لغة الأشياء / الرحلة بالكاد تتسع لراكب.
سلوى أبو مدين.
أن تقرأ لسوزان عليوان يعني أن تلتقط أنفاسك المتعبة...تلملم شرودك...وتجلس على أريكة العذوبة تترقب هطول المطر في يوليو، أن تقرأ شعرا لسوزان عليوان يعني أن تقطع تذكرة دخول لفيلم رائع تتمنى ألا ينتهي ولو كانت النهاية سعيدة كما توقعت، أن تبحر في قارب سوزان يعني أن تستعد لرحلة ذهبية تبدل مزاجك المعكر وتطلق طفولتك المختبئة في صدف البحر.
سيارة سوداء في الليل
على الجسر الواسع مسرعة
الى الموعد
تحت المطر*
سوزان من القلائل الذين يمنحون نصهم صورا على قدر عالٍ من الجمال بتلقائية مدهشة، وعبر لغة شديدة الخصوصية.
المقطع السابق على سبيل المثال لقطة مشعة لا يماثلها سوى المقطع التالي:
خلف النافذة
ليل يطول
مدينة
مثل أميرة نائمة*
حتى وصفها العابر للأشياء يستوقف القارئ ليعيد اكتشاف المتعة.
الممر
المصعد
منفضة الرمل المذهبة
الموظف الذي لا يلقي نظرة أو ظلا*
مفرداتها أو ألوانها التي تجيد استخدامها في كل دواوينها بإمكان القارئ الإمساك بها. سطح القطار والخرائط والدمى والأطفال ذوي الأجنحة وقمر الشتاء المعلق وهطول المطر وشارع الأشجار الطويل والبرد والمعاطف الطويلة وفلين الزجاجات الفارغة وحقائب الماضي، والأبواب المؤلمة وغرف الفنادق والخراب وتلك الدمعة المترددة والوحدة والصناديق السوداء والخوف العميق والقهوة والبحر والعلب الملونة والحبيب الغامض والمرآة والستائر المسدلة.
سوزان وأنت تقرأ لها تشتبك بحالتها النفسية لحظة كتابتها نصها، قد يغمرك حزنها البهي رغم أنك تجهله وقد تجد نفسك منساقا وراء رقتها، وهي تصف شارعا غارقا بدموعه ذابت ملامحه من البكاء! وربما تماهيت مع قلقها أن يأتي صباح بلا صوت تحبه، أو أن يصيبك الفرح وأنت تلمس نجمة تقترب.
أحضن الأرض
أسافر وأعود
في خيط سجادة*
في إصدارها الجديد « ما يفوق الوصف » الكثير من الرهافة والخيال والعمق، كقارئة حزنت- قليلا- ان سوزان في إصدارها الأخير تخلت عن تلك اللمسة الطفولية الجميلة التي لازمت أغلفتها السابقة، أيضا العنوان وجدته أقل دهشة من عناوينها السابقة ومن بعض مفرداتها الآسرة في الديوان.
*******
"ما يفوق الوصف" طلقة جديدة لـسوزان عليوان.
أصدرت الشاعرة اللبنانية سوزان عليوان
ديوانها الثاني عشر في طبعة رقيقة وأنيقة
بعنوان " ما يفوق الوصف "..في هذا الديوان خلعت سوزان ثوب الحزن الضيّق والغربة وشجونها ، وارتدت في شعرها رداء الفرح الفضفاض الذي حلقت به عالياً .
تقول :
من بينَ الناس والنراجيل
لتلمس نجمة تقترب
فجاء ديوانها في غاية الرقة والعذوبة فهي
الحبيبة المغامرة مرة ، ومشاكسة أخرى.
ظهرك لظهري : القلب يلامس القلب ،
/الفقرات في فراغ الفقرات ، / والظلان
الشقيّان
طريقان .
كيف لدقائق غفوت
والهاتف على صدري عصفور
ننتظر صوتك
لأول مرَّة
أمنيات وأحلام عذبة تتمناها كي تبقى راسخة
في ذاكرتنا ربّما لتنقدنا من حفر الوحدة
والماضي
لو أنك لي ،
لو أن قلبي قبعة ساحر
دفؤك كمعطفٍ مؤقت عليَّ
تدفق متواصل من عذابات الحب والدفء
لهُنيهة ثم يمضي لسبيله ..
خُيَّل إليَّ أن ألأمل سوف يمنحها رذاذ أيام
جميلة كما تمنت لكنه لم يفعل !
فتحملنا إلى أقرب من تلك الصورة قائلة :
أملنا القليل
في أيام أجمل،
مشهد يضج روعة بين طياته لهاث حب شبه مجروح .
نحن اللذان لا تجمعنا صورةٌ
و لا طريق .
سوزان تنام على وسادة واحدة ، في حجرة
مغلقة مُعتمة لو تقوى أنفاسها لرفع السقف
لفعلت .
تحيا في محيط الشتاء والغيم، والطرق
المترددة المتعبة رغم كلّ شيء ، راسخ في
ذاكرة الروح .
هي شاعرة لا تتكرر وطفلة يمضي الزمان و لا
تكبر ، فتكتب شِعرها بانتقاء وحذر تسرق
نفسها مبتعدة عن الأيام بما فيهما
/الحلو / والمر / تخلو في صومعة الفكر
وتنسج لغة تفوق الوصف !
رغم المراحل التي مرت بها في محطات
حياتها الشعرية دعوني أقول بحيادية شديدة
سوزان شاعرة بكل ما تحوي هذه الكلمة من التفاصيل
، تدفع الوقت المتأخر لتغرس
في حديقتنا ضحكات الصغار حيث مضى أوان الورد .
تقف لتبصر لوحة رسمتها بريشتها الغارقة في الصمت:
وأفكر طويلاً
في أطفالك ،
في أمي التي
في زاوية من البيت الواسع
تشيخُ بشموخ شجرة،
دون أن يخطر لأحد
أن يكنس من حولها الأزهار .
أجمل من صورة حبستنا في إطارها الأم
/ الزاوية / البيت / الشجرة / الأزهار
لوحات متدافعة تقف كلّ واحدة تلو الأخرى
بلون حسي وبصري :
لو أرفع يدي قليلاً
الغيمة قصيدةٌ
على أطراف أصابعي
سوزان التي لم تحب نفسها مثلما فعل النهر
..تسكن في مساحة ظل . تحفُ الجراح
وتحتُ أسماء
وأرقام قديمة قابعة في حجرة الروح
دونما سبب !
تشرع لنا الأبواب لحفل بلا ميعاد نجلس فوق
كرسي وثير تدعونا لنطيل البقاء معها لئلا
يسهر
وردها وحيداً ..
هي صديقة الفراشة / والظل /والنجوم /
والأبواب المؤلمة التي أغلقتها وراءها كي
تفتح قلبها
الواسع لتخوض مغامرة
الحب ممزوجة بالخوف ولا تخلو من الغَيرة والمكابرة
غضبي
غَيْرتي
رغبتي في كسرنا مثلَ كأس
تعدو بنا إلى محطات تحمل في يدها حقائب
الماضي بما فيها الليالي وهي بمثابة هدايا
فرحها..
لغة جزلة ، ثرة تدنو وتدنو تنسجها بذاك
الألق والحس الشفيف..يباغتنا كهطول فراشات
ربيعية من كلّ صوب .
الروح ترى
ليست من زجاج
لأنكسر في يدك
أقف مأخوذة بذاك الحب الذي قرأتُ شفافيته
بينَ سطورها..
لا الناس
لا المدن
لا العالم في علبة ملونة
في عيد ميلادي
لا شيء يعادل قربك .
أتذكر :
قبل أن أبتعد ألوح لهذا النثار الشعري
الرقيق ، الذي يأتي إليك دون أن تكلف نفسك
عناء المشقة، دون أن ينقطع بك الطريق ،
وتحلق روحك بأجنحة شِعرها خارج السرب.
بعيداً عن الأشياء التي لا تشبه أسماءها
ــ الخرائط والقصائد والدُّمى ــ
أغمضُ
أغيب
كي تبقى سوزان بعفويتها التي تفوق الوصف
وشِعرها المتشح بعبق وعذوبة الحب يا طيور
أطلقيها .
سلوى أبو مدين.
.................
من خواطرها القديمة.
فزاع الطيور.
كثيرة هي أمنياته
أكثر من السنوات التي أمضاها واقفًا في هذا الخلاء
أكثر من البذور التي يحرسها الهواء
عبر جسده القليل
يحلم بمقعد يريح ساقه النحيلة
بوضع يده في جيب
في كفّ امرأة
بغيمة تستقرّ فوق رأسه تمامًا
بأطفال طيّبين يقذفون نحوه كرة القدم
بين حين و آخر
بدلاً عن الأحجار
بأزهار قليلة تنبت حوله
ليطمئنّ أنّ أحدًا في العالم سيفتقده
إن سقط
بضربة منجل
يحلم بالعصافير
تلامسه
دون خوف
حتّى إن أخذت
مقابل حنانها العابر
قشّ القبّعة التي تحميه
في هذا الخلاء
من قسوة الشمس و المطر
المصدر:موقع سوزان عليوان
سلوى أبو مدين.
أن تقرأ لسوزان عليوان يعني أن تلتقط أنفاسك المتعبة...تلملم شرودك...وتجلس على أريكة العذوبة تترقب هطول المطر في يوليو، أن تقرأ شعرا لسوزان عليوان يعني أن تقطع تذكرة دخول لفيلم رائع تتمنى ألا ينتهي ولو كانت النهاية سعيدة كما توقعت، أن تبحر في قارب سوزان يعني أن تستعد لرحلة ذهبية تبدل مزاجك المعكر وتطلق طفولتك المختبئة في صدف البحر.
سيارة سوداء في الليل
على الجسر الواسع مسرعة
الى الموعد
تحت المطر*
سوزان من القلائل الذين يمنحون نصهم صورا على قدر عالٍ من الجمال بتلقائية مدهشة، وعبر لغة شديدة الخصوصية.
المقطع السابق على سبيل المثال لقطة مشعة لا يماثلها سوى المقطع التالي:
خلف النافذة
ليل يطول
مدينة
مثل أميرة نائمة*
حتى وصفها العابر للأشياء يستوقف القارئ ليعيد اكتشاف المتعة.
الممر
المصعد
منفضة الرمل المذهبة
الموظف الذي لا يلقي نظرة أو ظلا*
مفرداتها أو ألوانها التي تجيد استخدامها في كل دواوينها بإمكان القارئ الإمساك بها. سطح القطار والخرائط والدمى والأطفال ذوي الأجنحة وقمر الشتاء المعلق وهطول المطر وشارع الأشجار الطويل والبرد والمعاطف الطويلة وفلين الزجاجات الفارغة وحقائب الماضي، والأبواب المؤلمة وغرف الفنادق والخراب وتلك الدمعة المترددة والوحدة والصناديق السوداء والخوف العميق والقهوة والبحر والعلب الملونة والحبيب الغامض والمرآة والستائر المسدلة.
سوزان وأنت تقرأ لها تشتبك بحالتها النفسية لحظة كتابتها نصها، قد يغمرك حزنها البهي رغم أنك تجهله وقد تجد نفسك منساقا وراء رقتها، وهي تصف شارعا غارقا بدموعه ذابت ملامحه من البكاء! وربما تماهيت مع قلقها أن يأتي صباح بلا صوت تحبه، أو أن يصيبك الفرح وأنت تلمس نجمة تقترب.
أحضن الأرض
أسافر وأعود
في خيط سجادة*
في إصدارها الجديد « ما يفوق الوصف » الكثير من الرهافة والخيال والعمق، كقارئة حزنت- قليلا- ان سوزان في إصدارها الأخير تخلت عن تلك اللمسة الطفولية الجميلة التي لازمت أغلفتها السابقة، أيضا العنوان وجدته أقل دهشة من عناوينها السابقة ومن بعض مفرداتها الآسرة في الديوان.
*******
"ما يفوق الوصف" طلقة جديدة لـسوزان عليوان.
أصدرت الشاعرة اللبنانية سوزان عليوان
ديوانها الثاني عشر في طبعة رقيقة وأنيقة
بعنوان " ما يفوق الوصف "..في هذا الديوان خلعت سوزان ثوب الحزن الضيّق والغربة وشجونها ، وارتدت في شعرها رداء الفرح الفضفاض الذي حلقت به عالياً .
تقول :
من بينَ الناس والنراجيل
لتلمس نجمة تقترب
فجاء ديوانها في غاية الرقة والعذوبة فهي
الحبيبة المغامرة مرة ، ومشاكسة أخرى.
ظهرك لظهري : القلب يلامس القلب ،
/الفقرات في فراغ الفقرات ، / والظلان
الشقيّان
طريقان .
كيف لدقائق غفوت
والهاتف على صدري عصفور
ننتظر صوتك
لأول مرَّة
أمنيات وأحلام عذبة تتمناها كي تبقى راسخة
في ذاكرتنا ربّما لتنقدنا من حفر الوحدة
والماضي
لو أنك لي ،
لو أن قلبي قبعة ساحر
دفؤك كمعطفٍ مؤقت عليَّ
تدفق متواصل من عذابات الحب والدفء
لهُنيهة ثم يمضي لسبيله ..
خُيَّل إليَّ أن ألأمل سوف يمنحها رذاذ أيام
جميلة كما تمنت لكنه لم يفعل !
فتحملنا إلى أقرب من تلك الصورة قائلة :
أملنا القليل
في أيام أجمل،
مشهد يضج روعة بين طياته لهاث حب شبه مجروح .
نحن اللذان لا تجمعنا صورةٌ
و لا طريق .
سوزان تنام على وسادة واحدة ، في حجرة
مغلقة مُعتمة لو تقوى أنفاسها لرفع السقف
لفعلت .
تحيا في محيط الشتاء والغيم، والطرق
المترددة المتعبة رغم كلّ شيء ، راسخ في
ذاكرة الروح .
هي شاعرة لا تتكرر وطفلة يمضي الزمان و لا
تكبر ، فتكتب شِعرها بانتقاء وحذر تسرق
نفسها مبتعدة عن الأيام بما فيهما
/الحلو / والمر / تخلو في صومعة الفكر
وتنسج لغة تفوق الوصف !
رغم المراحل التي مرت بها في محطات
حياتها الشعرية دعوني أقول بحيادية شديدة
سوزان شاعرة بكل ما تحوي هذه الكلمة من التفاصيل
، تدفع الوقت المتأخر لتغرس
في حديقتنا ضحكات الصغار حيث مضى أوان الورد .
تقف لتبصر لوحة رسمتها بريشتها الغارقة في الصمت:
وأفكر طويلاً
في أطفالك ،
في أمي التي
في زاوية من البيت الواسع
تشيخُ بشموخ شجرة،
دون أن يخطر لأحد
أن يكنس من حولها الأزهار .
أجمل من صورة حبستنا في إطارها الأم
/ الزاوية / البيت / الشجرة / الأزهار
لوحات متدافعة تقف كلّ واحدة تلو الأخرى
بلون حسي وبصري :
لو أرفع يدي قليلاً
الغيمة قصيدةٌ
على أطراف أصابعي
سوزان التي لم تحب نفسها مثلما فعل النهر
..تسكن في مساحة ظل . تحفُ الجراح
وتحتُ أسماء
وأرقام قديمة قابعة في حجرة الروح
دونما سبب !
تشرع لنا الأبواب لحفل بلا ميعاد نجلس فوق
كرسي وثير تدعونا لنطيل البقاء معها لئلا
يسهر
وردها وحيداً ..
هي صديقة الفراشة / والظل /والنجوم /
والأبواب المؤلمة التي أغلقتها وراءها كي
تفتح قلبها
الواسع لتخوض مغامرة
الحب ممزوجة بالخوف ولا تخلو من الغَيرة والمكابرة
غضبي
غَيْرتي
رغبتي في كسرنا مثلَ كأس
تعدو بنا إلى محطات تحمل في يدها حقائب
الماضي بما فيها الليالي وهي بمثابة هدايا
فرحها..
لغة جزلة ، ثرة تدنو وتدنو تنسجها بذاك
الألق والحس الشفيف..يباغتنا كهطول فراشات
ربيعية من كلّ صوب .
الروح ترى
ليست من زجاج
لأنكسر في يدك
أقف مأخوذة بذاك الحب الذي قرأتُ شفافيته
بينَ سطورها..
لا الناس
لا المدن
لا العالم في علبة ملونة
في عيد ميلادي
لا شيء يعادل قربك .
أتذكر :
قبل أن أبتعد ألوح لهذا النثار الشعري
الرقيق ، الذي يأتي إليك دون أن تكلف نفسك
عناء المشقة، دون أن ينقطع بك الطريق ،
وتحلق روحك بأجنحة شِعرها خارج السرب.
بعيداً عن الأشياء التي لا تشبه أسماءها
ــ الخرائط والقصائد والدُّمى ــ
أغمضُ
أغيب
كي تبقى سوزان بعفويتها التي تفوق الوصف
وشِعرها المتشح بعبق وعذوبة الحب يا طيور
أطلقيها .
سلوى أبو مدين.
.................
من خواطرها القديمة.
فزاع الطيور.
كثيرة هي أمنياته
أكثر من السنوات التي أمضاها واقفًا في هذا الخلاء
أكثر من البذور التي يحرسها الهواء
عبر جسده القليل
يحلم بمقعد يريح ساقه النحيلة
بوضع يده في جيب
في كفّ امرأة
بغيمة تستقرّ فوق رأسه تمامًا
بأطفال طيّبين يقذفون نحوه كرة القدم
بين حين و آخر
بدلاً عن الأحجار
بأزهار قليلة تنبت حوله
ليطمئنّ أنّ أحدًا في العالم سيفتقده
إن سقط
بضربة منجل
يحلم بالعصافير
تلامسه
دون خوف
حتّى إن أخذت
مقابل حنانها العابر
قشّ القبّعة التي تحميه
في هذا الخلاء
من قسوة الشمس و المطر
المصدر:موقع سوزان عليوان
عدل سابقا من قبل أن تعرف أكثر في الأربعاء أبريل 20, 2011 11:15 am عدل 3 مرات