جـوهـرة الـونشريس

جوهرة الونشريس،،حيث يلتقي الحلم بالواقع،،
هنـا ستكـون سمـائي..سأتوسد الغيم..و أتلذذ بارتعاشاتي تحت المطــر..و أراقب العـالم بصخبه و سكونه و حزنه و سعـادته..
هنـا سأسكب مشاعري بجنون..هذيانا..و صورا..و حتى نغمــات..


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

جـوهـرة الـونشريس

جوهرة الونشريس،،حيث يلتقي الحلم بالواقع،،
هنـا ستكـون سمـائي..سأتوسد الغيم..و أتلذذ بارتعاشاتي تحت المطــر..و أراقب العـالم بصخبه و سكونه و حزنه و سعـادته..
هنـا سأسكب مشاعري بجنون..هذيانا..و صورا..و حتى نغمــات..

جـوهـرة الـونشريس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جـوهـرة الـونشريس

حـيث يلتـقي الـحلم بالـواقع


    حرب" أزواد": بداية النهاية للنفوذ الفرنسي في المنطقة؟

    In The Zone
    In The Zone
    Admin
    Admin


    حرب" أزواد": بداية النهاية للنفوذ الفرنسي في المنطقة؟ 7e99cbc882b2aa88afb53997d7f58ce04g
    عدد المساهمات : 4732
    تاريخ التسجيل : 21/11/2010
    الموقع : الأردن

    هام حرب" أزواد": بداية النهاية للنفوذ الفرنسي في المنطقة؟

    مُساهمة من طرف In The Zone الثلاثاء يناير 22, 2013 11:05 pm

    حرب" أزواد": بداية النهاية للنفوذ الفرنسي في المنطقة؟
    21 يناير 2013

    .........
    لم تشكل الحرب الجارية اليوم بين فرنسا و حلفائها الأفارقة من جهة و بين الجماعات الإسلامية المسلحة،المسيطرة على إقليم أزواد من جهة أخرى مفاجأة تذكر- رغم استدراج أنصار الدين و حلفائها للطرف الآخر إليها قبل حلول شهر شتنبر المقبل،و هو التاريخ الذي حددته القوى الإقليمية كموعد لن تخلفه للهجوم على تلك الجماعات.
    هذه الجماعات التي سعت إلى انتزاع زمام المبادرة من فرنسا و أشياعها،عندما بادرت إلى شن هجوم مباغت على منطقة تقع خارج الإقليم و لوحت إلى أن بامكو(العاصمة) هي وجهتها المقبلة،و قد لجأت إلى هذه المبادأة كخيار تكتيكي بعد أن تأكدت من أنه لا حل سلمي للمشكل الأزوادي،خاصة و أنها تقدمت بمبادرتها للحل،و تبين لها بالدليل القاطع أن لا فرصة للتجاوب مع أطروحاتها التفاوضية تلك و أن طبول الحرب ظلت تقرع من طرف فرنسا و أشياعها في المنطقة و بالتالي،فهي واقعة لا محالة..و عندها فقط قررت حركة أنصار الدين و حلفاؤها قلب الطاولة على الجميع و استدرجت الأطراف الساعية للحرب قبل أن تكتمل استعداداتها الجارية علي قدم و ساق،بعيدا عن أرض أزواد،بغية تجنيب سكان الإقليم جزءا من ويلات الحرب و خوضها على أرض الخصم،ليكتوي السكان هناك بنارها،علهم بذاك يخف حماسهم لخوض حرب سيكتشفون ميدانيا أنهم هم أنفسهم سيصبحون ضحيتها الأولي.
    فالصورة الخارجية للأحداث المتلاحقة،تبدو للمتابع العادي و كأن فرنسا هرولت إلى مالي،بغية إنقاذ دولتها و شرعيتها و أغلبيتها الزنجية من التدمير و الإنهيار الشامل و أنها استخدمت لنفس الغرض غطاءا جويا فعالا،لديه تكنولوجيا متفوقة،سرعان ما تم إسناده بقوة برية معتبرة، تمتلك العتاد و التفوق النوعي،و صاحبته حرب إعلامية،تسعي إلى إقناع مختلف الأطراف بأن هذه الحملة،تمثل " اتسونامي" سيقتلع كل من يقف في وجهه من جذوره.
    و أظهرت هذه "الهجمة" الإعلامية تلك الجماعات المسلحة و كأنها قد ضربت في مقتل و تم الإجهاز عليها خلال ساعات،لكن الخروج المبكر للمروحيات العسكرية من المعركة بعد إسقاط "أنصار الدين" لبعضها و قتل اثنين من طياريها (وفقا لجريدة "لو بوين" الفرنسية)و تهيب الفرنسين من الإلتحام المباشر مع هذه الجماعات عندما وضعت الجنود الماليين في المقدمة-رغم ضآلة خبرتهم و تدني نوعية عتادهم- ليكونوا هم رأس الرمح و أداة المواجهة التي يجب أن تشكل وسيلة اختبار لمعرفة قوة و خطط تلك المجموعات الجهادية و طبيعة أساليبها القتالية..
    واقع سيضع القوات البرية الفرنسية نفسها مستقبلا في مواجهة قتالية مع مسلحي القاعدة و أنصار الدين،عندما تتطور المعارك إلى مستوي قتال في الشوارع..
    كل ذلك سيخلق واقعا مقلقا للفرنسيين و سيكون كفيلا بتوجيه صفعة قوية لهذه الحملة،التي سعت فرنسا خلالها إلى تقديم صورة تظهرها و كأنها مسنودة بكامل دول الجوار و دول شبه المنطقة،بل و العالم أجمع،لكن المعضلة التي واجهت أصحاب القرار الفرنسي،هي: أن مقاتلي أنصار الدين لازالوا يقاتلون ضمن المربع الأول الذي فجروا من خلاله شرارة الحرب(انسحبوا بعد أسبوع من القتال من "كونا" و لا زالوا يقاتلون في شوارع "ديابالي" حتى صباح يوم السبت 19 يناير: تاريخ كتابة هذه السطور)،واقع يعترف الفرنسيون أنفسهم بأنه تكتنفه صعوبات جدية بالنسبة للقوى التي تتزعمها -لا سيما في المنطقة الغربية من الإقليم.
    و يبدو أن وجهة نظر الرئيس الفرنسي لا تحظى بدعم كلي داخل بلده بخصوص مجريات الأحداث في مالي، ذلك أن السيدة ماري لوبين: رئيسة حزب "الجبهة الوطنية الفرنسية" اتهمت فرانسوا هولاند و من قبله ساركوزي بأنهما "هما من قاما بالمساهمة في تسليح الجماعات المسلحة في شمال مالي بالعتاد الثقيل،و هو الأمر الذي تحقق لهم في أعقاب الحرب التي عرفتها ليبيا".
    مؤكدة أن"الترسانة القوية التي صارت بيد الإسلاميين في الساحل سببها الأكبر: فرنسا"،و هو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الهدف و المغزى الحقيقين من وراء هذه الحملة الفرنسية.
    تلك هي الصورة من حيث الشكل..لكن ما هي الأهداف الحقيقية المتوخاة من هذه الحرب؟

    .......
    الدوافع الحقيقية لخوض فرنسا لهذه الحرب:
    لا أعتقد أن هذه الصورة الظاهرة علي السطح،قادرة علي تبرير زج فرنسا بجنودها في حرب قد تطول و تطول،كما أنها لا تسوغ تحمل فرنسا لأعباء اقتصادية ثقيلة في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، تعيشها منطقة اليورو و الغرب عموما،لذا لا بد من التنقيب عن الأسباب الحقيقية و الدوافع العميقة،التي دفعت بفرنسا إلي الدخول في مغامرة عسكرية،قد تدفع بها إلي الغوص في رمال"أزواد" و قد لا تخرج منها بسلام،خاصة أنها تواجه جماعات خبرتها في العراق و في أفغانستان و أعلنت عدم رغبتها في الإستمرار في مواجهتها،تقليلا من خسائرها الباهظة و إدراكا منها لحقيقة المستنقع الذي لا سبيل للخروج منه بشكل مشرف- و لو بعشر انتصار- بل إنها وقتها قد انتقدت الإصرار الأمريكي على القتال،و أعلنت عن قرارها ذاك بسحب جنودها من المواجهات الدائرة في تلك الساحات.
    ........
    فما هي الحكاية إذن؟
    لا يمكن فهم الحملة الفرنسية هذه،إلا من خلال الرغبة العميقة في السيطرة علي خيرات إقليم أزواد و تأمين مناجم اليورانيوم في النيجر و التي واجهت تهديدات جدية في السابق من طرف هذه الجماعات،و من أجل تأمين مصالحها النفطية و الغازية في كل من الجزائر و ليبيا..
    إقليم تؤكد جهات كثيرة علي توفره علي البترول بكميات كبيرة و على معادن عدة من بينها اليورانيوم،المهم للمفاعلات النووية الفرنسية و التي تستمد نصف حاجياتها من منجم اليورانيوم بالنيجر المجاورة لأزواد و التي يشكل جزؤها المعدني المهم،امتدادا جغرافيا و بشريا متجانسا مع ساكنة إقليم " أزواد".
    و يتأكد هذا الخيار عندما نعرف الدور المحوري ل"الأخوات السبع"(شركات نفطية كبري) و التي تشكل مصالحها البوصلة الحقيقية لدول الغرب- إن لم نقل للعالم بأسره- هذا فضلا عن المكاسب الإستراتيجية التي ستجنيها بفضل السيطرة علي موارد الإقليم،الموجود علي تماس جغرافي أيضا مع الجزء الغربي من حوض تاودني،التابع لموريتانيا و الذي تنقب فيه و تحفر اليوم شركة توتال الفرنسية،بحثا عن البترول،الذي توجد دلائل تؤكد علي أنه موجود هناك بكميات كبيرة..كما ان هذا الإقليم أيضا هو علي تماس مع الجزائر و ليبيا،المهددتين اليوم أكثر من أي وقت مضي بالتمزق و التقسيم..
    فضلا عن الوضع الهش في الجزء الجنوبي من مالي نفسها و في جارتها الشرقية:النيجر المهددة بتمرد مماثل،تحكمه نفس الظروف و الأسباب التي يعاني منها سكان أزواد،(هاتين المنطقتين التين تتشابه تركبتهم السكانية و يتميزون كذلك بالتواصل الجغرافي بين الأقليتين: التارغية و العربية، و اللتان تعيشان وضعا سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا و اجتماعيا مماثلا،و شهدت مناطقهما حالات تمرد علي الدولة المركزية في السابق).
    إن هذا الفضاء الجغرافي الغني بموارده و الذي غابت عنه الدولة المالية و تركته يعيش ضمن منطقة صحراوية وعرة و خالية من السكان،يحكمه الفراغ في كل شيء- بفعل الإهمال التام و لا مسؤولية الأنظمة المالية المتعاقبة- قد أصبح اليوم بحاجة إلي قوة " مسؤولة" تملؤه و تديره بحكمة- بعد سيطرة هذه الجماعات المسلحة عليه،و بعد أن دخل من الباب الواسع في اللعبة الدولية- حتى لا ينفجر في وجه الجميع و تصيب شظاياه البعيد قبل القريب.
    و تتأكد ضرورات الحل عندما ندرك خطورة السيطرة الأحادية عليه من قبل جماعات لا تقيم للقانون الدولي أي اعتبار و لا تلتزم بضرورات المصالح الأمنية لدول الجوار و العالم،لذا لا بد من إيجاد حل مقبول لساكنة الإقليم أولا و للجزء الجنوبي من مالي ثانيا و لدول الجوار ثالثا،و للعالم رابعا.
    ......
    لكن المشكلة المطروحة،هي: عن أي حل نتحدث؟
    1- هل هو الحل الذي يستوجب إرجاع الإقليم بقوة السلاح للحضن المالي الخشن،و الذي ظلم و قتل و شرد و نكل بساكنته و تنكر لجميع اتفاقياته السابقة معهم و أهمله و تركه نهبا لعصابات الجريمة المنظمة و للقاعدة؟
    2- أم أن هناك صيغة أخرى أداتها التفاوض،تحول دون الإنفصال التام عن الدولة المالية و تضمن كرامة سكان الإقليم،و ماهي تلك الصيغة؟
    .......
    أزمة طاحنة من صنع فرنسا.
    أسئلة لم تقدم فرنسا حولها أي جواب- و يحتمل أن تكون قد أخفت رؤيتها لمستقبل الإقليم و المنطقة عن الجميع،لأنه من المنطقي أن تكون على دراية عميقة بأن أي طرف من الأطراف المتصارعة اليوم لن يرضى عنها إلا بعد الإنهاك الشديد (حكومة بامكو و سكان الإقليم)..و قبل ذلك فإنها لا تستطيع أن تقدم لهم حقيقة ما تبيته للإقليم و المنطقة،لذا ليس لها من جواب على أزمة طاحنة- هي من صنعها- سوى صوت المدافع و أزيز الطائرات و دوي انفجارات الصواريخ.
    فهذه المنطقة هي من منظور فرنسا،مجرد جزء من العالم كان و لازال و سيظل يمثل حصتها من ثروات الشعوب الضعيفة..إنها ببساطة إحدى مستعمراتها السابقة،و بالتالي فليس من حق هذه المنطقة أن ترفع رأسها و تتصرف خارج دائرة الإملاآت التي تفرض عليها.
    و أمام واقع كهذا الذي ينذر بالنهاية المحتملة للنفوذ الفرنسي في منطقة كهذه،كان لا بد للفرنسيين من عمل يماثل هذا الذي تعيشه مالي اليوم،لاسترجاعها لنفوذها المتضعضع..و لا يهم بعد ذلك تحديد السبب و لا المسبب،المهم أن تعود فرنسا إلي عرينها و تضمن شركاتها مصالحها و أن تطمئن القيادة السياسية في باريس على ضمان استحواذها على ثروات الإقليم و المنطقة بأسرها.
    إنها المصالح الفرنسية،التي تتصف بقدسية،تسمو فوق جميع مقدسات دول العالم الثالث،لذا يجب إخضاع الأزواديين و الاستحواذ على خيراتهم،حتى و لو تطلب ذلك رميهم في البحر أو ضربهم بالصواريخ من الجو و قصفهم بالمدافع من البر و الإستعانة بالمليشيات الإفريقية و الجيوش التابعة،و هي خطوة ستذكر المستعمرات الفرنسية السابقة بمرحلة "الرماة السنغاليين"،و التي لا زالت حية في الذاكرة الجمعية لشعوب الدول المجاورة للإقليم.
    إن هذه اللعبة الفرنسية،التي تسترت تحت مظاهر و أبعاد متعددة،قد يكون من بينها السماح لهذه الجماعات أن تتجمع بالإقليم لحاجة في نفس الدوائر الفرنسية– و هو ما يفسر سلوك النظام المالي المطاح به اتجاه هذه الجماعة و المتسم باللامبالاة- بل و التواطؤ- و الذي لا يستطيع رئيسه أن يحلق ذقنه دون موافقة و مباركة فرنسا،فكيف نبرر السماح بالتجمع و السيطرة لقوة يفترض أن الغرب مجتمعا يجيش الجيوش لتدميرها و يحذر العالم من مخاطرها،كيف تبرر فرنسا للعالم تركها للقاعدة تصول و تجول في الإقليم دون حسيب أو رقيب؟
    و بأي مسوغ تقبل بوضع كهذا و هي الدولة العضو في مجلس الأمن و المعنية بترتيب خيوط اللعبة الدولية؟..ينضاف إلى ذلك أنه لا يستبعد أيضا أن تكون هي من رتب للإنقلاب الأخير في مالي لخلق ظروف كالتي تعيشها مالي اليوم،رغبة منها في أن تنضج الثمرة و يسهل الحصاد.
    ........
    إنها احتمالات تعززها القرائن التالية:
    الأولي: تصريح رئيسة حزب الجبهة الوطنية الفرنسية،الذي يتهم هولاند و ساركوزي من قبله بتسليح هذه الجماعات المقاتلة بأزواد بالعتاد الثقيل.
    و الثانية: بلطجية زعيم الإنقلاب في مالي:(النقيب آمدو سونوغو) الذي وصل تحديه للجميع إلي حد ضربه لرئيس الدولة المالية بواسطة غوغاء أرسلهم إليه و أشبعوه ضربا داخل قصره و نفس الشيء بالنسبة لرئيس وزرائه الذي اعتقله هذا الإنقلابي أيضا و ضربه و أجبره على الإستقالة و عين بدلا منه رئيس وزراء موال له،دون أن يقابل هذا السلوك بموقف حازم من فرنسا: السيدة الحقيقية في مالي.
    الثالثة: سعي فرنسا الدائم للزج بدول جوار الإقليم و خاصة موريتانيا و الجزائر اللتين ترتبطان بعلاقات عرقية و اجتماعية مع ساكنته و تمثلان في نفس الوقت فضاء حاضنا لسكانه و يمكن أن تتحولا في يوم من الايام إلى سند داعم لهم ضد فرنسا- بفعل هذا الترابط العرقي و الثقافي- الشىء الذي يفسر سعي فرنسا الحثيث لاستدراجهما ما دام قد تعذر إقناعهما بالدخول في هذه الحرب،أسوة بدول "الأكواس".
    من هنا يمكن فهم قيام فرنسا بفضح سماح الجزائر لها بمرور طيرانها العسكري المشارك في الحرب علي أزواد فوق أراضيها..و هو إعلان لا يمكن فهمه خارج سياق توريط الجزائر في الحرب و إظهارها بمظهر الغارق فيها اضطرارا من تحت الطاولة..
    إعلان برر به المختطفون عملية " عين أمناس" الدامية و التي سعى المختطفون من خلالها إلى توجيه رسائل عملية،لعدة جهات متورطة في الحرب و أخري محتملة،كما أنها خلطت بها الكثير من الأوراق في الجزائر نفسها و أوجدت متاعب إضافية للنظام الجزائري وصلت حد مطالبة البعض بإسقاط هذا النظام الذي قبل بوضع يده في يد فرنسا التي فعلت الأفاعيل بالشعب الجزائري في السابق و رفض رئيسها مؤخرا مجرد الإعتذار للجزائريين،ليفاجأوا بأن نظامهم يكافئه بتقديم تسهيلات عسكرية، تهدف إلي ضرب إخوة أشقاء و جار،تربطهم بالجزائر أقوى الروابط و أعمق الصلات.
    أما بالنسبة لموريتانيا،فهي الأخرى واجهت نفس التصريحات التي تسعي لتوريطها و كانت قد تؤدي إلى تفجير الوضع بها و نسف استقرارها،بل إنها- لو صدقت - تمثل أكبر تهديد للنظام الحاكم،الذي لن يكون سعيدا بهذه التسريبات.
    .....
    المشروع الفرنسي.
    إنها أمثلة قد تعكس جوانب من المشروع الفرنسي،الذي يهدف إلي السيطرة على مقدرات و قرار دول المنطقة،ليضمن للاقتصاد الفرنسي ديمومة الإزدهار و لتجنيب شعب هذه الدولة الإستعمارية كوارث الأزمات الإقتصادية التي تعصف الآن بمنطقة اليورو..
    خيار لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع،إلا من خلال وجود حلفاء تابعين و خانعين في الحاضر و المستقبل،و هو ما يمثل فرصة لأن تنجو فرنسا من مستقبل اقتصادي قاتم،قد تكون نسيته منذ أن نعمت بخيرات الشعوب الضعيفة،التي افترستها و نهبت خيراتها و مزقت وحدة كياناتها،و حتى لا تنعم هذه الشعوب بأي مستوي من الكرامة،التي ترى أنها نبتة لا تستحق أن تغرس إلا في الأرض الفرنسية،و تماثلها مفردات مثل: الحرية و رغد العيش و الإستقلال.
    أما الشعوب الأخري التي كانت يوما ما مستعمرة لها،فعليها أن تعيش همومها لوحدها..و إذا تجرأت و رفعت رأسها،فإن طائرات الجاكوار و رافال و ميراج هي لها بالمرصاد.
    واقع يؤكد أن إغراءات و وعود فرنسا،هي مجرد سراب بقيعة،أما صداقتها،فهي دونية و السير وفقا لتعليماتها،مدعاة للإفقار و ضياع للهوية و ضمانة أكيدة للتخلف الأبدي.
    إن على فرنسا أن تدرك أن شعوب المنطقة قد وصلت إلى مرحلة النضج و صارت مستعدة لدفع جميع الأثمان،لذا ليس أمام المراقب الفطن،سوى التدقيق في فحوي الأهداف الفرنسية من شن حرب شاملة داخل أدغال إفريقيا،و الزج فيها بشبابها و استعدادها لتتحمل من أجلها فاتورة اقتصادية باهظة،قد تثقل كاهلها.
    أما الفرنسيون فعليهم أن يتساءلوا عن الثمن الباهظ المفترض أن تدفعه بلادهم خلال هذه الحرب و بعدها،و هل ستربح الحرب؟
    أم أنها قد تخسرها و تخسر بسببها نفوذها و إرثها الإستعماري بالمنطقة؟
    .......
    كلفة الحرب الباهظة و احتمالات الربح و الخسارة.
    يمكننا القول إن هذه المسوغات و الدوافع المصلحية،ستضع فرنسا في موقف لا تحسد عليه،ذلك أنها دخلت في حرب هي من حيث توقيتها خطأ و في مكانها الخطأ أيضا.
    فمنطقة شمال إفريقيا و امتداداتها في الصحراء الكبرى،تعيش اليوم حالة من هشاشة في الأنظمة و من توثب لشعوبها الثائرة- و التي ترفض واقعها الإقتصادي و السياسي و الإجتماعي الذي تعيشه، بفعل تأثير الربيع العربي و بسبب فشل الأنظمة التي حكمتها و تحكمها- لذا أسقطت بعض أنظمتها و لا زال البعض الآخر مهددا بالترحيل من طرف شريحة لا يستهان بها من هذه الشعوب،و هو ما يوفرللجماعات الجهادية اليوم البيئة الحاضنة لدعايتها و ستوفر هذه الحرب لها فرصا لتجنيد أكبر عدد ممكن من الشباب و ستزداد جاذبيتها و قدرتها علي التجنيد هذه المرة،لأن المواجهة، هي:مع "جيش صليبي" و لم تعد مع وكلاء الغرب في المنطقة- كما هي الدعاية التقليدية للقاعدة و أنصارها.
    .....
    و يمكن إجمال هذه التداعيات السلبية بالنسبة لفرنسا في النقاط التالية:
    1- ستقدم فرنسا نفسها لسكان المنطقة،علي أنها تساند الزنوج و تعمل علي إبادة الطوارق و العرب و ستفاقم الذاكرة الإستعمارية من وضعها،بحيث سيحملها سكان أزواد وزر ما حل بهم بعد دمجها لهم بالقوة داخل دولة مالي..و سيربطون بين هذا الماضي و بين الحكومات المالية،التي ظلمتهم و بطشت بهم و أعدمت أبناءهم و همشتهم،منذ أن أصبحوا جزءا من دولتها..
    و قد يتذكر الجزائريون ثأرهم مع فرنسا و الموريتانيون ما حل بهم خلال الماضي الإستعماري و انحياز فرنسا للسنغال،خلال أحداث 1989 التي جرت بينها و بين السنغال،تلك الأحداث التي تم طبخها على نار هادئة في باريس قبل أن يتم إخراجها و تطبيقها على أرض الواقع بتخطيط و دعم فرنسيين علي حساب موريتانيا و شعبها.
    2- كما أنها ستنزف دما و الضحايا هذه المرة: هم فرنسيون أصيلون و ليسوا مرتزقة أو متجنسين و قد يتعرض أمنها لهزات قوية من طرف عناصر متعاطفة مع القاعدة- خاصة و أن أحد مختطفي الأجانب في "عين آمناس" بالجزائر،قيل إنه فرنسي أصيل،اعتنق الإسلام و انخرط في الجماعات المسلحة.
    3- ستطول فترة الحرب،و هو ما سيشكل نزيفا اقتصاديا و معنويا،قد لا يكون الرئيس فرانسوا هولاند بقادر علي تحمل تبعاته،خاصة و أنه ما فتئ يسمع الفرنسيين و العالم بأن عهد الإستعمار قد ولى و أنه قد تمت القطيعة النهائية مع فرانس- آفريك و إرثها سيئ الصيت.
    4- قد لا تكون الخمسة آلاف جندي إفريقي و نصفها الفرنسي- و التي يعول عليها في معارك صحراء أزواد و تأمين بامكو نفسها- بقادرة على حسم المعركة لجهل معظم هؤلاء الجنود بالصحراء و لكون الأفارقة منهم بالخصوص أحوج ما يكونوا إلى "فاعل خير"،يمدهم بالسلاح و اللباس و الغذاء و الدواء،و لضعف روحهم القتالية المحتملة جدا،أكثر من كونهم "جيوشا بواسل"،يعول عليها عند الملمات.
    5- الموقف الرافض للحرب على إقليم أزواد،بالنسبة لكل من موريتانيا و الجزائر و تفضيل الحوار،بديلا عنها،استنادا إلي مبادرة أنصار الدين التي طالبت خلالها بحكم ذاتي موسع تحكم خلاله الشريعة الإسلامية في الإقليم،موقف من هاتين الدولتين،يستند على تعاطف شعبيهما مع ساكنة الإقليم و الذين يتمتعان بذاكرة حية،لا زالت تحتفظ بمرارات و آلام المرحلة الإستعمارية،و هو ما سيخلق صعوبات جدية أمام فرنسا و حلمها في السيطرة على ثروات الإقليم،بل و المنطقة بشكل عام،و سيخلق بيئة معادية لهذا الوجود الغربي المباشر،الذي يستحيل أن يرحب به بالنسبة لسكان هاتين الدولتين على الأقل.

    6- قد يستفز هذا الوجود- و سعي فرنسا من ورائه للهيمنة على الثروات التي يختزنها الإقليم- القوى الدولية الأخرى ذات الإهتمام و المصالح المشابهة،التي قد تدفع بالأمور إلى مستوي تتكبد خلاله فرنسا خسائر فادحة و تحميلها لأعباء اقتصادية قد لا تستطيع تحملها،لذا فإن هذه الحملة الفرنسية قد تشكل بداية النهاية للنفوذ الفرنسي و للمكانة الفرنسية في هذه المنطقة من العالم.
    7- إظهار فرنسا لنفسها بمظهر" الشحات أو المتسول"،الذي يستجدي دول الخليج- التي تجاهر بعدائها الشديد للربيع العربي- كي تمنحها مساعدة مالية تعينها على أعباء حربها في مالي و هو ما قد يلقى بظلاله علي المزاج الشعبي بالمنطقة و يظهر فرنسا بصورة باهتة،قد تزيد من ثقة مقاتلي الجماعات الإسلامية المسلحة بحتمية انتصارهم و سيعزز دعايتهم و يزيد من جاذبيتهم.
    8- احتمال تفجير المنطقة و الدفع بدول جوار مالي إلى حالة من عدم الإستقرار،قد تقضي على وحدتها و استقرارها منفردة أو مجتمعة،و هو ما سيخلق بيئة يستحيل على فرنسا البقاء فيها ولو ليوم واحد.
    حقيقة قد تؤدي بفرنسا إلي موقع متأخر،ضمن الدول ذات المكانة العالمية و قد تشكل حربها هذه، مقدمة لإنهاء مكانتها الدولية،مثل ما حصل في السابق لبريطانيا بعد حرب قناة السويس و للولايات المتحدة الأمريكية،بعد شنها لحربي العراق و أفغانستان،حيث بدأت كل واحدة منهما بالتراجع عن زعامة العالم و ذلك بعد هذه الحروب الثلاثة،التي حصلت جميعها فوق أرض عربية و إسلامية.
    فهذه الحرب التي تخوضها فرنسا و حلفاؤها الأفارقة اليوم داخل إقليم أزواد،ستشكل بداية النهاية للنفوذ الفرنسي في دول شمال إفريقيا و امتداداتها في الصحراء الكبرى و قد تمتد خسارتها،لتشمل بقية مستعمراتها في إفريقيا..وضع قد لا يظهر للعيان خلال يوم أو يومين،لكنه حتمي الحدوث و يؤكده منطق الأشياء،و سيؤكد أن "فيلة إفريقيا المتوحشة"،أكثر بسالة و عنفوانا من " قطة فرنسا المتوحشة"،التي جعلتها عنوانا لمعركتها الحالية في أزواد..و هو اختيار قد يتشاءم منه المتطيرون،عندما يختار الطرف الأقوى أن يظهر بمظهر "قط" في مواجهة مع منطقة،هي وطن للفيلة و للنمور و الأسود و التي قد تلتهم قطة فرنسا المتوحشة هذه،ليصحصح الحق و تبطل جميع أضاليلها التي سفكت بموجبها دماء أبناء المنطقة بغزارة و مزقت خريطتها و فرقت شمل شعوبها و رعت فتنة بين مناطق تماس جيرتها العربية و الإفريقية،امتدت من السنغال غربا حتى السودان شرقا..
    فرنسا التي تختزن ذاكرة المسلمين عداءها الشديد لهم عبر التاريخ البعيد و القريب و التي تعود اليوم لتكرر أفاعيلها السابقة،لكنها ستجد نفسها اليوم أمام حقيقة مرة ستدفع بها إلى التقهقر المذل..لتدرك متأخرة أن سياستها الإستعمارية قد حولتها- في نظر شعوب المنطقة- إلى عجوز شمطاء و دمية يسهل على بواسل المنطقة اللعب بها فوق الرمال المتحركة و داخل الفيافي المقفرة و الموحشة.
    .........
    محمد المختار محمد فال.
    موقع وكالة الساحل ميديا.
    In The Zone
    In The Zone
    Admin
    Admin


    حرب" أزواد": بداية النهاية للنفوذ الفرنسي في المنطقة؟ 7e99cbc882b2aa88afb53997d7f58ce04g
    عدد المساهمات : 4732
    تاريخ التسجيل : 21/11/2010
    الموقع : الأردن

    هام التمرد في مالي و حرب النفس الطويل

    مُساهمة من طرف In The Zone الأربعاء يناير 23, 2013 5:53 pm


      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين أبريل 29, 2024 3:45 am