النفق أو التفكير غير المرن حيث أن الحياة مريعة و لا يوجد حل سوى الانتحار و البعض رأى الانتحار أنه تعبير عن البكاء الرمزي أو للفت الانتباه.
و يوجد للانتحار أسباب عضوية منها الوراثة أو نقص السيروتونين و هناك أسباب اجتماعية فسرها عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم حيث فسر الانتحار بسبب تكسر الروابط الاجتماعية و الانعزال،و قد تؤثر عوامل الضغوط النفسية و عدم القدرة على كبحها و خاصة الفقر و البطالة.
و قد تكون هناك أسباب أخرى مثل ضعف الضمير و عدم القدرة على التكيف مع المجتمع و هنا تظهر فكرة إريك فروم حول الانتحار حيث الصراع بين الداخل و الخارج و عدم الالتفات للعوامل الحضارية الاجتماعية.
و قد تباينت الردود على الانتحار ففي الهند و اليابان يكون الانتحار مصدر شرف عندما تحترق الزوجة بجانب زوجها الميت أو مثل طياري الكاميكازي الانتحاريين و بعض المجتمعات تجعل الانتحار كجريمة و خطيئة لا تغتفر،و عادة ما يشعر أقرباء المنتحر بالذنب و العار و الهجر.
بشكل عملي تختلف رؤية الأشخاص و تقديراتهم لظروفهم الحياتية التي تواجههم..و بعضهم أكثر تكيفاً و احتمالاً للشدائد و الصعاب و بعضهم لا يتحمل درجات منخفضة من الإحباط و الصعوبات. و تلعب التربية و الظروف الأسرية و تاريخ الفرد و تكوينه الشخصي النفسي و الجسمي و الوراثي دوراً هاماً في تحديد قدراته على التكيف و التحمل و إيجاد المخارج و الحلول لمختلف الصعوبات الحياتية.
و لاشك في أن الدلال المفرط و تلبية الرغبات دائماً يجعل الفرد ضعيفاً أمام الإحباطات و الأزمات. كما أن الفردية و الأنانية و النرجسية و التنافس الشديد مع الآخرين يلعب دوراً هاماً في تضخيم الإحباطات و الأزمات.
و كذلك الاستغراق في التفكير المادي بعيداً عن الروحي،و عدم النضج الانفعالي،و الفكري..كل ذلك يجعل الفرد ضعيفاً أمام الأزمات و الإحباطات.
و تدل الدراسات و الإحصائيات على أن الانتحار لا يزال أقل انتشاراً في العالم العربي و الإسلامي مقارنة مع الدول المتقدمة...و لكن الانتحار موجود في مجتمعاتنا و كثيراً مايتم الهروب من تسميته كسبب للوفاة لأسباب اجتماعية و أخلاقية و قانونية.
و هناك الانتحار الصريح الواضح المؤكد و الذي تدل التقارير الصحفية و بعض الإحصائيات على ازدياده،و هناك الانتحار الغامض و غير المباشر،و من ذلك الحوادث المتنوعة (السقوط من أعلى، الحريق،التسممات و غيرها) التي تؤدي إلى الوفاة أو الإصابات الجسمية المتنوعة،و أيضاً حوادث السيارات و قيادتها المتهورة و التي تعتبر شكلاً من أشكال العنف و الأذى تجاه الغير و تجاه الذات أيضاً..و هي نوع من قتل الآخر و قتل الذات،و تؤدي إلى الموت أو إلى عاهات و شلل و إصابات.
و من النواحي النفسية العملية أيضاً،يمكن للضغوط النفسية المتنوعة و الإحباطات و الصدمات أن تؤدي إلى انفعالات سلبية شديدة و حزن و توتر و يأس و غضب،و يمكن للغضب و العنف أن يرتد إلى الذات بدلاً عن المحيط و الآخرين و أن تبرز الأفكار الانتحارية ثم تتحول إلى سلوك انتحاري.
و المعروف أن الإحباط و الضغوط و الانفعالات السلبية تحتاج إلى تفريغ و هضم و دعم معنوي مؤقت أو مستمر،مما يطرح أهمية الإنصات للآخر و لمشكلاته و انفعالاته عند مختلف الأشخاص و في مختلف الفئات العمرية بما فيهم الأطفال و المراهقين،و ذلك من قبل الأهل و المعارف و الأصدقاء و الخبراء و الاختصاصيين.
و هناك نوع من محاولات الانتحار أو إيذاء النفس يهدف أصلاً إلى لفت الانتباه و الحصول على مكاسب فورية..و بعضهم يموتون و لو أنهم غير راغبين بذلك عن طريق الخطأ..حيث يظن بعضهم أن وسيلة إيذاء معينة لن تميتهم و يكون ظنهم غير صحيح.
و في الحالات المرضية الشديدة مثل الاكتئاب الأساسي أو الذهاني أو اضطراب المزاج أو مرض الفصام أو حالات الإدمان المتنوعة لابد من التشخيص الصحيح و العلاج المناسب و المتابعة .
و أيضاً في الحالات التي لديها قصة عائلية في الانتحار،لأن المخاطر تكون أكبر.
و يبقى مرض الاكتئاب المسبب الأساسي للانتحار من خلال سيطرة المزاج الاكتئابي و الأفكار السوداوية اليائسة و أيضاً الأفكار الانتحارية التي تراود المريض باستمرار و تدفعه لأن ينهي حياته بسبب الآلام النفسية التي لا تطاق.
و بعضهم يتخذ قراره بالانتحار بشكل مسبق و يهيئ نفسه و أموره و يكتب رسالة توضيحية لسلوكه.
و بعضهم الآخر يتحدث إلى من حوله من الأهل أو الأصدقاء أو الأطباء حول نيته في إنهاء حياته..و كل ذلك يستدعي التنبه و التصرف المناسب و العمل على علاج المريض و مراقبته و حمايته إلى أن تتحسن حالته.
و عموماً فإن الشخصيات المزاجية و الاندفاعية و العنيفة و المضطربة مهيأة أكثر للسلوك الانتحاري و هي تتصرف عادة وفقاً للحظة دون تقدير و تمحيص للعواقب و تتحكم بسلوكها الانفعالات الشديدة دون التبصر و التأني.
............
الانتحار هو من أسباب الوفاة الرئيسة في العالم.
و قد أظهر تقرير لمنظمة الصحة العالمية أن مليون شخص يموتون سنوياً عن طريق الانتحار،أي أكثر من ضحايا الحروب و جرائم القتل مجتمعة،و المشكلة تتفاقم.
و أشار التقرير إلى 20 مليون محاولة انتحار سنوياً،أي أن عدد محاولات الانتحار أكبر من عدد الوفيات الناجمة عنه،موضحاً أن نحو 5% من سكان العالم يحاولون الانتحار مرة واحدة على الأقل في حياته.
و أعلن الدكتور شيخار ساكسينا في أثناء عرضه التقرير أمام الصحافة في جنيف أن المشكلة تتفاقم،و أن الانتحار «أصبح مشكلة صحية خطرة».
و أضاف أن «الانتحار هو من أسباب الوفاة الرئيسة في العالم.و قد شهد ارتفاعاً في السنوات الأخيرة بنسبة 60% في بعض البلدان».
و يعد الانتحار السبب الثاني للوفاة في العالم في أوساط المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاماً،لكنه يسجل أيضاً نسباً مرتفعة في صفوف الأشخاص الكبار في السن.
و أوضحت منظمة الصحة العالمية في تقريرها أن حالات الانتحار أكثر بثلاث مرات لدى الرجال منها لدى النساء،بغض النظر عن الفئة العمرية و البلد.
و لكن محاولات الانتحار أكثر بثلاث مرات لدى النساء منها لدى الرجال.
و يمكن تفسير هذه المفارقة بأن الرجال يلجؤون إلى وسائل أكثر فتكاً من تلك التي تعتمدها النساء كي يضعوا حداً لحياتهم.
و أشار التقرير إلى أن نسبة الانتحار هي الأكثر ارتفاعاً في بلدان أوروبا الشرقية مثل ليتوانيا و روسيا.
أما النسبة الدنيا فتسجل في أميركا الوسطى و الجنوبية،في بلدان مثل البيرو و المكسيك و البرازيل و كولومبيا.
و تقع الولايات المتحدة و أوروبا و آسيا في وسط السلم،فيما تغيب الإحصاءات في بلدان إفريقية عدة،و في بعض بلدان جنوب شرق آسيا.
..........
شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 10/أيلول/2012