المشروع القومي العربي..إلى أين؟!
شاكر فريد حسن.
.........
يعاني المشروع القومي العربي،كغيره من المشاريع الايديولوجية التقليدية،من أزمة خاصة،و مع أنه واع لأزمته لكنه غير قادر نظرياً و عملياً على تجاوزها.
و هذه الأزمة مرجعها بالأساس ليس التغيرات العالمية فحسب،و إنما التبعية و التخلف الاجتماعي و التأخر التاريخي للأمة العربية من محيطها حتى خليجها،إضافة إلى فقدان الرؤية الاستراتيجية الشاملة لتغيير الواقع و تجديده.
و في حقيقة الأمر،أن الواقع العربي لا يعاني من انهيار الفكرة القومية فقط،بل يعاني أيضاً من انهيار و انطفاء السياسة،و انحسار دور المثقفين العرب و انقطاع الكثير منهم عن الالتزام بالواقع و الأمة،و هي فئة ترتزق بالكلمة،إلى جانب تراجع الأحزاب السياسية في العالم العربي و نكوص القوى الوطنية التقدمية و العلمانية،علاوة على غياب الحركة الشعبية العربية التي تمثل أحد شروط نهوض و تبلور أي مشروع وطني و نهضوي جديد.
و من الواضح،أن انبعاث الحركات الدينية الجماهيرية هو تعبير عن اندثار و انطفاء السياسة في المجتمعات العربية و دليل قاطع على أزمة مجتمعنا،و أن صعود الفكر القومي،ابان الحقبة الناصرية،كما الفكر الماركسي العربي في سنوات مضت الا ترجمة لنهوض الحركة الشعبية الجزئي.
إن فشل الخطاب القومي و غياب أفقها السياسي و القومي،عدا عن التمزق الحاصل في العالم العربي و غياب التضامن العربي،كما يمكن تعميم الفشل على جميع النكسات و الهزائم التي مرت بها الأمة العربية خلال العقود الأربعة الماضية.
و لا شك أن عدم الجرأة و عدم وضوح الرؤية في الخطاب القومي يشكلان المعضلات الأساسية في عدم تكوين المرجعية المنشودة،و لذلك لابدّ من تغيير جذري في معالم هذا الخطاب من حيث المضمون،على أن يجسد تطلعات الشرائح الواسعة للجماهير العربية،و ليس تمنيات النخب المثقفة التي أخفقت حتى الآن بتحمل مسؤوليتها التاريخية و التي سمحت لفئة من السلاطين بامتلاك الساحة الوطنية و القومية.
كذلك لابدّ للخطاب القومي أن يصيب و يلامس الوجدان الشعبي العربي و يعزز الثقة و يبعث الأمل في الذات العربية المحبطة و اليائسة و المهزومة.
و عليه أيضاً أن يحتوي على اشارات للتراث و الانتقال إلى مواقع جديدة تلتقي مع العلم و المعرفة ليصبح الوعاء لانتاج المعرفة الحديثة.
كما و على الخطاب القومي العربي أن يبحث عن فاعل جديد يستأنف في فعله الفكر القومي النهضوي
التنويري العربي و يقدم طرحاً جديداً للمسألة القومية.
و في النهاية،هناك مهمة تاريخية مشتركة أمام القوى المجتمعية العربية،و قوى الاصلاح و التغيير، من قوميين و علمانيين و ليبراليين و اسلاميين،و هي القيام بمراجعة ثقافية جادة في مواجهة الهزيمة، و العمل على تجديد الفكر القومي العربي و عقلنته،و اعادة التأسيس الفكري البنّاء و الحضاري في حياة الأمة العربية.
و كذلك العمل في جبهة وطنية متحدة من أجل انشاء المجتمع الوطني المدني التعددي الديمقراطي،عبر عملية تنمية و نهضة شاملة،مما يجعل الواقع العربي قابلاً للتغيير و الحياة و الانتصار.
........
موقع البلاغ.
شاكر فريد حسن.
.........
يعاني المشروع القومي العربي،كغيره من المشاريع الايديولوجية التقليدية،من أزمة خاصة،و مع أنه واع لأزمته لكنه غير قادر نظرياً و عملياً على تجاوزها.
و هذه الأزمة مرجعها بالأساس ليس التغيرات العالمية فحسب،و إنما التبعية و التخلف الاجتماعي و التأخر التاريخي للأمة العربية من محيطها حتى خليجها،إضافة إلى فقدان الرؤية الاستراتيجية الشاملة لتغيير الواقع و تجديده.
و في حقيقة الأمر،أن الواقع العربي لا يعاني من انهيار الفكرة القومية فقط،بل يعاني أيضاً من انهيار و انطفاء السياسة،و انحسار دور المثقفين العرب و انقطاع الكثير منهم عن الالتزام بالواقع و الأمة،و هي فئة ترتزق بالكلمة،إلى جانب تراجع الأحزاب السياسية في العالم العربي و نكوص القوى الوطنية التقدمية و العلمانية،علاوة على غياب الحركة الشعبية العربية التي تمثل أحد شروط نهوض و تبلور أي مشروع وطني و نهضوي جديد.
و من الواضح،أن انبعاث الحركات الدينية الجماهيرية هو تعبير عن اندثار و انطفاء السياسة في المجتمعات العربية و دليل قاطع على أزمة مجتمعنا،و أن صعود الفكر القومي،ابان الحقبة الناصرية،كما الفكر الماركسي العربي في سنوات مضت الا ترجمة لنهوض الحركة الشعبية الجزئي.
إن فشل الخطاب القومي و غياب أفقها السياسي و القومي،عدا عن التمزق الحاصل في العالم العربي و غياب التضامن العربي،كما يمكن تعميم الفشل على جميع النكسات و الهزائم التي مرت بها الأمة العربية خلال العقود الأربعة الماضية.
و لا شك أن عدم الجرأة و عدم وضوح الرؤية في الخطاب القومي يشكلان المعضلات الأساسية في عدم تكوين المرجعية المنشودة،و لذلك لابدّ من تغيير جذري في معالم هذا الخطاب من حيث المضمون،على أن يجسد تطلعات الشرائح الواسعة للجماهير العربية،و ليس تمنيات النخب المثقفة التي أخفقت حتى الآن بتحمل مسؤوليتها التاريخية و التي سمحت لفئة من السلاطين بامتلاك الساحة الوطنية و القومية.
كذلك لابدّ للخطاب القومي أن يصيب و يلامس الوجدان الشعبي العربي و يعزز الثقة و يبعث الأمل في الذات العربية المحبطة و اليائسة و المهزومة.
و عليه أيضاً أن يحتوي على اشارات للتراث و الانتقال إلى مواقع جديدة تلتقي مع العلم و المعرفة ليصبح الوعاء لانتاج المعرفة الحديثة.
كما و على الخطاب القومي العربي أن يبحث عن فاعل جديد يستأنف في فعله الفكر القومي النهضوي
التنويري العربي و يقدم طرحاً جديداً للمسألة القومية.
و في النهاية،هناك مهمة تاريخية مشتركة أمام القوى المجتمعية العربية،و قوى الاصلاح و التغيير، من قوميين و علمانيين و ليبراليين و اسلاميين،و هي القيام بمراجعة ثقافية جادة في مواجهة الهزيمة، و العمل على تجديد الفكر القومي العربي و عقلنته،و اعادة التأسيس الفكري البنّاء و الحضاري في حياة الأمة العربية.
و كذلك العمل في جبهة وطنية متحدة من أجل انشاء المجتمع الوطني المدني التعددي الديمقراطي،عبر عملية تنمية و نهضة شاملة،مما يجعل الواقع العربي قابلاً للتغيير و الحياة و الانتصار.
........
موقع البلاغ.