فولكسفاجن و الغاية المنشودة لصانعي السيارات.
.........
لم يصبح "أولريش هاكنبرج" اسما شهيرا بعد لكن إذا نجح رهان فولكسفاجن الذي تبلغ قيمته 70 مليار دولار على فكرته فقد يصبح من رواد صناعة السيارات أمثال هنري فورد و ألفريد سلون و تاييتشي أونو.
فمنذ أيام مجد هنري فورد و النموذج تي الذي ابتكره كانت الغاية المنشودة لمصنعي السيارات هي "السيارة العالمية" أي ابتكار تصميم أساسي واحد يمكن تنفيذه بتعديلات طفيفة و بيعه في أسواق مختلفة.
و إذا أخذنا هذا المفهوم الأساسي و وسعنا نطاقه ليشمل أنواعا و أحجاما و علامات تجارية شتى للسيارات ثم أنتجناها بالملايين فعندئذ سنبدأ في إدراك مدى ضخامة استراتيجية فولكسفاجن التي تتطور بوتيرة متسارعة و تأثيرها المحتمل على المنافسين في أنحاء العالم.
و تعهد مهندس السيارات هاكنبرج هذه الفكرة اللامعة بالرعاية ثلاثة عقود بعد أن تجاهل مسؤولون في شركات السيارات عرضه المبكر لها إلى أن وجد من اشتراها بأكملها.
و كان الرجل الذي قام بهذا الرهان هو مارتن فينتركورن الرئيس التنفيذي لفولكسفاجن.
و تساعد اعادة ابتكار هاكنبرج لمنصات تصنيع السيارات على دفع الشركة الألمانية إلى أعلى قائمة المبيعات العالمية قبل سنوات من الموعد المستهدف و هو عام 2018.
و قد تجعل أيضا من فولكسفاجن إحدى أكثر شركات السيارات ربحية في العالم.
بيد أن هذه الاستراتيجية لا تخلو من المخاطر فعلى سبيل المثال قد تضطر فولكسفاجن لاستدعاء عدد هائل من السيارات من شتى أنحاء العالم إذا تعطل مكون واحد مستخدم في ملايين السيارات.
لكن الشركات المنافسة أدركت القوة التي تنطوي عليها استراتيجية فولكسفاجن.
فمعظم شركات السيارات الكبرى في العالم و من بينها تويوتا و فورد تتابع قاعدة التصنيع المعيارية التي ابتكرتها فولكسفاجن حسبما قاله مسؤولون في الشركات.
و قد بدأ عمل فولكسفاجن على مشروع قاعدة التصنيع الجديدة الذي يعرف داخل الشركة باسم إم.كيو.بي جديا عام 2007 و سيجري تنفيذه على مدى السنوات الأربع المقبلة بتكلفة تقارب 70 مليار دولار وفقا لتقديرات مورجان ستانلي.
و العوائد المحتملة للمشروع مغرية إذ ان إجمالي الوفورات السنوية المتوقعة سيصل إلى 19 مليار دولار بحلول 2019 وفقا لتقديرات البنك و سيقترب إجمالي الهوامش من عشرة بالمئة.
و من المتوقع أن تعلن فولكسفاجن في 22 فبراير شباط الجاري أرباحا قياسية لعام 2012 تتجاوز 30 مليار دولار وفقا لتقديرات برنستين ريسيرش التي قال محللها ماكس ووربرتون "يبدو أن فولكسفاجن لديها قوة دافعة لا يمكن إيقافها..في الصين و الولايات المتحدة و أوروبا و معظم أنحاء العالم الأخرى." بحسب رويترز.
و بدأت هذه القوة الدافعة تتشكل منذ فترة و حتى قبل ظهور التطبيق الأولي لفكرة هاكنبرج العام الماضي.
و ليس جديدا على فولكسفاجن أن تكون من بين المتصدرين فيما يتعلق بنسبة المكونات المشتركة بين النماذج المختلفة للسيارات.
فخلال تجمع في اليابان قبل خمس سنوات رفع مسؤولون من رينو و نيسان غطاء المحرك في عدد من سيارات فولكسفاجن المختلفة جنبا إلى جنب - و من بينها نماذج من سكودا و سيات و أودي - و رأوا ما قد يسبب لهم المتاعب.
و قال مسؤول تنفيذي حضر ذلك العرض "كان فيها نفس المحرك و نفس القابض و نفس التهوية.. كلها أجزاء متطابقة.
"هذه نسبة من المكونات المشتركة لم تكن موجودة لدى رينو-نيسان."
و في أواخر 2011 حين كان الأفق قاتما لشركة السيارات الفرنسية بيجو سيتروين شاهد مجلس إدارة الشركة عرضا مماثلا و أصيب بصدمة مماثلة في مركز أبحاث الشركة المحاط بإجراءات أمنية مشددة في فيليزي جنوب غربي باريس.
و فكك الفنيون الجزء الأمامي من سيارتين مختلفتين من إنتاج فولكسفاجن و تبادلوا معظم مكوناتهما.
و قال أحد المشاركين في العرض "كانوا مذهولين بعض الشيء حين أدركوا وجود عالم مختلف تماما و أنهم متأخرون عنه عشر سنوات."
و بعد دراسة استمرت ست سنوات بدأت فولكسفاجن تنفيذ قاعدة التصنيع المتطورة شديدة المرونة تحت اسم قد يبدو خادعا في بساطته و هو إم.كيو.بي. و الآن تقوم الشركة بتصميم كل نماذج السيارات العائلية الصغيرة و المتوسطة ذات الدفع الأمامي - بما فيها أحدث الطرز من جولف و أودي ايه3 - على قاعدة إم.كيو.بي.
و تتميز القاعدة الجديدة بإمكانات لتركيب المكونات و استخدامها على الفور و مستوى من المرونة و التطابق بين المكونات أعلى بكثير مما لدى تويوتا و جنرال موتورز و فورد و غيرها من شركات صناعة السيارات.
و قال مايكل روبينيه العضو المنتدب لشركة آي.اتش.اس للاستشارات في نورثفيل بولاية ميشيجان إن إم.كيو.بي "قد تكون أهم مبادرة في صناعة السيارات في السنوات الخمس و العشرين الماضية ...إنها تغير قواعد اللعبة حقا."
و نظرا لأن الاستراتيجية الجديدة تدعم العلامات التجارية الاثنتي عشرة التي تملكها فولكسفاجن و من بينها سكودا و أودي و بورشه و لامبورجيني فمن المنتظر أن تنتزع الشركة الألمانية صدارة المبيعات العالمية من تويوتا في العام المقبل بحسب توقعات بنك الاستثمار مورجان ستانلي.
و تنتظر فولكسفاجن دعما هائلا من إم.كيو.بي. و تخطط لتعزيز مبيعاتها العالمية إلى عشرة ملايين أو أكثر عن طريق صناعة نحو اثنين من كل ثلاث من سياراتها باستخدام قاعدة إم.كيو.بي وفقا لتقديرات شركة الأبحاث الأمريكية آي.اتش.اش اتوموتيف.
و لا يمتلك أي من منافسي فولكسفاجن ما لديها من تنوع في العلامات التجارية أو اتساع في التكنولوجيا أو انتشار جغرافي أو إمكانات مالية لدعم مبادرة مثل إم.كيو.بي و الاستفادة منها.
و حتى تويوتا التي تتصدر المبيعات العالمية حاليا ستجد صعوبة في اللحاق بمنافستها الألمانية.
و قال مسؤول في تويوتا طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع "لا شك في أننا متأخرون...بل إننا لم نبدأ في تنفيذ التغييرات الهيكلية الأساسية التي نفذتها فولكسفاجن" في تصميم و استخدام قواعد مرنة للسيارات.
و ما يوحي به كلام المنافسين و المحللين هو أن إطلاق فولكسفاجن لمشروع إم.كيو.بي قد يكون له نفس تأثير ابتكارات سابقة في صناعة السيارات.
و يعتبر الموردون لشركة فولكسفاجن مشروع إم.كيو.بي علامة فارقة و تحولا عن الماضي حين كانت حصيلة الطلبيات لقواعد السيارات الكبيرة تبلغ خمسة ملايين أو ستة ملايين من المكونات المتطابقة في دورة حياة تبلغ ست إلى سبع سنوات.
و قال مسؤول كبير في شركة أوروبية إنه مع البدء في تنفيذ إم.كيو.بي "تلقى الموردون طلبا لتحديد أسعار 35 مليون مكون."
و الأهم من ذلك أن استخدام قاعدة معيارية يمكن فولكسفاجن من تصميم و هندسة و بناء سيارات بأحجام و أشكال شتى من السيارة بولو الصغيرة إلى السيارات الكبيرة التي تتسع لسبعة ركاب و المنتظر إطلاقها في الولايات المتحدة عام 2015.
و تسمح مرونة نظام إم.كيو.بي للشركة أيضا بإنتاج مزيد من السيارات المصممة لأسواق محددة بتكلفة أقل و بدون أن تحتاج لبيع كثير من الوحدات لتحقيق التعادل بين الإيرادات و المصروفات وفقا لتقديرات ستيوارت بيرسون المحلل لدى مورجان ستانلي.
.........
تعديلات مختلفة.
و إم.كيو.بي ليست الفكرة الوحيدة في جعبة هاكنبرج.فالنماذج الأكبر حجما من السيارات أودي و فولكسفاجن و بورشه ذات المحركات الطولية ستستخدم مجموعة متماثلة من المكونات أطلقت الشركة عليها إم.إل.بي و بدأت استخدامها بالفعل في عدد من سيارات أودي.
و ستستخدم الشركة في كثير من علاماتها التجارية الفاخرة مجموعة ثالثة من المكونات أطلقت عليها إم.إس.بي و هي مصممة لسيارات الدفع الخلفي و الدفع الرباعي مثل بورشه 911 و بنتلي كونتننتال و لامبورجيني جالاردو.
و سيأتي كل من هذه المجموعات المعيارية الثلاثة بتعديلات مختلفة تتيح مرونة هائلة في تصميم المنتجات و خيارات شتى لطرق تشغيلها من محركات البنزين و الديزل إلى المحركات الكهربائية و البطاريات.
و قال هاكنبرج الذي يعمل حاليا رئيسا للتطوير للعلامة التجارية فولكسفاجن "القواعد المعيارية تجاوزت حد التكنولوجيا لتصبح أداة للإدارة تساعد على تطوير العلامات التجارية. فهذه الأدوات تساعد العلامات التجارية على المحافظة على شخصيتها و زيادة خصوصيتها."
و تبدو هذه الأدوات المكمل المثالي لنقاط القوة الأخرى لدى فولكسفاجن و من أبرزها حجم الشركة إذ تتوقع برنستين ريسيرش أن تتجاوز إيرادات المجموعة هذا العام 275 مليار دولار.
لكن أحجام المبيعات الضخمة المزمعة لمشتقات إم.كيو.بي وحدها قد تعرض المجموعة لخطر الاستدعاءات التي حدثت في السنوات الأخيرة و التي شملت ملايين السيارات من شركة تويوتا اليابانية.
و إذا حدثت مشكلة في مكون واحد و كان هذا المكون مستخدما في العديد من النماذج المختلفة فقد يشمل الاستدعاء أعدادا أكبر بكثير.
........
الأسواق الناشئة.
و يعبر عدة محللين من بينهم بيرسون من مورجان ستانلي و يورجن بيبر من ميتسلر بنك و مقره فرانكفورت عن قلقهم بشأن اعتماد فولكسفاجن المتزايد على الأسواق الناشئة لاسيما الصين في تحقيق النمو المستقبلي.
و كانت الشركة من أوائل المستثمرين في الصين و شركة السيارات الأوروبية الوحيدة التي تقيم مشروعات مشتركة مع أكبر شركتين صينيتين لصناعة السيارات و هما فاو جروب و شنغهاي اوتو.
و الآن تشكل الصين 30 بالمئة من المبيعات العالمية لفولكسفاجن.
و تدير المجموعة الألمانية عشرة مصانع للتجميع و المكونات في الصين و تنوي ضخ 13 مليار دولار أخرى مع شركائها هناك خلال السنوات الثلاثة المقبلة في مصانع و معدات و نماذج.
و يقول بيبر إن التعرض الزائد لسوق واحدة مثل الصين يتعارض مع فلسفة فولكسفاجن في توزيع النمو بالتساوي و قد يجعلها عرضة لخطر التطورات السلبية في السوق و تدخل محتمل من الحكومة.
و سعيا للتحوط من تعرضها للأسواق الناشئة قامت فولكسفاجن بتطوير عملياتها في أمريكا الشمالية التي تتكبد خسائر من خلال استثمار يبلغ أربعة مليارات دولار وفقا لتقديرات مورجان ستانلي و هو ما قد يضاعف مبيعاتها الأمريكية إلى أكثر من مثليها بحلول 2018 لتبلغ 1.3 مليون.
و حتى إذا حققت ذلك فستظل لاعبا متوسطا في السوق الأمريكية التي تهيمن عليها جنرال موتورز و فورد.
و تدعم فولكسفاجن جهود نموها في الآونة الأخيرة بطاقة إنتاج إضافية من بينها مصنع تجميع جديد لأودي في المكسيك و توسعة منشأة قائمة لفولكسفاجن في بويبلا و تعزيز محتمل لمصنع تشاتانوجا الجديد في تنيسي.
و قال مسؤولون في فولكسفاجن إن الشركة ستقوم بتطوير المصنعين الأخيرين للتعامل مع النماذج الجديدة التي تستخدم إم.كيو.بي.
و يدرس كبار المديرين أسواقا خارجية أخرى تفتقر فيها الشركة لمنشآت إنتاج محلية و من بينها افريقيا و جزء كبير من أمريكا اللاتينية و معظم رابطة دول جنوب شرق اسيا (اسيان) حيث يتضاءل وجود فولكسفاجن أمام تويوتا.
و تعمل فولكسفاجن على تعزيز طاقة الإنتاج العالمية إلى نحو 12 مليون سيارة بحلول 2015 من 8.6 مليون في 2010 وفقا لتقديرات مورجان ستانلي.
و قد لا يتم التطبيق الكامل لمشروع إم.كيو.بي قبل نهاية العقد الحالي وفقا لتوقعات بيرسون.
و بحلول ذلك الوقت قد يكون قائدا استراتيجية الشركة و هما الرئيس التنفيذي فينتركورن و رئيس مجلس الإدارة فرديناند بيش قد تقاعدا و انتقل الجيل التالي من المديرين إلى المواقع العليا.
و بيش المولود في النمسا و عمره 75 عاما يمثل الجيل الثالث من عائلة لها باع في صناعة السيارات.
فهو مهندس ميكانيكا و حفيد فرديناند بورشه المصمم النمساوي الشهير و صاحب التصميم الأصلي للسيارة فولكسفاجن بيتل.
و لم يحدد مجلس الإدارة الإشرافي لفولكسفاجن حتى الآن مرشحين لشغل موقع كل من بيش و فينتركورن و لن يكون هذا سهلا خاصة لأنهما يشتركان في قيادة الشركة منذ أن أصبح فينتركورن رئيسا تنفيذيا في 2007.
و فيما يتعلق بالرؤية الاستراتيجية للشركة بعد رحيل بيش يقول بيرسون من مورجان ستانلي "إرثه هو (بناء) أكبر شركة سيارات في العالم و أكثرها نجاحا.لا أتوقع أن هذه الاستراتيجية ستتغير قريبا."
........
شبكة النبأ المعلوماتية-الأربعاء 13/شباط/2013
.........
لم يصبح "أولريش هاكنبرج" اسما شهيرا بعد لكن إذا نجح رهان فولكسفاجن الذي تبلغ قيمته 70 مليار دولار على فكرته فقد يصبح من رواد صناعة السيارات أمثال هنري فورد و ألفريد سلون و تاييتشي أونو.
فمنذ أيام مجد هنري فورد و النموذج تي الذي ابتكره كانت الغاية المنشودة لمصنعي السيارات هي "السيارة العالمية" أي ابتكار تصميم أساسي واحد يمكن تنفيذه بتعديلات طفيفة و بيعه في أسواق مختلفة.
و إذا أخذنا هذا المفهوم الأساسي و وسعنا نطاقه ليشمل أنواعا و أحجاما و علامات تجارية شتى للسيارات ثم أنتجناها بالملايين فعندئذ سنبدأ في إدراك مدى ضخامة استراتيجية فولكسفاجن التي تتطور بوتيرة متسارعة و تأثيرها المحتمل على المنافسين في أنحاء العالم.
و تعهد مهندس السيارات هاكنبرج هذه الفكرة اللامعة بالرعاية ثلاثة عقود بعد أن تجاهل مسؤولون في شركات السيارات عرضه المبكر لها إلى أن وجد من اشتراها بأكملها.
و كان الرجل الذي قام بهذا الرهان هو مارتن فينتركورن الرئيس التنفيذي لفولكسفاجن.
و تساعد اعادة ابتكار هاكنبرج لمنصات تصنيع السيارات على دفع الشركة الألمانية إلى أعلى قائمة المبيعات العالمية قبل سنوات من الموعد المستهدف و هو عام 2018.
و قد تجعل أيضا من فولكسفاجن إحدى أكثر شركات السيارات ربحية في العالم.
بيد أن هذه الاستراتيجية لا تخلو من المخاطر فعلى سبيل المثال قد تضطر فولكسفاجن لاستدعاء عدد هائل من السيارات من شتى أنحاء العالم إذا تعطل مكون واحد مستخدم في ملايين السيارات.
لكن الشركات المنافسة أدركت القوة التي تنطوي عليها استراتيجية فولكسفاجن.
فمعظم شركات السيارات الكبرى في العالم و من بينها تويوتا و فورد تتابع قاعدة التصنيع المعيارية التي ابتكرتها فولكسفاجن حسبما قاله مسؤولون في الشركات.
و قد بدأ عمل فولكسفاجن على مشروع قاعدة التصنيع الجديدة الذي يعرف داخل الشركة باسم إم.كيو.بي جديا عام 2007 و سيجري تنفيذه على مدى السنوات الأربع المقبلة بتكلفة تقارب 70 مليار دولار وفقا لتقديرات مورجان ستانلي.
و العوائد المحتملة للمشروع مغرية إذ ان إجمالي الوفورات السنوية المتوقعة سيصل إلى 19 مليار دولار بحلول 2019 وفقا لتقديرات البنك و سيقترب إجمالي الهوامش من عشرة بالمئة.
و من المتوقع أن تعلن فولكسفاجن في 22 فبراير شباط الجاري أرباحا قياسية لعام 2012 تتجاوز 30 مليار دولار وفقا لتقديرات برنستين ريسيرش التي قال محللها ماكس ووربرتون "يبدو أن فولكسفاجن لديها قوة دافعة لا يمكن إيقافها..في الصين و الولايات المتحدة و أوروبا و معظم أنحاء العالم الأخرى." بحسب رويترز.
و بدأت هذه القوة الدافعة تتشكل منذ فترة و حتى قبل ظهور التطبيق الأولي لفكرة هاكنبرج العام الماضي.
و ليس جديدا على فولكسفاجن أن تكون من بين المتصدرين فيما يتعلق بنسبة المكونات المشتركة بين النماذج المختلفة للسيارات.
فخلال تجمع في اليابان قبل خمس سنوات رفع مسؤولون من رينو و نيسان غطاء المحرك في عدد من سيارات فولكسفاجن المختلفة جنبا إلى جنب - و من بينها نماذج من سكودا و سيات و أودي - و رأوا ما قد يسبب لهم المتاعب.
و قال مسؤول تنفيذي حضر ذلك العرض "كان فيها نفس المحرك و نفس القابض و نفس التهوية.. كلها أجزاء متطابقة.
"هذه نسبة من المكونات المشتركة لم تكن موجودة لدى رينو-نيسان."
و في أواخر 2011 حين كان الأفق قاتما لشركة السيارات الفرنسية بيجو سيتروين شاهد مجلس إدارة الشركة عرضا مماثلا و أصيب بصدمة مماثلة في مركز أبحاث الشركة المحاط بإجراءات أمنية مشددة في فيليزي جنوب غربي باريس.
و فكك الفنيون الجزء الأمامي من سيارتين مختلفتين من إنتاج فولكسفاجن و تبادلوا معظم مكوناتهما.
و قال أحد المشاركين في العرض "كانوا مذهولين بعض الشيء حين أدركوا وجود عالم مختلف تماما و أنهم متأخرون عنه عشر سنوات."
و بعد دراسة استمرت ست سنوات بدأت فولكسفاجن تنفيذ قاعدة التصنيع المتطورة شديدة المرونة تحت اسم قد يبدو خادعا في بساطته و هو إم.كيو.بي. و الآن تقوم الشركة بتصميم كل نماذج السيارات العائلية الصغيرة و المتوسطة ذات الدفع الأمامي - بما فيها أحدث الطرز من جولف و أودي ايه3 - على قاعدة إم.كيو.بي.
و تتميز القاعدة الجديدة بإمكانات لتركيب المكونات و استخدامها على الفور و مستوى من المرونة و التطابق بين المكونات أعلى بكثير مما لدى تويوتا و جنرال موتورز و فورد و غيرها من شركات صناعة السيارات.
و قال مايكل روبينيه العضو المنتدب لشركة آي.اتش.اس للاستشارات في نورثفيل بولاية ميشيجان إن إم.كيو.بي "قد تكون أهم مبادرة في صناعة السيارات في السنوات الخمس و العشرين الماضية ...إنها تغير قواعد اللعبة حقا."
و نظرا لأن الاستراتيجية الجديدة تدعم العلامات التجارية الاثنتي عشرة التي تملكها فولكسفاجن و من بينها سكودا و أودي و بورشه و لامبورجيني فمن المنتظر أن تنتزع الشركة الألمانية صدارة المبيعات العالمية من تويوتا في العام المقبل بحسب توقعات بنك الاستثمار مورجان ستانلي.
و تنتظر فولكسفاجن دعما هائلا من إم.كيو.بي. و تخطط لتعزيز مبيعاتها العالمية إلى عشرة ملايين أو أكثر عن طريق صناعة نحو اثنين من كل ثلاث من سياراتها باستخدام قاعدة إم.كيو.بي وفقا لتقديرات شركة الأبحاث الأمريكية آي.اتش.اش اتوموتيف.
و لا يمتلك أي من منافسي فولكسفاجن ما لديها من تنوع في العلامات التجارية أو اتساع في التكنولوجيا أو انتشار جغرافي أو إمكانات مالية لدعم مبادرة مثل إم.كيو.بي و الاستفادة منها.
و حتى تويوتا التي تتصدر المبيعات العالمية حاليا ستجد صعوبة في اللحاق بمنافستها الألمانية.
و قال مسؤول في تويوتا طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع "لا شك في أننا متأخرون...بل إننا لم نبدأ في تنفيذ التغييرات الهيكلية الأساسية التي نفذتها فولكسفاجن" في تصميم و استخدام قواعد مرنة للسيارات.
و ما يوحي به كلام المنافسين و المحللين هو أن إطلاق فولكسفاجن لمشروع إم.كيو.بي قد يكون له نفس تأثير ابتكارات سابقة في صناعة السيارات.
و يعتبر الموردون لشركة فولكسفاجن مشروع إم.كيو.بي علامة فارقة و تحولا عن الماضي حين كانت حصيلة الطلبيات لقواعد السيارات الكبيرة تبلغ خمسة ملايين أو ستة ملايين من المكونات المتطابقة في دورة حياة تبلغ ست إلى سبع سنوات.
و قال مسؤول كبير في شركة أوروبية إنه مع البدء في تنفيذ إم.كيو.بي "تلقى الموردون طلبا لتحديد أسعار 35 مليون مكون."
و الأهم من ذلك أن استخدام قاعدة معيارية يمكن فولكسفاجن من تصميم و هندسة و بناء سيارات بأحجام و أشكال شتى من السيارة بولو الصغيرة إلى السيارات الكبيرة التي تتسع لسبعة ركاب و المنتظر إطلاقها في الولايات المتحدة عام 2015.
و تسمح مرونة نظام إم.كيو.بي للشركة أيضا بإنتاج مزيد من السيارات المصممة لأسواق محددة بتكلفة أقل و بدون أن تحتاج لبيع كثير من الوحدات لتحقيق التعادل بين الإيرادات و المصروفات وفقا لتقديرات ستيوارت بيرسون المحلل لدى مورجان ستانلي.
.........
تعديلات مختلفة.
و إم.كيو.بي ليست الفكرة الوحيدة في جعبة هاكنبرج.فالنماذج الأكبر حجما من السيارات أودي و فولكسفاجن و بورشه ذات المحركات الطولية ستستخدم مجموعة متماثلة من المكونات أطلقت الشركة عليها إم.إل.بي و بدأت استخدامها بالفعل في عدد من سيارات أودي.
و ستستخدم الشركة في كثير من علاماتها التجارية الفاخرة مجموعة ثالثة من المكونات أطلقت عليها إم.إس.بي و هي مصممة لسيارات الدفع الخلفي و الدفع الرباعي مثل بورشه 911 و بنتلي كونتننتال و لامبورجيني جالاردو.
و سيأتي كل من هذه المجموعات المعيارية الثلاثة بتعديلات مختلفة تتيح مرونة هائلة في تصميم المنتجات و خيارات شتى لطرق تشغيلها من محركات البنزين و الديزل إلى المحركات الكهربائية و البطاريات.
و قال هاكنبرج الذي يعمل حاليا رئيسا للتطوير للعلامة التجارية فولكسفاجن "القواعد المعيارية تجاوزت حد التكنولوجيا لتصبح أداة للإدارة تساعد على تطوير العلامات التجارية. فهذه الأدوات تساعد العلامات التجارية على المحافظة على شخصيتها و زيادة خصوصيتها."
و تبدو هذه الأدوات المكمل المثالي لنقاط القوة الأخرى لدى فولكسفاجن و من أبرزها حجم الشركة إذ تتوقع برنستين ريسيرش أن تتجاوز إيرادات المجموعة هذا العام 275 مليار دولار.
لكن أحجام المبيعات الضخمة المزمعة لمشتقات إم.كيو.بي وحدها قد تعرض المجموعة لخطر الاستدعاءات التي حدثت في السنوات الأخيرة و التي شملت ملايين السيارات من شركة تويوتا اليابانية.
و إذا حدثت مشكلة في مكون واحد و كان هذا المكون مستخدما في العديد من النماذج المختلفة فقد يشمل الاستدعاء أعدادا أكبر بكثير.
........
الأسواق الناشئة.
و يعبر عدة محللين من بينهم بيرسون من مورجان ستانلي و يورجن بيبر من ميتسلر بنك و مقره فرانكفورت عن قلقهم بشأن اعتماد فولكسفاجن المتزايد على الأسواق الناشئة لاسيما الصين في تحقيق النمو المستقبلي.
و كانت الشركة من أوائل المستثمرين في الصين و شركة السيارات الأوروبية الوحيدة التي تقيم مشروعات مشتركة مع أكبر شركتين صينيتين لصناعة السيارات و هما فاو جروب و شنغهاي اوتو.
و الآن تشكل الصين 30 بالمئة من المبيعات العالمية لفولكسفاجن.
و تدير المجموعة الألمانية عشرة مصانع للتجميع و المكونات في الصين و تنوي ضخ 13 مليار دولار أخرى مع شركائها هناك خلال السنوات الثلاثة المقبلة في مصانع و معدات و نماذج.
و يقول بيبر إن التعرض الزائد لسوق واحدة مثل الصين يتعارض مع فلسفة فولكسفاجن في توزيع النمو بالتساوي و قد يجعلها عرضة لخطر التطورات السلبية في السوق و تدخل محتمل من الحكومة.
و سعيا للتحوط من تعرضها للأسواق الناشئة قامت فولكسفاجن بتطوير عملياتها في أمريكا الشمالية التي تتكبد خسائر من خلال استثمار يبلغ أربعة مليارات دولار وفقا لتقديرات مورجان ستانلي و هو ما قد يضاعف مبيعاتها الأمريكية إلى أكثر من مثليها بحلول 2018 لتبلغ 1.3 مليون.
و حتى إذا حققت ذلك فستظل لاعبا متوسطا في السوق الأمريكية التي تهيمن عليها جنرال موتورز و فورد.
و تدعم فولكسفاجن جهود نموها في الآونة الأخيرة بطاقة إنتاج إضافية من بينها مصنع تجميع جديد لأودي في المكسيك و توسعة منشأة قائمة لفولكسفاجن في بويبلا و تعزيز محتمل لمصنع تشاتانوجا الجديد في تنيسي.
و قال مسؤولون في فولكسفاجن إن الشركة ستقوم بتطوير المصنعين الأخيرين للتعامل مع النماذج الجديدة التي تستخدم إم.كيو.بي.
و يدرس كبار المديرين أسواقا خارجية أخرى تفتقر فيها الشركة لمنشآت إنتاج محلية و من بينها افريقيا و جزء كبير من أمريكا اللاتينية و معظم رابطة دول جنوب شرق اسيا (اسيان) حيث يتضاءل وجود فولكسفاجن أمام تويوتا.
و تعمل فولكسفاجن على تعزيز طاقة الإنتاج العالمية إلى نحو 12 مليون سيارة بحلول 2015 من 8.6 مليون في 2010 وفقا لتقديرات مورجان ستانلي.
و قد لا يتم التطبيق الكامل لمشروع إم.كيو.بي قبل نهاية العقد الحالي وفقا لتوقعات بيرسون.
و بحلول ذلك الوقت قد يكون قائدا استراتيجية الشركة و هما الرئيس التنفيذي فينتركورن و رئيس مجلس الإدارة فرديناند بيش قد تقاعدا و انتقل الجيل التالي من المديرين إلى المواقع العليا.
و بيش المولود في النمسا و عمره 75 عاما يمثل الجيل الثالث من عائلة لها باع في صناعة السيارات.
فهو مهندس ميكانيكا و حفيد فرديناند بورشه المصمم النمساوي الشهير و صاحب التصميم الأصلي للسيارة فولكسفاجن بيتل.
و لم يحدد مجلس الإدارة الإشرافي لفولكسفاجن حتى الآن مرشحين لشغل موقع كل من بيش و فينتركورن و لن يكون هذا سهلا خاصة لأنهما يشتركان في قيادة الشركة منذ أن أصبح فينتركورن رئيسا تنفيذيا في 2007.
و فيما يتعلق بالرؤية الاستراتيجية للشركة بعد رحيل بيش يقول بيرسون من مورجان ستانلي "إرثه هو (بناء) أكبر شركة سيارات في العالم و أكثرها نجاحا.لا أتوقع أن هذه الاستراتيجية ستتغير قريبا."
........
شبكة النبأ المعلوماتية-الأربعاء 13/شباط/2013