الرئيسية
من طرف 
حِكمة التشريع في حِلّ تزوج المسلم بالكتابية وتحريم المشركة
د.بدران أبو العينين بدران
إذ كان الزواج من أهم وسائل الترابط بين الناس، وتوثيق الصلات بينهم، وكان
من أقوى الدواعي للتراحم والإخاء، ومن الأسباب ذات الشأن في إشاعة الروح
الطيبة بين الأفراد والجماعات، لأن بمقتضاه يخلو الزوج بزوجته، ويسر إليها
بما في ضميره، ويفضي إليها بما كمن في صدره، وما استقر في نفسه، وخفايا
حسه.
فإذا كانت تلك الزوجة كتابية، أمكن الزوج أن يوضح لها ما خفي عليها من
محاسن الإسلام، وأن يفسر لها ما جهلت من مبادئه وتعاليمه، ويكشف لها مزاياه
الغامضة. وغالباً ما تجد هذه الأمور في نفس الزوجة قبولاً، وتعلق
بإحساسها، وتلائم طبيعتها. فتتأثر بما ألقى الزوج في روعها، وتميل إلى دين
زوجها، وقد يساعد على ذلك ما انطوت عليه طبيعة النساء من رقة، وما عرفن به
من سرعة تأثر.
ولا تؤتي هذه البذور ثمرها، إلا حين تكون المرأة كتابية، لما بين أهل
الإسلام وأهل الكتاب من قرب، وكبير شبه، فالكل يدين بإله ويعتقد الوحدانية،
والكل يؤمن بكتاب منزل، ورسول كريم، ومن أجل ذلك لم يحظر الإسلام موادة
أهل الكتاب وصلتهم ولم يحرم الاختلاط بهم ومعاشرتهم، كيف وفي الاختلاط كشف
النقاب عما عسى أن يكون مستقراً في أذهانهم من شكوك. أو عالقاً بأفكارهم من
أوهام.
أما المشركة فهي على عكس ذلك لأنها بابتعادها عن عقيدة الوحدانية تصم
آذانها عن الدعوة إليها. وتصرف فكرها عن النظر والتأمل في تعاليم الإيمان
ومزاياه وبسبب ذلك: قسا منها القلب، وجمد فيها العقل، وانقطع منها الرجاء،
وانعدم فيها الوفاء، فناسب كل ذلك حظر الإسلام التزوج بها، إذ لا أمل في
تحقيق الغاية المقصودة من الزواج.
ثم تأمل معي المرأة المشركة إذا قدر لها أن تكون زوجة لمسلم، تجد أنها لا
تخشى لوماً من خيانة للزوج نفسه أو ماله. ولا ترعى عهداً به تقوم على مواجب
الزوجية، ذلك لأنها طبعت منذ نعومة أظفارها، على أن لا دين يحرم عليها
الشر، ولا خلق لديها يثنيها عن مباشرة الضر. ولا ضمير يردعها عن ارتكاب
الفحش، ولا هادي يأخذ بيدها إلى سبيل الخير. بل هي سابحة في بحر أوهامها
الزاخر بأباطيل الجاهلية، وخرافات الوثنية فالمصرف لها هو شيطانها الرجيم.
وفضلاً عن ذلك فأولادها التي تنجبهم من المسلم، معرضون لخطر جسيم هو التخلق
بأخلاق أخوالهم المشركين. ومجاراتهم في معتقداتهم، وليس من المستبعد أن
تنفث الأم في وليدها عقيدة الشرك. وتغرس في نفسه خفية تعاليم دينها.
ومثل ذلك غير متحقق في الكتابية، لأنها تعتقد الوحدانية ودينها بعيد عن
الخرافات.
وأيضاً المشركة باختيارها الشرك ما ثبتت في الدين على حجة، أو دليل، حتى
يساعدها ذلك على تفهم ما يلقي إليها والنظر فيما يرجى إليها من براهين: إن
هي تدبرتها عرفت بها سبيل الرشاد، وأخذت بيدها إلى الحق، وهدتها إلى الطريق
السوي. ولكن اعتقاد المشركة قائم على تقليد أعمى. وانقياد لما كان عليه
آباؤها وأجدادها، قد أصم آذانها عن محاسن الدعوة الحقة. وطبع على قلبها فلم
تتذوق حلاوتها. ولم تفتح صدرها لتنتفع بموعظة، ولم تفكر ملياً حتى تستفيد
بحجة أو برهان، لكل هذا ومن أجل ما تقدم تنعدم مقاصد الزواج عند اقتران
مشركة بمسلم. فكانت محرمة بحكم أحكم الحاكمين، الذي يعلم الخبء في السموات
والأرض، ويعلم السر وأخفى.
* المصدر : العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغير المسلمين في الشرائع
الثلاث والقانون
البلاغ
د.بدران أبو العينين بدران
إذ كان الزواج من أهم وسائل الترابط بين الناس، وتوثيق الصلات بينهم، وكان
من أقوى الدواعي للتراحم والإخاء، ومن الأسباب ذات الشأن في إشاعة الروح
الطيبة بين الأفراد والجماعات، لأن بمقتضاه يخلو الزوج بزوجته، ويسر إليها
بما في ضميره، ويفضي إليها بما كمن في صدره، وما استقر في نفسه، وخفايا
حسه.
فإذا كانت تلك الزوجة كتابية، أمكن الزوج أن يوضح لها ما خفي عليها من
محاسن الإسلام، وأن يفسر لها ما جهلت من مبادئه وتعاليمه، ويكشف لها مزاياه
الغامضة. وغالباً ما تجد هذه الأمور في نفس الزوجة قبولاً، وتعلق
بإحساسها، وتلائم طبيعتها. فتتأثر بما ألقى الزوج في روعها، وتميل إلى دين
زوجها، وقد يساعد على ذلك ما انطوت عليه طبيعة النساء من رقة، وما عرفن به
من سرعة تأثر.
ولا تؤتي هذه البذور ثمرها، إلا حين تكون المرأة كتابية، لما بين أهل
الإسلام وأهل الكتاب من قرب، وكبير شبه، فالكل يدين بإله ويعتقد الوحدانية،
والكل يؤمن بكتاب منزل، ورسول كريم، ومن أجل ذلك لم يحظر الإسلام موادة
أهل الكتاب وصلتهم ولم يحرم الاختلاط بهم ومعاشرتهم، كيف وفي الاختلاط كشف
النقاب عما عسى أن يكون مستقراً في أذهانهم من شكوك. أو عالقاً بأفكارهم من
أوهام.
أما المشركة فهي على عكس ذلك لأنها بابتعادها عن عقيدة الوحدانية تصم
آذانها عن الدعوة إليها. وتصرف فكرها عن النظر والتأمل في تعاليم الإيمان
ومزاياه وبسبب ذلك: قسا منها القلب، وجمد فيها العقل، وانقطع منها الرجاء،
وانعدم فيها الوفاء، فناسب كل ذلك حظر الإسلام التزوج بها، إذ لا أمل في
تحقيق الغاية المقصودة من الزواج.
ثم تأمل معي المرأة المشركة إذا قدر لها أن تكون زوجة لمسلم، تجد أنها لا
تخشى لوماً من خيانة للزوج نفسه أو ماله. ولا ترعى عهداً به تقوم على مواجب
الزوجية، ذلك لأنها طبعت منذ نعومة أظفارها، على أن لا دين يحرم عليها
الشر، ولا خلق لديها يثنيها عن مباشرة الضر. ولا ضمير يردعها عن ارتكاب
الفحش، ولا هادي يأخذ بيدها إلى سبيل الخير. بل هي سابحة في بحر أوهامها
الزاخر بأباطيل الجاهلية، وخرافات الوثنية فالمصرف لها هو شيطانها الرجيم.
وفضلاً عن ذلك فأولادها التي تنجبهم من المسلم، معرضون لخطر جسيم هو التخلق
بأخلاق أخوالهم المشركين. ومجاراتهم في معتقداتهم، وليس من المستبعد أن
تنفث الأم في وليدها عقيدة الشرك. وتغرس في نفسه خفية تعاليم دينها.
ومثل ذلك غير متحقق في الكتابية، لأنها تعتقد الوحدانية ودينها بعيد عن
الخرافات.
وأيضاً المشركة باختيارها الشرك ما ثبتت في الدين على حجة، أو دليل، حتى
يساعدها ذلك على تفهم ما يلقي إليها والنظر فيما يرجى إليها من براهين: إن
هي تدبرتها عرفت بها سبيل الرشاد، وأخذت بيدها إلى الحق، وهدتها إلى الطريق
السوي. ولكن اعتقاد المشركة قائم على تقليد أعمى. وانقياد لما كان عليه
آباؤها وأجدادها، قد أصم آذانها عن محاسن الدعوة الحقة. وطبع على قلبها فلم
تتذوق حلاوتها. ولم تفتح صدرها لتنتفع بموعظة، ولم تفكر ملياً حتى تستفيد
بحجة أو برهان، لكل هذا ومن أجل ما تقدم تنعدم مقاصد الزواج عند اقتران
مشركة بمسلم. فكانت محرمة بحكم أحكم الحاكمين، الذي يعلم الخبء في السموات
والأرض، ويعلم السر وأخفى.
* المصدر : العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغير المسلمين في الشرائع
الثلاث والقانون
البلاغ
