شارع الحبيب بورقيبة،معقل ثورة الياسمين تتجاذبه السلطة و شباب الثورة.
موقع صوت ألمانيا dw
.....
شارع الحبيب بورقيبة،وسط العامصة تونس،تحول منذ ثورة الياسمين إلى "هايد بارك" للتونسيين،لكن ملامحه اليوم تبدو مزيجا من الفخر بكونه معقل الثورة و معاناة يومية للتجار و أصحاب المحلات الذين افتقدوا السياح و الزوار.
.....
الاغاني "الملتزمة" كما يسميها شباب ثورة الياسمين،تصد في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية مع انطلاق "مهرجان الأغنية الملتزمة"،و على بعد أمتار فقط نصبت شاشة الكترونية عملاقة اقتصرت على بث موسيقى الراب و الريغي وسط تجمع لافت للشباب.
و بالقرب من مقر وزارة الداخلية انكب شبان على رسم و طلاية لوحات تشكيلية غلبت عليها عناوين ثورية،بينما تم تركيز استوديو في شكل خيمة بنوافذ بلاستيكية خصص لحوارات فكرية و أدبية.
مشاهد تمثل إيذانا ببداية الاحتفاء بالذكرى الثانية للثورة التونسية و تختم في تاريخ الرابع عشر من يناير/كانون ثاني.
و تلك المشاهد لا تعكس في الواقع انطباعا موحدا تجاه هذه الاحتفالات وسط الشارع الذي اكتسب شهرة واسعة و بات رمز الاحتجاجات و الحرية.
.......
"نحن نمتلك شارع الحبيب بورقيبة".
فوزي الدعاسي (28 عاما) ينتسب لجمعية المعطلين عن العمل كان حاضرا ضمن الجماهير التي احتشدت امام مقر وزارة الداخلية في الرابع عشر من يناير قبل عامين،و التي توجت بسقوط نظام الاستبداد و فرار الرئيس السابق زين العابدين بن علي خارج البلاد.
و لكن الدعاسي و حينما التقيناه في شارع الحبيب بورقيبة بعد عامين لا تظهر على وجهه اي علامات تدل على اهتمام يذكر بما يحدث من حوله في الشارع الرمزي.
تحدث الدعاسي إلى DW عربية قائلا "كسبنا أمرا هاما دون شك و هو كسر حاجز الخوف و التمرد على الشارع.عدى ذلك لم يتغير شيء،الوضع الاقتصادي و الاجتماعي من سيء إلى أسوأ".
و أضاف "لا اعتقد ان هذه الأجواء الكرنفالية في الشارع تنسجم مع القيمة الرمزية و النضالية لصور الشهداء و الجرحى و المناضلين المعتقلين التي اشاهدها هنا و هناك،لذا فقد قررت انا و الكثير من المعطلين تنظيم وقفة احتجاجية ضد هذه الاحتفالات الكرنفالية التي تحاول إيهام التونسيين بان الثورة نجحت و حققت أهدافها".
و أضاف الدعاسي "كنا نعتقد أننا كسبنا هذا الشارع لكنهم يحاولون اليوم و بشتى الطرق افتكاكه".
........
شارع بورقيبة "المسيَج".
و نجح التونسيون بالفعل ابان الثورة في تحويل شارع الحبيب بورقيبة الى ساحة "هايد بارك" و قبلة المسيرات و الاحتجاجات بشكل يكاد يكون يوميا،و هو أمر لم تكن لتسكت عليه السلطات الانتقالية في البلاد بدعوى التنظيم و "استعادة هيبة الدولة".
و أدى الأمر في كثير من الأحيان الى صدامات عنيفة اعطت انطباعا بأن هناك تدابير تسعى لسحب البساط من المتظاهرين و المحتجين في الشارع الشهير.
و فرضت وزارة الداخلية بالفعل تراخيص مسبقة لكل مسيرة او نشاط ثقافي في شارع الحبيب بورقيبة،كما حددت مواقيتها معللة خطوتها بالحفاظ على مصالح المحلات التجارية و حركة المرور.
لكن مثل هذه الخطوات قد تكون غير كافية لاستعادة الشارع من قبل وزارة الداخلية.
......
"صرخة وطن".
ماهر الماجري (23 عاما) خريج معهد الفنون و الحرف بمدينة القيروان كان بصدد وضع آخر التعديلات على لوحته التشكيلية بينما تجمهر أمامه عدد من المارة بداعي الفضول و الاكتشاف. تحدث الماجري لـ DW عربية قائلا "أنا هنا اليوم لأعبر عن رأيي الذي لم استطع ابلاغه قبل الثورة.و هذه اللوحة ترمز الى "صرخة وطن" أطلقها الشعب التونسي.
أما اختياري لهذا الشارع فلأنه انطلفت منه صرخة "ديكاج" (ارحل) في وجه النظام.
نحن امتلكنا هذا الشارع و خاصة في المناسبات الوطنية على غرار الاحتفاء بعيد الثورة.
"هو ملكنا و لا أحد يمكن أن يفتكه منها".
و يضيف الماجري بنبرة حماسية "من المهم تكثيف الأنشطة الثقافية في شارع الحبيب بورقيبة حتى يظل محافظا على حيويته و إشعاعه".
....
شارع بورقيبة هجره السياح.
و شارع الحبيب بورقيبة ضارب في العراقة و القدم و كان يطلق عليه في القرن التاسع عشر خلال فترة حكم البايات بشارع البحرية و لكن و مع دخول المستعمر الفرنسي الى تونس عام 1881 أصبح يطلق على الشارع اسم جول فيري بدءا من عام 1900 الى غاية تاريخ الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي عام 1956 و بات من حينها يحمل اسم الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة،أول رئيس لتونس بعد الاستقلال.
و يحمل الشارع بين جنباته فضاءات ثقافية و دينية و مقرات حساسة على غرار كاتدرائية سانت دي بول (كاتدرائية تونس) المعروفة ببرجيها العاليين و المسرح البلدي و كلاهما يعود تشييدهما الى مطلع القرن الماضي،الى جانب مقري السفارة الفرنسية و وزارة الداخلية.
و لكن الشارع الذي كان يؤمه نحو مليون سائح سنويا قبل الثورة يبدو اليوم في اسوأ ايامه بينما تنتشر عربات الجيش و الأسيجة الأمنية في بعض جوانبه.
محمد ماطري (24 عاما) يعمل بكشك ملاصق لكاتدرائية "سانت دي بول" منذ أكثر من ست سنوات يؤكد لـDW عربية ان المردود المالي للمحل يشهد تراجعا مستمرا عن ذي قبل.
و قال محمد "لا نعرف حتى متى يمكننا الصمود.السياح لا يأتون كما في السابق.في الأشهر الماضية افتقد الشارع الى الأمن ما شجع اللصوص و المندسون الى التواجد بكثرة في الشارع يحاولون استغلال اي مسيرة لبث الفوضى و السطو على المحلات.الآن تراجعت هذه الظاهرة لكن الشارع لم يستعد بعد كامل حيويته.نامل ان تتحسن الأوضاع سريعا".
و لا يختلف سامي البرهومي (26 عاما) و هو نادل بمطعم بمنتصف الشارع،في رأيه عما ذهب إليه الماطري.
و تحدث سامي إلى DW قائلا "مدير المطعم اضطر لتسريح عدد من العاملين.الناس لا يأتون كما في السابق و لكننا مع ذلك نحافظ على الحد الأدنى من الربح".
و يضيف سامي "لا نعارض المسيرات في الشارع و لكن عندما تكون مؤطرة و منظمة سيكون هذا في صالح الجميع.عندها يمكننا ان نستفيد من ذلك تجاريا،في المقابل فإن اي انفلات سيؤدي الى نتائج وخيمة على عملنا".
.......
طارق القيزاني- تونس.
موقع صوت ألمانيا.
14.01.2013
صرخة وطن.
فوزي الدعاسي،جمعية المعطلين عن العمل.
سياج يحيط مقر وزارة الداخلية في شارع الحبيب بورقيبة.
موقع صوت ألمانيا dw
.....
شارع الحبيب بورقيبة،وسط العامصة تونس،تحول منذ ثورة الياسمين إلى "هايد بارك" للتونسيين،لكن ملامحه اليوم تبدو مزيجا من الفخر بكونه معقل الثورة و معاناة يومية للتجار و أصحاب المحلات الذين افتقدوا السياح و الزوار.
.....
الاغاني "الملتزمة" كما يسميها شباب ثورة الياسمين،تصد في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية مع انطلاق "مهرجان الأغنية الملتزمة"،و على بعد أمتار فقط نصبت شاشة الكترونية عملاقة اقتصرت على بث موسيقى الراب و الريغي وسط تجمع لافت للشباب.
و بالقرب من مقر وزارة الداخلية انكب شبان على رسم و طلاية لوحات تشكيلية غلبت عليها عناوين ثورية،بينما تم تركيز استوديو في شكل خيمة بنوافذ بلاستيكية خصص لحوارات فكرية و أدبية.
مشاهد تمثل إيذانا ببداية الاحتفاء بالذكرى الثانية للثورة التونسية و تختم في تاريخ الرابع عشر من يناير/كانون ثاني.
و تلك المشاهد لا تعكس في الواقع انطباعا موحدا تجاه هذه الاحتفالات وسط الشارع الذي اكتسب شهرة واسعة و بات رمز الاحتجاجات و الحرية.
.......
"نحن نمتلك شارع الحبيب بورقيبة".
فوزي الدعاسي (28 عاما) ينتسب لجمعية المعطلين عن العمل كان حاضرا ضمن الجماهير التي احتشدت امام مقر وزارة الداخلية في الرابع عشر من يناير قبل عامين،و التي توجت بسقوط نظام الاستبداد و فرار الرئيس السابق زين العابدين بن علي خارج البلاد.
و لكن الدعاسي و حينما التقيناه في شارع الحبيب بورقيبة بعد عامين لا تظهر على وجهه اي علامات تدل على اهتمام يذكر بما يحدث من حوله في الشارع الرمزي.
تحدث الدعاسي إلى DW عربية قائلا "كسبنا أمرا هاما دون شك و هو كسر حاجز الخوف و التمرد على الشارع.عدى ذلك لم يتغير شيء،الوضع الاقتصادي و الاجتماعي من سيء إلى أسوأ".
و أضاف "لا اعتقد ان هذه الأجواء الكرنفالية في الشارع تنسجم مع القيمة الرمزية و النضالية لصور الشهداء و الجرحى و المناضلين المعتقلين التي اشاهدها هنا و هناك،لذا فقد قررت انا و الكثير من المعطلين تنظيم وقفة احتجاجية ضد هذه الاحتفالات الكرنفالية التي تحاول إيهام التونسيين بان الثورة نجحت و حققت أهدافها".
و أضاف الدعاسي "كنا نعتقد أننا كسبنا هذا الشارع لكنهم يحاولون اليوم و بشتى الطرق افتكاكه".
........
شارع بورقيبة "المسيَج".
و نجح التونسيون بالفعل ابان الثورة في تحويل شارع الحبيب بورقيبة الى ساحة "هايد بارك" و قبلة المسيرات و الاحتجاجات بشكل يكاد يكون يوميا،و هو أمر لم تكن لتسكت عليه السلطات الانتقالية في البلاد بدعوى التنظيم و "استعادة هيبة الدولة".
و أدى الأمر في كثير من الأحيان الى صدامات عنيفة اعطت انطباعا بأن هناك تدابير تسعى لسحب البساط من المتظاهرين و المحتجين في الشارع الشهير.
و فرضت وزارة الداخلية بالفعل تراخيص مسبقة لكل مسيرة او نشاط ثقافي في شارع الحبيب بورقيبة،كما حددت مواقيتها معللة خطوتها بالحفاظ على مصالح المحلات التجارية و حركة المرور.
لكن مثل هذه الخطوات قد تكون غير كافية لاستعادة الشارع من قبل وزارة الداخلية.
......
"صرخة وطن".
ماهر الماجري (23 عاما) خريج معهد الفنون و الحرف بمدينة القيروان كان بصدد وضع آخر التعديلات على لوحته التشكيلية بينما تجمهر أمامه عدد من المارة بداعي الفضول و الاكتشاف. تحدث الماجري لـ DW عربية قائلا "أنا هنا اليوم لأعبر عن رأيي الذي لم استطع ابلاغه قبل الثورة.و هذه اللوحة ترمز الى "صرخة وطن" أطلقها الشعب التونسي.
أما اختياري لهذا الشارع فلأنه انطلفت منه صرخة "ديكاج" (ارحل) في وجه النظام.
نحن امتلكنا هذا الشارع و خاصة في المناسبات الوطنية على غرار الاحتفاء بعيد الثورة.
"هو ملكنا و لا أحد يمكن أن يفتكه منها".
و يضيف الماجري بنبرة حماسية "من المهم تكثيف الأنشطة الثقافية في شارع الحبيب بورقيبة حتى يظل محافظا على حيويته و إشعاعه".
....
شارع بورقيبة هجره السياح.
و شارع الحبيب بورقيبة ضارب في العراقة و القدم و كان يطلق عليه في القرن التاسع عشر خلال فترة حكم البايات بشارع البحرية و لكن و مع دخول المستعمر الفرنسي الى تونس عام 1881 أصبح يطلق على الشارع اسم جول فيري بدءا من عام 1900 الى غاية تاريخ الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي عام 1956 و بات من حينها يحمل اسم الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة،أول رئيس لتونس بعد الاستقلال.
و يحمل الشارع بين جنباته فضاءات ثقافية و دينية و مقرات حساسة على غرار كاتدرائية سانت دي بول (كاتدرائية تونس) المعروفة ببرجيها العاليين و المسرح البلدي و كلاهما يعود تشييدهما الى مطلع القرن الماضي،الى جانب مقري السفارة الفرنسية و وزارة الداخلية.
و لكن الشارع الذي كان يؤمه نحو مليون سائح سنويا قبل الثورة يبدو اليوم في اسوأ ايامه بينما تنتشر عربات الجيش و الأسيجة الأمنية في بعض جوانبه.
محمد ماطري (24 عاما) يعمل بكشك ملاصق لكاتدرائية "سانت دي بول" منذ أكثر من ست سنوات يؤكد لـDW عربية ان المردود المالي للمحل يشهد تراجعا مستمرا عن ذي قبل.
و قال محمد "لا نعرف حتى متى يمكننا الصمود.السياح لا يأتون كما في السابق.في الأشهر الماضية افتقد الشارع الى الأمن ما شجع اللصوص و المندسون الى التواجد بكثرة في الشارع يحاولون استغلال اي مسيرة لبث الفوضى و السطو على المحلات.الآن تراجعت هذه الظاهرة لكن الشارع لم يستعد بعد كامل حيويته.نامل ان تتحسن الأوضاع سريعا".
و لا يختلف سامي البرهومي (26 عاما) و هو نادل بمطعم بمنتصف الشارع،في رأيه عما ذهب إليه الماطري.
و تحدث سامي إلى DW قائلا "مدير المطعم اضطر لتسريح عدد من العاملين.الناس لا يأتون كما في السابق و لكننا مع ذلك نحافظ على الحد الأدنى من الربح".
و يضيف سامي "لا نعارض المسيرات في الشارع و لكن عندما تكون مؤطرة و منظمة سيكون هذا في صالح الجميع.عندها يمكننا ان نستفيد من ذلك تجاريا،في المقابل فإن اي انفلات سيؤدي الى نتائج وخيمة على عملنا".
.......
طارق القيزاني- تونس.
موقع صوت ألمانيا.
14.01.2013
صرخة وطن.
فوزي الدعاسي،جمعية المعطلين عن العمل.
سياج يحيط مقر وزارة الداخلية في شارع الحبيب بورقيبة.